رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3( انشودة الاقدار) الفصل العشرون 20 بقلم نورهان ال عشري




 رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 انشودة الاقدار الفصل العشرون 20 بقلم نورهان ال عشري 


 بسم الله الرحمن الرحيم


الأنشودة العشرون 🎼💗


لم أكُن يومًا شخصًا مُتقلبًا لا يعرف ماذا يُريد. لطالما كانت خطواتي دائمًا ثابتة و لكنه الخوف! مُنذ أن زارني هذا الشعور حتى استوطن جميع خلايا جسدي فصِرت أتخبط بكل شئ حولي لا أدري اى طريق يجب عليا أن اسلُك. أرهب الوحدة بشدة و اخاف الفقد كثيرًا؛ أخشى أن أرسو بسفينتي على شاطئ السراب فـ تبتلعني دوامات الغدر مرة أخرى فتكون النجاة أمرًا مستحيل . كل ما أرجوه أن أجِد وِجهة أمنه تُعيد لي ثباتي ، تحتضن ثقوب روحي ، وتُرمم ما فعلته عواصف الهوى بـ قلبى .


نورهان العشري ✍️


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁


و كأن أحدهم زعزع قلبه من مسكنه حين شاهدها تحتضن جسدها كالأطفال تتمدد على مخدعها الذي صار يهتز تزامنًا مع اهتزازها جراء طوفان العبرات الغارقة به 

قاده قلبه جرًا إليها ليهمس بحرقه 

_ سما ؟ 


لم ينتظر أن تُلبي ندائه إنما انحنى يحتضن ظهرها بقوة منبعها عشق هائل لم يُخلق لسواها ولم تبغي سواه ولم يكُن يربطها بتلك الحياة سواه لذا حين استشعرت دفء وجوده تعالت شهقاتها أكثر لتُخبره أي ألم يجتاحها الآن فشدد من احتوائها وهو يهمس بنبرة مُلتاعه 

_ دموعك دي مية نار على قلبي . والله ما يستاهل دمعة واحدة منهم . 


انغمست كلماته في عمق جرحها المُستعِر فانتزعت نفسها من بين أحضانه لتقول بحرقه تمتد من القلب الى الحلق

_ انا مش بعيط عشانه . انا بعيط عشانا احنا . عشاني و عشان أمي و أختي ، بعيط عشان ذنوبه اللي احنا بنكفر عنها من غير اي ذنب .


كلماتها كـ مطارق قويه انهالت فوق قلبه دون رحمة لينتفض جزعًا وهو يقترب منها قائلًا باستفهام حاد 

_ حصل ايه؟ حد هنا في البيت ضايقك ؟ 


هبت واقفه و أحنت رأسها هوانًا وهي تهمس بنبرة موقدة بلهيب لا يخمد أبدًا 

_ اطمن الكل بيشفق علينا هنا ..


ضاق ذرعًا بوجعها الذي يُفتت خلايا القلب و هيئتها المُبعثرة الذي زلزلت كيانه فاندفع يقف أمامها و هو يضيح بانفعال 

_ اومال في ايه ؟ عاملة في نفسك كدا ليه ؟ 


صرخت بأسى ضاق به الفؤاد 

_ في أننا مش مكتوبلنا نفرح . اختي بيتكتب كتابها في عز وجعها على صاحبة عمرها و متقدرش تعترض عشان دا من ضمن خطتكوا انكوا تخلصوا على ناجي الوزان ، و من كام شهر اتحطيت في نفس موقفها و اتكتب كتابنا و كان بردو من ضمن خطتكوا عشان تخلصوا على ناجي الوزان . هنفرح امتى زي البنات ؟ هنتعامل امتى على أننا بشر مش ولاد ناجي الوزان…. 


بترت كلماتها المسمومة تلك القبضة الحديدية التي نالت من خصرها لتعتقلها بين جنبات جسده القوي فأجفلتها أنفاسه الحارة التي كانت قريبة من وجهها حد أن تحترق بنيران كان ينفثها من قلبه و تجلى اشتعالها بنظراته التي كانت قاسية تُشبه نبرته حين قال 

_ بقى انا جوازي منك كان من ضمن خطتنا أننا نقضي على ناجي الوزان !


تساقط العتب من نظراته و كلماته حين أضاف

_ طب ولو كان كلامك صح ليه قلبي بيدق اوي كدا وأنتِ في حضني ؟ 


قال كلمته الأخيرة وهو يمسك كفها و يضعه فوق صدره الخافق بعنف تأثرا بها و غضبًا منها ففاجأته حين تناثر من بين حروفها وهي تقول 

_ عارفه . بس كان نفسي اني غاليه زيي زي أي بنت أعيش اللحظة دي مع اللي بحبه زيي زي أي بنت . مش بالطريقة اللي حصل بيها الموضوع و اللي بتتكرر دلوقتي مع شيرين . 


ازداد حصاره لها و تشابكت الأعين بنظرات عاشقة تُنافي لهجته حين قال 

_ أولًا شيرين بتتجوز اللي قلبها اختاره مش فرض ولا خطة زي ما بتقولي . ثانيًا مسألتيش نفسك لا أنا ولا طارق ولا سالم ولا سليم خلصنا على ناجي ليه ؟ كل الفُرص اللي جتلنا دي و مخلصناش عليه ليه و ارتاحنا من شره ؟ 


تبلور استفهامًا صامتًا في عينيها فجاءتها إجابته كزخات المطر لتروي تصدعات روحًا بات الشقاق و الألم سُكانها 

_ عشان انتوا غاليين اوي ، و مكانتكوا كبيرة عندنا كلنا . حفاظًا على مشاعركوا ، و عشان مفيش واحدة فيكوا تبقى نايمة في حضن اللي قتل ابوها . 


برقت عينيها لثوان قبل أن يُتابع بنبرة رخيمة

_ طارق كان واقف قدامه بينهم خطوة واحدة و في أيده سلاح مليان كان ممكن يفجر دماغه بس مقدرش ! طارق اللي عمره لا همه حد ولا عمل حساب لحد و لا فكر في حد وقف و مقدرش يخلص عليه عشان شيرين .


