رواية أحببت كاتبا الفصل الثلاثون والاخير
صرخ جاسر عاليا بوجه اخيه وهو يتابع خسارتهم في تلك الصفقه الخاسره حتي تنهد بتعب قائلا : كله ضاع ، ضاع يابيه
فلمعت عين فاخر بحسره وهو يعيد علي ذاكرته ماسمعه من محامي ذلك الخائن راجي .. فعقود الصفقه كانت عقود تنازل عن معظم ممتلكاتهم .. وبغبائه قد تناسي ان يقرء العقود علي تمهل لعلمه بأنها قد قرأت قبل ذلك منه ومن اخيه .. ليمضي عليها والدهم الذي لا يفهم شيئا في اعمالهم حتي هو ثقته في ذلك الخائن أعمته
ليهبط جاسر بجسده علي اقرب مقعد قائلا بجمود : ابوك ازاي مأخدش باله من كل ده
ليرن هاتفهم الاثنان معا ، فيخرج فاخر هاتفه ناظرا الي اسم زوجته ومع إلحاحها والحاح ذلك المتصل علي جاسر.. فتح الخط ليسمع صوت زوجته الباكي قائله : عمي حسن مات يافاخر ، ابوك مات
ليسقط الهاتف من يدهه ، حتي وجدوا هاشم ابن عمهم يردف اليهم بقلق قائلا : مالكم فيه وايه اللي بسمعه في الشركه ده فهموني
فأقترب جاسر من اخيه المصدوم حتي صرخ به قائلا : ايه اللي حصل تاني من غبائك يابيه ماترد
فأمعت عين فاخر لاول مره قائلا بأعين تائهه : ابوك مات !
..................................................................
نظر راجي لوجه عمته الباكي حتي نطقت بصعوبه وهي لا تقوي ان تتحمل ذلك الخبر الذي شيعه اليهم الطبيب بعد خروج راجي من حجرة والده ..
منيره : كان حاسس ان موته قرب ، وكان نفسه يشوفك ياولدي كويس انك جيت
فنظر اليه راجي بوجه شاحب وهو يتذكر حديث والده له عن كل معرفته بوالدته .. وانه لم يعلم يوما به ..لان والدته كانت زوجته ليوم واحدا وبعدها اختفت دون ذكري لها
لتلمع عيناه بالدموع وهو يتذكر عقود تلك الصفقه الوهميه التي خُدع بها فاخر ولم تدخل علي والده العجوز الذي اخر كلمه قد قالها له : عارف انك مش محتاج فلوس اخواتك ياولدي ، كل الشركات والأملاك ديه تعب اخواتك وبالخصوص جاسر .. جدك مكنش غني لدرجادي عشان يسبلي المال ده كله ... ابقي صالح اخواتك وخليك وسطهم وانسي الكرهه اللي زرعه في قلبك فهد النعيمي خالك
ليفيق من شروده علي هيئه جاسر المُزريه التي لاول مره ان يراه فيها ، ووجده يدخل حجرة والدهما بأنكسار ناسياً خسارته وامواله .. ليلكمه فاخر بلكمة قويه قد نزفت فيها أنفه قائلا بجمود : يابجحتك جاي بيتنا تشمت فينا ، مش ولاد العامري اللي يخسروا فلوسهم واملاكهم
لتصرخ به منيره قائله وهي تُلملم الباقي من ولاد اخيها : بتضرب اخوك يافاخر
فتعالت الصدمه وجهه فاخر وزوجته هدي الواقفه خلفه مُرتديه السواد وهي تنتحب .. لينطق بصعوبه قائلا : اخويا مين
فلمعت عين عمته بالدموع ، حتي نطقت بصعوبه قائله : ديه حكايه طويله ياولدي ، هبقي احكهالكم .. زي ماوصاني الغالي
وصارت امام اعينهم بأنكسار وهي تتحمل حتي تظهر قوتها امامهم كما اعتادت .. وعادت الي حجرة اخيها ثانية كي تودعه للمره الاخيره ناظرة الي ابن اخيها الجالس علي طرف فراش والده ينتحب ، فأغمضت عيناها بألم وهي تدرك كم هي مصيبتهم قويه اليوم !
..................................................................
اخذ يقبل يدها ووجهها بسعاده بعدما اتمت الفحص المنزلي كما طلبت منها خادمتها وشجعتها علي ذلك عندما بدأت اعراض الحمل تظهر عليها
لتنطق حياه بسعاده قائلة بقلق : ياعامر بس احنا لسا متأكدناش
فأبتسم عامر قائلا : مليون مره اقولك انتي مكنش فيكي حاجه والتأخير كان لاسباب مُعينه والدكتور يومها قال مع العلاج كله هيبقي تمام .. واحتضن وجهها بين كفيه قائلا برضي : ربنا كريم ياحببتي ، مش ده كلامك ولا نسيتي
فلامست كفيه بأيديها الحانيه ، وانحنت بشفتيها كي تطبع بقبلة حانية عليهما قائله : الحمدلله .. الحمدلله
ليبتسم هو بسعاده فينهضها من علي فراشهما قائلا : ويلا بينا علي الدكتور
وأخذها من أيديه لتتأمله وهو يسحبها خلفه كالطفله
.................................................................
نظرت جنه الي والدها المُنكسر ، فتأملت ملامح وجه والدتها الحزينه قائله : مالكم فيكم ايه
اتخرج الكلمات من حلق امها الجاف قائئله : عمك حسن مات يابنتي !
لتلجمها الصدمه ،شاعرة بأن الارض تدور بها كالدومه حتي هوت علي اقرب مقعد مُتذكره حاله هو وحده فقط
وبدون شعور ومنها وضعت يدها علي بطنها وهي تتحس نبتتهم التي تجمعهم
..................................................................
انقضت ايام العزاء بصعوبه علي بيت العامري ، وعلي وجهه كل منهم الأسي لفقد عمد اساس ذلك البيت .. ليأتي احد الرجال قائلا : في راجل عايز جاسر بيه ياست هدي
فنظرت اليه هدي بضعف وعيناها لا تري منها من أثر البكاء قائله : مين ده ياعم ناجي ، انت مش عارف ان جاسر مبيرضاش يقابل حد
فتنهد الرجل بتفهم وهو يمد يدهه بظرف قائلا : ما انا قولتله كده ياست هدي .. وعشان كده قالي احطياتي بدل ماارجع للبوابه تاني اخلي معايا الظرف ده عشان لو رفض مقابلته ادهوله
فتأملت هدي ذلك الظرف قائله : كنت قول كده من الاول ياعم ناجي بدل اللفه ديه
فتحدث الراجل بطيبه قائلا : استأذن انا عشان اطلع امشي الراجل اللي مستني علي بوابه البيت
لتتنهد هدي بتعب ، مُمسكه بذلك الظرف وهي لا تعلم كيف ستوصله لجاسر حجرة مكتبه وهو يمنع اي احد الدخول عليه او محادثته لتجد تلك الخادمه تحمل فنجان قهوته الدائم عليها قائله : ام محمد !
فألتفت اليها تلك السيده الطيبه قبل ان تردف داخل حجرة المكتب قائله : ايوه ياست هدي أؤمريني
فأعطته هدي المظروف قائله : ادي الظرف ده لجاسر .. مدام دخلاله !
لتذهب هدي حيث جناحها الخاص مُتذكره اختها المُتعبه الراكضه بسكون منذ ايام العزاء ولا تعلم ماهي علتها
.................................................................
