رواية فراشة في جزيرة الذهب الفصل السابع عشر 17 بقلم سوما العربي
جلس عاصم في مكتبه يضع قدم فوق الأخرى إلى ان دق الباب ودلفت السكرتيرة تخبره:
-البنت اللي حضرتك مستنيها جت بره يافندم.
-حلو دخليها وحضري للاجتماع على ما اخلص
-أوكيه.
خرجت السكرتيرة ودلفت بعدها فتاة في منتصف العشرينات واستقبلها عاصم بترحاب:
- اهلاً اهلاً يا وفاء مواعيدك مظبوطة
-شكراً
-اتفضلي اقعدي.
جلست وداد بتوتر فقال عاصم:
- ها يا وفاء إيه الجديد
اقتربت وفاء برقبتها وقالت بأعين لامعه يملؤها الطمع :
-محمود رجع والبيت عندهم والع وعلى أخره
أعتدل عاصم في جلسته ينتبه لكل حرف يقال ثم سأل:
-محمود ده الي كان خاطبها وسابها يوم الفرح مش كده؟
-كده
-كملي وبعدين
-لسه ماعرفتش بس الأكيد أن البيت قايد حريقه خصوصاً إني شوفت الدكتور خارج من عندهم إمبارح الساعه ١٢ بالليل.
-حلو... أنا عايزك تتعرفي عليها وتصاحبيها زي اختها واكتر الفترة الجايه مفهوم؟.
-طبعاً طبعاً بس مش هتقولي أيه مكافئتي
-عدي على الحسابات وأنتي نازله أنا هسيب لهم خبر يظبطوكي.
-بس أنا مش عايزة فلوس
-نعم؟!
-أيوه الفلوس مسيرها تخلص أنا عايزة شغلانه أكل منها عيش
-همممم ماشي يا وفاء بتعرفي تعملي شاي وقهوة
-شاي وقهوة؟!
-اه هتشتغلي في البوفيه
-بوفيه؟! وماله
ضغط عاصم على احد إزار هاتفه ودلفت السكرتيرة فقال لها:
-خدي الانسه وفاء للبوفيه خليها تستلم شغل هناك
-حاضر يافندم ... إتفضلي معايا.
____________سوما العربي__________
وقفت أنجا مقابل رنا فاردة ظهرها بتحدي فيما قالت رنا بلهفة:
-سيدة أنجا من الجيد انك حضرتي كي تنقذي تلك الفتاة المسكينة
ردت أنجا ببرود:
-من ماذا؟
-من قبيلتها سيدة أنجا أنهم عازمون على قتلها خذيها وأحميها منهم.
-أنا بالفعل جئت لأخذها.
انتشر الأمل في صدر رنا والتفت للفتاة تقول بفرحة:
-الحمدلله آنتي بخير الآن هيّا لتذهبي مع السيدة أنجا.
فهتفت الفتاه بفزع:
-لا لا
-لما عزيزتي فالسيدة أنجا ستحميني
-بل ستفعل العكس السيدة أنجا ستسلمني لقبيلتي.
التفت رنا تنظر لأنجا بإستهجان وصدمة ثم سألت:
-حقاً؟؟
تجاهلتها أنجا ولم تجيب متعمدة ثم نظرت للفتاة وأمرتها بغلظة:
-هيّا تحركي.
تهدل جسد الفتاة فهي على مشارف القتل واقتربت تتمسك بجسد رنا تسجدي الشفقة مما أغضب أنجا وتقدمت لتسحبها بحدة:
-ألم تسمعي ما قلته للتو هيّا تحركي معي.
وبدأت أنجا تشوف الفتاة التي أخذت تصرخ مستغيثه برنا فتحركت رنا بهلع ومدت يدها ليد أنجا التي تسحب منها الفتاة وقالت:
- توقفي إلى أين ستأخذينها وماذا تفعلين؟
اتسعت عينا أنجا من الغضب مثبته على كف رنا التي تجرأت و وضعت على جسدها توقفها ثم قالت:
-لقد تعديتي حدودك كيف تتجرأي وتضعي يدك توقفي السيدة أنجا هل جننتي.
