رواية داغر وداليدا قلبه لا يبالي الفصل الخامس والعشرين 25 بقلم هدير نور
كانت داليدا جالسه بجانب فراش المشفي الذي يرقد عليه داغر الذي كان غارقاً في غيبوبه منذ يوم الحادث اي منذ اكثر من ثلاثة اسابيع...
ارتجف جسد داليدا بالخوف فور تذكرها لاحداث هذا اليوم الذي كادت ان تفقد به حياتها و حياة زوجها...
فبعد ان سقط داغر غائباً عن الوعي بعد تلاقيه لضربات هؤلاء الرجال دفعوا جسده من فوق جسدها ساحبين اياها رغم مقاومتها لهم و صراخها إلى السياره الخاصه بهم محاولين خطفها...
لكن اتتها المساعده من الله في اخر لحظه حيث ظهر رجال الحرس الخاصين بداغر الذين ما انتهوا من الرجال الذين اعترضوا طريقهم انطلقوا إلى موقع سيارة داغر الذي حدده جهاز التعقب الذي بها...
ليبدئوا على الفور بالتشابك مع هؤلاء البلطجيه المرتزقه وقد اسرع احدي الحرس بالركض نحو داليدا حية قام بادخالها إلى السياره الخاص بهم حتى يحميها من تلقي اي ضربات، و لم يستغرق التشابك بينهم لوقت طويل حيث انهي رجال داغر امر هؤلاء الرجال في اقل من 5 دقائق...
ليسرعوا ابعدها باصطحاب داغر الذي كان لا يزال فاقد للوعي إلى إلى المشفي...
ليشخص الطبيب بوجود عدة اصابات و رضوض منتشره بانحاء جسده كما اصيب بارتجاج بالمخ ادي تلي دخوله بغيبوبه و التي لم يفيق منها حتى الان...
اما هي فقد اصيبت ببعض الكدمات فقط وتم فحص طفلها حيث اكد الطبيب لها انه بخير و لم يصيب بأي أذي...
ومنذ تلك الليله لم تفارق داليدا داغر و لو لدقيقه واحده رافضه مغادرة المشفي حتى اضطر الطبيب الذي اخبرها انه كان صديق لوالد داغر عندما يأس من اقناعها من المغادرة و العوده.
الي لمنزل
حيث امر الممرضات بوضع مقعد يتم فرده ليصبح كالسرير حتى تستطيع النوم عليه بغرفة داغر.
و كانت داليدا تظل طوال الوقت قابعه بجانبه تمسك بيده بين يدها تتحدث اليه كما لو كان واعياً و يستمع اليها فقد كانت تحدثه عن ذكرياتهم و مواقفهم سوياً و عن كل شيئ يحدث من حوله، فقد اخبرها الطبيب ان هذا الامر ينجح في كثير من الاحيان.
كما كانت في كثير من الاحيان تضع يده على بطنها المنتفخه حتى يشعر بحركة طفلهم...
رفعت داليدا يده الممسكه بها مقبله اياها بحنان وهي تهمس بصوت مختنق
=فوق يا حبيبي، فوق علشان خاطري، جيامن خلاص قرب يجي...
افلتت شهقه ممزقه منها و قد بدأت تنهمر دموعها على خديها وهي تكمل بصوت باكي ممزق
=يرضيك يجي، و ميلقيش بابا مستنيه...
اخذت تقبل يده قبلات متتاليه مسنده جبهتها عليها و هي تدعو الله بان يعيده اليها و لطفلهم...
لكنها انتفضت في مكانها ملطقه صرخه منخفضه عندما شعرت بألم حاد يضربها اسفل بطنها وضعت يدها فوقها محاوله التنفس بقوه لكن ازداد الالم مما جعلها تنحني على نفسها ممسكه ببطنها المنتفخه و الرعب قد زلزل داخلها خوفاً من ان يكون طفلها قرر القدوم في هذا الوقت فهي لازالت في بداية الشهر الثامن من الحمل كما انها لا يمكنها الولاده الان فيجب ان يكون داغر معها و بجانبها في هذا الوقت...
