رواية نعيمي وجحيمها الفصل السادس 6 بقلم أمل نصر





رواية نعيمي وجحيمها الفصل السادس 6 بقلم أمل نصر



مع ارتفاع الاصوات وازدياد وتيرة حدتها، اقتربت صفية اكثر من الغرفة الصاخبة بشجارهم، حتى أصبحت تقف ملتصقة بإطار باب الغرفة، تشاهد مايحدث صامتة، في ظل انشغال الجميع عنها.

- هي دي بقى تربيتك يارقية اللي فرحانة بيها، البت بتهب في وش أبوها من غير خيشا ولا حيا.


هتف بها محروس غاضبًا بأعين حمراء لم تهابها زهرة التي كانت تقف مقابله بالند، بشراسة نادرًا ماتصدر منها، حينما يصل غضبها لأشده وهي الاَن تشعر بأنه قد فاض بها من هذا الرجل المدعو أباها ومن أفعاله، هتفت جدتها ترد عليه: - ومالها بقى ياخويا تربية رقية؟ عشان البت ماهي رافضة الواد ابو بربور بتاعك؛ تبقى مش متربية وبتهب فيك؟


- ابو بربور ابو بربور في ايه ياولية؟ هو انت مخك وقف على شكل الواد وهو صغير، ماتعرفيش انه كبر وبقى راجل وملو هدوموا دلوقتي.

صاح بها محروس على رقية، فجاء الرد من زهرة بتكملة: - وبياع برشام واخلاقه زفت ومتجوز قبلي تلاتة كمان.

- وماله لما يبقى متجوز ومطلق، نقص منه حتة يعني ولا نقص منه حتة، ثم حكاية بيع البرشام دي اشاعات والناس بتطلعها عليه عشان ماهو راجل كسيب وجيبه دايمًا عمران.


رد محروس بتشدق، فقربت منه زهرة رأسها تنظر داخل عيناه بحدة غير مبالية بالحمم المشتعلة بها

- بزمتك ياشيخ انت مصدق كلامك ده؟ ولا انت فاكرني هبلة ونايمة على وداني عشان معرفش فهمي واللي بيعمله، سمعة فهمي مسمعة زي الطبل في الحارة ياوالدي، بالظبط زي سمعتك انت ما مسمعة في الدنيا كلها. ااه.


صرخت بها مجفلة حينما حطت كفه على وجنتها بلطمة قوية دوى صوتها في محيط الغرفة تتبعه صرختها وصرخة صفية من الناحية الأخرى، فخرج صوت رقية بخشونة بعيدة تمامًا من رقتها وحديثها اللطيف دائمًا: - اطلع برة يامحروس بكرامتك احسن، بدل ماافرج عليك الحارة كلها، وان كنت فاكر ان بسفر خالد ابني زهرة هاتبقى لقمة سهلة في ايدك، يبقى انت لسة معرفتناش وعايز تعيد معانا القديم من تاني.


هتف جازًا على أسنانه: - زهرة بنتي يارقية وان كنت سيبتهالكوا زمان فدا مش هايلغي انها بنتي وليا حق عليها.

- حق مين ياابو حق؟ حاول بس تقرب منها وانت تشوف مين يقفلك، ابني قبل مايمشي كان عامل حسابه، حاول بس تلمس شعرة من زهرة ولا تقرب لها، وانا اكون فاتحة القديم والجديد ومودياك في ستين داهية.

- انا خارج دلوقتي وراجع لكوا تاني، ماهو انا مش كروديا ها مش كروديا، اوعي يابت.


صاح بها يدفع صفية بعيدًا عنه ليتخطاها ويخرج مغادرُا، مغمغًا بالكلمات النابية، اقتربت صفية من شقيقتها التي مازالت واضعة كفها على مكان اللطمة، متسمرة محلها، يبدوا انها مازالت لم تستفيق بعد من الصدمة، فقالت مهونة عليها تربت على يداها: - معلش يازهرة، ما انتِ عارفة بابا.

اومأت لها بمرارة وأعين غائمة تأبى البكاء: - عارفاه، وعارفاه قوي لما يحط حاجة في دماغه.


رددت خلفها رقية بتحدي: - يحط ولا مايحطش بابت، انت هايهمك في إيه؟ اعلى مافخيله يركبه!

بفستان اسود التصق بجلدها كجلد ثانى، طوله لم يصل حتى الى الركبة، ليظهر طول سيقانها ونحافتها، كانت عائدة من حفلة حضرتها مع اصدقائها، تتلاعب بمفاتيحها وتدندن بالغناء غير مبالية لأي شئ، غافلة عن اربع عيون كانت تراقبها من وقت ان دلفت للمنزل، وقبل أن تصل للدرج كي تصعد للطابق الذي غرفتها به؛ أجفلت على صيحة قوية من الخلف.


