رواية الصندوق الفصل السابع بقلم الهام عبده
كانت عيناه تلمعان و نظراته تود قول الكثير من الكلام لكنه ينتظر و عندما قالت إنها اشتاقت و لو بشكل عام تأمل كثيراً و رأي أنها قد تكون إشارة القبول ..
في الصفحة التالية هناك رسمة تشبة تماما اللوحة المعلقة علي الحائط و لكن هنا فارق واحد، الرسمة التي بداخل الكتاب عليها إمضاء بحرفين هما E.M
لمن هذين الحرفين فهما بالتأكيد ليس لسالم أو ل كاريمان، نظرا مباشرةً للصفحة المقابلة فوجدا سالم قد أحضر صديقه ايفان مانويل و هو صديق فرنسي جاء من بلده منذ عامين و يعمل طبيبا و هوايته الرسم، هو يعمل في المشفي بعد أن انتقل من القاهرة و أعجبه الهدوء و نقاء المكان فاستقر به، أحضره سالم خصيصاً ليرسم صورة ل كاريمان كي يترك داخلها بصمة رقيقة تسعدها
كانت كاريمان تعرف الفرنسية بينما كان إيفان يتحدث العربية لكن بصعوبة قليلا و قد تعلمها من وجوده في مصر عن طريق الاستماع، كانت الجلسه مرحة و اختلطت فيها اللغتين ف تارة تحدثا بالعربية و تارة أخري بالفرنسية بينما كان سالم هو الصامت الأكبر في تلك الجلسة يستمع إلي ما يقال و مع كل جملة بالفرنسية لم يفهمها كان يرتشف من الشاي بثقة و دون اكتراث...
بدأت جلسة الرسم فجلست كاريمان كما هو بالصورة و عندما علم إيفان انها تحب القراءة احضر لها أحد الكتب ذو الصفحات الفارغة و هو الكتاب الذي كان بين يدي يوسف و يقرأ منه حكايتها، في تلك اللحظة قدمه لها و قال
إيفان: يمكنكِ كتابة يومياتك به أو قد ترسمين به إذا اردتي
كاريمان : شكرا إيفان.. إنه لطف كبير منك
كان إيفان يمتلك روح فنان فقد توقف ثانيةً قبل أن يبدأ بالرسم و غادر إلي الخارج دون أن يقول شيئاً ثم أتي بعد قليل و في يده باقة زهور وردية صغيرة و هي التي كانت في اللوحة، أعطاها لها و طلب أن تمسكها ليبدأ الرسم
هنا نظر علاء للوحة التي خلفهما قليلا و لاحظ أن الورد في اللوحة ملقي ع فستان الأميرة بينما في الصفحة فهي تمسكه بين يديها ... هل تلك اللوحة تختلف عن اللوحة التي رسمها إيفان؟؟
رد يوسف علي علاء قائلا : ربما ...
أكملا قراءة الكتاب حيث انتهي إيفان من رسم اللوحة و تناول الجميع طعام الغداء ثم ذهبوا لأخذ القيلولة و هنا دار حديث بين بسمة الوصيفة و كاريمان ...
بسمة : سيدتي .. هل تتذكرين ما قلناه ذلك اليوم ؟
كاريمان : أي يوم ؟
بسمة : يوم وجدنا الصقر الجريح ؟
كاريمان : نعم .. أتذكر ... ماذا تريدين أن تقولي ؟
بسمة : أردت فقط أن أسأل ... هل وجدتي حب حياتك أم حتي الآن لا ؟؟
ابتسمت كاريمان و قالت : و لم اخترت اليوم خصيصاً لتسألي ؟؟
بسمة : مما رأيت يا سيدتي .. الرجل ملئ بالمحبة، يلاطفك و يحضر من يرسم لكِ رسمة، يشير في كل فرصة إلي رغبته ف أن تكونا معاً
كاريمان : نعم .. و أنا أري ذلك جيداً و لكن ... هل أقبل برأيك؟؟
بسمة : بالطبع يا سيدي .. فلولا أنني أعلم مكاني جيداً و أنه ابعد حتي من احلامي لكنت تمنيته، رجل قوي و ثري و نبيل و لطيف .. إنه نصيب جميل يا سيدتي
كاريمان : امممممم .. احضري لي الأوراق، سأبعث رسالة لصديقتي فاتن
_______________________________________
في الصباح استيقظ سالم في كامل نشاطه و ارتدي ثيابه في بهاء و هو لا يكاد ينتظر حتي يراها علي طعام الإفطار فقد اعتاد رؤية وجهها و التحدث معها و مراقبة ردود أفعالها، تأخرت قليلا فذهب ليقف قليلا بالخارج امام البيت فرأي رسالة يحملها أحد الخدام ليبعثها فسأله فعرف أنها مرسلة للمنصورة...
أخذها بين يديه و رأي خطها عليه، ابتسم و تخيل أنها تحكي لصديقتها عنه، ربما هي مضطربة أو متوترة من قربهما و ربما تشرح مشاعرها، شعر برغبة قوية في فتح الخطاب و قراءته لكنه لا يريد أن يتعدي علي خصوصيتها و لكن بعد إلحاح كبير من رغبته برر لنفسه الأمر أنه فقط يريد معرفة مشاعرها نحوه ليأخذ خطوة للأمام
دخل سريعا لمكان الخيل بعد أن أشار للخادم بالانتظار، جلس علي كومة التبن و فتح الرسالة برفق و لهفة
كان الكلام في البداية عادياً من صديقة لصديقتها لكن سطرين اثنين جعلا عينيه اللتين كانتا تلمعان بالحب قد غطي لمعانها الغيم، ضغط ع الرسالة بلدية حتي جعلها ك كرة ورق صغيرة جدا ثم ألقاها في معلف الخيول، ظل يدور و يلف في المكان كالمجذوب لا يعرف كيف سيتصرف و تلك الجملتين يرنان في عقله و كأنما سمعهما منها
" ذلك الرجل، سالم يلوح بحبه لي و انا في داخلي أشعر كأنما هو من البحر و انا من البر، هو قوي لكنه قبلي يبدو و كأنه شيخ القبيلة، يعاملني بلطف لكنني لا استطيع ان أتخطي رائحته التي تفوح بين الحين و الآخر، رائحة الإبل و الحيوانات .. رجل لا يناسبني و أشعر بالغرابة لتصوره أننا معاً ... لا أدري ماذا أفعل و كيف أتصرف يا فاتن .. ساعديني "