رواية جوازة نت الفصل الحادي عشر 11 بقلم مني لطفي

 


رواية جوازة نت الفصل الحادي عشر

منة حبيبتي، ما ينفعش كدا، 3 ايام لا أكل ولا شرب، مامتك هتتجنن، وباباكي كل ما يسأل احمد يقوله خليها هي تقول، وسيف آخر مرة كلم أخوكي قاله لو مش هتردي على تليفوناته هييجي لغاية هنا لولا احمد هدده وقاله ان عمي ميعرفش حاجه لا هو ولا طنط ، ولو عرفوا من سابع المستحيلات انك ترجعي له تاني !!،،
نظرت منة الى ايناس والتي جاءتها بصينية الطعام كما كل يوم لتعود بها كما هي، أشاحت منة بوجهها قائلة بابتسامة حزن:
- ماليش نفس يا ايناس، مش سهل اللي حصل دا، انا حاسة انى في كابوس ، كابوس يا ايناس ،..... ثم نظرت اليها قائلة بابتسامة ممتنة:
- ربنا يخليكي يا ايناس انا عارفة انى تعباكي معايا، كفاية هَـنا وفرح انا سايباهم خالص وانت اللي واخده بالك منهم...
ايناس بعتب:
- اخص عليكي يا منة، هَـنا وفرح دول بناتي...زي مرام بالظبط، ما تتصوريش هما فرحانين ببعض قد إيه، هي فرح حبيبتي اللي احيانا الاقيها مسكتة ولما أسالها تقولي زعلانه علشان بابا ، حاسة انها لسه زعلانه من احمد، مع انه حاول يفهمها انه ما كانش قصده وانه صالح باباها، لكن البنت حساسة اوي، خصوصا ان سيف مش بييجي..
منة بأسى:
- لسه الحزن جاي يا ايناس، بس لازم يتعودوا على كدا، انا مش همنعهم انه يشوفوه، مهما كان دا أبوهم ، لكن حاليا أفضل انهم يتعودوا انه مش هيكون موجود معهم باستمرار زي الأول..، عموما هيتعودوا.. هما لسه صغيرين..
ايناس وهى تنظر اليها بتساؤل:
- وانت هتتعودي على غيابه؟!...
منة بابتسامة أسف صغيرة:
- هتعود يا ايناس، لازم هتعود...
ايناس بتردد:
- منة كنت عاوزة أسألك ومحرجة!..
منة باهتمام:
- لا اسألي يا ايناس، انت اختي حبيبتي...
ايناس بتلعثم طفيف:
- معقولة يا منة الوقت دا كله ما اخدتيش بالك ان سيف متغيّر او انه مثلا بيقعد وقت طويل ع النت؟!..
منة بابتسامة ساخرة:
- اخدت بالي طبعا، بس سيف كان بالنسبة لي فوق مستوى الشبهات، عمري ما كنت أتصور انه يطلع زي الرجالة اللي بنقرا عنهم وماليين #الفيس !!..
اعتدلت في جلستها ناظرة الى ايناس متابعة بحزن غيّم على ملامح وجهها وعينين فقدتا بريقهما:
- عارفة يا ايناس، لما كانت أي واحده اسمعها تقول ان لازم الزوجة تفتش ورا جوزها وتاخد بالها منه ما تبقاش نايمة على ودانها كنت بضحك واقول ايه هتشتغل شارلوك هولمز يعني؟!، وبعدين ايه العيشة اللي كلها شك وغيرة دي ، ما كنتش أعرف انى أنا من الستات اللي نايمة على ودانها وان الموضوع مش موضوع تخوين أكتر من انك تاخدي بالك علشان تلحقي جوزك قبل فوات الأوان خصوصا انه فيه ستات على هيئة شيطان زي اللي اتلم عليها دي...