شهقت بقوه وهي تهمس من بين أنات ألمها و قد بدأ العرق يتصبب من عنقها
=لا، لا علشان خاطري. يا حبيبي استحمل شويه، لسه بدري
دلف الطبيب عزت إلى الغرفه ليجد داليدا على حالتها تلك غمغم بقلق
= خير يا داليدا هانم. مالك في ايه؟!
اجابته داليدا بانفس لاهثه و الالم يزداد بقوه عليها
=بطني، بطني مش قادره.
ضغط سريعاً على الزر الذي بجانب فراش داغر لتدخل الممرضه على الفور إلى الغرفه ليأمرها بان تصطحب داليدا إلى طبيب النسا التي تتابع معه لكي يقوم بفحصها في الحال.
و بعد عدة دقائق.
كانت داليدا مستلقيه على الفراش تراقب الطبيب المتخصص باعين متسعه بالخوف و هو يقوم بفحصها همست بصوت مرتجف عندما رأته قد انتهي من فحصه لها
=ده طلق مش كده. هولد دلوقتي.؟
اجابها الطبيب بهدوء و هو يبتسم محاولاً اطمئنانها فقد كان يعلم الحاله التي تمر بها بسبب مرض زوجها
=لا، متقلقيش لسه بدري. بس انتي محتاجه ترتاحي، مينفعش اللي انتي بتعمليه في نفسك ده...
وافقته الممرضه التي اصطحبتها إلى هنا بوقت سابق
=قولها يا دكتور، دي مبتنمش. ولا بتاكل دايماً قاعده متصلبه جنب جوزها...
هز الطبيب رأسه قائلاً.
=مينفعش، مينفعش يا داليدا هانم، كده مش كويس لا علشانك ولا علشان البيبي، انتي محتاجه ترتاحي فتره، لازم تروحي البيت.
هزت داليدا رأسها قائله بصوت مختنق بالدموع
=لا مش هسيب داغر لوحده، مش هينفع اسيبه
زفر الطبيب باحباط بينما يتطلع بشفقه إلى وجهها الشاحب والدموع المحتبسه بعينيها المحتقنه
=خلاص هحجزلك اوضه هنا علشان تبقي جنب داغر بيه في نفس الوقت، بس توعديني مترهقيش نفسك و تاكلي و تنامي كويس...
اومأت له داليدا بالموافقه فهي يجب عليها ان تهتم بصحتها من اجل طفلها و من اجل زوجها عندما يفيق و يعود اليها...
بعد مرور عدة ايام...
كانت داليدا خلال تلك الايام تتردد باستمرار على غرفة داغر تطمئن عليه و تجلس تحادثه كما اعتادت دائماً لكنها كانت تحاول في ذات الوقت ان تحصل على عدة ساعات من النوم و الراحه من اجل طفلها...
و في ذات يوم، كانت نائمه على الفراش بغرفتها في المشفي تحاول الخصول على بضع ياعات من النوم حتى تعود مره اخري لزوجها عندما سمعت طرقاً على الباب لتدلف بعدها الممرضه بوجه مبتسم مشرق هاتفه بسعاده
=داغر بيه فاق يا داليدا هانم...
فور سماع داليدا تلك الكلمات انتفضتواقفه من فوق الفراش هاتفه
=بجد، داغر، فاق...
اومأت لها الممرضه بالايجاب مبتسمه بتعاطف عندما رأت داليدا تنفجر باكيه وهي تحاول بتعثر ارتداء معطفها و عقد حجابها حول رأسها لتقترب منها مساعده اياها في عقده فقد كان جميع العاملين بالمشفي يتعاطفون معها فلم يروا امرأه في وضعها المتقدم هذا من الحمل وترفض مفارقة ج
زوجها طوال شهر كامل و كلما دخلوا إلى غرفة زوجها يجدوها تبكي او تتحدث اليه كما لوكان مستيقظاً و يستمع اليها.
ربتت الممرضه على ذراعها برفق قائله بمرح محاوله تهدئتها
=اهدي يا داليدا هانم، ولا عايز داغر بيه اول لما يصحي شوفك منهاره كده...
محت داليدا الدموع العالقه بوجهها قائله بابتسامه مشرقه
=صح عندك حق. مفيش دموع خلاص الحمدلله انه قام بالسلامه ده عندي بالدنيا و ما فيها...