نظرت جنه الي اروي النائمه بالمهدئات ، حتي مسحت علي شعرها بحنان .. لتتفاجئ بقدوم والدتها اليه قائله : انا وابوكي ماشين يابنتي .. ابوكي بيقولك خليكي مع جوزك
فنهضت جنه من علي فراش اروي بعدما دثرتها بغطائها جيدا قائله : ارجوكي ياماما لو بتحبيني خديني معاكي
لتتأملها صافيه بأسي لا تعلم بما تنطق حتي قالت : بس عيبه في حقك يابنتي لما تسيبي جوزك .. ده حتي معزتهوش في ابوه
فأشاحت بوجهها بعيدا وهي تتذكر عدد المرات التي حاولت الذهاب اليه ولكن خوفه من ان يصد مشاعرها جعلها تتراجع في كل مره .. لتنحني بجسدها كي تقبل يد والدتها قائله : هروح معاكم اريح اعصابي وارجع .. انتي شايفه العزا هنا في الصعيد صعب ازاي
فتنهدت صافيه بتنهد وهي تتأمل وجه ابنتها وجسدها الذي زاد نحولا ولا تعرف سببه حتي قالت اخير : طب جهزي حالك يابنتي ..
..............................................................
اعصار هائج اخذ يصيح في جدار بيتهم وهو يهتف بأسمها قائلا : نيره .. نيره
لتهرول هدي اليه بخوف قائله : عايز نيره في ايه ياجاسر ، نيره من يوم العزا وهي نايمه تعبانه
فهتف عاليا والغضب يتمالكه حتي قال : اطلعي ندهالي ، بدل مااطلع اجرجرها من شعرها
لتهبط نيره بخوف درجات السُلم قائله بأرتباك : في ايه مالك ياجاسر ، انا عملت ايه
ليصفعها جاسر بصفعه قد اطرحتها ارضا ، ليدخل فاخر وراجي في تلك اللحظه مُنصدمين من ذلك المشهد حتي ركض راجي ناحيتها بخوف لينهضها قائلا بجمود : بتضربها ليه
وضمها اليه وسط دهشتهم جميعا حتي صرخ به جاسر قائلا : ابعد ايدك عن الفجره اللي فضحتنا
وقذف بذلك الظرف في وجهها قائلا بجمود : اقري وقوليلي ايه ده ..واوعاكي تكدبي انا لسا جاي من المستشفي تبعنا والدكتور اكدلي كل اللي فيه
لتغمض هي عينيها بألم متطلعه الي وجه راجي قائله وهي تتحرك ناحيه اختها : اسأل اخوك ..!
فأسندتها هدي بخوف ، صاعدة بها لاعلي ناظره الي وجه جنه ووالدتها المذعرين من تلك الاصوات ، حامدة ربها بأن عمتها منيره قد ذهبت للمقابر من اجل زيارة اخيها
ليرفع جاسر وجهه لاعلي فيقع ببصره عليه متأملا شحوبها
ولكن سريعا مااشاح بوجهها وهي يهتف بقوه : اطلع شوف الزفته اللي فوق يافاخر .. واشار لراجي بجمود : وانت تعالا ياابن ابويا ورايا
ليدخل راجي خلفه قائلا بدون مقدمات : نيره مراتي علي سنة الله ورسوله ياجاسر وعمها كان شاهد علي كده
وكاد ان يجذبه جاسر من قميصه ليحط وجهه حتي تنهد بضيق قائلا : وتعرف انها حامل كمان
ليصعق راجي من ذلك الخبر قائلا : نيره حامل
فطالعه جاسر بتهكم قائلا : ايه مكنتش تعرف
واغمض عينيه بألم ليتحدث بجمود قائلا : بلاش اتفاجئ كل يوم بشخصيه جديده فيك ياابن ابويا .. احنا ماصدقنا النفوس
أتصافت
ليقترب منه راجي بهدوء ويربط علي احد كتفيه قائلا : شوف انت عايز اعمل ايه ياجاسر وهعمله قبل ماأرجع الامارات تاني ..
فطالعه جاسر بصدمه حتي ابتسم راجي قائلا : هخلصك مني وورثي مش عايزه ياابن ابويا ..انا جيت هنا وانا كارهكم .. بس سبحان رب القلوب حالها بيتغير من يوم وليله ومن مكان لمكان
ليتنهد جاسر بألم قائلا : انت ناسي وصية ابوك ، عايزك تعيش وسطنا
فلمعت عين راجي وهو يتذكر تلك الوصيه التي فتحوها امس قائلا :ما انا هكون بين هنا وهناك .. انت ناسي ان حال ومالي غير نواف زوجتي
فطالعه جاسر قائلا : طب ونيره ياراجي وابنك اللي في بطنها
ليتنهد راجي قائلا بأسي : بصراحه حبيت اكسرها ، واذلها بس نيره مبتكسرش .. دمها دم حامي
فظهرت شبه ابتسامه علي شفتي جاسر ليتذكر بأن نيره نسخه مصغره منه ، ثم بدء يشعر بندمه فقد نسي وصية خالته وتحمله لمزاج وتصرفات ابنتها حتي حبها الذي يعلم سببه جعله ينفرها اكثر دون ان يقف بجانبها ويريها الجانب الجميل منها .. ولكنه كان مثلمهم جميعهم كان يلقبونها بالافعه .. ولكن كيف ستحي فتاه مثلها غير ذلك وقد تركها والديها وحيده وسط اعمام كما يقال عنهم بلا ضمير ورحمه
ليفيق علي صوت راجي الؤلم وهو يتحدث قائلا : نيره بتحبك ياجاسر
فرفع بوجهه عاليا وقد ظهرت ابتسامته قائلا : نيره بتحب المظاهر والفلوس ياراجي ، هي كانت عايزه بس تاخد لقب جاسر العامري مش اكتر بنت خالتي وانا عارفه
وتابع بحديثه قائلا : بعد اربعين ابوك هنشهر جوازكم في البلد
ليحرك راجي رأسه بالايجاب قائلا : هاخدها الامارات معايا
ليتحدث جاسر قائلا : انت حر مراتك وانت حر فيها .. وتابع بحديثه وهو يتذكر شيئا قائلا : طب ومراتك الخليجيه
فتنهد راجي بعمق قائلا : مقدرش اطلق نواف ، وهحاول اعدل بينهم
وكاد ان يكملوا باقي حديثهم حتي سمع صوت عمه وهو يتحدث بصوت عالي قائلا : اظاهر اني معرفتش اربيكي ياجنه
ليخرج سريعا من مكتبه وخلفه راجي المندهش .. حتي صرخ بصوت عالي قائلا : انا بحترمك وبقدرك اوي ياعمي ، بس لحد مراتي ولا لاء
ووقف بينهم ليتنهد صابر بتعب قائلا : معرفتش اربيها علي الاصول ياولدي سامحني ، بدل ماتفضل جانبك في محنتك .. عايزه تمشي حتي عمتها واقفه تتحايل عليها وتترجاها
لتلمع عين جنه بالدموع فتقترب من والدها بأسف بعدما لاحظت شحوب وجهه قائله : انا اسفه يابابا ، خلاص انا هعمل اللي انت عايزه
وانحنت لتقبل يد والدها ،حتي ربط علي ظهرها بحنان قائلا : ربنا يرضي عليكي يابنتي
وتأمل وجه اخته الشاحب قائلا : خلي بالك منها يامنيره
وتابع بحديثه وهو يأمر زوجته قائلا : يلا ياصافيه
ليتبعهم جاسر للخارج .. الي ان وصل لباب احد سيارة العائله قائلا لعمه : متخافش عليها ياعمي
ليبتسم صابر برضي ، رابطا علي كتف ابن اخيه بحنان وهو يودعه قبل انطلاق السياره
فيعود بأدرجه ثانية للداخل ، متأملا وجه عمته المرهق قائلا : هي فين !