لم تعلِّق ايناس وتركتها تُخرج ما بجعبتها، فقد شعرت أن منة كانت كأنها تتحدث مع نفسها ولكن بصوت مسموع، تابعت منة بنظرة خاوية:
- لما... لما لاحظت اننا ابتدينا نبعد عن بعض، هو علشان الشغل وانا علشان البنات ، حاولت اننى أكسر البرود اللي في حياتنا، يعني مثلا يوم اجازته كنت أخلي البنات يناموا وافضل سهرانه مستنياه، ولأني عارفة انه صابح أجازة فكنت بحاول على قد ما اقدر اننا نسهر مع بعض ، أنا فاكرة في مرة نزلت صبغت شعري واشتريت قميص لانجيري جديد ، وقعدت استنيته ، تخيلي لما جِه وشافني عمل ايه؟؟.....
نظرت اليها ايناس بتساؤل في حين تابعت منة بابتسامة سخرية:
- قالي ايه الجمال دا، روحت حضرت له العشا، وقعدت جنبه اتعشى ، معلهش يا ايناس اسمحي لي يعني ، لما جوزك يكون راجل في عنفوان شبابه ومراته ست جميلة وبيحبها وبقالهم فترة بعيد عن بعض المفروض لما يشوفها كدا يحصل ايه؟..
نظرت اليها ايناس واجابت بتلقائية:
- اكيد مش هيفوّت الليلة كدا،... ثم ضحكت متابعة:
- هيعملوا ليلة دخلة من اول وجديد !!..
نظرت اليها منة قائلة بجمود:
- بس مش دا اللي حصل!، اللي حصل انه باسني وقاللي معلهش يا منون انا جاي تعبان ، تصبحي على خير حبيبتي!!..
فتحت ايناس عينيها على وسعهما شاهقة بدهشة وقالت:
- ايه!، وانت عملت ايه يا منة؟..
منة بحسرة:
- هعمل ايه يعني؟، بوسته وغطيته ولُمت نفسي إني محسيتش بيه أنه جاي تعبان ، ونمت عادي!!، مش بقولك طلعت مش بس نايمة على وداني لا وبشخّر كمان.....، عارفة يا ايناس اليومين اللي فاتوا دول كنت براجع فيهم كل السنين اللي مرّت عليا انا وهوّ، ( كانت تتحاشى ذكر اسمه فإسمه كفيل بجعلها تشعر بوجع عميق وألم دفين لا تستطع احتماله ).....اكتشفت انى فعلا كنت مغفلة ومع سبق الاصرار والترصد، بس عذري اني حبيته أوي، وآمنت له أوي أوي وعمري ما تصورت انه ممكن في يوم يحصل حاجه زي كدا !!...
احتضنتها ايناس وهى تقول مواسية:
- معلهش يا منة، غُمّة وهتزول ان شاء الله، انا بجد مش عارفة اقولك ايه، بس لازم طنط وعمو يعرفوا، لازم تقوليلهم...
منة وقد بدأ شعور بالدوار يلفّها وهي تحاول مغالبته:
- هقولهم يا ايناس،بس مش دلوقتي... لما أهدى الأول علشان اعرف أتكلم معهم...
قطبت ايناس ملاحظة منة وهي تضع يدها على جبهتها وقد زاغت عيناها، سألت ايناس بخوف:
- منة مالك؟، أجابت منة بصوت ضعيف متقطع :
- مش.. مش عارفة.. يا ايناس، حاسة اني هبطانه، ممـ...ممكن تجيبلي ماية بسكر؟!!،،
هرعت ايناس الى الخارج وهى تقول:
- ثوان حبيبتي...
لم تغب ايناس أكثر من دقيقة لتعود فتُفاجأ بمنة وقد أرتمت فوق الفراش، تقدمت منها وهى تناديها ولكن ما من مستجيب ، وضعت كوب الماء جانبا وأمسكت رأس منة وربتت على وجنتيها وهى تناجي بخوف:
- منة..، منة حبيبتي فوقي ، منة ....و ولكن منة استحالت في يدها الى قطعة باردة من الرخام ، مما جعلها تهرع الى الخارج وهي تصرخ منادية زوجها أحمد...
**************************************************
- ما تقلقش يا استاذ عبدالعظيم، كل الموضوع ان الضغط عندها واطي أوي ، وبعدين أنا ملاحظ علامات سوء تغذيه عليها، واضح انها مش بتاكل كويس،.. عموما المحاليل اللي انا ركبتهالها دي هتخليها تبقى كويسة ان شاء الله، اهم حاجه تتغذى كويس وترتاح وتبعد عن أي انفعالات...، ربنا يطمنكم عليها ان شاءالله...