- ميرهان.

استدارت ترد على صاحب الصوت وقد علمت هويته: - نعم ياانكل عايز حاجة؟

ظل صامتًا على هيئته المتحفزة ولم يرد، نزلت عيناها نحو الجالسة بجواره وجدت خالتها تنظر لها بجمود هي الأخرى فقالت مرتبكة: - اا مساء الخير اولًا هو في حاجة؟


واضعة رأسها على اقدام جدتها مستكينة هادئة؛ تتلقى حنان المرأة العجوز وهي تلمس بكفها على شعرها، تلقي على أسماعها الكلمات اللطيفة والمشجعة: - عجبتيني أوي النهاردة لما وقفتي وفي وشه ترفضي الجوازة الزفت دي يازهرة، أيوة كدة ياعين ستك، خليكي قوية زي مابيقولك خالك دايمًا.

- بس ابويا مش هايسكت ياستي.


قالت زهرة بنبرة هادئة، سألتها رقية باستفهام: - يعني هايعمل ايه يعني؟ خليه يوريني شطارته ويشوف بقى ساعتها رد فعلي هايبقى إيه؟

- انا عارفاه ياستي، مش هايعدي الرفض كدة بالساهل، اكيد فهمي اغراه بالكيف بتاعه، ماهو الحماس ده مايجيش من شوية.


صمتت زهرة قليلًا تننهد بثقل، ثم تابعت: - يعني مش كفاية عليه أنه منع عني بسمعته المهببة كل الفرص الكويسة، مش كفاية عليه انه حرم عليا الحلم الطبيعي لأي بنت في الجواز والفرحة؛ وانا عارفة ومتاكدة اني مش هلاقي اللي هايجهزني ولا يرفع راسي قدام اي راجل يتقدملي.

- وخالك بقى راح فين يامقصوفة الرقبة؟


قالت رقية منفعلة وهي تلكزها بقبضتها على كتفها، تأوهت زهرة قليلًا ثم تابعت بجدية: - اه، خالي خالد ربنا يخليهولي ياستي، ضهري وسندي دايمًا، لكن بقى اللي مايشوفش من الغربال يبقى اعمى، هو ضيع جزء كبير اوي من شبابه في تربيتي والصرف عليا، اَن الأوان بقى انه يشوف مصلحتوا ويحوش قرشين يتجوز بيهم الست اللي بيحبها، هو انا يعني هافضل كاتمة على نفسه كدة على طول، دا حتى يبقى حرام.

- قومي يابت من على حجري قوي.


قالت وهي تدفعها بكف يدها بعنف، مما جعل زهرة ترفع عنها رأسها وتعتدل بجذعها لتقابل الغضب العاصف على ملامح جدتها، والتي وجهت اليها كلماتها بحدة: - إياكي اسمعك تاني بتقولي الكلام ده فاهمة، اوعي تفتكري يابت ان خالك سافر عشان يحوش لجوازتوا هو وبس، لا ياحبيبتي؛ خالك حلفلي انه مش راجع من سفره، الا ومعاه تمن جهازك من الألف للياء.

- كمان ياستي، يعني يعول همي حتى في دي؛

مش كفاية عليه الهم اللي هو فيه.


هتفت رقية عليه بحدة: - وانت مالك ياستي، هو على قلبه زي العسل.

صمتت قليلة تخفف حدة حديثها: - ياحبيبتي دا خالك كان بيتقطع من جوا لما كان بيأجل في جوازك مع كل عريس بيتقدملك؛ لو كان بإيده لكان جوزك لأول واحد اتقدملك من وقت ماخلصتي المعهد، لكن بقى كل حاجة نصيب وان شاء الجاي احسن من اللي فات، ولا ايه؟ مش برضك بيقولوا كدة يابت في التليفزيون؟

اومأت لها بابتسامة: - بيقولوا ياستي.


- طب اتخمدي بقى خليني اللعبلك في شعرك مدام فكرتيني بالواد خالد وحركاته معايا.

استسلمت زهرة لمزاح جدتها وهي تجذبها من شعرها لتعود برأسها مرة أخرى بحجر رقية التي هتفت بعد ذلك.

- يالا يابت محروس اللي اقرع انتِ.

- انت بتقولي انا الكلام دا ياانكل؟

سألت بأعين متسعة اظهرت جمال عدساتتها اللاصقة ذات اللون الرمادي على أعيُنها.


