رواية ولادة من جديد الفصل الثالث3 بقلم مجهول


 

رواية ولادة من جديد الفصل الثالث بقلم مجهول

‏عندما استيقظت فايزة صباح اليوم التالي، اكتشفت أنها اصيبت بنزلة برد، فمدت يدها إلى الدرج، لتأخذ بعض أدوية الحمى، وصبت كوباً من الماء الدافئ.
وفي تلك اللحظة عندما وضعت حبة الدواء في فمها، أدركت أمراً جعل عيناها تتسعان ووجهها يشحب. اندفعت سريعاً إلى الحمام، لتبصق حبة الدواء، ثم انحنت فوق الحوض، تبصق من فمها وتتمضمض مراراً وتكراراً، حتى تتخلص من آخر بقايا الحبة التي ذابت في فمها.
"ماذا حدث؟ لماذا اندفعت إلى هنا؟ هل أنت مريضة؟" عندما سمعت صوت  حسام  المميز يتردد من باب الحمام، رفعت فايزة عينيها ناظرة لأعلى في دهشة.
أما  حسام ، فقد عبس وجهه وهو يحدق بها.
فور أن التقت عيونهما، سارعت بتجنب النظر إليه، وبعد لحظة من الصمت، أجابت: "لم يحدث شيء. لقد تناولت حبة دواء خاطئة، هذا كل ما في الأمر." ثم مسحت قطرات الماء عن شفتيها، وخرجت من الحمام.
إلا أن  حسام  راقب فايزة وهي تخرج بنظرة تأمل حذرة. إنها تتصرف بغرابة منذ عودتها إلى المنزل أمس.
بعد تناولهما للافطار، غادر الزوجان المنزل معاً. وعندما لاحظ وجهها شاحباً، سألها: "هل تودين ركوب السيارة معي؟"
كانت فايزة قد استيقظت هذا الصباح وهي تشعر بشيء من الوعكة، وذلك بعد المشي تحت المطر في اليوم السابق. إلا أنها قبل أن توميء برأسها موافقة، رن هاتفه.
ألقى  حسام نظرة على هاتفه، ورأى أنها مكالمة من رهف. أراد أن يعود إلى داخل المنزل للرد على الهاتف، لكن عندما رفع رأسه، وجد أن فايزة كانت قد غادرت بالفعل.
على الرغم من أنهما متزوجان، إلا أنهما لا يتشاركان ذات الاهتمامات؛ ولذلك، لم تكن تهتم بالانصات إلى مكالماته الهاتفية. وقد كان هذا أسلوب حياتهما على مدار العامين الماضيين.
وعلى الرغم من ذلك، فإن سرعة هروبها قبض على قلبه في ذلك اليوم، وإن تلاشى الألم سريعاً عندما رد على المكالمة الواردة.
وقفت فايزة، في هذه الأثناء، على بعد أمتار قليلة، تراقب  حسام . وعرفت من النظرة التي علت وجهه من المتحدث، فقد على وجهه اللطف والحنان، وهو جانب منه لم تره من قبل.
فأخذت نفساً عميقاً، وكبحت الشعور بالغيرة الذي بدأ يتفاقم داخلها. ثم اتجهت نحو المرأة، وأخرجت هاتفها.
بعد مرور خمس دقائق، أنهى المكالمة، والتفت من حوله، لكنه لم يجد أحداً يقف بجانبه. ثم نظر بسرعة في اتجاهات مختلفة، لكنه لم يجدها.
في تلك اللحظة اهتز هاتفه معلناً وصول رسالة جديدة: "مضطرة أن اذهب إلى المكتب للضرورة، لذلك غادرت أولاً." نظر حسام  إلى نص الرسالة، واكفهر وجهه.
في هذه الأثناء، أجبرت فايزة نفسها على التغلب على عدم ارتياحها والذهاب إلى المكتب، إلا انها في اللحظة التي جلست فيها إلى مكتبها، وانهارت على سطح المكتب.
