رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم فاطيما يوسف




 رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم فاطيما يوسف 


#بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير


              #البارت_الثاني_والثلاثون

         #من_نبض_الوجع_عشت_غرامي

               #بقلمي_فاطيما_يوسف


حبايبي اللي وحشوني قوي جبت لكم بارت كبير اهو 6500 كلمه علشان ما تقولوش عني اتاخرت على الفاضي عايزه اعرف رايكم في البارت عايزه ريفيوهات كتير تهز الجروب ما تستخسروش فيا التفاعل ما تتصوروش انا بتعب قد ايه في كتابه البارت ، واللي اتفاعل قبل كدة يتفاعل تاني اهم حاجه لايك وتعليق وريفيو قمررر زيكم ودلوقتي هسيبكم مع البارت قراءة ممتعة حبيباتي 😍 


في موقف يبعث في النفس الخوف من الفقدان وما أوجع تلك الكلمة "الفقدان" كم كان وقع الفقدان على مها مريرا كالعلقم بل ويزيد ، كانت نائمة على التخت غائبة عن الوعي فقد دخلت في نوبة عصبية وكأن جسـ.ـدها وعقلها أبيا على أن يتحملوا فقدان الطفلان ولكن لمتى الهروب مها ؟


فالمـ.ـوت هو الحقيقة الحق في حياتنا ولا يمكن الفرار منها ، 


كانوا يجلسون بجانبها ودموع عيناهم لم تفارقهم في موقف يحـ.ـبس الأنفاس كان يجلس على يمينها سكون التي عادت من سفرها عندما هاتفتها ماجده وكما عادت سكون عادت مكة هي الاخرى وكلهن في موقف حزين تقشعر له الابدان فقد كان الطفلان روحهم وعقلهم وكانوا متعلقين بهم بشدة ،


كانت ماجده تشهق بشدة فقد مر على وفاتهم اكثر من اسبوع وحاله مها كما هي تتدهور فعندما تستيقظ يظل عويلها يملا المكان ولن تصمت عنه حتى تنهك روحها من شده صراخها فتضطر سكون الى حقنها بالمهدئات ومكه تجلس بجانبها تقرا القران بتمعن وهي تربت على راسها وجسـ.ـدها ،

فسالت ماجده سكون من بين دمـ.ـوعها التي لم تنقـ.ـطع عن الطفلين هي الاخرى :


_ هي هتفضل حالتها اكده يا بتي مش دريانة بالدنيا !

دي بقى لها اسبوع على الحالة داي تقوم تصرخ وما تسكتش وتقومي تديها الحقن داي فتغيب عن الوعي خالص وما داريناش باللي حواليها ؟


كانت سكون تمسك يداها وتحتضنها بين يدها ووجهها من يبدو عليه الاحمرار الشديد من كثرة البكاء ثم أجابت والدتها وهي تنظر اليها بحسرة:


_ للاسف يا امي هي مش متقبلة مـ.ـوت زين وزيدان لحد دلوك وما ينفعش ان احنا نسيبها الا لما تهدى خالص لان ممكن تعمل حاجة في نفسها وعقلها يصور لها حاجات تأذي بيها نفسها لأنها شايفه ان اللي جرى لهم بسبب انها ما كانتش معاهم وانها اهملت فيهم ومش مقتنعة خالص مهما نقول ان دي قدر ونصيب وعمرهم اكده على وش الدنيا انتهى .


ضـ.ـربت ماجدة على فخذها بحزن على ابنتها التي فقدت نصف وزنها في ذاك الاسبوع فهي امتنعت عن الطعام والشراب وتعيش على المحاليل فقط ثم سألتها عن وضع مجدي هو الآخر :


_ طب يا بتي أخبار جوزها اللي في العناية المركزة دي من بقاله خمس ايام ما اتحملش هو كمان مـ.ـوت ولاده مرة واحدة وحالته اتغيرت 180 درجة معقولة يكون مقادرش يتحمل زبيها هي كمان ؟


التوى ثغرها بحسرة ثم رددت :


_ دي مجدي طلعت حالته ما يعلم بها الا ربنا يا امي طلع عندي لوكيميا في الدم من الدرجة الرابعة وكمان حالته النفسية الصعبة اثرت على المرض اكتر وكان رافض العلاج وأهو دلوك بنحاول وياه وهو بين أيادي الله ،


اني دخلت سألت عليه في القسم بتاعه امبارح وعرفت كل الحاجات داي .


شهقت ماجدة بفزع مما استمعت اليه ثم هتفت بعدم تصديق :


_ وه وه ! يا عيني عليكِ يا ام الزين هتتحمَلي كل دي مرة واحدة ازاي يا بتي؟

والمصايب كلاتها نازلة ترف على راسك مرة واحدة !

جوزك وولادك كلهم راحوا وانتِ لا حول ليكِ ولا قوة ، قلبي عندك يا بتي قلبي عندك .


هنا أغلقت مكة مصحفها ونظرت الى والدتها تنهاها عن ذاك العويل وهي تهدئها :


_ بلاش الحديت دي يا امي اللهم لا اعتراض على حكم الله ،


ربنا اراد لهم اكده فهي لازم تصبر ولازم تقوم وتفوق من دوامة الحزن اللي سحباها لورا وتستعين على وجعها والألم بالله سبحانه وتعالى وهو خير معين ،


فاحنا مش لازم نقعد نعدد قدامها لازم نحسسها ان اللي حوصل بيحصل لكل الناس اي نعم المـ.ـوت صعب والفراق صعب وخاصة لما يكون في الوِلد لكن أمر الله وانما الصبر عند الصدمة الأولى دي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . 


ومرت تلك الأيام الصعبة والجميع في حالة حزن شديد على الطفلين ،


أما عامر فقد عاد من سفره ويجلس بجانب اخيه في المشفى ولم يفارقه وحالته لم تفرق عن حالة مها ولكنه يمتثل الجمود أمام الجميع وإلى الآن لم يستطيع التحدث مع مها كي يسألها كيف حدث ذلك للطفلين وحالته يرثى لها هو الآخر ولكن عندما يجلس مع نفسه يبكي كثيرا وكثيرا وكأنه رباهم على يديه وشقى في تربيتهم ولم يستطيع أن يفرح بكونه أبيهم وزال ينهر نفسه عن ذاك الخطأ وتلك العلاقة التي أودت بطفلين لم يكن ذنبهم الا أن والديهم فعلوا تلك الخطيئة دون اي حسبان لما سيحدث ولكنه عقاب الله لن ولم يمهله حتى يأخذ كل بني آدم جزاؤه من الخطيئة ،


كان يجلس بداخل غرفته وأنهى فريضة العصر في وقتها وجلس على مصلاه وهو يمسك هاتفه وأتى بصورة الطفلين وفيديو كان مصوره لهم وهو يلعب معهم يوما من الأيام ثم احتضن الهاتف وعيناه ذرفت بالدموع وهو يردد بصوت عالِ لأول مرة منذ أن فارق الطفلين الحياة :


_ اه يا حبايب قلبي ما لحقتش افرح بيكم ما لحقتش اشوفكم بتكبروا ما لحقتش احضنكم ،


ربنا علقني بيكم قوي وخلاني افكر فيكم كتير لا دي انتم ما غبتوش عن بالي واصل ولا ثانية من يوم ما عرفت انكم ولادي ،


عقاب ربنا بيكم ليا كان كَبير قوي ومقادرش اني اتكلم ولا حد يحس باللي في قلبي اه يارب نـ.ـار بتخرج من قلبي ومن كل حتة في جسمي اه يا ولادي آااااااااه .

