رواية داغر وداليدا قلبه لا يبالي الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم هدير نور

 





رواية داغر وداليدا قلبه لا يبالي الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم هدير نور


بعد مرور اكثر من شهر...

كان داغر يجلس على عقبيه بأرضية الحمام يحتوي بين ذراعيه جسد داليدا التي كانت منهاره تفرغ ما بجوفها بالمرحاض بينما كان هو يربت على رأسها بحنان مبعداً شعرها للخلف محاولاً التخفيف عنها...

فقد مر اكثر من شهر على حالات القيئ تلك التي تنتابها يومياً مما جعل داغر يقلق عليها لكن الطبيب قد طمأنه بان هذا عرض طبيعي من اعراض الحمل...


لكنه عندما حاولت داليدا ان تفهم منه ما سبب هذا القيئ الذي ينتابها بشكل مستمر اخبرها بانه قد سأل الطبيب و الذي اخبره ان معدتها اصبحت حساسه من كثرة الأدويه التي تتناولها بالفتره الاخيره و التي ايضاً ستؤثر على بعضاً من هرموناتها و قد صدقته بالفعل...

عندما انتهت من تفريغ معدتها اسندت رأسها بتعب للخلف على كتفه بينما ظل هو يمرر يده على رأسها بحنان حتى شعر بتنفسها اللاهث ينتظم و يعود إلى طبيعته.


نهض و هو يحملها بين ذراعيه متجهاً بها نحو الحوض يغسل وجهها المحتقن المتعرق و فمها...

و عندما انتهي دفنت وجهها بعنقه تتنفس بتعب و ضعف راقب داغر وجهها الشاحب بقلق فيجب عليه ان يحدث هذا الطبيب و يقنعه بان يكتب لها شيئاً يوقف هذا القيئ...

خرج بها لغرفة النوم واضعاً اياها بلطف فوق الفراش قبل ان يتجه نحو الخزانه و يخرج منها ملابس جديده غير تلك التي كانت ترتديها.


عاد اليها مره اخري و ساعدها في تغيير ملابسها قبل ان تنهار فوق الفراش نائمه بتعب...

استلقي داغر بجانبها جاذباً اياها اليه يحتضنها بين ذراعيه مقبلاً رأسها فقد كان يعلم بانها متعبه للغايه و ان ما تمر به ليس هيناً بالمره فبالاضافه إلى مرضها و عدم قدرتها على تحريك يديها او قدميها.


كان حملها ايضاً صعباً حيث كانت تتقيأ في اليوم مرتين او اكثر، كما تشعر دائماً بالخمول و الارهاق، لذا كان يحاول التخفيف عنها بقدر ما يستطيع محاولاً البقاء قوياً من اجلها فاذا ترك الامر له فسوف ينهار فلم يمر على وفاة والدته سوا شهراً واحداً فقد مر عليه الاسبوع الاول من وفاتها كما لو كان يعيش في الجحيم.


فموت والدته كسر له ظهره و قلبه، فهي لم تكن بالنسبه اليه والدته فقط لا فقد كانت صديقته و اقرب شخص اليه كان من يفيض لها باسراره دائماً، كانت تغدقه بحنانها و عطفها تفهمه من قبل ان يتحدث كانت تعلم بانه واقع في حب داليدا من قبل حتى ان يعترف لنفسه.


تذكر اليوم الذي وصل اليه خبر وفاتها و انهياره بين ذراعي زوجته فقد سافر بذات اليوم إلى السعوديه تاركاً داليدا تحت رعاية ممرضه قد اوصي بها الطبيب له كما قام بتشديد الحراسه على القصر تاركاً زكي معها...


فقد سافر ليوم واحد فقط اتي بجثمان والدته إلى مصر ثم قام بدفنها بجوار والده مرت تلك الايام عليه بصعوبه بالغه فكان وقتها لا يرغب بشئ اكثر من ان يختفي داخل غرفه مظلمه تاركاً العنان لروحه الممزقه ان تخرج كم الالم الذي يمزقه من الداخل فكل شيئ اصبح فوق طاقة تحمله من وفاة الدته لمرض داليدا و واحتمالية مرض طفله الذي لم يولد بعد كل هذا كان يضغط عليه. لكنه قاوم ضعفه هذا من اجل زوجته فقد حاول ان يظهر لها بانه بخير فلن يستطع جعلها تتحمل فوق طاقتها فيكفي مرضها وحزنها على وفاة والدته لكن رغم ذلك كانت تغدقه بحنانها تحاول التخفيف عنه رغم انه حاول قدر امكانه الا يظهر لها حزنها لكنها كانت تشعر به دون ان يتحدث...