يا للصداع الذي أصاب رأسي!
ومع ذلك، فإنها تدرك أنها لا يمكنها أخذ أي مسكنات، حتى وإن أرادت؛ لأنها حامل.
أحياناً، لا تعرف بماذا تفكر، خاصة أن حياتها الزوجية مع حسام  كانت دربا من الخيال. حتى وإن كانت حامل، فإن الوحيدة التي ستفرح لها بصدق هي فضيلة. وكانت فايزة تعلم أيضاً أن ما من شخص آخر، بما في ذلك حسام ، سيشعر بالسعادة عند ولادة طفلها.
كانت، حتى الأمس، تأمل أنه عندما تخبره بأنها حامل، سوف يتقبل الطفل، وتقوي زيجتهما. إلا أنها عندما علمت أن رهف قد عادت، أدركت أنه لا يزال يكن بها ذات المشاعر كما كان في السابق. بل، إذا علم حسام  بالأمر، فإن رد فعله الأول سيكون أن تقوم بعملية اجهاض، خوفاً على مستقبل علاقته برهف. أما الصوت الذي بداخلها، فكان ينصحها بأنها إما تقوم بالاجهاض فوراً، وإلا لن ينالها من الأمر سوى الخزي والعار.
"سيدة فايزة." كان الصوت العذب لامرأة تناديها عن كثب، فاستفاقت من تأملاتها. ورفعت رأسها لتجد يارا مسعد، مساعدتها.
اعتدلت فايزة في جلستها، ووضعت ابتسامة مثالية قائلة: "صباح الخير. لقد حضرتِ."
أما يارا فلم ترد الابتسامة، وإنما اعتلى القلق وجهها وهي تنظر إلى فايزة وتقول: "يبدو عليك التعب، يا فايزة، هل أنت مريضة؟"
فاجأ السؤال فايزة، لكنها سرعان ما هزت رأسها نفياً وقالت: "أنا بخير. كل ما في الأمر أنني لم أنم جيداً ليلة أمس."
"حقاً؟" لم يبد أن يارا تصدقها، وقالت: "إنك شاحبة جداً. هل أنت بخير فعلا؟ ربما يجب أن تأخذي اليوم أجازة وتراجعي الطبيب."
أجابت فايزة: "أنا بخير، هل انتهيت من عمل الأمس؟"
وقفت يارا عاجزة أمام اصرار فايزة المستمر على التحول إلى العمل، وقامت، في نهاية المطاف، بتسليمها المستندات التي سبق أن رتبتها من مكتبها، وصبت لفايزة بعض الماء الدافئ.
"حيث أنك ترفضين الذهاب إلى الطبيب، فلتشربي هذا، ليدفئك."
كانت فايزة هي من قامت بتوظيف يارا، وبينما كانت موظفة متفانية في عملها، إلا أنه من النادر أن تفاعلت المرأتان خارج اطار العمل.
لذا، شعرت فايزة بالدهشة لقلق يارا عليها. ثم شعرت بسريان الدفء إلى قلبها عندما ارتشفت قليلاً من الماء. فقد كانت تشعر بالبرد من قبل، أما الآن، وبعد تناول بعض الماء الدافئ، فقد شعرت بتحسن كبير.
ظلت يارا تحدق فيها بقلق: "سيدة فايزة، لماذا لا أقوم أنا بتسليم التقرير اليوم، بينما ترتاحين أنتِ هنا؟"
ردت فايزة قائلة: "لا بأس" وأخذت تهز رأسها، "يمكنني القيام بذلك."