-سأصبح مجنونة حقاً لو تركتك تسوقين تلك الفتاه للقتل، أي قانون هذا. أي عادت التي توجب بقتل نفس ألستوا مسلمين؟
ضيقت أنجا عيناها وقالت بنبرة محذرة:
-أنصحك أيتها البيضاء بالا تتدخلي فيما لا يعنيكي، اقترح عليكي بأن تمضي وقتك تفكرين كيف ستسعدين ملكنا فقط ولا تتدخلي مرة أخرى في شؤون الكبار .
التفت تنظر بحده للفتاة وقالت:
-وأنتي هيّا بلا أي صوت
وعادت أنجا تسرق الفتاه من جديد باتجاه الخروج والفتاه يزداد صراخها مما حفز كل خلايا رنا وجعلها تهتف بحده وحسم:
- آنتي... توقفي.
صدمت أنجا أنها تحدثها هي هكذا فتوقفت عن السير وتسمر جسدها في الأرض ثم أخذت تلتف بجسدها إلى ان أصبحت في مواجهة رنا ثم قالت:
-انتي؟!!!!! ههاهه....
نطقت بإستهجان وأستنكار شديد فتشجعت رنا أكثر وقالت :
-نعم أتركي تلك الفتاة حالاً.
تيبست كل معالم وجه أنجا وبقت بلا أي رد فعل هي فقط سألتها بهدوء مخيف:
-وهل هذا أمر؟
ارتعبت رنا إلى حد كبير لكنها جمعت شتات روحها وقالت بتجهم:
-أعتبريه كذلك.
رمقتها أنجا بنظرة تقسم رنا أنها جمدت الدماء في عروقها وستظل تتذكرها طوال حياتها ثم همست بعدها:
-حسناً.
وتركت الفتاة بالفعل ثم أردفت:
-لكن ...أحمم.. أعذري جهلي فقط أريد ان أسألك بأي صفة أطلقتي هذا الأمر.
صمتت رنا ولم تجيب فقالت أنجا:
-هل بصفتك مفضلة الملك؟ هل عددتي نفسك زوجته مثلاً انتي مجرد جاريه وظيفتها تتمركز في سرير الملك على شراشفه الحريرية.. انتي للمتعة فقط أيتها النكرة.
فار دم رنا وهتفت فيها:
- أنا لست كذلك وللان لم افعل
-بل انتي كذلك لا تظني غير ذلك أيتها الموهومة.
انتهت أنجا من حديثها وخرجت من الغرفه كلها حيث بقيت رنا مع الفتاة الباكية، دنت منها واخذت تربط على كتفها تهدئها وتخبرها وكلها يقين أن هناك أمل بتدخل الملك.
___________سوما العربي________
جلست على الاريكه بحزن شديد لقد طلع الصباح ولم يعد ديوان فقد بات ليلته بالخارج ولا تعلم أين هو حتى هاتفه مغلق.
لكنها ذكرت نفسها بحالهم وأنها ليست المرة الأولى التي يفعل فيها ذلك، أبتسمت بخفوت تتذكر حنانه وهدوئه معها فهو بعد كل مرة يحدث فيها أي موقف صعب يسهر ليلته بالخارج مع صديقه ثم يعود معتذراً يخبرها انه ليس بسئ وألا تخافه.
مجرد تفكيرها بتلك المواقف جلب الراحه والهدوء لصدرها فبدأت ترتخي في جلستها وتمدد ساقيها براحه تنتظر عودته مع كلماته البلسمية.
تهللت كل خلاياها وهي تستمع لصوت المفتاح في الباب فقد بات هذا الصوت من احب الأصوات لقلبها .
وما ان دلف حتى هبت واقفه تستقبله بشوق تنتظر كلماته المعتذرة وبادرت قائلة:
- صباح الخير يا زيدان.
سبطتت عزيمتها وهي ترى تجهم وجهه وتسمع نبرته المقتضبة في الرد:
-صباح النور
رمشت بعينها لا تعرف ماذا هناك ولا ماذا تفعل لكنها شجعت نفسها وقررت أنه ليس عليه بكل مرة ان يصالحها هو لما لا تبادر هي وتفعل لتخفف الأجواء عنه فلديه رصيد مسبق وعالي عندها.