وظل ينظر الى الفيديو الذي بيده بحسرة وبقلب يدق وجعا بشدة وهو لم يستطيع نسيان ذاك الحادث الذي مر عليه شهرا بأكمله ، 


وأثناء جلوسه وهو يلوم حاله ويبكي اتاه الاتصال من المشفى أن يأتي على الفور فحالة أخيه قد تدهورت فارتدى ملابسه وحمل مفاتيحه على الفور وبادر بالإسراع الى المشفى كي يرى ماذا به مجدي وما ان وصل حتى وجد الطبيب يخرج من الغرفة وعلى وجهه علامات الأسى وهو يردد :


_ البقاء لله أخوك بين أيادي الله دلوك .


اتسعت عيناه بعدم تصديق فقد مات أخيه وأبنائه ولم يفرق بينهما الا شهرا واحدا وبقي هو وتلك المها وحدهم يتألمون على الراحلون الذين غدروا بهم في ساعة زين لهم فيها الشيطان أنها متعة ورغبة لن يستطيعوا الحصول عليها بعد ذلك ، 


بعد مرور عدة ساعات انهى إجراءات الدفن لأخيه وعلم الجميع حولهم وعلمت مها هي الاخرى فقد بدات تفيق من حاله الصراخ والعويل التي انتابتها مدة طويلة ولكن خبر وفاه مجدي لم يؤثر فيها وكأن ابنائها أخذوا جميع دموعها وحزنها ولم يفرق لها احدا حتى نفسها لم تعد تفرق معها اذا كانت بصحة جيدة أم مريضة ؟


أم تهتم بحالها وبهيئتها فقد أصبحت منعدمة الإحساس بأي وجع او فرح او حزن فكل المشاعر اصبحت مختلطة لديها وكأنها فقدت الشغف في الحياة وتنتظر رب العباد أن ينهي حياتها كي تستريح ففقدان أبنائها بالنسبة لها كل الحياة فهم ثمرة عمرها وحصاد شقائها فهي أحبتهم حبا جما وراعتهم بجد وجدية وكانت لم تغفل عنهم ابدا وحينما انشغلت مع أبيهم حدث ما حدث وأصبحت تلوم حالها على تركهم لها ، 


بعد مرور عدة أشهر على موت مجدي وأخيراً استطاع عامر أن يجد فرصة للحديث معها فهي وحدها الآن وتركتها والدتها وأخواتها منذ أكثر من أسبوع فقد كانوا يتناوبون على الجلوس معها كي لايتركوها وحدها ولكنها أفاقت أخيراً وعادت الى الواقع ، 


كانت تجلس في غرفتها وممددة على تختها تحتضن صورة أبنائها اللائي لم يغيبوا عن عقلها لحظة واحدة ، 


استمعت إلى رنين جرس الباب فطنت أنها والدتها فهي لم تلبث أن تغيب عنها إلا أن تأتيها دوماً للاطمئنان عليها وأقصى مدة تقضيها في الابتعاد عنها يومان ، 


فخرجت كي تفتح لها بملابس المنزل التي كانت ترتديها والتى كانت عبارة عن عبائة قطنية بنصف أكمام ترتديها في فصل الصيف ففصل الشتاء قد انتهى وأقبل ذاك الفصل بموجته الحارة ولم تضع حجابا على رأسها ،


أما هو ضـ.ـرب زر الجرس أكثر من مرة وأثناء سيرانها استمع لها تردد بصوت هادئ حزين :


_ حاضر ياأمي جاية أفتح أهو .


فتلقائيا حينما سمع كلامها تنحى جانباً وعيناه نظرت أرضاً فهو قد استشف راحتها في بيتها وهيئتها فهو يحفظها عن ظهر قلب ، 


فتحت الباب ثم وجدته يقف جانبا ومطأطأ رأسه أرضاً فتنهدت واخذت نفساً عميقاً تستحضر به الوجع الذي آتاها للتو ثم تذكرت هيئتها فدلفت الى الداخل وارتدت اسدالها ثم لفت حجابه بإحكام على رأسها وأذنت له بالدخول ، كاد أن يغلق الباب وراءه إلا أنها منعته :


_لو سمحت سيب الباب مفتوح وياريت تتكلم وتقول اللي انت عايزَه طوالي لأن مينفعش تقعد اهنه كَتير ،


وأكملت وهي تنظر للجانب الاخر :


_ اني دلوك ست وحيدة ومينفعش اي راجل غريب يدخل بيتي علشان مش ناقصة شبهات .

لم يلقي لكلامها بالا ثم اغلق الباب وراءه  

بمجرد أن رأته أغلق الباب اندفعت إليه لتشن حـ.ـروب أفعاله فوق رأسه بتمرد أنثي ولكن نظراته الحادة أرغمتها أن تبتلع ماعلق في حلقها من كلمات وتتراجع للخلف ،

فتتقدم خطواته بقدر تراجعها ويغرس خنجر سؤاله في صدرها :


_ ولادي مـ.ـاتوا ازاي يا مها ؟


انتفضت أعينها بحدة وهي تطالع ذاك العامر ونظراته الشرسة لها ثم رددت بغـ.ـضب وهي تجز على أسنانها:


_ دول مش ولادك ياعامر دول ولاد مجدي وهيفضلوا ولاد مجدي .


اقترب منها بغضب جم ثم قبض علي معصمها بقوة وعنفها بصوته المملؤ بالجبروت استدعاه خصيصاً بسبب هرائها :


_ بتقولي ايه انتِ ! انتِ عارفة زين إنهم ولادي ومن صلبي ، 


ثم أكمل وقد لاحظ تمدد ملامحها بضحكة هادئة ثم همس في مسامعها بصوت هدر :


_ بتضحكي على ايه انتِ ، ليكي نفسي تضحكي بعد اللي عملتيه ومـ. ـوتي ولادي وأهملتي فيهم بعد ما قعدت اتحايل عليكِ تجيبيهم وتاجي نعيش مع بعض ونربيهم سوا ،

حرمتيني منهم وفي الاخر ربنا اخدهم عنده ودلوك تقولي إنهم مش ولادي وقاصدة تستفزيني !


أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم :


_ مش هديك الفرصة انك تشوه صورة ولادي ياعامر مهما كان ، ولادي اسمهم زين / زيدان / مجدي المرشدي وهيفضل اسمهم اكده ، 


ثم ربعت ساعديها ووالته ظهرها وأكملت :


_ احنا اللي بينا خلاص انتهى واللي كان بيربطني بيك اخوك ومـ.ـات فلو سمحت مش عايزة اشوف وشك تاني ومليكش صالح بيا نهائي .


لم يعجبه حديثها وازداد الغضب وتشعب في راسه وتكاثر بلا حدود فأدارها بحدة وهو يمسكها من كتفها بعنف ويهزها وقد خرجت أعصابه عن السيطرة :


_ شكلك عايزه تشوفي وش عامر التاني الوش القاسي الصعب اما اللي كان بيطبطب وتصعبي عليه لما تنزلي دموعك مبقاش ينفع وياكِ .


