رواية أحببت كاتبا الفصل السادس والعشرون
سحابة من الغيوم كانت تتمرد في خبايا عقلها ، لتنصدم تلك الغيوم ببعضها من هول ماتصارعه صاحبتها ،ومع تنهيدات حاره كانت تخرجها تلك الشارده في تقطيم اظافرها ظهرت ابتسامتها وهي تتذكر مافعلته منذ يومان عندما عرض عليها مُحاضرها المبجل الزواج منها .. لتتسع ابتسامتها وهي تظنه مجنونا فكيف يطلب من امرأة متزوجه هذا الطلب
ولكن نظرات ذلك الاحمق علي يديها التي تخلوا من اي خاتم زواج او خُطبه .. جعلتها تعلم سبب وقوعه في غرامها بهذه السرعه .. لتعلو رائحة الطعام الذي اتحرق للتو وكأنه يطلب منها اخيرا النجده ..لتفتح صفا فاها بصدمه وهي تتأمل صينية البطاطس التي كانت تطهوها بعدما اخرجتها من الفرن
لتلعن ياسر واحمد معاَ .. كلاهما اصبحوا يحتلوا تفكيرها فهي تريد ان تروض زوجها بدكتورها المُتيمم الذي صارحها بفشله في الحب والزواج وانه حين رأها ادرك بأنها الزوجه المثاليه التي كان يبحث عنها .. وكأن وجودها في حياته لشهرين فقط كطالبه قد وفر له بأن يكتشف فيهم الحب والمثاليه
لتظهر ابتسامة باهتة علي شفتيها ... وهي تتأمل الطعام المُحترق بتأفف قائله : تستاهل يااحمد انك تاكل الاكل محروق
وتنهدت بضيق وهي تترك المطبخ حتي شهقت فازعا عندما اصطدمت بجسد ضخم ليس الا هو ، لتبتعد عنه وقبل ان تتفوه بكلمه وجدته ينقض عليها كالاسد يقبلها بعنف قائلا : انتي بتعتي انا وبس سامعه ياصفا
لتلهث هي بضعف من فعلته المفاجأه حتي قالت : انا مش بتعتك ، وهطلق منك واتجوز ياسر ياابن السيوفي
وارادت ان تهرب من نظرات اعينه المخيفه ، ليسحبها قائلا : علي اخر الزمن واحد يجيلي يطلب مني مراتي ويحكيلي ازاي حبها ، وانتي ياهانم يامحترمه مدام عارفه مشاعره اتجاهك ازاي موجهتهوش بالحقيقه ولا عجبك حبه واهتمامه بيكي
لتصعق من حديثه الذي اضاف وجعا أخرفطالعته بكبرياء قائله : لان انت السبب .. بتحبني وبتحبها
وكاد ان ينكر حبه لمها الذي امتلكته هي حتي تابعت بحسره : رامي حكالي علي كل حاجه قبل ما يسافر ، حكالي عن كل حياتك مع مها بالتفصيل ازاي كنت احمد وازاي بقيت دلوقتي راجل من غير روح بتشتغل وتحقق احلامك وبس اما زمان وابتعلت ريقها بصعوبه لتتابع حديثها قائلة : زمان كنت بتركب خيل عشان تكون بطلها ، بتقول شعر عشانها هي وبس حتي بيتكم اللي حلمتوا بيه بنيته يابشمهندس
وسقطت دموعها بوجع قائله : مش هي ديه المزرعه اللي كنت ناوي لما نرجع نعيش فيها ، عايز تعيشني في حلم انت بنيته ليك وليها بس .. وتابعت بتهكم قائله : اه انا فعلا البنت اللي كانت بتبعت لمراد زين جوابات ... مراد زين الفارس الخيالي مراد زين اللي واقف قدامي دلوقتي الكداب اللي بيكتب عن الحب وهو مش عارف يحب ،بيكتب عن الاخلاص والصدق وهو اول واحد مبيعملش بيهم بيكرهه الخيانه وهو بيخون
صاحبك حاول يساعدني عشان نقدر نعيش حياه فيها صفا واحمد .. مش صفا ومها واحمد
ولم يكن ليفعل سوا ان جذبها لاحضانه ، ليبكي علي بكائها .. يبكي لانه شعر بأنه اول من هدم احلامها
ليهمس في اذنيها قائلا : طب لو قولت النهارده اني بحبك انتي وبس ياصفا هتصدقيني ولا هيفضل الماضي محاوطنا
وأزداد من ضمه اليها ، حتي صارت تتلمص منه بقوه .. ليسكتها بكلماته
أحمد : هتلبسيلي الفستان الابيض ياصفا وهنعمل فرح حلو زي اللي شوفتيه هنا صحيح معازيمنا هيكونوا ناس قليله وبعيد عن أهلنا .. وتابع قائلا : وهلبسك خاتم جوازنا عشان مشوفش واحد اهبل يطلبك مني تاني
وعندما قرر أن يطلق سراحها ليري تأثير كلماته عليها ، وجدها تطالعه قائله : متقولش علي ياسر أهبل
وركضت من أمامه بسعاده وهي تهتف : مش هوافق علي الجواز الا بشرط
تيجبلي كــاظم الســاهر في فرحي !