شعر بها ترفع رأسها الذي كان مدفوناً بعنقه تنظر اليه بتفحص قبل ان تغمغم بصوت متعب لكن يتخلله الحنان مقبله خده برفق

=مالك يا حبيبي،؟!

رسم ابتسامه على شفتيه و هو يجيبها محاولاً ان يطمئنها

=ابداً و لا حاجة حبيبتي...

مررت انفها فوق انفه بحنان وهي تهمس له

=حاسة بيك مهما حاولت تبين انك كويس، و عارفة اد ايه انت مضغوط، و الوجع اللي في قلبك من فراق ماما فطيمه ربنا يرحمها.


زفر داغر ببطئ قائلاً بصوت اجش بينما يحيط وجهها بيديه

=ربنا يرحمها، كل الحكاية اني كان نفسي اشوفها و اودعها قبل...

تحشرج صوته بألم في نهاية جملته مما جعلها تطبع قبله على جبينه محاوله جعله يدرك انها تعلم ما يمر به فهي تعلم جيداً كيف يكون الشعور بفقدان الام فهو شعور موحش و مؤلم ينزق الروح.

همست بصوت مرتجف.


=علي الاقل ماتت وهي عملت اللي كان نفسها فيه من زمان عاشت مع اخوها و في المكان اللي كانت بتتمناه طول عمرها مش كده...

اومأ برأسه قائلاً و هو يبتلع الغصه التي يختنق بها حلقه

=ده اللي مصبرني. انها ماتت بعد ما عملت اللي كان نفسها، بس الفراق وحش اوي يا داليدا.

ليكمل وهو يضع يده على بطنها المنتفخه شئ بسيط

= انا دلوقتي ماليش غيرك انتي و اب...


تنحنح قائلاًً سريعاً محاولاً ان يدرك زلة لسانه التي كاد ان يقع بها فقد كاد ان يذكر طفلهم

=انتي و خالي...

ليكمل و هو يقبلها بحنان على خدها

=ربنا يخاليكي ليا يا حبيبتي...

همست داليدا باذنه بشغف

=و يخاليك ليا يا حبيبي.

ثم قامت بالضغط باسنانها على اذنه تعضه بخفه محاوله تشتيته و اخراجه من قوقعة الحزن الذي يحبس نفسه بها لتنجح بالفعل عندما ابتسم قائلاً و هو يتراجع برأسه للخلف بعيداً عن فمها

=عضاضه...


ابتسمت بينما تقرب فمها من اذنه تقبلها بلطف مرر داغر يديه بشعرها بحنان لكن توقفت يديه مغمغماً بقلق عندما رأي وجهها يتغضن بتعبير يعلمه جيداً

=ايه يا حبيبتي، عايزه ترجعي تاني.

هزت رأسها بالنفي بينما تتنفس بعمق محاوله تهدئة تقلب معدتها

=لا بس بطني. مش مرتاحه

لتكمل وهي تزفر براحه عندما بدات تقلبات معدتها تهدا

=انا مش فاهمه دوا ايه اللي يعمل فيا كل ده، طيب مفيش حاجه تانيه بديله له...


اجابها بهدوء محاولاً ان يبدو رده طبيعياً.

=ما انتي عارفه يا حبيبتي ان الدوا ده اللي الدكتور ميشيل كاتبه و مينفعش نغيره...

اومأت برأسها قائله باستسلام

=هستحمل و امري لله...

طبع قبله على جبينها وهو يغمغم

=ايه رأيك اقوم اعملك ساندوتش محترم و كوباية عصير...

هزت داليدا رأسها رافضه بينما تخفض نظرها إلى جسدها الذي بدأ بالامتلاء.


=لا مش جعانه. كفايه اكل انت كل ما تبقي فاضي تأكلني لحد ما قربت ابقي فيل فعلاً و مش هزار جسمي بدأ يتخن. بسبب كتر الاكل و قلة الحركه...

