رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثاني 2 بقلم فاطيما يوسف




 رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الثاني 2 بقلم فاطيما يوسف 



#بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لا #إله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير


#البارت_الثاني

#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي

#بقلمي_فاطيما_يوسف


قبل القراءة عايزة تفاعل ياجماعه وعايزة ريفيوهات ودي أمانه هأمنكم عليها كل بارت ، مش مسامحة اي حد هيقرا ويمشي من غير مايتفاعل بلايك ولا ريفيو ، وممنوع نقل الرواية لأي مدونة ،اسيبكم مع البارت واتمني يعجبكم ، قراءة ممتعة ياحبابيي 🥰 

_ أحقاًّ ساقتْهُ قدماهُ إليَّ كي يطمَئِن على حالي !

لااا ياربِّي لمْ أستطِع أنْ أتحملُ فقلبِي يرجُف وعيناي ستبوحُ وتكشفُ أسرارِي،


أحقاًّ هوَ بذاتِه يقفُ أمامِي وأستنشقُ رائحتَه وأسمعُ صوتَه ويُحدِّثُني لذاتِي !


اهدأْ قلبِي فأنْت فِي حضرةِ ذاك العمرانِ تنقبضُ وتنبسطُ في نفسِ الوقتِ ولا تُبالِي ،


#خاطرة_سكون_الجندي

#بقلمي_فاطيما_يوسف


في المشفى تجمهر الجميع حول الملقاه على الأرض ، هرولت إليها صديقتها وهي تنفض الجميع بعيداً عنها ، موجهة حديثها إلي عمران بالتحديد:


_ من فضلك متلمسهاش لما تفوق وتعرف إن راجل لمسها هتضايق جدا ،اسمح لي بعد عنيها وأني هفوقها .


تنحى جانباً وترك لها مساحة كي تنعش صديقتها ولكن كانت أعينه مثبتة على ملامحها الهادئة والتى لم يرى مثلها قبل ، 


ولكنه لم ينظر إلي أي امرأة من الأثاث فهو حرم على نفسه النظرة حتى تطيب روحه من ألمها المم،يت له ، 


ظل ينظر إليها ولم يحيد نظره بعيداً عنها ، يحفر ملامحها في أعماق قلبه التي اختر،قته منذ لحظات ، وكأن القدر بتلك الصدفة أقسم على أن يزيد وج،عه الذي يحياه إلي وج،عٍ أكبر يضاهى ذلك الو،جع بل ويزيد ، فمرارة العشق ونبض وج،ع القلوب دم،اراً يُكمل على قلبه البرئ الذي لم يحن يوماً لجنس حواء ،


قامت صديقتها بإفاقتها وأثناء غفوان تلك السكون وقبل أن تفيق رددت :


_ له ياعمران متلمسنيش ، ماريداش لمستك غير في الحلال ، بعد عني .


على الفور وضعت صديقتها يدها على فمها وهي تري ملامح الاندهاش على وجه ذاك العمران بشراهة ، 


أما هو شرد في كلمتها وحدث حاله متعجباً:


_ يالها من غرابة نطقت اسمي وتحدثت حديث المحبين وخصصته لأجلي وأنا لم أعرفها !


عجيب أنت أيها القدر ! ماذا بها تقصد بكلماتها تلك ؟ أمن الممكن أنها تعشقك عمران؟!

كيف ذلك وهذا أول لقاء ، وتلك أولى النظرات ، وهذه بداية الكلمات !


ولكن انتبه أيها العمران وعد الي رشدك فالعشق لايليق لك ، وجنس حواء ليس من حقك ،


ولكن كيف أعود وأنا قدماي الآن غرست تحت أقدامها ولم تستطيع الحراك ، 


لااا ياربي كفانى من العذ،اب الذي أحياه ، ماذا عساني أن أفعل حين أتركها ؟

حين اشتاقها ؟

فذاك احساسي لها منذ لحظات فماذا عن الساعات والأيام ، إنها لح،رب ضارية شُنَّت عليك أيها العمران فلتستعد وتربط جيوش التمنع لأن الح،رب تلك المرة صعبة ولن تستطيع الإفلات ، 


انتبه من حديثه لحاله علي صوتها وتشتتها وهي تلملم حالها مرددة بذ،عر :


_ ايه حوصل ايه ، 


وتابعت وهي تنظر لصديقتها :


_ اوعي يكون راجل لمسنى يافريدة طمني قلبي ؟


هدأتها فريدة وهي تربت على كتفيها مرددة :


_ متقلقيش ياحبيبتي محدش جه ناحيتك واصل ، أني اللي فوقتك ، وهاتي يدك علشان أطهِرلِك مكان الواقعة وإنتي جَبِينك اتع،ور أهه .


تذكرت أنها وقعت ووجدته أمامها قبل أن تغيب عن الوعى ، فدارت بأعينها تلقائياً حولها تبحث عنها بمتاهة وقلبها يسوقها بلا إرادة ، وأخيراً استقرت أعينها في أسهم عينيه ، وتلقائيا وضعت يدها على صدرها تهدئ من ضرباته حينما وجدته بذاته واقفاً بين الجموع كي يطمئن عليها ، وحدثته عيونها :


_ أنا سكون حبيبتك من سنين وأوقعني القدر بين يداك منذ لحظات وتهت في عالمى وعيناك أخر من رأت عيني ، قل لي حبيبي وصل لك عشقي من نظرة عين ؟


أما هو انتبه جيداً لتحول نظرتها المثبتة عليه هو بالتحديد من بين الجموع من نظرة سعادة الى نظرة تيهة إلي نظرة حيرة وأخيراً إلى نظرة أمل ، ووجد حاله يسألها بعيناه:


_ من أنتي تلك الأنثي التى تنظرين لي نظراتك المتحولة في الثانية من نظرة الي أخرى ، 


أحقا نطقت شفاكِ اسمى وتقصديني لشخصي وأنتي تائهة في عالمك ؟


انتبهت فريدة لنظراتها التى لم تقدر تلك المرة أن تحيدها بعيداً عنه وكأنهم وحدهم في العالم وليس يوجد غيرهم فهو تسمرت قدماه أرضاً وهى تسهمت عيناها نظراً له ، ضرب،تها فريدة بخفة على ظهرها وحدثتها وهي تضغط على أسنانها كعلامة لها أن تفيق :


_ سكون همي عاد وقومي يالا علشان في د،م نازل علي وشك قومييييي .


