رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم فاطيما يوسف



رواية من نبض الوجع عشت غرامي الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم فاطيما يوسف 


 بسم_الله_الرحمن_الرحيم

#لاإله_إلا_الله_وحده_لاشريك_له_يحي_ويميت_له_الملك_وله_الحمد_وهو_علي_كل_شئ_قدير


#البارت_الحادي_والعشرون

#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي

#بقلمي_فاطيما_يوسف


انحصرت أنفاسها ولم تعد تقوى على التنفس في قربه ، ياالله كم من المشاعر المتضاربة التي تطرق علي ابواب قلبها كالطبول تطالبه بالمزيد ، كم أنت بارع حقا أيها الآدم في أن تجعل كلي يثور داخلي ، 


رأت نظراته المترجية ويداه الممدودة لها وكأنه مسكينا في الغرام ويترجى النظرة كي يجبر قلبه الجائع لها ، 


ثم همست بدون تفكير :


_ ارفع النقاب يا آدم مش من حقي أمنعك دلوك .


ابتلع ريقه وأخرج تنهيدة حارة تنم عن مدى غرامه بها فلقد أذنت لها حبيبته أخيراً بفك الحصار كي يراها ، 


كم كان ذاك الشعور مرهق لقلبهما فهو عاشق ولأول مرة يرى وجه من عشقها ، ثم اقترب منها وكادت المسافات أن تكن معدومة بينهما ، أحس بسخونة أنفاسها من تحت نقابها تدل على اضطرابها ، سمع صوت نبضات قلبها وهي أمامه واختـ.ـرقت خلايا جسده ، رفع نقابها في موقف حبـ.ـس أنفاس لكليهما ، 


وأخيراً أزاح الستار عن معشوقة القلب والروح ، ودقات قلبه ونظرات عيناه تنظر لها بانبهار وقلب خفقان لصاحبة العيون الزرقاء ، 


يا الله أقسم برب السماء الذي خلقكِ وسواكِ أنك ملكتي الفؤاد وأنرتي الظلام بطلتك ملاكي ، 


اهدأ أيها الآدم ، اهدأ قلبي ، اهدئي ايتها النفس الضائعة الهائمة في بهاها ، 


فلقد طلت عليك الشمس والقمر والنجوم في لحظة وضحاها ، 


أخبروها بأنها الأمس واليوم والغد والكل وهي النفس ومُنياها ، 

أخبروها بأن ترأف بحال مسكين عاشق ذاب فماذا بعد ؟ ماذا عساها ؟


#خاطرة_ادم_المنسي

#بقلمي_فاطيما_يوسف

#من_نبض_الوجع_عشت_غرامي 


تسمرت عيناه على كتلة الجمال الطبيعي الذي يأثر النفس ويجعلها تذوب غراما ، كم رآها في مخيلته كثيراً بألف وجه ولكن الآن أجزم أنه لم يتخيل طلتها الخاطفة لأنفاسه وأن وجهها لم يكن من بين الألف الجميلات اللائي رسمهن خياله ، 


أما هي ألقت نظراتها أرضاً من شدة خجلها بسبب نظراته الهائمة به ، 

نعم لقد فهمت معنى نظراته وتسللت داخلها وجعلت ذاك الساكن الذي لم يتحرك ابدا تحرك الآن بنبضات متتالية لم تنفض عنها ولن تصمت عن دقاتها بعد ، 


وأخيراً بعد حبـ.ـس تلك الأنفاس لكليهما رفع وجهها وأجبـ.ـر عيناها كي تسكن عيناه ثم همس بعشق:


_ حرام عليكي يا شيخة ، حرام عليكي بجد ، ايه اللي بتعمليه فيا ده !


اتسعت مقلتيها بذهول من كلامه وسألته عيناها ماذا بك ؟ فهي من شدة خجلها لم تقوى على التفوه فأكمل هو تلك اللحظة بتلك الأغنية الذي ألقاها لها بصوته الملائكي ، 


وللعجب أنها لأول مرة تسمعه بدون موسيقى فلقد سحرها بجمال صوته وسحبها لعالمه أكثر وأكثر ، 


أما هو غنى لها :


_ عيونك شايفها وحاسس إن أنا عارفها

سيبيني براحتي أوصفها مكسوفة ليه

كإنك معايا بقى لك عمر ويايا

بنفس الصورة جوايا من قد إيه

سنين شايفك في أحلامي بنادي عليك ضميني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

يا أجمل هدية بعتها القدر ليّ

يا قمري في عز لياليا أوصف لك إيه

والله والدنيا بقت في عينيّ حاجة ثانية

هواك قابلته وفي ثانية جريت عليه

سنين شايفك في أحلامي بنادي عليك ضميني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

بحبك هقولها يا ريت قبل ما أكملها

تعالي في حضني ونقولها إحنا الاثنين

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني، وحشتيني سنين بعدك على عيني

ليالي كنت مش عايش ومستنيكي تحييني

وحشتيني وحشتيني .


وفور أن انتهى من أغنيته لها التى دلت على مدى وحشته لها وعلى حين غرة جذبها إلى أحضانه قبل أن تفيق من حالة التيهة التى اعترتها في همسه ولمسه ، تشبس بأحضانها كالغريق الذي وجد قارب نجاته بين يداها ، قرر الإبحار في عالمها الخاص ، ظل في أحضانها يتنعم بقربها ، يشتم رائحتها ، 


أما هي كانت متخبطة ، مشاعرها البدائية لأول حضن في حياتها لحبيبها وزوجها حتى ولو كانت إجبارا عنها ففي حضرة المحبوب تندثر قوانين الكبرياء والكرامة ، ففي حضرة المحبوب تفوز لحظات العشق وتركل أبواب القلوب بمهارة حتى تستقر داخل شباك الحبيب ووقتها حتما ستسطر النهاية ، 


قد فاز الحب على الكبرياء ، ومـ.ـاتت الكرامة وليس لها عزاء ، فهي الآن أعصابها مخدرة ، مهـ.ـلكة ، متيمة ليس لها دواء غير أحضانه ، 


ثم أخرجها من أحضانه واقترب منها ليزيح خصلة شاردة فوق عينيها يتلمس وجنتها نزولاً إلي فكها ثم صعد إلي شفتيها يتلمس كل منهما بإبهامه :


_ طلعتي جميلة حد الفتنة ، طلعتي أحسن من اي أغنية غنيتها ، طلعتي مبهرة ، 


ثم أمسك يدها ليوضع كفها علي صدره وأردف:


_ شوفي دقات قلبي في قربك عاملة ازاي ، شوفي لو بعدت عنك وده إن قدرت قلبي هيعمل فيا ايه ، حياتي هتبقى من غيرك ضياع ، 


واسترسل حديثه وهو يمرر عيناه على وجهها ككل يحفظه داخله ، مرة داخل عيناها وأخري شفتاها وأخري وجنتاها وأخيراً قرر أن يكشف عن باقي المكنون وهي مازالت في تيهتها ، 

وفجأة وبحركة خفيفة خلع عنها حجابها وانسدلت الأمواج السوداء الكاحلة على ظهرها مما جعله ينظر إليها بانبهار وهو يبتلع أنفاسه بصعوبة ، اما هي نظرت بعيد عن عينيه تحاول كبت مشاعرها كي تصد هجومه الضاري على قلبها المسكين ، لكنها لم تقدر أن تستعيد قواها وأخفت كل مشاعرها التي تملكت منها لمساته وهمساته بكل ضعف منها، 


ثم نظرت له بعيون تخفي ضعف يستكين بداخلها وقلب يخفق ألماً وعشقاً معاً، ترتجف من لمساته التي تجعلها تود أن ترتمي علي صدره ويدفئها بحرارته المنبعثة من توهج عشقه لها، لكن كبريائها كان يصرخ بداخلها يحثها بأن تصم أذنيها عن كلماته ورجائه وأن لاتتأثر حتي بأسبابه ولكن تفوهت بكلمة واحدة وهي تبعد يداه برفق عنها :


_ آدم أرجوك ابعد ومتستغلش ضعفي في قربك اكتر من اكده ، كفاية علي كدة النهاردة.


لم يقدر على الابتعاد عنها وأزاح قميصه من علي صدره ليشير إلي موضع قلبه الموشوم أعلاه وأكمل:


_ بقى يرضيكي بعد الجرى وراكي ده كله وقلبي ده اللي اتعـ.ـذب في جفاكي ونفورك منه الشهور دي كلها وتيجي لحظة قربك وتقولي لي أبعد !


ثم بتسم بهدوء وأمسك كفها وطبع بداخله قبلة لثوان ولكن أذابتها من حرارتها المنبعثة من شفتاه ثم نظر إليها وأكمل :


_ لااااا ياعمري مش هيحصل ولو عملتي ايه بالذي أو قلتي ايه بالذي مش هبعد ، هو معقولة أبقى في الجنة اللي دخلتها دلوقتي على ايديكي هسيبك وهبعد !


متحلميش يامكة ومش هيحصل ابدا.


استجمعت شتاتها المفرق في قربه ثم نظرت جانبها وجذبت حجابها كي تغطي راسها ولكنه لحقها وأخذ منها الحجاب ورماه بعيدا عنها ، ثم اقترب منها وجذب خصلات شعرها بين يداه برفق ثم قربه من أنفه واستنشقه بهيام وكأنه عبير من الجنة بين يداه ثم لف خصلاته علي إحدى يداه ودفن الأخرى بين شعرها حتي وصل إلى رقبتها ثم اقترب علي وجهها وأسند جبهته بجبهتها وتحدث وهو ينظر داخل عيناها ويتنفس أنفاسها مرددا برفض قاطع وهو يغمز لها بطريقة أذابتها أكثر من ذلك:


_ هو إنتي مش تعرفي ربنا كويس ، وربنا بيقول لك مينفعش تداري زينتك على جوزك ، حجاب ايه بقى اللي تلبسيه وانتي قاعدة مع جوزك حبيبك ؟


مكة لازم تفهمي كويس اني بقيت جوزك يعني من حقي أشوفك في اي وقت واكلمك في اي وقت ، ونحب في بعض في اي وقت ، وأطلب منك تدلعيني فتدلعيني ، وأطلب منك نتكلم مع بعض ونسهر لحد الصبح فتسهري معايا ، واقول لك يالا نخرج نشم هوا فتخرجي معايا ، وإلا هتشيلي ذنب والملايكة هتلعنك. 


اتسعت مقلتيها بذهول من ذاك المجنون في وجهة نظرها ثم استجمعت قواها اخيرا واقتربت يداها من صدره تبعده عنها ولكنه تمسك بيدها وحاولت الإفلات من قبضته لكنها لم تستطع فتحدثت باستنكار:


_ هو انت بتاخد بالك من كلام ربنا في حاجات وحاجات له ! انت عجيب قوووي ياشيخ ، 


مش واخد بالك بردو أننا مش مكتوب كتابنا طبيعي زي اي اتنين واني اتغصبت على وجودك في حياتي .


وضع إبهامه على شفاها كي يمنعها أن تكمل ثم نهاها عن الحديث :


_ متحاوليش تنكدي عليا وتخلي هرمونات النكد اللي بتبقى جوة كل ست تطلع دلوقتي ودلوقتي بالذات علشان مش هديكي الفرصة يامكة ، ومهما كان كلامك واعتراضك في النهاية إنتي مراتي ومن حقي عليكي الطاعة يا إما هشتكيكي لربنا وانتي بتخافيه اووي فبلاش نمشي مع بعض بمبدأ الملاوعة ده .


نفخت بضيق من حصاره ثم سألته بغيظ وهي تأكل شفتاها وتلك حركتها المعتادة عند الاضطراب الشديد لديها:


_وه يعني انت عايز ايه دلوك يابن الناس ، اني تعبت ومبقتش قادرة أتحمل لعب الأعصاب دي واصل .


أعجبه نبرتها الطفولية وحركاتها التى تفتعلها بوجهها فكل حركاتها جديدة عليه كليا فأول مرة يراها ثم احتضن وجنتاها مرددا بنفس لكنتها:


_ عايزك في حضني وجار قلبي يابت الصعيد إنتي ، 

عايزك تُبقى ليا وعايز حضنك ميفارقش حضني واصل وبس اكده ، 


ثم استرسل حديثه وهو يغمز لها بكلتا عينيه بدعابة:


_ ايه رأيك فيا واني بتتحدت وياكي صعيدي مش لايق على بردو ولا ايييه ياقمرة إنتي ؟


نفخت بضيق ثم أدارت وجهها المحكم بيداه بعيدا عنه وظل يشاغبها كثيراً وكثيرا فتلك لحظته المنتظرة ، فوجدها تجيبه:


_ طبعاً مانت ممثل تعرف تتغير وتتلون بميت لون في لحظة ، يعني لو عايز تحب وتدوب اللي قدامك هتعرف تعملها ، لو عايز تبكي وتبكِّي اللي قدامك بردك هتعرف تمثلها ، 


حرك وجهها مرة أخرى بحدة خفيفة آلامتها وجعلتها تنهره :


_ يدك تقيلة وجعتني .