همس داغر في اذنها بصوت اجش مثير بينما يده تتلمس بلطف بطنها المتتفخه

=طيب و ايه يعني ما انا بأكلك علشان تبقي بطه حلوه، تتاكل اكل...

قاطعته داليدا بينما ترجع رأسها للخلف حتى تستطيع النظر اليه.


=بتضحك على مين يا داغر. انا و انت عارفين انك مش هتعرف تلمسني وانا كده فبلاش تضحك عليا بكلامك ده علشان تصبرني...

قاطعها داغر بحده و قد صعق من تفكيرها

=انا مبضحكش عليكي يا داليدا، انا فعلاً بحبك في كل حالاتك تخينه. رفعيه، بطه، فيل، اياً كان جسمك هيبقي شكله فانا بحبك و عايزك...

ليكمل وعينيه المشتعله بالرغبه تمر على جسدها بشغف.


=و لعلمك انا اللي مانعني مش تعبك زي ما بتقولي الدكتور قالي اننا نقدر نمارس حياتنا عادي جداً، اللي مانعني اني خايفك عليكي، و مستني مكافأتي زي العيل الصغير لما تخفي و تقومي بالسلامه...

انحني عليها هامساً باذنها بصوت قشعر له جسدها باستجابه حاره

=وقتها هخدك و نسافر على روسيا و هفضل حبسك في الكوخ لحد ما اشبع منك براحتي.


تثاقلت انفاس داليدا عندما دفن وجهه بعنقها يقبله بشغف لكنه ابتعد عنها بالنهايه ناهضاً من الفراش وهو يغمغم

=هروح احضرلك الاكل...

ثم اسرع نحو باب الغرفه مغادراً متجاهلاً اعتراضها و نداءها عليه حتى لا يضعف و يعود اليها...


دلف طاهر إلى الشقه المتهالكه التي يسكن بها هو زوجته باحدي احياء الصعيد فمنذ علمهم بمرض داليدا و اكتشاف داغر ان شهيره وراء الامر وهما يتنقلون هاربين بمحافظات مصر...

القي طاهر معطفه جانباً بينما ينهار جالساً على الاريكه المتهالكه التي لم يكن حالها افضل من حال المنزل هاتفاً بحنق

=عجبك حالنا ده، هنفضل كده كتير انا جبت اخري يا شهيره خلاص...

اجابته بحده شهيره التي كانت جالسه تشاهد التلفاز.


=قولتلك مش هسافر برا مصر الا و اختي معايا، بعدين الليله بيني وبين داغر لسه مخلصتش...

تناول طاهر بعضاً من المقرمشات الموضوعه على الطاوله مغمغماً بغضب

=و ده هنعمله ازاي اديكي شوفتي رجالته محاصرين المستشفي...

الحل الوحيد علشان نطلع نورا من هناك ان داغر هو اللي يطلعها بنفسه...

قاطعته شهيره بينما تلتف تنظر اليه بنظره ذات مغزي

=لا في حل تاني...

تأفف داغر وهو يتمتم بحده

=واللي هو،؟


نظرت اليه بنظره هو يعلمها جيداً

تجمد طاهر هاتفاً بصدمه

=شهيره انتي اتجننتي انتي ناويه تعملي كده بجد، انتي عارفه ان ده من رابع المستحيل داغر...

قاطعته شهيره ببرود بينما تهز كتفيها

=صدقني اكيد هنلاقي الوقت المناسب لده، متقلقش

تراجع طاهر للخلف يسند رأسه على مسند الاريكه مهمهماً بينما يفرك وجهه بحده

=شكلك ناويه تودينا في داهيه، ماشوف اخرتها معاكي ايه...


ابتسمت شهيره بصمت دون ان تجيب عليه تركز عينيها فوق شاشة التلفاز باهتمام ظاهري لكن في الحقيقه كان عقلها المريض منشغلاً في رسم الخطط التي تنوي بها ان تقضي على كلاً من داغر و زوجته...


بعد مرور اسبوع...