انتبهت على حالها وقامت معها بجسد متوتر فهي في حضرته الأن وأول مرة فباتت لاتستطيع أن تلملم شتات جسدها ، وصارت بخطى بطيئة من أمامه وما إن وصلت أمامه ، وجد لسانه ينطق بلا شعور وعيناه تسبح داخل بحور عيناها:


_ كيفك ياداكتورة دلوك لسة حاسة بدوخة ؟


ابتلعت أنفاسها بصعوبة من نبرة صوته التى جعلتها أسيرته أكثر من ذي قبل ، لااا ليس فقط إنه يطمئن عليها ويريد أن يعرف مابها فردت بصعوبة:


_ ها أنا زينة الحمد الله ، شكراً على سؤالك واهتمامك يا ...


وصمتت بخجل ولم تريد أن تذكر اسمه كي لا تكشف نفسها أمامه ، 


أما هو رفع حاجبه باندهاش مرددا :


_ عمران اسمي عمران ياداكتورة متهيألي سمعتك نطقتي الاسم وانتي غميانة من شوي .


فج،ر كلماته وانطلق من أمامها وتركها تراجعها ووجهها انقلب الى علامات الطيف خجلاً ، فوجهت أنظارها إلى صديقتها مرددة باستنكار:


_ هو إيه الكلام اللي بيقوله دِه يافريدة هو أني صوح نطقت اسمه وأني غميانة ؟


مطت فريدة شفتيها وهزت رأسها بموافقة وأجابتها تأكيداً:


_ تقريبا إكده وهو ماشاء الله عليه كان واقف متنح لك ومركِز معاكي أوووي لحد ماخلصتي خترفتك المخبولة ياصاحبتي الهبلة.


اتسعت مقلتيها بذهول وأردفت باستفسار:


_ وه وه بتقولي ايه يامنيلة إنتي ؟!

قولي لي بالظبط أني هببت قلت ايه اُخلُصي ؟


ابتسمت بعبوس وألقت عليها كلماتها ،وما إن استمعت إلي فريدة وحكواها حتي أمسكتها من يدها ومشت بها ناحية الأريكة وهي تستند عليها هاتفة بسخط:


_ وه كاني اتجنيت عاد ، ومقدرتش أتحكم في حالى وهو موجود ؟! 


وتابعت كلماتها وهي تنهر حالها:


_ ليه إكده ياسكون ! ليه إكده مقدرتيش تتحكمى في حالك حتى لو غايبة عن الوعي.


رأت صديقتها جلدها لحالها حتى أدمعت عيناها وتحدثت بشرود:


_ لحد مي،تة هتفضلى إكده تعشقيه وهو مش عارف ولا شايفك من الأساس ، أنى تعبت لك سلف والله ياسكون .


ضمت ملامح وجهها بعبوس وتحدثت بروح منهكة:


_ مفيش وقت محدد علشان أجاوبك ، بس اللى أعرفه إني مهحبش غيره ولا هفكر في حد غيره حتى لو هعيش عمرى كلياته وأني هحبه بيني وبين نفسي.


ربتت فريدة على ظهرها ورددت بحنو وهي تري وج،عها نابعاً من بين عيناها:


_ طب خلاص مش عايزين نتكلَم في الموضوع ده تاني ، وسيبي ربك يدبِرها كيف ماتكون ، وبإذن الله ربك مش هيخيب أملك واصل وهيجعله من حدك ومن نصيبك بس انتي قولي يارب ، 


أمنت سكون على دعائها وتابعت فريدة وهي تسحبها من يدها :


_ طيب يالا قومي نطمن على جرحك ده وبعدين تروِّحي البيت تستريحى من تعب النهاردة.


نزعت يدها بحدة وهتفت برفض قاطع:


_ أعمل إيه ! وأروِح فين! كانك اتجنيتي عاد ، مهمشيش من المستشفى طول ماهو موجود فيها ، 


وتابعت بسخط:


_ هو إنتي معندكيش ذرة إحساس ده أني مشفتهوش من أربع أيام بحالهم يابعيدة .


لوت فريدة شفتيها بامتعاض واردفت:


_ الله الوكيل محدش اتجن غيرك ، طيب قومي أداوي لك جر،حك وخليكي مرزية إهنه براحتك يختي .


تثبتت سكون في مكانها وتحدثت برفض:


_ إنتي مبتفهميش ياغبية انتى بقولك مهتحركش من مكاني ، 


وتابعت بعيون زائغة:


_ هاتى الأدوات وطيبي لي الجرح إهنه وخليكى جدعة يافوفا .


ضربت فريدة كفا بكف وتحدثت باستنكار:


_ والله ماحد هيش،لني وهيجل،طنِي في الدنيا داي غيرك ياسكون ، 


واسترسلت حديثها وهى تقوم من مكانها:


_ حاضر هروح أجيبهم أهه متؤمريش الخدامة الفلبينية بحاجة تانية واصل ؟


ابتسمت سكون على عبوسها وحركت رأسها برفض ، نظرت إليها فريده بغضب وذهبت من أمامها كي تحضر لها الأدوات لتداوي جر،حها .


أما هي نظرت إلي غرفة صديقه الذي يأتي إليه بحالمية وما إن رأت طيف أحدهم آتيا ناحية الشباك حتى حولت نظرها إلى الجهة الأخرى فيكفيها ماحدث منها اليوم .


&&&&&&&&&&&&&&&&&&


في منزل ماجدة والدة سكون تجلس على تختها تتصفح هاتفها وهي شاردة في صورها القديمة قبل أن يجور عليها الزمان صارت تتصفح الصور وعيونها تلتمع دمعا على ملامح كساها الزمن حملا ثقيلا انساها انوثتها التي دفنتها فور مو،ت زوجها تحت اقدام بناتها ،


ثم وجدت يديها تتوقف عند صورة ظلت تنظر اليها وتقوم بتكبيرها وتصغيرها فقد كانت صورتها وهي ابنه العشرين عاما فحقا كانت جميله قبل ان تدهسها هموم الحياه،


وحدثت حالها بشرود:


_ لحد مي،تة هتفضلى دافنة نفسك بالحيا يا ماجدة والزمن بيروح وياجي عليكي وياخد من شبابك وعمرك !