حرك حاجبه بعبس :


_ سلامتك من الوجع ياقلبي ، بس انتي ضايقتيني بكلامك ، 


لاحظ تعجبها فأكمل هو :


_ ايون ، يعني اني بمثل عليكي الحب مثلاً ! طيب بذمتك يامكة واحد في مكانتي الفنية هيستحمل منك اللي استحمله ده كله ليه ! علشان بس يقضي معاكي لحظة صفا وبعدها يفر ، ولا علشان يخطف قلبك ويسيبك ويغدر ، 


وتابع حديثه وتبدلت نظراته من ملامة لها إلى عاشقة وبنبرة متيمة اعترف لها :


_ لاااا ياحبيبتي ده علشان أنا ب ح ب ك ، عارفة يعني ايه بحبك ؟ يعني ايه قلبي وكلي عايزك ومش عايز غيرك ، يعني مهما يحصل مش هبعد يامكة مش هبعد .


أخذت نفسا عميقا ثم زفرته بهدوء وتابعت باستفسار:


_ طيب انت نسيت مشكلتنا وسرحت في عالم تاني خالص هنعمل ايه فيها ؟


استوعب سؤالها واردف بنبرة عاشقة متجنبا خوفها:


_ طيب هو في أحلى ولا أجمل من العالم اللى أنا سرحت فيه ؟


قدامي مراتى حبيبتي اللي سحلـ.ـتني وراها ومرمـ.ـطت اللي خلفوني لحد لما وصلت للحظة دي ولولا إن ربنا مرضاش لعبده المرمطة اكتر من كدة وعارف إنه كفاية عليه كدة وهونها عليه كان زماني لسة بعد النجوم وبسهر الليل على ضوء عيونك اللي بلون السما ياحبيبي.


اتسعت مقلتيها بذهول من حديث ذاك الآدم وحتماً سيجعلها تطبق في رقبته الآن من طريقته ثم هدرت به :


_ ياربي ، أووووووف ، هتجنني معاك والله واني منقصاش جنان .


ابتسم بمشاغبة ثم أردف :


_ الله شفتك النهاردة بجميع حالاتك وكلهم في وقت واحد بذمتك أنا مش متمكن بردو ؟


قال كلمتها الأخيرة وهو يغمز لها بطريقة جعلتها تبتسم ثم أكمل :


_ ايون كدة ياشيخة اضحكي خلي الشمس تطلع والدنيا تنور ، خلي القلب يدفى بعد البرد اللي عشش جواه .


تنهدت بتعب ثم طلبت منه :


_ طيب ممكن نشوف المشكلة ونحلها الأول وبعدين نشوف جنانك ده وهنشوف هنكمل مع بعض في الجواز ده ولا .... لم يتركها تكمل ووضع يداه مرة أخرى على شفاها ناهرا إياها:


_ متكمليش يامكة مش هسيبك ورب الكون ماهسيبك ، 


ثم جذب وجهها إليه وأنهال علي شفتيها بعشق ووله مصاحبان لقليل من العنف في قبلته بسبب تهديدها له بالابتعاد فلم يشعر بحاله وهو يقبلها بذاك العـ.ـنف الذي آلمها، 


يعلو بداخلها أصوات صراع صاخبة بين قلبها وكبريائها فقامت بدفعه في صدره وهي تلتقط أنفاسها، إنحنت نحو الأرض وألتقطت بعنق زجاجه حطـ.ـمتها على الفور ووضعتها عند العرق النابض في عنقها وصاحت بتهديد بعدما فاض بها:


_ والله لو عملت اكده تاني لاهمـ.ـوت نفسي وأريِحها واريِحك مني وأريح الدنيا كلياتها ، 


ثم استرسلت ودموعها التمعت داخل عيناها:


_ يا أخي اديني فرصة استوعبك ، اديني فرصة أتقبل ظروفك وأشوف هتعامل وياها إزاي .


إتسعت عيناه خوفاً فأشار إليها بكفيه وقال:


_ خلاص خلاص نزلي الإزازة دي وأنا والله ماهعمل كدة تاني ، بس أرجوكي اهدي وصدقيني أنا مش بحلف كذب .


رمت عنق الزجاجة المحطمة على المنضدة ثم لامها :


_ بقى كدة يامكة والله حرام عليكي بجد .


لم ترد عليه ولكن لاحظ نظراتها للزجاجة مرة أخرى وكأنها تهدده ثم نفخ بضيق من أفعالها المتهورة ، ولكن حاول تهدئة حالها ثم أمسك حجابها ويليه نقابها قائلاً:


_ اتفضلي البسي الحجاب ولمي شعرك كويس جداً والبسي النقاب وخلي اعصابك هادية علشان هنطلع البث المباشر ، واعملي حسابك بردو هتمسكي في ايدي طول البث علشان متتهوريش قدام الكاميرا ، 


ثم أدلى عليها تعليماته وما سيقولاه في البث وأطاعته بكل شيئ ، وبالفعل بعد دقائق بدأ البث وذكر فيه كل ما قالته له أخته بالتفصيل وبدأت المباركات تنهال عليهم بالآلاف وفي نهاية البث نظر إليها وأمام العالم أجمع وهو ينظر داخل عيناها :


_ وفي النهاية احب أقول لمكة قدام العالم كله اني مش بس بحبها علشان مكتوب كتابنا لاااا ،انا بحبها علشان هي أعظم انتصاراتي ، هي كل حاجة حلوة حصلت لي في حياتي ، وبوعدها قدامكم كلكم اني عمرها ماهسيبها ولا هقدر أستغنى عنها ، ومن دلوقتي بعزمكم على فرحى منها بعد أسبوع يا أجمل جمهور وعيلتي التانية .


ثم أنهى البث بعد أن ودع متابعينه فدلفت هند ومها وسكون وعمران وماجدة فرحين بأن الغمة انزاحت فجذبوها إلي أحضانهم وانهالوا بالمباركات عليهم وهي بعد كل ذلك تشعر بالتخبط وعدم الارتياح ولكن ستترك امرها بيد الله يدبره كيفما شاء وليس احن على قلوب العباد من خالقها .


