رواية الصندوق الفصل الخامس بقلم الهام عبده
#الصندوق
#الخامس
بعد طريق سفر طويل دخلت العربة الكبيرة ذات الخيول إلي أماكن نفوذ ذلك القائد، حقول و اراضي شاسعة و ثروة حيوانية كبيرة متنوعة، منزل كبير لكنه لا يشبه منازل و قصور المدن، يظهر عليه الثراء و الخير الكثير لكن ليس به فن مثل رسم أو نحت أو غيره انه يشبه إلي حد كبير بيوت أهل الصعيد الأغنياء، تحيطه الأرض من كل ناحيه و الحيوانات ترعي و هناك أيضا الدجاج و الحمام و غيرها، ظلت كاريمان تنظر و كأنها في رحلة من رحلات شم النسيم التي كانت تتنزه فيها في حقول القري، رأت أيضا العاملون هنا وهناك فقد كان المكان أشبه بعزبة كبيرة مترامية الأطراف يملكها ذلك الرجل الذين هم بصدد مقابلته...
نزلا من العربة و هناك خادمين كانا في استقبالهما، أخذ واحد منهما العربة و اراح الخيل و الآخر أدخلهما إلي الداخل في قاعة مصممة تصميما عربيا بدويا بوسائد و مساند موضوعة ع الأرض و مكسوة بكسوة صوفية سميكة، جلسا و كاريمان تجول بعينيها ف المكان تتفقد كل ما به بينما والدها كان أهدأ قليلا لأنه كان هنا قبل تلك المرة ...
أقبل خادم جديد حاملا كوبين من الشاي للضيافة و عندما سألته كاريمان : متي سنقابل زعيمكم ؟؟ لم تتلقي رداً لأن الخادم انصرف دون كلمة واحدة ..
نظرت لوالدها سائلة ماذا يحدث هنا ؟ و لماذا لا يظهر أحد فأجاب منصور باشا : لا أعرف و لكننا حتما سنفهم .. المرة الماضية ظللت ساعتين في انتظاره و هذه المرة لا أعلم كم سيطول انتظارنا، ليس علينا سوي الصبر لأن ابننا لديهم ..
أومأت هي برأسها في ملل ثم أمسكت كوب الشاي لتشرب و بعد دقائق أقبل رجل يظهر عليه أنه بقامة عالية في هذا المكان، أشار لهما في هدوء ناحية السلم و قال : السيد خرج في عمل قصير و سيعود خلال ساعات و سوف نستضيفكم في غرفة في الطابق الثاني لحين عودته .. نظرا لبعضهما في ضيق و اتجها نحو السلم بهدوء ...
__________________________________
مع بداية نزول قرص الشمس و كأنما سيسبح في النيل حتي ينام و خروج الأشعة الحمراء كإنذار بقدوم الليل سمعا صوت طرق الباب ليتم اخبارهما أن السيد ينتظرهما في القاعة التي كانا بها صباحا
نزلا علي الفور يتقدمهما الخادم الذي أدخلهما و أغلق الباب، نظرت كاريمان بشغف إلي جانب ذلك الرجل و هي تخطو خطواتها لتصبح أمامه، رأت ملابسه الفضفاضة التي تصلح لتكون لشيخ قبيلة أو فارس من فرسان الخيول، أكتاف عريضة مرفوعة في شموخ و عمامة صغيرة بيضاء اللون، شخص ذو نفوذ و قوة جالس في ثبات ...
وقفت أمامه و نظرت إلي وجهه الأسمر الداكن الذي صاحبته الشمس حتي تركت علامتها عليه، فاجئها شبابه و صغر سنه فقد خالته أكبر من ذلك عمراً و أقل من ذلك وسامةً، عينان بنيتان واسعتان وواثقتان، أنف متوسطة الحجم و قسمات وجه عريضة تعطي انطباعاً بالشهامة لا باستغلال الفرص و لعب الألعاب !!!
لاحظ نظراتها المطولة له فتركها تتأمل ف الجو جديد عليها و الظرف أيضا غير معتاد بالنسبة لها فهي آتية لتحرر أسير من يد طاغية!!