لتتأمل عمته ملامحه قائله : صحيح راجي ونيره هيتجوزوا ياجاسر
لينظر جاسر الي اخيه الجالس بجانب عمته قائلا : ايوه ياعمتي
فتتنهد منيره بأرهاق غير مدركه مايحصل قائله : جنه عند اروي في اوضتها فوق
ليصعد اليه عاليا الي ان وصل لحجرة اخته حتي سمع صوت اروي تتحدث بخبراً حبيبته الحمقاء اخفته عن الجميع
لينفتح الباب فجأه فتنتفض جنه فازعا خوفا من ان يكون سمع شئ حتي قال وهو ينظر الي اخته قائلا : مين اللي حامل يااروي
لتبتلع اروي ريقها بصعوبه قائله : اصل
فتهكم وجهه وهو يري ارتباك زوجته ليقترب منها ممسكا يدها بقوه قائلا : يلا علي بيتنا
وسحبها خلفه وسط مظرات اروي الخائفه من بطش اخيه عليها بعدما سمع مااخفوه عليه
ليسير امام اعين عمته واخيه الذي وقف مصعوقا من خروجه من البيت سريعا وهو يسحب زوجته خلفه
فتتحدث منيره بهدوء قائله : هو جاسر كده ، متاخدش بالك ياولدي
وما من دقائق معدوده حتي وصلوا فيها الي بيتهم ، لتترك السياره سريعا راكضه بخوف امامه .. فوقفت امام الباب تطرقها بقوه حتي تفتح لها الخادمه لتتذكر بأن الخادمه لا تأتي الا عندما تشيع بها عمتها اليهم
ليصعد جاسر خلفها الدرجات المعدوده ، مُشيرا لها بيده للابتعاد قليلا كي يفتح الباب
فصارعت بالدخول فوراً والركض لاعلي حيث غرفتهما لتغلقها عليها ولكن ذراعيه القويتين كانت الاسبق ليسحبها من خصرها نحوه قائلا : حامل ياجنه وانا اخر من يعلم
ليتعلثم الحديث في حلقها وهو يصعد بها الدرج قائلا : محدش يعرف غير اروي .. وتتذكر مساوء ذلك اليوم حتي نهشت كتفه بعضه قويه ،ليصرخ هو متألما ومن هول عضتها فوضعها علي الفراش سريعا قائلا بألم : يابنت العضاضه
فلمعت عيناها بقوه ووقفت فوق الفراش لتُحاذي طوله .. لتضربه بقوه علي صدره قائله : طلقني ياجاسر طلقني .. بكرهك
وسحبت يده الضخمه لتعضها قائله : طلقني
فأطلق صرخة عاليه من عضتها التي طبعت بأسنانها علي كفه قائلا بألم : انتي بقيت زي الكلب المسعور كده ليه
وكادت ان تكمل افعالها المجنونه حتي وجدها تهوي علي الفراش بتعب قائله : انا بكرهك .. بكرهك
فجلس بجانبه يضمها اليه : وانا بحبك ياجنه .. بحبك
وملس بيده علي بطنها برفق قائلا بألم : كنت بتجوزهم عشان كانت مفهماني اني راجل ناقص وعقيم .. اتجوزتهم عشان اثبت لشيطاني اني جاسر العامري حتي لو مبخلفش
وأغمض عينيه بألم قائلا : السر اللي محدش يعرفه ياجنه ، اه انا دلوقتي اتعريت بكل اسراري قدامك .. جزء من حقيقة فشل جوازي من مرام انتي الوحيده اللي عرفتيها
وعندما رفع بوجهها اليه..رأي نظراتها المتسأله تابع بحديثه قائلا : انا اسف ياحببتي !
ونهض من جانبه لتجده يجثي علي ركبتيه ساجدا يحمد الله نعمته هذه ، حتي رفع بوجهه بعد سجوده ليطالعها بحب قائلا : محبتش غيرك صدقيني
..................................................................
نظرت صفا بسعاده الي ذلك الاسطبل الجميل الذي يحمل فرسين احدهما باللون الاسود والاخر باللون البُني
لينفر الفرس الذي سميته بأسم عنتر وجهه امامها بعدما اخرجه زوجها .. وأخذ يُلامس جسده بتروي وخبره حتي قالت : خرجته ليه من مكانه
فنظر اليها طويلا وبعد صراع دام طويلا منذ قدومهما الي مزرعتهم ومشاهدتهما لتلك الاحصنه حتي صاعد فوق ظهر عنتر بخفه ومد لها يده قائلا: هاتي ايدك ياصفا
فمدت اليه يدها بقلق يصحبه الخوف وهي تهتف به قائله : انت مبتحبش تركب الخيل ، احمد بلاش تعمل حاجه مبتحبهاش
ليغمض عيناه بألم وهو يصارع الماضي الاليم قائلا بعدما نفي من عقله ذلك الحادث الذي فقد فيه حبيبته .. ليتذكر حبيبته القابعه خلفه والتي عادت به لعالمه ثانية قائلا : لفي ايدك حولين وسطي ، وغمضي عيونك وانسي كل حاجه
وسحب لجام جواده واخذ يركض بخفه في تلك الساحه الواسعه كما كان يحلم بها معها، فطرد تلك الذكريات سريعا من عقله .. قائلا هتف عاليا : بــحــبـــك !
وماكان منها سوا ان تمرمغت في ظهره كالقطه بسعاده وهي لا تُصدق بأنها اصبحت تحيا حبها الحقيقي مع من حلمت به في احلامها
.................................................................
بعد أربعة اشهر في صعيد مصر وخاصه في مدينه"اسيوط "
وقف المصور يلتقط بعض الصور العائليه في ذلك الحفل البسيط الذي يجمع أهل العروس وعريسها
ليقترب جاسر بشموخه من المصور قائلا : عايز صوره لينا كلنا
واخذ يجمع بأهل بيته جميعا ليلتفوا حول اخته العروس
ليقفوا جميعهم كالصف حتي ابتسم جاسر بسعاده وهو يلمح اخيه راجي قد جاء مع زوجتيه نيره ونواف للتو
فهتف بسعاده قائلا تعالا نكمل الصوره
وغمز للمصور بغمزة قد فهمها وحده ليسحبها لحضنه.. لتكون أول صوره تم ألتقاطها هو وهي وطفله القابع في رحمها!
..............................................................
وقفت تتأمل البناء الذي يحمل صدقة والديها بأعين دامعه
وهبطت بيدها تتحس بطنها التي بدأت في النمو ، ليقف هو خلفها قائلا : عجبك المركز الخيري ياصفا
فألتفت اليه بحب وهي تشاهد كل جزء من أجزء حارتها القديمه، حتي وقفت سيارة سوداء فارهه بجانبهم ليخرج عامر منها وحياه وسيف الصغير.. ليبتسم لهم عامر بسعاده وهو يحاوط زوجته بذراع ويمسك بيد طفله بذراع أخر هاتفا بصدق : مبرووك ياصفا ، احلي حاجه فكرتي فيها انتي واحمد
فلمعت عيناها بصدق وهي تتأمل زوجها الذي أهدا أحزانها تلك اللفته الجميله
فأبتسمت بهدوء ، لتقترب منها حياه بخفه كي تحتضنها مُتمنيه لها السعاده
لتطالعها صفا بسعاده قائله : عامله ايه في حملك
لتبتسم حياه بأرهاق وهي تمسد علي بطنها قائله : تعبانه احلي تعب في الدنيا ، ربنا مايحرم حد
فيقترب الزوجان من زوجاتهما وكل منهما يحمل في أعينه كلمات عشقه
................................................................
كان أسمه يلمع في ذهنها وكلما وقعت ببصرها علي صورته الواضحه من خلف شاشة العرض التي وضعتها نقابة المُعلمين التي تنتمي هي اليهم بعد تخرجها منذ شهور قليله .. لتلكمها صديقتها المقربه قائله : ماتركزي مع حبيببك "سيف السيوفي" الكاتب اللي اخيرا شرفنا بلدنا بعد شهور واحنا مستنين اللقاء ده
لتنتفض تلك الفتاه صاحبة الملامح الهادئه والجمال البسيط حتي قالت بفزع : فيه ايه يا داليا فزعتيني ، يخربيت اللي يعرفك ياشيخه
لتضحك داليا بصوت منخفض قائله : بقولك ركزي مع حبيب القلب اه قدامك بشحمه ولحمه .. مش بتبعيه من ورا المجلات والكُتب
لتتذمر تلك القابعه التي تشبع نظرها برؤيه كاتبها الشاب المُحب الي قلبها قائله : علي فكره سيف السيوفي يبقي قريب خالتو صفا .. يعني لو عايزه اشوفه هعرف اشوفه ولو قولتله انا مين اكيد هيعرفني
فضكت صديقتها اللعوب وهي تتفرس ملامح وجهها قائله : طب الندوه اه خلصت وريني ازاي هتوصليله وتعرفيه بنفسك والقرابه اللي بينكم
فلمعت عين تلك القابعه التي تحتضن اخر كتاب قد اصدره ويحمل اسم " جميلتي" فوقفت بتحدي وهي تُطالع صديقتها قائله : هتشوفي !