..................................................................
(زوجه وابن) كان هذا ما يتردد في ذهن حياه الواقفه بصدمه تتأمل ملامح زوجها امام تلك المرأه الفاتنه وطفلها الجميل
لتظن للحظه ان كل ذلك كابوس . حتي سمعت صوته قائلا : اميـــــره !
لتنكشف كل الامور أمامها ، فزوجها المُحب كان زوجا لاخري لم يخبرها بها وايضا اباً لطفلا لم يعرف بأبوته اليه سوا اليوم
فيعلو صوت اميره الساخر : ما انت اتجوزت اه وعشت حياتك يا عامر ، شكلي كنت ماضي وانتهي
ليغمض عامر عينيه بألم مُتذكراً رحله بحثه عنها التي لم تجني بنفع بسبب تنقلاتها الكثيره , ولكن حبه لها حقا كان رغبه لا أكثر عندما تزوج بحياه الواقفه مصدومه مثله ...
فنظر الي أبنه الذي حرمته منه سنين طويلا ، فقد كان يشبه أخاه أحمد ويحمل عين جدته.. فملامحه جميعها تصرخ بأنه أبنه بالفعل
لتتابع حياه كل هذا بصمت ودموعها تهطل ببطئ وهي تُشاهد شوق زوجها لطفله .. حتي أنحني عامر بجسده ليلامس وجه صغيره بحنان فيهمس سيف قائلا : انت بابا صح
وماكان منه سوا أن حضنه ليغمر أبنه بشوق جارف بين ذراعيه
ونظرات أميره تأكل حياه الواقفه تتابع المشهد بصمت ، لتهز أميره رأسها بغضب وهي تتأكد بأن الواقفه بينهم الان ليس الا زوجته التي حكي لها أكرم عنها ...فعندما طلبت منه المساعده في الحصول علي الطلاق ومساومة الامور بينها وبين عامر بهدوء .. كانت الصدمه والالم جزء كبير منها فحبيبها قد تزوج ويعيش حياته ويعشق زوجه وهي لم تتحول بسبب حبه الا بأنسانه عاهره تُتاجر بجسدها من أجل الحصول علي وظيفه مرموقه وبعض الاموال حتي انها كانت سترفض طلب طارق بالزواج منها فهي قد أكتشفت بأنها لا تصلح للزواج فعامر يحتل جزء كبير من حياتها هو وطفله
فضحكت بأسي وهي تشاهد أنسحاب حياه بأنكسار ، وعامر غارق في احتضان طفله وهي تقف تتلذ في تعذيبه .. فالان جاء دورها لتجعله رجلا مشتتاً
...................................................................
تطلع بحقاره لتلك النائمه في فراشه بعد ليله طويله قد جمعتهم فيها الرغبه ، ليلامس وجهها بنظره لا يعلم اهو الحب المصحوب بالغضب ام الاحتقار
لتتلملم نيره في الفراش فيتذكر هو احداث الليله الماضيه بعدما تزوجها من قبل عمها الذي اغوته ببعض الاموال كي يكون وكيلها ويخفي خبر زواجها عن الجميع من افراد عائلتها.. فيقع بنظره علي العقد الماسي الذي تحتويه رقبتها وكانت هذه هي الهديه التي اطار بها عقلها ليسمع همساتها فأقترب بوجهه منه ليتأملها قائلا : هخليكي زوجه عشيقه وبس يانيره همتلكك وهدمرك وخليكي باقية ست هخليكي تتحسري علي افعالك
وصرخ بها بصوت عالي قائلا : اصحي ياحلوه !
لتفزع نيره من صوته وكادت ان تمسك وجهه بعيون راغبه ، فهو زوج ممتلك لكل شئ جسد ومال ووسامه فكيف لا يطيح بها
فصدمها راجي بنظراته المحتقره قائلا : بيعه خسرانه للاسف ، ومليت منك من ليله واحده قومي يلا
ثم صرخ بها قائلا : هتعيشي هنا لمزاجي وبس ، عشيقتي وقذف ببعض الاموال علي وجهها وتابع بحديثه قائلا : عايز انبسط منك المره الجايه يابنت الحسب والنسب
.................................................................