والبنات كبروا وكلها سنين بسيطة ويبَعِّدوا عنِّيكي خالص وينشغلوا في حياتهم واني هفضل وحيدة !


لحد مي،تة هتفضلي قافلة على حالك وترفضي أي فرصة تَجِيلِكْ وتخليكي تتنفسي وتعيشي اللي باقي من عمرك واللي ما لحقتيش تعيشيه من الاصل ؟


وأثناء شرودها استمعت الى جرس الباب ،على الفور مسحت أثر دمعة وهبطت من عيناها وارتدت خمارها وخرجت لترى من الطارق واذا بها مها ابنتها ،


ابتسمت عندما رأتها وأفسحت لها المجال وهي تردد بترحاب :


_ ياأهلا بأم الغاليين ، فينهم نور عين ستهم مجيبتيهمش معاكي ليه عاد .


دلفت تلك المها بملامح وجهها العابسة وتحدثت بلا مبالاة:


_ سيبتهم نايمين وبيصحوا من نومهم متأخرين ، فقلت أستغل الوقت وأجي أقعد وياكي شوي .


مطت شفتيها بامتعاض واردفت:


_ لع متَجِيش من غيرهم تاني ، اتوحشتهم أووي ونفسي أشوفهم ، دول أول احفاد ليا متتصوريش من يوم ماولدتيهم وأنا بحبهم كد إيه ، دول غالييين على قلبي واغلى منيكي كمان ،


وتابعت كلماتها وهي تدلف الى المطبخ :


_ مالك ملامح وشك متبشِرش بالخير واصل ، 


متخانقة إنتي ومجدي ولا ايه ؟


جلست مها على الأريكة بملل وهتفت باستنكار:


_ ومن مي،تة واحنا مبنتخاقوش ! قصدي ومن مي،تة واحنا متصالحين يا أما .


خرجت ماجدة من المطبخ وبيدها كؤوسا من الأرز بلبن الطازج والذي تعشقه مها منها بشدة وتحدثت بملل:


_ يادي الحديت اللى كل لما أشوفك تزهِقِيني بيه ده ، يابتي جوزك بيسعى على وكل عيشه كل يوم ، عيشي ومتنغصيش عليه عيشته .


انتفضت من مكانها وأردفت بصوت عال:


_ وه ياأما كل لما أجي لك علشان أفك عن حالى تقفليني قبل مااتكَلَم وتحسيسني بالذنب وأنا في الاساس المج،ني عليها واللى عايشة ومش وأني معرفش طعم المودة والرحمة اللى بين الراجل ومرته .


تحدثت فريدة وهي تناولها كأساً من الحلوى بيد وباليد الأخرى تشير إليها أن تجلس :


_ مالك عاملة كيف العيال اللصغيرة ، تعالى اقعدي جارى إهنه وهدي خلقك وخدي طبق الرز بلبن واستطعمى عمايل أمك الي اتوحشتك بالأكيد.


أطاعتها مها وجلست بجانبها وتحدثت بتعب نفسي حتماً لو استمرت على هذا الحال سيد،مرها :

_ إنتي ليه مفهمنيش عاد ياأما ! أني تعبت من عيشتي وياه وأني بالنسبة له زيي زي الكرسي ولا أي حاجة مهملة ملهاش عازة عنديه ، 


واستطردت حزنها :


_ كل لما أبص حواليا علشان ألقاه في أشد أوقات احتياجي ليه ملقيهوش ، 


حياتى كلها وياه ورقة وقلم وحسابات ودفاتر داخل وخارج بيها ، 


ده ممكن يقعد بالاسبوع ميشفش ولاده ولا حتى ساعة واحدة وميسىألش عنيهم غير لما يشوفهم صدفة .


كانت والدتها تشعر بها وبآلامها فقلب الأم دائما يشعر بأبنائه ووجعهم ، ولكن عرفهم يحتم عليهم أن تتحمل فهى لن ترضى بطلاق ابنتها مهما كلفها الأمر ،ولا ترضى لها خراب البيت مهما كان ، 


فربتت على ظهرها بحنان أم وأردفت تهدئها:


_ يابتى عيشي وارضى بحالك وأهو ضل راجل ولا ضل حيطة ، علشان خاطر ولادك اللى مكملوش عشر سنين لسه ، كل الحريم إكده والبيوت مدارية بلاوى مايعلم بيها إلا ربنا ، عيشي وارضى وتنك وراه لحد ماينظبط .


وضعت مها رأسها بين يديها فلن يشعر أحداً بحر،بها الداخلي ، ولم يشعر أحداً بما غرست به حالها ويجعل قلبها يتقطع كل ليل على ماتقترفه من جُر،مٍ كبير ، 


وتحدثت كي تستعطف والدتها كالغر،يق الذي يتعلق في قشة نجاته:


_ بس أبوي الله يرحمه مكانش إكده ، عاش ويانا أكتر من ١٢ سنة وكان ويانا نعم الأب ، 


كان بيحبك وبيعاملك كيف الملكات ، وكان بيخاف على زعلك وعمره ماقصر معاكى ، علشان إكده مهتحسيش بيا ولا بالإنسان الآلى اللى متجوزاه ، 


وتابعت بدم،وع غزيرة انهمرت على وجهها :


_ ياأمي ده أنا ساعات من كتر الحرمان من عطفه وحنانه أجي على نفسى وألبس وأبقى في أحسن شكل يتمناه أي راجل من مرته ، وياجي ميشوفنيش أصلاً ولا ياخد باله من اهتمامى بنفسي ليه ، ولا يجبر خاطري بكلمة حلوة ، وأقول يابت جاي تعبان قرِّبي إنتي منيه ولاغيه هيحس بيكي ، مهما أعمل بيبقي في عالم تانى ، يابيتكَلم في التليفون في شغل ياهيخلص ميزانية لمكتبه ، ياهينام من كتر الشغل والتعب وأنا أرجع لفرشتي بحسرتى على عمري اللى بيضيع وياه من غير ماأتهنى بأايامى الحلوة ولا بشبابي ، وكل ده تقولي لي أتحمل ! صعب ياأما أتحمَّل أكتر من إكده عاد .