كان داغر جالساً على الفراش و داليدا جالسه بين ساقيه يستند جسدها إلى صدره بينما يقوم هو بتمشيط شعرها و جمعه فوق رأسها في كعكه عشوائيه وعندما انهي مهمته قبل جانب عنقها بحنان وهو يغمغم

=جاهزه يا حبيبتي...

ااومأت له داليدا مبتسمه قبل ان يرفعها و يحملها بين ذراعيه متجهاً بها نحو الغرفه التي جهزها خصيصاً من اجلها علاجها الطبيعي...


كانت الطبيبه التي تدعي رشا الدمنهوري واقفه بمنتصف الغرفه تنتظرهم و هي تبتسم بلطف

لكن داليدا قطبت حاجبيها في تجهم بوجهها دون ان تبادلها ابتسامتها او تقوم بالرد على تحيتها لهم...

لكنها شعرت بالغيره تنهش قلبها عندما رأت زوجها يبتسم لها ملقياً تحية الصباح عليها، فقد كانت تلك الطبيبه تتقصد التملق لداغر بينما كانت عينيها دائماً تلتمع بالاعجاب به...


وضعها زوجها بلطف على المقعد ثم اخذ يتحدث مع رشا عما تنوي فعله مع داليدا اليوم...

رأت داليدا باعين مشتعله بالغضب تلك الطبيبه تضحك بصخب على شئ قد قاله داغر مستغله الفرصه لتمرر يدها فوق ذراعه العضلي كما لو كانت حركه تلقائيه لكن رغنثم ذلك تراجع داغر للخلف على الفور بعيداً عنها...

ملتفاً إلى داليدا التي كانت تتطلع نحوهم باعين تتقافز بها شرارات الغضب موجهاً حديثه اليها غافلاً عن حالتها تلك.


=هروح ياحبيبتي اجيب علاج الصبح علشان ميعاده قرب...

لم تجيبه داليدا حيث ظلت عينيها منصبه على رشا بغضب لكنها التفت اليه عندما وقف عند الباب و هو يخرج مرسلاً اليها قبله في الهواء محاولاً مراضتها.

لكنها ادارت وجهها بعيداً بغضب فقد كان يعلم مدي كرهها لتلك الطبيبه كما انها قد طلبت منه كثيراً تغييرها لكنه رفض متحججاً بانها الافضل في مجالها.


لكن داليدا لا تهتم فتلك المرأه تتسبب في غليان دمها فور رؤيتها لها فدائماً ترتدي ملابس قصيره مبتذله و تتصنع الرقه بطريقه مستفزه اثناء حديثها مع داغر بينما عينيها الوقحه كانت تتأكل جسده حياً.

راقبتها داليدا وهي تقترب منها بخطوات متمهله حتى وقفت امامها قائله بينما تجلس على عقبيها امام مقعدها

=مش فاهمه واحد زي داغر الدويري صابر عليكي ليه...

لتكمل بفحيح حاد وهي ترمق داليدا من الاعلي للاسفل باحتقار.


=واحده زيك مبتقدرش تحرك حتى صابع واحد. ازاي خلتيه يبقي زي الخاتم في صباعك كده...

قاطعتها داليدا بحده و قد اشتعل جسدها بالغضب

=علشان جوزي، جوزي اللي بيحبني و عنده استعداد يضحي بروحه علشاني...

ضحكت رشا ساخره مرجعه رأسها للخلف

=جوزك و يضحي بروحه علشانك! تصدقي انك غلبانه اوي وصعبتي عليا...


يا حبيبتي انا في مهنتي دي بقالي عشر سنين مر عليا فيهم ازواج اشكال و انواع كلهم كانوا زي جوزك كده ملهوفين على مراتاتهم في الاول و اول ما ييأسوا من شفائهم بيرموهم في اي مستشفي متخصصه بعدين يتجوزوا من اول جديد و يعيشوا حياتهم، وينسوا اللي مرميه في المستشفي دي كانها مدخلتش حياتهم اصلاً...


ابتلعت داليدا الغصه المؤلمه التي تشكلت بحلقها فور سماعها كلماتها تلك لكنها هزت رأسها بقوه رافضه تصديق بان داغر يمكنه فعل ذلك بها فهو يحبها وهي تثق بحبه هذا...

=دي الرجاله الناقصه، وانا جوزي مش ناقص...