ما هي إلا ارتفاع بسيط في الحرارة، وأنا لست مدللة بهذا القدر. إن أخذت عطلة، وقمت بتوزيع مهامي، كلما شعرت بوعكة، فإنني سأصبح متعجرفة في نهاية الأمر. وكيف سأتصرف مستقبلاً إذا ما أصابني مرض، ولم أجد من يساعدني؟
انتهت فايزة سريعاً من ترتيب مستنداتها، ثم اتجهت إلى مكتب  حسام . وكان موقع مكتبها يعد بعيداً نسبياً عن مكتبه، وعلى الرغم أن هذا كان عادة أمر لا بأس به، إلا أنها في ذلك اليوم شعرت أن الطريق إلى مكتبه كان مرهقاً، وأرجحت أن ذلك بسبب وعكتها الصحية.
دق دق دق !
"تفضل."
‏‏انتظرت إلى أن سمعت صوته الرخيم البارد قبل أن تفتح الباب.
دخلت فايزة، ورأت شخصاً آخر في المكتب. كانت رهف، والتي كانت ترتدي فستاناً أبيض اللون، يبرز خصرها النحيل. كانت تبدو كالملائكة، وتدلى شعرها الناعم حتى خصرها، وأشعة الشمس المتدفقة عبر النافذة الكبيرة الممتدة من السقف إلى الأرض تحيطها بدفئها.
تجمدت فايزة عندما أدركت هوية الشخص الآخر، أما رهف فهتفت مرحبة: "أوه، فايزة،" ثم اقتربت منها بابتسامة عريضة، وقبل أن تجد فايزة الفرصة لترد، كانت رهف تعانقها.
وتجمد جسد فايزة بشكل أكبر، بينما نظرت في عيني  حسام مباشرة من فوق كتف رهف.
كان  حسام  يتكيء إلى مكتبه، ويركز عينيه الداكنتين عليها، لكن كان من الصعب قراءة ما يدور في ذهنه.
استعادت فايزة رباطة جأشها، إلا أن رهف كانت قد تراجعت عنها بالفعل.
"أخبرني  حسام  بما ألم بك، لقد كان وضعاً صعباً عليكِ". ظهر تعبير من القلق على وجه رهف، التي أضافت: "يجب أن تخبريني إن كنتِ بحاجة إلى أي مساعدة."
لم تتوقع فايزة هذا الكلام. هل أخبر حسام  رهف بكل شيء؟
لكنها سرعان ما أدركت السبب وراء ذلك، فقد كان الجميع يعرف بأمر زواجها منه، كيف لهم، إذاً، أن يخفوا الأمر عن رهف؟ وحيث أنه لم يكن هناك مجال للحفاظ بالأمر سراً، فقد لزم عليه أن يكون واضحاً معها. كما أنها كانت مدينة لرهف.
تجاهلت فايزة المرارة التي كانت تشعر بها، وبسطت شفتيها بابتسامة، قائلة: "شكراً لكِ. متى عدتِ؟"
أجابت رهف: "وصلت أمس بالطائرة."
أمس؟ أي أن حسام قد ذهب لرؤيتها فور عودتها. فلا مناص من أن رهف هي حب حسام الأكبر في الحياة.
سألتها رهف فجأة: "لماذا أنتِ شاحبة هكذا؟ هل أنتِ مريضة؟"
كان  حسام يتكيء في تكاسل إلى مكتبه، إلا أنه عند سماعه هذا، استدار فجأة ليحدق في فايزة. قطب جبينه عابساً، بينما قام بمسحها بنظرة سريعة.
"هل السبب أن مياه المطر اغرقتك أثناء عودتك إلى المنزل ليلة أمس؟"
ارتبكت رهف وسألت: "مياه المطر أغرقتها؟"
تنهدت فايزة، وكانت على وشك أن تشرح ما حدث، عندما هتف  حسام في برود: "لماذا تجبرين نفسك إن لم تشعري بتحسن؟ إن الشركة لا تحتاج إليك بهذا الشكل. اذهبي إلى البيت واستريحي."
عندما سمعت رهف هذا، التفتت بصورة غريزية إلى  حسام . ما هذا الاضطراب المفاجئ الذي اصابه؟

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-