جذبت يدها بحدة من يديه ثم هدرت به :


_ خلاص الدموع خلصت على الغاليين ونشفت ولا اي حا في الدنيا هتأثر فيا بعد اكده انا دلوك بقيت مش باقية على الدنيا فابعد عني أحسن لك يا عامر يا اما قسما برب العزه هقـ.ـتلك واخلص منك وادخل فيك السجـ.ـن اللي كنت بسايسك علشانهم مـ.ـاتوا ، 


ابعد عني بقى كفاية اللي جرالي بسببك ، ربنا جزاني في أهم وأنقى وأحب حاجة في الدنيا وأقربهم لقلبي ، 


واسترسلت حديثها وهي تشهق دموعا:


_ لاااا دول روحي والنفس اللي كنت بتنفسه ، 

كنت مستعدة أطاطي راسي ليك وأتذل علشان خاطر ميتأذوش بس بالكلمة ولا النظرة ، 


بس دلوك راحوا ومبقاش فارق لي حاجة في الدنيا وحتى مجدي راح وراهم وفضيت عليا الدار والحيطان الواسعة داي بقت في عيني أضيق من خرم الإبرة .


هزته نبرة صوتها الضعيفة ونظراتها التـي تحمل شـجـنًا وشـوقًا للغائبين ،

هذه النظرة التـي تُطالعه بِها شعر بها يوم أن علم برحيل أغلى الأحباب إلى قلبه ، 


ثم لانت ملامحه وهدأ من غضـ.ـبه واقترب منها مرددا بحنو اعتاد عليه معها فليس طبعه الجمود :


_ طب بتبكي ليه عاد اللي حوصل حوصل وربنا رايد اكده رايد يريحهم من هم الدنيا وبلاويها ، لا أني كنت هفضل متحمل بعادهم ولا انتِ كنتِ هتتحمليني بضغطي عليكي ، 


بس فراقهم صعب ووجع مابعده وجع .


جلست على الأريكة وهتفت من بين شهقاتها بروح منهكة وبقلب ينزف دموع الحرمان من فلذة كبديها في رمشة عين :


_ كانوا يفضلوا واني كنت هتحمَل منك ومن مجدي ومن الزمن كل حاجة صعيبة ، 


كانوا روحي وروح روحي وعمري ماتخيلت إنهم يروحوا مني بالسهولة داي ، 


تعبت فيهم وشقيت عليهم ومكانتش البسمة تشوف وشي إلا ليهم وبيهم ومعاهم ، كانوا نبض الفرح والحياة الحلوة والحتة البيضة الصافية النقية في قلبي ، 


ثم ظلت تبكي بشدة وكأن الدموع هي طريقها وكأنها حصاد خطئها نتيجة زرعها المسموم بمبيدات الخطيئة وأكملت:


_ ربنا اداني بيهم درس إن الخطيئة والعلاقة الحرام لازم ياجي من وراها هم تَقيل مهما طال الزمان .


انفطر وجـ.ـعا لأجلها فهو مازال عاشقها مازال قلبه لايعرف نبض غرامه لأجلها ، فهي المبتدأ في علاقته بجنس حواء وهي الصفة الرقيقة ذو الرائحة الملكية وهي الخبر المتيقن بعشقه لها وهي المضاف لحياته شعور اللذة والمتعة وهي كل الإعراب والبناء لهدد قلبه ،


ثم جلس تحت قدميها وهو يعرض عليها احتياجه لها من جديد :


_ طيب دلوك انتِ خلصتِ عدتك من مجدي الله يرحمه يلا نتجوَز ونبدأ من جَديد انتِ دلوك وحيدة واللي كنا عايزينها زمان دلوقتي بقى تحقيقه سهل .


انتفضت وقامت من مكانها كما لا لدغها عقرب ثم هدرت به برفض قاطع:


_ نتجوز مين ده في احلامك !

انت لو اخر راجل في الدنيا اني عمري ما هتجوزك يا عامر انت السبب في كل اللي انا فيه انت السبب في كل اللي انا وصلت له وفي لحظة ضعفي اللي بدفع تمنها روحي اللي راحوا مني اني خلاص اعتزلت صنف الرجالة خالص ما عايزاهوش واصل تاني في حياتي .


حزن داخله من كلامها وأحس بالخزي لرفضها القاطع بتلك الطريقة المهينة له ثم سألها وهو يدعي الاندهاش والاستنكار في آن واحد :


_ليه يعني اخر راجل يا مها ؟!


مكانتش غلطة عميلتها هتخليكي تقسى علينا اكده احنا الاتنين اني دلوك جاي لك لحد عندك وبطلب منك يدك ونبدا من جَديد ونجيب زين وزيدان تانيين ونربيهم احنا الاتنين سوا ونداوي جرح وحزن بعض واحنا الاتنين أدرى الناس بوجعنا .


ماإن نطق اسماء أبنائها أمامها حتى دارت في المكان بغضب عارم وهي تلقي بقدميها الكراسي الموضوعة والمنضدة بعاصفة غضب لم تسبق لها من قبل وهي تنهره :


_ زين وزيدان عمرهم ما يتعوضوا ابدا وارجوك كفاية بقى بعد عني مهتحملش اكتر من اكده متضغطش عليا كفاية اللي اني فيه مش ناقصة همك انت كمان شوف طريقك يا ابن الناس بَعيد عني 


واسترسلت حديثها وهي توضح وجهه نظرها وهي على نفس غضبها :


_ وبعدين جواز ايه اللي انت جاي تتكلم فيه واني جوزي مـ.ـيت بقاله شهور انت عايز الناس تقول عليا ايه ؟


داي جوزها وولادها مـ.ـاتوا ومقصرش فيها وراحت تتجوز ولا كانها بتحس ولا كانها بني ادمه !

بعد عني يا عامر كفاية اللي جرى لي بسببك كفاية قوي لحد اكده .


مازال يقف أمامها ويستسمحها أن تهدأ مرددا بعشق وكأنها مرض اتوصم لقلبه :


_ يا مها انا بحبك صدقيني مش قادر اشوف ست غيرك حاولت مره واتنين وتلاته وكتير مش قادر،


حاولت اني اعرف غيرك واتكلم مع غيرك واحب غيرك مجرد ما بشوفهم بحس اني مخنوق وصورتك تيجي قدامي ما بقتش عايز غيرك ، قلبي اتعود عليكِ ، وعيوني اتعودت على رؤيتك انتِ بالذات ، حتى لمستي لأي ست مش هتبقى زي ما كنت بتعامل معاكي ،


اعمل ايه في قلبي ؟

حرام عليكِ يا مها بقى كفايه عذاب فينا وترضي بقسمة ربنا واكيد له حكمه في كل اللي حصل علشان يجمعني بيكي .


رفعت جفونها المغشية بالدموع ببطء ثم قالت بنبرة حزينة :


_ اللي حصل ياعامر مش سبب علشان ربنا يجمعني بيك له !


اللي حصل لي درس لكل ست تفكر تغضب ربنا وتعمل اللي أني عملته ، درس العمر بس كان ابتلاؤه شديد قوووي هفضل أعاني منيه سنين وسنين ، احنا الاتنين مننفعش لبعض أبداً ، كمل طريقك بَعيد عني أني ولا هنفعك ولا عدت أنفع غيرك أني بقيت نَفس ماشي على الأرض من غير روح ، بقيت عاملة زي الدمية اللي بتقوم تاكل اللي يكفيها علشان تقدر تتنفس وخلاص ، بس الحاجة الوحيدة اللي اتعلمتها جامد من درس العمر هي القرب من ربنا ، 


وأكملت بتصميم على رأيها فهي لم ولن تتزوج عامر حتى لو قضت عمرها كله وحيدة :


_ مش هتجوزك ياعامر مهما عميلت ومهما صبرت حتى لو ملامح الشيب علمت على كل ملامحك .