*******************


في نفس اليوم وبالتحديد في الساعة السادسة مساء في مكتب ماهر الريان جالسا وهو شارد الفكر يتذكر اليوم المشؤوم الذي مر في حياته فهو من الأساس لن ينساه ، 


عاد بذاكرته إلى عشر سنوات من الآن وهو يتذكر تلك الليلة المريرة التى فقد فيها ابنته وهي ولدت للتو وأخذها بين أحضانه ولم تلبث عشر دقائق حتي فارقت روحها الحياة قبل أن تبدأ ، 

وظل يردد داخله بحزن دفين :

_لم يؤلمني التقدم بالعمر لأنه محتم ، بقدر ما ألمتني أمنيات شابت بداخلي ، لقد شاخ قلبي قبل عمري،

نمضي في الحياة ولا نعرف أين نحن ذاهبون ؟

نهرب من أشياء لا نعرف لما تطاردنا ؟

نقوم بكل الأشياء المفروضة علينا إلا تلك التي نرغبها و بشدة ،

نتكلم كثيرا إلا الكلام الذي نود قوله نحبسه بداخلنا !

تائهون في حكايات مضت ،وأخرى نعيشها ،

مشتتون بين أمنيات نرغب بها ،وأخرى تاهت منا دون أن ندركها ،

معتادون على كل شيء حدث ويحدث معنا ، 

مقبلون على الحياة دون أنفسنا ، 

وبعد ..

إلى الأيام القادمة مري علينا بسلام ،فقلوبنا جدًّا متعبة ومرهقة ،

أرهقتها الحظوظ وأتعبتها تراكمات الأيام ، 


#فلاش_باك 


فرح وهي تتوجع بشدة:


_ الحقني ياماهررر بمووووو.ت آااااااااه .


شعر بالذعر لحالتها ثم نقلها على الفور إلى المشفى وما إن رأوا حالتها حتى أدخلوها فورا إلى غرفة العمليات وألح عليهم أن يدلف معها ، 


ولبس الملابس الخاصة بالعمليات ودلف معها وهو ممسكا بيديها ، ينظر إليها بهـ.ـلع وهو مرتعبا من فقدانها ، 


بعد ساعة كاملة من وجودهم في غرفة العمليات فقد كانت حالتها صعبة للغاية فهي قد تناولت عقاراً مخدرا يؤدي إلى الوفاة فلم يتحمله جنينها ، 


ولكن سطر القدر كلمته وفارقت روحها الحياة وعادت إلى بارئها وهي مخطئة في أمانة روحها التي أهدرت فيها ونسيت انها أمانة ونسيت قوله تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين"


أدمعت عيناه على فراقها رغم رحلة عذابه معها ، أمسك ابنته التي ولدت للتو في أحضانه يشتم رائحتها ، يتلمسها برفق وحنان ، يكبر في أذنها ومع انتهاء اخر تكبيراته فارقت روحها هي الأخرى الحياة فلم تتحمل المخدر السام التي تجرعته والدتها ، 


لاحظ شحوب وجهها فعلم أن قطارها وصل محطته الأخيرة قبل أن تنتهي أصوات صافرة تحركه ، 


حضنها بين أحشائه بعمق ورهبة من فقدانها مرددا بوجع من يراه تذرف عيناه دموعاً كالأنهار ، فقد فارق الرضيع وضاع قبل أن يتنفس :


_ آااااااااااااه ، لااااااااااااااا، بنتااااااااااااي ، 


ظل يصرخ بلا جدوى ولا فائدة على ضناه التي ماتت بين يداه قبل أن يجبر قلبه وتقر عيناه بها ، حلم السنين أن يكون أبا لأنه عاش ابناً وحيداً رحل قبل أن يتعمق ذاك الحلم ويبتسم له وكان ذلك نبض الوجع الأول الذي ناله ماهر من الغرام ولكنه الوجع الأكبر والقاسم للظهر .


#عودة_من_الباك


دلفت رحمة إليه بملف القضية التي سهرت عليه فقد وكلها بتلك القضية أن تفهم مغزاها وتأتي له بالحل الجذري بها وحقا كانت صعبة ،


نادت عليه كثيراً وكثيراً ولكنه كان شارد مغمض العينين وفاق أخيراً من شروده وفتح عيناه اللامعتين بالدموع وفور أن رأته بتلك الحالة تخبط القابع بين أضلعها هلـ.ـعا على معشوق الروح ومعـ.ـذبها ، اقتربت منه بلا هوادة وسألته بخـ.ـوف :


_ مالك ياماهر وشك مقلوب اكده ليه ! في حاجة حوصلت لاسمح الله ؟


بعينين قاتمتين وغضـ.ـب عارم على صوته :


_ إنتي ازاي تدخلي المكتب من غير ما اديكي الإذن يابني آدمة إنتي ؟!


تراجعت بضع خطوات للخلف وهي تنظر له بصدمة من طريقته الفظة معها ولكن ليس هذا مايزعجها فهي أصبحت تحفظه عن ظهر قلب ،فهي اقتحمت عزلته وهو في أشد حالات ضعفه ورأت عيناه اللامعتين بالدموع،


إياكم أن تستحقروا دموع الرجال،

فـدموع الرجال لاتسقط الاعندما تكون فاقت الهموم فاقت قمم الجبال ،الرجل لا يبكي إلالسببين ، 

الأول حين يفقد أحد والديه ،

و الثاني حين يعشق إمراة حـد الجنون 

ولاتكون من نصيبه،

و يبكي الرجـال لفراق الوطن، وغياب الأحبة 

يبكي الرجال عند مـا يسقط كبريائه وعزته وتـغلق الدنيا ابوابها عليه،

يبكي الرجال عندما يكون كرمه أخضر 

كان الجميع معه و عندما يبس الكرم تفرق الجميع و تركوه بمصائب ، 

يبـكي الرجال و لكن في العتمات وتحت الأمطار و على الوسائد ، لكن دموع الرجال لا تخرج من العين على الخد فـ يراها الجميع بل تخرج من القلب وعلى القلب فتظهر التنـهداات و النظرات و تجاعيد الوجه بيـاض الشعر ورجفة اليدين ،هكذا يبكي الرجال ، 


ثم اصطنعت الزعل وتحدثت وهي تعطيه ظهرها تنتوي الخروج :


_ تمام .


