رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثلاثون 30 بقلم فاطيما يوسف



رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثلاثون 30 بقلم فاطيما يوسف 


#بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير


                   #البارت_الثلاثون

    #من_نبض_الوجع_عشت_غرامي

           #بقلمي_فاطيما_يوسف


حبيباتي طبعا مش هوصيكم على التفاعل هستنى رأيكم وريفيوهاتكم على البارت ارجوكم ما تضيعوش تعبي والتفاعل يقل علشان في ناس عملت كذا مره ريفيوهات واختفت وبشوفهم في التعليقات يعني بيقراوا البارت ما تبخلوش على فاطيما زي ما انا ملتزمه معاكم فرحوا قلبي بتفاعلكم الجميل واسيبكم مع البارت قراءة ممتعة حبيباتي 🥰 😍 


لم يجد منها رد غير البكاء ثم ردد بنظرات جامدة بأمر لايقبل النقاش :


_ قدامك ربع ساعة بالظبط تلبسي وتجيبي شنطتك وتنزل لي تحت ،


وأكمل بنبرة تحذيرية :


_ هما ربع ساعة بالظبط وتنزلي اكتر من اكده هتشوفي وش عمرك في حياتك ماشفتيه وادعي ربك ماتشوفيهوش .


تحدثت بصوت مختنق قبل ان يغادر الغرفة:


_ خلاص هتطلقني ياعمران ؟


ما إن سمع تلك الكلمة بتلك النبرة اغمض عيناه ثم استدار إليها ورجع بخطواته ووقف أمامها ثم احتضن وجنتيها بين يداه بقوة آلامتها وهو يردد بصوت أجش خشن وبنبرة صارمة :


_ مش قبل مارجع حق ابني اللي ضيعتيه وتجبي لي غيره ياسكون .


شعرت بالألم من احتضانه القوي لوجنتها ثم حركت وجهها بين يديه وهي تغمض عينيها مرددة بألم هامس :


_ آااه بتوجعني ياعمران حرام عليك .


خفف يداه ومازال محتضنا وجنتيها قائلاً:


_ مانتِ كمان وجعتيني ياسكوون ولسة مكملة.


مازالت تغمض عينيها وهي خائفة من ان تفتحها وتسكنها داخل عيناه وتلقي بهمومها داخل صدره وتستريح هي وتتعبه هو ،

ثم أكمل بنفس الجمود وهو على نفس وضعه بنبرة حائرة :


_ ماهو مش قادر اتخيل كيف العيون داي خدعتني فيها بالطريقة دي !


كيف الاحاسيس اللي اني حسيتها في قربك تطلع وهم !


طب لما انتِ مبتحبيش عمران ومش عايزة تخلفي منه وعايزة تطلقي ليه الدموع داي كلاتها ؟


طب ليه مش قادرة تفتحي عيونك وتواجهي عيون عمران ياسكون ؟


وأكمل وهو يبدل نبرته من صارمة الى نبرة أهدى :


_ اللي يعشق عمره مايعرِف يغدر ولا يعرف ينسى بالسهولة داي .


مازالت على بكائها وصمتها ، داخله يؤكد له ان بها شيئاً ما لا يعرفه فهذه سكون التي تتنفس عشق العمران ولا يمكن أن تفعل به هكذا ، 


مازال قلبه يعطي لها الألف عذرا بدلاً عن السبعين ، 


ثم أكد عليها:


_ البسي حاجة تقيلة علشان الجو برد برة والطريق طويل .


ثم تركها وغادر الغرفة وهبط إلى الأسفل وهو حزين على حالهما وعلى ماوصلا إليه وبالرغم من اعترافها لإجهاضها لجنينه إلا انه مازال متمسكاً بها وبوجودها في حياته فبخروجها وابتعادها عنه لن يستطيع ان يحيا العمران ، 


جلس على الأريكة وهو ينفث دخان سيجارته واحدة تلو الأخرى دون اكتراث لما يعبئه في صدره من ملوثات وكأنها الاكسير التي يخفف غضبه ،


كان يجلس يفكر بها هي وحدها التي تقتحم صحوه وغفوته ، هي وحدها من يريد من نساء العالم لاغيرها ، 


أما هي ارتدت ملابسها ولا تعرف أين هي ذاهبة الآن معه ؟


وأيضاً لم تعرف مامصيرها مع عمران معشوقها الأبدي ، 


أنهت ارتداء ملابسها الثقيلة ووضعت الحجاب وثبتته على رأسها وحملت حقيبة يدها وهبطت إليه وجدته مستند على الأريكة ويبدو أنه غفى من شدة ارهاقه ، 


وقفت أمامه ثم جلست أرضاً أمام وجهه مباشرة واقتربت منه وصارت تشتم رائحته المحببة إلى قلبها تعبئها داخل صدرها ، 


أنفاسه التى لوثها بذاك الدخان أشهى العطور لديها الآن ، 


وبالمثل شعر بأنفاسها هي الأخرى التى تلفح وجهه فظل مغمض العينين كي يعبئ رائحتها هي الأخرى في صدره فقد استوحشها كثيرا ،


لو كان الأمر بيده لجذبها الآن إلى أحضانه وتشبس بها ورمى وحشة الأيام الماضية لها داخل جسدها الهزيل ، 


ولكن ليت كل ما يتمناه المرء يدركه ، ليت كل الأيام الثقال تنتهي الآن ويأخذها بين ذراعيه يسقيها من شهد عشقه لها أشهى ماتتلذذ، 


لم يستطع إغلاق عينيه أكثر من ذلك في قربها فلو ظل هكذا سيضعف ويضـ.ـرب بالمعقول واللامعقول عرض الحائط ، 


ثم فتح عيناه فجأة وجدها مغمضة العينين تتنفس أنفاسه دون إرادة منها ، 


شعرت بحركته فقامت على الفور ولكنه سحبها بسرعة حتى وقعت وارتطمت بصدره الصلب وسألها بنبرة رجولية خشنة وهو متأثرا بقربها :


_ طب ليه كل دي يابت الناس !