دمعت عيناه وهي تخبره بحزنها الشديد  

انتصب في وقفته ونظر حوله بنظرة ثاقبة ثم عاد ينظر إليها بنظرة تحمل عطفًا على حالها ، 

فهل يتركها تسرد له ألمها وابتعادها عنه دون وقوفها ؟

تنهد بتنهيدة طويلة وتمتم بعدما اقترب من المنضدة الملقاه أرضًا بسبب غضبها وأعادها مكانها :


_ انتِ ليه مصممة توجعيني وتبعديني كل مرة يعني صممتِ قبل اكده على رأيك وحوصل اللي محدش يتوقعه ودلوك مصممة على الفراق والبعاد وبدون سبب يامها ، 


وتابع حديثه بوجع مماثل لها ليقول بألم وجراح روح مثلها:


_ إذا كنتِ بتلومي حالك على اللي حوصل بينا قيراط أني كمان بلومه عشرين قيراط ، وإذا كنتِ انتِ بتعرفيش تنامي من الكوابيس اللي بتاجي لك علطول ، بحس إن صورة مجدي أخوي وهو بيبص لي كانه عايز يخـ.ـنقني ، 


واسترسل وهو ينظر إليها برجاء كي يجعلها تلين ويؤثر عليها :


_ وزي مانتِ بتقولي إنك مهتنفعيش أي راجل تاني أني كمان معرِفش أعيش ولا أتقبل أي ست تانية في حياتي غيرك يامها ، اكده حكمتي علي بالوحدة طول العمر واكده ظلم ليا بعد كل اللي حوصل بيناتنا .


تعلقت عيناها به بنظرة ضائعة أرجفت ذلك القابع بين أضلعه. 

أشاح عيناه عنها ثم زفر أنفاسه بقوة حتى وصل إليها هول زفيره فأردفت بتمنع كي يرحل فهي لن تكمل طريق الأشواك معه كفاها تلك السنوات الماضية عاشتها في مرار وعدم استقرار ، سنين عجاف لم تذق فيهم طعم الراحة من عـ.ـذاب الضمير والبكاء على ما فعلته معه وفي خوفها على فلذات أكبادها مما سيحدث لهم ، 


ثم استجمعت قواها وتحدثت بنبرة واثقة جعلته فقد الأمل :


_ متحاولش ياعامر اني وانت سكتنا افترقت عن بعض ومتشيلنيش ذنبك وزي ماني مشيلتكش شيلتي التقيلة وبعدت بحالي وبداوي وجعي لحالي انت كمان ياعامر اعمل زيي وابدأ من جديد أني لا عدت أفرح ولا أحزن ولا أحس بالحلو ولا الوحش مش هنفعك ، دور على بت الحلال اللي تكمل معاها بعيد عني ، انت قلبك طيب ولسه مليان بالخير وألف مين تتمناك ،


اللي بيني وبينك واللي ربنا لسه محاوطنا بالستر اللي إنت متعرفش قيمته لسه منكشفش لا انت هتتحمل نظرات الناس ولومهم ونهرهم ليك لو اللي بينا انكشف وأني هخسر أمي وأخواتي وبعدها المـ.ـوت أهون لي من إني أكمل حياتي اكده ، 


وأكملت وهي تضع عيناها في عينيه :


_ الستر دي الحاجة الوحيدة اللي بينت لي إن ربنا قبل توبتي ويستحيل أفرط في باب التوبة اللي اتفتح لي وأروح للفضيحة برجلي ، 


أرجوك ياعامر سيبني بقي أكمل اللي باقي من حياتي وأني مرتاحة ، سيبني أحزن على اللي راحوا لحالي لأنهم مش هينين دول مشيوا وأخدوا روحي وضحكتي وكل حاجة حلوة معاهم .


الآن تأكد أنها لن تستكين له ولمحاولاته معها ولن ترضى باقترابه منها فتحدث بنبرة مخذول :


_ يعني خلاص قصة مها وعامر انتهت ومبقاش فيه نصيب يجمعهم ؟


أغمضت عيناها وداخلها متعب وأجابته بتأكيد:


_ هي المفروض مكانتش تبتدي ولا توبقى موجودة من الاساس ، قصة مها وعامر قصة غلط ، سرقوا لحظات من العمر لكن ندمتهم عمرهم كلاته.


حمل مفاتيحه وانتوى المغادرة فهو تيقن من تيبس رأسها وقد قرر السفر للغربة فيبدوا أنه سيظل غريباً طيلة حياته ، سيظل ليس له وطن أو أهل أو أصحاب أو أحباب فهو كان يتيماً والآن أصبح وحيداً فقد رحل أخيه ،


ثم هتف بنبرة متأثرة لابتعاده عنها :


_ أني هسافر وهرجع مطرح ماكنت وكأن البلد داي كارهة وجودي فيها ، كل لما أقول هرجع وهستقر بلقاني أعاود مكروه مغـ.ـصوب ، بس عايز أعرفك قبل ما أمشي إنك حبي الأول والأخير وانك هتوحشيني يامها .


إستجمعت قواها التي تبعثرت من نبرة الشجن التي يتحدث بها وأثرت في روحها وتحدثت بنبرة حذرة له وصوت عال وهي تنهاه عن كلامه ذاك :


_ لو سمحت ياعامر ممنوع تماماً تتكلم معاي بالطريقة داي تاني أني خلاص الكلام المعسول المزين دي كرهته مبقاش يأثر فيا ، روح يابن الحلال مطرح ما ترتاح وابني لنفسك عش جديد ومن الأحسن تهد عشي اللي في قلبك .


تيقن الآن أنها لن ولم تتراجع فهو الآن يقف أمام امرأة جديدة لم يعرفها قبل ذلك ، 


تحرك بخطوات بطيئة من أمامها وهو ينظر إلى أرجاء المكان الذي اختلس فيهم لحظات سعادة معها ولم تكن من حقه يوما ما ، 


أما هي جلست وصورة أبنائها وملابسهم في أحضانها وهي متشبسة بهم وكأنهم اكسير الحياة لديها وانتهى عهد العامر لديها إلى الأبدِ أبداً ، 


وهي تردد مع حالها بقسوة على نفسها:


_مَا عُدتُ أُحبُّ أَحدًا وَلاَ أَكرهُ أَحدًا، وَلاَ أَحزنُ بِسببِ أَيِّ أَحدٍ وَلاَ يَفرقُ مَعِي أَيُّ شَيءٍ، أَلفُ رَحمةٍ عَلَى مَشاعرِي وَقلبِي الذِي مَـ.ـاتَ 

فأنا قلبي ممتلىء بالدموع بدون أن يبكي 

بل شارد ، صامت ، يريد أن ينعزل

وعينيه مرهقة كأنه عاش عمره كله مستيقظ 

فاللهم ردّ لقلبي عافيته يارب . ******'""""******"""**


مرت الأيام والشهور تلو الشهور على حادثة الطفلين والكل متأثر بهم ، 


حتى مر أكثر من ثمانية أشهر وحالهم في الوجع لن يمر مرور الكرام ،


في منزل سلطان يجلس ماهر الريان فقد زهق الصبر من صبره وما عاد يطيق الاحتمال في صبره أكثر من ذلك ، 