أومأ عبدالعظيم برأسه قائلا وهو يرافق جارهم الطبيب الذي سارعوا للاستنجاد به ما ان وقعت منة مغشيًّا عليها:
- ربنا يستر يا دكتور حامد، معلهش تعبناك معانا....
نفى الطبيب حامد الرجل الأربعيني العمر بهزة من رأسه:
- ازاي تقول كدا؟، دا الجيران لبعضها بردو، عموما أنا تحت أمركم أي حاجه كلمني بس وانا مسافة السلم أكون عندكم، انت عارف شقتي فوقكم على طول!!...
غادر الطبيب تصحبه دعوات عواطف التي سارعت بالدخول لابنتها فيما غادر أحمد الذي كان يلازمها لدى معاينة الطبيب لها ، قال احمد لعواطف :
- انا هروح أجيب العلاج اللي الدكتور قال عليه يا ماما، وعاوز أحلى أكل من ايديكي علشان الهانم لما تفوق أنا اللي هأكلها بنفسي !!...
عاد احمد بالعلاج الذي وصفه الطبيب ، ودخل ليطمئن على منة فوجدها لا تزال نائمة يرافقها أمه بينما ذهبت ايناس بالاطفال الى الحديقة المجاورة كي لا يصابوا بالقلق لدى رؤيتهم لمنة وهي ترقد مريضة !!....
نادى عبدالعظيم احمد:
- احمد، تعالى عاوزك..
علم أحمد أنه قد حان الوقت للافصاح عمّا حدث بين شقيقته وزوجها...
ما إن أغلق أحمد بابا غرفة الجلوس خلفه حتى وقف والده امامه آمرا اياه بمنتهى الصرامة والحزم:
- حالا... تقولي ايه اللي حصل بين أختك وجوزها، انا كنت ساكت الاول ومش عاوز أدخل بقول مهما كان البيوت اسرار، ومنة أنا عارف دماغها، لكن الموضوع يوصل انها كانت ممكن تروح من ايدينا، يبقى لأ... لازم أعرف كل حاجه وبالتفصيل!..
نظر أحمد الى ولده وزفر عاليا وهو يقول بلهجة التسليم بالأمر الواقع:
- أنا هقول لحضرتك على كل حاجه !!....
-----------------------------------------------------
احترم أحمد صمت والده الذي تحدث بعد برهة زمنية قصيرة قائلا بصوت خرج أجشّا رغما عنه، حزنا على صغيرته:
- كلّمه يا أحمد، عاوز أشوفه !!...
عقدت الدهشة لسان أحمد لثوان قبل ان يفيق من ذهوله ويتحدث بحيرة:
- نعم؟، عاوز تشوفه يا حاج؟، الموضوع خِلص خلاص ومافيهوش فصال!!..
نظر عبدالعظيم لإبنه بنظرة متألمة وصوت طغى الحزن على نبراته:
- أختك معاها بنتين منه يا احمد، والبنات بيحبوه ومتعلقين بيه اوي، واختك نفسها... مش شايف حالتها ازاي؟، دي مش حالة واحده بايعه!!..
ليفاجئهم صوت ضعيف ولكن بثقة:
- واحدة ضايعه بعد الصدمة اللي خدتها يا بابا !!...
نظر كلا من عبدالعظيم واحمد بدهشة الى مصدر الصوت لتفاجئا بمنة وهى تقف مستندة الى ذراع كلا من والدتها وايناس، قام احمد من فوره وأجلسها بجانب والدها الذي احتواها بين ذراعيه مربتا عليها بحنان الابوة، بينما أطلقت هي لدموعها العنان ولم تستطع أمها كتم بكائها بينما اكتفت ايناس بالوقوف جانبا وعينيها يغشاهما الدمع....
قال عبدالعظيم بمنطق الأب الحاني الحكيم:
- ليه يا منة خبِّيتي علينا؟...
منة من بين شهقات دموعها:
- ما كنتش قادرة أتكلم يا بابا، سيف... سيف قتلني يا بابا قتلني!!...