اسرعت بارتداء حذائها سريعاً ثم خرجت من الغرفه شبه راكضه بالممر و قلبها يرتجف بداخل صدرها من شدة اشتياقها و لهفتها اليه.
دلفت إلى الغرفه الخاصه به و عينيها الجائعه تبحث عنه لتشعر بقلبها يكاد ان يقفز من داخل صدرها فور رؤيتها له جالساً على الفراش مستيقظاً يتحدث إلى الطبيب عزت صديق والده غافلاً عن وجودها...
اقتربت من الفراش بخطوات مرتجفه هامسه باسمه رأته باعين متلهفه يدير رأسه نحوه قائلاً وهو مقطب الحاجبين
=ايوه...
ارتبكت داليدا من ردة فعله البارده تلك فلم تكن تتوقع ان تكون هذه رد فعله عندما يراها لكنها تجاهلت هذا فكل ما يهمها انه استيقظ و اصبح بخير اقتربت منه اكثر ممسكه بيده تضغط عليها برفق
=حمدلله على سلامتك، مش متخيل انا...
قاطعها داغر نازعاً يده من يدها قائلا بصوت مرتبك بينما يلتف إلى الطبيب عزت
=هو في ايه مين دي يا دكتور عزت،؟!
شعرت داليدا بقلبها يهوي داخل صدرها فور سماعها كلماته تلك و هي لا تصدق بانه نطق بها ابتلعت الغصه التي تشكلت بحلقها هامسه بصوت مرتعش
=هو انت، انت مش عارفني.؟!
تطلع اليها داغر بتركيز عدة لحظات قبل ان يغمغم ببرود
=لا مش عارفك، ايه هو المفروض ان اعرفك و لا حاجه...
رفعت داليدا وجهها الشاحب للطبيب قائله بنبره ممزقه و هي على وشك الانهيار و قد بدأت الارض تميد من تحت
=بيقول مش عارفني، ازاي، مش عارفني...
اقترب منها الطبيب هامساً لها بصوت منخفض حتى لا يصل إلى داغر
=اسبقيني على برا يا داليدا هانم و انا هفهمك كل حاجه...
ثم اشار برأسه إلى الممرضه التي كانت تقف خلف داليدا و التي اسرعت بالامساك بها قبل ان تنهار على الارض مساعده اياها في الخروج من الغرفه...
بينما راقب داغر انهيار تلك المرأه بعقل مشوش هتف بحده بعزت
=مين دي يا عزت ما تفهمني في ايه بيحصل...
اجابه عزت بارتباك
=اهدي بس يا داغر بيه...
ليكمل بتردد.
=الظاهر كده انك، انك عندك مشكله في الذاكره...
ليكمل سريعاً عندما رأي وجه داغر يحتد بغضب...
=ايه اخر تاريخ انت فاكره.؟!
اجابه داغر بعد تفكير قليل
=كان اخر حاجه3/5/2020
اومأ الطبيب برأسه مهمهماً بصوت منخفض وهو يسجل شئ بالدفتر الذي بيده
=فهمت...
قاطعه داغر بحده وهو يلوح بيده في وجه عزت
=فهمت ايه بالظبط، ما تقول في ايه؟
اجابه عزت بارتباك
=داغر بيه، تاريخ النهارده هو1/8/2021
ليكمل موضحاً له.
=يعني في اكتر من سنه و3 شهور مفقودين بالنسبالك و مش فاكرهم.
اتسعت اعين داغر بالصدمه فور سماعه هذا، و عقله المشوش المتعب يجد الصعوبه في فهم معني كل هذا...
اغمض عينيه و هو يرجع برأسه التي اشتد ألامها إلى الخلف يستند إلى الوساده فاركاً بيده جبينه محاولاً التخفيف من الالم الذي عصف به...
مما جعل الطبيب يأمر الممرضه الواقفه بجانبه ان تحقنه بمسكن و مهدئ و تتركه يرتاح...
في ذات الوقت...
كانت داليدا جالسه بممر المشفي تبكي وهي تهمس بصوت ممزق بالالم
=مش فاكرني، داغر مش فاكرني، طيب ازاي، ده اخر حاجه كان معايا، ازاي ينساني
احتضنتها الممرضه التي اخذت تربت على ظهرها شاعره بالاسف على حالتها تلك...