فهو الآن يجلس معها في منزلهم في زيارته الأسبوعية لها وهو غاضب من تأجيلها لإتمام زواجهم فمن المفترض أن يكونا متزوجون منذ أكثر من ستة أشهر ولكن مـ.ـوت أولاد مها أخر زواجهم ، ثم لاحظت هي غضبه وعدم ارتياحه فسألته باندهاش :


_ مالك يا ماهر حساك متضايق اكده ومش على طبيعتك في حاجة حوصلت ؟


كان يجلس على الكرسي وهو يهز قدمه بضيق :


_ هو إنتِ كل دي مدرياش باني خلاص زهقت ومعدتش قادر أتحمل الوضع دي ؟


ربعت يداها وتحدثت بضيق:


_ هو انت بتتحول مرة واحدة اكده من غير أي مقدمات وبتزهق وبتغضب عمال على بطال ؟


تنهد بضيق وتحدث بغـ.ـضب جعلها اغتاطت منه :


_ أهو كون انك متعرِفيش اللي مضايقني دي في حد ذاته يغيظ ياهانم ،


ممكن أعرِف إحنا حالنا هيفضل اكده لحد ميتة يارحمة ؟


إنتفض داخلها من هيئته الغاضبة ومن حديثه الذي لايصح ابدا في وجهة نظرها وعللت موقفها :


_ يعني هو ينفع يكون ولاد أخت سكون يموتوا وجوزها وراهم بشهر وأفرح واتجوز !


وأكملت بتبرير:


_ اللي حوصل محدش يتحمله ابدا وبعدين أني مرتبطة بسكون قووي ومينفعش أعمل فرح وهيصة وهي أختها في الحالة داي ، 


الست من يوم مـ.ـوت ولادها وجوزها وهي في دنيا غير الدنيا وحالتها حالة ومرت أخوي كل يوم والتاني عنديها ، 


واسترسلت حديثها بعينين زائغتين وتوتر لما ستبلغه به وخاصة أنها ترى هيئته الغاضـ.ـبة بشدة :

_ أممم .. يعني نصبر لما يفوت سنة على جوازهم على الأقل ياماهر .


استمع إلى كلامها وكله رافض أن يستجيب ثم تحدث بعيون تشـ.ـتعل غضباً حتي أنها أرتعبت من هيئته : 


_ سنة مين دي يا أستاذة ! ده في أحلامك إن شاء الله ان دي يحصل ، أني أجيب أبوكي وأخوكي بقى ونشوف صرفة بقي في الحوار دي .

ابتلعت لعابها وتحدثت بصوتٍ منخفض وهي رافضة طريقته تلك هي تعلم انه لديه كل الحق في غضـ.ـبه ولكنها هي الأخرى لديها العذر في الانتظار :


_ بلاش ياماهر أرجوك تدخل بابا الموضوع بالنسبة لي جبر خواطر ، إنت متعرِفش أني متعلقة بيهم كد ايه ، 


وتابعت حديثها بنظرة حزينة :


_ يعني بصراحة اكده مجايليش نفس أفرح وهم في حزنهم دي ، معلش يا ماهر اصبر كمان أربع شهور يكون وجعهم خف شوي وكمان سكون تفرح لي وتفرح بيا .


نفخ بضيق من تشبسها برأيها ثم عرض عليها اقتراحا أخر كي لا يحزنها :


_ طب نكتب الكتاب وبعدين نشوف حوار الأربع شهور دول بعد اكده أهو أي حاجة تصبيرة .


مطت شفتيها بامتعاض وهتفت باستفسار :


_ طب ايه لازمته كتب الكتاب هيفيد بإيه يعني ؟


ضرب كفا بكف باستنكار من استفسارها الذي وصل إليه أنه لم يفرق معها ثم أجابها باقتضاب :


_ هو انتِ مفكراني ايه حجر قدامك مبيحسش مثلاً !

ولا انتِ مش بتحبيني ومحتاجة وجودي جمبك زي ماني محتاجك جنبي ؟


نفخت بضيق هي الأخرى من عصبيته في الحوار معها ثم سألته بغباء مرة أخرى:


_ استغفر الله العظيم يارب ، طب كتب الكتاب بردوا ماله ومال إني بحبك ومحتجاك جنبي وإن كل اللي انت بتحس بيه ناحيتي أني كمان حساه ناحيتك .


اغتاظ منها وتحمحمَ لينظف حنجرته وتسائل:


_ هو إني أكون كاتب كتابك وتوبقي مرتي زي حالنا دلوك ؟


وأكمل وهو ينظر إليها برغبة فهو قد اقترب منها طيلة الأيام والشهور الماضية وبات لايعرف معنى الاستقرار والأمان إلا في قربها ، بات يشعر بالاحتياج لها دائماً وهو ليس من الرجال الذين يستحلون عقد الخِطبة لفعل أي شئ يغضب الله ، حتى أنه لم يحل لنفسه لمس يدها مهما تحدث حديث العاشقين وشعر بالرغبة بها يكبت احتياجه لها داخله حتى بات لايستطيع الصمود أمام أنوثتها المهلكة لقلبه فهو حين يغازلها تخجل وحينما تغازله هي يشعر بأنه يريد اختطافها لأحضانه ويتشبع منها :


_ يارحمة نفسي يدي تحضن يدك وأحس إنك بتاعتي ، نفسي لما نكون قاعدين مع بعض وأحس إني عايز قربك ملقيش نفسي بسحب حالي وأمشي علشان معملش حاجة تغضب ربنا ومعاكي انتِ بالذات عايز البدايات الحلال وقتها هحس اني ملك زماني ، 


واسترسل حينما رأي نظرة الاحتياج في عينيها هي الأخرى ولمعة عينيها بالخجل واحمرار وجهها وتوترها الواضح من فرك يديها :


_ وكمان عايز اسمع كلمة بحبك ياماهر اللي لحد دلوك بعد ماقربنا سنة مخطوبين مقلتيهاش .

أنهى كلامه ثم نظر لشفتيها وابتلع لٌعابه وبدأ صدره ينتفض ويعلو ويهبط من شدة إحتياجه لها، 


وماكان حالها أفضل منه، كانت تنظر لعيناه بفاه مفتوحة مٌرتعشة وقلبٍ يرتجف يريد الإرتماء داخل أحضانه ونسيان كل الظروف التي تحاوطهم وتمنعهم من القرب وإتمام زواجهم ،


بقيا مدة علي وضعهما هذا كلاً منهما يحترق شوقاً للأخر ولكن تشبسها برأيها يمنعها من إتخاذ الخطوة الأولي وتنتظر أن يمر ذاك العام حتى تفرح من قلبها ، ولكنه الآن وضعها في مأزق كتب الكتاب الذي يريده ثم تحدثت بموافقة وهي تضع عيناها أرضاً وليس لديها حجة مقنعة لرفض اقتراحه :


_ تمام ممكن تكلم بابا في حوار كتب الكتاب وأني معنديش مانع .


نظر إلي السقف وقال بتلهف وأذناه لم تكن تصدق موافقتها :


_ انتِ بتتكلمي جد يارحمة أكلم عمي سلطان ؟

بللت حلقها الذي جف من كثرة عطشها إليه وهي مازالت تنظر أرضاً مرددة بتأكيد :


_ متأكدة ياقلب رحمة ، 


ثم رفعت عيناها ونظرت داخل عينيه وهي تنطق باعترافها الأول مما جعله يكاد يختـ.ـطفها بين أحضانه دون مراعاة لأي شئ :


_ وبعدين أني مش بس بحبك يا ماهر له اني بعشقك ، بعشق رجولتك اللي بحس انها مبقتش موجودة ، بعشق غيرتك علي اللي بتحسسني اني ملكة متربعة على عرش قلبك وبتخاف عليها من أي عيون تبص لها ، بعشق احتياجك ليا ، واحتياجك لقربي ، بعشق كل ملامحك وتفاصيلها ، بعشق الكاريزما اللي إنت محاوط بيها حالك بتحسسني اني مش هتجوز راجل والسلام ، أني بعشقك ودي كلمة قليلة على اللي بحسه ناحيتك وزي مانت محتاج قربي أني كمان شكلك بالظبط محتجاه وأكتر منك .