لذا تقدمت تقترب منه ثم قالت بمرح:
- بقا كده تسهر طول الليل برا ماشي يا سيدي ولا يهمك ادخل نام لك شويه تلاقيك صاحي طول الليل ولما تصحى هتلاقي احلى فطار معمول.
لكنه نظر لها ثم قال:
-لأ أنا نمت في الورشة وفطرت مع العمال
-إيه؟! وأنا الي سهرانه مستنياك؟!
-ادخلي نامي لو عايزة أنا جاي اخد فلوس ونازل.
نظرت له ببهوت تحول لصدمة وهي تراه بالفعل يفتح احد الأدراج وياخذ منها المال ثم يغادر.
وقفت مكانها لدقيقة لا تستوعب ثم هرولت خلفه كي تلحق به تستفسر ماذا هناك ولما يعاملها هكذا فإن كانت أخطأت ستعتذر لتسترضيه .
هبطت الدرج بلهفة تنادي عليه:
-زيدان استني يا زيدان.
لكن توقفت وقد اشتعلت عيناها وهي ترى رشا مجددا وقفت على السلم تتحدث معه وتضحك بصوت مايع.
فنادته بحدة:
-زيدان.
ألتف لها لتتلبسه شياطينه واحمرت عيناه يصرخ فيها:
- انتي ازاي تنزلي كدّه انتي أتجننتي.
انتبهت حوريه على نفسها وصعد كفّها يتحسس خصلات شعرها المنطلقة لتكتشف أنها خرجت بلا حجاب من تسرعها للحاق به.
وانتفضت برعب على صوته العاصف:
-اطلعي فوق حالا .
رعبها من تحوله الشديد الصق قدميها بالأرض ولم تستطع التحرك مما زاد غضبه فصرخ فيها بغضب اكبر نتج عنه أسلوب مهين لا يليق بحمار حتى مما جعلها تصدم ووضعت يدها على فمها وأدمعت عيناها ثم هرولت تصعد الدرج.
من شدة غضبه خرج من البيت ولم يذهب خلفها،غيرته ولدت بداخله غضب أعمى عيناه عن الصواب فقد سيطرت عليه وجلس يحاول أن يهدأ ويفكر في مخرج.
بينما ظلت هي تبكي على الفراش لكن رغم كل ماجرى هي تجلس بإنتظار رسالة إعتذار شديدة منه هذا ما تتوقعه منه على خلفية ما عرفته من شخصية زيدان لن يتركها هكذا وسيعتذر ويسترضيها.
وبينما زيدان يجلس أمام الورشه يدخن سيجارته بغضب يحاول أخذ أنفاسه ربما يهدأ قاولونه العصبي فأذ به يرى محمود يترجل من سيارته التي أشتراها مؤخرًا ويستعد ليدخل البيت بعدما رمق زيدان بنظرة غاضبه متحديه.
وضع ديوان يده على وجهه يشعر بالتورط ثم التفت هاتفه وأخذ يسجل رسالة صوتيه لحوريه.
وفي خلال ثواني وصلتها الرسالة فمسحت دموعها بكف يدها والتقطت الهاتف بفرحه شديدة وتفاؤل تستعد لسماع أعتذاره يعقبها كلمات غزله ففتحت الرسالة الصوتيه لتسمعها و قد كان محتواها:
( لو خرجتي من الشقه ولا لمحت طيفك برا هقتلك سامعه واياكي..إياكي تفتحي الباب حتى لو مين بيخبط حتى لو كانت أمي...سامعه ولا لأ)
دارت بها الغرفه واسودت الحياه فهل هذا هو اعتذاره الذي جلست تمني نفسها به؟! انه من سئ لاسوء.
________سوما العربي_______
جلست في غرفتها تهز ساقيها بتوتر تفكر فيما قالته تلك السيدة ووصفها لها بانها مجرد جسد للمتعة في الفراش لا اكثر.
استرعى أنتباهها أصوات الدق على الباب فسمحت للطارق بالدخول وقد كانت إحدى الجواري تخبرها بان الملك يريدها.