اللي يشوف أفعالك يستعجب ، بتعملي فينا اكده ليه ؟


لم تقدر على النطق وهي بقربه بتلك الدرجة ثم ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة وبنبرة هامسة سألته :


_ إحنا رايحين فين دلوك ؟


أجابها وهو يثبت عيناه داخل عيناها :


_ نازلين مصر رايحين للشيخ صابر المداح .


اندهشت وهي في مكانها فوق صدره ويداه تحتضن خصرها من الخلف ثم رددت بنبرة استفامية متعجبة :


_ الشيخ صابر المداح مين وبيعمل ايه دي ؟


اعتدل بجلسته حتى صارت تجلس على قدميه ووجهها بالقرب من وجهه قائلاً بغموض :


_ لما نروح هناك هتعرِفي كل حاجة .


ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة من قربه المهلك وكأنه يقصد فعل تلك الحركات عن قصد كي يضعفها بقربه ثم هتفت بقلق :


_ طب مينفعش نأجلها للصبح انت منمتش واحنا ماشيين على طريق ، في التأني السلامة .


بنظرة ملامة قصدها عمران سألها :


_ ليه خايفة على روحك وانتِ معاي ، ولا خايفة أمـ.ـوتك زي ماعميلتي في حتة منى جواكي ؟


انتفضت من مكانها وهي لم تعد تتحمل ملامته واتهاماته لها هادرة به لأول مرة :


_ كفاياك عاد تقطيم في وكل شوية تحسسني اني عميلت جريمة .


انتفض هو الآخر من مكانه وهزها بعـ.ـنف :


_ هو إنتِ كمان ليكِ عين تعلي صوتك بعد اللي عميلتيه فيا ؟


جزت أسنانها بغضـ.ـب ثم أردفت دون خشية وهي تريد أن تفهم سره المخبئ عنها هو الآخر :


_ انتم السابقون ياعمران ، مش لما اعرِف كنت في أحضان وجد كيف بالطريقة الحميمية داي حتى لو كنت مش في واعيك زي ماقلت ؟


ازاي اتجرأت عليك بالشكل دي ياعمران ؟


ثار هو الآخر من عصيانها أمامه فهو لم ولن يحكى لها عن ماحدث له على يد تلك العقرب ثم هدر بها :


_ شوفي بقى متحاوليش تقلبي الترابيزة دي شئ ودي شئ تاني خالص ، 


ماتيجي نروح لماجدة اكده ونحكي اللي حوصل مني ومنك ونشوف رد فعلها ايه لما تعرِف إن بتها حملت ومـ.ـوتت اللي في بطنها .


اتسعت عيناها برعب مما قاله فهي ليست على استعداد لمواجهة أحدا عما بها ولا عن تقطيمهم لها ثم ترجته بأعصاب منهكة مما تمر به الآن :


_ إنت نويت تفضح اللي بينا ياعمران حتى لو كان لأمي ! ارجوك ياعمران كفاية اللي أني فيه أكتر من اكده مهتلاقيش سكون ، 


وأكملت وهي تنزل بصرها للأسفل بنبرة ممزوجة بالدموع :


_ ممكن تصحى تلاقيني رحت مع اللي راحوا ووقتها هيوبقى ربنا ريحني .


انتفض بهلع عليها من مجرد ذكرها سيرة المـ.ـوت ثم جذبها لأحضانه وهو يهمس بجانب أذنها:


_ بتقولي ايه انتِ حرام عليكِ بقي كفاية اللي أني فيه متزيدهاش عاد .


شددت من احتضانه ، فالآن هي في حضن الأمان ، حضن اللقاء والوداع معا كما هي تشعر ، 


ثم أخرجها من أحضانه ولـوهـلـة غَـاص فـي عـيـنـيـهـا وفـي مـلامـحـهـا الـجـمـيـلـة التي وحشته بشدة ولـوهـلـة أخـذه فـؤاده لـشـعـور لا يـنـاسـب خصامهم هذا ولكن مايأمله الآن أن تكون تلك الوجد أصابتها بشئ من سحرها الأسود جعلتها فعلت بجنينها هكذا ، 


فهي امرأة ملعونة فعلت به مالا يخطر على بال بشر لذلك يضع لها ذاك العذر داخله بل هو ذاهب ذاك المشوار خصــيصــاً كي يجد سببا يجعله ينعم بأحضانها التي اشتــاقــها كثيراً ، 


ثم وجد حاله يجذب شفتاها بين شفتاه في لحظة ضعف .. وله ... اشتياق... لحظة يحلم بها ويتمناها منذ أن تفرق شملهم ،


كانت قبلة اجتياح مدمرة لكلاهما عصفت بالقوانين التي آخذاها كليهما على حاله ، 


عاشقان محرومان من متعة اقترابهما ببعضهم ، 


ثم وجد حاله لم يستطيع السيطرة على نفسه وهم في بهو المنزل ابتعد عنها وتركها تلتقط أنفاسها بصعوبة من قبلته العـ.ـاصفة ،


ثم تذكر مافعلته وابتعد عنها متحمحما بكبرياء:


_ حرام عليكِ ليه عملتِ فينا اكده ؟


ما إن تفوه بها ارتجفت يدها لتقع الحقيبة منها فبالرغم من إصرارها علي الفراق لكن كانت لاتعلم إنها ستقع عليها هكذا وكأن إنسكب فوقها دلوا من الثلج أو وقعت من فوق جبل مرتفع إلي الهاوية، ركضت من أمامه قبل أن تضعف وتبكي ويري ندمها ويسمع لعنات قلبها لها، 

أما هو لملم شتاته المبعثر من قربها ثم خرج إلى السيارة ينتظرها كي يذهبا إلى ذاك المشوار الذي يعتقد أنه سيريحه من ناحيتها ، 


أما هي جففت عبراتها ثم خرجت ووجدته ينتظرها فدلفت إلي السيارة ليبدأ في القيادة، نظرت من النافذةعلى تلك الحديقة تحفظها داخلها علها تكن المرة الأخيرة ولم تأتي ذاك المنزل مرة أخرى ، 


ثم أعتدلت لتنظر أمامها وأجهشت بالبكاء وقلبها يعتصر ألماً، تريد صفع نفسها آلاف المرات علي قرارها الأحمق، لكن هل هذه نهاية المطاف ؟

وماذا ستفعل بهما الأيام القادمة ؟


أما هو ازداد داخله وجعا على بكائها وحالتها التي لاتبشر بالخير ابدا ومن شدة بكاؤها شعرت بثقل عينيها وكأنها قررت أن تذهب بها في سبات عميق حتى ترتاح قليلا وتشحن طاقة تكفي ايام الوجع القادمة وهو يقود السيارة بجانبها وعيناه تنظر لها بين الحين والآخر ، 


فالطريق سيأخذ أكثر من ست ساعات وهو لم يفصل فيهم مهما شعر بإنهاك .


