رواية ولادة من جديد الفصل العاشر10 بقلم مجهول


 

رواية ولادة من جديد الفصل العاشر بقلم مجهول

 الإجهاض هو السبيل الوحيد


بعد فترة طويلة، تنهدت فايزة داخلياً. إن ابقاء الحقيقة عنه سيمنع أي مواقف محرجة، علاوة على ذلك، يمكننا أن نعتبر علاقتنا بأنها صفقة يستفيد منها الطرفين.
عند تلك الفكرة، دفعت حسام بعيداً عنها، وكان قد مال عليها بشكل غير مريح لها. "لست أنت بكل تأكيد."
ثم قطب حاجبيه عندما سمع ذلك: "ما الذي تعنيه بذلك؟ هل هناك شخص آخر يعرفك أكثر مني؟ من هو؟" لم يلاحظ مدى اضطرابه بسبب كلماتها.
من ناحية أخرى، لم تنطق فايزة بكلمة.        وعندما رأى حسام كم تتجاهله، أمسك بكتفيها، وسألها بشيء من الشراسة: "هل هو رجل أم امرأة؟"
بدأ يضغط عليها ضغطاً زائداً، ما جعلها ترفع حاجبيها وتدفعه بعيداً عنها. "هذا مؤلم. لا تلمسني."
بعد ذلك، تراجع حسام قليلاً عن الضغط عليها، لكنه لم يتوقف عن مضايقة فايزة. "إن كنت لا تريدينني أن ألمسك، فلتكوني صادقة معي. من يعرفك أفضل مني؟ وماذا عن ذلك التقرير؟"
استجابت لاستجوابه المتواصل، وردت قائلة: "لا أحد. أنا من يفهم نفسي بالشكل الأفضل. لا تعر كلامي الكثير من الاهتمام، حسناً؟ بالاضافة إلى ذلك، لا أعرف عن أي تقرير تتحدث، هل هو تقرير من الشركة أو من مكان آخر؟ إذا كنت تريد اجابة مني، يجب أن تكون واضحاً في ذلك، أليس كذلك؟"
بادرت بالتعبير عن شكوكها، مما جعل عيناه تضيق. هناك شيء مريب في تصرفاتها.
"ادعت الخادمة أنها وجدت قطعة من الورق الممزق أثناء التقاط القمامة."
قطعة من الورق الممزق؟ هل التقرير هو قطعة الورق الممزقة هذه؟
ثم التقت عيناي فايزة بعيني حسام في هدوء وثقة: "أي تقرير؟ أين هو؟"
"كان ممزقاً وتم العثور عليه في الغرفة. أليس لك؟"
‏"قطعة من الورق الممزق؟ نعم، إنه لي." وبعد ذلك، تجنبت نظره، وأعادت انتباهها إلى الكمبيوتر المحمول. "هذا التقرير الذي حصلت عليه من المستشفى. ما الخطب في ذلك؟"
فجأة، ركز نظره عليها: "أي نوع من التقرير هذا؟"
ظلت فايزة ثابتة وأجابت: "تقرير الفحص الدوري الخاص بي، هل هناك مشكلة في ذلك؟"
إلا أن اجابتها أثارت تهكم حسام. "هل تعتقدين أنك يمكنك خداعي؟ لماذا تمزقين التقرير؟" كانت نبرته صارمة وهو يطرح السؤال. وفجأة، أطبق على معصمها وأخذ يوخزها: "هل تخفين شيئاً عني؟ أي نوع من التقرير هو؟"
ثم استنتج أن تصرفها الغريب لا بد وأن له علاقة بالتقرير.
مع ممارسته المزيد من الضغط عليها، قطبت بين حاجبيها وهي تشرح برفق: "لم أمزقه عن عمد. كان التقرير مبتلاً بسبب الأمطار، ولم أعد قادرة على قراءة كلماته. لذلك ألقيت به في القمامة."
"ولماذا، إذاً، اضطررتي لتمزيقه قبل أن تلقي به في القمامة؟" كان حسام لا يزال يتفكر في الأمر. فمن الواضح أنه سيستمر في مضايقة فايزة إذا لم تتمكن من اقناعه بعذر مقبول.
ثم، عندما نظرت في عينيه، لاحظت مدى قتامتها وكآبتها. وبعد أن تنهدت، قالت: "هل فكرت أنه ربما لم أقم أنا بتمزيقه؟"
"ماذا؟"
‏"كانت الأمطار غزيرة في ذلك اليوم، وعندما اخرجت التقرير، كان قد تشرب المياه بالفعل، وكانت بعض قطع الورق قد التصقت بملابسي. لم أتمكن سوى من نزعها واحدة تلو الأخرى."
ذهل حسام لتصريح فايزة، وقد بدأ يتخيل المشهد المحتمل.
كانت الأمطار تهطل بغزارة حتى أنها ابتلت تماماً، لذلك كان من الطبيعي أن يتشرب الورق الماء. لم يكن لديها خيار سوى أن ترميه في سلة الغسيل مع بقية ملابسها المتسخة. ولكن عندما جاءت الخادمات لتنظيفها، كان الورق قد جف، وبدا ممزقاً.
بعد تفكير متأن، قرر أن كلماتها لا يشوبها شائبة.