كانت عيناه مثبتة داخل عينيها ، شعر بأن جسده الآن ينتفض وصدره يعلو ويهبط من شدة احتياجه لها ، فحقا كانت تلك الصغيرة والتي تصل إلى منتصف صدره بارعة في جعل جسده يحـ.ـترق شوقا لاحتضانها ، يود الآن أن يأتي بالمأذون كي يكتب عقد تملكها ثم يجذبها إلى أحضانه حتى يكاد تفترق ضلوعها من شدة احتياجه لها بين ضلوعه ، لقد أثارته باعترافها ولكن أي إثارة تلك يافتاة ! لقد فتتي رجل الجليد ومشاعره انصهرت الآن ولم يطيق الصبر والاحتمال دون أن يضعف أمام عيناكي ، 


مهلا تلك الصغيرة مهلا على رجل لم يتذوق طعم العشق الذي طوقه لسانك واختـ.ـرق قلبه الآن يوماً ما ، 

صغيرتي صاحبة العيون التى ألقت أسهمها الآن في قلبي ونفذ رميها وأصبح أسيرهم ولم يريد التحرير من أسرهم يوما مهما طال الزمان، 

اذا كان ذاك طعم اعترافك بالعشق لي فماذا عن أحضانك ، ماذا عن أنفاسك حين أشمها ، ماذا عن لذة شفاكي حين تحتضن شفاه الماهر ، يا الله فأنا خائف على عذرية مشاعرك من هوجاء اقترابي منكِ أيتها الجميلة والتي أسميتك صغيرة على حب الماهر 

#خاطرة_ماهر_الريان

#بقلمي_فاطيما_يوسف

#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي 


لاحظت نظراته الهائمة بها والتي تراها لأول مرة بذاك العمق وكأنه مغرم بها وبات لايتحمل أن يعيش فقط على تلك النظرات فقط ويحتاج عناقها بل وسحـ.ـقها داخل ضلوعه ليبث بها شوقه الجارف لها ثم نطق لسانه بوله بها :


_ مكنتش أعرِف انك لما تنطقيها هبقى مش على بعضي اكده ، حاسس ان خطوة الزمن في الوقت دي تَقيلة قووي ، 


واسترسل وهو يحاول دغدغة مشاعرها كي يسحبها معه لعالم الاشتياق لقربهم :


_ انتِ أكيد حاسة باللي أني حاسس بيه دلوك ، أكيد مش قادرة تتحملي انك متترميش في حضني وتحسي اني مشتاق يارحمة لهمسك وقربك قوووي .


كانت نظراتها إليه مماثلة ، مشاعرها ثائرة ، شعر جسـ.ـدها بالتمرد عليها في اقترابه ، في همسه ، في غرامه ، في ولهه لها ، 


مهلا أنت ايها الماهر ، ماذا بك يا رجل ، فأنا لم أتحمل تلك منك تلك العـ.ـاصفة التي شنتها عيناك على قلبي المسكين ، فعذرية مشاعري معك لم تقوى على تحمل تلك الكلمات التى تتفوه بها لي ، 


ثم نطقت بفم مرتعش من أثر همسه لها وعيناه التى تنظر لها تلك النظرة الثائرة :


_ أممم ..طب ايه بقى مش هتحمل اني كل دي ياماهر براحة على رحمتك لسه متفقهش شئ في لغة العشق وقوانين القرب ، هاخد صفر قدام المتر الولهان .


ضحك على ضعفها أمامه وكم كانت في ضعفها مثيرة له لقد عهدها دائماً قوية ذات لسان سليط ولكن حينما يتحدث معها بلغة المحبين تنقلب نظراتها وتصبح عباراتها أكثر إثارة لغريزته ، 


ثم غمز بكلتا عينيه مرددا بما أخجلها :


_ طب جهزي حالك بقى علشان هنكتب الكتاب كمان يومين بالظبط وهفاجئك .


نظرت جانبا فقد أخجلها بكلامه ونظراته ولم تعد تقوى على تحمل كلامه أكثر من ذلك ، أما هو ظل يغازلها بعبارات الحب والغرام كي يجعلها تنغرز في شباك عشقه أكثر من ذلك حتى لاتستطيع النهوض والخروج من شباك هواه بها ، فحقا كان ذاك الماهر ماهراً في جذبها لعالمه وماهرا في أن يجعلها تحلق في سماء العشق والرغبة والاحتياج له ، فحقا ذاك الماهر أذكى عاشق عرفه الزمان .


         ************""""""*****


في نفس اليوم ليلا وبالتحديد في غرفة سلطان وزينب كانت تجلس في غرفتها وهي تمسك هاتفها تتصفحه فمنذ أن عملت لها زينب صفحة على الفيسبوك وهي سحبتها معها وصارت كل أوقات فراغها تقضيها على ذاك الهاتف مما أزعج سلطان وشعر بعدم أهميته تجاهها كما السابق ، 


فهو أحياناً يدخل الغرفة عليها ولا تعيره أدنى اهتمام ولكنها هي من تفتعل ذلك كي تجعله يجن ويلهث ورائها دائماً فهو قد أعطاها درس العمر ولن تنسى ابدا أنه تزوج عليها يوماً ما وجرح قلبها حتى وإن عادت إليه زوجته كنا كانت ولكن قررت أن تغير قوانين القرب منها له ، قررت أن تري لهفته عليها دوماً ، قررت أن تجدد روتين حياتهما بالشغف والمكر فقد أحبت لعبة القط والفأر معه تشعرها دوما بأنها الملكة المتوجة يسعى دائما لإرضائها ، فحق مكر حواء يليق بكِ زينب وقد تمرستيه ونفذتي أحكامه وقواعده على ذاك السلطان ببراعة ، 


دخل سلطان الغرفة وجدها كعادتها تفرد جسـ.ـدها على التخت وتمسك ذاك الهاتف الملعون بيدها كما أسماه وأصبح يعصبه الآن بشدة ، 

لم تعطي لدخوله الغرفة بالا مما أزعجه كثيراً فتحمحم كي يشعرها بوجوده ولكنها لم تستجيب فاغتاظ من انجذابها لذاك الهاتف ولم تكترث به وفاض الكيل به ثم على حين غرة خطـ.ـف الهاتف من يدها مما جعلها اعتدلت بنومها وهتفت باستنكار لفعلته التي لا تليق بالذوق في وجهة نظرها :


_ جرى ايه ياسلطان بتشد التليفون من يدي اكده ليه شكل مايكون عايز تقفشني واني بعمل جريمة أو بعمل حاجة شينة ؟


ت


حدث بنبرة ساخرة:


_ ماهو لما الست هانم أدخل عليها ألقاها متنحة في المخروب دي ومش مركزة مع جوزها ولا تقوم تشوفه راجع عايز حاجة ولا تقول له حمد لله على السلامة زي مالنسوان بتعمل مع أجوازتها ! لكن إزاي الثقافة حضرت دلوك وبقيتي تقعدي على المخروب دي وقتك كله اللي مبتقضيش ربعه معاي .