وقفت من مكانها تحفز شديد ،وتقدمت لتذهب إلى غرفه الملك وأثناء سيرها كان بداخلها العديد من التخبطات تتذكر كلام أنجا عنها ونعتها بأنها مجرد جسد يقضي الملك فيه رغباته، تتسآل هل سيقتلون الفتاه بالفعل؟ كيف للمك ان يوافق على هكذا أشياء إنها روح بني آدم هل عدنا للجاهلية حينما كانت تؤد الفتيات؟ يجب أن تخبره بما نعتتها تلك الأنجا يجب أن يرد لها أعتبارها أمامها وألا تتجرأ عليها مجدداً.
لكنها توقفت عن السير بتردد هل سيفعل الملك لأجلها؟ من أين لها بكل هذا العشم والثقه بأنه سيفعل.
نمت على شفتيها إبتسامة مرتاحة وهي تتذكر تصرفاتها العاشقة معها هي ما شجعتها على الوثوق بأنه سيفعل، هي ليست جسد يرغبه الملك بل فتاة أحبّها، هي متأكدة من ذلك.
سحبت نفس عميق وقفت تفرد ظهرها بثقه وتسير باتجاه الغرفة الملكية، دقات خفيفة على الباب ثم فتح الحراس الباب سامحين لها بالدخول.
تقدمت للداخل لتعرف أنهما ليسا بمفردها بل السيدة أنجا هناك كذلك.
رفعت رأسها بشموخ وتقدمت تقف أمام الملك، رمقتها أنجا بحقد دفين فهي للأن لا تنحني بحضرة الملك كما تفعل هي وكذلك الجميع بل ظلت حتى اليوم لها وضع إستثنائي ولكن صبراً.....
وقفت رنا صامته ترفع رأسها والملك يرمقها بنظرات صامته كذلك وطال الصمت إلى أن تفوه اخيراً ثم قال:
-أعتذري من السيدة أنجا
-ماذا؟؟؟!!!!
ألتفت ينظر لها بحدة ثم قال:
-كما سمعتي
-لكنها قالت لي.....
-اعتذري منها فوراً لا أريد أن اسمع أي كلام، ومرة ثانية لا تتدخلي في شؤن لا تعنيكي من سمح لكي بالتدخل في تلك الأمور؟ كيف تجرؤين؟!
اتسعت عينا رنا بصدمة، هو ببساطة يخبرها بصحة ما نعتتها به أنجا وأنها هنا لإمتاع الملك فقط.
فقالت:
-ليست أي أمور فتلك الفتاة لو سلمت لقبيلتها ستقتل
-لا يعنيكي تلك هي قوانينهم
-يعني هذا أنك موافق وستسلم الفتاة لهم؟ كنت أعتقد ان كل ذلك يحدث دون علمك وما ان تعلم ستتدخل على الفور وتوقف تلك الكارثة الإنسانية.
هتف فيها بغضب:
-تلك الأمور لا تعنيكي وهيّا أعتذري للسيدة أنجا.
انسابت الدموع من عيناها وهي تفكر في حقارة وضعها والملك مازال ينتظر إلى أن هتف بحده جعلتها تتقزز في مكانها:
-هل سأنتظر اكثر؟ هيّا أعتذري.
ألتفت رنا تنتظر لأنجا التي تناظرها بأعين شامته متحديه تخبرها أنها من ربحت وستربح دوماً.
ثم عادت تنظر للملك وكأنها الآن تراه شخص اخر جديد، فكرت لثواني ثم قالت بقوة وحسم:
-لن أعتذر.
أتسعت عينا أنجا وشهقت بصدمة متعمدة لتزيد من تضخيم الموقف فيما وقف الملك بغضب شديد وسأل:
-ماذا قولتي؟
ردت بعزم :
-لن أعتذر وأمرهم بقطع رأسي الآن كي أرتاح فأنا لن افقد حياتي حينها أنا بالفعل فقدتها منذ غادرت بلادي .
أشتعلت عينا الملك والغضب يتفاقم بداخله وقد زاد أكثر وهو يشعر بالغضب لعجزه عن الأمر بقتلها كما هي عقوبة من يعصي الأوامر.
