رواية أحببت كاتبا الفصل الثاني
لحظات أستكانت بها روحها بين ثنايا سطورهه ،ففتحت كلتا ذراعيها وهي تُحادث نفسها
صفا: جنه طلع معاها حق ، انا شكلي أدمنتك ومش هخف من أدمانك
لتطرق والدتها عليها باب حجرتها وتدخل قائله بصوت عالي
فاطمه : يابنتي ياحببتي ، الكتب الي بتشتريهاا ديه هي الي لسعتلك دماغك ، اكتر ما أنتي لاسعه قومي معايا أتعلمي كام طابخه صدقيني هتفيدك ، مش عيب علطولك ده لما تكون بنت في سنك ولسا متعلمتش ازاي تطبخ ، ده الي قدك اتجوزا وخلفوا
لتنتبه صفا لأسطوانة والدتها اليوميه قائله : خضتيني يابطه
فاطمه : بطه في عينك ، انا فعلا معرفتش أربي
وتجلس علي حافة فراش أبنتها ببكاء مصطنع : اه يا أخرة صبرك يافاطمه ، بنتك الوحيده اللي مالكيش غيرها مطلعه عينك وحتي العريس اللي متقدملها هطفشه زي اللي قبله قال ايه نفسها في راجل زي الروايات انا أجبلها العريس الورق ده منين انا ...
لتنهض صفا سريعا مُتجها الي امها قائله : تاني ياماما ، عريس تاني وده من طرف مين .. انا قولتلك مليون مره انا مش عايزه اتجوز بالطريقه ديه ، غير انك مستعجله ليه علي جوازي انا لسا عايزه أحقق مستقبلي
لتقف أمها ممسكه ببعض الكتب والروايات التي تتناثر علي درج مكتب ابنتها
فاطمه ساخره : ما اه باين المستقبل يابنت بطني ، عايشالي في الخيال
وتنهدت أمها بتعب قائله : انا وابوكي يابنتي نفسنا نخلص من حملك لراجل يوصينك .. خايفين عليكي من الدنيا ديه وانتي ولا ليكي اخ ولا ليكي اخت
فتقترب منها صفا دامعه قائله بخوف : بعد الشر عليكم ياماما ، متقوليش كده ، انا هعمل كل اللي يريحك ولو علي الروايات والقرايه خلاص مش عايزاهم ومن بكره صدقيني هنزل أدور علي شغل .. بس بلاش الجواز اللي بطريقه ديه ياماما
لتنظر اليها فاطمه طويلا، محتضناها بقوة قائله : انا مش عايزاكي تشتغلي ، انا عايزه يبقي ليكي بيت وزوج اطمن عليكي معاه
ليرن هاتف صفا البسيط معلنا عن أتصال ، فتكون جنه أبنة عمتها المتصله
جنه : انتي طلعتي أرحم من عمتك ياصفا ، عمتك جيبالي عريس وبتقولي لازم اتجوزه ..
لتضحك صفا من حديث ابنة عمتها ناظرة الي والدتها التي تغلي غضبا منها
...................................................................
انتهي بدء العرض ،وبكده اكون وضحت ليكم كل حاجه!
لتنفتح الانوار فجأه ، وينظر كل الجالسين بعين منبهرة لما قد عُرض ، فيقف عامر مصفقاً لأخيه
عامر :هايل يابشمهندس ، موقع مميز ومخطط هندسي علي أعلي مستوي حتي جدولة الربح والتكلفه ممتازه
ليجلس أحمد بأسترخاء علي كرسيه كفرد من أفراد مجلس الاداره ويمد بيدهه بالاوراق التي تخص المشروع
أحمد : أنسه دينا هتوزع علي حضرتكم كل التفاصيل اللي تقدروا تقيموا بيها المشروع
وينتهي أجتماعهم المغلق ،ويغادر الحاضرون قاعة الاجتماعات وهم يتهامسون ، ويبقي أحمد واقفاً يجمع اوراقه ليغادر ايضا
فيقترب عامر بسعاده قائلا : انا النهارده فخور بيك يا احمد ،وتأمل عامر ساعة يدهه الفاخمه بهدوء
عامر : اوعاك تنسي ميعاد النهارده ، عز باشا وبنته جينا من أفضل الناس اللي ممكن نتعامل معاهم ومش عايزين نخسر ناس مهم زيهم
.................................................................