شعرت فايزة بقوة الضغط على كتفيها تتراخى، وافترضت أن حسام قد اقتنع بكلامها. وعلى الرغم من شعورها بالارتياح، إلا أنها قررت أن تضع كل شيء على المحك لتبدد أي شكوك متبقية لديه حول حملها. وبهذه الفكرة، نظرت إليه وقالت بحذر: "لماذا كل هذا الهلع؟ هل أنت قلق بأنه كان تقرير حمل؟"
كان في البدء ينوي نفي ذلك، ولكن عند سماعه لسؤالها الأخير، شعر أن صدره ينقبض. وعندما نظر إليها، حاول كبت انفعالاته.
دفعتها نظرته تلك على رفع حاجبيها: "ما المقصود بهذا التعبير الذي على وجهك؟ هل أنت خائف من أن حملي قد يؤثر على علاقتك مع رهف؟"
ضاقت عين ا حسام شكاً وسأل: "هل أنت حامل؟"
هزت فايزة كتفيها: "كلا. وإلا كنت قد اعطيتك التقرير لتراه. أعتقد أنك، باعتبارنا أصدقاء طفولة، سوف تعوضني بمبلغ عادل إذا ما ذهبت إلى عملية اجهاض، أليس كذلك؟"
إلا أن لهجتها اللامبالية، وموقفها غير المكترث، جعلا التعبير على وجهه يتبدل قليلاً.
"ماذا تقولين؟ هل ستخضعين لعملية اجهاض؟"
من ناحية أخرى، جعلت جملته الأخيرة قلبها يقفز طرباً.
"أتحدث بشكل افتراضي فقط."
وكأن حسام كان يحاول معاكسة فايزة، فسألها: "وماذا لو لم يكن افتراضياً؟" ‏
عبست قليلاً: "ماذا تقصد لو لم يكن افتراضياً؟"
ثم ضاقت عيناه وهو ينظر إليها، تحمل عيونه السوداء مشاعر غير مفهومة. "فلنفترض أنك حامل. هل كنت ستخضعين لعملية إجهاض؟"
أومأت لا إرادياً، وخفضت رأسها: "نعم، ربما."
ومع ذلك، لم تلاحظ تحول تعبيرات وجهه إلى الوجوم عندما نطقت باجابتها.
شعر حسام بالغضب من لامبالاة فايزة، وشعر بشيء ما يزبد في صدره وهو يقع فريسة لقلق مطبق.
واستطردت فايزة: "ما الذي سيحدث لك ولرهف إذا لم أجهض الطفل؟"
ماذا سيحدث لي ولرهف؟ كان سؤالها كما لو أنه تلقى دلواً من الماء المثلج على رأسه، مما جعله يستفيق من غيبوبته وائلعيد توازنه.
كانت هذه المرأة التي أمامه ذات بشرة فاتحة، وشفايف حمراء زاهية، وكانت ملامحها دقيقة الأبعاد رقيقة، حتى دون وضعها للمكياج. كان مظهرها آسراً لدرجة يصعب معه أن ترفع عينيك عنها ولو للحظة.
بعد لحظة من ملاحظة فايزة، خفى حسام أية عواطف من عينيه، وقام واقفاً، وكان قد هدأ. واقترح بصوت بارد اختلف تماماً عما سبق: "لا داعي لذهابك إلى الشركة اليوم. خذي قسطاً وافياً من الراحة."
وسرعان ما استدار وخرج من الغرفة ووجهه يحمل تعبيراً بارداً.
نعم، كانت على حق. فحتى لو أنها حملت يوماً ما، ستضطر لإجهاض الطفل. لا يمكنني ببساطة أن أخذل رهف، ولن أفعل أبداً.
كان حسام في ذلك الوقت قد تعثر، وسقط في النهر. كان تدفق تيار المياه من الشدة، لدرجة أن حتى الشخص الذي يجيد السباحة، ما كان ليتمكن من النجاة من الموت، ناهيك عن القفز لانقاذ الآخرين.
كان يواجه صعوبات في التنفس بعد أن ابتلع عدة جرعات من مياه النهر، وشعر بأطرافه ثقيلة، وكان على وشك فقدان وعيه. وعندما كان على وشك الاستسلام، رأى هيئة نحيلة تغوص بتهور، وتسبح نحوه بسرعة كبيرة. للأسف، فقد وعيه قبل أن تصل إليه.
لاحقاً، استيقظ ليجد نفسه في المستشفى، ولم يعلم إلا حينئذ أن رهف قد أصيبت أثناء انقاذه. بل أن حتى يديها تعرضت للجروح من الحجارة التى في قاع النهر. عندما قام بزيارتها، كانت تجلس على حافة السرير بوجه شاحب، والضمادات تلف حول جرحها المعالج. وعندما رأته، قفزت عن سريرها، وترنحت نحوه لتسأله إن كان بخير.
منذ ذلك الحين، كان حسام مصمماً على معاملة رهف معاملة حسنة. وسيجعلها زوجة له طالما كانت راضية بالزواج منه. فحيث أنها قد خاطرت بحياتها من أجله، كان واجب عليه أن يرد لها الجميل.

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-