رواية أحببت كاتبا الفصل الثاني عشر
ظلت تتأمل ظلام الليل وكأنها تنظر الي ظلمة قلبها الذي قد فقد الحياه من شدة ظلمته ، فتتساقط دموعها ذات اللؤلؤ الثمين كصاحبتها بنعومه علي وجنتيها الصافيه فتمسحها سريعا وهي تتمتم بكلمة واحده يارب
لتسمع صوت أحدهم وهو يجذبها من طرف ثوبها السفلي ، فتنحني بجسدها كي ترفعه قائله بحب : أدم حبيب عمتو ، صحيت ليه ياحبيبي
فيقبلها الصغير علي احد خديها قائلا وهي يحتضن عنقها بأيديه الصغيره : مبعرفش أنام غير في حضنك أنتي
فتضمه حياه الي أحضانها وهي تداعب خصلات شعره الناعمه ، ثم تقبله قبلة حانية قائله : طب يلا بينا يابطل عشان ننام
فيبتسم الصغير قائلا : هو انتي أتأخرتي ليه النهارده ياعمتو
لتضعه حياه علي فراشها المتهالك ، متأملة أبناء أخيها المسطح منهم علي الفراش الاخر الذي تضمه تلك الحجره الضيقه ، وبعضهم مسطح علي أرضية الغرفه فوق احد المراتب الباليه وترفع أحدهما قائله : قوم ياعلي انت وحسن ناموا علي السرير
فينهضوا الصغار بعد أن داعبوا أعينهم من سلطان النوم عليهم ، وتسطحوا علي الفراش بفرحه الي ان ذهبوا في ثبات عميق
ليرتمي الصغير في أحضانها بعدما تسطحوا علي ارضيه الحجره قائلا وهو يقبلها : احكيلي حدودة كل يوم بقي ياعمتو
وفي ناحية أخري من هذا البيت القديم ، كانت أحداهن تبث السموم في أذن زوجها قائله : هنفضل لحد أمتا يارجب نستحملها ، انا تعبت بقي نفسي احس اني ست البيت ده لوحدي ، وتابعت بحديثها المريض قائله : انا ذنبي ايه ان اختك المعنسه ديه تفضل عايشه معايا
لينفث رجب دخان سيجارته المحشيه بالحشيش قائلا وهو يتمهل في أخراج دخانها : كفايه بقي وجع دماغ ياسناء هو انتي مبتزهقيش ، وهفكرك تاني لولا شغل حياه أختي ومساعدتها لينا في المصاريف كان زمانا بنشحت ، وكمان انتي ناسيه ان ليها نصيب في البيت زيها زي
فتتأفف تلك القابعه برأسها علي صدر زوجها العاري قائله وهي تداعب وجهه بأناملها : يا رجب وافق تجوزها لمسعد اخويا
ليزيحها رجب بقسوه عنه قائلا : اجوزها لمين ياختي ، لمسعد اخوكي تاجر المخدرات .. نامي ياسناء بدل ما يطلعش عليكي صبح
...............................................................
كانوا جميعهم يضحكون الا هي ، تتماسك امامهم كي لا تبكي من حديث اروي وما يزيده اكثر حديث ابنة خالتها اللاذع ، فأروي تستطيع ان تتحملها وتلتمس لها العذر فهي وحيدة اخويها ويتيمه فقد فقدت والدتها منذ الصغر .. ولكن تلك الأفعي لماذا تأتي كل يوم الي بيت العائله ، لتلعن قرار هذا الظالم في أمرها بأن تذهب الي بيت والده كل يوم صباحا ...