وصارت نحو الجمع الكبير الذي ألتف حوله من أجل التوقيع ، فألتفت لتنظر الي صديقتها التي سمعت ضحكتها رغم بعد امتار بينهم .. فعادت تُطالع الهول المُلتف حوله من شباب وفتيات واساتذه جامعين .. فتنهدت بضيق وخيبة امل
ومضت ساعه ونص وهي واقفه مكانها من اجل ان تسمح لها الفرصه بالاقتراب منه ، واخباره بقرابتهم فهو لا يعرفها قط رغم قرابتهم البعيده .. فعلاقتهم منحصره علي زيارة خالتها صفا اليهم فقط بمفردها فحتي اولادها التوأم "ادهم،واياد" لا تعلم كيف اصبح اشكالهم الان رغم ذهاب امها اليهم .. وصداقة اخويها "عمرو وحسن " بهما الا انها تجهلهم منذ الصغر .. منذ انا كانت تذهب مع والدتها لخالتها صفا او قدومها هي اليهم ..وان ذلك الشخص الواقف امامها بغروره ككاتب وطبيباً تُدرك اسمه فقط بالكامل من قرابتهم فهو " سيف عامر السيوفي " ولا شئ تعلمه اكثر عنه
لتسمع صوت صديقتها قائله : خلاص يانوران .. انا مصدقه قرابتكم ببعض ياسيتي
لتلمح نوران خروجه من الباب الخلفي ، بعدما حانت مغادرته لتركض خلفه وهي تزيح ايد ذلك الحارس الذي صدها قائلا : ممنوع ياانسه الخروج منها
فصرخت بصوت عالي كي يسمعها : استاذ سيف ، استاذ سيف ارجوك رد عليا
فألتف اليها سيف هو ومن يُرافقه ، حتي صار ناحيتها قائلا : بتندهي عليا يا أنسه
فطالعته هي بسعاده ، وألتفت ناحية صديقتها لتطالعها بنصر قائله : ممكن تمضيلي علي الكتاب
فأبتسم اليها سيف مجاملة واخرج قلمه الحبري قائلا وهو ينظر الي اول صفحات كتابه : اسمك ايه ياستي
فنطقت نوران بسعاده وهي تراه يبدء اهداءه لها قائله : نوران جاسر العامري
لينهي اهدائه لها قائلا : اتفضلي !
فلمعت عيناها بسعاده وهي تري كلماته حتي قالت دون شعور: علي فكره انا بحبك
وركضت من أمامه ، لتصحب صديقتها وتخرج من المكان سريعا
حتي ضحك أخيه قائلا : مُعجبينك بقوا كتير يادوك
فألتف الي أخيه بتمهل وهو يعيد كلماتها علي مسمعه فكلمة حبها كانت صادقه وليس كمجرد معجبه به
ليلوح أخيه بيده امامه قائلا بدعابه : 29 سنه ووصلت لكل ده اشطر طبيب قلب لاء وكمان كاتب وغني ووسيم وابن عامر السيوفي بجلالة قدره
ليوكظه سيف بذراعه قائلا : ياساتر عليك ،لو مكنتش اخوك كنت عملت فيا ايه .. مافيش غير "ألين "حبيبت اخوها
وصاروا سويا ناحية سيارتهم ، ليرن هاتفه فيري أسم المُتصل لتظهر ابتسامته فيُهاتفها قائلا : كله من دعواتك ياست الكل !
ليعلو صوت اخيه الاصغر المشاعب وهو يتحدث : ادعيلي ياماما ، اشمعنا هو وانا لا لاء ولا اقولك خلي الحاج عامر يدعيلي
ليبدء في قيادة السياره بعدما اخذ اخيه الهاتف منه كي يكمل دعابته مع والدته ليشرد في اسم تلك المُتيمه به : مُردداً اسمها علي ذهنه
حتي لمعت ابتسامته وهو يتذكر الاسم ظهرا عن قلب جاسر العامري زوج ابنة عمة زوجة عمه احمد
..................................................................
اخذت تتأمل اخر سطور روايتها بسعاده ، وهي تُنهي لقاء الابطال بأحلامها الورديه .. فتنهدت بعمق وهي تتخيل حبيبها الذي نسجت شخصيته ضمن أبطالها في روايتها البسيطه التي تتداولها بين اصدقائها علي صفحات التواصل الاجتماعي
فحتي روايتها قد اسميتها" أحببت كاتبا" لتسمع صوت امها وهي تفتح باب حجرتها قائله : ألبسي وحصليني علي تحت بسرعه
وتركتها في ذهول .. لتغلق مُذكرتها التي تدون فيها قصتها قبل ان تعرضها علي صديقاتها
وفعلت كما امرتها أمها بجهل عن سبب استدعائهم لها، وكادت ان تهبط لاسفل حتي وجدت اخيها الاكبر عمرو يطالعها بحنان قائلا : كبرتي يانور
وتركها وذهب الي حجرته ، لتهتف بصوت واطي قائله : ياعمرو ، ياعمرو قولي في ايه تحت
ولكن لا حياة لمن تنادي
لتقف عند أخر درجه من درجات السُلم ، فتصعق من هول ما شاهدته فوالدها بجانبه وبجانبهم زوج خالتها صفا ورجلا اخر يبتسم بحنان لها
فتمتمت بخفوت وهي تخفض رأسها أرضا قائله : يامصبتي السوده قال لبابا اني قولتله بحبك
ليقترب منها والدها ببتسامه واسعه قائلا : تعالي سلمي علي عمك عامر وعمك احمد .. وتابع بحديثه قائلا : والدكتور سيف خطيبك
لترفع وجهها بصدمه بما نطقه والدها حتي انها لم تشعر بربط عامر علي كتفها بحنان ، وايد احمد الذي داعبها بكلامته الحنونه
وشهقت بفزع عندما وجدت والدها يأمرها ان تسير مع خطيبها للداخل كي يتحدثون قليلا
فأصطحبتها قدميها الثقيله ناحيته ليدخلوا حجرة الضيوف الواسعه تاركين باباها مفتوحا.. ليضحك هو بصوت عالي متأملا أرتجافاتها قائلا : مالك مصدومه كده ليه
لتنطق هي بصعوبه قائله : لاء مش مصدومه
فعاد لضحكته ثانية قائلا بلهجه امره: ارفعي وشك يانوران
فظلت خافضه برأسها أرضا حتي قال ببتسامه صادقه : طب واللي يحب حد يجري ويسيبه بعد ما أعترفله بحبه
وعندما سمع صوت بكائها ، أدرك انها فعلت ذلك في لحظه تهور فتنهد بهدوء قائلا : عايز اتجوزك يامجنونه .. وضحك بدعابه كأخيه كريم : وعلي رأي كيمو حب من اول كلمه ونظره
فرفعت بعيناها السوداء كوالدها لتري زرقة عينيه وأبتسامته الجميله ولحيته الخفيفه ، حتي أبتسم لها بسعاده وهو يتأمل ملامح وجهها الخجوله حتي تمتمت بخفوت : انت حلم ولا حقيقه
فطالعه بنصف عين وهو يغمز لها قائلا : حقيقه يامجنونه ...