أحست بوجي،عتها بشدة ولكن لن تساعدها على خر،اب بيتها وأردفت بتقليل من حزنها :


_ كانك مزوداها شوي ! أنا شايفة كلامك كله ميصحش يطلع من بت أصول عاد مش متحملة جوزها ، فوقي يامها لحالك واوعي لبيتك وجوزك إنتي من زمان وإنتي إكده بتكبرى الصَغيرة وتعملي من الحبة قبة ، وطول عمرك متدلعة وكنتي مغلبانى وإنتي بت بنوت ومشيبانى بسبب دلعك الزايد عن اللازم ، عيشى على طبع جوزك وكله إلا خر،اب البيوت العمرانة من رابع المستحيلات إنه يُحصُل .


اجتمعت جيوش الغضب أمام عينها من عدم رحمة والدتها بها وهتفت باستنكار:


_ يعنى بعد اللى حكته لك ده كلياته أني بتجلع !


وكل اللى همك إن البيت ميتخربش وبس ، أما أني واحساسي ومشاعرى وحقي البسيط في الدنيا المفروض أتنازل عنيه من وجهة نظرك ، 


واسترسلت حديثها وهى تحمل حقيبتها مرددة بشرود:


_ حلو إكده مفيش خرا،ب بيوت بس متلومنيش بعد إكده عن أي تصرف هعمله يحسسنى إني بنى أدمة من حقها تعيش وتحس ودي أبسط حقوقي .


اتسعت مقلتيها بذهول:


_ معناته ايه حديتك الماسخ ده يابت بطنى ! هتمشي في الحرام عاد ولا ايه!

ده أنا كنت دب،ح،تك بيدي ودف،نتك مُطرحَك ومحدش يعرف لك طريق جرة .


انطلقت من أمامها بعد أن رددت :


_ والله تُبقي عِمِيلتى فيا جِميلة مهنسهلكيش واصل .


ألقت كلماتها وتركتها وغادرت المكان تاركة اياها تجوب بعقلها في تلك الكلمات التى رددتها في عز بكائها ، وعقلها يصور ألاف التصورات وينكرها في نفس الوقت


وتحدثت بلسان حالها بصوت عالي:


_ والله عال ياست مها ، ربنا يسامحك يابعيدة وقال يامخلفة البنات ياشايلة الهم للم،مات ، إنتي ملكيش غير خالك مسعد ياجي يشوف حل وياكى علشان زهقت منك ومبتقش حملك واصل.


وظلت على حالها تتآكل نا،را على ابنتها وكلماتها المو،جعة .


&&&&&&&&&&&&&&&&&&


في كلية الصحافة والإعلام وبالتحديد في مكتب عميد الكلية،

تحدثت بوقار واردفت بخفوت:


_ يافندم أوعدك إن عمري ماهرفض أي سبق صحفي ينطلب مني عاد في اي يوم من الايام ، بس أغاني ومطرب فوق مستوي تحملي ومهقدرش وهبوظ الدنيا .


وقبل أن يرد استمعت إلي أحدهم يردد بغيظ :


_ ليه هو المغني ده مش إنسان ولا من آك،ل لح،وم البشر وهيعمل لك حاجة ياآنسة ؟


استمعت الى صوت رجل فلم تعيره انتباه ولم تنظر اليه وردت على حديثه وهي تنظر الى عميد الكلية فهي تغض الطرف ولا تخشى في اخلاقها لومة لائم:


_ ومين قال إكده ياحضرة ، كل الناس على عيني وراسي وليهم تقديرهم وكلنا ولاد تسعة في الآخر ، والموضوع ملهوش علاقة بالإنسانية نهائي ، ده قناعاتى في أمور ديني وأنا مهغصبش حد عليها ، أنا ماشية عليها لحالي.


أحس أدم بالإهانة الشديدة لانها تتحدث معه ولم تنظر اليه وترد على كلامه دون ان تعيره أدنى انتباه وهذا في عقله يسمى قله ذوق وليس كما تحكي هي فتحدث معنفا اياها:


_ومش عيب لما اكون بكلمك يا آنسه وما توجهليش وشك !

هو انتي ما تعرفيش ان الكبر حرام ،ولا إن من الذوق ان لما حد يكلمك تدي له ضهرك ما تبصلوش اصلا .


هنا التفتت إلي وجهته وأجابته دون ان تنظر الى وجهه ولكن عيناها مثبتة حوله:


_ايه علاقه غض البصر بالكبر هو أني مطالب مني ان انا اتكلم مع حضرتك وأبص لعيونك عاد ، أما عن ردي أنا رديت بكل ذوق بدون مااغلط ولا أراعى حدود الأدب.


احسه بغل،يان الد،م في عروقه من تجاهلها لأن تنظر اليه مرة ثانية فهو لم يعهد امرأة الا ولن تتأمله وتحلم ان تجلس أمامه فكل ما رآه من جنس حواء لم تفعل معه مثل ما فعلت تلك المرأة فوجه كلامه الى عميد الكلية مرددا بغضب:


_انا اتهانت جامد في وجود حضرتك يا دكتور بقى دي اللي انتم جايبينها تعمل معايا انا آدم المنسي حوار صحفي ؟!


أحرج عميد الجامعه بشده من غضبه وخاصة ان مكة زادتها معه بكثير فلم يكن متوقعا ما حدث منها فتحدث معتذرا بلباقة:


_معلش هي ما تقصدش حاجه يا فنان اهدى بس كده وانا هخليها تعتذر لك حالا .


ثم تابع كلماته وهو يأمر مكة بالاعتذار الى آدم عن طريقتها الفظة معه:


_اتفضلي يا آنسة اعتذري لآدم على معاملتك معاه بقلة ذوق خاصة واني شايف اسلوبك في الكلام ،وبعدين انتي مش من حقك توافقي او ترفضي تعملي الحوار الصحفي اللي كان هيبقى ليكي نقلة جامدة في بداية مشوارك الإعلامي وخسرتى النقلة دي .


اتسعت مقلتيها بذهول واردفت:


_اني غلطت في ايه علشان اعتذر لحضرته !

انا يا دكتور اتكلَمت بكل ذوق ، واذا كان على النقلة داي مش عايزاها إذا كنت هغضب ربي فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .


هنا فاض كيل آدم من تلك الجريئة التي تحدته امام مدير اعماله وعميد الجامعة وأودت بالبرستيج الخاص به أرضاً وقام من مكانه وخطى أمامها مرددا بتحدي:


_طب ايه رأيك بقى بسبب عجرفتك دي وقلة ذوقك ان ما فيش غيرك هيعمل معايا الحوار الصحفي والا مش هحضر الحفلة دي ومش بس كده هخرج اتكلم على اني اتعاملت هنا بطريقة مش كويسة من طالبة في الجامعة وشوفي بقى السوشيال ميديا وحواراتها واللي هتتعرضي له بسبب بس طريقتك الغير لائقة معايا .


رفعت عينيها اليه صدفة ولأول مرة ترى من ذاك الآدم الذي يتحدثون عنه ويصفون شموخه وطلته وللعجب أنها رأته عاديا كأي رجل ولم يحرك مشاعرها لحظة ، أما هو استفزته قوتها ورأي نظرة عدم الانبهار به الذي يراها في أعين كل امرأة قابلها ، فحقا أثارت حفيظته من نظرة عين فقط رأها من تحت نقابها واستفزت داخله بطريقة لا توصف ،ثم تحدث عميد الكلية مرددا لآدم:


_طيب ممكن تقعد يا ادم هنتفاهم دلوك ولا سوشيال ميديا ولا الحوارات داي ،


وتابع كلماته وهو يأمر تلك المكة:


_تمام إنتي شايفه انك ما غلطتيش وأني شايف انك هتعملي الحوار الصحفي ده ومش بس اكده اي حاجة هتنطلب منك كإعلامية في حدود عملك هتعمليها وبرده وانتي محتفظة بأخلاقك بدون ما تعصي ربنا زي ما انتي ما بتتكلمي هي مهمة مش مودينك بيت دعاره استغفر الله العظيم يعني .


فركت أصابع يداها بتوتر فقد وضعوها في خانة اليك وقررت أن تجري معه الحوار الصحفي كما طلبوا منها ، فتحدثت بإنهاء للحوار:


_ تمام يادكتور أني هعمل الحوار الصحفي مع الأستاذ .


هتف أدم بطريقة مستفزة لها كما استفزته :

_ أنا مش أستاذ أنا الفنان أدم المنسي ياآنسة .


بابتسامة عابسة استشفها من عينيها هتفت ببرود :


_ تمام يا نجم أنا هستنى حضرتك تخلص حفلتك وقت ماتخلصها وهعمل الحوار .


رفع حاجبه باندهاش :


_ يعنى إيه تستني إنتي المفروض تحضري الحفلة هو إنتي مش صحفية ولا ايه ولازم تغطي الحفلة كاملة .


فتحت فاهها على وسعه مرددة برفض قاطع:


_ أحضر حفلة فيها أغانى وموسيقى وشباب مختلطة ببنات كيف يعنى !


وتابعت كلماتها وهى تنظر إلى عميد الكلية:


_ اعذرنى يادكتور أنا لايمكن أحضر الحفلة دي ، أنا من يوم ماجيت الجامعة وأني باعدة حالي عن الحوارات داي عاد ولا باجي ناحية المسارح نهائيا.


ض،رب أدم بغضب على المكتب من تلك المتمردة وهتف لمدير أعماله بص،ياح :


_ إيه ده يا أستاذ انت جايبني هنا أتهان من عيلة أصغر منى ب١٢ سنة ، وكمان تتجرأ وترفض تحضر حفلتى ومش عاملة لي اعتبار خالص ، إنت ازاى متركزش في شغلك معايا ؟!


أصبحت المشا،حنات بين جميع الأطراف متأهبة وانطلقت ح،رب المغرور والمتمردة ، فتحدث مدير أعماله يهدئه:


_ اهدى يافنان مفيش إهانة ولا حاجة دي مشكلة بسيطة وهتتحل .


هنا تحدث عميد الكلية كي ينهى ذاك الجدل المقام :


_ خلاص ياأدم أنا هغطي الحفلة بمعرفتى وهي هتعمل معاك الحوار الصحفي ،مش عايزين نعمل مشكلة على تفاهات ، اتفضل جمهورك مستنيك ومجلس الجامعة عاملين لك حفلة جامدة تليق بيك .


نظر إليها أدم بغيظ وتوعد لها بشدة وأقسم أن يجعلها تتمنى منه النظرة ولن تطولها منه ، 


وخرج بغضب من تلك الحجرة ذاهبا إلي الحفلة وفور خروجه وجد الجموع من الفتيات والأولاد حوله بشراهة فتبدلت معالم وجهه فوراً لأن الكاميرات محاطة به من جميع الاتجاهات ، أما هو اخت،طف نظرة كبرياء إليها كي يريها أهميته وسط الجموع من الفتيات قبل الصِبيان ، ورجع بنظرته خائبا فوجدها لم تنظر إليه ولم تعيره أدني اهتمام فدق قلبه نا،را لتك الأنثي التى لم يقابل مثلها يوماً ، 


وخطى إلى الحفلة بقلب ينبض تحديا بأن يجعلها تخضع كمثلها ، ولكن هل ستخضع تلك الأنثى الصعيدية المتدينة ذات الرداء الاسود الذي يزيدها جمالاً واحتراماً ، فلنرى أيها الأدم كيف ستجعلها تخضع اليك ،


فور انفضاض الجميع من أمام مكتب العميد تحدث إليها ناهرا إياها:


_ ينفع اللي حصل ده ياأنسة مكة ! إنتي أحرجتيني وكسفتيني جامد ، كان ممكن تعترضي لما يخرج وكنت هفض المشكلة طوالي من غير ما حد يدرى ولا تخلى موقف الجامعة سئ إكده .


أجابته بح،زن لما سببته له من إحراج :


_ والله يادكتور ماعرِف إنه هو المغنى ولا أعرف شكله حتى ، واتكلمت بصفو نية وتلقائية ، وبحسبهم دكاترة معانا إهنه علشان إكده اعترضت بدون ماخد بالي .