وتفاجأ الجميع بمن يقول بصوت أشبه بالعويل:
- لو قتلتك يبقى قتلت روحي وانا مش ممكن أقتل روحي يا منة!!....
نظر الجميع الى هذا النمر الجريح الذي اندفع الى الداخل بعد أن فتحت له هنا ابنته فأشار اليها بالصمت ودعاها للحاق بأخوتها بينما تتبع هو صوت الجميع الذي قاده الى غرفة الجلوس ليصطدم سمعه بعبارة منة التي كانت كالسهم الذي نفذ الى صدره!!...
شهقت منة وهى ترفع رأسها من فوق صدر والدها الحامي هاتفة بعدم تصديق:
- سيف !!....
فمن كان يقف أمامها لم يكن هو أبدا سيفها، حبيبها، ووالد بناتها،.... لقد كان شبحا....يثير الذعر لمن يراه !!...
كانت لحيته قد استطالت فلم يشذبها منذ تركته منة كعادته، وكانت ثيابه مجعدة وكأنه لم يبدلها منذ وقت طويل، واحاطت بعينيه هالات سوداء وأصبحت وجنتيه غائرتيْن داخل وجهه، ولكن ما لمسها حتى العمق تلك النظرة الضائعة التي اعتلت ملامحه!..
اقترب سيف منها وتحدث الى والدها بينما عيناه طفقا يشبعا جوعهما الى ملامح معشوقتهما بنهم شديد:
- أنا جيت لغاية عندك يا عمي، أي حاجه تطلبها منة أنا موافق عليها ... بس أرجوك يا عمي خليها ترجع معايا، أنا مش طايق البيت من غيرها هي والبنات، حياتي كلها اتلخبطت من غيرهم..
نظرت اليه منة بغضب تأجج ما ان سمعت صوته، وقد ذهب شعور الشفقة الذي داهمها حياله ما إن وقع نظرها عليه أدراج الريّاح !!....،بينما تحدثت عواطف بغيظ واضح:
- إنت ليك عين كمان....، ليقاطعها صوت والدها الجهوري قائلا بصرامة:
- أم منة....، صمتت عواطف على مضض في حين أكمل عبدالعظيم بحزم:
- عواطف...خدي بنتك وادخلوا جوّه !!....
قامت منة بمساعدة والدتها يساندها احمد الذي تركها لتتلقفها ايناس وغادرن الغرفة بينما يلاحقها سيف بنظرات مشتتة كاد يركض اليها ما ان سارت بمحاذاته مغادرة، يكاد يُجنّ من فرط شوقه إليها....، قاطع صوت عبدالعظيم استرسال افكاره ونظراته الملاحقة لطيف محبوبتها بلا هوادة، قال عبدالعظيم بجدية وهو يشير الى أحد المقاعد:
- اتفضل يا سيف، اقعد علشان نعرف نتكلم..
جلس سيف بينما اعتلى وجهه تعبير لهفة واضحة وما ان استقر عبدتاعظيم في مقعده أمامه حتى هتف :
- انا عارف إني غلطت، ومستعد لأي ترضية تطلوبها، بس متحرمونيش من مراتي وبناتي !!،،،
تقدم أحمد الذي كان يقف على بعد خطوات قليلة منه وتحدث بصوت مكتوم غيظا وغضبا:
- انت بتستعبط؟، هو اللي انت عملته شوية؟!...
قاطع صوت عبدالعظيم الجهوري ابنه:
- احمد، بهدوء علشان نعرف نتفاهم!،.... ثم عاود النظر الى سيف متابعا بحسم:
- ايوة يا سيف، انا سامعك...و انت معترف بغلطك وعاوز مراتك وبناتك صح؟؟؟،،
ليجيبه سيف بلهفة واضحة:
- آه، أكيد..،أنا مقدرش أعيش من غيرهم ثانية واحده، الايام اللي فاتت دي كانت سنين بالنسبة لي، ولولا اني حبيت منة تهدى الأول كنت جيت وراها من اول دقيقة...