صاح عليها عامر بقوة: - ايوة انتِ يا مريهان، انا بنصحك انتِ عشان عليكي الدور الأكبر في الموضوع، يابنتي ماينفعش النظام اللي انتوا عايشين بيه ده، دا ماسموش جواز دا حاجة تانية خالص ملهاش اي تفسير.

- طيب وانا ذنبي ايه؟


هتفت بها تخاطب الاثنان وتابعت: - ابنك هو بِعد عني ياخالتوا، ابنك هو اللي كان بينتقدني ليل ونهار في لبسي وطريقة حياتي من غير تفاهم ياأنكل، وانا كرد فعل عادي بردولوا، امال يعني افضل ساكتالوا لحد مايلغي شخصيته وابقى تابعة ليه.

تدخلت خالتها وتدعى لمياء.


- يابنتي ماحدش قالك ابقى تابعة ليه، احنا بس بنقولك بطلي تتحديه وخففي نبرة التعالي عليه، جاسر الريان مش قليل عشان يتقبل معاملتك دي، ابني مابيجيش بالعند يامريهان.

مطت شفتيها قائلة باستعلاء: - وانا كمان مش أي حد عشان اتقبل وارضى بأسلوبه ده معايا، وكفاية اوي اني جاية على نفسي وقابلة بعيشتي مع واحد مش معتبرني مراته اساسًا.

- ااه، جينا بقى في المفيد واللي عايز افهمه انا بالظبط.


اردف بها عامر وتابع: - هو انتوا من امتى بالظبط عايشين مع بعض بالنظام ده؟ وانتِ ازاي متقبلة كدة ومابتحاوليش معاه.


فغرت فاهها بملامح ممتعضة تستنكر: - نعم، انت عايزني انا احاول؟ وهو بقى دوروا ايه عشان افهم؟ ابنك ياانكل بقالوا سنتين مقربليش، سنتين من تلت سنين جواز، عايشين في بيت واحد، مابنشوفش بعض غير بالصدفة، انا كان ممكن اوافقه في اول مرة طلب مني اننا نتطلق، بس انا بقى عملت بأصلي وموافقتش على طلبه، عشان مقدرة كويس حجم الكوارث اللي هاتترتب في انفاصلنا على المجموعة واندماج العيلتين، وفضلت ساكتة ومابتكلمش.


تنهد عامر بتعب قائلًا: - طب وبعدين ياميري؟ يابنتي احنا جاين مخصوص نقضي اليومين الفاضلين معاكم قبل ما نسافر، نقوم نكتشف الكوارث دي كلها.

اكملت على قوله لمياء: - لا واحنا اللي كنا عاملين حسابنا قبل مانيجي عشان نعرف ايه السبب في تأخير الخلفة؟ هه.


اعتدلت في جلستها لتضع قدمًا فوق الأخرى، وتتكلم بعنجهية: - على العموم ياأنكل، ابنكوا عندكم، كلموه وشوفوا هايقولكم ايه، وانا عن نفسي كبادرة طيبة مني مستعدة اخف الخروجات واتساهل شوية في اللبس عشانه، المهم بقى انه يفهم اني مراته.

تبادل الرجل وزوجته النظراتٍ بينهم والتي تحمل في طياتها الأمل، غافلين عنها وقد التمعت عيناها بالشوق والرغبة لمجرد الفكرة

في اليوم التالي.


في الشركة، وعلى طاولة مستديرة امتلأ سطحها بالملفات والمستندات كان يبحث ويعمل مع مدير اعماله كارم على مجموع الأعمال التي تم انشاؤها والتي مازالت في طور التنفيذ، ومعدل الجدول الزمني المحدد للإنتهاء من لكل واحدة منهم، عاد جاسر بظهره لخلف المقعد، يفرد ذراعيه عاليا وقد تمكن منه الإرهاق: - انا تعبت ياكارم هو احنا لسة قدامنا كتير؟


قال جاسر، واجابه الشاب الثلاثيني بجدية كعادته وهو يبحث في الملفات: - للأسف ياباشا لسة فيه كتير، تحب نأجل شوية ولا نكمل عادي.

- لا نكمل ايه؟ انا فصلت.

هتف بها ونهض على الفور ليخطوا نحو الإريكة الجلدية الكبيرة الموجودة في ركن المكتب ليفرد عليها جسده ويستريح قليلًا، تبعه كارم وهو يلملم في الملفات قائلًا: - تمام ياباشا، تحب اطلبلك حاجة تشربها ولا تأمر بأي حاجة تاني؟


لوح بكفه اليه بعد ان استلقى يغمض عيناه،

- لا انصرف انت دلوقتي، بس نص ساعة كدة وتخلي كاميليا تدخلي بأوراق المناقصة الجديدة، ماتنساس

- أمرك ياباشا.