-أذهبي لغرفتك.
قالها الملك بهدوء حذر وغضب مكتوم فنظرت له أنجا بصدمة وكادت أن تتحدث إلا انه امر مجدداً بصوت غاضب:
-هيّا تحركي.. إلزمي غرفتك ولا تتحركي منها..هياااا.
خرجت رنا من عنده والدموع تسري على خديها تسأل متى الخلاص مما هي به.
__________سوما العربي_________
جلست تهز قدميها بحزن شديد كلما تذكرت ما حدث اليوم وأمس ثواني و أضاء عقلها يأسئله مهمة و خطيرة.... ماذا تريد من زيدان وما الذي حدث معها ولما هي مسلوبة الأرادة هكذا، لما كانت دوما رد فعل وليست الفعل ذاته مثل رنا..
اه رنا.. أين هي وماذا جرى معها لما تتواصل معهم مطبقاً.
أبتسمت بحزن فهي دوما كانت عكس رنا في كل شيء غير معجبة بشخصيّتها المتهورة المنفتحة رغم حبهما الشديد ببعض لكن كانتا دوما عكس عكاس لا رنا يعجبها طريقة تفكير حوريه وإعجابها الغير مبرر بمحمود وخضوعها لتحكمات المجتمع والعيش هكذا ولا حوريه يعجبها إندفاع رنا وتحديها لكل القوالب المجتمعية التي لا مساس بها وسعيها للعمل بشعلة خطرة فالسفر لوحده مجازفه بالنسبة لأي فتاة.
هنا كان عليها ان تقف وقفة متأملة تسأل من منهما كانت الصواب، خفضت عيناها أرضاً بحزن فعلى ما يبدوا أن ولا واحدة منهما قد ربحت .
ثواني وفتح الباب ودلف منه زيدان يبحث عنها في الأرجاء إلى أن وجدها فتقدم بخطوات مترددة ثم قال:
-سلام عليكم
فردت بخفوت :
-وعليكم السلام.
لف حول نفسه مهمها فقد ردت السلام لمجرد الرد لا أكثر... ماذا يفعل لتتحدث معه.
دلف للداخل يعتقد أنها ستذهب خلفه لتحضر له ملابسه لكنها لم تفعل فعاد للصالة حتى وقف أمامها و ردد بغضب:
-مش هتيجي تحضري لي لبس البيت
نظرت له بطرف عينها ثم قالت:
-ما أنا عارفه انك هتعرف تجيب لنفسك عادي .. أنا كبير كفاية وبتعرف تعمل كل حاجة لوحدك و بتبات كمان برا البيت.
سرت فرحة لطيفه في كل خلاياه بسبب تلميحها الأخير لكنها ما زالت لا تنظر ناحيته فقال :
- طيب أنا عايز أكل
لم تتحدث هي فقط تحركت من مكانها واختفت بالمطبخ وبعد دقائق كان الطعام معد على السفرة التي جلس عليها يتأملها بشهية مفتوحة وكاد أن يشرع في الطعام إلا أنه توقف وهو يراها تغادر ولم تجلس للطعام فناداها:
-حوريه انتي مش هتاكلي
-مش عايزة
فقال بأمر
-اقعدي كلي
-مش عايزة
-وأنا قولت تقعدي تاكلي ايه هتعيشي من غير أكل
-هو أنت بجد؟!
نظر لها بإستغراب لا يفهم سؤالها وهي كذلك تواجهه بإستنكار شديد فسال:
-مالي؟!!
-مالك؟! بتسأل بجد؟! أنت متقلب وكل ساعه بحال عمال تتعصب وتمشي وتسيب البيت وكمان تبات برا ومن شوية كنت عمال تزعق لي قدام الست رشا بنت عمك.
فاندفع يجيبها:
-مانتي الي نازلة بشعرك
-والله بشعري؟! كنت خارجه بسرعه من غير ما أفكر عشان أوقفك أراضيك وأنا أصلا مش غلطانة فيك لكن نزلت لاقيتك مش داري بالدنيا كانت كنت واقف مع الست رشا… هي صحيح مش رشا دي الي اتقدمت لها كذا مرة وكنت عايز تجوزها.