عبدالعظيم ببرود وهو يطالعه بنظرة أسى:
- للأسف يا سيف...، غلطتك مش بسيطة، دا لو سميناها غلطة!، لأنها مش غلطة يا سيف...دي جريمة في حق نفسك ومراتك وبناتك ، وفي حق ربك قبل أي حاجه...، ومن غير كُتر كلام.. بنتي مش هتوافق وأنا مش هضغط عليها، اللي حصل مش خناقه عادية سمعتها كلمتين ولا حتى رفعت ايدك عليها .. لا يا سيف الموضوع أخطر وأكبر من كدا بكتير...
سيف وقد بدأ تماسكه الواهن يتزعزع:
- يعني ايه؟، قصد حضرتك ايه؟...
عبدالعظيم وهو يقف انهاءا للنقاش:
- علشان اكون صريح معاك يا سيف، مش من مصلحتك انك تسألني دلوقتي قصدي ايه!، لأني لو عليا هقولك مالكش لا.. زوجة ولا.. بنات عندي، أمشي دلوقتي يا سيف، بس أنا مش هقدر أوعدك بحاجة!!..
وقف سيف ناظرا اليه بخوف حاول اخفائه بينما فضحه نبرات صوته المهزوز:
- يعني همشي من غيرهم؟،.... نظر اليه محاولا التماسك وهو يتابع:
- أنا همشي، بس قبل ما أمشي عاوز حضرتك تعرف حاجه مهمة أوي أنا غلطت واعترفت بغلطي، ومستعد لأي حاجه إلّا إني أبعد عن مراتي وبناتي ، أنا هرجع تاني، والمرة الجاية يا ريت نقدر نتفاهم أحسن من كدا، أنا مقدر طبعا غضبكم علشان منة، لكن ربنا غفور رحيم، وانا غلطت وتُبت وندمت...و ياريت حضرتك تبلغ منة رسالتي... أنا متمسك بيها هي وبناتي طول ما أنا عايش، ومهما حصل عمري ما هسمح أنهم يبعدوا عني سنتيمتر واحد......، عن اذنكم....
وانصرف تاركا احمد ينظر في أثره بحقد بالغ بينما يتابعه عبدالعظيم بنظرات خيبة الأمل والأسف !!....
- بعدين يا عبده، هنسيب البنت كدا؟، زفر عبدالعظيم بيأس ونظر الى زوجته التي لحقته الى غرفتهما تاركة منة في عهدة إيناس، نظر اليها بحزن وقال وهو يهز برأسه بأسى:
- هتبقى كويسة ان شاء الله، منة قوية يا عواطف، وعقلها كبير، بس لازم نسيبها تهدى شوية، اللي عمله جوزها مش بسيط ولا سهل ...
عواطف بغضب:
- أنا مش مصدقة ان سيف يطلع منه كدا، مصدقتش نفسي وايناس بتحكيلي بعد ما سبناكم، الا صحيح هو قالك ايه يا عبده؟..
أجاب عبدالعظيم:
- مش مهم اللي قاله، اللي قاله انا متوقعه، سيف مش هيفرّط في مراته وبناته، المهم هو هيعمل إيه علشان منة تقدر تسامحه؟!!، المهم مش عاوزك تفتحي معاها كلام خالص دلوقتي، انت شايفه البنت اعصابها مش مستحمله، انا عموما بفكر أننا نسافر نغيّر جو في أي حتة، اجازة نص السنة خلاص كم يوم وتبتدي، وفرصة احمد موجود أهو ايناس تلهيها شوية ...
أشادت عواطف قائلة:
- تسلم افكارك يا عبده، فعلا لما تغيّر جو انا متأكده انها هتبقى أحسن ان شاء الله...
أمّن عبدالعظيم قائلا:
- ان شاء الله يا عواطف، ان شاء الله.....
---------------------------------------------------------
كانت ايناس جالسة بجانب منة في غرفة الجلوس بعد أن استعادت منة قواها أخيرا ، وكان قد مرّ على قدوم سيف يومين، كان خلالها يهاتف والدها للاطمئنان منه عليها وعلى بناته، فلم يكن أحمد ليجيب اتصالاته، وأراد سيف أن يترك لمنة مساحة كافية للهدوء والتفكير في أمرهما مليًّا، وإن لم يكف عن ارسال رسائل #حب وشوق ملتهبة تجعلها تبتسم حينا وتبكي أحيانا !!....