لتنتهي قصتنا عند حكاية حب من ضمن حكايات حُبنا الخياليه....فالحب لا يقف عند أحدا .. فكل القلوب مهما تحجرت تلين سطوتها وتنهار حصونها امامه
تمت بحمد الله
فلمعت عين فاخر بحسره وهو يعيد علي ذاكرته ماسمعه من محامي ذلك الخائن راجي .. فعقود الصفقه كانت عقود تنازل عن معظم ممتلكاتهم .. وبغبائه قد تناسي ان يقرء العقود علي تمهل لعلمه بأنها قد قرأت قبل ذلك منه ومن اخيه .. ليمضي عليها والدهم الذي لا يفهم شيئا في اعمالهم حتي هو ثقته في ذلك الخائن أعمته
ليهبط جاسر بجسده علي اقرب مقعد قائلا بجمود : ابوك ازاي مأخدش باله من كل ده
ليرن هاتفهم الاثنان معا ، فيخرج فاخر هاتفه ناظرا الي اسم زوجته ومع إلحاحها والحاح ذلك المتصل علي جاسر.. فتح الخط ليسمع صوت زوجته الباكي قائله : عمي حسن مات يافاخر ، ابوك مات
ليسقط الهاتف من يدهه ، حتي وجدوا هاشم ابن عمهم يردف اليهم بقلق قائلا : مالكم فيه وايه اللي بسمعه في الشركه ده فهموني
فأقترب جاسر من اخيه المصدوم حتي صرخ به قائلا : ايه اللي حصل تاني من غبائك يابيه ماترد
فأمعت عين فاخر لاول مره قائلا بأعين تائهه : ابوك مات !
..................................................................
نظر راجي لوجه عمته الباكي حتي نطقت بصعوبه وهي لا تقوي ان تتحمل ذلك الخبر الذي شيعه اليهم الطبيب بعد خروج راجي من حجرة والده ..
منيره : كان حاسس ان موته قرب ، وكان نفسه يشوفك ياولدي كويس انك جيت
فنظر اليه راجي بوجه شاحب وهو يتذكر حديث والده له عن كل معرفته بوالدته .. وانه لم يعلم يوما به ..لان والدته كانت زوجته ليوم واحدا وبعدها اختفت دون ذكري لها
لتلمع عيناه بالدموع وهو يتذكر عقود تلك الصفقه الوهميه التي خُدع بها فاخر ولم تدخل علي والده العجوز الذي اخر كلمه قد قالها له : عارف انك مش محتاج فلوس اخواتك ياولدي ، كل الشركات والأملاك ديه تعب اخواتك وبالخصوص جاسر .. جدك مكنش غني لدرجادي عشان يسبلي المال ده كله ... ابقي صالح اخواتك وخليك وسطهم وانسي الكرهه اللي زرعه في قلبك فهد النعيمي خالك
ليفيق من شروده علي هيئه جاسر المُزريه التي لاول مره ان يراه فيها ، ووجده يدخل حجرة والدهما بأنكسار ناسياً خسارته وامواله .. ليلكمه فاخر بلكمة قويه قد نزفت فيها أنفه قائلا بجمود : يابجحتك جاي بيتنا تشمت فينا ، مش ولاد العامري اللي يخسروا فلوسهم واملاكهم
لتصرخ به منيره قائله وهي تُلملم الباقي من ولاد اخيها : بتضرب اخوك يافاخر
فتعالت الصدمه وجهه فاخر وزوجته هدي الواقفه خلفه مُرتديه السواد وهي تنتحب .. لينطق بصعوبه قائلا : اخويا مين
فلمعت عين عمته بالدموع ، حتي نطقت بصعوبه قائله : ديه حكايه طويله ياولدي ، هبقي احكهالكم .. زي ماوصاني الغالي
وصارت امام اعينهم بأنكسار وهي تتحمل حتي تظهر قوتها امامهم كما اعتادت .. وعادت الي حجرة اخيها ثانية كي تودعه للمره الاخيره ناظرة الي ابن اخيها الجالس علي طرف فراش والده ينتحب ، فأغمضت عيناها بألم وهي تدرك كم هي مصيبتهم قويه اليوم !
..................................................................
اخذ يقبل يدها ووجهها بسعاده بعدما اتمت الفحص المنزلي كما طلبت منها خادمتها وشجعتها علي ذلك عندما بدأت اعراض الحمل تظهر عليها
لتنطق حياه بسعاده قائلة بقلق : ياعامر بس احنا لسا متأكدناش
فأبتسم عامر قائلا : مليون مره اقولك انتي مكنش فيكي حاجه والتأخير كان لاسباب مُعينه والدكتور يومها قال مع العلاج كله هيبقي تمام .. واحتضن وجهها بين كفيه قائلا برضي : ربنا كريم ياحببتي ، مش ده كلامك ولا نسيتي
فلامست كفيه بأيديها الحانيه ، وانحنت بشفتيها كي تطبع بقبلة حانية عليهما قائله : الحمدلله .. الحمدلله
ليبتسم هو بسعاده فينهضها من علي فراشهما قائلا : ويلا بينا علي الدكتور
وأخذها من أيديه لتتأمله وهو يسحبها خلفه كالطفله
.................................................................
نظرت جنه الي والدها المُنكسر ، فتأملت ملامح وجه والدتها الحزينه قائله : مالكم فيكم ايه
اتخرج الكلمات من حلق امها الجاف قائئله : عمك حسن مات يابنتي !
لتلجمها الصدمه ،شاعرة بأن الارض تدور بها كالدومه حتي هوت علي اقرب مقعد مُتذكره حاله هو وحده فقط
وبدون شعور ومنها وضعت يدها علي بطنها وهي تتحس نبتتهم التي تجمعهم
..................................................................
انقضت ايام العزاء بصعوبه علي بيت العامري ، وعلي وجهه كل منهم الأسي لفقد عمد اساس ذلك البيت .. ليأتي احد الرجال قائلا : في راجل عايز جاسر بيه ياست هدي
فنظرت اليه هدي بضعف وعيناها لا تري منها من أثر البكاء قائله : مين ده ياعم ناجي ، انت مش عارف ان جاسر مبيرضاش يقابل حد
فتنهد الرجل بتفهم وهو يمد يدهه بظرف قائلا : ما انا قولتله كده ياست هدي .. وعشان كده قالي احطياتي بدل ماارجع للبوابه تاني اخلي معايا الظرف ده عشان لو رفض مقابلته ادهوله
فتأملت هدي ذلك الظرف قائله : كنت قول كده من الاول ياعم ناجي بدل اللفه ديه
فتحدث الراجل بطيبه قائلا : استأذن انا عشان اطلع امشي الراجل اللي مستني علي بوابه البيت
لتتنهد هدي بتعب ، مُمسكه بذلك الظرف وهي لا تعلم كيف ستوصله لجاسر حجرة مكتبه وهو يمنع اي احد الدخول عليه او محادثته لتجد تلك الخادمه تحمل فنجان قهوته الدائم عليها قائله : ام محمد !
فألتفت اليها تلك السيده الطيبه قبل ان تردف داخل حجرة المكتب قائله : ايوه ياست هدي أؤمريني
فأعطته هدي المظروف قائله : ادي الظرف ده لجاسر .. مدام دخلاله !
لتذهب هدي حيث جناحها الخاص مُتذكره اختها المُتعبه الراكضه بسكون منذ ايام العزاء ولا تعلم ماهي علتها
.................................................................
نظرت جنه الي اروي النائمه بالمهدئات ، حتي مسحت علي شعرها بحنان .. لتتفاجئ بقدوم والدتها اليه قائله : انا وابوكي ماشين يابنتي .. ابوكي بيقولك خليكي مع جوزك
فنهضت جنه من علي فراش اروي بعدما دثرتها بغطائها جيدا قائله : ارجوكي ياماما لو بتحبيني خديني معاكي
لتتأملها صافيه بأسي لا تعلم بما تنطق حتي قالت : بس عيبه في حقك يابنتي لما تسيبي جوزك .. ده حتي معزتهوش في ابوه
فأشاحت بوجهها بعيدا وهي تتذكر عدد المرات التي حاولت الذهاب اليه ولكن خوفه من ان يصد مشاعرها جعلها تتراجع في كل مره .. لتنحني بجسدها كي تقبل يد والدتها قائله : هروح معاكم اريح اعصابي وارجع .. انتي شايفه العزا هنا في الصعيد صعب ازاي
فتنهدت صافيه بتنهد وهي تتأمل وجه ابنتها وجسدها الذي زاد نحولا ولا تعرف سببه حتي قالت اخير : طب جهزي حالك يابنتي ..