أنهت صفا كل ما أمرت به والدتها ، متنهده بخيبة امل من استسلامها لمقابلة ذلك العريس المرحب به من قبل والدتها ووالدها ... وانفردت بغرفتها ممسكه بأحدي اقلامها لتلون احد كلماته التي يقول فيها
لو كانت النجوم قريبه منا نمسكها بأيدينا، ما احس احدا بصعوبه نيل بعض الاشياء ،ولو كان القمر ظاهراً لأعينا بشكله المعتم ما وصف به المحب حبيبته ،فجمال الاشياء ببعدها وجهلها !
لتسمع نداء والدها ، وتذهب اليه سريعا فيحتضنها قائلا
حسن : اوعي تزعلي مننا ياصفا ، انا عارف انك مش موافقه علي العريس ونفسك تتجوزي الانسان اللي رسماه في خيالك بس ياحببتي عمر الواقع مابقي خيال ولا خيال بقي واقع
لترفع صفا بكف أيدي والدها المشحمه بشحم السيارات وتقبلها ، وتداعبه ببراءه
صفا بدعابه : كده هتبعني ياعم حسن ، بس اعمل حسابك لو معجبنيش زي اللي فات هنطفشه سوا
ليحتضنها والدها ضاحكا : افضلي اضحكي علطول يابنتي فاهمه !
فتترك حضن والدها وهي تضحك مكحكحه كالاطفال
لتركض والدتها اليها بخيبة امل من عقل ابنتها
فاطمه : يابنت المجنونه اتلمي هتفضحينا
وتتعالا ضحكاتها هي ووالدها لتنظر اليهم فاطمه مبتسمه بحنان
...................................................................
كان من ينظر اليها لا يظن بأن تلك السيده في العقد السادس من عمرها ، فبرغم الزمن ظل جمالها محفوراً علي تقسيمات وجهها وكأنه رافض ان يتخلي عن صاحبته
لتسير بعصايتها التي تساعدها علي الحركة الي شرفتها قائله لخادمتها تسألها للمره المليون عن شكل حديقة قصرهم الفخم
ناهد : اوصفيلي الجنينه يا حنان
لتبتسم تلك الخادمه المخلصه لسيدتها التي لا تُبصر
حنان : ماهو نفس وصف امبارح يا هانم ، اوصفهولك تاني
فتتشنج عضلات وجه سيدتها
ناهد بضيق : روحي شوفي شغلك ياحنان
لتنصرف حنان الي عملها بعد ان امرها سيدها من الخلف ذات الوقار الجامد ،ذو التاسع والعشرون عاماً بأن تُلبي رغبة والدته
فتشم هي رائحة عطره قائلة بحب : تعالا يا احمد
احمد : مالك ياماما بقيتي عصبيه كده ليه
لتتحرك نحو فراشها بتمهل وبخطوات قد اصبحت تحسبها وتدركها
ناهد : ذنبها ايه حنان اشخط فيها ، كفايه هي اللي متحملاني ومستحمله ست كفيفه
ليقترب منها احمد بحزن ، ويقبل ايديها وهو يقول بحنان : ياست الكل يعني تزعلي عيونك الزُرق الحلوين دول عشان خاطر زعقتي في حنان وقولتيلها روحي شوفي شغلك
لا لا فين ناهد هانم بشدتها وصحتها
فتبتسم ناهد متذكره حياتها مُنذ خمسة اعوام
ناهد : الزمن لازم يسيب اثره يابني ، ولا الصحه بتدوم ولا المال بيدوم .. بس مين يفهم
لينظر احمد طويلا الي والدته التي قد تغيرت تماما منذ تلك الحادثه التي افقدتها بصرها
ناهد : هيفضل لحد امتا اخوك زعلان مني
فيتنهد احمد بأسي ، ناظر طويلا الي امه بأشفاق
..............................................................