صوت رنين جرس الهاتف قاطع الحديث الدائر بين ايناس ومنة لتجيب ايناس وبعد ثوان لاحظت منة لون ايناس الذي شحب فجأة وسمعتها تشهق هاتفة بذهول:
- ايه؟، انتي بتقولي يا سحر؟، انتي متأكده؟، ...أمتى الكلام دا حصل؟.....، أنصتت قليلا لتنهي المكالمة ودموعها تنهمر تغسل وجهها، قامت منة متجهة اليها وهي تسألها في خوف وترقّب:
- فيه ايه يا ايناس؟، سحر قالت لك ايه خلّاكي كدا؟...
تكلمت ايناس بصوت متقطع من بين شهقات بكائها الحار:
- نشوى، نشوى يا منة.....و هتفت منة وقد تلفت أعصابها:
- مالها نشوى يا ايناس؟...
لتجيب ايناس بنواح:
- نشوى.. نشوى اتـ....اتقتلت!، سحر بتقولي أن...جوزها قتلها!!..
لتصرخ منة هاتفة بذهول:
- إييييييه!!!....
********************************************
- "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضيّة فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي" – صدق الله العظيم... الفااااااتحة.....
أنهى الشيخ تلاوته، وقام المعزّون بتعزية والد نشوى الذي يقف يتلقى عزاء وحيدته التي لم تكمل عامها الثلاثون بعد، في خيمة العزاء التي نُصبت في حديقة القصر لتلقي العزاء في وحيدته، بينما جلسن النسوة مع والدتها داخل القصر ....
تقدمت منة وايناس برفقة سحر للسلام على والدة صديقتهم وتقديم العزاء، كانت دريّة والدة نشوى كالضائعه، نظراتها تائهة، كانت تتمتم بكلمات غير مفهومة ، تحدثت منة بصوت خفيض مليء بالحزن:
- البقاء لله يا طنط، ربنا يرحمها رحمة واسعة يارب، ان شاء الله شهيدة....
رفعت درية عينيها الى منة التي واصلت:
- أنا منة يا طنط صاحبة نشوى الله يرحمها، نشوى كانت أكتر من أخت بالنسبة لي ....
وقفت الام بمساعدة سيدة تجلس بجوارها وقالت ودموعها تهطل مغرقة وجهها الخالي من مساحيق التجميل لأول مرة مما وشى بعمرها الحقيقي، بينما شفتاها ترتجف بقوة ، تناولت منة يدها لتسندها وسمعتها تقول بصوت متقطع:
- انت منة؟، كانت دايما تجيب سيرتك بكل خير، كانت.. لسه فاكراك قبل ما تموت بأيام، قالت لي منة بس هي اللي بتفهمني...
اجابت احدى النساء الجالسات بجوارها يتابعن الحوار:
- حسبي الله ونعم الوكيل فيه، ربنا مش هيسيبه، أهوم مسكوه وان شاء الله هياخد اعدام المجرم!، يقتل مراته وهي نايمه... منه لله، ربنا ينتقم منه !!...
صرخت درية قائلة:
- أنا اللي قتلتها قبله !!،،،،
صّعقت منة وتبادلت النظرات مع ايناس وسحر وقالت محاولة التخفيف عن هذه الأم الثكلى:
- ما تقوليش كدا يا طنط، نشوى الله يرحمها كانت بتحبكم أوي..
لتتابع درية وكأن منة لم تتكلم:
- جاتلي قبل ما يحصل اللي حصل بيومين بتشتكي لي انها مش قادرة تستحمل خصوصا بعد.. بعد ما اتجنن خالص واتهمها انها عاوزة تموّته، ما كانش باين قودامنا خالص انه مش طبيعي، ابوها زعق لها وقالها انها واحده مستهترة ومش قد مسؤولية بيت وجواز، وامبارح بس عرفت انها حامل، حبيبتي كانت طايرة من الفرح، وقالت لي هتحاول معاه انه يتعالج علشان خاطر ابنهم أو بنتهم اللي جاية في السكة، بس..... بس مالحقتش، لما قالت له انها حامل كدّبها واتهمها انها عاوزة تخلص منه وتحطه في مستشفى المجانين، و خلّاها نايمة وخنقها بالمخدة!!، هو دلوقتي في مستشفى الامراض العقلية، وانا... انا خسرت بنتي...خسرتها ... انا اللي لازم يعدموني مش هو...انا وابوها السبب، آآآآآآآآه يا بنتي......، حاولت منة أسكاتها ولكنها كانت هي الاخرى تذرف دموعا غزيرة حزنا على نشوى التي ذهبنت ضحية اهمال الاهل و العنكبوت المسمّى بالانترنت !!، وكيف لا ومدحت قاتلها كان زوجها الذي تعرفت عليه من خلال هذه التكنولوجيا المتطورة التي جعلت ما كان صعبا أو مستحيل سهلا و... يسير!!...