لم تدري هل عليها أن تفرح أم تحزن تزاحم الشعور بداخلها و تلعثمت الحروف على شفتيها حين قالت 

_ انتوا . طارق . بيحبها . يعني . انا . مقصدش . أنا


قاطع تلعثمها قبضته التي اشتدت على خصرها كما قست عينيه حين قال بلهجة مُحذرة

_ أنتِ حسابك تقل معايا اوي. 


ارتج قلبها لا تعرف أن كان ذعرًا ام شيء آخر فهمست بخفوت

_ مروان ..


تحولت جمراته المشتعلة الى آخرى داكنة و اقتنص باقي حروف اسمه من فوق شفتيها بنهم قاتل فقد كان يبتعد و يبتعد كي يُعطيها الفرصة لتقبُل ما يحدُث حولها ولكن حان الوقت لبتر تلك الهواجس التي تؤرق جميلته و تُنغص صفو سماءها ، ولأول مرة يتجرأ على برائتها أكثر فقد أطلق العنان لجيوش شوقه لتقتحم حصونها مع مراعاة عُذريتها بكل شيء فقد كانت بين يديه طفلة خجولة عاشقه لا تدري ما عليها فعله فتركت له العنان ليقودها كيفما يشاء فطال الأمر لدقائق مسروقة من الزمن ليعود بها إلى أرض الواقع لاهثًا من تلك الرحلة الرائعة التي حملته إلى سماء العشق معها فأسند رأسه فوق خاصتها وهو يقول بأنفاس مقطوعة 

_ لو كان الوقت يسمح و ست الحسن ترضى مكنتش هسيبك أبدًا . 


كانت غائبة عن الواقع تأتيها كلماته كلحن رائع يدغدغ حواسها المُلتهبة بـ صبوة العشق الضاري الذي اجتاحها جراء هجومه الشرس فأخذت تحاول استرداد أنفاسها لتتجمد الدماء بـ أوردتها حين سمعت صوت فرح الآتي من الخارج فرفعت رأسها تناظره في استغاثة صامته فتلونت ملامحه بابتسامة عاشقة قبل أن يقول بمُزاح 

_ والله العظيم انا مش شاقطك . أنتِ مراتي اوريكِ القسيمة . اترزعي هنا على ما أجيلك .


التفت مُلبيًا نداء فرح التي ما ان أوشكت على طرق الباب الذي كان مواربًا فأطل عليها مروان الذي قال بلهفة

_ بقولك ايه ؟ اعملي حاجه حلوة في دنيتك و اقعدي مع سما عشر دقايق على ما ارجعلك. 


فرح باندهاش 

_ هو في ايه ؟ 


مروان بنفاذ صبر 

_ ايه اللي مش مفهوم في كلامك . بقولك اترزعي مع البت هنزل اكلفت الجوازة اللي تحت دي واطلع اخطفها 


فرح بصدمة

_ تخطفها ؟ 


مروان بتهكم

_ اه هخطفها ايه الباشا عمره ما خطفك قبل كدا؟ اه صحيح هي دي أشكال تتخطف ؟


فرح بتحذير

_ اتلم احسن مش هعبرك في الجزمة


مروان بتقريع

_ والله عيب دانا مداينك في ييجي خمسين خدمة . اومال لو مش لسه مسلملك سلومة الأقرع على طبق من دهب كنتِ عملتي ايه ؟ 


فرح بحنق

_ متفكرنيش عشان مش طايقه ابص في وشه 


_ ولا هو كمان على فكرة ، الصراحة انتوا الاتنين اشكالكوا تسد النفس . يالا هطير انا .


لم يُتيح لها الفرصة للرد عليه بينما أخذ يأكل الدرجات للأسفل حتى توجه إلى المكان المنشود فوجد عيني سالم التي كانت تبرق غضبًا فأعطاه غمزة خفية ليتحدث بصوت غليظ 

_ يالا يا شيخنا أبدأ .


حين أوشكت شيرين على الاعتراض اقترب مروان من أذنها قائلًا 

_ اعملي خير في دنيتك تضمني اخرتك . سيبيلي البت استفرد بيها النهاردة فرصة و أمك مشغوله معاكِ. الهي يجعل طارق ابن دولت خاتم في صباعك يا شيخة .


كلماته جعلت ضحكة رائعة تتسرب إلى شفتيها وهي تومأ برأسها دون حديث فيكفيها أن تكون شقيقتها سعيدة بينما كانت تغفل عن ذلك الذي ارتفع أحد حاجبيه حين رأى ضحكتها لذلك الوغد بينما لم تُكلف نفسها عناء الإلتفات له فأقسم أن يُعيد تهذيبها من جديد .

_ بارك لكما و بارك عليكمَ و جمع بينكمَ في خير .


انهى الشيخ كلماته و دقت طبول نبضاتها الثائرة فرحًا لكونها أصبحت تنتمي إليه لم يكُن الأمر بالشكل المُرضي لها ولكنها برغم من ذلك لم تستطِع منع إرتجافه جسدها الذي استشعر نظراته حين كانت تُعطيه ظهرها وهي تتلقى التهنئات من سُكان القصر و آخرهم فرح التي كانت وصلت لتوها بعد أن هرول مروان إلى الاعلى حلما انتهوا 

_ طارق بيحبك . انسي اللي فات و متفكريش فيه كإنه محصلش . 


هكذا همست فرح بجوار أذنها فأطلقت تنهيدة حارة من جوف الحريق المُندلِع بصدرها قبل أن تقول بلوعة

_ انا و نصيبي يا فرح . مش هيحصل اصعب من اللي حصل .


قطمت باقي حروفها حين شعرت كفه الخشن يتعلق خصرها وهو يقول بفظاظة 

_ هاخد شيرين و نخرج نشم شويه هوا . 


كانت عينيه موجهه إلى مكان مِعين فاومأ سالم برأسه بينما عينيه لم تخلو من نظرات تحذيره وصل مغزاها إلى عقل طارق الذي أرسل اليه نظرة مُتفهمة لا تعلم لما أصابتها بالذُعر فاوشكت على الهرب قائلة 

_ بس انا تعبا….


قست أنامله على خصرها في مُحاولة لردعها عن الحديث وهو يقول بفظاظة قبل أن يسحبها خلفه 

_ تصبحوا على خير . 