عذرها وذلك لأنه يعرفها بشدة فهي منذ قدومها الي الجامعة معروفة بتفوقها وأخلاقها وكما أنها رئيسة اتحاد الطالبات منذ السنة الثانية لها في الجامعة ومعروفة لدي الجميع وذلك لإجرائها عدة ندوات دينية لتعليم الفتيات أمور دينهم وكانت دائما تأتي إليه وتأخذ الإذن بخصوص تلك الندوات ، 


فتحدث متأسفاً:


_ بس خلاص انتى اللى هتعملى الحوار الصحفي لامفر ، هتتفضلى تشغلي الشاشة دلوقتي وتشوفى أجواء الحفلة علشان تعرِفي هتبدأي اللقاء وياه كيف ، وقبل ماتعترضي علشان الموسيقى اكتمى الصوت وشوفي الأجواء علشان توصفي اللقاء والنجم كويس في السبق الصحفي اللى صدقينى هيبقى نقلة كويسة ليكي وخاصة على صفحتك على الانستجرام والفيس بوك .


رأت أن حديثه مقنعا ونظرت الى الموضوع بصورة عملية بحت وقررت ان تجري اللقاء بحرفية دون ان تغضب ربها وتعتبره سبقاً مثل اي سبق طالما لم تؤذي احدا ، 


بعد ساعتين تقريباً انتهى الحفل وبعد أن غادر المسرح بسرعة قبل أن يهجم عليه الجمهور كعادته انطلق إلى مكتب العميد ، 


دلف إلي المكتب بإنهاك فحقا هو متعب فهو يقف ساعتين كاملتين على قدميه يلقي غناؤه فتلك المهنة متعبة وشاقة أيضاً للغاية ، 


كانت في انتظاره في مكتب العميد تدوِّن النقاط التي تتناقش معه فيها ، 


وفور قدومه تعاملت معه بعملية شديدة ،ذهبت إلي الاستراحة الموجودة جانباً في مكتب العميد وهي تشير إليه بوقاار:


_ حمد لله على سلامتك يا نجم ، اتفضل حضرتك هنا علشان هنبدأ الحوار الصحفي.


لم يرد على سلامها قاصداً استفزازها وذهب إلى المكان التى أشارت إليه دون أن يعيرها أدنى اهتمام كي يثير حفيظتها ،


ولكنها لم تعتاظ ولم تعير ردة فعله أي انتباه وهو شعر بذلك فتآ،كل غيظاً منها ،وتنفس غاض،باً بصوت عالي وصل إلى مسامعها ، 


استقرا في المقعد فتحدثت بعملية:


_ تحب تشرب قهوة أو عصير فريش ولا نبدأ علطول ؟


أجابها بإنهاك وهو يفرك جبهته من صداع الرأس :


_ ممكن قهوة مظبوطة لأنى مصدع جداً.


قامت من مكانها وطلبت من المسؤول عن مكتب العميد فنجاناً من القهوة وانتظرته حتى أتم قدحه وأخذته منه و عادت به ، وضعته أمامه بعملية:


_اتفضل القهوه دلوقتي نقدر نبدأ حوارنا الصحفي يا فنان ولا لسه ؟


كان يظن أنها ستناوله القهوة في يده وتقترب منه كما فعلت غيرها من الصحفيات كمحاولة منهن للاقتراب منه ولكن بائت تخيلاته فشلاً ككل مرة فنظر إليها بشرود محدثاً حاله :


_ غريبة نعم أنتى عجيبة لم أقابل مثلك يوماً من الأيام ،

متمردة ،شرسة ،أبية ، لم أرى فى عالمك الخفى مثيل ، أثرتى حفيظتى وجننتينى وصار بالى بك مشغول في لحظات ،


لااا لم أعهد مثلك ولن تفلتى من قبضتى وسأعدك أنى سأخترق خفائك وسأراكى أنثي كاملة لي فالبطبع ستكونى مختلفة عن كل النساء.


رأت شروده وتركيزه بها اللامتناهي فمطت شفتيها أسفل النقاب وتحدث داخلها:


_ ابتدينا من أولها محن زيادة عن اللزوم ، شكله مفكِرنى من إياهم المعتوه ده .


أنهت حديثها الداخلي وتحدثت وهى توجه الكاميرا الخاصة به وتظبطها على الرينج لايت ، وتمسك دفترها وقبل أن تضغط زر البدأ أردفت :


_ ها تمام كدة نبدأ ولا ايه ؟


أشار إليها أن تبدأ وأنه مستعد فضغطت على زر التشغيل والكاميرا موجهة كليا إليه مرددة وانطلقت في حوارها الصحفي ببراعة نالت إعجابه ، 


كان ينظر إليها بإعجاب شديد ، صوتها هادئ وناعم رغم عدم خضوعها في الحديث ، حركاتها محسوبة ولم تتلاعب معه ولم تفتعل إيقاعه كغيرها من النساء ، حقا تركيبتها مختلفة واخترقت مشاعره دون أن تقصد ، ودون أن يرى وجهها ودون أن يعرف ملامحها ،أممن الممكن أن تولد قصة غرام بين المغني والمنتقبة ؟


أممن الممكن ان تسحبه لعالمها أو يسحبها هو لعالمه ويغير أيا منهما مسار حياة الأخر ؟


فلنرى ماذا يحدث مع ذلك الثنائي المختلف كليا شخصية كل منهم عن الأخر ،


انتهى الحوار وتنفست الصعداء بعد مغادرته ، وأصبح عقلها يراجع ماحدث اليوم ألاف المرات ، فحقا كان أمامها هادئا واحترم تدينها ولم يزعجها بنظرة خبيثة ولا كلمة جريئة مما جعل عقلها يراجع المشهد بينهما مرارا وتكرارا ، 


أما هو صعد إلى سيارته وفور انطلاقه تحدث إلى مدير أعماله أمراً إياه :


_ عايز كل بيانات البنت دي وأرقام تليفونها وكل حاجة تعرفها عنها من يوم ماتولدت لحد دلوقتي ، مش هوصيك بقى إنك متتأخرش ياراشد .


أطاعه راشد مرددا:


_ حاضر يا فنان متقلقش النهاردة بالليل هتكون عندك أخبارها كلها من يوم ماتولدت لحد دلوقتي.


نظر إلي الأمام بشرود وهو يتذكر يومه وبالتحديد لقاء تلك المتمردة التى لم يعهد مثلها قط .