اردف بها كارم وانصرف يغلق باب المكتب بهدوء.

خرج الى كاميليا التي انتبهت اليه بفطنتها وتجاهلت حديث غادة الجالسة أمامها على المكتب في الناحية الأخرى، اقترب من مكتبها بعملية يضع الملف على سطحه: - نص ساعة ياكاميليا وتدخلي الاوراق للباشا جوا.


اومأت برأسها وهي تتفحصهم جيدًا: - تمام

تحرك قليلًا ثم استدار ممازحًا بابتسامة: - بس اوعي تنسي الله يخليكي، احنا مش قد عواصف غضبه.

نفت تهز برأسها ضاحكة: - لا اطمن ياسيدي، مش هانسى أكيد.

تدخلت غادة التي كانت مزبهلة نحو الرجل بانبهار قائلة بمزاح هي الأخرى: - ايوة صح دا ممكن يعلق الكل هنا ههههه

لم يستجيب كارم لمزاحها وتحرك مغادرًا وكأنه لم يسمع شئ، اما كاميليا فاتجهت لحاسوبها تعمل عليه هي الأخرى.


- يالهوي ياما عالرجالة اللي تهبل ياكاميليا، بتعرفي تجاري الناس دي ازاي؟

التفتت اليه تسألها بانتباه: - اجاريهم في ايه بالظبط مش فاهمة؟

ردت غادة بلهفة: - قصدي يعني بتعرفي تتكلمي وتهزري معاهم، من غير ماتتلبخي ولا تتلغبطي معاهم.

- واتلبخ ولا اتلغبط ليه؟

هتفت بها كاميليا وهي تلتلفت لها بجذعها تخاطبها بجدية.


- انا مابهزرش مع حد منهم يا غادة عشان دا يحصل، انا كل معاملاتي معاهم في حدود العمل وبس، لو زودت معاهم ولا لغيت بيني ومابينهم الحدود، يبقى استاهل بقى اللي يطولني منهم!

نظراتها الحادة وكلماتها القوية لم يخفى مضمونها عن غادة التي تظاهرت بعدم الفهم وغيرت دفة حديثهم: - الا صحيح شوفتي البت زهرة، الكمبيوتر بتاعها باظ تاني وبتقول عليه شغل مهم اوي الخايبة دي.


ردت كاميليا وهي تلتف عائدة للحاسوب مرة اخرى لتعمل عليه: - اه ما انا قولتلها تشوف حد يصلحه بسرعة، اكيد عماد هايعرف دي شغلته اساسًا.

- عماااد! هه

تفوهت بها غادة عاوجة زاوية فمها بسخرية واكملت: - دا ماهيصدق يلاقيها فرصة، عيل لازقة صحيح

زفرت كاميليا بيأس من طريقتها وفضلت عدم التجادل معها.


وبالداخل وهو مستلقي على أريكته، بتعب كان مغمض العينان علٌه يحظى ببعض الراحة قبل أن يعود لأعماله التي لا تنتهي أبدًا، يريد السكينة ولو قليلًا لهذه الماكينات الدائرة بعقله في التفكير المستمر، لاشئ جديد يحدث عن اليوم الذي يسبقه، لا شئ اصبح يفرحه او يعطيه الطاقة في الاستمرار، وما أشبه اليوم بالبارحة، روتين يومي ومعدل من النتائج لابد من الركض والسعي الدائم للوصول اليها، كالثور المعصوبة عيناه يدور في ساقية ولا يشعر بلذة النتائج، يفتقد الفرحة من القلب، يفتقد السعادة التي لا يشعر بها ابدًا، يفتقد الشغف لشئ جميل يخطف لب قلبه فيعيد اليه الحياة بلمسه او القرب منه يفتقد الشعور بمعنى الالوان المفرحة يفتقد الرائحة، رائحة الزهور.


انتفض فجاة يعتدل بجذعه وعقله يتذكرها الاَن بإلحاح، يومان مروا عليه من وقت ان شاكسها بالمصعد وضحك من قلبه على خجلها والرعب الذي اجتاح قلبها منه، مر يومان ودائمًا ماتداعب خياله باللون الوردي و الرائحة الطيبة، مر يومان، ولم يرها!

نهض فجأة بدون تفكير وقدماه تقوده لخارج المكتب،

انتفضت كاميليا برؤيته خارجًا امامها ومعها غادة التي تفاجأت برؤيته ايضًا.