وأخيراً بعد مرور ساعات لم يعرف عددها وصل الآن تلك المنطقة التي يمكث بها الشيخ صابر والتي يحفظها عن ظهر قلب ، 


هاتفه عمران وأعلمه بوصوله فهو قد أخذ منه موعداً قبل ذلك فأذن له الشيخ بالصعود إليه ، 


احتضن كفاي يدها المرتجفتين ثم قالت له برجاء قبل أن يصعدا:


_ بلاش ياعمران اني مش حاسة براحة ومش متعودة على الحاجات داي ارجوك بلاش .


هدأها قائلاً:


_ متقلقيش ياسكون الشيخ صابر مش زي مانتِ فاكرة دي راجل صالح وملهش في أمور الدجل والشعوذة وجلسته كلها ذكر وقرآن وإن نفعت مش هتضر ، وبعدين أني وياكي أهه ومش ههملك لحظة لحالك .


اخذت نفسا عميقاً ثم استعاذت داخلها وصعدت لقدرها معه التي تعلم نتيجته جيداً فهي تعلم أنها لن يصيبها سحرا وأن مابها ليس إلا قدرا من عند الله ، 

وصل عند الشيخ وبعد جلسة دامت أكثر من نصف ساعة يتلو فيها الشيخ عليهما من آيات وأذكار وروحانيات نظر إليهما مرددا ببشاشة :


_ انتوا الاتنين ماشاء الله الحارس الله لم يصبكم اي سحر او أذى ، وبإذن الله محدش يقدر يمسكم أبدا وطول مانت بتعمل اللي قلت لك عليه متقلقش .


تيقن عمران من كلام الشيخ أن زوجته لم يصيبها شيئا والأمل الذي سيشفع به قلبه لها لم يعد موجوداً وصار الفراق بينهم عاجلاً أم آجلا على مشارف الأبواب ، 


انقضت جلستهم مع الشيخ وغادروا المكان ثم استقلا السيارة وصعدا كلتاهما وملاحمه يبدوا عليها الوجوم الشديد أما هي صامتة الآن وتعد حالها لعـ.ـاصفة عمران بها ، 


وأثناء شرودها استمعت إلى صوته الصارم :


_ هنروح دلوك فندق هنستريح فيه علشان على بالليل هنروح لداكتورة كبيرة سألت عنيها اهنه علشان اشوف وأطمَن انك مبتاخديش الحبوب داي وهخليها تعمل لك فحص كامل شامل قدامي علشان ميوبقاش ليكِ حجة بعد اكده ، الداكتورة داي صاحبة مركز كبير وبياجي لها ناس من جميع أنحاء العالم أني بحثت عنيها كويس قوي والحجز بتاعنا النهاردة.


وقع قلبها بين قدميها فاليوم سيعرف عمران احتمال عقمها وسيعرف أنه سيتأخر حملها أو لم يحدث وسينقلب حزنه إلى مرار آردت راحته منه لأنها تعلم جيداً أن عمران لن يتركها مهما كان .


           "****"***"'"***'"*****

في مكتب ماهر الريان تجلس تلك الرحمة على مكتبها في الخارج تشتاط غضبا ، تجلس على الكرسي تتقلب فيه بهوجاء وكأنها تتقلب على جمر من النـ.ـار فقد مكثت تلك الشمس مع ماهر في الداخل أكثر من ساعة مما جعل غضبها وصل أبعد الحدود ومن الأدهى أنه منع أحدا من الدخول عليهم ، 


قامت من مكانها منتفضة بحدة فهي لم تستطيع التحمل أكثر من ذلك ، 


دلفت إليهم المكتب دون استئذان وضربت بقوانين ماهر الريان أرضا فالصبر يئس من صبرها وهي تتركه ساعة بأكملها وحدهم وياليتها مادخلت إليهم فقد رأت تلك الشمس تجلس على مكتبه وتتحدث بدلال جعلها تتسع عيناها بذهول ويبدو أن تلك الشمس ستسطر في وثائق الوفيات اليوم مما قالته وأذناي تلك الرحمة سمعته :


_ بس مكنتش اعرف إنك بقيت جان اووي كدة وحاجة واو يامتر هي الرجالة لما تقرب توصل لسن الأربعين بيهبلوا كدة .


لم يستطيع الرد عليها فقد وقفت رحمة أمامها بغـ.ـضب وصل معها أقصاه ومن الواضح من انها استمعت إلى ماقالته شمس وبات داخله الآن متأكد من شراسة تلك الرحمة وأنها يستحيل أن تمرر الموقف مرور الكرام ولكن ظل يجلس بثبات ، 


ثم رمقتها رحمة بخضراويتها المشتعلتين بكل برود قبل أن تنـ.ـفجر :


_ ومكنتيش تعرفي بردوا إن قعدتك اهنه على مكتب راجل وانتِ بالشكل دي متهبليش ولا حاجة وإن حبة الحركات والكلام اللي بتعمليهم دلوك رخص ياآنسة .