**********************************************
- منة حبيبتي انت مش عاجباني، من يوم ما رجعت من عزا صاحبتك الله يرحمها وانت قافلة على نفسك، بقولك ايه قومي غيّري هدومك وتعالي معايا انا وايناس هناخد العيال وننزل نشتري شوية حاجات ليهم لزوم المصيف....
اجابت منة والدتها :
- معلهش يا ماما، سيبوني أنا، انا تعبانه مش هقدر ألف معاكم، روحوا انتو وما تشيليش همّي أنا هنام شوية ...
عواطف توصيها بنفسها:
- طيب، بس لو اتأخرنا عندك أم محمود خليها تحضر لك الغدا، احمد وبابا انهرده مش هيتغدوا معانا كل واحد في شغله، وانا وايناس احتمال نفوت ع النادي بعد ما نخلص مشاويرنا، انا عموما وصّيت أم محمود وانت عارفاها مش هتعرفي تخلصي منها...
رنين متواصل لجرس الباب جعل منة تقوم من فراشها وهي تتساءل ترى من القام، واين أم محمود؟، لتتذكر أن أم محمود أخبرتها أنها ستذهب لابتياع بعض اللوازم من السوق...
اتجهت منة لترى من الطارق وقد تناولت وشاحا وضعته على شعرها كيفما اتفق فظهرت بعض الخصلات لم تنتبه اليها... تمتمت منة في سرها أنه لا بد ان الطارق زياد ابن جارتها هدى والذي دأب على القدوم للعب مع ابنتيْها، فتحت الباب وهى تقول بابتسامة :
- ايه يا زياد؟، لتبتر عبارتها شاهقة بذهول هى تتراجع بضعة خطوات الى الداخل بينما أمسك القادم بمقبض الباب ليغلقه خلفه جيدا فيما تقدم اليها وهو يتحدث بتساؤل وغضب خفي:
- يا ترى مين زياد دا يا مُنايا؟، هتفت منة غير مصدقة عينيها:
- سيـ... سيف!!،إنت.......، لم يمهلها سيف لتكمل كلامها اذ امتدت يديه لتجذبها بقوة فارتطمت رأسها بعضلات صدره القوية ، وما ان تأوهت ألما ورفعت رأسها لتصرخ به حتى سارع بالتقاط شفتيها في قبلة ضارية أودعها كل شوقه وحبّه و...غيرته !!!....
تركها سيف بعد مدة طويلة ليلتقطا أنفاسهما المحبوسة، اعتصرها بين ذراعيه بقوة حتى أنه كاد يقسم أنه سمع صوت ضلوعها وهي تئز من قوة ضمّته ، وتحدث بصوت لاهث من بين خصلات شعرها التي أسند ذقنه فوقها:
- وحشتيني، وحشتيني أوي أوي ،...
انتبهت منة الى وضعها بين ذراعيه فحاولت الفكاك منه وهى تقول بينما قبضتيها الصغيرتين تضربان صدره:
- ابعد عني يا سيف، انت اكيد اتجننت ابعد...
قاطعها بكلمة وحيدة حاسمة، صارمة، قويّة:
- أبداً...، ليميل برأسها بعد ذلك محتويّا إياها في عناق طويل، كان كالذي كاد يموت عطشا وما إن وجد واحة ماء عذبة رقراقة حتى طفق ينهل منها كي يروي ظمئه ولكن ظمأ سيف لمنة أبدا...... لا يُرتوى !!....

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-