قام من مكانه بحدة وهو يركل الكرسي بقدمه مما جعله طار ناحية الحائط وأصدر ضجيجا أرعبها جعلها أدارت وجهها له ورأت علامات الغضب لاتبشر بالخير على وجهه ، وفجأة اقترب منها وفاجأها بمسكه له من ذراعها لأول مرة يهزها بعـ.ـنف وهو يهذي بكلماته الغاضـ.ـبة وكأنها بفعلته تلك وضعت البنزين على النـ.ـار مما جعل غضبه سريع الاشتـ.ـعال :


_ هو بمزاجك الدخول والخروج ! ولا انتم مفكرين انكم هتمشوا الكون على كيفكم .


علمت أنه الآن كان داخل قوقعة الماضي الأليم الخاص به وأنه ليس في عقله وحتما وجب عليها مجاراته كي تجعله يستفيق فهي قررت ان تجعله يخرج مافي صدره ويكبس على أنفاسه ولن يكن ذلك إلا باستفزازه :


_ أه طبعا بمزاجي وعلى كيفي ، أنى حرة ياماهر وانت مليكش حكم عليا ولا صالح بيا .


هزها بعـ.ـنف أكثر من ذي قلب فقد أشعـ.ـلت الفتيل وأوقدت الحـ.ـريق داخله فلتتحمل ماذا يحدث لها الآن ثم ذهب ناحية الباب وأحكم إغلاقه مما جعل ناقوس الخـ.ـطر يدق على ناقوس جسدها وصارت لاتقوى على الحراك من هيئته الغاضبة ولوهلة شعرت بحماقتها ثم عاد إليها ينظر إلى جسدها كالأسد الجائع وما إن رأى فريسته حتى انقض عليها، أمسكها من ذراعها متحدثاً بفحيح ولأول مرة ترى تلك النظرة :


_ مين قال إنه بمزاجك يابت امبارح ! مش قبل ماتدخلي عش الدبور تشوفي الاول هتعرفي تتحملي قرصته ولا له ؟


لم تشعره بالخوف ولو لبرهة واحدة فهي رحمة المهدي ولم تعهد ذاك الخوف وردت عليه بقوة :


_ مين قال لك اني مهتحملش ، لااااا يُبقى إنت متعرِفنيش لا دبابير بخاف من قرصها ولا تعالب بخاف من مكرها ولا أسود بخاف من زئيرها الواهي اللي اعتادوا عليه علشان يخوفوا اللي قدامهم .


أنهت كلامها ثم ضغطت بحذائها ذو الكعب الحديدي على مشط قدماه بقوة غليظة لاتناسب جسدها الضئيل مما جعله افلت يداه من حركتها المفاجأة وتوجع قدماه ولكن لم يتأوه كي لايشعرها بضعفه وهي تردد من بين أسنانها بحدة :


_ خليك بطل وجنتل وواجه من غير فرد عضلاتك على واحدة ست يامتر .


لم يلقى بالا لكلامها المستفز ووضع يداه على صدرها وأزاحها ناحية الحائط قائلاً ببرود قـ.ـاتل :


_ خليكي على مبدأك ياسوبر هيرو واجمدي اكده علشان خاطر هوريكي الجحـ.ـيم على الارض دلوك يابت سلطان ، 


وعلى نفس تثبيته لها في الحائط وقبضته كما هي جذب ريمود الشاشة وأشعله على موسيقى عالية كي لايسمعه من بالخارج فتحدثت هي :


_ ايه هطلع عقدك عليا دلوك يامتر ولا ايه ؟


ثم ضربته بقبضة يداها الصغيرة في صدره مرددة بعصبية : 

_ فووق ياماهر ميلقش عليك الحاجات داي !

اطلع بقى من قوقعة الماضي الفارغة اللي عايش فيها بقى لك سنين وهتضيع الباقي من عمرك .

جز على أسنانه بغضب من طريقتها المستفزة لها :


_ إنتي مالك بالماضي ملكيش دعوة بيه ،


واسترسل حديثه الغـ.ـاضب:

_ وبعدين انتي بقيتي تتدخلي كتير في اللي ميخصكيش واللي مدتكيش الاذن تتكلَمي فيه.


كانت تنظر إلى قبضتاي يداه المحكمة بشدة عليها وداخلها يرتـ.ـعب ولكن نظرة عيناها تدل على الصرامة مما أوحى له أنها لاتهابه فيزداد العند اكثر من ذي قبل ويتوعد لها أكثر من ذي قبل ، 

ثم تحدثت وهي تحاول إفاقته بطريقة أكثر برودا:


_ هو انت مفكِر انك بطريقتك داي هتخـ.ـوفني منيك مثلاً ! أو المفروض اني أبوس ايدك واقول لك بعد عني وسيبني أخرج !


واسترسلت حديثها وهي تحرك رأسها بنفي:


_ متخلقش لسه إللي يخوف رحمة سلطان المهدي ولا يهز لها شعرة ولا إنه يدخلها الجحـ.ـيم غير رب العباد لو حكم عليها باكده .


استدعت شياطين الإنس والجن الآن بقوتها أمامه فهو لا يحب المرأة القوية لأنه تذكره بتلك الفرح فقد كانت قوية لأبعد الحدود وهو كان ضعيفا في محبته أمامها ومنذ أن ذاق منها الويلات وانهارت حياته على يداها وخسر نفسه من عنادها وكبريائها وتجبرها ، عاهد نفسه منذ ذاك الوقت بأن لايعرف الضعف طريقه أمام أي أنثى وتلك الرحمة أقوى من أي أنثى ، نظراتها تحوى شراسة كنطرات الصقر الذي لايهاب أحداً مما جعل داخله يتحداها ،


فاقترب منها وهو مغيب وعقله قد رُفع عنه الآن ونزع حجابها من على رأسها بوحشية آلمتها وجعلها لم تصدق أنه سيفعل به مالم يخطر على بال بشر ، واقترب من شفاها وكاد أن يقبلها إلا أنها بأظافرها الطويلة غرستها في وجنته بقوة جعلته يتأوه بصوت عالي وسحب يداه كي يمسح دماؤه فتحركت من مكانها صوب المكتب وعلى الفور أمسكت بمقلم الأظافر الذي أمامه وصدرته في وجهه هادرة به :


_ لو قربت مني هقتـ.ـلك وهقـ.ـتل نفسي ياماهر .