لتسمع صوت عمتها وهي تناديها قائله : تعالي ياجنه انا عايزاكي ياحببتي
فتسرع جنه في الخطي نحو عمتها ، هاربه من نظرات السخريه من زوجة أخو زوجها وابن عمها فاخر ، وأروي وعلي رأسهم أفعتهم الكبيره ابنة خالتهم واخت هدي أيضا زوجة فاخر .. يا الله عيله مكتمله وهي الوحيده العاله عليهم
كل هذا كانت تتمتم هي به بين طيات نفسها، الي أن أستقروا في غرفة عمتها لتضمها منيره اليها قائله : انا حاسه بيكي ياجنه ، وشايفه معاملة جاسر ليكي .. بس جاسر مينفعش معاه الضعف لازم تبقي أقوي ، اتمردي عليه يابنت اخوي وانا معاكي
لتنظر اليها جنه قائله بأسي : بس جاسر بيعاملني كويس ياعمتي ، ده مافيش منه
لتطالعها منيره بغرابه قائله : انتي متأكده يابنت اخوي ، ولا بتداري عني .. وربطت علي أحد كتفيها قائلة بحب : بنت اصول ياجنه ، وابن اخوي في يوم من الايام هيحمد ربنا انك بقيتي مرته
جنه : هي مين مرام ديه ياعمتي
لتخفض منيره بوجهها أرضا وهي تتذكر الماضي قائله : سيبي الماضي في حاله يابنت أخوي ، وبكره كل حاجه هتنكشف ليكي .. المهم حربي في معركتك كويس عشان تنتصري ، وبلاش تبقي ضعيفه خليكي ذكيه
واشارت منيره علي عقلها وهي تضحك ، وتابعت بحديثها قائله : عايزه اشوف ذكاء الست فيكي
وتذكرت أمر الأفعي التي تجلس خارجا قائله بضيق : أروي طيبه هتقدري تكسبيها بسهوله ، ومرات فاخر والد اخوي هي بس محموقه عشان جاسر مرضيش يتجوز اختها .. بس هابله ويقدر يضحك عليها . بس خدي بالك من اللي حاطه عنيها علي جوزك وعايزه تفوز بيه
لتغمض جنه عينيها بأرهاق من كثرة ما يدور حولها من خبث ووجع ، فيكفي انها تعيش في بيت واحد مع ذلك المعقد السليط .. وكادت ان تتكلم لتجده يردف الي حجرة عمته دون ان ينتبه اليها
جاسر : قالولي انك في اوضتك ، قولت اجي اخد البركه منك ودعواتك .. وانحني بجسده الرجولي الذي ترتجف منه البدن خوفا، فهو يحمل قدرا كبيرا من الرجوله والوسامه الصعيديه .. ليرفع وجهه ليري نظرات جنه تتأمله فضحك ساخرا وهو يعلم بتلك النظرات فهي لا تكون الا نظرات إعجاب وانبهار
لتتحدث منيرة قائله وهي تطالع نظراتهم : مافيش كلمه حلوه هتقولها لمرتك
فيبتسم جاسر قائلا ببرود وهو يغير مجري الحديث : النهارده حجزتلك تذاكر العمره انتي وبابا وكمان حجزتلك في فندق بيطل علي الكعبه علطول
ليتهلل اسارير منيرة قائله : فرحتني ياولد اخوي ياغالي ، ربي ما يحرمني منك
فتزداد دقات تلك الواقفه بينهم وهي تتأمل ذلك الرجل الذي يطغي حنينه علي الكثير الا هي
فيعلق نظره عليها بقوه ، حتي قال اخيرا : يلا ياجنه عشان نروح
...........................................................
ارتجفت صفا من مشاهده في هذه الحاله وهي تراه يصعد سُلم المنزل بتعب ، فركضت نحوه قائله : انت تعبان صح
ليطالعها احمد بألم وهو يحرك قدماه بصعوبه ، فألم فخذيه مازال يتعبه .. حتي ان من كثرة ألمه عليه يزداد صداع رأسه
احمد بهدوء : ممكن ياصفا تروحي تجبيلي علبة المسكن من فوق
لتنظر اليها صفا بفزع وتركض الي حجرته ليقع بصرها لاول مره علي تفاصيل حجرته ذات اللون الاسود في متعلقاتها ورغم ذلك فكل شئ يلمع بهدوء كصاحبه ، ولكن سريعا ما تذكرته ، فأخذت العلبه الوحيده التي تتوسط تلك المنضده الصغيره .. وهبطت سريعا وهي قلقه عليه
صفا : يييييه ،نسيت المايه
ورغم تعبه الا انه ابتسم علي رد فعلها، لتأتي اليه لاهثه وهي تمد يدها بكوب الماء
صفا : اتفضل
ليطالع احمد يدها الثانية الممسكه بعلبة الدواء قائلا ببتسامه شاحبه : طب اديني الدوا ، ولا هشرب المايه كده
فترتبك تلك التائه من قربه ، ومّدت يدها بعلبة الدواء
قائله: اه اسفه !