مشاعر غريبه أصبحت تتضارب بداخلها ولكن مشاعر الفرح والسعاده بما وصلت به حياتها جعلتها تنسي أي شئ قد مر عليها منه ، ليحفر ذلك المتسلط اسمه في قلبها ، فتبتسم بحنان وهي تتلاعب بحبات الرز حتي سمعت صوت أمها تُحادثها : أنا لو قعدت علي سرحانك ده يابنت بطني مش هخلص الاكل لابوكي ولا لجوزك
لتفيق جنه من شرودها بحرج وهي تتأمل نظرات أعين أمها ، حتي قالت صافيه بسعاده : قومي شوفي جوزك وابوكي لو عايزين حاجه يشربوها ، لحد اما نخلص الاكل
فوقفت جنه بسعاده بعدما أخذت أخيرا أفراج من والدتها التي تُعملها وكأن جاسر صديقها وليس بزوجها
وركضت ناحيه باب بيتهم البسيط لتري زوجها واباها يجلسون علي أحد المساطب .. وجاسر يحادث اباها بحبور
فأقتربت هي منهم وعيناها مُسلطه علي تفاصيل وجه الذي أشتاقت اليه .. لتتعثر قدميها وتسقط ارضا
ليقف جاسر ووالدها مصدومين ، ولكن سريعا ما تعالت ضحكاتهم وهم يتأملون منظرها المضحك بعبائة والدتها الواسعه الطويله ....
فضحك صابر قائلا : قومي يابنت ابوكي ، مبيقعش غير الشاطر
فرفعت هي ببصرها الي زوجها الواقف يتأملها بضحكاته ، حتي اقترب منها قائلا : خلاص ياحببتي متعيطيش ، محدش شافك غيري وغير ابوكي
لتتأمل هي المساحه الخاليه امام بيتهم والخاليه من تجمعات اهل قريتهم ، حتي طالعته بحقد قائله : ومين قالك اني بعيط
فأنهضها جاسر بحنان وهو يمسح علي وجهها قائلا : اومال اللي انا شايفه ده ايه
واشار علي دموعها التي سقطت بسبب وقوعها أمامه ، وتأمل دخول عمه ليهمس في أذنيها قائلا : أخيرا أمك أطلقت سراحك ، انا بقول كفايه كده ياجنه ويلا نروح
وما كان منها الا ان ضحكت بعند قائله: مدام ضحكت عليا وانا بقع يبقي انا هقعد هنا شهر ياشيخ العرب
وكادت ان تفر من أمامه ، ولكنها سقطت ثانية .. فتعالت ضحكاته وهو يضرب كفاً بأخر : اللي تيجي علي جوزها الطيب لازم يحصلها كده ، وتركها وهو يهمس : هنمشي النهارده بليل
..................................................................
كانت كالميته وهي تحارب جميع تخيلاتها ، ليدخل عامر غرفتهما ويتأمل جلوسها علي فراشهما بدون روح ليقول بصوت رخيم : اميره وسيف هيعيشوا معانا ياحياه ، مقدرش ارمي ابني في الشارع
وماكان منها سوا أن أبتسمت قائله :من حقك !
وصمتت قليلا وهي تتأمل معالم وجهه التي بدأت تسترخي
فيعود بحديثه قائلا : مقدرش أطلق اميره وادمر ابني
فطالعته هي بنفس الابتسامه لتردد نفس الكلمة قائله : من حقك !
فشعر ببرودة حديثها، فأقترب منها حنان : حياه انا بحبك بجد ، بس لازم تفهمي موقفي مقدرش ابعد عن ابني ..غير ان ممكن مأخلفش غيره
فطالعته بألم قد اضافه حديثه
حياه : عندك حق برضوه .. انا فعلا ممكن مأخلفش
ثم أبتسمت بهدوء وهي تطالعه قائله : طلقني ياعامر !
..................................................................