أجابته بقوة وغيظ وهي تتذكرة تلك الكلمة التي قالها وتحدثت باستنكار :


_ نسوان مين دول وايه الكلمة العفشة داي مش تنقى كلامك اللي تقوله لمرتك زين ياسلطان ولا انت متعرِفش تقول كلام عدل بالمرة .


تنهد بضيق وتحدث بغضب أخافها :


_ وه وه يازينب هو انتِ كنتِ في جرة وخرحتي لبرة ، طب اعملي حسابك مفيش تلفونات هتمسكيها تاني ، عقولك يازينب هشيل المخروب اللي اسمه الواي فاي دي خالص من البيت علشان ترتاحي وترجعي لطبيعتك وطوع جوزك تاني ، 


ثم كادت أن تتحدث هدر بها أرعبها وهو ينظر لها بنفس غضبه :

_ اكتمي عاد يامرة إنتِ كانك اتجنيتي عاد وهتوبقى عاصية جوزك يازينب ، ارجعي لعقلك يازينب بدل ما اقلب عليكي قلبتي اللي مشفتيهاش من زمان وانتِ الجانية على روحك .


كان يتحدث معها بذلك الغضب الشديد من أثر غيرته عليها من ذاك الهاتف فهو في غيرته عليها لن يرى أمامه وتتبدل ملامحه لهوجاء ويتعصب بشدة وخاصة من تغيير زينب الداخلي والخارجي معه وما عاد يطيق الاحتمال أكثر من ذلك ، 

إنتفض داخلها من هيئته الغاضب وكادت أن تتمدد على التخت وهي تصطنع الغضب من كلامه إلا أنه ذهب إليها وجذبها بغضب من فوقه وتحرك بها إلي الأريكة الموجودة بالغرفة 

وتحدث بعيون تشتعل غضباً حتي أنها ارتعبت من هيئته :


_ شوفي بقى علشان نوبقى على نور ياست زينب شغل النمردة اللي انتِ جاية فيه دي مهيمشيش معاي وشكلنا اكده هنعلي صوتنا كَتييير وعيالك اللي أطول منك هيسمعونا كل يوم والتاني وشكلك هيوبقى عفش وانتِ مش صغيرة على لعب العيال دي فاتعدلي معاي وارجعي زينب العاقلة الكمل اللي كنت متجوزها وإلا هقلب على وش عمرك ماشفتيه وادعي ربك ماتشوفيهوش يازينب .


شبكت يدها وابتسمت ساخرة وهي لم تعير غضبها أدنى اهتمام ثم قالت :


_ إيه ههتجوَز على تاني ياسلطان علشان تكـ.ـسرني مرة تانية ومكفكش اللي عميلته فيا وانك حطـ.ـمتني قبل اكده ياسلطان ؟


ثم أدمعت عيناها وكأنها تذكرت وجعها منه الذي لم تنساه ابدا وكأن عصيانها وتمردها عليه يشفي غليل قلبها منه ثم نفخ بضيق من رأسها اليابس وعنادها ولكنه تأثر بنبرة الوجع التي تتحدث بها ودموعها التي انهمرت على وجنتيها ثم جلس بجانبها وهو يرمي عبائته على التخت :


_ طب ليه كل دي يابت الناس بتفتحي في القديم وبتنبشي في الوجع بيدك ليه ومتعبة حالك وتعباني وياكي ، اني لا هتجوز ولا هتنيل هو أني كنت عارف اتهني معاكي بعيشة علشان اتجوز غيرك ؟


نفضت يداه بحدة من على قدمها قم هدرت به :


_ قصدك تقول ايه يا سلطان اني ست نكدية وهاجرة ومتتعاشرش ! اوزن كلامك معايا ياسلطان يا إما والله ما اقعد لك فيها وأفوتك لحالك اهنه وأروح بيت ابوي .


اغتاظ منها وتحمحمَ لينظف حنجرته وتسائل بنبرة حادة:

_ لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم هو إنتِ غاوية نكد النهاردة ولا ايه يازينب ، قسما عظما لو طلع من بقك الكلام دي تاني يازينب لاهيوبقى مرار طافح على راسك ، دارك متهمليهاش واصل وانتِ حرة .


ردت بإقتضاب وهي تقوم من مكانها وجذبت جلبابها وانتوت الخروج من الغرفة مما جعله يشتـ.ـعل غضبا من حركاتها الصبيانية التي لم يعهدها عليها من قبل :


_ طب ادي الدنيا كلاتها ههملها لك طالما أني حرة بقى .


اعترض طريقها وجذب الجلباب من يدها ورماه بعيدا عنها ثم أمسكها من يدها و ألقاها على التخت واقترب منها وهو يمسك قبضتاي يدها بشدة ، كانت تتململ بين يداه كي تستطيع الفكاك منه واستجمعت قواها وتحركت بداخلها روح الأنثي المتمردة وحاولت نفض يدهِ من عليها كي تبتعد عنه ولكنها لم تستطع وكأنه يمسكها بقبضة من حديد وحالها ذاك مازاده إلا رغبة بها وإرغامها أن تخضع لأمر اقترابه فقد أثارته بعصيانها عليه ، جددت طاقة الشباب داخله وصار يريدها ويريد أن يقضي بين أحضانها أجمل اللحظات التي تشعره برجولته عليها ، 


ثم اقترب من وجهها ليزيح خصلة فوق عينيها يتلمس وجنتها نزولاً إلي فكها ثم صعد إلي شفتيها يتلمس كل منهما بإبهامه، 

نظرت بعيد عن عينيه تحاول كبت مشاعر الاحتياج إليه لديها لكن لم تستطيع قواها إخفاء مشاعرها التي تملكت منها كلماته وهمساته واقترابه لها بكل قوة، 

ثم نظرت له بعيون تخفي ضعف يستكين بداخلها وقلب يخفق رغبة وعشقاً معاً، ترتجف من لمساته التي تجعلها تود أن ترتمي علي صدره ويدفئها بحرارته المنبعثة من توهج عشقه لها ثم رحل معها إلى عالمهم المختلف الناضج ولكن بلغة جديدة يغلبها التمرد والشراسة منها ويغلبها منه فرض سيطرة رجولته الجياشة عليها مما أشعرها بالانتشاء وأشعر كلتاهما بالتجدد والاختلاف في علاقتهما عن ذي قبل ،


بعد مرور بضعا من الوقت كانت تجلس ممدة بأحضانه على التخت وهي تتناول تلك السيجارة التي أعطاها لها لتقول بتمزج وهي تنفس ذاك الدخان من فمها وانفها ببراعة وكأنها متمرسة التدخين ومعتادة عليه :


_ بس السيجارة دي متكلفة جامد ياسلطان عدلت لي مزاجي العكر على الآخر وخلتني في عالم تاني .


نظر إليها وجدها تبتلع لعابها فابتسم بإنتشاء لهيئتها وبدأ بتناول سيجارته هو الآخر بتلذٌذ وهو يردد بمشاغبة:


_ انتِ هتعملي زي القطط تاكلي وتنكري ياأم عمران ومطلعة سبب روقة مزاجك في السيجارة ولا كانك لسه مش واخدة جرعة حنان دوبل تكيف أعكرها مزاج .