أطاعته مُضطرة ولو ترك لها العنان لهربت منه لا تعلم ما السبب تحديدًا ولكنها تخشى نظراته و تخشى ما هو قادم و ترتعب من مصير مجهول قد يبتلعها بين دوامته كما حدث سابقًا 

_ لازالت تحبس أنفاسها للحد الذي جعل ملامحها شاحبه و عينيها زائغة تناظره حين التف يجلس بجوارها في السيارة فأجفلها صوت الباب الذي أغلقه بحدة تشبه حدة أنفاسه التي جعلت الدماء تتأرجح في مقلتيها خوفًا وهي تراه ينطلق بسيارته لوجهه غير معلومة فلجأت للصمت ولكن داخلها كان هناك الكثير مما يؤرقها ولكنها هربت للجهة الأخرى بعينيها قمر بعض الوقت كان ثقيلاً وهي تحاول منع نفسها من الإلتفات إليه لرؤيه وجهه و معرفة ماذا يدور بداخله إلى أن توقفت السيارة في مكان مجهول إليها هادئ خالي أمام أحد الشواطيء التي لم تتعرف إليها 

فتسرب الخوف إلى داخلها أكثر بل و تعاظم حين شعرت به يقترب منها فأغلقت جفونها كرد فعل سريع منها و سرعان ما توقف نبضها لثوان حين استشعرت ملمس شفتيه الدافيء فوق وجنتها وصوته الأجش حين قال بجانب أذنها 

_ تقدري تاخدي نفسك دلوقتي . عشان بدل ما نروح نحتفل بجوازنا نروح المستشفى . 


و كأن حواسها انصاعت له فقد خرجت أنفاسها لاهثة لتشعرها بالحياة مرة أخرى فابتلعت ريقها و قالت بنبرة مُتحشرجة

 _ بس انا مش عايزة اروح في أي مكان . انا تعبانه و عايزة ارتاح ..


تجاهل جملتها الأولى و قال بلهجة عابثة

_ حلو اوي . سيبي موضوع الراحة دا عليا.


التفتت تناظره بلهفة وقد اضرمت كلماته النيران بحقول الألغام التي يعج بها قلبها فاصطدمت بأروع ابتسامة رأتها بحياتها و صوتًا عذب يشدو عاشقًا حتى أطرب مسامعها 

_ مبروك يا روح قلبي . بقيتي حرم طارق الوزان . 


وقع الكلمة كان صاعقًا على جميع حواسها حد تدافع العبرات من مآقيها و تلعثم الحروف فوق شفاهها حين قالت

_ طارق ..


دنى منها للحد الذي جعله يستشعر نبضات قلبها الثائرة بعنف كحال نبضاته الجنونية فجاءت نبرته خافته ذو وقع آخاذ على جميع حواسها

_ عيون طارق . 


جاءت همساتها مُعذبة كحال قلبها حين همست قائلة 

_ انا قلبي واجعني أوي و حاسة ان روحي بتروح .


احتوى خصرها بساعديه القويين يقربها منه حد تلاحم أنفاسهم قبل أن يقول بلهجة عاشقة

_ سلامة قلبك يا قلبي .


ارتشف أنفاسها كنبيذ مُسكِر لتنتشي رئتيه بقربها فأخذ ينثر عشقه فوق جبهتها و خصلاتها الثائرة قبل أن يُضيف بهسيس خشن

_ انا هنا . خلاص مبقاش في ألم ولا خوف ولا وجع . انسي كل اللي فات . امحيه ، و سيبي روحك ليا وانا كفيل امحي منها كل اللي عدا كله .


كلماته العاشقة مسدت جراحها المُلتهبة فبدأ الخدري يسري بـ أوردتها ولكن لازال الخوف مُستيقظًا فهمست بنبرة يشوبها التوسل 

_ هتمحي ايه ولا ايه ؟ أصلًا مفيش حاجه حلوة في حياتي من يوم ما وعيت على الدنيا . 


لازال يحاول تسكين جراحها و سكب زخات الهوى فوق تصدعات روحها التي تهلهلت من فرط الأسى فعمس بنبرة مُتحشرجة

_ من النهاردة بقى في كل حاجه حلوة . مش هطلب منك تنسي . هقولك سيبيلي نفسك وانا هنسيكِ اسمك مش بس ذكرياتك الوحشة .


كلماته كانت تُقصيها عن تلك البقعة المُلتهبة في قلبها لتجذبها إلى أخرى تضج شغفًا و هيام كان ينبعث من عينيه التي تحاوطها كما تفعل يديه التي تُعانق خصرها بقوة مُحببة كثيرًا فلم يكُن لها مفر بالهرب كيف ؟ و كل الطرُق لا تؤدي إلا لعينيه التي لاح بهم العبث و كذلك نبرته حين قال هامسًا 

_ طب ايه بقى مش هتقوليلي مبروك ؟ 


تدحرجت حبات الفراولة الطازجة فوق وجنتيها خجلًا من كلماته العابثة والتي أثارت زوبعة من المشاعر بداخل قلبها فحاولت الهرب قائلة بتلعثم 

_ ما هو . ما هو . مب . مبروك….


قاطع كلماته المُبعثرة قائلًا بشغف يقطر من عينيه و كلماته 

_ نقطة و من أول السطر مبروك تتقال كدا ..


اكتسح ضفتي التوت خاصتها بقوة توحي بمدى عشقه و هيامه بها تلك التي طغى هواها على كل شيء فبات كونه ظلامًا دونها و باتت فلكه الذي تدور حوله جميع الكواكب و النجوم فلم يكُن هُناك مفر أمامه سوى انتزاعها من بين براثن الحياة كما اعتاد دائمًا ولكن معها كان كل شيء مُختلف يشعر بروحه تمتزج مع خاصتها تنصهر جميع حواسه بين طيات عشقها يرتشف ريقها بتمزُز و كأنه ترياق لحياة ليس لها معنى بدونها كان مُتطلبًا بطريقة أجفلتها في البداية ولكن بعد ذلك انخرطت معه في دوامة من المشاعر التي تُشبه الجنة في روعتها فلم تشعُر حين جذبها لتستلقي بين جنبات صدره الخافق باسمها فقد كانت تتنعم بين وسائد حريرية تحملها فوق سُحب العشق الورديه على الرغم من قسوته الا أن الأمر كان رائعًا فقد كان قوياً بقدر ما يتطلب الأمر و اكثر بقليل و كانت هي مُحبة تتقبل قسوته بقلب لهيف والكل اللهفة كانت بوابته نحو الجنون لذا توقف قبل أن يتمادى إلى نقطة اللا رجوع وهو مالا يُريده الآن.  