ابتسامة حنونه ظهرت علي محياه وهو يري زوجته المجنونه واخته التي لا تقل جنونا عنها يتمازحون بصغير أخيه فاخر ، لينظر في ساعة يده ليجد ان وقت قدوم ذلك الرجل الذي قد سأم الحديث عنه من والده واخاه فاخر وايضا هاشم
لتتعالا صوت ضحكات تلك المجنونه زوجته، فلا يجد نفسه سوا أن ترك الشرفه وأتجه نحوها قائلا : روحي العبي انتي واروي ياحببتي في البيت التاني ، عشان قسما بالله لو سمعت نفسك والضيوف هنا لحسابك هيبقي شديد معايا ومافيش رحلة الملاهي اللي انت واروي الهابله عايزين تروحوها
لتتذكر هي تلك الرحله التي قصت عنها أروي اليها وشجعتها بأن يذهبوها سويا برفقة زملائها بالجامعه وبعد الحاح طويل علي جاسر الذي أنهي عطلة مكوثها مع والديها وعاد بها سريعا حتي قالت : خلاص هقعد ساكته ، وامسكت بيد الصغير قائله : مش اروي هي اللي بتخلينا نضحك يا "حسن"
وما كان من الصغير حبيب قلب جده المُسمي علي اسمه الا ان هز رأسه بالموافقه : صح ياجنه
لتتسع أبتسامة جنه وهي تطالع اروي المنشغله في الحديث مع هاشم حتي اقتربت منه هي قائله : شوفت انا هاديه ازاي يا جاســـ
و كادت ان تنطق بدلعها الذي اصبح يسمح به فقط في لحظاتهم الجنونيه معا ، فتهكم وجهها لتبتسم قائله : هو مين الضيف ده اللي جاي !
ليطالعها جاسر بهيام وهو يشاهد تفاصيل وجهها ، حتي تنهد قائلا : جنه امشي من قدامي دلوقتي وعلي بيتنا عدل زمان تلاميذك وصلوا وخدي اروي معاكي يمكن تفلح في حاجه
وانحني بجسده كي يهمس بأذنيها قائلا : وابوس ايدك بلاش لما ارجع النهارده الاقيكي لبسالي أسدال الصلاه
فضحكت بقوه وهي يتذكر كما عبائه واسدال قد مزقهم .. وتمتمت بخوفت بعدما وجدته يبتعد عنه مُلتهياً في رنين هاتفه : ده انا عندي منهم كتير ياابن عمي !
...................................................................
سقطت دموعها بقهر وهي تستمع لكلماته عبر الهاتف ، وما أن أغلقت الحديث معه حتي شهقت باكيه .. فهو يرغبها الليله .. يرغب ان تكون بفراشه ،فمنذ ليلتهم الاولي من أسبوعاً لم يطلب لقائها وكأنه قد نفرها ونساها ولكن اليوم قد تذكرها وحينما أعترضت وطلبت منه ان يتركها .. وجدته يطيح بها قائلا : انا معزوم في بيت حسن العامري النهارده تحبي احكي لاهلك علي جوازنا في السر يانيره هانم
لتتذكر هي أسم اهلها وما سيفعلونه عندما يعلمون بزواجها ممن تركت له جسدها تحت بسبب اطماعها ...
فلطمت علي وجهها بحزن وهي تهتف : غبيه يانيره وقعتي في ايد مين .. ده راجي النعيمي
وادمعت عيناها وهي تتذكر ملامح زوجته الخليجيه التي لم تعلم عنها سوا اليوم ..
..................................................................
كانت طائرة في أحلامها كالفراشه وهي تتأمل هيئتها بفستانها الابيض المنمق الذي جلبه لها خصيصا من فرنسا ، لتسمع صوت تلك السيده التي بعثتها احدي مراكز التجميل وكانت لبنانية الاصل لتقول لها بأنبهار : عروس جميله حقاً
فألتمعت عين صفا وهي لا تصدق بأنها اليوم ستحقق حلما ظنته مستحيلا ، حلما بأن تتبطأ بذراع عريسها والناس حولهم يصفقون بفرح والورود تتناثر خلفهم كما كانت تقرء في رواياتها التي عانت معها كثيرا والدتها ، فسقطت دموعها دون شعور وهي تتذكر والديها حتي صرخت هذه سيده قائله : سينهار كل ما فعلناه صفا !
فأبتسمت صفا بود لها حتي أخيرا قالت : انتهيت !
ومع كلمة انتهاء هذه السيده من عملها كانت طرقاته تدق علي الباب ويعلو صوته قائلا : مدام كرستين .
لتضحك السيده وهي تتأمل نبرة صوته الملهوفه علي عروسه ، حتي وجدت العروس تذهب ناحية حمام غرفتها قائله : لاء يامدام كرستين .. قوليله مش عايزه اتجوز خلاص !
وماكان من هذه السيده سوا أن ضحكت بعلو صوتها وهي تقول : أتفضل "سيد" أحمد عروستك تشبه القمر
وعندما أردف هو ، كان الحمام سيغلق ولكنه لحقها سريعا ليخرجها منه ، وهو يبتسم بسعاده
احمد: صــفــا انتي جميله اووي !