ليبتلع احمد تلك الحبه قائلا بشكر : شكرا اووي ياصفا
صفا : طب يلا علي اوضتك عشان ترتاح ، وامسكت بيده بعفويه قائله : هات ايدك عشان اساعدك
ثم داعبته بحديثها : ما انا مش هقدر اشيلك
ليضحك احمد علي حديثها قائلا ، وهو يصعد درجات السُلم القليله : حابسه نفسك ليه علطول في اوضتك ، لسا زعلانه مني
فأبتعد ت صفا عنه متذكره ، يوم ان أتت وقد صدمها بأمر عرضه ،فهي قد اتت اليه كي تحقق حلمها فيه وليس من اجل الحصول علي اموال منه
ليخرجها احمد من شرودها قائلا : اسف ياستي متزعليش
صفا ببلاها : ها
فتتسع أبتسامتها من أعتذاره لها ، ليخلع هو سترته ويلقيها جانبا ... الي أن مد بأنامله ليفك بأزرار قميصه الرمادي ... فألتفت فزعاً بجسدها بعدما ادركت انها لا بد ان تخرج من عالم توهانها
صفا : لو احتاجت مني حاجه... ابقي نادي عليا
وخطت بخطوات سريعه الي غرفتها وهي لا تعلم لما كل هذا الأرتباك ، وأبتسمت بأمل وهي تغلق باب حجرتها وصعدت فوق فراشها لتظل فتره تقفز عليه حتي تعبت وهي تحادث نفسها : احمد طلع زي مراد زين ، لا لا احمد هو الحقيقه .. مراد زين خيال وبس
وتتسطح بجسدها المتعب وهي حالمه بعالمها الجديد
.............................................................
أغلق باب غرفتهم خلفه بقوه ، لتفزع هي من غضبه هذا ، وظلت واقفه امامه تنتظر كلماته اللاذعه التي تقتل روحها كل يوم .. الي ان اقترب منها بجمود
جاسر : انتي بتشتكيني لعمتي ياجنه ، فكراني عيل
وامسك ذراعيها بقوه ، وظل يحركها كالثور قائلا : بتقوليلها مافيش اي حاجه حصلت بينا واني مبدكيش حقوقك
لتصرخ جنه من سماع تلك الكلمات بصدمه ، وظلت دموعها تهطل بقوه حتي قالت بألم وهي تراه يطالعها بشهوه
جنه : ابدا والله ، انا مقولتش حاجه
ليميل علي احد أذنيها قائلا بوحشيه : لو عايزه قولي
فيرتجف جسدها من كلماته المجهوله ، حتي عاد يهمس في اذنيها بكلمات جعلتها تدفعه بقوة عنها قائله : انت حيوان ،حيوان
وما ان كانت منه سوا صفعه ، قد انفجرت دماء شفتيها من أثرها ، فرفعت بوجهها وهي تتحامل علي نفسها من قوة صفعته
جنه : ومريض ومعقد وظالم ومعندكش رحمه ، انا بكرهك بكرهك .. روح طلع عقدك علي اللي خانتك مش عليا انا
وكانت اخر كلماتها كالصدمه اليه ، فأقترب منها بقوه ووحشيه .. وجذبها من حجابها ليسقط ارضا ويظهر شعرها لاول مره اليه ، فرغم مكوثهم في نفس الحجره الا انها دائما ترتدي كامل ثيابها من عبائة وحجاب حتي في النوم
فيجذبها منه قائلا : عرفتي منين
وكأنها قد اصابت ما يشعره بعجزه
فهزت رأسها نافيه مما تجهله حقا ، فهي قد نطقت بأخر كلماتها وهي لاتظن صدقها فكانت كلمة لا اكثر ..
فزاد في جذبها اكثر من خصلات شعرها ، حتي بدأت تبكي بضعف .. الي ان نطقت : معرفش حاجه ، انت اللي خلتني اعرف الحقيقه وظلت تتأوه بضعف الي ان سقطت بين ذراعيه وهي تنطق بأخر كلمه : ارحمني ، ارحمني
............................................................