★★★★★★★★


لأول مرة مُنذ زمن ترسو بسفينتها فوق برًا آمن غير عابئة بعواصف و أعاصير القدر فقد نالت راحتها بعد عناء تلك الرحلة المُضنية التي كانت نهايتها أروع مما تخيلت يومًا و من فرط سعادتها لم تستطِع أن تُزحزح عينيها من عليه لا تعرف ماذا سيحدُث غدًا ولكنها كانت تُريد حفر تلك اللحظة في ذاكرتها للأبد ولكنها لم تكن تعلم بأنه يُشاطرها رغبتها بل و يتمنى أن يدوم قربها حتى تفارقه الروح التي لازالت ملكًا لها و كأنه عاد بالزمن إلى الوراء لاثنى و عشرون عامًا و أول لقاء جمعه بها. 

_ مكنتش اعرف ان شكلي حلو اوي كدا ؟ 


هكذا تحدث صفوت مازحًا وانامله تداعب خصلات شعرها المشعثة إثر جنون أفعاله منذ قليل فأجابته بنبرة عاشقة لامرأة تعرف جيدًا كيفية الوصول إلى قلب تهواه بكُل جوارحها 

_ يبقى دي غلطتي انك معرفتكش انك أجمل راجل في الدنيا . 

نجحت كلماتها في إصابة منتصف الهدف الذي جعل قلبه يرتج أسفل أناملها الرقيقة فقام بتقريبها منه في حركة مُباغته لتصطدم أنفاسهم الموقدة بلهيب العشق الذي تساقط من بين حروفه حين قال

_ كنت قربت انسى طعم الحب بين ايديكِ . بس من النهاردة خلاص مش هفتكر غيره .


افتر ثغرها عن ابتسامة عاشقة و همست بنبرة تُشبهها 

_ انت حبيبي و روح قلبي و من هنا ورايح مش هتشوف مني غير الحب و بس . لكن توعدني انك تخلي بالك من نفسك عشاني و عشان نجمة


كان هناك استفهام يلوح في سماء عينيها و حاولت التعبير عنه بجملتها الأخيرة فاعتدل في نومته ليصبح نصف جالسًا قبل أن يقول بلهجة عابثة

_ لسه بردو زي ما أنتِ متغيرايش . عايزة تعرفي ايه يا سهام ؟ 


سهام بغنج راج له كثيرًا 

_ عايزة اطمن . 


_ اطمني . محدش فينا هيوسخ أيده . 


سهام باستفهام 

_ طب و هتتخلصوا منه ازاي ؟ 


_ الموضوع كبر اوي بعد ظهور حازم و سالم حلف لازم ياخد تاره عشان كدا هنلاعبه بنفس لعبته خصوصًا انه ظهرله نقطة ضعف مكنتش في الحسبان .


سهام بفضول

_اللي هي ايه ؟ 


صفوت بتهكم 

_ ناجي عنده بنت مخبيها عن الناس كلها و عايشة في برلين . 


★★★★★★★★★


_ ست نجمة . يا ست نجمة ..


هكذا تحدثت أحد الخادمات بصوت منخفض لتلتفت نجمة إليها وهي تقول باستفهام 

_ عايزة ايه يا بهية ؟ 


_ تعالي اوريكِ حاچة في المُطبخ .


طاوعتها نجمة و توجهت الى داخل المطبخ فقالت بهية بتلعثم

_ بجولك ايه شوفي أكده في ايه في الچنينة ؟ 


خيم الاندهاش على ملامحها فتوجهت إلى الخارج لتتفاجئ بتلك الباقة من الزهور الحمراء أمامها فشهقت بصدمة لتتنحى الباقة جانبًا و يظهر عمار بتلك البسمة الرائعة التي أضاءت عينيه الزيتونية الخلابة و صوته الأجش وهو يقول

 _ چبت الورد للورد يا ترى الورد هيحن علي ولا هيهمل جلبي في لوعته و عذابه .


لونت ابتسامة عاشقة محياها كما توهج خديها بحمرة قانية سلبت أنظاره العاشقة و خاصةً حين قالت بنبرة خافتة 

_ بعد الشر عنك من العذاب و اللوعة . اني مجدرش اهملك واصل . جلبي ميطاوعنيش 


كان الحنان الذي يقطُر من عينيها يغويه بأن راحته المنشودة تكمُن في قُربها لذلك كان يتحمل أفعال صفوت الغاشمة بحقه و طريقته في أبعاده عنها وكان يُمني نفسه بأنها غاليته التي سيبذل الغالي و النفيس حتى يصل إليها 

_ اتوحشتك جوي يا نچمة جلبي.  


اخفضت رأسها خجلًا فجاء صوته مُحذرًا 

_ وه . بتبعدي عيونك عني ليه ؟ دا انا جاطع المسافة دي كلاتها علشان املي عيني من چمالها .


كلماته كانت رائعة للحد الذي جعلها تهمس دون وعي 

_ انت بتچيب الحديت الحلو ده منين ؟ 


عمار بمزاح 

_ الصراحة معرِفش . اني معاكِ مهفكرش سايب جلبي يتكلم و ياخدني لحد عِندِك و مجدرش حتى اقاومه . 


هناك شيء خلف نظراته و كلماته التي توحي بمدى احتياجه لها فـ همست بخفوت 

_ هو أنت عمرك ما حبيت جبل اكده ؟ 


تبسم بخفة قبل أن يُجيبها بلهجة تشوبها المرارة 

_ اني متربتش عالحب ولا عمري دوجته من وانا عيل صغير . عشان أكده لما چربته معاكِ مكنتش فاهمه ، ولا كنت عارف اللي جواتي دا يُبجى ايه ؟ 


استفهمت بخجل 

_ و ايه اللي كان چواتك ؟ 


أطلق العنان لقلبه يقوده إلى أكثر الأماكن أمنًا نُصب عينيها

_ من اول ما عيني شافتك و لچيت جلبي هيتنطط چواي كيف العيل لصغير . عيونك الحلوة خطفتني و احتلت أحلامي صاحي و نايم ، كنت ابجى ماشي بجول يا أرض اتهدي ما عليكِ كدي و أول ما أشوفك كياني يتشجلب . 