ضحكت رشا ساخره بينما تلقي شعرها خلف ظهرها بحركه متكبره

=خليكي عايشه في وهمك اخرك يا حبيبتي هيبقي في جناح في المستشفي بتاعتي متقلقيش هختارلك احسن جناح عندي...

لتكمل وهي تلوي شفتيها في ابتسامه خبيثه.


=مهما كان هتبقي طليقة جوزي برضو...

صرخت داليدا بها بغضب بينما عينيها تلتمع بشراسه مرهبه

=انتي بتقولي ايه يا حيوانه انتي، انتي اتجننتي...

اجابتها رشا ببرود غير متأثره بغضبها هذا

=اللي سمعتيه كل الرجاله في الوقت اللي فيه جوزك بيبقي ضعيف و مع اقل محاوله من اي ست بيقع على طول...

قاطعتها داليدا صائحه بشراسه وقد اعماها غيرتها و غضبها

=مش داغر اللي يبص لواحده زيك، لانه ببساطه متعودش ياكل من الزباله...


اطلقت رشا صرخه صادمه من تلك الاهانه لكنها سرعان ما تمالكت نفسها قائله ببرود محاوله استفزازها

=مش هرد عليكي علشان عذره اللي انتي فيه، مش سهل العز ده كله يضيع من ايدك، و لا انك تخسري واحد في جمال و شخصية جوزك...

لم تشعر داليدا بنفسها الا و هي تندفع بجسدها للامام نحوها محاوله مهاجمتها مما جعل جسدها يسقط من فوق المقعد على الارض حاولت التحرك لكنها لم تستطع بسبب عجز قدميها و يديها...


دفنت وجهها بالارض تحبس دموعها عندما سمعت رشا تطلق ضحكه ساخره صاخبه مما جعل داليدا ترغب بالموت في هذه اللحظه.

رأتها وهي تجلس على عقبيها بجانبها بينما تهتف بحزن و دراما

=داليدا هانم...

لتعلم داليدا ان داغر قد عاد رأته بطرف عينيها يتجمد بمكانه عدة لحظات فور رؤيته لها بهذا الوضع لكنه سرعان تحرك من مكانه مندفعاً نحوها وهو يطلق لعنه حاده ملقياً ما كان بيده...


رفعها على الفور بين ذراعيه جالساً على المقعد وهي لازالت بين ذراعيه تجلس على ساقه دفنت وجهها بعنقه و هي تنفجر باكيه...

هتف داغر برشا بغضب هو يمرر يده فوق جسد داليدا بلهفه بحثاً عن اي اي ضرر بها

=ايه اللي حصل، ازاي وقعت بالشكل ده

اجابته رشا متلعثمه

=اصرت انها تقوم بنفسها و رفضت ان اساعدها...

قاطعتها داليدا التي كان لا يزال وجهها مدفون في عنق داغر

=كدابه هي اللي وقعتني...


لتكمل متجاهله شهقت رشا المنصدمه من كذبها فلم تكن تتوقع ان تفعل ذلك بينما تزيد من بكائها حتى يقتنع داغر بصدقها

=زقتني من على الكرسي وقالتلي اني عاجزه ومش هقدر اقوم لوحدي كانت بتذلني...

صرخت رشا مقاطعه اياها

=كدب والله كدب يا داغر بيه محصلش اي حاجه من دي هي اللي وقعت لوحدها لما...

قاطعها داغر متمتماً بصوت حاد كنصل السكين من بين اسنانه المطبقه بقسوه

=خدي حاجتك و اطلعي برا...


همست رشا بتردد والغضب يشتعل بداخلها فور ان رأت الابتسامه المرتسمه على شفتي داليدا التي رفعت رأسها قليلاً عن عنق داغر حتى تنظر اليها نظره تمتلئ بالشماته و التشفي

=داغر بيه انت م...

لكن داغر لم يدع لها الفرصه لتكمل حديثها صارخاً بها بصوت اهتزت له ارجاء المكان

=قولت اطلعي برا...


اسرعت رشا على الفور بلملمت اشياءها قبل ان تفر هاربه من امامه و قد ارعبها غضبه هذا لكنها كانت تتوعد لداليدا في ذات الوقت فهي لن تمرر اهانتها تلك مرور الكرام...

