رواية الصندوق الفصل السادس بقلم الهام عبده
#الصندوق
#السادس
علاء من المطبخ حاملاً طاولة صغيرة وضع عليها عدد من الارغفة المحشوة بالجبن و علي جانبها كوبين من الشاي بالحليب، أيقظ يوسف من غفوته و بدآ يأكلان ثم قال
علاء : الراجل بتاع الجمال ده شكله عينه ع الأميرة ؟
يوسف : آه .. انا حاسس انها هتبقي قصة حب كبيرة
علاء : يعني هي أميرة و بنت حسب و نسب ف تسيب كل معارفها و الناس اللي من وسطها و هتحبه هو ؟؟
يوسف : و ليه لا ؟
علاء : و ليه آه
يوسف وضع اخر لقمة من الرغيف في فمه و رشف رشفه من الكوب ثم امسك بالكتاب مرة أخري ليبدأ الفصل الثاني الذب كان عنوانه " رسالة "
بدأ الفصل برسمة جميلة ل سالم الأسواني ممسكاً بعصاه في قوة و جأش، أظهرت الرسمة لطفاً من بين قسمات وجهه العريضة بالرغم من حدته إلا أنه رجل وسيم علي كل حال ...
أظهرت الأيام الأولي التي عاشتها كاريمان في بيته كم هو رجل كريم، لقد حقق لها كل ما أرادت بداية من إحضار وصيفتها بسمة ثم إعداد أغراضها و ترتيب جناحاً يروق لها، خصص لها عدد من العاملين و المزارعين ليساعدوها و ينفذوا تعليماتها فيما يخص البستان، أحضر طباخاً من بحري مصر ليعد لها الوجبات كما تحب ..
علمت من والدته أنه أرمل و أن زوجته الشابة توفيت فجأة بسبب مرض عضال قضي عليها سريعاً ..
ذات يوم اصطحبها معهم في رحلة نيلية و ظل يشرح لها عن طبيعة المكان، الجزر المحيطة و البحيرة و التماسيح و أشجار الموز و قص لها من مغامراته في الصيد و تجارة الجمال، كانت كاريمان مستمعة جيدة لكنها لم تكن تجاوبه كثيراً ففي الغالب كانت تومأ برأسها او تكتفي بابتسامة رقيقة ربما كانت تحاول استيعاب شخصيته أو تقاوم احساسها بمحاولاته للتقرب منها حتي حين قال
سالم : هل أحببتِ المكان هنا أم الجو حار بالنسبة لك ِ ؟
ابتسمت كاريمان و قالت : نعم هو حار لكن بيننا اتفاق يجب أن أتممه ...
سالم: دوماً تذكرينني أنك كأسيرة هنا فأنظر إلي يداي و كأنما امسك بهما قيودك !!
كاريمان : بل قيدني هنا كرمك و حسن معاملتك فوجب عليّ رد الجميل
سالم : و ان حاولنا وضع كل ذلك جانباً، ألم تألفي المكان و الموجودين به ؟ ألم تخلق الأيام هنا رابطاً بينك و بين المكان ؟؟
كاريمان : المكان جميل و صنع داخلي فارقا سيبقي داخلي دوماً لكنني اشتقت كثيراً لهناك
سالم : هناك .. في قصرك و وسط عائلتك .. أليس كذلك ؟
كاريمان : نعم .. إن لي هنا أكثر من شهرين و قد فعل بي الحنين فعلته اسرع مما توقعت
سالم : ألهذا الحد ؟؟ عندي اقتراح لك .. هل تذهبين في اجازة صغيرة إلي هناك ثم تعودين لتواصلين ما بدأتِ .. ما رأيك ؟؟
كاريمان و قد عمتها الفرحة : معقول ؟!!! أوافق جدا جدا جدا .. متي يمكنني الذهاب ؟؟
سالم : وقتما تريدين يا أميرة فليس أهم من أن تزيلين شوقك و تقابلين أحبابك ثم تعودين لنا
كاريمان : أنت كريم جدا .. شكرا لك كثيراً
________________________________________
عادت كاريمان لقصرها فكأنما روحها عادت لها بعودتها لوالدها و بستانها و أماكنها التي اعتادت عليها، التقت باختها الكبري ثريا و بصديقتها فاتن و عندما قابلت عزيز شكرها كثيرا لتضحيتها و لكنه كان مستمرا في الشجار مع والده من اجل المال و النفقات كعادته ...
أعطاها سالم هدية قبل سفرها " قط صغير " أسمته لبيب لذكائه الشديد، اصطحبته معها في قصرها و اعتادت عليه كثيرا بل انها كلما نظرت اليه تذكرت عودتها المفترضة إلي هناك و التي أجلتها يوما بعد يوم فبالرغم من حسن معاملته الشديد لها و تحقيقه لكل رغباتها لكن رغبتها الداخلية كانت عدم العودة و لكن واجبها كان يحتم عليها أن تعود!!
لم يحدد لها يوما او ميعادا و قد استغلت ذلك اسوأ استغلال إلي أن وصلتها رسالة ذات صباح بخط يده مكتوباً فيها كلمة واحدة " اشتقنا ... "
التقطت فاتن الرسالة و ابتسمت و قالت لها
فاتن : هل تحول اتفاق الأرض إلي اتفاق آخر أم ماذا؟؟
كاريمان و هي تضحك : بالطبع لا ... إنه رجل لطيف و هذه مزحة ليس أكثر .. وجب عليا العودة في أسرع وقت فهناك اتفاق يجب أن انهيه
فاتن : و هذا رأيي أنا أيضاً .. هناك اتفاق سينتهي و آخر سيبدأ
كاريمان : لا تطيلي الأمر فليس هناك أكثر مما قلت
عادت كاريمان ووجدت سالم الأسواني في استقبالها بأعين مترقبة و روحاً شغوفة و قال
سالم : أشرقت الأنوار يا أميرة .. اشتاقت لكِ الديار
كاريمان : و انا اشتقت لها ... و لكم...