صمت لثوان قبل أن يُضيف بلهجة يملؤها الشجن 

_ چوه كل إنسان مهما أن كان چوي نجط ضعف مبتظهرش غير مع اجرب الناس ليه و أني جبل ما اعرفك مكنش ليا جريب . أنتِ الوحيدة اللي حسيت اني هرمي ضعفي بين ايديكِ واني مش خايف أو جلجان . 


هتف قلبه بلوعة العشق

_ عمري ما حسيت اني ناجصني حاچة غير لما شوفتك . اني طول عمري عِندي كل حاچة في الدنيا الا حضن يحن عليا و يطبطب على وچعي . الحنان اللي في عنيكِ كان بيغويني و يچرچرني لحد عِنديكِ و يجولي اني حياتي مش هتبجى حياة غير لما تنوريها . 


تقاذفتها أمواج العشق و نثر الخجل حبات الفراولة الطازجة فوق وجنتيها و هتفت بهيام 

_ ايه دا كله ؟ دا انت شاعر و اني معرِفش . 

 

_ كلات دا ميچيش نجطة في بحر اللي چواتي ليكِ . 


توقف لثوان ثم تابع بسخط

_ هو بس ابوكي لو ربنا يهديه كُنت اعرِف اعبر عن كل اللي چواتي بدل ما اني كيف الحرامية أكده عشان اشوفك . حتى يوم العشوة المشچومة لما عِرف اني چاي جفل البوابة و جال للحارِس يجولي انكوا نمتوا بدري . 


لم تستطِع قمع ضحكاتها على ما حدث ذلك اليوم فهوى قلبه صريعّا في عشق تلك الضحكات التي أضاءت ظلامه الدامس و هتف بلهجة موقدة بلهيب الصبوة

_ يابوووي . هو في أكده ؟ 


خمدت ثورة ضحكاتها و توارت خلف جدار الخجل خامسة بتلعثم 

_ ت . تجصد . ايه ؟ 


دكنت نظراته من فرط ما تحويه من مشاعر جعلت نبرته متحشرجه حين قال 

_ أمتى بجى هتصبح بالضحكة الحلوة دي ؟ اني مش هقدر اصبر اكتر من أكده . يمين بالله لا رايح لصفوت الوزان دلوق و محدد معاه معاد الفرح حتى لو هيطير فيها رجاب ..


انهى كلماته و توجه إلى البوابة الرئيسية للمزرعة و قام بدق الباب بطريقة افزعت الحارس الذي هرول لرؤيه ذلك الطارق العنيف فتفاجيء بعمار الذي باغته قائلًا بلهجة توحي بأن هناك امرًا جلل 

_ افتح الزفت دا لازمن اجابل صفوت بيه موضوع حياة أو موت .


تلبك الخفير لثوان قبل أن يفتح البوابة ليدخل عمار رأسًا إلى الداخل بينما هرولت نجمة التي تذكرت وجود جنة في الداخل و ما كادت أن تُخبرها بمجيء عمار حتى سمعت الطرق على الباب الداخلي للبيت فجذبتها من يديها وهي تقول بعُجالة

_ جنة . همي معاي نطلع على فوج بسرعة 


جنة بذعر

_ في ايه يا نجمة ؟ حصل ايه ؟ 


نجمة بأنفاس مقطوعة

_ عمار واد عمك عالباب . مهينفعش يشوفك اهنه دلوق. هيفتح سين و چيم و دا غتيت لازمن هيعرف في ايه ؟ 


فزعت جنة و هرولت معها إلى الاعلى ليتقابلا بصفوت الذي ارتدى ثيابه على عجل حين سمع تلك الطرقات على باب القصر ليقول باستفهام غاضب

_ مين الحمار اللي بيخبط كدا ؟ 


تلعثمت نجمة وهي تقول بعُجالة 

_ يا مُري . ده باينه عمار . خطيبي . كنك نسيت اني مخطوبة ولا اي ؟ همي يا چنة ..


ألقت كلماتها الساخطة وهي تهرول مع جنة للداخل فخرجت سهام خلفه وهي ترتدي مئزرها لتقول بوجل

_ في ايه يا صفوت ؟ 


صفوت بحنق 

_ البيه خطيب الهانم بنتك اللي معندوش نظر جاي يزورنا في نصاص الليالي 


قال جملته و توجه إلى الغرفة ليُكمل ارتداء ثيابه استعدادًا لمقابلته بينما تمتمت سهام بسخط 

_ هو بردو اللي معندوش نظر ! 

صفوت باستفهام 

_ بتقولي ايه ؟ 


اقتربت منه تساعده على ارتداء ملابسه لتربت على كتفه بدلال قائلة

_ صفوت يا حبيبي الولد بيحب البنت وهي كمان بتحبه مرمطه بما فيه الكفاية خلاص بقى مصعبش عليك ! 


صفوت بحنق

_ نعم ياختي ؟ مانا بقالي عشرين سنة متمرمط معاكِ مصعبتش على حد ليه ؟ 


حاولت قمع ضحكاتها بصعوبة قبل أن تقول بحنو و عينين تعدانه بالكثير 

_ اوعدك يا روحي هعوضك عن كل الوقت اللي ضاع مننا . بس الولاد ملهمش ذنب بنتك بتحبه 


تجاهل ضجيج قلبه إثر كلماتها و قال بسخط 

_ هو انا لحقت افهم أنها بنتي أصلًا عشان ييجي البيه ياخدها مني.  


_ مين قالك كدا ؟ دي هتبقى جنبك في أي وقت هتعوزها هتلاقيها . 


حاول تجاهل تأثيرها القاسي عليه وقال مُحذرًا بجدية زائفة

_ بطلي اسلوبك دا عشان مش هتقنعيني يا سهام !