فور ان غادرت الغرفه غمغم داغر بحده لداليدا التي كانت لا تزال تدفن وجهها بعنقه

=ارفعي راسك يا داليدا و كفايه تمثيل خلاص مشت...

زاددت داليدا من انتحابها رافضه رفع وجهها عن عنقه مما جعله يهتف بحده بها

=داليدا...


مما جعلها ترفع رأسها عن عنقه تنظر اليه باعين متسعه تدعي البرائه لكنه لم يتأثر بذلك مغمغماً بحده

=ممكن اعرف كدبتي ليه و ايه شغل العيال اللي عملتيه ده...

هتفت داليدا بحده وهي تخرج من دور البرائه التي كانت تتقمصه

=و لما انت عارف اني كدابه طردتها ليه يا سي داغر.؟

قاطعها داغر بينما يشدد من ذراعيه حولها

=علشان انا عمري ما هكدبك قدام حد، حتى لو عارف و متأكد من كدبك يا داليدا...


ليكمل بغضب و هو يرفع وجهها اليه الذي اخفضته

=انا عارف انك مكنتيش طيقاها من الاول بس دي كانت احسن دكتوره علاج طبيعي في مصر و ايدك و رجلك بدئوا يتحسنوا معاها. قوليلي سبب للي عملتيه ده...

اجابته داليدا بصوت مرتجف

=هقولك...

ثم بدأت تخبره بكل ما فعلته و قالته لها رشا لكنها توقفت منتفضه فازعه عندما سمعته يطلق سباب قاسي لم تسمعه يطلقه من قبل...

=و ديني لاندمها على كل حرف قالته...


احاط وجهها بيديه وهو يكمل بينما عينيه تتفحصها بحذر 











=طبعاً انتي مصدقتهاش، وعارفه كويس انتي بالنسبالي ايه.

اومأت داليدا برأسها قائله

=طبعاً مصدقتهاش...

طبع قبله رقيقه على شفتيها قبل ان يغمغم وهو يزيد من احتضانه لها شاعراً بالراحه...

=بكره هكلم دكتور ميشيل و هخليه يشوف لنا دكتوره جديده تتابع معاكي العلاج الطبيعي...

قاطعته بحده وهي تتطلع اليه باعين نصف مغلقه يملئها التحدي والغضب

=تقصد دكتور مش دكتوره...


دفع داغر اصبعه في جبينها يدفع رأسها للخلف و هو يضحك قائلاً وهو يشعر بالفرح من غيرتها تلك

=دكتور، دكتوره، الاحسن هجيبه يا داليدا...

ليكمل بتحذير وهو ينهض حاملاً اياها بين ذراعيه

=و مش عايز جنان يا داليدا و اعقلي...

التوت شفتيه في ابتسامه مرحه عندما سمعها تهمهم غاضبه بصوت منخفض بكلمات غير مفهومه.


اتجه بها نحو السير المخصص للمشي المجهز خصيصاً لحالتها حتى يقوم معها بالتمارين اليوميه انزلها على قدميها بلطف عليه قبل ان يتناول الحزام الذي احاط خصرها به ثم عقده حوله خصره بحيث اصبح جسدها مثبتاً على جسده فقد كانوا يفعلوا هذا التمرين يومياً معاً و قد احرزت داليدا تقدماً به حيث اصبحت تستطع الخطو عدة خطوات برغم بطئها في اتخذهم الا ان هذا يعد تقدماً كبيراً لكنها في ذات الوقت لا تستطع فعلها بمفردها يجب ان يكون جسدها مثبتاً بشئ مثل جسده...


احاط كتفيها بذراعه و بيده الاخري احاط بفخدها همس باذنها

=يلا يا حبيبتي حاولي تتحركي.

اومأت داليدا برأسها ببطئ محاوله تحريك قدمها ببطئ بينما داغر يشدد من ذراعيه حولها مسانداً اياها.


رفعت قدمها ببطئ منزله اياها بصعوبه على السير لتخطو اول خطواتها ثم اتبعتها قدمها الاخري بعد عدة لحظات طويله بالنسبه إلى داليدا التي كانت تلهث بتعب شعرت بداغر يقبل جانب عنقها هامساً لها بحنان في اذنها مشجعاً اياها بان تكمل ظلوا على وضعهم هذا اكثر من نصف ساعه حتى همست داليدا متعبه وقد تجمع العرق على جبينها من شدة المجهود الذي بذلته.

