رواية ولادة من جديد الفصل الرابع عشر14 بقلم مجهول

رواية ولادة من جديد الفصل الرابع عشر بقلم مجهول

 لقد قررت التخلص منه


انتظرت فايزة حتى غروب الشمس، لكنها لم تكن قد تلقت أي رد من حسام .
كان هاتفها صامتاً وكأنه قد انقطع عن العالم الخارجي.
عندما كانت تذهب إلى العمل، كانت تتمنى أن يصمت هاتفها حتى تحظى ببعض الوقت لنفسها. أما الآن ...
كان الظلام قد أسدل سدوله، عندما سمعت فايزة صفارة هاتفها، مما فاجأها.
أمسكت الهاتف على عجل، لكن نظرتها انطفأت عندما رأت المحتوى.    كانت رسالة من حنان: "إذا؟ هل فكرت ملياً في الفكرة؟ هل صارحتيه؟"
نظرت فايزة فترة طويلة في صمت إلى هاتفها، قبل أن تتسلل منها قهقهة مليئة بالاستهزاء لذاتها.
لقد عرفت الاجابة منذ زمن بعيد، فلماذا كل هذا الاصرار؟ لماذا تكشفين جراحك للناس، ليروها وسخروا منها؟ الآن وقد فعلت ذلك، كيف ستواجهينه الآن؟
انزلقت فايزة على الأرض وأغلقت عينيها.
‏ترى من معه الآن؟ ماذا يفعل؟ ماذا كان رد فعله عندما اكتشف إنني حامل؟ هل يشارك الأخبار مع رهف؟ ماذا ستظن بي فيما بعد هذا؟
شعرت فايزة فوراً وكأن كل القوة في أطرافها قد استنزفت.
في وقت متأخر من تلك الليلة، لم تتناول فايزة‏ أي طعام بعد بضع معالق من الحساء. وعندما دقت الساعة التاسعة، لم يكن هاتفها قد جاء بأي اشعارات جديدة بعد. وهكذا، لم يتبق لها سوى أن تذهب إلى الطابق السفلي، وقد وضعت سترة حولها.
لم يكن فتحي قد ذهب لينام بعد، لذا قام واقفاً عندما رأى فايزة: "لقد تأخر الوقت، يا سيدة منصور. لماذا لم تخلدي للنوم بعد؟"
ألقت فايزة نظرة على البوابات الفارغة وسألت: "ألم يعد حسام بعد؟"
برقت لمحة من الدهشة على وجه فتحي وهو يجيب: "اتصل مساعد السيد منصور قبلاً، وقال أن السيد منصور لديه أمر مهم، ولن يعود الليلة."
غاص قلب فايزة رداً على ذلك.
عندما رآى أنها لم تبد في حالة جيدة، سألها كبير الخدم بقلق: "يا سيدة منصور، هل أنت بخير؟"
ابتسمت ابتسامة واهية بعد أن تمالكت نفسها وقالت: "أنا بخير." ثم استدارت لتعود إلى الطابق العلوي. وعندما كانت على وشك دخول غرفتها، رن هاتفها.
جعل اسم الشخص الظاهر على الشاشة قلبها يتقلص – إنه حسام .
ألم يقل إنه لن يعود؟ لماذا يتصل بي في هذا الوقت، إذاً؟ ما الذي يريد أن يخبرني به؟
هنا، التقطت فايزة نفساً عميقاً، واستعدت ذهنياً قبل أن ترد على المكالمة.
"فايزة؟"
إلا أن صوتاً أنثوياً ناعماً ومألوفاً جاءها من الطرف الآخر للخط. "طلب حسام مني‏ أن أخبرك بأنه لديه أمر مهم، وأنه لن يعود الليلة. وأنت لازلت مريضة، فعليك أن تخلدي للراحة مبكراً، حسنا؟"
كل ما شعرت به فايزة في تلك اللحظة أن حلقها قد انسد، وأن قلبها قد تساقط، بل وأن أطرافها قد أصابها شلل ما.
هل طلب من رهف أن تتصل بي؟ ما الذي يسعى إليه؟
"فايزة؟ هل تسمعينني؟"
بذلت فايزة جهدا خارقاً لتنطق بكلمة "حسناً"، بعد أن تمالكت نفسها، ولكنها لم تتمكن من منع نفسها من انهاء المكالمة وهي تشعر بعد الراحة.
عندما سمعت رهف نغمة الخط المشغول، تنفست الصعداء، ثم قامت بحفظ رقم هاتف فايزة على هاتفها، قبل أن تعيد لحسام هاتفه.
"إليك هاتفك يا حسام، لقد أجريت المكالمة."
"شكراً." خطف حسام بضع ثوان من عمله، ليرفع رأسه ويستعيد هاتفه، قبل أن يأتيه خاطر فيسأل: "هل نامت؟"
"لم تنم بعد."
‏عند ذلك، قطب حسام بين حاجبيه وتذمر، ثم تمتم قائلاً: "إنها مريضة جدا، ومع ذلك لن تخلد إلى النوم مبكراً. ما الذي تفعله هذه المرأة؟"