كانت كالملاك تجلس وسط اطفال الدار تلاعبهم بحنو ، فكل يوم بعد ان تنتهي من دوام وظيفتها في احد المصالح الحكوميه ، تأتي الي مهمتها الثانيه وهي إسعاد هؤلاء من قد حرموا من والديهم ..لتضحك وسطهم ناسية أحزانها ، واستهزاء البعض بها دوما لانها قد اقتربت علي اتمام الثلاثون من عمرها دون ان تتزوج ... ولكن هنا وفي ذلك المكان تشعر وكأنها تملك العالم كله
لتسمع صوت مديرة الدار قائله : ربنا يباركلك ياحياه يابنتي ، وافرح بيكي يارب مع واحد ابن حلال يستاهلك
فتبتسم حياه من دعوة تلك السيده الطيبه ،ونهضت من وسط اطفالها كما تُسميهم .. واتجهت ناحيتها قائله بتسأل : جهزتي الدعوات اللي هنبعتها لراجل الاعمال في الحفله ياماما فاتن
فتطالعها فاتن بأمل : ايوه ياحياه يابنتي ، ومدّتهم لها بأيديها قائله : خدي اه شوفي هتوزعيهم ازاي ، وياريت يكون في منهم عنده رحمه ويقبل بدعوتنا
فتسرح حياه وهي تتأمل هؤلاء الاطفال قائلة بأمل : هيجوا ان شاء الله عشان يفوزوا بدعوة ربنا ليهم ، ربنا هو اللي بيدعيهم للخير ... ونظرة الي الاظرف الممسكه بها وتأملت تلك الكلمات التي قد انتقتها بقلبها
(دي دعوه من ربنا ليك ، حاول تفوز بيها )
..............................................................
جلست تطالعه بأرتباك بعد ان دعاها كي تحتسي معه احد المشروبات الساخنه ، ليغلق احمد حاسوبه الشخصي رافعا بفنجان مشروبه الدافئ يتلذذ من رائحته حتي قال : احكيلي عنك ياصفا
ليزداد صمتها ، وهي لا تعلم بما ستقوله له حتي دمعت عيناها لتقول بألم الماضي : مافيش حاجه احكيها
فينتبه احمد لدموعها ، وتأملها بعمق : متأكده
فظلت تحرك برأسها يمينا ويسارا .. الي ان قالت : هو انت ليه بتاخد المسكن ده
ليقف هو من جلسته ، ويطالعها بفتور : ده من الماضي
فلم يكن عقلها بقادر ان يستعب ما يتفوه به من ألغاز الي ان قال اخيرا : مش لازم الماضي يكون فيه بس اوحعنا النفسيه وهمومنا ، ما ممكن يكون فيه برضوه اوجاع تانيه .. وانا وجعي بيفكرني بالماضي
وتنهد بحراره قائلا : ديه اصابه حصلتلي زمان في رجلي ، وفي كل شهر من السنه لازم ألمه يفتكرني .. ثم ضحك بمراره قائلا : او بالأصح ان اللي بفتكره
ونطق اخيرا قائلا : بكره في حفله تبع الشركه ، ووجودك .. لتقف كلمته الاخيره في حلقه حتي قال : مهم ، فممكن ياصفا تقبلي دعوتي
لتغمض هي عيناها بألم ، من رفضه اليها بأن يعتبرها زوجته حتي لو نطق بأسمها فقط
الي ان تحدثت اخيرا بعد أنتبهت لنظراته حتي قالت بداعبه تخفي أحزانها : ياسلام من عنيا ، حد يطول يمشي مع القمر
لتكون ضحكات احمد هي الاسبق من ضحكاتها ليقول : شكلك مرحه اووي ياصفا ، واقترب منها بخطي بسيطه ليربط علي وجنتيها التي قد ارتجفت من لمسته
أحمد : وجودك معايا بقي شئ مُسلي
ولا يعلم بأنها قد اتخذت ذلك الدور كي تقترب من حلمها .. الذي ظنته يوما بأنه سراب
......................................................................................
أخذ يقلب في الملفات الموضوعه امامه بضيق ، الي ان صرخ في سكرتيرته الواقفه امامه : فين ورق الصفقه الجديده ياهاله
لتبتلع هاله ريقها بصعوبه خوفا من بطشه الي ان قالت : صدقني ياعامر بيه انا ادتهولك امبارح
ليجلس عامر علي كرسي مكتب بضيق متذكرا حقا بأنها قد اعطاته له امس ، وانه قد اخذه معه للبيت كي يدرسه بتركيز .. فرفع بوجهه قائلا : خلي عم نصر السواق يروح يجبهولي من القصر
لتهرول سكرتيرته سريعا من امامه وهي حامدة الله بأنه قد تذكر أين قد ضيعه ....