لكن انتفضت داليدا مبتعده عنها واقفه على قدميها عندما رأت الطبيب عزت يقترب منهم اتجهت اليه هاتفه من بين شهقات بكائها...
=ازاي مش فاكرني، ده انا مراته...
لتكمل بشبه هستريه و هي تضع يدها فوق بطنها المنتفخه
=حتي يامن، حتى يامن مش فاكره طيب ازاي...
ربت الطبيب عزت على كتفها بهدوء
=اهدي. يا داليدا هانم و تعالي. معايا. و انا هفهمك على كل حاجه...
ثم قادها نحو غرفتها بالمشفي حيث اتبعته داليدا و هي شبه مغيبه من شدة الصدمه و البكاء اجلسها بهدوء على الفراش بينما جلس بالمقعد امامها...
=داليدا هانم داغر بيه بيعاني من فقدان مؤقت بالذاكره...
قاطعته داليدا بحده و هي تمسح الدموع العالقه بوجنتيها بيدها المرتجفه
=عارفه، عارفه انه عند فقدان للذاكره
لتكمل و قد بدأ صوتها يتهدج بالدموع مره اخري
=بس ازاي ينساني ده انا مراته، داغر روحه فيا، استحاله ينساني بالساهل كده اكيد في حاجه غلط...
اومأ عزت برأسه قائلاً.
=ما هو ده السبب، داغر كان اخر موقف له معاكي كان بيحاول يحميكي من البلطجيه اللي طلعوا عليكوا، و غصب عنه لما غاب عن الوعي اخر حاجه ترجمها دماغه انك هتموتي على ايد البلطجيه دول، طبعاً ده على حسب كلامك و وصفك للحادثه، طبعاً هو ميعرفش ان الحرس بتوعه ادخلوا و انقذوكي فلما فاق عقله عمل حاجز. و حاول ينساكي خوفاً من انه يتأًذي لما يعرف انك موتي او حصلك حاجه...
انهمرت الدموع من عينيها بغزاره فور سماعها تحليل الطبيب للامر هامسه بصوت مرتعش ينبثق منه القهر والالم
=يعني ايه، يعني داغر هيفضل ناسيني، مش هيفتكرني ابداً، ولا هيفتكر ابننا...
اجابها عزت بهدوء
=لا طبعاً. بس هياخد شوية وقت لما يفتكر في حالات الذاكره بترجعلها بعد يوم بعد يومين بعد اسبوع. شهر، سنه...
انتفضت داليدا واقفه وهي تهتف بينما تتجه نحو باب الغرفه.
=سنه، ايه؟! انا مش هقدر اتحمل انه يفضل ناسيني دقيقه واحده انا هروحله و هقوله كل حاجه و هخليها يفتكرني...
اوقفها صوت عزت الحاد
=اياكي، اياكي تعملي كده
ليكمل وهو يحاول رسم الجديه على وجهه المخادع
=لو حاولتي تفكريه بالغصب ممكن يحصله انتكاسه، و يرجع للغيبوبه من تاني و ساعتها يا عالم هيفوق منها ولا لاء. لازم الذاكره ترجعله واحده واحده و من نفسها.
تجمدت خطوات داليدا عند الباب فور سماعها كلماته تلك فهي بالطبع لن تقوم بايذاءه فالموت ارحم بالنسبه اليها من فعل اي شيئ يؤذيه.
تراجعت ببطئ و خطوات متهدله نحو الفراش مره اخري تنهار جالسه عليه بتثاقل تتطلع امامها باعين ملبده بالبؤس والالم فعالمها باكمله ينهار من حولها و لا تعلم ما الذي يجب عليها فعله...
بينما وقف الطبيب امامها يتطلع اليها بصمت عدة لحظات قبل ان يغمغم.
=داغر مش لازم يعرف انك مراته، لحدد ما هو يفتكر بنفسه، و اي حاجه طبعاً تانيه برضو هو ناسيها، بأكد عليكي تاني يا داليدا هانم اي حاجه هتغصبيه انه يفتكرها هتؤدي إلى دخوله في غيبوبه مره تانيه...