ووقف يتأمل كل تفاصيل جسدها بفستانها الطويل ذات التطريزات العصريه وحجابها المُنمق الذي يخرج منه بعض الخصلات المتمرده ، الي ان هبط بأعينه علي سحر عينيها الخضراء التي نسج الكحل عليه خيوطه ببراعه بالاضافه الي أشياء اخري ، فظل يطالعها بتعمق وعشق حتي همس اخيرا : أمــيـــرتـــي الــجــميــله !
ولكن نظرات ذلك الاحمق علي يديها التي تخلوا من اي خاتم زواج او خُطبه .. جعلتها تعلم سبب وقوعه في غرامها بهذه السرعه .. لتعلو رائحة الطعام الذي اتحرق للتو وكأنه يطلب منها اخيرا النجده ..لتفتح صفا فاها بصدمه وهي تتأمل صينية البطاطس التي كانت تطهوها بعدما اخرجتها من الفرن
لتلعن ياسر واحمد معاَ .. كلاهما اصبحوا يحتلوا تفكيرها فهي تريد ان تروض زوجها بدكتورها المُتيمم الذي صارحها بفشله في الحب والزواج وانه حين رأها ادرك بأنها الزوجه المثاليه التي كان يبحث عنها .. وكأن وجودها في حياته لشهرين فقط كطالبه قد وفر له بأن يكتشف فيهم الحب والمثاليه
لتظهر ابتسامة باهتة علي شفتيها ... وهي تتأمل الطعام المُحترق بتأفف قائله : تستاهل يااحمد انك تاكل الاكل محروق
وتنهدت بضيق وهي تترك المطبخ حتي شهقت فازعا عندما اصطدمت بجسد ضخم ليس الا هو ، لتبتعد عنه وقبل ان تتفوه بكلمه وجدته ينقض عليها كالاسد يقبلها بعنف قائلا : انتي بتعتي انا وبس سامعه ياصفا
لتلهث هي بضعف من فعلته المفاجأه حتي قالت : انا مش بتعتك ، وهطلق منك واتجوز ياسر ياابن السيوفي
وارادت ان تهرب من نظرات اعينه المخيفه ، ليسحبها قائلا : علي اخر الزمن واحد يجيلي يطلب مني مراتي ويحكيلي ازاي حبها ، وانتي ياهانم يامحترمه مدام عارفه مشاعره اتجاهك ازاي موجهتهوش بالحقيقه ولا عجبك حبه واهتمامه بيكي
لتصعق من حديثه الذي اضاف وجعا أخرفطالعته بكبرياء قائله : لان انت السبب .. بتحبني وبتحبها
وكاد ان ينكر حبه لمها الذي امتلكته هي حتي تابعت بحسره : رامي حكالي علي كل حاجه قبل ما يسافر ، حكالي عن كل حياتك مع مها بالتفصيل ازاي كنت احمد وازاي بقيت دلوقتي راجل من غير روح بتشتغل وتحقق احلامك وبس اما زمان وابتعلت ريقها بصعوبه لتتابع حديثها قائلة : زمان كنت بتركب خيل عشان تكون بطلها ، بتقول شعر عشانها هي وبس حتي بيتكم اللي حلمتوا بيه بنيته يابشمهندس
وسقطت دموعها بوجع قائله : مش هي ديه المزرعه اللي كنت ناوي لما نرجع نعيش فيها ، عايز تعيشني في حلم انت بنيته ليك وليها بس .. وتابعت بتهكم قائله : اه انا فعلا البنت اللي كانت بتبعت لمراد زين جوابات ... مراد زين الفارس الخيالي مراد زين اللي واقف قدامي دلوقتي الكداب اللي بيكتب عن الحب وهو مش عارف يحب ،بيكتب عن الاخلاص والصدق وهو اول واحد مبيعملش بيهم بيكرهه الخيانه وهو بيخون
صاحبك حاول يساعدني عشان نقدر نعيش حياه فيها صفا واحمد .. مش صفا ومها واحمد
ولم يكن ليفعل سوا ان جذبها لاحضانه ، ليبكي علي بكائها .. يبكي لانه شعر بأنه اول من هدم احلامها
ليهمس في اذنيها قائلا : طب لو قولت النهارده اني بحبك انتي وبس ياصفا هتصدقيني ولا هيفضل الماضي محاوطنا
وأزداد من ضمه اليها ، حتي صارت تتلمص منه بقوه .. ليسكتها بكلماته
أحمد : هتلبسيلي الفستان الابيض ياصفا وهنعمل فرح حلو زي اللي شوفتيه هنا صحيح معازيمنا هيكونوا ناس قليله وبعيد عن أهلنا .. وتابع قائلا : وهلبسك خاتم جوازنا عشان مشوفش واحد اهبل يطلبك مني تاني
وعندما قرر أن يطلق سراحها ليري تأثير كلماته عليها ، وجدها تطالعه قائله : متقولش علي ياسر أهبل
وركضت من أمامه بسعاده وهي تهتف : مش هوافق علي الجواز الا بشرط
تيجبلي كــاظم الســاهر في فرحي !