فيتذكر هو حديث اكرم امس اليه عندما بدء يسعل من شرب سجائره : شكلك كبرت يابوس وعجزت
لتقف الكلمه في حلقه ، وهو يبعث في الاوراق التي امامه بشرود ، حتي لفت نظره احد الاظرف
ليرفع احد حاجبيه وهو يتأمله ، وكاد ان يلقي به في سلة القمامه الي ان قرر ان يفتحه ... ليطالعه بسخريه قائلا : دعوه، هو انا فاضي للكلام ده
وقبل ان يلقيه جانبا وقع ببصره علي تلك العباره المسطره ببساطه
(دي دعوه من ربنا ليك ، حاول تفوز بيها
لتسمع صوت أحدهم وهو يجذبها من طرف ثوبها السفلي ، فتنحني بجسدها كي ترفعه قائله بحب : أدم حبيب عمتو ، صحيت ليه ياحبيبي
فيقبلها الصغير علي احد خديها قائلا وهي يحتضن عنقها بأيديه الصغيره : مبعرفش أنام غير في حضنك أنتي
فتضمه حياه الي أحضانها وهي تداعب خصلات شعره الناعمه ، ثم تقبله قبلة حانية قائله : طب يلا بينا يابطل عشان ننام
فيبتسم الصغير قائلا : هو انتي أتأخرتي ليه النهارده ياعمتو
لتضعه حياه علي فراشها المتهالك ، متأملة أبناء أخيها المسطح منهم علي الفراش الاخر الذي تضمه تلك الحجره الضيقه ، وبعضهم مسطح علي أرضية الغرفه فوق احد المراتب الباليه وترفع أحدهما قائله : قوم ياعلي انت وحسن ناموا علي السرير
فينهضوا الصغار بعد أن داعبوا أعينهم من سلطان النوم عليهم ، وتسطحوا علي الفراش بفرحه الي ان ذهبوا في ثبات عميق
ليرتمي الصغير في أحضانها بعدما تسطحوا علي ارضيه الحجره قائلا وهو يقبلها : احكيلي حدودة كل يوم بقي ياعمتو
وفي ناحية أخري من هذا البيت القديم ، كانت أحداهن تبث السموم في أذن زوجها قائله : هنفضل لحد أمتا يارجب نستحملها ، انا تعبت بقي نفسي احس اني ست البيت ده لوحدي ، وتابعت بحديثها المريض قائله : انا ذنبي ايه ان اختك المعنسه ديه تفضل عايشه معايا
لينفث رجب دخان سيجارته المحشيه بالحشيش قائلا وهو يتمهل في أخراج دخانها : كفايه بقي وجع دماغ ياسناء هو انتي مبتزهقيش ، وهفكرك تاني لولا شغل حياه أختي ومساعدتها لينا في المصاريف كان زمانا بنشحت ، وكمان انتي ناسيه ان ليها نصيب في البيت زيها زي
فتتأفف تلك القابعه برأسها علي صدر زوجها العاري قائله وهي تداعب وجهه بأناملها : يا رجب وافق تجوزها لمسعد اخويا
ليزيحها رجب بقسوه عنه قائلا : اجوزها لمين ياختي ، لمسعد اخوكي تاجر المخدرات .. نامي ياسناء بدل ما يطلعش عليكي صبح
...............................................................
كانوا جميعهم يضحكون الا هي ، تتماسك امامهم كي لا تبكي من حديث اروي وما يزيده اكثر حديث ابنة خالتها اللاذع ، فأروي تستطيع ان تتحملها وتلتمس لها العذر فهي وحيدة اخويها ويتيمه فقد فقدت والدتها منذ الصغر .. ولكن تلك الأفعي لماذا تأتي كل يوم الي بيت العائله ، لتلعن قرار هذا الظالم في أمرها بأن تذهب الي بيت والده كل يوم صباحا ...