صمت عندما هزت رأسها المنحني ببطئ وهي لازالت تتطلع امامها بعينيها المحتقنه والدموع تتسرب منها بلا حول ولا قوه...
غمغم وهو يتجه نحو باب الغرفه مغادراً وهو بتطلع إلى جهاز صغير بيده.
=عن اذنك مضطر اسيبك في مريض محتاجني...
ثم غادر الغرفه سريعاً متجهاً إلى مكتبه مخرجاً هاتفه من جيب معطفه الطبي واضعاً اياه على اذنه قائلاً
=هاااا سمعتي بودنك يا شهيره.
اطمنتي انها هتخاف تفكره باي حاجه...
اجابته شهيره التي كانت على الطرف الاخر من الهاتف منذ ان خرج الطبيب من غرفة داغر و اخبرها عن حالة فقدان الذاكره التي يعاني منها حيث اصرت ان تظل معه على الهاتف اثناء محادثته مع داليدا حتى تستطع سماع ما يدور بينهم
=ايوه سمعت، و حقك هيوصلك زي ما اتفقنا متقلقش...
ثم اغلقت الهاتف دون ان تنتظر اجابته...
بعد مرور عدة ساعات.
دلفت إلى غرفة داغر داليدا بوجهها الشاحب و جسدها الذي اصبح هزيل بسبب اهمالها في طعامها طوال الشهر الماضي بخطوات هادئه حتى لا تتسبب في ايقاظه...
ففور ان اعلمتها الممرضه بنومه اسرعت بانتهاز تلك الفرصه لكي تطمئن عليه...
وقفت على بعد عدة خطوات من فراشه تتطلع اليه باعين مشتاقه اقتربت منه على اطراف اصابعها محاوله عدم اصدار اي صوت وجلست بهدوء على المقعد الذي بجانب فراشه و الذي كانت تشغله طوال الشهر المنصرم...
ظلت جالسه تتطلع اليه بصمت و عقلها يدور بدوائر مفرغه لا تدري ما الذي يجب عليها فعله فهي تشعر بانها وحيده تماماً...
ربتت على بطنها بحنان ولطف عندما شعرت بحركة طفلها بداخلها كما لو كان يخبرها انه معها سقطت دمعه من عينيها...
فقد لم يتبقي سوا عدة اسابيع على موعد ولادتها، كيف ستفعلها دون داغر ان يتذكرها او يتذكر حتى طفلهم. اغمضت عينيها تدعو الله بصمت ان يتذكرها زوجها في اسرع وقت قبل موعد ولادتها
فهي. لا ترغب بان يأتي طفلهم إلى الحياه دون ان يستقبله والده و يرحب به...
شعرت بغصه تمزق قلبها فور تذكرها مدي لهفة داغر في السابق لاستقبال طفلهم فقد كان يأخذها بين ذراعيه و يظل يحكي لها ما الذي ينوي فعله في اليوم الذي سيحمل طفلهم بين ذراعيه فقد كان كما لو انه طفل صغير ينتظر يوم العيد...
اسرعت داليدا بالنهوض بخرف وارتباك عندما بدا داغر بتلملم في نومه لتغادر الغرفه في الحال فقد كانت خائفه من مواجهته عندما يستقيظ فماذا ستجيبه اذا سألها من هي. فلم يعد لديها اجابه لسؤاله هذا بعد تحذير الطبيب لها...
في اليوم التالي...
دلفت داليدا إلى غرفة داغر وهذه المره لديها اجابه لسؤاله. فسوف تخبره بانها احدي الممرضات...
لكن تجمدت خطواتها فور دخولها الغرفه و رؤيتها لشهيره الواقفه بجانب داغر تتحدث معه بينما طاهر يقف بجانبها...
لم تشعر داليدا بنفسها الا و هي تندفع نحوهم هاتفه بغضب وشراسه
=انتوا بتعملوا ايه هنا، اطلعوا برا...
لكنها ابتلعت باقي جملتها بخوف فور سماعها صوت داغر الحاد الذي قاطعها بقوه.
=مين دول اللي يطلعوا برا، انتي اتجننتي ازاي تطردي اهلي...
ليكمل هاتفاً بها بقسوه و نظراته الحاده مسلطه عليها
=انتي مين اصلاً، وازاي تتكلمي كده...