ضحكت بدلال اثاره هو الآخر ثم هتفت من بين أنفاسها الممتلئة بالدخان :


_ لا قول انت بقى انك اتدلعت دلع على يد زينب ودقت حبة حنان مدقتهمش من زمان .


اخذ منها السيجارة وهو يضعها في فمه قائلاً بانتشاء مصاحب للدعابة وهو ينفسها هو الآخر :


_ والله زمان قافشة في السجارة وبتشربيها ومنستيش يازينب الأيام الحلوة .


زمت شفتاها وأنزلت بصرها للأسفل بحزن ممزوج بدلال وتحدثت بنبرة استيائية مفتعلة :

_ هو انت بتاخدها من يدي ليه ماتـ.ـولع واحدة غيرها ياهادم اللذات انت .


ضيق نظرة عينيه ثم رمقها باستنكار :

_ بس يازينب واعقلي لا تاخدي على اكده عاد وبعدين مزاجك منقدرش على ظبط زواياه بعد اكده.


ضحكت بشدة على طريقته وكلامه لها وظلا على وضعهم هكذا وسلطان يشعر كأنه ملك زمانه ومكانه في قلب زينب ، 


ثم أعجبتني تلك المقولة التي تليق بهم ، 


إن لم تحافظ على من تحب فلا تبحث عنه مرة آخرى 

        فَـمن يشتري ربيع قلبكَ لا تعطيه خريف إهتمامكَ 

تمسك باليد التي لا تغادركَ ، بالروح التي لا تفكر أن تستبدلكَ

            بالقلب الذي لا يستغنى ولا يمل منكَ

                      مَـن يـؤمـن بـوجودك

          مـن يعطـــيكَ قـيمتكَ و يـعزز مــن قـدركَ

        مَـن يخــلقُ ألــــــف سـببًا للحـــــديث معكَ

            من يـغزل خيـــوط الــوِدّ مـن أجلك .


**************""""***


في منزل آدم المنسي بالقاهرة فقد كانت الحياة بينه وبين مكة تسير بنمط هادئ نوعاً ما نظرا لأنه توقف عن آداء مهنته فهو لم يحدد الطريق الذي يمشي عليه إلى الآن ، 


كانت تجلس هند شقيقته بجانبه وهي تسأله عن حاله مع مكة كي تطمئن عليه :


_ ها ياحبيبي انت ومكة عاملين ايه مع بعض طمني عليكم ؟


رفع منكبيه باستكانة وبنبرة تقطر عشقا لتلك المكة تحدث شارحاً:

_ إحنا الحمد لله كويسين جداً ومكة انسانة جميلة قوووي وبجد انا عايش معاها في نقاء نفسي وهدوء وحاجة كدة متتوصفش من جمالها الروحي ، 


واسترسل وهو يمدح فيها أمام أخته :


_ متتصوريش اني مرتاح معاها جداً ، مختلفة عن العالم اللي حواليا خالص ، حياتنا شبه الناس العادية خالية من الضوضاء والكاميرات والحاجات المزعجة اللي انتِ عارفاها في عالمنا دي .


أشارت بكف يديها في وجهه وهي تكبر وتسمي عليه وداخلها سعيد وفرح لسعادة أخيها الوحيد والذي ربته على يدها فقد توفت والدتهم وهو طفل صغير وتولت هي جميع أموره مع أبيها :


_ الله اكبر ، ماشاء الله يادومي هتحسد نفسك ولا ايه ياحبيبي ربنا يسعدك ويفرحك دايما انت وهي وتفرحوا اكتر لما تحمل في بيبي صغنون كده يملى حياتكم سعادة وهنا ياروحي.


ربت على ظهرها بحنو وهو يؤمن على كلامها:


_ اللهم آمين يارب العالمين ، ربنا يسمع منك يارب ياحبيبة أخوكي ، 


واسترسل حديثه بحالمية وهو يتصور نفسه أبا يوما من الأيام:


_ ياه ياهند ده حلم جميل قووي أني أبقى أب ومن مكة .


وضعت كف يداها علي كف يدها الموضوعة فوق فخذها ثم ربتت عليها بحنو وأردفت قائلة :


_ ياحبيبي متستعجلش هتبقى اجمل بابي وهي هتبقي اجمل مامي وربنا يبعد عنكم الشر والعيون الوحشة يارب .


واثناء اندماجهم في الحديث دخل عليهم راشد مدير اعماله وهو يردد بصوت غاضب :


_ كويس ان انتِ هنا يا هند علشان تشوفي لي حل مع اخوكي علشان اللي بيحصل ده تهريج ولعب عيال وما ينفعش ابدا .


تنهدت وتحدثت باستجواد وهي تشير إليه أن يجلس :


_ طب قول السلام الأول يا راشد،

 تعالى اقعد كده ما تبقاش قفوش ودايما اعصابك مشدودة وروحك في مناخيرك كده .


جلس على الأريكة الموضوعة مقابلهما وهو يردد السلام ثم أكمل بنفس نظراته الغاضبة ولكن بحدة أقل عن ذي قبل مراعاة لوجود هند :


_ مش لما الأستاذ يرجع بقى يتابع شغله ويشوف العقود اللي ملتزم بيها والناس اللي اتحملته كتير قوي واتحملت غيابه وبصراحة الغياب بتاعه بقى اوفر قوي زيادة عن اللزوم يا هند وانا كل شوية أبرر لهم بأي حاجة وهما علشان باقيين عليه وعلى شغله مش عايزين يتصرفوا تصرف يزعلوه لكن خلاص هم جابوا آخرهم وانا كمان خلصت مبرراتي وجيت بقى علشان اشوف صرفة معاه .


تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لملامح وجه مكفهرة ارتسمت رغما عنه وهو يسأله :


_ يعني انت عايز ايه دلوقتي يا راشد !


 أنا قلت لك أنا مش عايز اشتغل دلوقتي خالص وشوف الشروط الجزائية معاهم ايه وانا هدفعها لكن شغل لسه ما قررتش هكمل ازاي انا يعتبر في فترة نقاهة دلوقتي ومش حابب اني اشغل دماغي بالدوشة دي .


ضيقت هند عيناها ووجهت لها سؤال باستفسار :


_ طب ليه يا ادم موقف شغل لحد دلوقتي أظن انت واخد أجازة جواز من بقى لك كتير قوي وكفايه كده .


هنا تحدث راشد وهو مصمم على ان يخرج الى العمل :


_ سيبك دلوقتي من الحوار ده يا هند في حفلة شم النسيم المفروض ان هو كان متعاقد عليها من بقاله كذا شهر وخلاص فاضل اسبوعين على الحفلة وهو ما حضرش حاجة خالص ، 


الأغاني جاهزة وكل حاجه جاهزة وفريق العمل مستعد والمفروض يكون هو كمان مجهز نفسه للحفلة لكن هو في عالم موازي خالص .


كان ادم مجلس امامهم في عالم اخر وهو كيف يمهد لمكه عن رجوعه الى العمل والالتزام بتلك الحفله التي تعاقد عليها منذ اشهر طويله فهو يخاف على هدوءهما الذي يعيش فيه معها الآن ،


اما هي كانت تقف في الأعلى وخرجت من غرفتها بالصدفة واستمعت الى الحديث بالكامل وبات قلبها يدق من موافقة آدم لخروجه لتلك الحفل وانتظرت رده الذي سيبني في علاقتهما اما جروحا واما انتصارا آخر في حياة آدم و مكة .


 الفصل الثالث والثلاثون من هنا


تعليقات



×