انتفضت شمس من مكانها ووقفت بطولها الفاره فقد كانت طويلة ورحمة تصل إلى منتصفها وترتدي ذاك الرداء الأسود الخـ.ـاطف للأنفـ.ـاس وهو عبارة عن فستانا طويلاً بدون اكمام ومفتوح الصدر ومزين ببعض النقوش المزخرفة بالدانتيل من الأعلى وضيق من منتصف خصرها ويهبط باتساع حتي غطى جميع قدمها ومزين بحزام باللون الفضي المزين بنفس الدانتيل من على الصدر وجسـ.ـدها مرسوم بحرفية كعارضات الأزياء ، 


ووجهها الأبيض المزين أيضاً بلمسات التجميل البسيطة للغاية ولكنها ليست محتاجة لها فجمالها الطبيعي لايحتاج اللعب فيه ،شملتها رحمة بعيناي الغيرة مما جعلها تفرز ملامحها بشدة والآن تود سحـ.ـقها بين يدها ولكن تحاول أن تظل على الثبات الانفعالي والهدوء ولكن داخلها يريد الهـ.ـجوم عليها الآن وتلقينها درسا لن تنساه فهي تقف أمام ماهرها وتغازله وبدا لها أنها على ذلك الحالة من الدلع والإثارة له منذ أن وطأت قدمها ذاك المكتب ، 


أما تلك الشمس هدرت بها بكبرياء فقد سحـ.ـقتها تلك الرحمة وأهانتها إهانة لن تغتفر :


_ انتِ إزاي يابتاعة انتِ تتكلمي معايا بالأسلوب ده شكلك اتجننتي علشان متعرفيش أنا مين ؟


ثم استدارت إلى ماهر وهى مازالت على عاصـ.ـفتها وهي تسأله بذهول:


_ إنت إزاي ياماهر تشغل معاك سكرتيرة تقتحم مكتبك بالهمـ.ـجية دي وكمان تتكلم مع ضيوفك بالطريقة الغير مهذبة دي وتسمح لها تهينهم.


ربعت تلك الرحمة ساعديها وبقامة مرفوعة تحركت حتى وصلت إليه ولم تكتفي بذلك بل جلست مكان تلك الشمس على المكتب ونظرت إليه بعيناي مازالت تخفي شراستها إلى الآن قائلة له وهي تشاور بيدها على الأخرى باشمئزاز :


_ رد يامتر على سؤال عمود النور اللي واقفة داي وهي بتشتم رحمة سلطان المهدي .


تحمحم ماهر كي يستدعي الهدوء ويخرج صوته أكثر طبيعيا وهو الآن متيقن أن تلك الشمس وقعت تحت قبضة الأسد :


_ لو سمحتم انتوا الاتنين تهدوا ومفيش داعي لأن كل واحدة تهين التانية اكتر من اكده ، 


ثم قرر أن يعرفهن على بعضهن موجهها كلامه لشمس اولا :


_ دي توبقى رحمة المهدي خطيبتي ياشمس والمسؤولة عن كل حاجة تخص مكتبي ، 


ثم نظر إلى رحمة الغاضبة بشدة يعرفها عليها ولكن قبل أن ينطق بأي شئ نزلت من على المكتب مرددة بكبرياء ورفض قاطع جعل تلك الشمس تشتاط أكثر من أنها علمت أن رحمة خطيبته فقد أفسدت مخططها في أن تجعل ماهر يراها ويذوب بجمالها هياما:


_ لا معايزاش اتعرف على الأشكال دي ، الكلام دي كان يُحصُل من البداية يامتر من أول مالكونتيسة دخلت المكتب ودخلت لقيتها بتقول الكلام الاهبل دي وهي مبتختشيش ، 


ثم أكملت وهي تقف أمامه ومازالت على اعتراضها:


_ مش ادخل الاقيها قاعدة على المكتب وبتتغزل في جناب المتر ومعندهاش ذرة من الحياء والأدب اللي شكل أهلها معرفوش يربوها عليه ، 


واسترسلت بنفس غضبها :


_ دي أني اللي خطيبتك مقلتلكش الكلام دي يامتر .


حدجتها تلك الشمس بريبة لتنهرها بحدة:


_ ايه ده يابتاعة انتِ الطريقة السوقية اللي بتتكلمي بيها دي ! المفروض انتِ مخطوبة لماهر الريان تكوني أرقى من كدة في التعامل مع ضيوفه وتسيبك من شغل حلق حوش ده .


الى هنا لم تتحمل رحمة سماجتها ثم شمرت عن ساعديها وكادت أن تفـ.ـترسها الآن وتخرجها من ذاك المكان على نقالة الي المشفى مما ستفعله بها إلا أن ماهر تدارك الموقف وعلم ماستفعله رحمة وأنها الآن ستنـ.ـقض عليها كالأسد والأخرى لن تسد مقابلها والأمر سينقلب الآن فنهر تلك الشمس :


_ لو سمحتِ ياشمس تتكلمي معها بأدب ومتغلطيش فيها ايا كان .


لم تصدق شمس ماقاله ماهر الآن لقد أهانها وسمح لرحمة هي الأخرى بإهانتها والتمعت عينيها بالدموع لتقول بملامة له جعلته تأثر بلمعة عينيها الدامعتين:


_ بقي كدة ياماهر أتهان في مكتبك بالطريقة دي وكمان انت كمان تزود معاها ، 


واستطردت عتابها وهي تحمل حقيبتها وتنتوي المغادرة :


_ شكراً جداً على حسن ضيافتك واستقبالك ليا بالطريقة المهينة دي واوعدك مش هتتكرر تاني .


ابتسمت لها رحمة ابتسامة نصر وهتفت :


_ مع السلامة ياغالية وخطوة رخيصة ياريت متتكررش تاني وتعتبيها يااما هيبقى معِندكيش بربع جنيه كرامة .


أما ماهر كاد أن يلحق بها إلا أن رحمة منعته بشدة قائلة :


_ رايح وراها تعمل ايه إن شاء الله ماتسيبها تغور في داهية قليلة الحيا دي ، 


واسترسلت وهي تضـ.ـرب بقبضة يدها على المكتب :


_ علشان نعرف بقى نتحاسب يامتر على اللي حصل وسمعته بوداني من ام أربعة وأربعين دي .


أما شمس نظرت له نظرة خذلان لإهانتها وطردها من مكتبه بتلك الدرجة وغادرت المكتب وهي تبكي بغزارة ويبدو أن أملها في ذاك الماهر تبخر وان تلك الرحمة قد عشقها وأنها ليست لها مكانة في حياته ، 


أما ماهر بعد أن غادرت نظر إليها بغـ.ـضب عارم فهو لم يهينها أبدا أمام أحد ولكن الآن أصبحا وحدهما فتحرك بخطوات ثابتة تجاه الباب وأغلقه كي لا يسمع صوتهما أحدا بالخارج ثم تحدث إليها بحدة :


_ انتِ ازاي تعملي اكده مع ضيف وياي في المكتب يارحمة ؟


بنفس حدته وغضبه ضـ.ـربت بقوانينه دون أن تبالي أو تكترث لغضبه منها رعبا ثم أجابته:


_ طب وهي داي ضيف عادي يامتر !