وقفت تتطلع اليه داليدا باعين متسعه غير قادره على النطق...
لكنها حاولت استجماع شتتاها وعندما همت بفتح فمها و اجابته بتلك الاجابه التي تدربت عليها ليلة امس قاطعها صوت شهيره التي قالت بينما ترمق داليدا بهدوء.
=دي، دي داليدا يا داغر انت طبعاً مش فاكرها دي الخدامه اللي جبناها مكان مروه بعد ما اتجوزت و سابت القصر، ث
لتكمل سريعاً متجاهله وجه داليدا الذي شحب بصدمه
=اعذرها معلش اصل انا جبتها هنا تاخد بالها ان محدش يدخلك من الصحافه، و الظاهر انها اتقمصت الدور حتى علينا...
هتف داغر بغضب وهو يرمق داليدا بقسوه
=مهما كان متقلش ادبها بالشكل ده.
ليكمل بحده وهو يشير برأسه نحو الباب.
=اطلعي برا، و تاني مره متدخليش الاوضه دي من غير استأذان...
زمجر هاتفاً بغضب حاد عندما ظلت في مكانها تتطلع اليه بصمت دون ان تبدي اي ردة فعل على كلماته
= براااااا...
انتفضت داليدا في مكانها بذعر. وقد امتلئت عينيها بالدموع مما. جعلها تضغط على شفتيها بقوه حتى تمنع نفسها من الانفجار في البكاء امامه ثم التفت مسرعه مغادره الغرفه بانفس منحبسه و عينين محتقنه كالدماء...
بينما ظل هو يراقبها و هي تغادر الغرفه بهذا الشكل وشعور غريب من الضيق يسيطر عليه يشعر بانه من الخطأ ان يتعامل معها هكذا لكن لا يعلم ما هو السبب في شعوره هذا
استدار إلى شهيره قائلاً بحده
=فاهميني ايه الموضوع بالظبط، البنت دي وراها حاجه، مش معقوله هتدخل تتكلم معاكوا بالشكل ده. دي كانها بينها وبينكوا طار...
اجابته شهيره بارتباك
=هيكون ايه يعني، يا داغر
هتف داغر بقسوه بثت الرعب بداخلها
=شهيره...
ابتلعت بصعوبه لعابها قبل ان تستدير تنظر إلى طاهر الواقف يتابع المشهد بوجه يرتسم عليه التوتر و الخوف من ان ينفضح امرهم.
تنفست بعمق قبل ان تمتم بهدوء يعاكس الخوف الذي يعصف بداخلها
=اطلع برا يا طاهر، و سبني مع داغر شويه...
ارتبك طاهر الذي وقف متصنماً بمكانه لا يعلم بما تخطط له لكنه تحرك من مكانه سريعاً عندما زجرته شهيره بنظره هو يعلمها جيداً...
التفت شهيره إلى داغر بعد ان تأكدت من ان طاهر قد غادر الغرفه ترسم على وجهها قناع من الحزن و الالم
=انا هقولك على كل حاجه...
داليدا دي مش خدامه و لا حاجه، داليدا دي طاهر الله يحرقه غلط معها، وحملت منه...
لتكمل عندما تصلب وجه داغر بالغضب
=انا عرفت انه خاني وافترقنا فتره بس لما رجع و قالي ان البنت دي حملت منه و انها وافقت تدينا الطفل واني اربيه ويبقي ابني، انا وافقت.
قاطعها داغر بغضب بينما يعتدل في جلسته فوق الفراش
=انتي بتقولي ايه ازاي تقبلي على نفسك وضع زي ده، انت اتجننتي...
اجابته شهيره وهي تتصنع البكاء
=اعمل ايه يا داغر ما انت عارف اني ماليش في الخلفه وما صدقت ان ربنا يرزقني بطفل، مقدرتش اقول لا...
غمغم داغر بخشونه و قسوه
=اللي بتعملوه ده حرام، بعدين البنت دي ذنبها ايه تحرموها من طفلها...
وضعت شهيره يدها على كتفه قائله بصوت يملئه الثقه.