..................................................................
(زوجه وابن) كان هذا ما يتردد في ذهن حياه الواقفه بصدمه تتأمل ملامح زوجها امام تلك المرأه الفاتنه وطفلها الجميل
لتظن للحظه ان كل ذلك كابوس . حتي سمعت صوته قائلا : اميـــــره !
لتنكشف كل الامور أمامها ، فزوجها المُحب كان زوجا لاخري لم يخبرها بها وايضا اباً لطفلا لم يعرف بأبوته اليه سوا اليوم
فيعلو صوت اميره الساخر : ما انت اتجوزت اه وعشت حياتك يا عامر ، شكلي كنت ماضي وانتهي
ليغمض عامر عينيه بألم مُتذكراً رحله بحثه عنها التي لم تجني بنفع بسبب تنقلاتها الكثيره , ولكن حبه لها حقا كان رغبه لا أكثر عندما تزوج بحياه الواقفه مصدومه مثله ...
فنظر الي أبنه الذي حرمته منه سنين طويلا ، فقد كان يشبه أخاه أحمد ويحمل عين جدته.. فملامحه جميعها تصرخ بأنه أبنه بالفعل
لتتابع حياه كل هذا بصمت ودموعها تهطل ببطئ وهي تُشاهد شوق زوجها لطفله .. حتي أنحني عامر بجسده ليلامس وجه صغيره بحنان فيهمس سيف قائلا : انت بابا صح
وماكان منه سوا أن حضنه ليغمر أبنه بشوق جارف بين ذراعيه
ونظرات أميره تأكل حياه الواقفه تتابع المشهد بصمت ، لتهز أميره رأسها بغضب وهي تتأكد بأن الواقفه بينهم الان ليس الا زوجته التي حكي لها أكرم عنها ...فعندما طلبت منه المساعده في الحصول علي الطلاق ومساومة الامور بينها وبين عامر بهدوء .. كانت الصدمه والالم جزء كبير منها فحبيبها قد تزوج ويعيش حياته ويعشق زوجه وهي لم تتحول بسبب حبه الا بأنسانه عاهره تُتاجر بجسدها من أجل الحصول علي وظيفه مرموقه وبعض الاموال حتي انها كانت سترفض طلب طارق بالزواج منها فهي قد أكتشفت بأنها لا تصلح للزواج فعامر يحتل جزء كبير من حياتها هو وطفله
فضحكت بأسي وهي تشاهد أنسحاب حياه بأنكسار ، وعامر غارق في احتضان طفله وهي تقف تتلذ في تعذيبه .. فالان جاء دورها لتجعله رجلا مشتتاً
...................................................................
تطلع بحقاره لتلك النائمه في فراشه بعد ليله طويله قد جمعتهم فيها الرغبه ، ليلامس وجهها بنظره لا يعلم اهو الحب المصحوب بالغضب ام الاحتقار
لتتلملم نيره في الفراش فيتذكر هو احداث الليله الماضيه بعدما تزوجها من قبل عمها الذي اغوته ببعض الاموال كي يكون وكيلها ويخفي خبر زواجها عن الجميع من افراد عائلتها.. فيقع بنظره علي العقد الماسي الذي تحتويه رقبتها وكانت هذه هي الهديه التي اطار بها عقلها ليسمع همساتها فأقترب بوجهه منه ليتأملها قائلا : هخليكي زوجه عشيقه وبس يانيره همتلكك وهدمرك وخليكي باقية ست هخليكي تتحسري علي افعالك
وصرخ بها بصوت عالي قائلا : اصحي ياحلوه !
لتفزع نيره من صوته وكادت ان تمسك وجهه بعيون راغبه ، فهو زوج ممتلك لكل شئ جسد ومال ووسامه فكيف لا يطيح بها
فصدمها راجي بنظراته المحتقره قائلا : بيعه خسرانه للاسف ، ومليت منك من ليله واحده قومي يلا
ثم صرخ بها قائلا : هتعيشي هنا لمزاجي وبس ، عشيقتي وقذف ببعض الاموال علي وجهها وتابع بحديثه قائلا : عايز انبسط منك المره الجايه يابنت الحسب والنسب
.................................................................