كان الهدوء مسيطر علي المكان بعد ان كان يشمل حديثهم عن العمل والمال ، ويصبح لصوت شوكاتهم علي الاطباق هي صاحبة الاصوات وفقط
ليميل عامر علي اخيه المشغول في شُرب مشروبه المفضل وهو الليمون المثلج قائلا : بلاش دور رزانة الكاتب هنا ، انت دلوقتي رجل اعمال .. وخد بالك من بنت عز نصار
ليرفع احمد وجهه الي تلك المدعوه جينا التي منذ ان وقعت بنظرها عليه وكأن شعاع اعينها ثُبت عليه وحده
لتفاجئهم جينا قائلة : شكلك بتحب الهدوء والسكوت اووي يابشمهندس
فيتجاهل احمد تعليقها ناظرا الي الرقم المتصل به ليقول :
عن اذنكم ياجماعه
ليتناول عز مشروبه الكحلي قائلا : اخوك ياعامر باشا شكله جد خالص ، انا كده فهمت ليه مؤسسات السيوفي قدرت ترجع اسمها تاني في السوق بعد ما كنتم اوشكتوا علي اعلان افلاسكم
فيتذكر عامر كل ماحدث منذُ ثمانية اعواما قائلا وهو يبتسم بثقه وقد وضع بساقاً فوق ساق وأشغل سيجارته الكوبي : واقدرنا نرجع اقوي من الاول ولا ايه ياعز باشا
عز بتمهل : طبعا طبعا !
..............................................................
كانت زغاريط والدتها تعم المنزل ، والفرحه لا تسع اعين والدتها
لتقول فاطمه بسعاده : مبرووك ياحببتي ، اه دكتور قد الدنيا ومعاه شقته وعيادته وعربيته
صفا : انتي شايفه ان هو ده الجواز ياماما من وجهة نظرك
فاطمه بسعاده وهي تحتضنها :لا طبعا يابنتي ، اهم حاجه عندي راحتك وسعادتك
صفا بأعتراض : بس ياماما انتي قولتيلهم اننا لسا هنفكر
فاطمه بأرتياح وهي تتجه الي زوجها الذي مازال جالس علي الاريكه في حجرة صالونهم البسيط بعد ان غادر اهل العريس : ها ياحج ايه رأيك ، كل حاجه فيه مناسبه .. عمرنا ماهنلاقي زيه
ليتأملها والدها ،ثم فتح لها ذراعيه
حسن وهو يحتضنها : اهم حاجه رأيك ياحببتي
لترفع صفا وجهها الوردي الي والدها وتنظر الي والدتها المتحمسه لأمر زواجها مثل جميع الامهات
صفا : انا عايزه اثبت نفسي واشتغل يابابا ، انا قريت اعلان في جريده طالبين اشخاص تجيد اللغه الالمانيه وانت عارف ان ده تخصصي ، ومش عايزه اتجوز دلوقتي
ويحرك حسن رأسه بالموافقه وهو ينظر الي زوجته الغاضبه منه من تدليله لابنتهما
لتقبل صفا ايد والدها بسعاده وتركض الي والدتها مقبله وجنتيها ورأسها بحب
صفا : تصبحوا علي خير يا احلي اب وام
فتتطلع فاطمه الي زوجها قائله : نفسي افهم ماله العريس
حسن : مش عاجب بنتك يافاطمه
................................................................
لا يعلم من أين وقعت في طريقه تلك الجريئه ، فنظر الي ثرثرتها الطويله معه بملل.. بعد ان لحقت به عندما غادر المكان ليرد علي اتصاله
جينا : اللي يشوفه مستر عاصم يقول انه انسان صارم جدا في تعامله واللي يشوفك يقول العكس .. بس للاسف المظاهر خداعه
ليلتف احمد اليه بعد ان اخرج ايديه من جيب سرواله : كويس انك فهمتي ان المظاهر خداعه
جينا بحالميه : انت جاف ليه كده في تعاملك معايا ولا ده مع كل الناس
احمد بجديه : وهتفرق ؟
جينا مبتسمه : اكيد
احمد وهو ينظر الي ساعته : اظن انك اتأخرتي علي والدك انسه جينا
لتتأمل جينا بروده ، وتتحول نظرتها اليه بتحدي .. ثم اقتربت منه قائله بهمس قبل ان تنصرف من امام جموده : اكيد هنشوف بعض كتير !
...............................................................