=متقلقش البنت موافقه تبيع لنا الطفل مقابل مبلغ من المال
لتكمل سريعاً وعينيها تلتمع بنظره يملئها الشر غفل عنها داغر الذي كانت عينيه منصبه على شرشف الفراش
=هي اول ما تولد، هتسلمه لنا و هتختفي من حياتنا تماماً، احنا متفقين على كده دي بنت بتعبد القرش كلبة فلوس زي ما بيقولوا...
تأفف داغر بغضب قبل ان يرفع نظره اليها قائلاً بحده.
=اعملي حسابك اني برا اللعبه الوسخه دي و مش هدفع جنيه واحد في القرف و العك ده مش هشيل ذنب حد، انتوا متفقين يبقي شيلوا ليلتكوا...
اومأت شهيره برأسها قائله بلهفه
=متقلقش يا حبيبي، كل حاجه انا عامله حسابها...
تراجع داغر للخلف في الفراش قائلاً باستفهامو هو يحاول تغيير الموضوع فقد بدأ يشعر بالاختناق من الامر
=اومال فين ماما فطيمه و نورا،؟!
اجابته شهيره على الفور كاذبه.
=ماما فطيمه، عند خالك في السعوديه و انا محبتش
اعرفها علشان متتخضش...
قطب داغر حاجبيه مهمهماً باستغراب
=ازاي وافقت انها تروح تعيش مع خالي، ده طول عمرها كانت بترفض
ليكمل وهو يشعر بالراحه بداخله
=بس كويس والله انها وافقت اخيراً، دي كانت امنية حياتها...
اومأت شهيره برأسها راسمها ابتسامه على وجهها وهي تنوي جعله يعتقد انه لايزال و نورا مخطوبان فهذه فرصتها لكن تلاشت ابتسامتها تلك عندما تحدث داغر.
=مردتيش عليا نورا فين، مع خطيبها ولا ايه،؟!
همست شهيره بخيبة امل
=هو انت فاكر ان نورا مخطوبه
اجابها داغر بحده
=دي اخر حاجه فاكرها، اليوم اللي رجعت فيه من السفر و عرفت ان انتي واختك المحترمه خطبتوها لواحد تاني...
ابتسمت شهيره بارتباك قائله
=واحنا وقتها فهمناك الوضع و انت تقبلته و فهمت عملنا كده ليه يا داغر...
لتكمل سريعاً متصنعه الحزن.
=اساساً خطيبها مات بعد خطوبتهم ب3 شهور، و نورا انهارت وانت اضطريت تدخلها مستشفي نفسيه لواحد صاحبك اسمه سمير مأمون...
قطب داغر حاجبيه بينما يعتدل في جلسته مره اخري وقد جذبه كلام شهيره هذا
=مات ازاي، و ازاي نورا تدخل مستشفي نفسيه...
اجابته شهيره بينما بدأت بالبكاء.
=انت اللي امرت بكده بعد ما هي دخلت في اكتئاب بعد موته بس هي خفت وانت كنت ناوي تخرجها من شهر بس انت عملت حادثه و اتلهينا في اللي حصلك...
اومأ برأسه قائلاً بهدوء وهو يربت على كتفها محاولاً اطمئنانها
=خلاص اهدي. انا هكلم سمير وهخليه يخرجها لو حالتها تسمح بكده
جلست شهيره بجانبه هاتفه بفرح وهي تحتضنه
=ربنا يخاليك لينا ياحبيبي. وميحرمناش منك ابداً.
لتكمل وهي تنهض سريعاً متجهه نحو باب الغرفه
=هروح اشوف طاهر اصل شكله زعل...
اومأ لها داغر بصمت مشاهداً اياها تغادر ليرتسم على وجهه قناع من الحزن والغضب في ذات الوقت...
فقد تذكر اخيراً اين رأي تلك المرأه التي تدعي داليدا...
فلأول مره شاهدها عند فاق من غيبوبته لم يتعرف عليها على الفور بسبب عقله الذي كان لايزال مشوشاً وقتها لكنها فور دخولها الغرفه اليوم تذكرها على الفور...