كانت اكثر من يعرفه لذا اقتربت منه بدلال تحاول زعزعة المُتبقي من ثباته وهي تقول بلهجة تقطُر غنجًا 

_ طب وحياة سهام حبيبتك ما تمشيه مكسور الخاطر . دا انت مفيش أحن من قلبك ، فرحهم عشان خاطري ولا انا بقى ماليش خاطر عندك ؟ 


قالت جملتها الأخيرة بحزن جعله يزفر بقلة حيلة أمام حُسنها و حزنها الذي لا يحتمله قلبه لذا أتم اقترب واضعًا قبلة دافئة فوق جبهتها قبل أن يقول بحنو

_ خاطرك عندي بالدنيا كلها….


★★★★★★★★


نصب عوده ليقف في مقابلة صفوت الذي دلف إلى غرفة المكتب ليجده بانتظاره قائلًا ببرود أثار حفيظة صفوت

_ أهلًا يا حمايا العزيز .


تمام صفوت حانقًا 

_ أنا لا حماك ولا بطيقك ياخي . 


_ يتجول حاچة يا حمايا ؟ 


صفوت بسخط حاول اخفاءه خلف ابتسامة سمجة

_ لا متقولش . اتفضل اقعد 

جلس عمار في مواجهة صفوت الذي تابع بجفاء

_ خير ؟ حد يزور حد في الوقت المتأخر دا ؟ 


عمار باستفزاز 

_ و هو اني غريب ؟ 


زفر صفوت حانقًا قبل أن يقول بسخرية 

_ والله مش فاهم العشم اللي بتتكلم بيه دا جايبه منين ؟ 


عمار بسلاسة أثارت جنونه 

_ مش احنا اهل بردك ؟ يبجى لازمن نعشمو في بعض . 


تجاهل صفوت كلماته وقال بجفاء

_ وماله . نعم ؟ 


عمار بنبرة قاطعه كالسيف

_ عايز احدد معاد للچواز .


صفوت باختصار

_ مش قبل ست شهور . 


انتفض عمار من مقعده مصدومًا وهو يهتف بحدة

_ وه . ست شهور ؟ ليه أن شاء الله ؟ 


زفر صفوت حانقًا وهو يقول بتعقُل 

_ اقعد يا عمار خلينا نعرف نتكلم 


طاوعه عمار و هو يتجاهل براكين غضبه المِشتعل 

_ جعدنا . اتفضل اتكلم ، وياريت يكون كلامك يدخل العجل 


أومأ صفوت قبل أن يقرر رفع الستار عن كل شيء فقال بجفاء

_ انت لسه قايل من دقايق اننا أهل ، وبنعشم في بعض ، وعشان كدا بقولك انا مضطر أأجل الفرح و قبل ما تسأل ليه انا هقولك.  


استمهل نفسه قبل أن يُتابع بلهجة أهدأ 

_ انت طبعًا كنت معانا يوم ظهور حازم و فن ناجي و عمايله ، و كمان شوفته لما يكل بجاحه جه هنا . 


_ ايوا حوصول بس دا ايه دخله بچوازي من نچمة ؟ 


صفوت بصوت شجي

_ ناجي بالرغم من أنه اخويا بس طول عمره نبت شيطاني مبيجيش من وراه غير الأذى و أذاه مفيش حد فينا مطالهوش و أولهم نجمة بنتي اللي خطفها اول مرة من حضني وهي لسه طفلة سنتين ، و رجع وخطفها تاني وهي عروسه عشرين سنة . ناجي حرمني اني استمتع ببنتي بتكبر في حضني وعشان كدا مش هسمحله يمنعني استمتع بيها وهي عروسه و افرح بجوازها اللي مُتأكد أنه هيعمل المستحيل و يقلبه جنازة فوق دماغنا . 


عمار بغضب من ذلك الحقير و جز على أسنانه قائلًا بحنق

_ دا انا كنت ادفنه مُطرحه . يعني ايه يجلبه چنازة ؟ هو انت متعرِفش انت مناسب مين يا صفوت بيه ؟ لو كان هيجف بينك و بينه الدم اللي بيچمعكوا اني معنديش مشكله ادفنه حي لو جرب منيها ولا حتى فكر . 


صفوت بإعجاب من بسالته في الدفاع عن ابنته 

_ أنا عارف انك جدع و راجل و ميتخافش عليك . بس للأسف اللي بينا وبينه كبير اوى و لازم يتصفى بعقل عشان للأسف هو من دمنا . يعني اللي هيعيبه هيعيبنا و احنا ناس طول عمرنا معروف عننا الاحترام و الأصل مينفعش نوسخ اسم العيلة اللي اتبنى في سنين شقى و تعب . 


زفر عمار حانقًا و قال بنفاذ صبر 

_ طيب اني معاك في كل اللى جولته بس اني بردو مش هقدر اصبر كلات دا . شوف عايز تتصرف ازاي معاه واني في ضهرك . خلونا نخلصوا من الراچل دا عشان نعرف نعيش حياتنا كيف باجي الخلج .


لمعت عيني صفوت بوميض الانتصار و قد راقت له كلمات عمار لذا قال بتفكير 

_ والله عندك حق . شوف أما اقولك …


★★★★★★★★★


_ ايه أنتِ بلعتي لسانك ولا ايه ؟ 


هكذا تحدث مروان إلى سما المُنكمشة على نفسها بخجل جراء فعلته منذ قليل فلم تُجيبه بل اكتفت بنظرة مُعاتبة فأكمل مروان بوقاحة

_ أو يمكن أكون قسيت عليه شويه ؟ 


_ مروان ! 


هتفت سما بتحذير و الخجل يكاد يغمرها فقهقه مروان بصخب على مظهرها قبل أن يقول بمُزاح 

_ أيوا كدا خلي صوتك يطلع بدل ما اخلي أمة لا إله إلا الله تتفرج عليكِ و بالمناسبة انا جايب معايا القسيمة يعني اي حد هيتكلم هحطها في خلقته . 


لم تستطِع قمع ضحكاتها إثر كلماته فهلل مروان قائلًا 

_ ايوا بقى اضحكي يا بركان النكد الأزلي. 