&&&&&&&&&&&&&&&&&&&


عودة إلى المشفى جلس عمران مع صديقه الدكتور جلسته المعتادة يومان في الأسبوع ، فتحدث محمد صديقه :


_ مجيتش المرة اللى فاتت ليه كنت مستنيك ؟


أخذ نفسا عميقا ثم زفره بهدوء وأجابه:


_ تعبت من كتر ما باجي ومفيش فايدة ولا تقدم ، أنا تعبت من كتر مابدور على سبب ومش لاقي .


قام محمد من مكانه وجلس أمامه مرددا بأمل:


_ متفقِدش الثقة في ربنا وهو قادر على كل شيء ، بس انت قول يارب .


شبك كلتا يداه في بعضهما وأردف بنبرة حزينة:


_ بقالي سنين بعافر وبقول يارب ، إنت مش متخيل صعيب كيف على راجل صعيدي يحس إحساسي ، انا بدمر كل يوم عن اليوم اللي قبليه ياصاحبي.


ربت محمد على فخذيه وهتف باستجواد :


_ أهه الشيطان بيضحك عليك وبدا يوسوس لك في دماغك انك تفقد الامل اصبر التجربه الأخيرة اللي احنا بنعملها هتجيب نتيجة باذن الله بس انت ادي لنفسك داعم وامل ومتقلقش .


مط عمران شفتيه وقام من مكانه وسار ناحية النافذة وهو يردد :


_ اديني اهه بقالى شهرين وزيادة بمني نفسي عاد إنه خير ، 


ثم وقف أمام النافذة وعيناه تجول المكان حتي استقرت على تلك السكون التى حقا حركت ساكنه ، وسأل محمد :


_ بقول لك ايه تعالى إكده .


سار محمد إلي مكانه ونظر حيث تنظر عيناه ، فسأله باندهاش:


_ فيه إيه بتبص عليه إكده وشاغل انتباهك ؟


أجابه عمران وهو على نفس نظرته:


_ شايف البنتين اللى قاعدين هناك دول .


حك محمد رأسه وعيناه تمشط المكان وردد :


_ جرى لك إيه عاد ! الجنينة مليانة ستات مين تقصدهم ؟


أشار بيديه عليهم قائلا:


_ بص عاد ناحية الشمال عند البوابة اللى لابسين البالطو الأبيض وواحدة فيهم بتطيب جرح التانية .


رآهم محمد وهتف باستيعاب:


_ أه إنت تقصد الدكتورة فريدة والدَكتورة سكون .


_ آه هي سكون دي ..... كلمات خرجت من فمه باستمتاع لذكر اسمها وأكمل متسائلا:


_ تعرف حاجة عنيها سكون دي ؟


سحب محمد وجه عمران وجعله ينظر إليه ويحيد بصره عنهم كي لايلفتوا انتباههم:


_ أه أعرفهم زمايل عمل وفي بيناتنا كل ود واحترام ، 


واسترسل بتعجب من استفساره:


_ ليه بتسأل عليهم معتقدش أنهم ضايقوك في حاجة ، دول في حالهم على الأخر وملهمش علاقة بحد .


تحدث عمران بإبانة :


_ لع هما معملوش حاجة واصل ، اني بسأل عادي ، أصلها ص،دت في الشجرة بدون ماتاخد بالها وجريت عليها لما سمعت أهاتها ولسه هقرِب منيها أقومها ، منعتني قبل ما تغيب عن الوعي وقالت لي متلمسنيش ، غريبة أوي لسه في بنات إكدة بيخافوا ربنا .


ابتسم محمد وهو يعيد نظره إليهم :


_ ياه في كَتيير الدنيا فيها الحلو وفيها العفش وزي ماده موجود زي مادول موجودين ، بس الدَكتورة سكون وكمان فريدة محترمين قووي ومتدينين وعمر العيبة ماتطلع منيهم واصل .


ظل محمد يراقب رد فعله وهو ينظر إليهم وبالتحديد نظرات عيناه كانت مثبتة على سكون ، الى ان جال في باله فكرة عرضها عليه سريعا:


_ تِعرِف ياعمران إن مشكلتك ممكن تتحل بالحب ، يعنى لما تحب وتتحب وتجرب تشتاق هتلاقي كل حاجة جواك اتغيرت وتُبقى عايز حبيبتك جمبك وتلاقيك بتتغيِر وياها وبيها ، ماتجرب كدة تدي فرصة لنفسك وأنا متأكد إن ده حل هيجيب نتيجة بإذن الله.


ضم عمران حاجبه باندهاش وهتف برفض:


_ أحب كيف وأعلِق إنسانة بيا وأربطها معاي وأظلُمها يا محمد ، وغير إكده مهقدِرش .


تنهد صديقه من تيبس عقله ورفضه لأي حل يجعله يخرج من قوقعة المجهول وهتف منزعجا:


_ كل حاجه لع ومهقدِرش ورافض أي نصيحة أو استشارة بدلك عليها عاد !


وتابع كي يلفت انتباهه وهو يرى نفس نظرته المثبتة على سكون:


_ لعلمك بقى انت وقَعت وطبيت خلاص وانت بنفسك اللى هتطلب مساعدتي ووقتها هتمنع عليك وهرفض أساعدك هه .


التفت إليه عمران متعجباً وهو يردد :


_ معناته إيه كلامك ده عاد ؟


أمسكه محمد من كتفيه وأداره ناحية النافذة مرة أخرى وهو يفهمه معنى كلامه :


_ معناته إنك من ساعة مادخلت اهنه النهاردة بالتحديد عن كل يوم سابق وانت عنيك هتتطلع على الدَكتورة وبتلمع بنظرة أول مرة اشوفك بيها .


_وه ! وأنا ايه اللى هيخليني أبص على الدكتورة سكون دي عاد ! .... كلمات خرجت من فمه تلقائية دون أن يدري أن ذاك المحمد منتبه معه بشدة ، وأكمل دفاعه:


_ سيبك من التخاريف والخربطة بتاعتك دي واصل.


بحاجبين مرفوعين وابتسامة شامتة أردف بمشاغبة:


_ وانت ايش دراك إني أقصد سكون مش فريدة ، ماهم الاتنين دكاترة وقاعدين جار بعضهم ، 


وتابع بإرشاد :


_ فكر بس ياصاحبي في اللى بقول لك عليه ، يوضع سره في أضعف خلقه وخلي عندك ثقة في ربك أنه مهيضمكش أبدا .