=داغر، معتش قادره كفايه كده النهارده...


اومأ لها بالموافقه بينما يقبل جبينها بحنان ثم رفع يديها و وضعها حول عنقه وهو يغمغم

=اخر حاجه، و نخلص...

ليكمل وهو يعدل من يديها حول عنقه

=شدي ايدك يا حبيبتي يلا...

ظلت داليدا تحاول فعلها مما اتخذ منها بعض الوقت لكنها في النهايه استطاعت فعلها و برغم ضعف قبضتها الا انها فعلتها مرجعه نصف جسدها العلوي للخلف بينما يديها تتشبث بضعف بعنق داغر الذي اشرق وجهه بابتسامه فرحه...

=الحمد لله كل يوم التحسن بيزيد...


اومأت داليدا بالموافقه وهي تبتسم بسعاده هي الاخري...

قرب وجهه من وجهها حتى اصبحت انفاسه الدافئه تلامسها برقه هامساً بصوت مرتجف بينما عينيه مسلطه على شفتيها بجوع

=خلاص مبقتش قادر...

زفر ببطئ محاولاً التحكم في نفسه مجبراً ذاته على الابتعاد عنها لكن اندفعت داليدا تطبق بشفتيها على شفتيه رافضه جعله يهرب منها همهم داغر بصوت مختنق بالاعتراض لكنه سرعان ما ابتلع اعتراضه هذا عندما عمقت قبلتها له...


احاط جسدها بذراعيه مشدداً من احتضانه له حتى اصبح جسدهما متلاصقان بشده...

بينما تولي داغر زمام الامر مقبلاً اياه بالحاح و شغف كما لو كان شخص يشعر بالعطش تائهاً بصحراء جرداء و هي كانت ينبوع المباه البارد الذي عثر عليه...

اضطر اخيراً ان يفصل قبلتهم تلك عندما احتاجت رئتهما للهواء...

اسند جبينه على جبينها مستنشقاً انفاسها الحاره اللاهثه بشغف.


طابعاً قبلة حنونة على خدها و عنقها وهو يشدد من احتضانه لها بينما قامت هي بدفن وجهها بصدره بينما لايزال يحتضنها اليه كما لو كانت اغلي شئ بحياته. و لكنها كانت الحقيقه بالفعل فهي اغلي و اجمل شئ في حياته.


في وقت لاحق...

كانت داليدا مستلقيه على الفراش تشاهد التلفاز بعد ان قام داغر بتحميمها و تبديل الملابس التي كانت ترتديها اثناء التمارين باخري مريحه و نظيفه و اطعامها الطعام الذي اعدته صافيه...


اندلع صوت رنين الهاتف المنزلي الذي كان موضوع على الطاوله التي كانت بجانب الفراش لكن بالطبع لم تستطع داليدا الوصول اليه و الرد نادت على داغر الذي كان بالحمام يتحمم لكنه لم يستطع سماعها بسبب صوت المياه المتدفقه...

ظل يرن الهاتف عدة لحظات قبل ان يتحول الاتصال إلى المجيب الالي...

سمعت صوت الطبيبه يخرج من السماعات الخارجيه للهاتف.


=طبعاً عارفه انك مش هتعرفي تردي بسبب ايدك المشلوله، وبما ان جوزك مردش على التليفون يبقي مش جنبك...

تشدد جسد داليدا فور سماعها كلماتها الجارحه تلك لكن شحب وجهها حتى اصبح كشحوب الاموات عند سماعها تكمل بسخريه

=انا بتصل بيكي علشان اخد حقي. مش رشا الدمنهوري اللي تطرد من بيت حد و علشان خاطر واحده زيك...

انتي يا حبيبتي حامل وجوزك اللي بيموت فيكي ده مخبي عليكي...


عارفه مخبي عليكي ليه لانك حامل في طفل مشوه، اتمني يكون الخبر ده موتك من جواكي...