لتسمع صوت عمتها وهي تناديها قائله : تعالي ياجنه انا عايزاكي ياحببتي
فتسرع جنه في الخطي نحو عمتها ، هاربه من نظرات السخريه من زوجة أخو زوجها وابن عمها فاخر ، وأروي وعلي رأسهم أفعتهم الكبيره ابنة خالتهم واخت هدي أيضا زوجة فاخر .. يا الله عيله مكتمله وهي الوحيده العاله عليهم
كل هذا كانت تتمتم هي به بين طيات نفسها، الي أن أستقروا في غرفة عمتها لتضمها منيره اليها قائله : انا حاسه بيكي ياجنه ، وشايفه معاملة جاسر ليكي .. بس جاسر مينفعش معاه الضعف لازم تبقي أقوي ، اتمردي عليه يابنت اخوي وانا معاكي
لتنظر اليها جنه قائله بأسي : بس جاسر بيعاملني كويس ياعمتي ، ده مافيش منه
لتطالعها منيره بغرابه قائله : انتي متأكده يابنت اخوي ، ولا بتداري عني .. وربطت علي أحد كتفيها قائلة بحب : بنت اصول ياجنه ، وابن اخوي في يوم من الايام هيحمد ربنا انك بقيتي مرته
جنه : هي مين مرام ديه ياعمتي
لتخفض منيره بوجهها أرضا وهي تتذكر الماضي قائله : سيبي الماضي في حاله يابنت أخوي ، وبكره كل حاجه هتنكشف ليكي .. المهم حربي في معركتك كويس عشان تنتصري ، وبلاش تبقي ضعيفه خليكي ذكيه
واشارت منيره علي عقلها وهي تضحك ، وتابعت بحديثها قائله : عايزه اشوف ذكاء الست فيكي
وتذكرت أمر الأفعي التي تجلس خارجا قائله بضيق : أروي طيبه هتقدري تكسبيها بسهوله ، ومرات فاخر والد اخوي هي بس محموقه عشان جاسر مرضيش يتجوز اختها .. بس هابله ويقدر يضحك عليها . بس خدي بالك من اللي حاطه عنيها علي جوزك وعايزه تفوز بيه
لتغمض جنه عينيها بأرهاق من كثرة ما يدور حولها من خبث ووجع ، فيكفي انها تعيش في بيت واحد مع ذلك المعقد السليط .. وكادت ان تتكلم لتجده يردف الي حجرة عمته دون ان ينتبه اليها
جاسر : قالولي انك في اوضتك ، قولت اجي اخد البركه منك ودعواتك .. وانحني بجسده الرجولي الذي ترتجف منه البدن خوفا، فهو يحمل قدرا كبيرا من الرجوله والوسامه الصعيديه .. ليرفع وجهه ليري نظرات جنه تتأمله فضحك ساخرا وهو يعلم بتلك النظرات فهي لا تكون الا نظرات إعجاب وانبهار
لتتحدث منيرة قائله وهي تطالع نظراتهم : مافيش كلمه حلوه هتقولها لمرتك
فيبتسم جاسر قائلا ببرود وهو يغير مجري الحديث : النهارده حجزتلك تذاكر العمره انتي وبابا وكمان حجزتلك في فندق بيطل علي الكعبه علطول
ليتهلل اسارير منيرة قائله : فرحتني ياولد اخوي ياغالي ، ربي ما يحرمني منك
فتزداد دقات تلك الواقفه بينهم وهي تتأمل ذلك الرجل الذي يطغي حنينه علي الكثير الا هي
فيعلق نظره عليها بقوه ، حتي قال اخيرا : يلا ياجنه عشان نروح
...........................................................
ارتجفت صفا من مشاهده في هذه الحاله وهي تراه يصعد سُلم المنزل بتعب ، فركضت نحوه قائله : انت تعبان صح
ليطالعها احمد بألم وهو يحرك قدماه بصعوبه ، فألم فخذيه مازال يتعبه .. حتي ان من كثرة ألمه عليه يزداد صداع رأسه
احمد بهدوء : ممكن ياصفا تروحي تجبيلي علبة المسكن من فوق
لتنظر اليها صفا بفزع وتركض الي حجرته ليقع بصرها لاول مره علي تفاصيل حجرته ذات اللون الاسود في متعلقاتها ورغم ذلك فكل شئ يلمع بهدوء كصاحبه ، ولكن سريعا ما تذكرته ، فأخذت العلبه الوحيده التي تتوسط تلك المنضده الصغيره .. وهبطت سريعا وهي قلقه عليه
صفا : يييييه ،نسيت المايه
ورغم تعبه الا انه ابتسم علي رد فعلها، لتأتي اليه لاهثه وهي تمد يدها بكوب الماء
صفا : اتفضل
ليطالع احمد يدها الثانية الممسكه بعلبة الدواء قائلا ببتسامه شاحبه : طب اديني الدوا ، ولا هشرب المايه كده
فترتبك تلك التائه من قربه ، ومّدت يدها بعلبة الدواء
قائله: اه اسفه !