..............................................................
اعصار هائج اخذ يصيح في جدار بيتهم وهو يهتف بأسمها قائلا : نيره .. نيره
لتهرول هدي اليه بخوف قائله : عايز نيره في ايه ياجاسر ، نيره من يوم العزا وهي نايمه تعبانه
فهتف عاليا والغضب يتمالكه حتي قال : اطلعي ندهالي ، بدل مااطلع اجرجرها من شعرها
لتهبط نيره بخوف درجات السُلم قائله بأرتباك : في ايه مالك ياجاسر ، انا عملت ايه
ليصفعها جاسر بصفعه قد اطرحتها ارضا ، ليدخل فاخر وراجي في تلك اللحظه مُنصدمين من ذلك المشهد حتي ركض راجي ناحيتها بخوف لينهضها قائلا بجمود : بتضربها ليه
وضمها اليه وسط دهشتهم جميعا حتي صرخ به جاسر قائلا : ابعد ايدك عن الفجره اللي فضحتنا
وقذف بذلك الظرف في وجهها قائلا بجمود : اقري وقوليلي ايه ده ..واوعاكي تكدبي انا لسا جاي من المستشفي تبعنا والدكتور اكدلي كل اللي فيه
لتغمض هي عينيها بألم متطلعه الي وجه راجي قائله وهي تتحرك ناحيه اختها : اسأل اخوك ..!
فأسندتها هدي بخوف ، صاعدة بها لاعلي ناظره الي وجه جنه ووالدتها المذعرين من تلك الاصوات ، حامدة ربها بأن عمتها منيره قد ذهبت للمقابر من اجل زيارة اخيها
ليرفع جاسر وجهه لاعلي فيقع ببصره عليه متأملا شحوبها
ولكن سريعا مااشاح بوجهها وهي يهتف بقوه : اطلع شوف الزفته اللي فوق يافاخر .. واشار لراجي بجمود : وانت تعالا ياابن ابويا ورايا
ليدخل راجي خلفه قائلا بدون مقدمات : نيره مراتي علي سنة الله ورسوله ياجاسر وعمها كان شاهد علي كده
وكاد ان يجذبه جاسر من قميصه ليحط وجهه حتي تنهد بضيق قائلا : وتعرف انها حامل كمان
ليصعق راجي من ذلك الخبر قائلا : نيره حامل
فطالعه جاسر بتهكم قائلا : ايه مكنتش تعرف
واغمض عينيه بألم ليتحدث بجمود قائلا : بلاش اتفاجئ كل يوم بشخصيه جديده فيك ياابن ابويا .. احنا ماصدقنا النفوس
أتصافت
ليقترب منه راجي بهدوء ويربط علي احد كتفيه قائلا : شوف انت عايز اعمل ايه ياجاسر وهعمله قبل ماأرجع الامارات تاني ..
فطالعه جاسر بصدمه حتي ابتسم راجي قائلا : هخلصك مني وورثي مش عايزه ياابن ابويا ..انا جيت هنا وانا كارهكم .. بس سبحان رب القلوب حالها بيتغير من يوم وليله ومن مكان لمكان
ليتنهد جاسر بألم قائلا : انت ناسي وصية ابوك ، عايزك تعيش وسطنا
فلمعت عين راجي وهو يتذكر تلك الوصيه التي فتحوها امس قائلا :ما انا هكون بين هنا وهناك .. انت ناسي ان حال ومالي غير نواف زوجتي
فطالعه جاسر قائلا : طب ونيره ياراجي وابنك اللي في بطنها
ليتنهد راجي قائلا بأسي : بصراحه حبيت اكسرها ، واذلها بس نيره مبتكسرش .. دمها دم حامي
فظهرت شبه ابتسامه علي شفتي جاسر ليتذكر بأن نيره نسخه مصغره منه ، ثم بدء يشعر بندمه فقد نسي وصية خالته وتحمله لمزاج وتصرفات ابنتها حتي حبها الذي يعلم سببه جعله ينفرها اكثر دون ان يقف بجانبها ويريها الجانب الجميل منها .. ولكنه كان مثلمهم جميعهم كان يلقبونها بالافعه .. ولكن كيف ستحي فتاه مثلها غير ذلك وقد تركها والديها وحيده وسط اعمام كما يقال عنهم بلا ضمير ورحمه
ليفيق علي صوت راجي الؤلم وهو يتحدث قائلا : نيره بتحبك ياجاسر
فرفع بوجهه عاليا وقد ظهرت ابتسامته قائلا : نيره بتحب المظاهر والفلوس ياراجي ، هي كانت عايزه بس تاخد لقب جاسر العامري مش اكتر بنت خالتي وانا عارفه
وتابع بحديثه قائلا : بعد اربعين ابوك هنشهر جوازكم في البلد
ليحرك راجي رأسه بالايجاب قائلا : هاخدها الامارات معايا
ليتحدث جاسر قائلا : انت حر مراتك وانت حر فيها .. وتابع بحديثه وهو يتذكر شيئا قائلا : طب ومراتك الخليجيه
فتنهد راجي بعمق قائلا : مقدرش اطلق نواف ، وهحاول اعدل بينهم
وكاد ان يكملوا باقي حديثهم حتي سمع صوت عمه وهو يتحدث بصوت عالي قائلا : اظاهر اني معرفتش اربيكي ياجنه
ليخرج سريعا من مكتبه وخلفه راجي المندهش .. حتي صرخ بصوت عالي قائلا : انا بحترمك وبقدرك اوي ياعمي ، بس لحد مراتي ولا لاء
ووقف بينهم ليتنهد صابر بتعب قائلا : معرفتش اربيها علي الاصول ياولدي سامحني ، بدل ماتفضل جانبك في محنتك .. عايزه تمشي حتي عمتها واقفه تتحايل عليها وتترجاها
لتلمع عين جنه بالدموع فتقترب من والدها بأسف بعدما لاحظت شحوب وجهه قائله : انا اسفه يابابا ، خلاص انا هعمل اللي انت عايزه
وانحنت لتقبل يد والدها ،حتي ربط علي ظهرها بحنان قائلا : ربنا يرضي عليكي يابنتي
وتأمل وجه اخته الشاحب قائلا : خلي بالك منها يامنيره
وتابع بحديثه وهو يأمر زوجته قائلا : يلا ياصافيه
ليتبعهم جاسر للخارج .. الي ان وصل لباب احد سيارة العائله قائلا لعمه : متخافش عليها ياعمي
ليبتسم صابر برضي ، رابطا علي كتف ابن اخيه بحنان وهو يودعه قبل انطلاق السياره
فيعود بأدرجه ثانية للداخل ، متأملا وجه عمته المرهق قائلا : هي فين !