- عايز حاجة ياجاسر بيه؟


هتفت عليه كاميليا تسأله، أومأ لها بكفه دون رد وأكمل سيره للخارج،

- ايه ده؟ هو ماشي ولا ايه؟

سألتها غادة بفضول، فجاوبتها كاميليا بحيرة وعيناها تتبع اثره: - لا طبعًا هايمشي ازاي انتِ كمان كدة بالقميص الأبيض والبنطلون من غير الجاكت؟ بس ده هايكون رايح فين بس؟

غمغمت كاميليا بصوت خفيض لنفسها.

وفي الناحية الأخرى.


بجوار مكتبها الصغير كانت تقف في انتظار اصلاح الحاسوب الذي كاد يفقدها ان عقلها حينما توقف وقت عملها لإحدى الملفات المهمة التي امرها مديرها بسرعة تجهيزها، سألت بقلق: - ها في أمل انه يتصلح دلوقتي ولا هايعك في الوقت؟

رفع راسه اليها عماد بابتسامة واسعة: - انت عايزاه يخلص امتى؟ لو عايزاه دلوقتي، فاانا شغال عليه، ولو عندك صبر، ممكن اخدوا معايا واجيبه بكرة زي الفل.


ردت سريعًا بلهفة: - لا طبعًا دلوقتي ياعماد، انت عايز الأستاذ مرتضى يبهدلني ولا ايه؟

بابتسامة ازدادت اتساعًا قال: - بعد الشر عليكي من البهدلة يازهرة، تصدقي اول مرة اعرف ان اسمي حلو كدة.

كالعادة ازدادت خجلًا وتورت وجنتيها تخفض عيناها عنه دون رد، جعلته يردف بقلبٍ يرفرف بالسعادة: - اقسم بالله نفسي اشكر الكمبيوتر ياشيخة.

- وعايز تشكر ايه تاني كمان؟


أجفل الاثنان على الصوت الخشن الذي دوى بالقرب، على باب الغرفة الواسعة، انتفضت زهرة حينما رأته بهيئته المتجهمة دائمًا يتقدم نحوهم وحاجبيه المقلوبان ازداد تعقدهم بشر.

- ايه اللي بيحصل هنا ده؟

سأل بجمود، أجابه عماد الواقف امامه باحترام: - أبدًا يافندم، دي الاَنسة زهرة الكمبيوتر بتاعها حصل فيه عطل وانا جيت اصلحه.

- اَنسة زهرة! 










غمغم بها بحنق وتابع يسأله: - وانت شغلتك إيه بقى عشان تصلح الكمبيوتر للاَنسة؟


أجابه عماد: - يافندم دي شغلتي هنا في الشركة.

- امممم

اردف بها ينتقل بعيناه نحو زهرة التي جف حلقها من افعال هذا الرجل الغريبة معها، وعماد الذي كان يقف بعدم فهم لما يحدث،

- والكمبيوتر اتصلح ولا لأ؟

سأله جاسر من تحت أسنانه: نفى عماد يهز برأسه: - لا يافندم انا لسة بحاول فيه.

- طلب اخلص اخرج بيه على مكتبك صلحه عندك.


لوح له بإبهامه للخلف اَمرًا، تسمر عماد محله قليلًا بعدم استيعاب فعاد اليه بنبرة اقوى: - بقولك اخلص ياللا خد الكمبيوتر وصلحه عندك.

اذعن مضطرًا عماد يتناول الحاسب وحقيبته ليخرج، خرج صوت زهرة الضعيف بصعوبة من فرط ارتباكها: - ططب انا عايزة الكمبيوتر بسرعة يااعماد عشان الملف اللي قولتلك عليه.

- هايخلصه تصليح ويجيبه.

هدر به بحدة جعلتها تبتلع الباقي من كلماتها: - مش هاتأخر عليكي يازهرة، هاصلحه واجيبه.


هتف بها عماد قبل ان يخرج من الغرفة مغادرًا، فالتفت رأس جاسر بسرعة نحوه ينظر في اثره بملامح متوحشة، حتى عاد اليها بنفس الملامح المخيفة وتقدم بخطواته البطيئة والمريبة نحوها، فجعلها ترتد للخلف حتى التصقت بالحائط خلفها، تتمنى لو يعود اليها عماد او ان تخرج مغادرة هي الأخري، قبل ان يتوقف قلبها من الخوف، سئلها فجأة: - صفته ايه دا عندك؟

قطبت جبهتها ترد باستفسار: - نعم.


هدر بصوت أعلى مائلًا بوجهه نحوها: - بسألك تجاوبي، صفته ايه اللي اسمه عماد دا عندك؟ 

               الفصل السابع من هنا 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-