اقترب منها ولم يهمه تهديدها وهو يصيح في وجهها :


_ اقتـ.ـليني يمكن أستريح من عذـ.ـابي والدنيا المرة اللي أني عايش فيها ، خلصيني من حياتي وريحني من قلبي اللي خلاني أحبها قبلك وماتـ.ـت بس قبل ماتمـ.ـوت كانت نهت على كل حاجة حلوة في حياتي ، 


واسترسل وهو يبتعد عنها ويجلس على الكرسي بروح منهكة :


_ مسبتلكيش حاجة حلوة تعشيها معايا ، مسبتلكيش غير الوجـ.ـع والروح المرهقة اللي هتخلي حياتك معاي مملة ملهاش طعم ولا لون ولا ريحة .


شعرت بآلامه ومدى قهره وياويل الرجال حين يُقهروا ، رغم مافعله بها الآن إلا أنها تعلم أنه ليس على طبيعته ولم تهب منه أو تحزن منه بل حزنت عليه وعلى ضيقه المهلك له ، 


فجذبت حجابها وارتدته على رأسها وثبتته بإحكام ثم جلست أمامه ولم تبتعد عنه إلا مسافات قليلة وبدأت بتقويته :


_ انت مليكش صالح بيا ومتربطش علاقتي بيك بعلاقتها اللي ماتـ.ـت واندفـ.ـنت ببعض ،


أني حاجة وهي حاجة تانية خالص ، يعني مثلاً هي كانت بتحب الضوضاء والسهر والشرب والشغب ، أني عكسها خالص أني بحب الهدوء ومليش في السهر ولا حوارات الديسكو ، أني من طينتك ياماهر صعيدية شكلك بالظبط ، عاداتنا واحدة وتقاليدنا عارفينها وحافظينها ، انت اخترت طريقك غلط من البداية وكملت فيه وعاندت التكافؤ الاجتماعي بالظبط شكل ماتكون عملت الشاي بالملح اهنه جسمك كله هيرفض الحاجة الغريبة داي وعلشان انت تعبت في عمايلَه رفضت ترميه لحد ماقرفت وبطنك وجعتك وكرهت الشاي بسبب غلطك في الاول ، 


واسترسلت حديثها وهي تحثه على أن ينسى الماضي:


_ وبعدين مالك يا حضرة الأفوكاتو ياللي دارس الشريعة والقانون ، انت بتعترض على حكم الله في ابتلاؤه ليك ، انسى ياماهر ومتبقاش قانط من رحمة الله وتكتب من القانطين عنديه .


رفع رأسه ولأول مرة منذ عشر سنوات ينظر لأحدهم بذاك الضعف وهتف بوجع :


_ طب هي وهتتعوض بتي اللي ملحقتش أسمع صوتها ، اللي فارقت الحياة من قبل ماتبتديها ، اللي ماتـ.ـت بسببها أنساها كيف ؟


ابتسمت له وأجابته:


_ عمرها اكده في الدنيا ، وبعدين بص لها من الناحية الإيجابية مش لو كانَت جت الدنيا وشافت امها بالشكل دي كانت هتُبقى حياتها عامله ازاي وكانت هتتربى في البيئة اللي انت مش راضي عنيها دي ازاي ؟


لو بصيت لها من ناحية الصح يا ماهر هتعرف ان ربنا كرمه كبير قوي علينا وان الحاجه اللي احنا شايفينها صعبة ومستحيلة ومن حقنا نعيشها ونلمسها وسبحانه بياخدها منينا ظلم ، 


لا ، دي ظلم لنفسنا احنا ، 


وبعدين "وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وانتم لا تعلمون "


فوق من غفوة الماضي وعيش الحاضر وكفاية ألم سنين بحالها ، 


وأكملت حديثها وهي تنظر له بعشق :


_ في ناس حواليك بتحبك وبتتمنى وجودك في حياتهم ومش عايزين من الدنيا غيرك ياماهر .


قبل أن يرد عليها صدح صوت الآذان عاليا هز قلبه وجعله عاد إلى عقله المفقود وقام من مكانه وأخفض صوت الموسيقى وردد وراء المؤذن مايقوله بقلب خاشع مما أعاد الطمأنينة إلى قلب تلك الرحمة ، 


وبعد الانتهاء ردد الدعاء المعروف عقب الآذان فلسانه تلقائيا معتاداً عليه لما له من فضل عظيم،

يقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة .


ثم عاد إلى مكانه وجلس أمامه معتذرا عن ما فعله بها وعن وحشيته معها :


_ أني بعتذر لك عن اللي حصل كنت خارج إرادتي ومعرفش عميلت اكده إزاي وخصوصي إن الهمجية مش طبعي وبعد اكده لما تلاقيني في الحالة داي همليني لحالي .


على نفس نظراتها المبتسمة تشبست برأيها بوجودها جانبه كي تدخل السرور على قلبه وتشعره بمدى أهميته عندها:


_ مش ههملك مهما يكون يامتر ، انت بقيت قدري المتعب بس على قلبي زي العسل .


أخذ نفسا عميقا ثم نبهها :


_ هتتعبي معاي قوووي وانتي لساتك صغار على التعب وياي عاد يابت الناس .


_ مهما كان التعب ومهما كانت الاشواك هتحمَلها ، أني عارفاني مبحسش بطعم الحاجة السهلة لازم أتعب واعافر علشان لما تُبقى ملكي أحس بطعمها الجميييل ومفرطش فيها واصل .


_ يااااه أحلامك لسه خضار ملوثتهاش المبيدات البشرية ، علشان اكده بحذرك اختاري لك طريق سهل ومتزرعيش في أرض بور مش هينوبك منها غير خـ.ـراااب زرعتك اللي أهلـ.ـكتك وقت ومجهود .


_ متقلقش طالما العود خضار يُبقى هيتحمل أي عاصفة تواجهه الرك على الأصل يامتر .


_تمام يعني موافقة أجي أتقدم لك واللي فيه الخير يقدمه ربنا ؟


الى هنا وانقلبت نظراتها المبتسمة إلى وجع ثم ابتلعت ريقها و أجابته :


_ مش قبل مااسمعها منك ياماهر .


ادعى عدم الفهم :


_ هي ايه دي اللي عايزة تسمعيها بالظبط ؟


أردفت بحاجب مرفوع ونظرة غاضبة :


_ والله ! إحنا هنلعبوا حاوريني ياكيكا ولا ايه !

ولا إنت هتشغل دماغ خط المحاكم على رحمة يامتر ، انت فاهم كويس أنا أقصد ايه .