نظر اليها عم محمود طويلا بعد ان طال شرودها وهي تتأمل بعض الكتب والمجلات حديثه الاصدار
عم محمود : مالك ياصفا يابنتي ، شكلك مش مبسوط ، شكلك كنتي في مكان وراجعه منه مضايقه
لتظفر صفا بخنقه قائله : مافيش شغل، مافيش شغل كله بالوسطه
عم محمود : كله رزق يابنتي اسعي تاني واكيد ربنا مش هيسيبك
وانحني قليلا علي احد المجلات القابعه علي تلك المنضده الخشبيه المتهالكه
عم محمود وهو يشير اليها بأحدي المجلات : فيها اخبار عن كاتبك المفضل (مراد زين )
ليتهلل اساريرصفا وتأخذ المجله .. ناظره الي بعض عباراته المصُرح بها في اخر اصدار ورقي قد نشرهه وصور بعض الاشخاص الذين حصلوا علي توقيع منه بواسطة دار النشر التي لا يطبع لغيرها
ليقترب عم محمود منها ضاحكا : الكاتب المجهول (مراد زين )
فتحرك صفا رأسها بالايجاب فكل تصريحاته واي شئ يخصه لا تتحدث عنها سوا هذه الدار
عم محمود : لو عايزه الكتاب تاني خليه معاكي ، عارفه بتحبيه قد ايه وبتحبي كل كلمه بيكتبها
لتبتسم صفا بسعاده قائله : ماهو محدش هيونسني غيره ، بعد رحلة البحث عن عمل .. اه بدل ما اكتئب اعيش مع الخيال
ثم ودعته قائله : سلام ياراجل ياطيب
............................................................... سيارات اسعاف وعربات شرطه تقف .. وغبار يحاوط مدخل حارتها
فتغمض عينيها واضعه بذلك الكتاب علي وجهها لتحمي أعيونها الخضراء اللامعه من كمية الاتربه لتتسأل داخلها لماذا كل هذا الضجيج وتلك الاتربه
لتسمع صوت صراخ رجال الشرطه في الاشخاص الواقفون يسدون مدخل الحاره امام عربات الاسعاف
فترفع صفا وجهها بعد ان سمعت احدهم يقول لصديقه : بيقولوا ان البنايه اللي وقعت تحتها ورشة عم حسن الميكانيكي ، مش عم مصطفي البقال
صفا: جنه طلع معاها حق ، انا شكلي أدمنتك ومش هخف من أدمانك
لتطرق والدتها عليها باب حجرتها وتدخل قائله بصوت عالي
فاطمه : يابنتي ياحببتي ، الكتب الي بتشتريهاا ديه هي الي لسعتلك دماغك ، اكتر ما أنتي لاسعه قومي معايا أتعلمي كام طابخه صدقيني هتفيدك ، مش عيب علطولك ده لما تكون بنت في سنك ولسا متعلمتش ازاي تطبخ ، ده الي قدك اتجوزا وخلفوا
لتنتبه صفا لأسطوانة والدتها اليوميه قائله : خضتيني يابطه
فاطمه : بطه في عينك ، انا فعلا معرفتش أربي
وتجلس علي حافة فراش أبنتها ببكاء مصطنع : اه يا أخرة صبرك يافاطمه ، بنتك الوحيده اللي مالكيش غيرها مطلعه عينك وحتي العريس اللي متقدملها هطفشه زي اللي قبله قال ايه نفسها في راجل زي الروايات انا أجبلها العريس الورق ده منين انا ...
لتنهض صفا سريعا مُتجها الي امها قائله : تاني ياماما ، عريس تاني وده من طرف مين .. انا قولتلك مليون مره انا مش عايزه اتجوز بالطريقه ديه ، غير انك مستعجله ليه علي جوازي انا لسا عايزه أحقق مستقبلي
لتقف أمها ممسكه ببعض الكتب والروايات التي تتناثر علي درج مكتب ابنتها
فاطمه ساخره : ما اه باين المستقبل يابنت بطني ، عايشالي في الخيال
وتنهدت أمها بتعب قائله : انا وابوكي يابنتي نفسنا نخلص من حملك لراجل يوصينك .. خايفين عليكي من الدنيا ديه وانتي ولا ليكي اخ ولا ليكي اخت
فتقترب منها صفا دامعه قائله بخوف : بعد الشر عليكم ياماما ، متقوليش كده ، انا هعمل كل اللي يريحك ولو علي الروايات والقرايه خلاص مش عايزاهم ومن بكره صدقيني هنزل أدور علي شغل .. بس بلاش الجواز اللي بطريقه ديه ياماما
لتنظر اليها فاطمه طويلا، محتضناها بقوة قائله : انا مش عايزاكي تشتغلي ، انا عايزه يبقي ليكي بيت وزوج اطمن عليكي معاه
ليرن هاتف صفا البسيط معلنا عن أتصال ، فتكون جنه أبنة عمتها المتصله
جنه : انتي طلعتي أرحم من عمتك ياصفا ، عمتك جيبالي عريس وبتقولي لازم اتجوزه ..