لتتأمل عمته ملامحه قائله : صحيح راجي ونيره هيتجوزوا ياجاسر
لينظر جاسر الي اخيه الجالس بجانب عمته قائلا : ايوه ياعمتي
فتتنهد منيره بأرهاق غير مدركه مايحصل قائله : جنه عند اروي في اوضتها فوق
ليصعد اليه عاليا الي ان وصل لحجرة اخته حتي سمع صوت اروي تتحدث بخبراً حبيبته الحمقاء اخفته عن الجميع
لينفتح الباب فجأه فتنتفض جنه فازعا خوفا من ان يكون سمع شئ حتي قال وهو ينظر الي اخته قائلا : مين اللي حامل يااروي
لتبتلع اروي ريقها بصعوبه قائله : اصل
فتهكم وجهه وهو يري ارتباك زوجته ليقترب منها ممسكا يدها بقوه قائلا : يلا علي بيتنا
وسحبها خلفه وسط مظرات اروي الخائفه من بطش اخيه عليها بعدما سمع مااخفوه عليه
ليسير امام اعين عمته واخيه الذي وقف مصعوقا من خروجه من البيت سريعا وهو يسحب زوجته خلفه
فتتحدث منيره بهدوء قائله : هو جاسر كده ، متاخدش بالك ياولدي
وما من دقائق معدوده حتي وصلوا فيها الي بيتهم ، لتترك السياره سريعا راكضه بخوف امامه .. فوقفت امام الباب تطرقها بقوه حتي تفتح لها الخادمه لتتذكر بأن الخادمه لا تأتي الا عندما تشيع بها عمتها اليهم
ليصعد جاسر خلفها الدرجات المعدوده ، مُشيرا لها بيده للابتعاد قليلا كي يفتح الباب
فصارعت بالدخول فوراً والركض لاعلي حيث غرفتهما لتغلقها عليها ولكن ذراعيه القويتين كانت الاسبق ليسحبها من خصرها نحوه قائلا : حامل ياجنه وانا اخر من يعلم
ليتعلثم الحديث في حلقها وهو يصعد بها الدرج قائلا : محدش يعرف غير اروي .. وتتذكر مساوء ذلك اليوم حتي نهشت كتفه بعضه قويه ،ليصرخ هو متألما ومن هول عضتها فوضعها علي الفراش سريعا قائلا بألم : يابنت العضاضه
فلمعت عيناها بقوه ووقفت فوق الفراش لتُحاذي طوله .. لتضربه بقوه علي صدره قائله : طلقني ياجاسر طلقني .. بكرهك
وسحبت يده الضخمه لتعضها قائله : طلقني
فأطلق صرخة عاليه من عضتها التي طبعت بأسنانها علي كفه قائلا بألم : انتي بقيت زي الكلب المسعور كده ليه
وكادت ان تكمل افعالها المجنونه حتي وجدها تهوي علي الفراش بتعب قائله : انا بكرهك .. بكرهك
فجلس بجانبه يضمها اليه : وانا بحبك ياجنه .. بحبك
وملس بيده علي بطنها برفق قائلا بألم : كنت بتجوزهم عشان كانت مفهماني اني راجل ناقص وعقيم .. اتجوزتهم عشان اثبت لشيطاني اني جاسر العامري حتي لو مبخلفش
وأغمض عينيه بألم قائلا : السر اللي محدش يعرفه ياجنه ، اه انا دلوقتي اتعريت بكل اسراري قدامك .. جزء من حقيقة فشل جوازي من مرام انتي الوحيده اللي عرفتيها
وعندما رفع بوجهها اليه..رأي نظراتها المتسأله تابع بحديثه قائلا : انا اسف ياحببتي !
ونهض من جانبه لتجده يجثي علي ركبتيه ساجدا يحمد الله نعمته هذه ، حتي رفع بوجهه بعد سجوده ليطالعها بحب قائلا : محبتش غيرك صدقيني
..................................................................
نظرت صفا بسعاده الي ذلك الاسطبل الجميل الذي يحمل فرسين احدهما باللون الاسود والاخر باللون البُني
لينفر الفرس الذي سميته بأسم عنتر وجهه امامها بعدما اخرجه زوجها .. وأخذ يُلامس جسده بتروي وخبره حتي قالت : خرجته ليه من مكانه
فنظر اليها طويلا وبعد صراع دام طويلا منذ قدومهما الي مزرعتهم ومشاهدتهما لتلك الاحصنه حتي صاعد فوق ظهر عنتر بخفه ومد لها يده قائلا: هاتي ايدك ياصفا
فمدت اليه يدها بقلق يصحبه الخوف وهي تهتف به قائله : انت مبتحبش تركب الخيل ، احمد بلاش تعمل حاجه مبتحبهاش
ليغمض عيناه بألم وهو يصارع الماضي الاليم قائلا بعدما نفي من عقله ذلك الحادث الذي فقد فيه حبيبته .. ليتذكر حبيبته القابعه خلفه والتي عادت به لعالمه ثانية قائلا : لفي ايدك حولين وسطي ، وغمضي عيونك وانسي كل حاجه
وسحب لجام جواده واخذ يركض بخفه في تلك الساحه الواسعه كما كان يحلم بها معها، فطرد تلك الذكريات سريعا من عقله .. قائلا هتف عاليا : بــحــبـــك !
وماكان منها سوا ان تمرمغت في ظهره كالقطه بسعاده وهي لا تُصدق بأنها اصبحت تحيا حبها الحقيقي مع من حلمت به في احلامها
.................................................................
بعد أربعة اشهر في صعيد مصر وخاصه في مدينه"اسيوط "
وقف المصور يلتقط بعض الصور العائليه في ذلك الحفل البسيط الذي يجمع أهل العروس وعريسها
ليقترب جاسر بشموخه من المصور قائلا : عايز صوره لينا كلنا
واخذ يجمع بأهل بيته جميعا ليلتفوا حول اخته العروس
ليقفوا جميعهم كالصف حتي ابتسم جاسر بسعاده وهو يلمح اخيه راجي قد جاء مع زوجتيه نيره ونواف للتو
فهتف بسعاده قائلا تعالا نكمل الصوره
وغمز للمصور بغمزة قد فهمها وحده ليسحبها لحضنه.. لتكون أول صوره تم ألتقاطها هو وهي وطفله القابع في رحمها!
..............................................................
وقفت تتأمل البناء الذي يحمل صدقة والديها بأعين دامعه
وهبطت بيدها تتحس بطنها التي بدأت في النمو ، ليقف هو خلفها قائلا : عجبك المركز الخيري ياصفا
فألتفت اليه بحب وهي تشاهد كل جزء من أجزء حارتها القديمه، حتي وقفت سيارة سوداء فارهه بجانبهم ليخرج عامر منها وحياه وسيف الصغير.. ليبتسم لهم عامر بسعاده وهو يحاوط زوجته بذراع ويمسك بيد طفله بذراع أخر هاتفا بصدق : مبرووك ياصفا ، احلي حاجه فكرتي فيها انتي واحمد
فلمعت عيناها بصدق وهي تتأمل زوجها الذي أهدا أحزانها تلك اللفته الجميله
فأبتسمت بهدوء ، لتقترب منها حياه بخفه كي تحتضنها مُتمنيه لها السعاده
لتطالعها صفا بسعاده قائله : عامله ايه في حملك
لتبتسم حياه بأرهاق وهي تمسد علي بطنها قائله : تعبانه احلي تعب في الدنيا ، ربنا مايحرم حد
فيقترب الزوجان من زوجاتهما وكل منهما يحمل في أعينه كلمات عشقه
................................................................
كان أسمه يلمع في ذهنها وكلما وقعت ببصرها علي صورته الواضحه من خلف شاشة العرض التي وضعتها نقابة المُعلمين التي تنتمي هي اليهم بعد تخرجها منذ شهور قليله .. لتلكمها صديقتها المقربه قائله : ماتركزي مع حبيببك "سيف السيوفي" الكاتب اللي اخيرا شرفنا بلدنا بعد شهور واحنا مستنين اللقاء ده
لتنتفض تلك الفتاه صاحبة الملامح الهادئه والجمال البسيط حتي قالت بفزع : فيه ايه يا داليا فزعتيني ، يخربيت اللي يعرفك ياشيخه
لتضحك داليا بصوت منخفض قائله : بقولك ركزي مع حبيب القلب اه قدامك بشحمه ولحمه .. مش بتبعيه من ورا المجلات والكُتب
لتتذمر تلك القابعه التي تشبع نظرها برؤيه كاتبها الشاب المُحب الي قلبها قائله : علي فكره سيف السيوفي يبقي قريب خالتو صفا .. يعني لو عايزه اشوفه هعرف اشوفه ولو قولتله انا مين اكيد هيعرفني
فضكت صديقتها اللعوب وهي تتفرس ملامح وجهها قائله : طب الندوه اه خلصت وريني ازاي هتوصليله وتعرفيه بنفسك والقرابه اللي بينكم
فلمعت عين تلك القابعه التي تحتضن اخر كتاب قد اصدره ويحمل اسم " جميلتي" فوقفت بتحدي وهي تُطالع صديقتها قائله : هتشوفي !