لم يريد الخوض في تلك الأحاديث أكثر من ذلك وتهرب من حصارها متسائلاً إياها دون أن ينظر إليها :


_ قولي لي عملتي ايه في القضية اللي كلفتك بيها ، عرفتي توصلي لحاجة تدل إن ده مش السارق وإنه برئ .


فهمت من تهربه أنه مازال يكابر ففضلت الهروب معه أيضاً فتلك اللحظة ليست مناسبة لذاك الاعتراف :

_ تمام ، لسه موصلتش لنتيجة بس قربت وأوعدك هبهرك ،


ثم قامت من مكانها قاصدة الحمام الموجود في الغرفة وجلبت علبة الاسعافات ووضعتها أمامه قائلة بمداعبة وهي تشير إلى جرح وجهه :


_ اتفضل يامتر داووي وشك لأن شكل حد رسم لك خريطة مصر عليه .


رفع حاجبه باستنكار وأمسك المرآه ورأى وجهه وانصعـ.ـق من مظهره وكاد أن يلقى بغضبه عليها وجدها اختفت من أمامه خوفاً على نفسها من رد فعله ، فابتسم أخيراً على أفعال تلك الصغيرة وبدأ بمداواة جرحه .


*******************


في منزل سلطان عاد عمران وسكون وجدا البيت هادئ وساكن فرحمة لم تأتي من المكتب بعد ، كادت سكون أن تدلف إلى غرفة زينب للاطمئنان عليها إلا أن عمران منعها :


_ له متقلقيهاش سبيها نايمة ، أني مابصدق انها تبطل سهر وفكر وتنام وتريح أعصابها شوي .


هزت رأسها بتفهم ثم صعدت بجانبه ، ولكنه نظر حوله يتفحص ما إذا كانت تلك الحية موجودة أم لا ولكنه لم يراها ولم يسمع لها صوتاً وسيارة والده لم تكن في الخارج فاستشف عدم وجودهما ، وعندما صعدا إلى الطابق الثاني فجأة حملها بين ذراعيه مما جعلها تتأوه من فجأته وهي تحرك قدميها في الهواء باستنكار:


_ أااااه ، في ايه ، ايه اللي جرى لك بس !

نزلني ياعمران لاحسن حد يشوفنا ومنظري يُبقى وحش .


غمز لها بشقاوة ثم قبلها من وجنتها قائلاً:


_ عبد الباسط حمودة بيقول ايه ؟

بيقول "الجو هادي خالص والدنيا هص هص وأنا وانت ياحبيبي ونجوم الليل وبس "


ضحكت بشدة على مراهقته ومشاغبته وطريقته وعضت شفتيها السفلى بخجل :


_ وه ! انت عايز ايه بالظبط وناوي على ايه ؟


نظر إليها باشتهاء :


_ ناوي على كل خير بإذن الله ، بس إنت روق معايا اكده يابطل .


شهقت بذهول من طريقته :


_ لااااا ، معقولة عمران الرزين بيقول الكلام دي ، والله مامصدقة حالي !


أدخلها شقتهم وأنزلها أرضاً وجذبها من خصرها قائلاً:


_ عمران يقول للفرسة بتاعته كيف ماهو عايز ، ويدلعها وينسيها اسمها كماني، 


ثم ألصقها بأحضانه وداعب وجنتها مكملاً:


_ هو إنت مش عايز تدلع يابطل ولا ايه ؟


تململت بين يداه تحاول الفكاك :


_ أني تعبانة ياعمران ونفسيتي النهاردة خلت مودي مش تمام ، ممكن أدخل أنام دلوك وبعدين نشوف حوار الجو الهادي دي بعدين .


ضربها بخفة على كتفها ناهرا إياها:


_ده نجوم السما أقرب لك من اني أفوتك النهاردة ، أني صاحب مزاااج وعليكي وعد ولازم تنفذيه وحوار الخلعان دي سبيكي منيه علشان مهيجبش فايدة مع عمران ياعيون عمران.


قطبت جبينها بعبس وابتعدت عنه :


_ وعد ! وعد ايه دي إن شاء الله ياسي عمران .


جذبها إليه عنوة فارتطمت بعظام صدره القوية:


_ أااااه ، ده إنتي بتنسي بقي ياداكتورة ، تمام أفكرك لما كنتي بتستنجدي بيا عند ماجدة اني أبعد عنيكي وساعتها وعدتيني انك لما ناجي بيتنا هتعيشيني ليلة ولا ليالي الف ليلة وليلة ، صوح ولا اني غلطان ؟


التوي ثغرها باستنكار وادعت عدم الفهم :


_ اني مفكراش الكلام دي ، بعد بقي ياعمران وبلاش شغل عيال صغيرة اني هموت وانام من التعب .


عقد حاجبيه بعدم تصديق ثم قال ساخراً من طريقتها:


_ بعد بقى ياعمران ! طب واللي خلق الخلق ياداكتورة لاهترقصي الليلة لعمران والتعب دي هتشوفيه على حق ، ومن الاخر انسي .


لوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة:


_ أرقص ! أني مبعرفش أرقص بذمتك شفت دكتورة كان كل حياتها كتب ومذاكرة ومراجعات بيعرفوا يرقصوا ؟


ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت على معالم وجهه:


_ياراجل ! طب قولي كلام غير دي ، داي عيوني دول شافوكي وانتي بتميلي كيف الفراشة يمين وشمال يوم حنتك ياداكتورة ، 


ثم مط شفتيه بامتعاض:


_ إنتي معرفاش إن الكذب حرام واكده هتدخلي النـ.ـار !


أفلتت يداها من يداه بخفة ثم جرت من أمامه ودخلت غرفة الأطفال وكادت أن تغلق الباب عليها إلا أنه لحقها وأمسكها من رقبتها قائلاً وهو يأخء أنفاسه بصعوبة من أثر لحاقه بها :


_ أه ، إحنا فينا من اكده ، طب وعهد الله ياسكون ماهتنامي الليلة والسهرة هتُبقى صباحي ، 


زاغت أعينها من أمره وصارت تعترض بدلال ولكنه لايبالى لاعتراضها ولو لحظة ،


ثم جذبها من يدها ناحية حجرة النوم ووقفا أمام خزانة الملابس وانتقى ثوباً خصيصاً لتلك الوصلة وهو ينظر له بانبهار :


_ يالا يا حلوة خدي دي البسيه وتعالى اوفي بوعدك ، أني عايز أشوف راقصات شارع الهرم اللي بيتحدتوا عنيهم وعن رقصهم النهاردة كلياتهم فيكي ، يالا ياسكوني .