لتضحك صفا من حديث ابنة عمتها ناظرة الي والدتها التي تغلي غضبا منها
...................................................................
انتهي بدء العرض ،وبكده اكون وضحت ليكم كل حاجه!
لتنفتح الانوار فجأه ، وينظر كل الجالسين بعين منبهرة لما قد عُرض ، فيقف عامر مصفقاً لأخيه
عامر :هايل يابشمهندس ، موقع مميز ومخطط هندسي علي أعلي مستوي حتي جدولة الربح والتكلفه ممتازه
ليجلس أحمد بأسترخاء علي كرسيه كفرد من أفراد مجلس الاداره ويمد بيدهه بالاوراق التي تخص المشروع
أحمد : أنسه دينا هتوزع علي حضرتكم كل التفاصيل اللي تقدروا تقيموا بيها المشروع
وينتهي أجتماعهم المغلق ،ويغادر الحاضرون قاعة الاجتماعات وهم يتهامسون ، ويبقي أحمد واقفاً يجمع اوراقه ليغادر ايضا
فيقترب عامر بسعاده قائلا : انا النهارده فخور بيك يا احمد ،وتأمل عامر ساعة يدهه الفاخمه بهدوء
عامر : اوعاك تنسي ميعاد النهارده ، عز باشا وبنته جينا من أفضل الناس اللي ممكن نتعامل معاهم ومش عايزين نخسر ناس مهم زيهم
.................................................................
أنهت صفا كل ما أمرت به والدتها ، متنهده بخيبة امل من استسلامها لمقابلة ذلك العريس المرحب به من قبل والدتها ووالدها ... وانفردت بغرفتها ممسكه بأحدي اقلامها لتلون احد كلماته التي يقول فيها
لو كانت النجوم قريبه منا نمسكها بأيدينا، ما احس احدا بصعوبه نيل بعض الاشياء ،ولو كان القمر ظاهراً لأعينا بشكله المعتم ما وصف به المحب حبيبته ،فجمال الاشياء ببعدها وجهلها !
لتسمع نداء والدها ، وتذهب اليه سريعا فيحتضنها قائلا
حسن : اوعي تزعلي مننا ياصفا ، انا عارف انك مش موافقه علي العريس ونفسك تتجوزي الانسان اللي رسماه في خيالك بس ياحببتي عمر الواقع مابقي خيال ولا خيال بقي واقع
لترفع صفا بكف أيدي والدها المشحمه بشحم السيارات وتقبلها ، وتداعبه ببراءه
صفا بدعابه : كده هتبعني ياعم حسن ، بس اعمل حسابك لو معجبنيش زي اللي فات هنطفشه سوا
ليحتضنها والدها ضاحكا : افضلي اضحكي علطول يابنتي فاهمه !
فتترك حضن والدها وهي تضحك مكحكحه كالاطفال
لتركض والدتها اليها بخيبة امل من عقل ابنتها
فاطمه : يابنت المجنونه اتلمي هتفضحينا
وتتعالا ضحكاتها هي ووالدها لتنظر اليهم فاطمه مبتسمه بحنان
...................................................................