انمحت ضحكاتها و هتفت بحزن 

_ انا نكديه يا مروان ؟ 


مروان باندهاش

_ انتِ بتسألي بجد ؟ داهية لا تكوني بتسألي بجد ! سما انا من زمان عايز اكلمك في الموضوع دا .


سما باستفهام 

_ موضوع فيه ؟ 


مروان بجدية

_ كفاية نكد يا ماما . هتعجزي قبل أوانك . الدنيا دي كل حاجه فيها مكتوبة . النكد دا بيقصر العمر . اضحكي للدنيا تضحك لك كشريلها هتسفخلك على طول . 


سما بهدوء

_ ماشي عندك حق بس غصب عني ..


قاطعها بتعقل

_ مفيش حاجه اسمها غصب عنك . احنا ناس مؤمنة بربنا ، و ربنا رحيم بينزل البلاء على قدر طاقتنا . بصي حواليكِ هتلاقي في ناس كتير حياتها أصعب منك بس راضيه . احمدي ربنا أن حواليكِ ناس بتحبك عندها استعداد تفديكِ بروحها و ارمي ورا ضهرك اي حاجه تانيه . 


تغلغلت كلماته إلى أعماقها فبدأ شعاع الضوء يتسرب إلى ذلك الظلام الذي يتعشش بداخلها فتابع مروان بجدية 

_ وبعدين انا جنبك ، و بحبك عارفه يعني ايه جنبك و بحبك يعني مش هسمح لـ حاجه في الدنيا كلها تمس شعرة منك . 


انتفض قلبها تأثُرًا بكلماته العاشقة التي لأول مرة تتذوق ذلك الإحساس الرائع بالأمان برفقته فـ ناظرته بلهجة عاشقة 

_ ربنا يخليك ليا … 


تبدلت جديته إلى عشق ارسلته عينيه كسهام عرفت هدفها جيدًا و قال بنبرة شغوفة

_ لسه عايزة تعرفي بحبك قد ايه ؟ 


لم تفهم ما يرمي إليه فتوقفت السيارة بأحد المولات الكبيرة فإذا به يترجل منها ليقوم بسحبها خلفه وسط ضجيج تساؤلاتها التي تجاهلها إلى أن دلف إلى الداخل وسط زحمة كبيرة ليتوقف بمنتصف المكان وهو يصيح بصوت جذب أنظار المارة 

_ جماعه . سكوت من فضلكم . 


التفتت الأنظار إليهمَ فاحتمت خلفه خجلًا من كل تلك بنظرات المستفهمة فتفاجئت بذلك المجنون الذي قال بصوتًا عال 

_ عايز بس اعترف اعتراف و الناس دي كلها تشهد عليه . عشان البت دي لو عيطت تاني انا هزعل و أجيب ناس تزعل


كان الجميع مدهوشًا من حديثه و خاصةً حين التفت ينظُر إلى تلك التي جمدها الخجل بمكانها وسرعان ما تحول لصدمة حين وجدته يجلس على إحدى ركبتيه وهو يخرج شيء ما من جيبه و الذي لم يكُن سوى خاتم ألماسي رائع يشبه روعة تلك اللحظة حين قدمه إليها وهو يقول بلهجة عاشقة 

_ بقولك قدام الناس دي كلها اني بحبك و مش عايز من الدنيا غيرك . موافقة تكوني مراتي ؟ 

رجفة قويه ضربت سائر جسدها حين استمعت إلى كلماته العاشقه و تلك الهمهمهات حولها فـ ازدادت ضربات قلبها حتى تجاوزت المليون دقة في الثانية الواحدة وهي تناظره بأعين يلتمع بها العشق وتغشاها الدموع فهمست بحب 

_ موافقه. 


لونت ابتسامة عاشقة محياه و قام بـ إلباسها الخاتم قبل أن ينصب عوده و يتقدم لـ يحتويها بين ذراعيه و يدور بها وسط تهليل من الجميع حولهم فدفنت رأسها بعنقه خجلًا كان أكثر من مستمتع به فزاد من ضمها قليلًا قبل أن يُعيدها إلى الأرض ليستمع إلى أحد التعليقات المازحة من أحد الشباب 

_ يا عم كل دا حضن ؟ طب استنى لما تتجوزوا الأول 


اجابه مروان بسخرية

_ لا ياد ما هي مراتي أصلًا . ما هو انت متعرفش اصل البت دي تعشق النكد قد عنيها و المفروض أن النهاردة كتب كتاب اختها على عبدة موته اخويا و دي قلبتهالنا متاحة قوم ايه … وله انت هو انا هحكيلك قصة حياتي ؟ وانت مالك اصلًا . ما تيجي تتعشى معانا احسن ؟ دا انت غتيت اوي .


★★★★★★★★


بعد مرور أسبوع و تحديدًا منذ سفر كُلًا من سليم و طارق إلى وجهة غير معلومة لم تُلِح بالسؤال عنها كانت تشعر بتوتره الذي كان يبرع في إخفاءه ولكن ليس على قلبها الذي يحفظ سكناته عن ظهر قلب و يعلم أنه يُعاني من القلق و قد فطنت بأن الأمر له علاقة بذلك المدعو ناجي لذا ارادت التخفيف عنه قليلًا و مُفاجأته ذلك اليوم بالذهاب إلى مقر الشركة الخاص به دون إعلامه و ما أن وصلت حتى حيت تلك الفتاة مديرة بكتبه و توجهت إليه وهي تُشدِد عليها إلا تُخبره و بينما هو غارق في تلك الأوراق أمامه تفاجيء بباب غرفته يُفتح و كأن قلبه قد شعر بوجودها فرفع رأسه بلهفه يُناظر تلك الحورية التي زارته ذات يوم لتُحذره من مغبة خطر يُحاوط كليهما لتوقعه في خطر أكبر وهو عشقها .

ارتفعت عينيه تحاوطها بشغف و بسمة هادئة مُرتاحه ترتسم على محياه حين شاهدها تقف مُستندة على باب الغرفة تُعانقه بنظراتها المُشتاقة و كأنها تُشاطره تلك الذكرى البعيدة لـ تتقدم نحوه بدلال تجلى في نبرتها حين قالت

_ سالم بيه الوزان . 


قرر أن يُجاريها قائلًا بلهجة فظة

_ فرح عمران . 