دبت بقدميها أرضا من تحكماته ثم تمتمت باعتراض:


_ وه ياعمران هو انت متجوَزني من كباريه ولا ايه ، والله حرام وميرضيش ربنا اللي هتخليني اعمله دي ! وبعدين انت ممراعيش تعبي ولا ايه .


خلع قميصه وأصبح عاري الصدر وجلس على الأريكة آمرا إياها:


_ ان مكانش دي اللي يرضي ربنا ايه اللي يرضيه ! وبعدين ياداكتورة في حد يطول الدلع وميتدلعش والله إنتي بترفصي النعم ،


ثم أشار إليها ناهيا ذاك النقاش :


_ يالا ياسكوني متضيعيش الفرص وورينا جمالك الفتاك اللي وقع قلب العمران وانتي بتتمايلي كيف الفراشة.


دبت بقدميها أرضا وبدأت بتنفيذ ما يريد ، 


ارتدت ذاك القميص الذي اختاره لها ، واختار المزمار البلدي كي ترقص عليه فهو عاشقاً له ، 


وبدأت تتمايل بخفة على أنغام الموسيقى وعيناه تتآكلها بأفعالها المثيرة له ولقلبه ، 


وأثناء رقصتها تمايلت عليه فجذبها بوله هامسا جانب أذنها :


_ ده إنتي طلعتي مُهلكة ياشبر واقـ.ـطع ، على النعمة بطل الأبطال ياداكتورة ، ها ياداكتورة ، 


ثم أكمل همسه :


_ كنتي بتتعلمي الحركات اللولبية داي في الكلية يا أم كتب وطب ومبعرفش أرقص ، 


ده إنتي حركاتك وقعت قلب عمر بين ايديكي .


همست هي الأخرى برقة جعلته هائما في سماء عشقها متلهفا ان يلتهم شفتاه بين شفاها ويسقيها شهده ألواناً وألوان :


_ ياه ياعمران ده انت امك داعية لك في ليلة قدر إن ربنا يرزقك بالحلا كلياته ، 


ثم أكمل وهو يحتضن وجنتاها بين يداه ويتنفس أنفاسها وعيناه تلتهما بعشق :


_ تعالى يابت قلبي ، ده إنتي ليكي في قلب عمران اللي ميكونش لغيرك من ستات الكون كلياته.


ثم سحبها لعالمهم الخاص عالم سكون وعمران بالتحديد غير أي عالم لم نسمع عنه منذ قديم الزمان ، عالم شهريار وأميرته شهرزاد ، عالم الألف ليلة وليلة ، يحاكيها فيها من غرامه مايليق بها وهي تنسحب معه رويداً رويداً وتبحر بمهارة فهي امرأة عاشقة حد النخاع ، 


وبعد قليل فاقا كليهما على صوت سلطان يهز ارجاء المنزل :


_ عمران ، إنت ياوِلد ، انزل لي حالا.


فزعا كليهما ثم هتفت سكون بذعر :


_ كفى الله الشر حوصل إيه ؟


قوم ياعمران شوف الحاج مالَه ، لايكون حوصل حاجة عفشة لاسمح الله .


انتفض عمران وهو يمسح على شعره بغـ.ـضب ثم جذب جلبابه :


_ ياساتر يارب ، أها هو داي هدم اللذات بعنيه وباينها ليلة مفيتاش .


ثم أكمل وهو يحذرها :


_ متتحركيش من مكانك مهما حوصل ولا تفارقي سريرك .


ثم غادر الغرفة وهبط للأسفل راي والده في حالة هائجة يرثى لها :


_ شفت امك الست الكمل مكفهاش انها كسـ.ـرت لها ضلعها وجبـ.ـسناه إلا أنها لمت خلجاتها وهملت بيتها من غير اذني.


اتسعت مقلتي ذاك العمران ناطقا بدهشة وهو يجري ناحية غرفة والدته :


_ وه هي أمي مش اهنه ! أني قلت انها صلت العشا ونامت بدري فمدخلتلهاش .


وصل للغرفة لم يجدها ثم عاد لأبيه سائلاً إياه:


_ حوصل إيه لدي كلياته يابوي ، عميلت ايه حرمك المصون خلت الحاجة زينب همَلت بيتها اللي سكنته لغيرها وحـ.ـرقت قلبها وانـ.ـوى منيك يابوي .


دب سلطان بعصاه أرضاً ثم نهره :


_ الزم حدك وانت بتتحدت ويا ابوك ياوِلد وإذا كانَت هي أمك فآني بوك ومن الواجب عليك تتحدت زين وياي ومتعليش صوتك علي ولا تقف تحاسبني .


لم تستطيع سكون الاستمرار في غرفتها أكثر من ذلك ثم ارتدت عبائتها وهبطت إلى الأسفل ، وقفت بجانب عمران وهتفت بنبرة قلقة :


_ وه مالك ياحاج بس كل شي هيُبقى تمام بس انت هدي حالك. 


هدر بها سلطان وهو في عز غضبه لأول مرة :


_ بعدي إنتي يابت الأصول ياللي فضيحتكم بقت على كل لسان ماهو كله بسببكم إنتي وأختك المصون .


انزعج عمران من طريقة والده معها ثم نظر إليها آمرا إياها بحدة :


_ هو أني مش منبه عليكي متفوتيش أوضتك واصل ، اتفضلي ياداكتورة على فوق يااااالا .


انجرحت بشدة من كلام سلطان وصوت عمران العالي لها والتمعت الدموع في عينيها ورآها كليهما مما جعل قلب العمران يلومه في تلك اللحظة على صوته العالي عليها ، ثم تركتهم وصعدت الأدراج وصوت بكائها وصل إلى مسامعهم مما جعل عمران لأول مرة يتحدث بتلك الطريقة مع أبيه ولكن من أفعاله :


_ لو سمحت يابوي مينفعش تتكلَم ويا مرتي وتزعِق لها بالطريقة داي ، 


دي مهما كان بت ناس واللي مترضهوش على خواتي مترضهوش على بنات الناس.


هدر به سلطان :


_ مش لما تُبقى بت ناس ياسبع الرجال .


استمعت سكون الي كلماته الأخيرة مما جعلها انصـ.ـقت ووقفت مكانها تنظر في عيناي كلتاهما بصدمة من أعلى الأدراج .


الفصل الثاني والعشرون من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-