ابتسم و قال : آسف علي التأخير و لكن كان لدي بعض الأشغال .. لعلنا نكون احسنا استضافتكم ؟!!
منصور باشا : نعم .. شكرا لك و لكننا نريد أن ننهي اتفاقنا و نعود بأقصي سرعة
القائد : نعم .. هل احضرتم ملكية البستان ؟
كاريمان بغيظ شديد : نعم ... انا صاحبة البستان و تلك هي حجته و لكن لماذا وضعت عينك علي بستاني أيها القائد .. الا يكفيك عدة آلاف من القطع النقدية ؟!!
القائد : أولا : أهلا بكِ يا أميرة.. ثانيا : اسمي ليس " القائد " بل السيد سالم الأسواني.. ثالثا و الأهم : نقودك أو بستانك ليس لكفايتي لأن لدي ما يكفيني و أكثر و لكنه تعويض مناسب عن فعلة أخيك الذي هجم ع قافلتي و تعدي علي ّ، النقود لن تفيدني فلدي منها ما يكفي و يفيض و بحثت في املاككم التي قال عنها أخيك فوجدت بستانا مختلفا سيضيف لي ثم انه مناسب لاقامتي في المنصورة إن جئت
كاريمان بغضب و تحد : و هل تخطط لمستقبلك و ما ينقصك بمجهودي و تعبي ؟!! هذا ليس عدلا هذا استغلال لضعفنا لأن عزيز محتجز عندك
منصور : هذا ليس ما تقصده كاريمان .. هي فقط متعلقة بذلك البستان
سالم : أنتِ محقة يا أميرة و في النهاية هو خطأ أخيك و ليس خطأك و لكن هناك مقترح ... بيعي لي ذلك البستان ؟
كاريمان : أبيعه لك عنوة .. ماذا فرقت عن اخي الذي تحتجزه؟! انت تفعل فعلته الآن فلماذا تعيب عليه
سالم باقتناع : معكِ حق يا أميرة المنصورة ... سأطلق لكِ أخيك و لكن هناك شرط ؟
كاريمان بكبرياء : ما هو ؟
سالم : اريد ارضي التي حول البيت أن تصبح مثل بستانك بوروده و اشجاره و جماله ... قد أبهرني ما قيل عنه و اريدك أن تعتني لي بأرضي و لو بمقابل كما تريدين .. ما رأيك؟؟
كاريمان : كيف ؟!!! هذا يتطلب جهد ع الاقل عام كامل .. هل تطلب مني البقاء هنا ؟
سالم : ستبقين عزيزة و كريمة و سيكون لك كل ما تريدين .. كأنك في رحلة عمل طويلة
كاريمان : دعني بعض الوقت لأفكر
نظر لها والدها برفض مطلق : لا ... لا استطيع تركك هنا .. اتركي له البستان و هناك أراضي كثيرة لنا تخلقين منها ألف بستان
كاريمان : و لكنه بستاني الذي احبه .. دعني افكر يا أبي
سالم : فكري حتي المساء و لكن اعرفي شيئا واحدا .. إن رفضتي عرضي فلن أمسك أخيك بل سأطلقه لكنك ستبقين مدينة لي إلي أن توفي طلبي
كاريمان في حيرة : شكرا أيها السيد علي كرمك و لذا اتخذت قراري .. انا ضيفتك لمدة عام كامل و أتمني ألا أندم ..
سالم: لن تندمي و هذا وعد ....
اتفق الاثنين بينما وقف الاب مندهشا دون كلمة واحدة ...
ماذا ستعيش تلك الأميرة في بيت سالم الأسواني.... هذا ما ستحمله الصفحات القادمة ....
أغلق يوسف الكتاب و ألقي بظهره للخلف كمن تناول وجبة دسمة و أراد غفوة صغيرة بينما قام علاء ليحضر شيئا يأكله ليعاودا القراءة في وقت لاحق ...
يارب تكون بتعجبكم 😍😍