وصارت نحو الجمع الكبير الذي ألتف حوله من أجل التوقيع ، فألتفت لتنظر الي صديقتها التي سمعت ضحكتها رغم بعد امتار بينهم .. فعادت تُطالع الهول المُلتف حوله من شباب وفتيات واساتذه جامعين .. فتنهدت بضيق وخيبة امل
ومضت ساعه ونص وهي واقفه مكانها من اجل ان تسمح لها الفرصه بالاقتراب منه ، واخباره بقرابتهم فهو لا يعرفها قط رغم قرابتهم البعيده .. فعلاقتهم منحصره علي زيارة خالتها صفا اليهم فقط بمفردها فحتي اولادها التوأم "ادهم،واياد" لا تعلم كيف اصبح اشكالهم الان رغم ذهاب امها اليهم .. وصداقة اخويها "عمرو وحسن " بهما الا انها تجهلهم منذ الصغر .. منذ انا كانت تذهب مع والدتها لخالتها صفا او قدومها هي اليهم ..وان ذلك الشخص الواقف امامها بغروره ككاتب وطبيباً تُدرك اسمه فقط بالكامل من قرابتهم فهو " سيف عامر السيوفي " ولا شئ تعلمه اكثر عنه
لتسمع صوت صديقتها قائله : خلاص يانوران .. انا مصدقه قرابتكم ببعض ياسيتي
لتلمح نوران خروجه من الباب الخلفي ، بعدما حانت مغادرته لتركض خلفه وهي تزيح ايد ذلك الحارس الذي صدها قائلا : ممنوع ياانسه الخروج منها
فصرخت بصوت عالي كي يسمعها : استاذ سيف ، استاذ سيف ارجوك رد عليا
فألتف اليها سيف هو ومن يُرافقه ، حتي صار ناحيتها قائلا : بتندهي عليا يا أنسه
فطالعته هي بسعاده ، وألتفت ناحية صديقتها لتطالعها بنصر قائله : ممكن تمضيلي علي الكتاب
فأبتسم اليها سيف مجاملة واخرج قلمه الحبري قائلا وهو ينظر الي اول صفحات كتابه : اسمك ايه ياستي
فنطقت نوران بسعاده وهي تراه يبدء اهداءه لها قائله : نوران جاسر العامري
لينهي اهدائه لها قائلا : اتفضلي !
فلمعت عيناها بسعاده وهي تري كلماته حتي قالت دون شعور: علي فكره انا بحبك
وركضت من أمامه ، لتصحب صديقتها وتخرج من المكان سريعا
حتي ضحك أخيه قائلا : مُعجبينك بقوا كتير يادوك
فألتف الي أخيه بتمهل وهو يعيد كلماتها علي مسمعه فكلمة حبها كانت صادقه وليس كمجرد معجبه به
ليلوح أخيه بيده امامه قائلا بدعابه : 29 سنه ووصلت لكل ده اشطر طبيب قلب لاء وكمان كاتب وغني ووسيم وابن عامر السيوفي بجلالة قدره
ليوكظه سيف بذراعه قائلا : ياساتر عليك ،لو مكنتش اخوك كنت عملت فيا ايه .. مافيش غير "ألين "حبيبت اخوها
وصاروا سويا ناحية سيارتهم ، ليرن هاتفه فيري أسم المُتصل لتظهر ابتسامته فيُهاتفها قائلا : كله من دعواتك ياست الكل !
ليعلو صوت اخيه الاصغر المشاعب وهو يتحدث : ادعيلي ياماما ، اشمعنا هو وانا لا لاء ولا اقولك خلي الحاج عامر يدعيلي
ليبدء في قيادة السياره بعدما اخذ اخيه الهاتف منه كي يكمل دعابته مع والدته ليشرد في اسم تلك المُتيمه به : مُردداً اسمها علي ذهنه
حتي لمعت ابتسامته وهو يتذكر الاسم ظهرا عن قلب جاسر العامري زوج ابنة عمة زوجة عمه احمد
..................................................................
اخذت تتأمل اخر سطور روايتها بسعاده ، وهي تُنهي لقاء الابطال بأحلامها الورديه .. فتنهدت بعمق وهي تتخيل حبيبها الذي نسجت شخصيته ضمن أبطالها في روايتها البسيطه التي تتداولها بين اصدقائها علي صفحات التواصل الاجتماعي
فحتي روايتها قد اسميتها" أحببت كاتبا" لتسمع صوت امها وهي تفتح باب حجرتها قائله : ألبسي وحصليني علي تحت بسرعه
وتركتها في ذهول .. لتغلق مُذكرتها التي تدون فيها قصتها قبل ان تعرضها علي صديقاتها
وفعلت كما امرتها أمها بجهل عن سبب استدعائهم لها، وكادت ان تهبط لاسفل حتي وجدت اخيها الاكبر عمرو يطالعها بحنان قائلا : كبرتي يانور
وتركها وذهب الي حجرته ، لتهتف بصوت واطي قائله : ياعمرو ، ياعمرو قولي في ايه تحت
ولكن لا حياة لمن تنادي
لتقف عند أخر درجه من درجات السُلم ، فتصعق من هول ما شاهدته فوالدها بجانبه وبجانبهم زوج خالتها صفا ورجلا اخر يبتسم بحنان لها
فتمتمت بخفوت وهي تخفض رأسها أرضا قائله : يامصبتي السوده قال لبابا اني قولتله بحبك
ليقترب منها والدها ببتسامه واسعه قائلا : تعالي سلمي علي عمك عامر وعمك احمد .. وتابع بحديثه قائلا : والدكتور سيف خطيبك
لترفع وجهها بصدمه بما نطقه والدها حتي انها لم تشعر بربط عامر علي كتفها بحنان ، وايد احمد الذي داعبها بكلامته الحنونه
وشهقت بفزع عندما وجدت والدها يأمرها ان تسير مع خطيبها للداخل كي يتحدثون قليلا
فأصطحبتها قدميها الثقيله ناحيته ليدخلوا حجرة الضيوف الواسعه تاركين باباها مفتوحا.. ليضحك هو بصوت عالي متأملا أرتجافاتها قائلا : مالك مصدومه كده ليه
لتنطق هي بصعوبه قائله : لاء مش مصدومه
فعاد لضحكته ثانية قائلا بلهجه امره: ارفعي وشك يانوران
فظلت خافضه برأسها أرضا حتي قال ببتسامه صادقه : طب واللي يحب حد يجري ويسيبه بعد ما أعترفله بحبه
وعندما سمع صوت بكائها ، أدرك انها فعلت ذلك في لحظه تهور فتنهد بهدوء قائلا : عايز اتجوزك يامجنونه .. وضحك بدعابه كأخيه كريم : وعلي رأي كيمو حب من اول كلمه ونظره
فرفعت بعيناها السوداء كوالدها لتري زرقة عينيه وأبتسامته الجميله ولحيته الخفيفه ، حتي أبتسم لها بسعاده وهو يتأمل ملامح وجهها الخجوله حتي تمتمت بخفوت : انت حلم ولا حقيقه
فطالعه بنصف عين وهو يغمز لها قائلا : حقيقه يامجنونه ...
لتنتهي قصتنا عند حكاية حب من ضمن حكايات حُبنا الخياليه....فالحب لا يقف عند أحدا .. فكل القلوب مهما تحجرت تلين سطوتها وتنهار حصونها امامه
تمت بحمد الله