نظر لها ببهوت وعقله يستوعب هل تغار عليه حوريه؟!
وقف عن مقعده يبتسم لها لكنه توقف مستغرباً وهو يسمع صوت جلبه قادمه من الخارج
تحرك لعند الباب يفتحه يرى عمال يحملون بعض الأدوات ومعدات ويصعدون السلم .
فعاد لعند حوريه وقال محذراً:
-ماتتحركيش من هنا وماتفتحيش الباب
بعدها أختفى نهائياً من الشقة وصعد ليرى ماذا هناك فوجد باب شقة محمود مفتوحه على مصرعيها والعمال يقفون هنا وهناك ومعهم أوات كثيرة وهو يقف في المنتصف يلقي عليهم أوامره.
نظر لهم زيدان بجهل شديد ثم سأل:
-هو في أيه ؟ايه الي بيحصل هنا
ألتفت محمود و رد ببرود:
-كل خير يا كبير، بوضب شقتي عشان اقعد فيها
-نعم؟ هتقعد فيها؟!
-أيوه ايه مش شقتي دي ولا قررت تاخدها هي كمان.
فهم عليه ولم يتحدث إنما غادر يحمل معه الغضب ونزل لعند والده يطمئن عليه فقابلته والدته معاتبه:
-توك ما افتكرت يا زيدان… أنت فين من امبارح وسايب أبوك تعبان.
-دهحقك عليا أنا بس كنت….
-حالك كله بقى متشقلب و مش عاجبني.
نظر لها ولم يعقب فهي محقه في كل ما قالته بل تحرك للداخل يرى والده الذي حاول فتح ألكلام معه في قصتهم لكن زيدان منعه على الأقل حالياً .
مرت أيام كانت هي الأسود على زيدان في حياته، كلها عصبيه وصوت عالي ، كان الغضب والشجار هما الأقرب إليه وكل يوم يزداد الأمر سوء عن ذي قبل وغيرته لا مثيل لها.
و والدة رنا قد نفذ صبرها فقد مر شهران وللأن لا حس ولا خبر عن إبنتها، ما يحدث غير معقول فذهبت لحوريه لتأخذها لعند تلك الشركة التي تعمل فيها رنا .
وهناك أحدثت فوزية مشكلة كبيرة وهددت بتبليغ الشرطة إذ لم يجدوا لها حلاً.
و ظلت هكذا إلى أن حضر عاصم وحاول التحدث معها لتهدئتها قائلاً:
-ايه بس الي مضايقك يا ست الكل
-يعني أيه ايه الي مضايقيني انا بنتي غايبه أدي لها مدة ولا حس ولا خبر هو ده معقول يعني يا ناس بلد ايه دي الي مافيهاش شبكة اتصالات.
-أنا مقدر زعلك يا ست الكل بس آحنا نفسنا مش عارفين نتواصل مع الطاقم بتاعنا وده في شغلنا امر عادي بيحصل كتير لان معظم شغلنا بعيد عن العمار.
حاول عاصم قدر المستطاع ان يمتص غضب فوزية لكنها لم تشتري أي من كلماته كانت موقنة ان بأبنتها خطب ما وقلبها غير مطمئن خصوصاً مع حديث هذا الرجل وهو يحاول بلسمة الموقف لها.
غادرت فوزية وهي عازمه على الذهاب لأقرب قسم شرطة فالوضع لم يعد يتحمل الصمت لكنها قالت لحوريه:
- روحي انتي يا حوريه أنا رايحه مشوار
-مشوار أيها بس يا خالتو في الجو النار الي احنا فيه ده تعالي نروح وبكره…
لكن فوزية لم تستمع لها ولم تعطيها الفرصه لتكمل حديتها بل أوقفت سيارة أجرة وكلها عزم على ما تريد فقالت حوريه:
-طب أستني أجي معاكي.
-لا روحي انتي الجو حر عليكي أنا عارفه الطريق المرة دي .