صححت كلماته بلهجة عابثة 

_ آنسة فرح عمران لو سمحت . 


اندلعت من جوفه ضحكة صاخبة زعزعت كيانها الذي يذوب به عشقًا ارتسم على ملامحها و أخبرته به عينيها فتوقف عن الضحك و قال بلهجة خطرة 

_ قربي سمعيني كدا قولتي ايه ؟ 


أرادت مشاكسته قليلًا فقالت بغنج 

_ ما ما اقول من هنا عادي . 


سالم بعبث ارتيم في نظراته أولًا 

_ لا دا كلام كبير اوي . كلمة تتنطور هنا ولا هنا . ينفع ؟ 


انهى كلمته الأخيرة بغمزة وقحة فتقدمت منه بدلال تجلى في نبرتها حين قالت 

_ تصدق عندي فضول اعرف ايه الكلام الكبير اللي بيربطنا 


للمرة الثانية خرجت قهقهاته لـ تملء أرجاء الغرفة وهي تُعيد عليه تلك الكلمات التي ألقاها على مسامعها ذلك اليوم ليُعيد عليها إحدى كلماته التي كانت تُثير حنقها 

_ وماله اعرفك بس بطريقتي . ماهو كل شيء مُتاح في الحُب و الحرب . 

ابتسمت هي تلك المرة و تقدمت لتقف أمامه قائلة باستفزاز

_ دمك كان تقيل اوى على فكرة . 


باغتها حين نصب عوده الفارع ليقف قبالتها مُباشرةً و كفوفه الغليظة تحتضن خصرها بتملُك حتى جعلتها جزءً لا يتجزأ منه و جاءت لهجته شغوفة خشنة دغدغت حواسها حين قال 

_ و أنتِ كنتِ حلوة اوي .


تجاهلت ثورة قلبها بقربه و قالت بدلال

_ كُنت ؟


مرر أنفه فوق قسماتها البديعة يتشرب قُربها بتمهُل قاتل قبل أن يُجيبها بخشونة اذابت أوصالها

_ أحلويتي اكتر و أكتر . 


احتوت عنقه بذراعيها وهي تشاكسه قائلة

_ حتى و أنا أبلة نظيرة كنت حلوة ؟ 


ألهبت حواسها ضحكاته الرائعة التي اطربت أذنها قبل أن يقول بهسيس خشن 

_ أبلة نظيرة دي كانت بتجنني و خصوصًا لما كانت بتحرمني اشوف عيونك الحلوين . 


دفنت رأسها في صدره وهي تقول بمزاح 

_ اقولك على سر . بصراحه انا كنت بعمل كدا عشان استفزك . 


قست أناملة فوق خصرها قبل أن يرفع وجهها ليرى تلك النظرات العابثة التي تُطل من عينيها فعض على شفتيه بتوعد تجلى في نبرته حين قال 

_ دا سر خطير جدًا و عواقبه وخيمة يا فرح هانم .


_ يعني أنا غلطانه اني بشاركك أسراري ؟ 


سالم بعبث 

_ غلطانه عشان بتخبي عليا أسرارك ، ولازم تتعاقبي . 


اقترب ليُعاقبها بطريقته الأكثر من مُحببة لديها ولكن يديها التي وضعتها فوق صدره لتقف حائلًا بينهم وهي تقول باعتراض 

_ تؤ تؤ تؤ تؤ تؤ . 


تراجع باندهاش ليجدها تقول بلهجة مُعاتبة

_ منصور مش هيسمح لك تقسى عليا يا ابو منصور .


شعر بمدى حنقها ولكنه أراد مشاكستها قليلًا 

_ انا تحت امر منصور بيه . هو انا عندي أغلى منه .


كانت على وشك البُكاء وهي تُناظره بعينين تتوسلان إليه أن يفهم ما لا تستطِع قوله فاتقن ارتداء قناع الجمود لتزفر باستسلام و تومئ برأسها فقام بنثر عشقه فوق جبهتها وهو يقول بهمس 

_ طول عمري بتمنى أكون أب بس تعرفي اني أكون أب لطفل منك دا أروع أحساس حسيته في حياتي . 


حاوطت وجهه بأناملها الرقيقة و قالت بخفوت 

_ طب ينفع تقولي مالك ؟ 


تلبدت سماءه الصافية بالغيوم فزوى ما بين حاجبيه قبل أن يقول بلهجه جامدة

_ شويه مشاكل في الشغل . 


انتقلت يديها إلى كفوفه لـ تسحبه إلى تلك الأريكة التي تتوسط غرفته وقامت بالجلوس ليفعل مثلها ولكنه تفاجيء بها وهي تجذب رأسه ليستقر فوق صدرها الخافق باسمه و شفاهها المُغوية تعزف اروع معزوفة عشق فوق ملامحه قبل أن تنساب كلماتها الحانية فوق إضطرابات عقله 

_ انا عارفه انك مابتحبش تتكلم كتير بس عارفه انك شايل كتير جواك ، و عشان كدا عايزاك تعرف انك أروع راجل في الدنيا ، و انك تستحق تكون كبير العيلة دي . العيلة اللي متنفعش من غير سالم الوزان . العيلة اللي انت مضلل عليها بحبك و حنانك حتى في عز قسوتك . اوعى تفكر اني مش حاسة بيك . لا . انا بس مش حابة اضايقك لكن انا جنبك . في اي وقت هتلاقيني جنبك و في ضهرك . 


لثمت كلماتها تلك الندوب التي تركتها حوافر القلق بقلبه و هدهدت ثورة إضطراباته العاتية فقام باحتواء خصرها بساعديه القويين وهو يمرغ رأسه فوق صدرها الذي كان أكثر من مُرحب بوجوده فأخذ يستشعر حلاوة قُربها لدقائق سرقها عنوة من الزمن إلى أن دق رنين ذلك الهاتف الذي الغريب كُليًا عليها فانتزع نفسه من بين أحضانها ليُجيب بلهفة قلما تظهر عليه و إذا بالكلمات تتساقط فوق رأسه كـ طلقات الرصاص 

_ كنا حاسبينها غلط يا سالم . البنت مطلعتش بنت عشيقته . ناجي خدعنا كلنا ! 

الفصل الواحد والعشرون من هنا


تعليقات



×