كان من ينظر اليها لا يظن بأن تلك السيده في العقد السادس من عمرها ، فبرغم الزمن ظل جمالها محفوراً علي تقسيمات وجهها وكأنه رافض ان يتخلي عن صاحبته
لتسير بعصايتها التي تساعدها علي الحركة الي شرفتها قائله لخادمتها تسألها للمره المليون عن شكل حديقة قصرهم الفخم
ناهد : اوصفيلي الجنينه يا حنان
لتبتسم تلك الخادمه المخلصه لسيدتها التي لا تُبصر
حنان : ماهو نفس وصف امبارح يا هانم ، اوصفهولك تاني
فتتشنج عضلات وجه سيدتها
ناهد بضيق : روحي شوفي شغلك ياحنان
لتنصرف حنان الي عملها بعد ان امرها سيدها من الخلف ذات الوقار الجامد ،ذو التاسع والعشرون عاماً بأن تُلبي رغبة والدته
فتشم هي رائحة عطره قائلة بحب : تعالا يا احمد
احمد : مالك ياماما بقيتي عصبيه كده ليه
لتتحرك نحو فراشها بتمهل وبخطوات قد اصبحت تحسبها وتدركها
ناهد : ذنبها ايه حنان اشخط فيها ، كفايه هي اللي متحملاني ومستحمله ست كفيفه
ليقترب منها احمد بحزن ، ويقبل ايديها وهو يقول بحنان : ياست الكل يعني تزعلي عيونك الزُرق الحلوين دول عشان خاطر زعقتي في حنان وقولتيلها روحي شوفي شغلك
لا لا فين ناهد هانم بشدتها وصحتها
فتبتسم ناهد متذكره حياتها مُنذ خمسة اعوام
ناهد : الزمن لازم يسيب اثره يابني ، ولا الصحه بتدوم ولا المال بيدوم .. بس مين يفهم
لينظر احمد طويلا الي والدته التي قد تغيرت تماما منذ تلك الحادثه التي افقدتها بصرها
ناهد : هيفضل لحد امتا اخوك زعلان مني
فيتنهد احمد بأسي ، ناظر طويلا الي امه بأشفاق
..............................................................
كان الهدوء مسيطر علي المكان بعد ان كان يشمل حديثهم عن العمل والمال ، ويصبح لصوت شوكاتهم علي الاطباق هي صاحبة الاصوات وفقط
ليميل عامر علي اخيه المشغول في شُرب مشروبه المفضل وهو الليمون المثلج قائلا : بلاش دور رزانة الكاتب هنا ، انت دلوقتي رجل اعمال .. وخد بالك من بنت عز نصار
ليرفع احمد وجهه الي تلك المدعوه جينا التي منذ ان وقعت بنظرها عليه وكأن شعاع اعينها ثُبت عليه وحده
لتفاجئهم جينا قائلة : شكلك بتحب الهدوء والسكوت اووي يابشمهندس
فيتجاهل احمد تعليقها ناظرا الي الرقم المتصل به ليقول :
عن اذنكم ياجماعه
ليتناول عز مشروبه الكحلي قائلا : اخوك ياعامر باشا شكله جد خالص ، انا كده فهمت ليه مؤسسات السيوفي قدرت ترجع اسمها تاني في السوق بعد ما كنتم اوشكتوا علي اعلان افلاسكم
فيتذكر عامر كل ماحدث منذُ ثمانية اعواما قائلا وهو يبتسم بثقه وقد وضع بساقاً فوق ساق وأشغل سيجارته الكوبي : واقدرنا نرجع اقوي من الاول ولا ايه ياعز باشا
عز بتمهل : طبعا طبعا !
..............................................................
كانت زغاريط والدتها تعم المنزل ، والفرحه لا تسع اعين والدتها
لتقول فاطمه بسعاده : مبرووك ياحببتي ، اه دكتور قد الدنيا ومعاه شقته وعيادته وعربيته
صفا : انتي شايفه ان هو ده الجواز ياماما من وجهة نظرك
فاطمه بسعاده وهي تحتضنها :لا طبعا يابنتي ، اهم حاجه عندي راحتك وسعادتك
صفا بأعتراض : بس ياماما انتي قولتيلهم اننا لسا هنفكر
فاطمه بأرتياح وهي تتجه الي زوجها الذي مازال جالس علي الاريكه في حجرة صالونهم البسيط بعد ان غادر اهل العريس : ها ياحج ايه رأيك ، كل حاجه فيه مناسبه .. عمرنا ماهنلاقي زيه
ليتأملها والدها ،ثم فتح لها ذراعيه
حسن وهو يحتضنها : اهم حاجه رأيك ياحببتي
لترفع صفا وجهها الوردي الي والدها وتنظر الي والدتها المتحمسه لأمر زواجها مثل جميع الامهات
صفا : انا عايزه اثبت نفسي واشتغل يابابا ، انا قريت اعلان في جريده طالبين اشخاص تجيد اللغه الالمانيه وانت عارف ان ده تخصصي ، ومش عايزه اتجوز دلوقتي
ويحرك حسن رأسه بالموافقه وهو ينظر الي زوجته الغاضبه منه من تدليله لابنتهما
لتقبل صفا ايد والدها بسعاده وتركض الي والدتها مقبله وجنتيها ورأسها بحب
صفا : تصبحوا علي خير يا احلي اب وام
فتتطلع فاطمه الي زوجها قائله : نفسي افهم ماله العريس
حسن : مش عاجب بنتك يافاطمه
................................................................