مشاعر غريبه أصبحت تتضارب بداخلها ولكن مشاعر الفرح والسعاده بما وصلت به حياتها جعلتها تنسي أي شئ قد مر عليها منه ، ليحفر ذلك المتسلط اسمه في قلبها ، فتبتسم بحنان وهي تتلاعب بحبات الرز حتي سمعت صوت أمها تُحادثها : أنا لو قعدت علي سرحانك ده يابنت بطني مش هخلص الاكل لابوكي ولا لجوزك
لتفيق جنه من شرودها بحرج وهي تتأمل نظرات أعين أمها ، حتي قالت صافيه بسعاده : قومي شوفي جوزك وابوكي لو عايزين حاجه يشربوها ، لحد اما نخلص الاكل
فوقفت جنه بسعاده بعدما أخذت أخيرا أفراج من والدتها التي تُعملها وكأن جاسر صديقها وليس بزوجها
وركضت ناحيه باب بيتهم البسيط لتري زوجها واباها يجلسون علي أحد المساطب .. وجاسر يحادث اباها بحبور
فأقتربت هي منهم وعيناها مُسلطه علي تفاصيل وجه الذي أشتاقت اليه .. لتتعثر قدميها وتسقط ارضا
ليقف جاسر ووالدها مصدومين ، ولكن سريعا ما تعالت ضحكاتهم وهم يتأملون منظرها المضحك بعبائة والدتها الواسعه الطويله ....
فضحك صابر قائلا : قومي يابنت ابوكي ، مبيقعش غير الشاطر
فرفعت هي ببصرها الي زوجها الواقف يتأملها بضحكاته ، حتي اقترب منها قائلا : خلاص ياحببتي متعيطيش ، محدش شافك غيري وغير ابوكي
لتتأمل هي المساحه الخاليه امام بيتهم والخاليه من تجمعات اهل قريتهم ، حتي طالعته بحقد قائله : ومين قالك اني بعيط
فأنهضها جاسر بحنان وهو يمسح علي وجهها قائلا : اومال اللي انا شايفه ده ايه
واشار علي دموعها التي سقطت بسبب وقوعها أمامه ، وتأمل دخول عمه ليهمس في أذنيها قائلا : أخيرا أمك أطلقت سراحك ، انا بقول كفايه كده ياجنه ويلا نروح
وما كان منها الا ان ضحكت بعند قائله: مدام ضحكت عليا وانا بقع يبقي انا هقعد هنا شهر ياشيخ العرب
وكادت ان تفر من أمامه ، ولكنها سقطت ثانية .. فتعالت ضحكاته وهو يضرب كفاً بأخر : اللي تيجي علي جوزها الطيب لازم يحصلها كده ، وتركها وهو يهمس : هنمشي النهارده بليل
..................................................................
كانت كالميته وهي تحارب جميع تخيلاتها ، ليدخل عامر غرفتهما ويتأمل جلوسها علي فراشهما بدون روح ليقول بصوت رخيم : اميره وسيف هيعيشوا معانا ياحياه ، مقدرش ارمي ابني في الشارع
وماكان منها سوا أن أبتسمت قائله :من حقك !
وصمتت قليلا وهي تتأمل معالم وجهه التي بدأت تسترخي
فيعود بحديثه قائلا : مقدرش أطلق اميره وادمر ابني
فطالعته هي بنفس الابتسامه لتردد نفس الكلمة قائله : من حقك !
فشعر ببرودة حديثها، فأقترب منها حنان : حياه انا بحبك بجد ، بس لازم تفهمي موقفي مقدرش ابعد عن ابني ..غير ان ممكن مأخلفش غيره
فطالعته بألم قد اضافه حديثه
حياه : عندك حق برضوه .. انا فعلا ممكن مأخلفش
ثم أبتسمت بهدوء وهي تطالعه قائله : طلقني ياعامر !
..................................................................
ابتسامة حنونه ظهرت علي محياه وهو يري زوجته المجنونه واخته التي لا تقل جنونا عنها يتمازحون بصغير أخيه فاخر ، لينظر في ساعة يده ليجد ان وقت قدوم ذلك الرجل الذي قد سأم الحديث عنه من والده واخاه فاخر وايضا هاشم
لتتعالا صوت ضحكات تلك المجنونه زوجته، فلا يجد نفسه سوا أن ترك الشرفه وأتجه نحوها قائلا : روحي العبي انتي واروي ياحببتي في البيت التاني ، عشان قسما بالله لو سمعت نفسك والضيوف هنا لحسابك هيبقي شديد معايا ومافيش رحلة الملاهي اللي انت واروي الهابله عايزين تروحوها
لتتذكر هي تلك الرحله التي قصت عنها أروي اليها وشجعتها بأن يذهبوها سويا برفقة زملائها بالجامعه وبعد الحاح طويل علي جاسر الذي أنهي عطلة مكوثها مع والديها وعاد بها سريعا حتي قالت : خلاص هقعد ساكته ، وامسكت بيد الصغير قائله : مش اروي هي اللي بتخلينا نضحك يا "حسن"
وما كان من الصغير حبيب قلب جده المُسمي علي اسمه الا ان هز رأسه بالموافقه : صح ياجنه
لتتسع أبتسامة جنه وهي تطالع اروي المنشغله في الحديث مع هاشم حتي اقتربت منه هي قائله : شوفت انا هاديه ازاي يا جاســـ
و كادت ان تنطق بدلعها الذي اصبح يسمح به فقط في لحظاتهم الجنونيه معا ، فتهكم وجهها لتبتسم قائله : هو مين الضيف ده اللي جاي !