غادرت فرزيه وتركت حوريه أمام الشركة تحت أعين عاصم الذي وقف يراقبها وشعر أنها فرصته اخيراً فترك مكتبه و استقل المصعد حتى وصل لسيارته فأخذها وتوقف أمام حوريه يناديها:
-انسه حورية.
ألتفت له فقال:
-تعالي اتفضلي أوصلك
-لأ شكرأ مش عايزة أتعبك
-مافيش أي تعب ولا حاجة تعالي اتفضلي
-شكراً هاخد تاكسي
-مش معقول هتحرجيني يعني .. اتفضلي هوصلك حتى انا اضمن من التاكسي ولا ايه يا آنسه حوريه.
نظرت لهّ حوريه بأعين مقيمة ثم قالت بحسم:
- أنا مش أنسه أنا مدام يا عاصم ليه.
ثم أوقفت سيارة و غادرت فيها وتركته للشمس تأكله.
________سوما العربي________
في قصر الملك راموس مرت أيام جرى فيها الكثير وجد أكثر لكن رنا منعزله لا تعلم أي شيء عن ما يجري خارج غرفتها التي لزمتها بأمر ملكي .
لقد أسودت الحياه بعينها بعد كل ما جرى وفقدت الرغبه في كل شيء حتى الحياه نفسها وكذلك الطعام الذي رفضته فتحولت لوجه شاحب وجسد هزيل.
دق الباب فدلفت أحدى الجواري تحمل معها صحن الفاكهة فوجدت طعام الغداء لم يمس ، رفعت عيناها تنظر على تلك الفتاة البيضاء التي ما ان قدمت للجزيرة حتى بدأ الكل يتحدث عنها وعن جمالها والان أصبحت كالجثة بلا روح أو حياة.
فاقتربت منها تقول :
-الانقطاع عن الطعام لن يفيدك الأفضل ان تفكري في حل
-لا أريد، العيش هنا لا يناسبني وفقدت الأمل في العودة لبلادي
اقتربت الجاريه من رنا وقالت:
-سيدتي انتي بحاجه للطعام ولصحتك فقد صنع لكي خية كبيرة و وقعتي فيها وللأسف قد زدتي الأمر سوء بعنادك، العيش في القصور يحتاج إلى مكر و دهاء…إستقامتك لن تنفعك بل ستضرك كثيراً.
أنتبهت رنا لما قالته واعتدلت في جلستها تسأل بلهفة:
-عن أي خية تتحدثين؟
-سأخبرك لكن وأنتي تأكلين.
بعد ساعه تقريباً كانت رنا تقف أمام غرفة الملك وهي في أبهى حلة وقد تغير رونقها وكأنها تبدلت من فتاة شاحبه هزيله لأخرى جميله مغريه وطلبت مقابله الملك.
فتح لها الحرس الباب و وقف الملك يوليها ظهره كأنه يرفض رؤيتها بينما يقول:
-لما أتيتي وكيف خرجتي من غرفتك ألم آمرك الأ تغادريها.
لكنها باغتته حين شعر بها هجمت عليه تحتضنه من ظهره لها وهمست في أذنه:
-أنا أسفه……..
________سوما العربي _______
في القاهرة
عادت حوريه من الخارج وجهزت أصناف لذيذة من الطعام تتمنى أن تنال إعجابه ثم بدلت ثيابها وأرتدت فستان باللون الأبيض مزركش بورود بنفسجيه وتركت شعرها ينساب حول عنقها بلذاذة وأكتفت بوضع ملمع شفاه لامع وجلست تنتظر عودته إلى ان عاد أخيراً.
انتعشت روحها وهرولت عليه بلهفة فنظر لها نظرة غريبة تحمل الكثير ولقى صامت فقط يتأمل جمالها فقالت هي:
-إتأخرت ليه أنا مستنياك من بدري
لم يجيب وبقى ينظر لها بصمت حزين ثم أقترب منها وضمها له، وضع أصابعه أسفل طابع حسنها ينظر لها عن قرب شديد ثم عاد يحتضنها بقوه حتى تكسر عظمها وأطال في ذلك ثم أخرجها أخيرا من بين دراعيه ونظر لها داخل عينيها وقال:
-أنتي طالق يا حورية………