ليبتلع احمد تلك الحبه قائلا بشكر : شكرا اووي ياصفا
صفا : طب يلا علي اوضتك عشان ترتاح ، وامسكت بيده بعفويه قائله : هات ايدك عشان اساعدك
ثم داعبته بحديثها : ما انا مش هقدر اشيلك
ليضحك احمد علي حديثها قائلا ، وهو يصعد درجات السُلم القليله : حابسه نفسك ليه علطول في اوضتك ، لسا زعلانه مني
فأبتعد ت صفا عنه متذكره ، يوم ان أتت وقد صدمها بأمر عرضه ،فهي قد اتت اليه كي تحقق حلمها فيه وليس من اجل الحصول علي اموال منه
ليخرجها احمد من شرودها قائلا : اسف ياستي متزعليش
صفا ببلاها : ها
فتتسع أبتسامتها من أعتذاره لها ، ليخلع هو سترته ويلقيها جانبا ... الي أن مد بأنامله ليفك بأزرار قميصه الرمادي ... فألتفت فزعاً بجسدها بعدما ادركت انها لا بد ان تخرج من عالم توهانها
صفا : لو احتاجت مني حاجه... ابقي نادي عليا
وخطت بخطوات سريعه الي غرفتها وهي لا تعلم لما كل هذا الأرتباك ، وأبتسمت بأمل وهي تغلق باب حجرتها وصعدت فوق فراشها لتظل فتره تقفز عليه حتي تعبت وهي تحادث نفسها : احمد طلع زي مراد زين ، لا لا احمد هو الحقيقه .. مراد زين خيال وبس
وتتسطح بجسدها المتعب وهي حالمه بعالمها الجديد
.............................................................
أغلق باب غرفتهم خلفه بقوه ، لتفزع هي من غضبه هذا ، وظلت واقفه امامه تنتظر كلماته اللاذعه التي تقتل روحها كل يوم .. الي ان اقترب منها بجمود
جاسر : انتي بتشتكيني لعمتي ياجنه ، فكراني عيل
وامسك ذراعيها بقوه ، وظل يحركها كالثور قائلا : بتقوليلها مافيش اي حاجه حصلت بينا واني مبدكيش حقوقك
لتصرخ جنه من سماع تلك الكلمات بصدمه ، وظلت دموعها تهطل بقوه حتي قالت بألم وهي تراه يطالعها بشهوه
جنه : ابدا والله ، انا مقولتش حاجه
ليميل علي احد أذنيها قائلا بوحشيه : لو عايزه قولي
فيرتجف جسدها من كلماته المجهوله ، حتي عاد يهمس في اذنيها بكلمات جعلتها تدفعه بقوة عنها قائله : انت حيوان ،حيوان
وما ان كانت منه سوا صفعه ، قد انفجرت دماء شفتيها من أثرها ، فرفعت بوجهها وهي تتحامل علي نفسها من قوة صفعته
جنه : ومريض ومعقد وظالم ومعندكش رحمه ، انا بكرهك بكرهك .. روح طلع عقدك علي اللي خانتك مش عليا انا
وكانت اخر كلماتها كالصدمه اليه ، فأقترب منها بقوه ووحشيه .. وجذبها من حجابها ليسقط ارضا ويظهر شعرها لاول مره اليه ، فرغم مكوثهم في نفس الحجره الا انها دائما ترتدي كامل ثيابها من عبائة وحجاب حتي في النوم
فيجذبها منه قائلا : عرفتي منين
وكأنها قد اصابت ما يشعره بعجزه
فهزت رأسها نافيه مما تجهله حقا ، فهي قد نطقت بأخر كلماتها وهي لاتظن صدقها فكانت كلمة لا اكثر ..
فزاد في جذبها اكثر من خصلات شعرها ، حتي بدأت تبكي بضعف .. الي ان نطقت : معرفش حاجه ، انت اللي خلتني اعرف الحقيقه وظلت تتأوه بضعف الي ان سقطت بين ذراعيه وهي تنطق بأخر كلمه : ارحمني ، ارحمني
............................................................
كانت كالملاك تجلس وسط اطفال الدار تلاعبهم بحنو ، فكل يوم بعد ان تنتهي من دوام وظيفتها في احد المصالح الحكوميه ، تأتي الي مهمتها الثانيه وهي إسعاد هؤلاء من قد حرموا من والديهم ..لتضحك وسطهم ناسية أحزانها ، واستهزاء البعض بها دوما لانها قد اقتربت علي اتمام الثلاثون من عمرها دون ان تتزوج ... ولكن هنا وفي ذلك المكان تشعر وكأنها تملك العالم كله
لتسمع صوت مديرة الدار قائله : ربنا يباركلك ياحياه يابنتي ، وافرح بيكي يارب مع واحد ابن حلال يستاهلك
فتبتسم حياه من دعوة تلك السيده الطيبه ،ونهضت من وسط اطفالها كما تُسميهم .. واتجهت ناحيتها قائله بتسأل : جهزتي الدعوات اللي هنبعتها لراجل الاعمال في الحفله ياماما فاتن
فتطالعها فاتن بأمل : ايوه ياحياه يابنتي ، ومدّتهم لها بأيديها قائله : خدي اه شوفي هتوزعيهم ازاي ، وياريت يكون في منهم عنده رحمه ويقبل بدعوتنا
فتسرح حياه وهي تتأمل هؤلاء الاطفال قائلة بأمل : هيجوا ان شاء الله عشان يفوزوا بدعوة ربنا ليهم ، ربنا هو اللي بيدعيهم للخير ... ونظرة الي الاظرف الممسكه بها وتأملت تلك الكلمات التي قد انتقتها بقلبها
(دي دعوه من ربنا ليك ، حاول تفوز بيها )
..............................................................