ليطالعها جاسر بهيام وهو يشاهد تفاصيل وجهها ، حتي تنهد قائلا : جنه امشي من قدامي دلوقتي وعلي بيتنا عدل زمان تلاميذك وصلوا وخدي اروي معاكي يمكن تفلح في حاجه
وانحني بجسده كي يهمس بأذنيها قائلا : وابوس ايدك بلاش لما ارجع النهارده الاقيكي لبسالي أسدال الصلاه
فضحكت بقوه وهي يتذكر كما عبائه واسدال قد مزقهم .. وتمتمت بخوفت بعدما وجدته يبتعد عنه مُلتهياً في رنين هاتفه : ده انا عندي منهم كتير ياابن عمي !
...................................................................
سقطت دموعها بقهر وهي تستمع لكلماته عبر الهاتف ، وما أن أغلقت الحديث معه حتي شهقت باكيه .. فهو يرغبها الليله .. يرغب ان تكون بفراشه ،فمنذ ليلتهم الاولي من أسبوعاً لم يطلب لقائها وكأنه قد نفرها ونساها ولكن اليوم قد تذكرها وحينما أعترضت وطلبت منه ان يتركها .. وجدته يطيح بها قائلا : انا معزوم في بيت حسن العامري النهارده تحبي احكي لاهلك علي جوازنا في السر يانيره هانم
لتتذكر هي أسم اهلها وما سيفعلونه عندما يعلمون بزواجها ممن تركت له جسدها تحت بسبب اطماعها ...
فلطمت علي وجهها بحزن وهي تهتف : غبيه يانيره وقعتي في ايد مين .. ده راجي النعيمي
وادمعت عيناها وهي تتذكر ملامح زوجته الخليجيه التي لم تعلم عنها سوا اليوم ..
..................................................................
كانت طائرة في أحلامها كالفراشه وهي تتأمل هيئتها بفستانها الابيض المنمق الذي جلبه لها خصيصا من فرنسا ، لتسمع صوت تلك السيده التي بعثتها احدي مراكز التجميل وكانت لبنانية الاصل لتقول لها بأنبهار : عروس جميله حقاً
فألتمعت عين صفا وهي لا تصدق بأنها اليوم ستحقق حلما ظنته مستحيلا ، حلما بأن تتبطأ بذراع عريسها والناس حولهم يصفقون بفرح والورود تتناثر خلفهم كما كانت تقرء في رواياتها التي عانت معها كثيرا والدتها ، فسقطت دموعها دون شعور وهي تتذكر والديها حتي صرخت هذه سيده قائله : سينهار كل ما فعلناه صفا !
فأبتسمت صفا بود لها حتي أخيرا قالت : انتهيت !
ومع كلمة انتهاء هذه السيده من عملها كانت طرقاته تدق علي الباب ويعلو صوته قائلا : مدام كرستين .
لتضحك السيده وهي تتأمل نبرة صوته الملهوفه علي عروسه ، حتي وجدت العروس تذهب ناحية حمام غرفتها قائله : لاء يامدام كرستين .. قوليله مش عايزه اتجوز خلاص !
وماكان من هذه السيده سوا أن ضحكت بعلو صوتها وهي تقول : أتفضل "سيد" أحمد عروستك تشبه القمر
وعندما أردف هو ، كان الحمام سيغلق ولكنه لحقها سريعا ليخرجها منه ، وهو يبتسم بسعاده
احمد: صــفــا انتي جميله اووي !
ووقف يتأمل كل تفاصيل جسدها بفستانها الطويل ذات التطريزات العصريه وحجابها المُنمق الذي يخرج منه بعض الخصلات المتمرده ، الي ان هبط بأعينه علي سحر عينيها الخضراء التي نسج الكحل عليه خيوطه ببراعه بالاضافه الي أشياء اخري ، فظل يطالعها بتعمق وعشق حتي همس اخيرا : أمــيـــرتـــي الــجــميــله !