وأكملت بغيرة عمياء مثله بل وزادت وهي تتحدث بنبرة سخرية وتقلد تلك الشمس :


_ أنا دخلت لقيت الهانم قاعدة على مكتبك وبتقول لك الرجالة لما بيوصلوا لسن الأربعين بيهبلوا ! وانت قاعد فرحان بقى ونافش ريشك يامتر وفي الآخر تقول لي ينفع ولا مينفعش!


وأكملت حدتها وهي على نفس غضـ.ـبها :

_ دي انت تحمد ربنا اني مجبتهاش من شعرها الكنيش اللي شبهها دي ومخليتش فيها حتة سليمة .


نفخ بضيق وهو يضرب بقبضة يديه فى الأخرى معللا :


_ يابنتي افهمي عاد وسيبك بقى من الهوجة اللي انتِ فيها داي واصل ، 


واسترسل حديثه وهو يعرفها عن كنية شمس :


_ شمس داي توبقى اخت فرح واني اللي مربيها على يدي ، كنت صديق لمحمد أخوهم أصلا وكنت بروح عنديهم كَتييير وأني في الكلية ووقتها هي كانت في الابتدائية وكانت لما تعرف إني هناك تاجي تقعد وياي كَتييير ، كانت واخدة على ويتحبني كيف أخوها ومرت السنين واتجوزت اختها وتعلقها بيا زاد وحتى لما المشاكل بيني وبين فرح زادت كانَت هي كبرت وعرفت الصح من الغلط وبقت تنصحها كَتييير لحد ماحصل اللي انتِ تعرفيه وقفت جمبي كَتير ولحد من أربع سنين فاتت مشفتهاش لأنها سافرت برة تكمل علامها ووصلت مصر من أسبوع وجت تسلم علي هي دي كل الحكاية .


لم تتأثر بكلامه ولم تعطي لها الحق في أن تجلس أمامه بتلك الطريقة ولا أن تقل له ذاك الكلام ، وحتى نظرة عيناي تلك الشمس لم تكن سهلة من وجهة نظرها ثم تفوهت بغيرة لم تهدأ بعد حتى بعد أن سرد لها ما قاله الآن :


_ وهو دي يديها الحق تبص لك البصة اللي اني شفتها داي !

يديها الحق تقعد تدلع قدامك بمنظرها العريان المكشوف دي وتقول لك الكلام اللي سمعته !

مهما تكون ياماهر مش من حقك تقعد مع اي ست وتديها مساحة الحرية اللي الباردة داي كانت بتتكلم بيها وياك ، 


وتابعت بنظرة شرسة أقرب لساخرة :


_ داي لو مكنتش دخلت في الوقت دي كنت هدخل الاقيها في حضنك إن شاء الله علشان تعبر لك عن مدي وحشتها واشتياقها ليك .


خلل أصابعه بين شعره وهو يجز على أسنانه بغيظ من حماقة تلك الرحمة ثم حذرها:


_ بلاش طريقتك دي يارحمة واوزني الكلام قبل ما تقوليه علشان انتِ بدأتي تهبلي دلوك في الكلام .


لم تعطى غضبه أدنى اهتمام لتقول بحماقة جعلته ثائراً عليها :


_ طب ماتيجي نبدل الأدوار اكده وتدخل تلاقي بن عمي اللي مربيني هو كمان قاعد قدامي اكده وبيتغزل في جمالي وأنوثتي وقتها إيه هيكون رد فعلك ياماهر ؟


أقترب منها وردد بتهـ.ـديد لها كي يجعلها لاتهذي بكلماتها تلك :


_ إنتِ بتخرفي بتقولي ايه انتِ ! ممكن الهانم تهدى وتبطلي اي كلام هبل يتعب الأعصاب مش ناقصة هي .


أجابته بقوة وغيظ وهي تتذكرة يجلس امام تلم الشمس بذاك القرب :


_ مش قبل ماتطلع موبايلك حالا وتتصل بالبت دي وتقطـ.ـع علاقتك بيها ياماهر وبعد اكده أهدى عادي .


كانت تطلب منه ذاك الطلب بجدية وأصبح الأمر بالنسبة لها حياة أو مـ.ـوت ثم حاول التحدث معها بنبرة لينة كي يقنعها أنه لايصح فعل ذلك :


_ يعني يرضيكي أكـ.ـسر بخاطرها وهي عيلة ويعتبر أني اللي مربيها ومشفتش منها غير كل خير ، 


ثم أكمل وهو ينظر لها برجاء :


_ هي خلاص مشيت وبعد اللي انتِ عملتيه فيها مش هتاجي تاني اهنه يارحمة .


_ ياحنين يابو قلب طيب .. جملة ساخرة نطقتها رحمة باقتضاب وأكملت برأس يابس :


_ طب انك تعمل للبت داي حظر من عندك دلوك حالا ومتاجيش اهنه تاني يا إما اني من طريق وانت من طريق تاني ياماهر وأني مصممة على اللي في دماغي يانا يا البت الملزقة داي .


تنهد بضيق وتحدث بغضب أخافها :


_ الزمي حدودك في الكلام معايا يارحمة ومتنسيش نفسك شغل العند والتهـ.ـديد دي مينفعش معاي اني خالص ، 


وأكمل بنبرة مرعبة أخافتها قليلاً:


_ واعملي حسابك اني أني من طريق وانتِ من نفس الطريق وخلاص نفضها سيرة الموضوع اللي ملهش عازة دي انتِ شبه طردتيها ومش هتاجي اهنه تاني .


شبكت يدها وأبتسمت ساخرة:


_ أمممم... وإن شاء الله الست المطرودة وأخت المرحومة هتروح تلاقيها قاعدة لك قدام باب الفيلا بتعيط ومستنية بابي اللي رباها أبو قلب حنين يمسح دموعها صح ؟


ثم نظرت له بإبتسامة ساخرة وأكملت:

_ الحاجات داي عارفاها شفتها في الأفلام الابيض وأسود كَتييير قبل اكده.