شرد بعقله وهو يفكر في كلام صديقه ويعيده مرارا وتكرارا وهو على نفس نظراته ثم حمل مفاتيحه وهتف :


_ حاضر هفكِر ، أنا ماشي معايزش حاجة .


ربت على ظهره واجابه بابتسامة:


_ لع في رعاية الله يازينة شباب قنا كلياتها .


توجع من كلمته بالرغم من إطرائه إلا أنه تأنَّ وجعا ، القى سلامه وخرج من الغرفة ونزل الأدراج وعقله يجوب بالفكر ، وما إن اقترب من باب الخروج المؤدي إلى حديقة المشفى حتى وجد نفسه يقف على أعتابه ينظر إليها من بعيد ، يراقب حركات وجهها المريح لقلبه ، 


نعم فقد شعر براحة كبيرة اجتاحت أوصاله ما إن تقع عيناه عليها ، ووجد قدماه تسوقه تجاهها بلا إرادة ، رأته صديقتها فريدة يقصدهم بقدومه فتحدثت إليها وهي تقوم على عجالة لعله يبادر معها بأولى لحظاتهم وبدايته لعشقه لها كما تعشقه صديقتها :


_ بصى متتلفتيش عمران جاي وراكى وشكله قاصد ياجي يطَمن عليكي ، أنا هسيب لك الفرصة دي وهرجع لك تاني ، خليكي طبيعية.


ونظرت في اتجاه معاكس وأشارت بيدها كأن أحدهم يناديها فتركتها بلباقة دون أن يشعر ذاك العمران ، 


انطلقت مسرعة وجلست سكون تحاول أن تستدعي هدوئها ولكن كيف وحبيب الروح يأتى إليها ، يا الله كم صعب ذاك الشعور فهو مؤلم ورائع في نفس الوقت ، المعنى ومضاده في كل شئ تشعر به الآن ، استنشقت رائحته التى حفظتها عن ظهر قلب فعلمت باقترابه ، 


اعتلى صدرها صعوداً وهبوطا بدقات مفرطة ، حاولت أن تبدو طبيعية ولكن لم تقدر ، وكان ذاك الشعور والإحساس رغماً عنها ، فالمحبين بصدق وخاصة المحرومين كسكون فعشقها له من طرف واحد لن يستطيعوا التحكم في دقات قلبهم عند رؤيتهم لمحبيهم وهى كانت كذلك ، ومن العجب أنه أحس بشعورها ورأى عدم انتظام أنفاسها ، 


وعلامات الخجل تجول على وجهها وهو قادم إليها ، فاندهش من تعابير وجهها وتوترها الشديد ، فوصل أمامها فرفعت أنظارها إليه وتلاقت أعينهم للمرة الثانية وأحس بنفس الرجفة في جسده كما قبل ،


وتفوه يطمئن عليها بنبرة صوت حنونة :


_ كيفك ياداكتورة دلوك اتحسنتي من الوقعة وفقتي وبقيتي زينة ؟


رعشة اجتاحت جسدها بأكمله وصار حدسها لايصدق وتسائل داخلها:


_ أحقا ساقته قدماه إلي كي يطمئن على حالي !

لااا ياربي لم أستطيع أن أتحمل فقلبي يرجف وعيناي ستبوح وتكشف أسراري،


أحقا هو بذاته يقف أمامي وأستنشق رائحته وأسمع صوته ويحدثني لذاتي !


اهدأ قلبي فأنت في حضرة ذاك العمران تنقبض وتنبسط في نفس الوقت ولا تبالي ،


فأجابته بعد حيرتها سريعاً:


_ بخير الحمدلله ، شكرا لذوقك ولكرم أخلاقك على انك افتكرتنى وجيت تطَمن علي .


انطلق لسانه مرددا دون أن يدري هو الآخر:


_ ومين يشوف السكون بيتألم وميرقِش قلبه ليه وياجي يطَمن عليه .


ذهلت من كلامه فحقا كان بارعاً فى جعل مشاعرها تثور داخلها بسبب كلماته وأردفت بخجل وهى تلقي مرمى أنظارها بعيدا عنه من شدة خجلها:


_ كلك ذوق متشكرة جدا لشهامتك .


ابتسم لها ودار بجسده ناحية عيناها الخجولتين منه مرددا:


_ هو أنا مضايقك علشان إكده بتداري عيونك عني أو بتطفل عليكي.


ألقى كلماته كنوع من المشاغبة كي يفتح معها حوار ويكشف منها ما يريده والذي وصل إليه من أول نظرة من عيناها ، ولكنها هتفت باستنكار:


_ لاااا مين قال إكده ! بس أنا طبيعتي الخجل شوي لكن انت معميلتش معاي حاجة تستدعي إني أنفر منيك ياولد الأصول ، بس كل الحكاية اني متفاجئة بس فتلاقيني متوترة .


تابع مشاغبته:

_ وايه اللي مخليكي متوترة إكده للدرجة اللي واصلة لي دي وحاسسها ؟


لااا كفى حديثك ذاك فعدت لا اتحمل ولكن أجابته وهي تحاول استدعاء الهدوء أكثر:


_ ممكن من أثر الوقعة بس متحطش في بالك .


انتوى المغادرة وتحدث بترحاب:


_ عموما حوصل خير ، أني همشي مش محتاجة حاجة أجيبها لك لو تعبانة قبل أمشي .


انفرجت أساريرها من اهتمامه وثبتت نظرة عيناها داخل عيناها قائلة :


_ معايزاش غير سلامتك ياعمران .


ما إن استمع إلي حروف اسمه خرجت من فاهها بتلك النبرة الرقيقة حتى دق قلب العمران لتلك السكون ، فقد رمت سه،م عشقها حتى اخت،رق قلبه وسدد رم،يه ونفذ بأوردته وذاق طعم جماله وانطلق من أمامها وبداخله منتويا تكرار الحديث معها آلاف المرات ، 


وبدأت شرارة العشق توقد قلب العمران ونبض قلبه بغرامها ولكن هل سيصدق قانون العشق ويشفي الوجع ويخلق من نبضه غراماً يحيى ذالك العمران أم للقدر رأي آخر .

الفصل الثالث من هنا

تعليقات



×