كانت رهف بجانبه عندما غمغم بذلك. وعند سماعها ما قاله، شحب وجهها من موقفه. عضت شفتيها، بينما ارتجفت يداها قليلاً.
ربما، لم يدرك هو نفسه، مدى الحنان الذي ظهر واضحاً على وجهه عندما نطق بذلك.
سألها حسام فجأة: "هل قمت بحفظ رقم هاتفها؟"
عادت رهف إلى أرض الواقع وأجابت: "نعم، يا حسام، لقد حفظته. لا مانع من أن أطلب منها أن تخرج معي، أليس كذلك؟"
"بالتأكيد، فهذا سينقذها من الانغماس المستمر في العمل."
لم تملك رهف سوى قهقهة مصنعة للرد. لكن، عندما استدارت، برقت نطفة من الشر عبر وجهها الذي عادة ما كانت تعبيراته بريئة.
‏...‏
‏في اليوم التالي، وجدت فايزة عينيها متورمتين قليلاً عندما استيقظت من نومها. ولتفادي أن يلاحظ أحد أن هناك خطب ما، وضعت عمداً بعض الثلج على عينيها لتقليل الانتفاخ.
ثم فحصت لاحقاً هاتفها، ووجدت عدداً من الرسائل من بعض الأشخاص.
كتب فوزي رسالة تقول: "لقد أتممت تنظيم العمل، فلا داعي للقلق. ويفضل أن تذهبي إلى المستشفى إذا لم تشعري بتحسن."
"هل استيقظت بعد؟ كيف حالك؟ يمكنني آن آخذك إلى المستشفى إن احتجتي."
كانت الرسالة السابقة قد وصلت في الليلة الماضية، بينما وصلت الأخرى هذا الصباح.
ثم وصلت رسالة من حنان: "بخ. لقد مرت ساعات، ولم أحصل بعد على رد منك. هل كل شيء على ما يرام؟ أنا آسفة. لم يكن عليّ أن اقترح أفكاراً سيئة."
أنا بقية الرسائل القليلة فعبرت عن قلقها على فايزة، وشعرت فايزة وكأن صديقتها الصدوق مرت بليلة مؤرقة.
أرسلت تجيب حنان قائلة: "أنا بخير، لا تقلقي."
بعد ذلك، عادت لتفتح محادثة فوزي، وأعربت عن امتنانها لأنه تولى عنها مهامها، ورغبتها في أن تعزمه على وجبة غداء.
لم ترد حنان، لكن فوزي أرسل رداً في غضون ثوان: "كيف حالك الآن؟"
كانت فايزة على وشك الرد عليها، عندما جاءت مكالمته مباشرة.‏
لم تتردد سوى لثوان قليلة قبل أن ترد عليه.
"فوزي."
"‏مرحباً. هل تشعرين بتحسن؟"
"تحسن كبير."
"يبدو صوتك معبأ بالبرد، لا تزداليا مريضة، أليس كذلك؟"
التزمت فايزة الصمت. فلطالما كان الرجل حساساً تجاه رفاهيتها.
ملأ الصمت المكالمة، قبل أن يضيف فوزي قائلاً: "ألم يأخذك حسام إلى المستشفى؟"‏
أربك ذكر حسام المفاجئ فايزة قبل أن تغير الموضوع. "إنها مشكلة بسيطة، وسوف اتحسن بعد تناول بعض الحبوب. أشعر بالفعل بتحسن كبير بعد راحة يومين."
تنهد فوزي رداً عليها: "أنت عنيدة كالمعتاد، يا فايزة. سينفطر قلب والدك لو علم بهذا."
ذمت فايزة شفتيها وقالت: "أبداً، على الإطلاق. سأذهب إلى المستشفى إن شعرت أنني تعبانة بحق. لا تقلق."
وفيما بعد، تحدث الاثنان لبرهة من الوقت، قبل أن ينهيا المكالمة. وصادف، أنه في اللحظة التي أنهت فيها مكالمة فوزي، اتصلت حنان.
"فيفي! كيف صارت الأمور؟ لم تردي على رسالتي أمس. انتظرت حتى بعد منتصف الليل قبل أن أغفو. لو لم ترسلي لي رسالة، يعلم الله متى كنت استيقظت."
من كان يتوقع أن توقظها رسالتي؟ كان ينبغي أن أرد عليها لاحقاً.
"ولكن الحمد لله، يمكنني أن اطمئن الآن بعد رؤية رسالتك." تنفست حنان الصعداء، قبل أن تسأل بتشكك: "لقد أخبرتيه بالأمر، أليس كذلك؟ حسام ... كيف كان رد فعله؟"
كان كل شيء على ما يرام إلى أن ذكرت حنان اسمه. عندما تذكرت ذلك، نغز قلب فايزة ألم طفيف.
وعندئذ، حدقت في الجانب الفارغ من السرير.
لم يعد قط في الليلة السابقة.
اختار أن يتخفى بعد أن أخبرته أنها حامل.
وبهذا، غضت بصرها، وأعلنت بهدوء: "حنان، لقد قررت التخلص من الجنين."

 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-