فقد كانت ذات الفتاه الرائعه التي رأها عندما كان يمارس رياضة الركض في صباح يوم ما منذ عدة اشهر لا يعرف عددها الان فقد اعجب بها بشده وقتها و ظل يبحث عنها مده طويله لكنه لم يجد لها اثر لكنه الان عثر عليها وها هي حامل بطفل رجل اخر وليس اي رجل بلا طاهر زوج ابنة عمه، كما اتضح له كم هي شخصيه حقيره قبلت ببيع طفلها من اجل حفنه من المال القذر...
اغمض عينيه بقوه فاركاً رأسه الذي ازداد الالم به ليتناول حبه من الدواء المسكن الموضوع على الطاوله ليستغرق بعدها بنوم عميق.
كانت داليدا مستليه بتعب على الفراش الخاص بها بالمشفي بعد ان تعرضت لحاله من الاغماء بعد طرد داغر لها من الغرفه خيث انقذتها احدي الممرضات واصطحبتها لغرفتها...
احاطت بطنها المنتفخه بذراعيها كما لو كانت تحتضن طفلها و هي تبكي بصمت شاعره بألم يكاد يمزق قلبها...
فلم تعد تعلم كيف ستحمي زوجها من هؤلاء الشياطين الذين ظهروا مره اخري بحياتهم فهو الان يثق بهم ثقه عمياء، و هي بالنسبه اليه ليست سوا خادمه...
خادمه ترددت تلك الكلمه في رأسها منذ ان طردها داغر من غرفته و اكتشفت ان شهيره قد قدمت لها اكبر خدمه دون ان تعلم بذلك فهي الان يمكنها ان تظل بجانب زوجها باستمرار فس المنزل دون ان تبحث عن حجه لذلك، فسوف تقوم برعايته و لن تدع اي منهم يمسه بضر فهي ستعد الطعام بيدها له. حتى قهوته كل شيئ يخصه فهي لا تعلم ما الذي تنوي عليه تلك اللعينه شهيره فمن الممكن ان تضع له دواء يؤثر عليه بالسلب كما فعلت معها لذا يجب ان تظل مستيقظه لهم و تراقبهم جيداً...
رفعت رأسها عالياً هامسه بتضرع من بين شهقات بكائها المنخفضه
=يارب قويني، و رجعلي داغر ليا يارب انا ماليش غيره في الدنيا دي يارب...
ثم اغلقت عينيها على الدموع التي تجمعت بعينيها محاول التماسك من اجله و من اجل طفاهم...
في وقت لاحق بكافتريا المشفي.
هتف طاهر بغضب بزوجته الجالسه امامه
=انتي اتجننتي، انتي ازاي تقوليله كده...
هزت شهيره كتفيها ببرود
=و فيها ايه يعني...
قاطعها طاهر بحده
=هو ايه اللي فيها ايه افرضي رجعتله الذاكره في اي وقت، ده قليل ان ما موتنا...
ليكمل بحده وهو بضرب بيده الطاوله مما جعل كوب القهوه الذي امامه يسقط على الارض لكنه لم يعيره اهتماماً.
=احنا هنطلع اختك من المستشفي. وناخد قرشين و نخلع على روسيا...
قاطعته شهيره مصدره صوتاً من فمها يدل على عدم. الموافقه
=احنا هنطلع نورا، وهناخد ابنه نكتبه باسمنا بعد ما نخلص من الكلبه اللي اسمها داليدا
بعدها هنهرب انا مخططه لكل حاجه كويس متقلقش...
صاح طاهر بغضب
=كل ده انتي واختك اللي مستفدين منه، انا استفدت ايه بقي...
لوت شفتيها بسخريه قبل ان تجيبه.
=انت هتستفاد طبعاً يا روحي متقلقش، حلال عليك داليدا اللي انت بتريل عليها من اول يوم شوفتها فيه...
شحب وجه طاهر فور سماعه كلماتها تلك قائلاً بارتباك
=انتي بتقولي ايه انتي اتجننتي...
اطلقت ضحكه رنانه وهي تقاطعه
=يا حبيبي انا فهماك من زمان مالوش لزوم تمثل عليا دور البرئ المصدوم اوعي تكون فاكر اني هبله و مكنتش باخد بالي من عينيك اللي كانت بتاكلها اكل...
لتكمل و هي تهز كتفيها ببرود.
=قضيلك معها يومين بعد ما تو