لا يعلم من أين وقعت في طريقه تلك الجريئه ، فنظر الي ثرثرتها الطويله معه بملل.. بعد ان لحقت به عندما غادر المكان ليرد علي اتصاله
جينا : اللي يشوفه مستر عاصم يقول انه انسان صارم جدا في تعامله واللي يشوفك يقول العكس .. بس للاسف المظاهر خداعه
ليلتف احمد اليه بعد ان اخرج ايديه من جيب سرواله : كويس انك فهمتي ان المظاهر خداعه
جينا بحالميه : انت جاف ليه كده في تعاملك معايا ولا ده مع كل الناس
احمد بجديه : وهتفرق ؟
جينا مبتسمه : اكيد
احمد وهو ينظر الي ساعته : اظن انك اتأخرتي علي والدك انسه جينا
لتتأمل جينا بروده ، وتتحول نظرتها اليه بتحدي .. ثم اقتربت منه قائله بهمس قبل ان تنصرف من امام جموده : اكيد هنشوف بعض كتير !
...............................................................
نظر اليها عم محمود طويلا بعد ان طال شرودها وهي تتأمل بعض الكتب والمجلات حديثه الاصدار
عم محمود : مالك ياصفا يابنتي ، شكلك مش مبسوط ، شكلك كنتي في مكان وراجعه منه مضايقه
لتظفر صفا بخنقه قائله : مافيش شغل، مافيش شغل كله بالوسطه
عم محمود : كله رزق يابنتي اسعي تاني واكيد ربنا مش هيسيبك
وانحني قليلا علي احد المجلات القابعه علي تلك المنضده الخشبيه المتهالكه
عم محمود وهو يشير اليها بأحدي المجلات : فيها اخبار عن كاتبك المفضل (مراد زين )
ليتهلل اساريرصفا وتأخذ المجله .. ناظره الي بعض عباراته المصُرح بها في اخر اصدار ورقي قد نشرهه وصور بعض الاشخاص الذين حصلوا علي توقيع منه بواسطة دار النشر التي لا يطبع لغيرها
ليقترب عم محمود منها ضاحكا : الكاتب المجهول (مراد زين )
فتحرك صفا رأسها بالايجاب فكل تصريحاته واي شئ يخصه لا تتحدث عنها سوا هذه الدار
عم محمود : لو عايزه الكتاب تاني خليه معاكي ، عارفه بتحبيه قد ايه وبتحبي كل كلمه بيكتبها
لتبتسم صفا بسعاده قائله : ماهو محدش هيونسني غيره ، بعد رحلة البحث عن عمل .. اه بدل ما اكتئب اعيش مع الخيال
ثم ودعته قائله : سلام ياراجل ياطيب
............................................................... سيارات اسعاف وعربات شرطه تقف .. وغبار يحاوط مدخل حارتها
فتغمض عينيها واضعه بذلك الكتاب علي وجهها لتحمي أعيونها الخضراء اللامعه من كمية الاتربه لتتسأل داخلها لماذا كل هذا الضجيج وتلك الاتربه
لتسمع صوت صراخ رجال الشرطه في الاشخاص الواقفون يسدون مدخل الحاره امام عربات الاسعاف
فترفع صفا وجهها بعد ان سمعت احدهم يقول لصديقه : بيقولوا ان البنايه اللي وقعت تحتها ورشة عم حسن الميكانيكي ، مش عم مصطفي البقال