ضـ.ـرب على المكتب بقبضة يده وبنبرة أرعبتها على صوته :


_ انتِ عايزة ايه دلوك علشان اليوم دي يعدي على خير وميحصلش طيب النهاردة.


ربعت ساعديها أمام صدرها وبنبرة حاسمة لاتقبل النقاش في قرارها :


_ تعمل لها حظر دلوك وقبل ماتعمله تبعت لها رسالة تعرِفها انك راجل خاطب دلوك ومينفعش انها تاجي لك تاني خالص ،


وهي لو عنديها دـ.ـم وإحساس لما يتعمل لها الحظر مش هنشوف طلتها البهية داي تاني .


_يارحمة داي اسمها قلة ذوق... جملة اعتراضية نطقها ماهر وعقب عليها :


_ ياستي لو جت اهنه تاني ادخلي قبلها وخلاص ، شمس عندها اعتزاز بنفسها وكرامتها عنديها كبيرة قووي أني متأكد .


جزت على أسنانها بغضب جم وهدرت به فهي الأخرى تغار بشدة وتلك الفتاة وضعها بالنسبة له حساس فهي أخت زوجته الأولى وكما أنها فتاة جميلة وبالرغم من أن جمالها لايقارن بجمال رحمة بضعة شئ الا انها رأتها جميلة الجميلات:


_ انت مصمم تستفزني بقى وتغيظني ، 


وأكملت وهي تحذره :


_ لو سمحت متنطقش اسمها على لسانك تاني ياماهر ، ولو سمحت أني بدأت أتـ.ـخنق من الحوار دي ، ياتبعت لها الرسالة حالا وتعمل كيف ما أني رايدة يااما هفوت لك المكتب دي وهمشي من اهنه ومش هتشوف وشي تاني .


رد بنبرة حادة غاضبة وهو غير راضٍ عن ما سيفعله ولكن هو لو كان مكانها ورأى ذاك المنظر لكان الجالس معها الآن في المشفى يُعالَج مما سيفعله به ذاك الماهر :


_ تمام هعمل لك اللي انتِ عايزاها ياكش الجنان اللي عنديكي دي يهدى شوي يا أستاذة.


ردت باقتضاب وهي تكره نعته لها بذاك اللقب :


_ متقوليش يا أستاذة داي تاني لو سمحت انت عارف ان الكلمة دي بتعصبني .


نفخ بضيق من حالتها وخنـ.ـاقهم اليوم بسبب ماحدث واتيان تلك الشمس فجأة ثم حاول مراعاة غيرتها كما تفعل هي وامتصاص غضبها وقام بإرسال رسالة إلى شمس كما قالت فهو لابد أن يفتح صفحة جديدة ويدثر الماضي الذي سيجلب له مشاكل كما أن شمس أصبحت فتاة جميلة بجسد أنثوى وليست الطفلة التى كانت تجلس على قدميه ويلاعبها يوما من الأيام ولابد أن الأوضاع تصحح كل في مكانه فلا يصح إلا الصحيح وبعد أن أرسل تلك الرسالة وضعها في قائمة الحظر وكل ذلك أمام عينيها فتنهدت بارتياح ثم تركت له المكتب ولكنه لحقها قبل أن تخرج مرددا لها :


_ على فين ياحلوة ؟


نظرت ليده التي أمسكتها من رسغها وهتفت باندهاش من نظرته لها الغير مفهومة:


_ هروح فين يعني ! خارجة رايحة مكتبي .


اقترب منها بطوله وهيئته الرجولية وهو ينظر داخل عينيها نظرة غير مفهومة جعلتها إبتلعت لعابها من هيئتهِ المٌدمرة لإنوثتها، نظر إليها وجدها تبتلع لعابها فابتسم بإنتشاء لهيئتها وتحدث متسائلاً بنبرة رجولية وصوت متأثر من قربها :


_ طلعتِ بتغيري غيرة عمياء يازوجتي المستقبلية ، بس تعرفي شكلك حلو قوووي وانتِ ثايرة عجبتيني قووي النهاردة يارحمتي .


إستجمعت قواها وتحركت بداخلها روح الأنثي المتمردة، نفضت يدهِ من عليها و ابتعدت وهي تردد بتأكيد :


_ أه طبعاً بغير وجدا كمان وهبقى ست معنديش إحساس لو مغيرتش ياماهر وأرجوك متختبرش غيرتي تاني علشان ممكن اعمل حاجات خارجة عن إرادتي وقتها .


حرك رأسه للأمام وهو يغمز لها بعينين عاشقتين بحركة اذابتها وأوقعتها صـ.ـريعة غرام ذاك الرجل القوي ذو الهيئة الرجولية المفرطة وهو يتحدث بنفس نبرته الخشنة وبصوت مبحوح :


_ خلاص ياحبيبي علم وينفذ بس اعملي حسابك الحاج سلطان خلاص كلها أسبوع وراجع هنتجوز علطول مش لسه هنستنى كتب كتاب وحوارات ملهاش لازمة ، 


وأكمل وهو مازال مقتربا منها مما جعل مشاعرها ثارت داخلها من اقترابه لها ومحاصرته لأنفاسها ورائحته التي اختـ.ـرقت رئتيها :


_ اني عايزك جنبي ، عايزك في حضن قلبي .


ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة من كلماته المهلكة لحصونها وصارت لاتقوى على الحراك وكأن قدمها غرزت في أرض مملوءة بالطين ولم تستطيع التحرك من أمامه ، 


والقابع بين أضلعها على حافة هاوية الانهيار من كلماته التى ألقاها على مسامعها جعلتها ذابت واقتربت على الاختفاء داخل أحضانه كي تداري خجلها منه ، 


ثم بللت شفتيها بتأثر وهتفت بنبرة شبه هامسة وهي تنهاه أن يتحدث معها بتلك الطريقة وعينيها نظرت أرضا من شدة خجلها:


_ ارجوك ياماهر افتح الباب وسيبني أخرج وبلاش طريقتك داي في الكلام واحنا وحدينا .


