رواية ولادة من جديد الفصل السادس عشر16 بقلم مجهول


 

رواية ولادة من جديد الفصل السادس عشر بقلم مجهول


 تدافع عنه بهذه السرعة؟


‏"إذا صغت الأمر بهذا الشكل، فإنه يبدو منطقياً."
"أولاً، إنه الواقع. فمن العشيقة الشابة التي ترضى العمل سكرتيرة؟"
"ولكنني لا أفهم. لماذا زواج صوريّ؟"
"لا شك أن هناك سبب ما. يقال إن الآنسة صديق والسيد منصور قد ترعرعا معاً، وفي ذلك الوقت، عندما أفلست عائلة صديق، بدأ السيد منصور في مواعدتها، ربما لأنه أراد مساعدتها. أعني، انظر إلى الأمر. هل هناك من يجرؤ على مضايقة الأنسة صديق الآن؟"
"أحقاً؟ لا شك أن السيد منصور رجل عظيم."     "بل سمعت حتى أن السيد منصور كان ينتظر عودة رهف عبد الرؤوف بعد كل هذه السنوات. أقسم بالله، لا يوجد رجل وفي مثل رئيسنا."
وبينما تبادل الناس أطراف الحديث، وقفت فايزة خلفهم، تستمع بدلاً من الابتعاد. بدت ظاهرياً هادئة، وكأنها ليست موضوع نميمتهم.
سرعان ما توقف فوزي عند المدخل وفتح النافذة، كاشفاً مظهره الأنيق الجذاب: "هيا، اركبي."
وبهذه البساطة، ركبت فايزة سيارته تحت أنظار الجميع، وكانت السيارة قد ابتعدت قبل أن يتمالك الجمع الذين كانوا ينمون أنفسهم.
"اليست هذه ... الآنسة صديق، أليس كذلك؟"
"اعتقد ذلك."
"أتظن أنها سمعت ما كنا نتحدث به؟"
"وإن سمعت؟ لسنا من ينشر الشائعات. لقد سمعنا منهم. كما أنه لا خطأ فيما قلناه. ألم نتحدث بالحقيقة؟ وإلا، لماذا لم تصحح لنا ما قلناه؟ لا شك أنها تخفي أمراً ما."
"على الأرجح لم تعرف كيف تفعل ذلك أيضاً، على كل حال، كانت تلك المرأة جالسة في سيارة السيد منصور عندما مر بنا."
واصل الجمع ثرثراته وهم ينظرون إلى السيارة التي كانت قد ابتعدت بالفعل.
في الوقت ذاته، أغلقت فايزة النافذة بلا اكتراث، وشاهدت الأشجار والمباني التي أخذت تتباعد بقلب مثقل، وهي تعيد الاستماع لثرثرة الموظفين في رأسها، وكذلك ... السايان السوداء التي كانت قد مرقت بسرعة.
سألها فوزي عندما لاحظ وجومها: "ماذا حدث؟ تبدين شاردة."
تمالكت فايزة نفسها، ورسمت ابتسامة مصطنعة على شفتيها: "لا شيء. مجرد عواقب ما بعد المرض اعتقد."
تنهد رداً على كلامها، ثم قال: "أنت ... إلى متى كنت ستخفين الأمر عني؟"
جعلتها كلماته تتجمد.
"ما الذي تتحدث عنه؟"
ما هذا الذي أخفيته عنه؟ هل يمكن أن يكون قد اكتشف أنني حامل؟ ولكن من ذا الذي أخبره؟ إن الشخص الوحيد الذي يعلم أنني حامل هو حنان، أو الاطباء في المستشفى.
استبعدت هذا الاحتمال على الفور، بالطبع.
تعرف حنان وفوزي على بعضهما البعض بسببها، وكان بينهما علاقة ودية. كانت فايزة وحنان كلاهما تعتبران فوزي بمثابة أخ أكبر، لكن لن تكشف له حنان مثل هذا الأمر أبداً. لذا فإن ما يعرفه ليس بالضرورة موضع حملها.
سألها بعد لحظات: "لماذا لم تخبريني بعودة رهف؟"
‏تجمدت فايزة مرة ثانية عند سماع سؤاله. لم يكن يتحدث عن حملها.
في الحقيقة، كانت قد أمست شديدة التوتر خلال اليومين الماضيين بسبب حملها. ولهاذ، تنفست الصعداء وقالت بنبرة رتيبة: "ما علاقة عودتها بك؟"
صمت تماماً من كلماتها، وحدق بالشابة وهو مغلوب على أمره. لو لم يكن يعرفها جيداً، لكان افترض أنها تصده.
"معك حق. ليس لي علاقة، ولكن ماذا عنك؟ أليس للأمر علاقة بك أيضاً؟"
‏التزمت فايزة الصمت، بينما استطرد فوزي قائلا: "منذ بدأتما بالتواعد، كنت مدركاً أنكما غير جاديين، خاصة عندما تعرفين ما قاله، ولكنك مع ذلك ...." لم يكمل الرجل كلامه، لكن نبرته وإنفعاله كانا كفيلين بتوصيل مقصده.
كان ظنه قد خاب فيها.