ثم اغلقت الخط دون اي مقدمات شعرت داليدا بانفاسها تنسحب من داخل صدرها كما لو ان المكان يطبق جدرانه من حولها

اخفضت عينيها تنظر إلى بطنها المنتفخه قليلاً بانفس منحبسه والدموع متحجره بعينيها المحتقنه شاعره بعالمها باكمله ينهار من حولها و قد بدأت فهم جميع الاعراض التي كانت لديها و داغر كذب بشأنها...


خرج نشيج متألم من حلقها فاليوم الذي يجب ان تكون به اسعد امرأة تحول إلى كابوس بشع...

فحملها لطفل من داغر هو كان اكثر شئ تتمناه في حياتها لكن لما عندما تحقق ذلك تحقق بابشع طريقه ممكنه، حامل بطفل مشوه، شعرت بقبضة حادة تعتصر قلبها لما، لما يحدث معها هذا، ماذا فعلت في حياتها حتى يحدث لها كل هذا...


انفجرت باكيه بشهقات تمزق القلب حيث لم تعد تتحمل كل ما يحدث معها فهذا اصبح اكثر من طاقتها الضعيفه ان تتحمله...

خرج داغر من الحمام يجفف شعره بمنشفه صغيره بين يده لكن تجمدت حركته فور سماعه لصوت بكاء داليدا الواضح رفع رأسه ليجدها منهاره في البكاء القي بالمنشفه بعيدا بينما يتجه اليها مسرعاً وهو يهتف بقلق

=مالك، مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه...


ظلت داليدا تتطلع اليه بصمت وهي تبكي بسده غير قادره على التفوه بكلمه واحده مما جعله يصعد بجانبها على الفراش جاذباً اياها بين ذراعيه يحتضنها هامساً في اذنها بكلمات مهدئه محاولاً بث الاطمئنات بها معتقداً ان حالات الخوف من مرضها قد عادت اليها مره اخري لكنه تجمد جسده بصدمه فور سماعها تهمس بنشيح متألم من بين شهقات بكائها

=هو انا حامل بجد،؟

لتكمل بينما بكائها يزداد

=و البيبي. البيبي مشوه،؟


تنفس داغر بعمق ملتقطاً انفاسه المرتجفه قبل ان يجيبها بهدوء مصطنع يعاكس للخوف الذي يعصف بداخله

=اها يا حبيبتي حامل...

وعندما هم ان يكمل باقي جملته قاطعته هامسه بصوت مرتجف و قد ازداد احمرار وجهها من بكائها الذي ازداد بقوه

=و البيبي، البيبي مشوه،؟!

اسرع داغر يحيط وجهها بيديه هامساً بصوت معذب وهو يسند جبهته فوق جبهتها و عينيه مسلطه بعينيها.


=البيبي مفيش فيه حاجه. لسه مفيش حاجه مؤكده، ده احتمال ضعيف الدكتور قاله بسبب الحبوب اللي خدتيه و انتي حامل...

ارجعت داليدا رأسها للخلف بعيداً بحده

=حبوب ايه. انا كنت باخد بالي و مكنتش باخد اي حبوب ولا مسكنات علشان لو حصل حمل مضرش البيبي...

ابتلعت باقي جملتها شاهقه بفزع وقد شحب وجهها بشده فور تذكرها لتلك المرة التي تناولت بها حبه مسكنه منذ شهرين عندما اصابها صداع نصفي همست بشفتين مرتجفه.


=انا خدت حباية مسكنه لما كنت تعبانه.

ازداد نحابها وهي تبكي بشهقات ممزقه حاده

=يعني انا، انا السبب، انا اللي عملت كده، فيه...

قاطعها داغر بقسوه و نفاذ صبر وقد اغضبه مدي ساذجتها

=داليدا، اهدي. و اكيد مش الحبايه اللي خدتيها هي اللي عملت كده، الحبوب اللي اقصدها هي الحبوب اللي كانت الكلبه مروه بتدهالك بالاتفاق مع شهيره و الحبوب دي هي برضو اللي اتسببت في تعبك...


اخفضت عينيها إلى يديها وقدميها و هي لا تصدق ما تسمعه هامسه بصوت مرتجف ممتلئ بالعذاب والالم

=ليه، عملت فيهم ايه علشان يعملوا 

            الفصل الرابع والعشرين من هنا 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-