باغتها بغمزة ووجهه مزين بابتسامة مهـ.ـلكة لها ناطقاً بمداعبة رجولية :


_ ايه خايفة على نفسك دلوك ياهيرو ولا خايفة تسلمي من أول غمزة ونظرة ؟


مازالت على خجلها تنظر أرضاً من طريقته في الحديث معها ثم همست باسمه بنبرة رقيقة :


_ ماهر 


ردد بغرام :


_ عيونه وقلبه .


بنفس رقتها نطقت برجاء :


_ سيبني أخرج بقى .


رفع وجهها أمام عيناه ثم تحدث:


_ عارفة احلى حاجة فيكِ ايه اكتشفتها النهاردة ؟


غمغمت بصوتها دون أن تتحدث فأكمل هو :


_ طلعتِ بتدوبي من أول نظرة ، طلعتِ خام يارحمتي ومحتاجة تدريب قاسي علشان تقدري بس تواجهي .


شعرت بتفكك أعصابها الآن وأنها ليست قادرة على مجابهته في معركة عشقه لها فهي إن نظرت في عينيه سترتمي في أحضانه ولن يصح ذلك وفضلت السكوت أمامه ثم أكمل وهو مازال على مشاغبته :


_ انتِ عندك دين على فكرة ليا مسدتيهوش .


_دين ! دين ايه دي ؟ .. جملة استفاهمية نطقتها وهي ترفع عيناها في عينيه أخيراً وعقب هو والإبتسامة الهادئة تزين ثغره :


_ عندك واحد كلمة بحبك ياماهر لحد دلوك منطقتيهاش يارحمتي ، وعندك كمان رسوم تخبية عنيكي عني دلوك ، وعندك كمان رسوم عطف وحنان لفاقد الحنان زيي ، وعندك كمان حبة زكاة مشاعر واني أولي بيهم ، 


وأكمل بنفس مداعبته :


_ مش الأقربون اولى بالمعروف بردو وأنا دلوك فاضل تكة واشدك لحضني لو مخرجتيش حالا .


أنهى كلامه وفتح الباب وما إن استمعت إلى صوت الباب حتى فرت هاربة من أمامه وجلست على مكتبها تلتقط أنفاسها التي حبـ.ـست في اقترابه منها وهي تستند برأسها على الكرسي ومغمضة العينين فكم كان ذاك الماهر بارعا في خـ.ـطف حواسها بالكامل ، لقد أرهقها بكل شئ في شخصه أهلـ.ـكها برجولته الرزينة وملامحه الوسيمة ورقيه في الحديث معها فداخلها هى الأخرى أصبح متلهفا لاقترابه ، داخلها سعيدا بذاك الاختيار التي لم ولن تندم عليه أبدا مهما طال الزمان .


        *******************


في منزل مجدي كان الطبيب المختص بالعلاج الطبيعي جاء ليجري له جلسته الآن وتلك الجلسة تمكث أكثر من ساعتين فهو له طقوس خاصة مرهقة ، 


في الخارج كانت مها تجلس مع أبنائها تحذرهم :


_ دلوك أني هدخل مع الدكتور وهو بيعمل الجلسة لبابا خلو بالكم من حالكم ومتتشاقوش اقعدو اتفرجوا على الكرتون واني كل شوية هخرج أطل عليكم تمام ياحبايبي ؟


حرك الطفلان رأسهم بطاعة ووجهم مزين بالابتسامة ثم دغدغت كلاهما بحنو اعتادت عليه معهما ثم احتضنتهم بشدة فهم أثمن أشيائها في الحياة بل وأثمن من روحها ، 


ثم تركتهم ودلفت إلى الطبيب فهي تساعده في بعض الأشياء وتقف بجانب مجدي تحسه على الصبر حين يتوجع ، 


أما في الخارج بعد مرور نصف ساعة مل الطفلين من التلفاز ثم اقترح زين ببراءة لأخيه:


_ ايه رأيك ندخل نملى البانيو ماية سخنة وشاور ونعوم فيه لحد ما ماما تخلص ؟


ابتسم الآخر بسعادة لذاك الاقتراح ولكنه قال بتردد :


_ بس ماما مش بتحبنا نملى البانيو غير لما تكون معانا وممكن تتضايق وتعاقبنا لو عملنا حاجة من وراها .


شجعه زين وهو ينهى على خوفه :


_ طب هنقعد حبة صغيرين لحد ما نسمع صوت باب الشقة والداكتور مروح وبعدين نقوم علطول ننشف جسمنا وبعدين ماما لما تلاقينا كويسين مش هتعاقبنا ماما طيبة وبتحبنا قوووي ومش هتضربنا .


وبالفعل استجاب الطفلين لبعضهم ودلفا إلى الحمام وأغلقا الباب ورائهم ثم قامو بوضع السدادة وفتحوا صنبور المياه على الساخن وقاموا بوضع سائل الاستحمام الخاص بهم بغزارة وبعد قليل امتلأ البانيو ولكن مازال الصنبور مفتوحاً وهبطوا بسعادة داخل المياه وكل منهم يشاغب الآخر بسعادة في أحب الأوقات إلي الأطفال اوقات الجلوس في المياه ولكن مع مرور الوقت امتلأ الحمام بالبخار والنوافذ مغلقة والسخان الغاز في نفس المكان والمياه الساخنة المتكثفة بالبخار عبئت الحمام وبدا الطفلان أنفاسهم تنسحب باختـ.ـناق دون أن يدروا وانغمرا الطفلان رويداً رويداً في المياه لايستطيعان التحرك حتى فارقت أنفاسهم الحياة ، 


مضى أكثر من ساعة على وضعهم ذاك في البانيو فخرجت والدتهم تطمئن عليهم وقد قاربت الجلسة على الانتهاء فلم تجدهم مكان ماتركتهم فنادت عليهم وهي تبحث في الغرف ولم تجدهم أيضاً دلفت الي المطبخ ولم تعثر عليهم فذهبت إلى الحمام أخيراً وكل ذلك في غصون نصف دقيقة ، 


فتحت الباب وشهقت من منظرهم وهم يغفون تحت المياه ولكنها ظنت أنهم يشاغبونها ثم هرولت بخطوتها وأخرجت كل منهما بيديها زين في اليمنى وزيدان في اليسرى وهي تردد لهم بقلب يخفق رعباً مما استنتجته ولكنها لم تصدق حدسها :


_ زين .. زيدان فتحوا عيونكم بقى وبلاش الهزار التقيل والبايخ دي .