جلست تطالعه بأرتباك بعد ان دعاها كي تحتسي معه احد المشروبات الساخنه ، ليغلق احمد حاسوبه الشخصي رافعا بفنجان مشروبه الدافئ يتلذذ من رائحته حتي قال : احكيلي عنك ياصفا
ليزداد صمتها ، وهي لا تعلم بما ستقوله له حتي دمعت عيناها لتقول بألم الماضي : مافيش حاجه احكيها
فينتبه احمد لدموعها ، وتأملها بعمق : متأكده
فظلت تحرك برأسها يمينا ويسارا .. الي ان قالت : هو انت ليه بتاخد المسكن ده
ليقف هو من جلسته ، ويطالعها بفتور : ده من الماضي
فلم يكن عقلها بقادر ان يستعب ما يتفوه به من ألغاز الي ان قال اخيرا : مش لازم الماضي يكون فيه بس اوحعنا النفسيه وهمومنا ، ما ممكن يكون فيه برضوه اوجاع تانيه .. وانا وجعي بيفكرني بالماضي
وتنهد بحراره قائلا : ديه اصابه حصلتلي زمان في رجلي ، وفي كل شهر من السنه لازم ألمه يفتكرني .. ثم ضحك بمراره قائلا : او بالأصح ان اللي بفتكره
ونطق اخيرا قائلا : بكره في حفله تبع الشركه ، ووجودك .. لتقف كلمته الاخيره في حلقه حتي قال : مهم ، فممكن ياصفا تقبلي دعوتي
لتغمض هي عيناها بألم ، من رفضه اليها بأن يعتبرها زوجته حتي لو نطق بأسمها فقط
الي ان تحدثت اخيرا بعد أنتبهت لنظراته حتي قالت بداعبه تخفي أحزانها : ياسلام من عنيا ، حد يطول يمشي مع القمر
لتكون ضحكات احمد هي الاسبق من ضحكاتها ليقول : شكلك مرحه اووي ياصفا ، واقترب منها بخطي بسيطه ليربط علي وجنتيها التي قد ارتجفت من لمسته
أحمد : وجودك معايا بقي شئ مُسلي
ولا يعلم بأنها قد اتخذت ذلك الدور كي تقترب من حلمها .. الذي ظنته يوما بأنه سراب
......................................................................................
أخذ يقلب في الملفات الموضوعه امامه بضيق ، الي ان صرخ في سكرتيرته الواقفه امامه : فين ورق الصفقه الجديده ياهاله
لتبتلع هاله ريقها بصعوبه خوفا من بطشه الي ان قالت : صدقني ياعامر بيه انا ادتهولك امبارح
ليجلس عامر علي كرسي مكتب بضيق متذكرا حقا بأنها قد اعطاته له امس ، وانه قد اخذه معه للبيت كي يدرسه بتركيز .. فرفع بوجهه قائلا : خلي عم نصر السواق يروح يجبهولي من القصر
لتهرول سكرتيرته سريعا من امامه وهي حامدة الله بأنه قد تذكر أين قد ضيعه ....
فيتذكر هو حديث اكرم امس اليه عندما بدء يسعل من شرب سجائره : شكلك كبرت يابوس وعجزت
لتقف الكلمه في حلقه ، وهو يبعث في الاوراق التي امامه بشرود ، حتي لفت نظره احد الاظرف
ليرفع احد حاجبيه وهو يتأمله ، وكاد ان يلقي به في سلة القمامه الي ان قرر ان يفتحه ... ليطالعه بسخريه قائلا : دعوه، هو انا فاضي للكلام ده
وقبل ان يلقيه جانبا وقع ببصره علي تلك العباره المسطره ببساطه
(دي دعوه من ربنا ليك ، حاول تفوز بيها