‏من ناحية أخرى، كانت هي تشعر بالارتياح لأنه لم يكن يعلم بحملها، وإلا كانت نبرته ستكون أسوأ كثيراً عما هي عليه الآن.
لم ينطق فوزي بالمزيد في أعقاب ذلك، على الأرجح بسبب التزامها الصمت.
بعد أن اصطحبها إلى مطعم وطلب وجبة الغداء، قال لفايزة: "انتظريني هنا، سأعود خلال عشر دقائق."
أومأت: "حسناً"، فلم يكن لديها طاقة لتستفسر عما كان ينوي فعله.
عاد بعد عشر دقائق ومعه حقيبة مليئة بالأشياء.
"خذي هذه."
"ما هذا؟"
‏كشف السر قائلا: "أدوية. إنك مريضة، أليس كذلك؟ وأنتِ امرأة ناضجة الأن، يجب أن تحتفظي ببعض الأدوية الأساسية معك في جميع الأوقات، أليس كذلك؟ فيمكنك تناول أي واحدة منها وقتما تشعرين بالتعب."
"ولكنني قد تحسنت بالفعل." أصابتها حالة من الذهول وهي تحدق في الحقيبة.
"احتفظي بها للمرة القادمة، إذاً."
"حسنا.ً"
وبهذا، وضعت الحقيبة جانباً. كانت تحتوي على كمية شاملة من الأدوية الأساسية.
"شكراً، يا فوزي."‏
"لا داعي للشكر." ونكز رأسها باصبعه قائلاً: "لا تضعي حواجز بيننا، حسناً؟ عليك أن تخبريني بأي مشكلة تواجهينها."
"حاضر."
بعد ذلك، ساد الصمت بينهما وتناولا طعام الغداء في هدوء.
بعد لحظات، لم يتمكن فوزي من منع نفسه من طرح سؤال: "لقد التقيتي برهف بالفعل، أليس كذلك؟"
تجمدت يدا فايزة لجزء من الثانية قبل أن تومئ برأسها: "نعم."
"إذاً، ما الذي تسعى إليه الآن، وقد بحثت مباشرة عن حسام بمجرد عودتها؟ هل تريد إعادة احياء علاقتهما؟"
بدت عبارة "إعادة احياء علاقتهما" لفايزة أشبه بأظافر تحك على لوح مدرسي، وقالت مصححة: "ليس إعادة احياء. هل كان بينهما أي علاقة حقيقية منذ البداية؟"
بالتأكيد، فقد كان حسام قد قال ما قاله، إلا أن الاثنين لم يكونا على علاقة في ذلك الحين.
وبالحديث عن ذلك، فإن فايزة لم تفهم ذلك أبداً.
أليس من الغريب أن الاثنين لم يتواعدا في ذلك الوقت أبداً؟ من باب الأمانة، كان من المفترض أن يصبحا زوجين عندما أعلن حسام أن المكان المجاور له سوف تحتله إلى الأبد رهف، والتي كانت أيضاً مغرمة به!
على أية حال، لا طائل من هذا حتى ولو عملت على فهم الأمر الأن.
"أتدافعين عنه بهذه السرعة؟"
لم يستطع فوزي منع نفسه من رفع حاجبه، مما جعل الشابة تذم شفتيها وتتمتم: "أنا فقط أذكر وقائع."
جادلها وقد قطب بين حاجبيه: "لقد أتى بها بالفعل إلى المكتب، بل وأتاح للآخرين بالاساءة إلى سمعتك، ومع ذلك لا تزداليا تدافعين عنه؟"
ما الذي سمعه صدفة في بوفيه المكتب هذا الصباح؟
"هل سمعتم بالأمر، أم لا؟ لقد عادت صديقة السيد منصور الشرعية."
"الصديقة الشرعية؟ أليس السيد منصور متزوجاً بالفعل؟ أي صديقة شرعية تتحدثون عنها؟"
"هذا زواج صوري، بالطبع. لو كان حقيقياً، هل كان السيد منصور ليسمح لزوجته أن تعمل سكرتيرةً؟ هذه الصديقة هي الحقيقية. كما يقال أنها انقذت حياة السيد منصور فيما مضى. اضافة إلى ذلك، فهي من عائلة ثرية، وها قد عادت أخيراً من الدراسة في الخارج. هي والسيد منصور هما الزوجان المثاليان الحقيقيان."
"ما هذا الكلام؟ إن كانت هي على علاقة بالسيد منصور، فماذا عن الآنسة صديق؟"
"هل تسمعين ما تقولين؟ ماذا يمكنها أن تفعل بخلاف العودة إلى فقرها، إذ فشلت في القفز من الفقر إلى الثراء؟"
لعل تلك الكلمات كانت أقرب إلى المزحة للجميع، حيث انفجروا ضاحكين دون رقيب أو حسيب.
وفي هذه الأثناء، كان فوزي، الذي كان يقف بالخارج، يقبض بعنف على كوبه.
هل لها علاقة بمرض فايزة المفاجئ؟ وإن لم يكن، فما هذه الصدفة الغريبة؟

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-