لم يستجيبا الطفلان لندائها وأصبحت تناديهم بأسمائهم وقد نزعت السدادة كي تتصرف المياه ثم اخرجتهم من المغطس وسترت أجسامهم برداء الحمام الخاص لكليهما وكل ذلك وهي مازالت تنادي بأسمائهم وانقلب نداؤها الهادئ إلى صراخه شديد سمعه مجدي والطبيب فهرول الطبيب إليها وذهب لمكانها وانصدم من المنظر الذي تقشعر له الأبدان فراق أغلى الأحباب ، 


فتُعدٌّ الحياة بمثابة حلم قد يكون جميلاً أو حزيناً ولكن في النهاية يوقظنا الموت من هذا الحلم سواء طال أو قصر ،

لا بد لكل ابن آدم ان يستعد للمـ.ـوت، فهو موعد آت لا محالة فلا يمكن لأحد الفرار منه ،

فنحن عاجزين عن إدراك معنى الحياة، فكيف لنا أن ندرك الأمور المتعلقة بالمـ.ـوت؟

تعلق بالحياة الدنيا كما شئت، ولكن اعلم جيداً أن المـ.ـوت هو النهاية الحتمية لكل حي، فكل ملوك الكون قد رحلوا فهذه هي سنة الله في خلقه فأمر الله لا يرد ،

علينا ان لا نبكي على الراحلين من أحبائنا وأصدقائنا، فمن رحمة الله تعلى بنا أننا لم نفقدهم وهم على قيد الحياة، فلم يستطع أن يفرقنا عن بعضنا البعض سوى المـ.ـوت، 

الشعار الذي يعمل به كل البشر هو الوجع مهما زاد أهون من المـ.ـوت والفراق.

كم من عزيز قوم كانت ترفع لأجله الرايات في النهاية أذله المـ.ـوت.

الموت كالمرض الخبيث الذي عجزت فنون الطب عن علاجه، ولكن اعلم أن علاجه الوحيد هو صفاء قلب المرء وتقواه وما يلقى به ربه من أعمال صالحة وتلك المها لم تفقد غير أعز الناس لديها في صدمة منها تقشعر لها الأبدان ، 


اقترب الطبيب منهما وبدا بفحصهما جيداً وبعد دقائق تأكد من فراقهم الحياة فكتب لهم تقرير الدفن وهو على ثقة أن والدتهم لم تهمل بهم فهي كانت منشغلة معه في علاج أبيهم ، 


انهارت مها وهي مازالت تحتضن الطفلين ومتشبسة بهم وصارت تبكي بحـ.ـرقة كما لم تكن بكت من قبل ، صارت تقـ.ـطع في شعرها وتفعل أفعالا بهوجاء من شدة صدمتها وهي تهذي بأسمائهم وترتمي في أحضانهم ارضا:


_ زين يازيدان اصحوا ياحبايبي حرام عليكم متعملوش في ماما اكده ، اني خلصت الجلسة مع بابا وجت لكم ، يااااااارب متعاقبنيش بيهم يااارب ، متاخدهمش بذنبي يارب ، اقبض روحي مكانهم يارب وظلت على حالتها تلك ، 


بعد مرور ساعتين من انهيار مها ولقد أتت إليها والدتها واخوالها وانقلب منزلها الهادئ إلى أعداد من الناس والأقارب ولكنها الآن غابت عن الوعي بصدمة عصبية بعد أن صممت الوقوف على غسل أبنائها ووالدهم مجدي ظل يبكي مثلها بكاءا يكـ.ـسر القلوب ويجعل العاصي يتوب ويتأكد أن مابين رمشة العين وانتباهاتها تفارق أناثا عن حياتنا فلا داعي للحقد أو البغض أو يحمل منا من الآخر ففي النهاية الدنيا دار فناء والآخرة دار البقاء ،


ودفن زين وزيدان في حزن دفين خيم على أهل الكفر فلحادثة موتهم رهبة يخشى الناس منها وانقضت تلك الليلة على مها بأسوء ليلة في حياتها لن تشعر بأي حزن بعد كل ذاك الحزن .


( اسفه جدا يا جماعه لبشاعة المشهد ولازم نتاكد ان اي قدر ربنا بيقدره لنا واخر لينا مهما كانت بشعته بالنسبه لنا فهو خير اولادنا لو كانوا فضلوا عايشين عامر ما كانش هيفضل ساكت ولا هيتحمل وجعهم هيزيد لو بقوا شباب وكبروا وخاصه لو عرفوا ان هم اولاد خطيئه لو بصينا للموضوع بعمق هنلاقي ان ربنا سبحانه وتعالى بيشيل عننا حاجات كثير مفكرينها حلوه وهي كلها اذى لينا لكن لما نتعمق في الموضوع ونفكر بجديه هنعرف ان رب الخير لا ياتي الا بالخير والحزن بيبدا كبير لكن بيصغر مع الايام والايام بتنسي الحبايب طبعا ما بيطلعوش من بالنا لكن الفراق والمه ربنا قادر ان هو يخففه خاصه لو قربنا من ربنا ارجوكم ما تزعلوش مني النهارده كان لازم اعمل كده واللي انتم ما تعرفوهوش وحبيت افصح لكم عنه النهارده واحنا شارفنا علي نهايه القصه ان قصه مها من رحم الحياه قصه حقيقيه لكن انا مجملاها شويه وهجمل نهايتها اكتر من نهايه الواقع علشان خاطر ما تعبكوش معايا انتم لو عرفتوا القصه الحقيقيه بتاعه مها والله لعيونكم ما تبطلش دموع لكن انا سردتها بطريقه خفيفه جدا عن الواقع اللي مش كله وردي لازم نكشف الضوء على قضيه مهمه زي دي لعل لو عايزه حد يستفاد ) 


الفصل الواحد والثلاثون من هنا

 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-