رواية نعيمي وجحيمها الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم أمل نصر39=رواية نعيمي وجحيمها للكاتبة أمل نصر الفصل التاسع والثلاثون بخطواتها السريعة أمامه تقدمته لداخل المنزل، لترمي الحقيبة من يدها وينطلق لسانها اَخيرًا؛ بعد كبت غضبها طوال الساعات الماضية: - كانت خروجة زفت وأسوء سهرة عدت عليا في عمري كله. قطب حاجبيه من خلفها قائلًا بدهشة: - ياساتر يارب، إيه اللي حصل يا لميا لكل ده؟ استدارت إليه بكليتها صائحة بحنق: - هو انت لسة هاتسأل؟ كل دا وماخدتش بالك ياعامر؟ النهاردة ماكنتش قادرة ارفع راسي في وش حد؟ عملتك انت وابنك كسرت عيني. احتدت عيناه فهتف بدوره أمامها: - خلي بالك من كلامك يالميا، ماحدش فينا جابلك العار عشان نكسر عينك، هو في آيه بالظبط؟ - فيه ان بهيرة شوكت النهاردة ماسحت بكرامتي التراب، وهي كل شوية تفكرني بنسيبك اللي مشرف في السجن، بقى بعد ما كنا مناسبين وزير يدحدر بينا الحال ويبقى دا نسبنا؟ قالتها بازدراء يثير الشفقة مع انسياب دموعها التي أرهقت عامر فقال بحزم: - بقى هو دا كل اللي هامك، نسب الوزير اللي في يوم وليلة ممكن يتشال، ومش هامك ضحكة ابنك اللي رجعت تنور وشه اَخيرًا، بعد ما كان حي وميت في نفس الوقت، وبنت اختك بترقص في النوادي ومش هاممها حاجة. هتفت تقاطعه بعند: - بلاش تجرنا للسكة دي ياعامر، دي ظروف وبتعدي على ناس كتير، مش معنى كدة انهم ينطسوا ولا يخيبوا خيبة ابنك. هدر عليها بغضب حارق: - خيبة ابني! ماتنقي كلامك يالميا ولا انت عايزة تحرقي دمي وبس؟ ردت لتزيد من اشتعال غضبه: - لأ يا عامر، انت اللي من حقك تحرق دمي على كيفك، وتشوهوا صورتي وصورة العيلة بجوازة زفت دي؟ بقى كارم مدير اعماله ياخد الأضواء كلها هو وخطيبته النهاردة في السهرة، وابنك يقعد لازق للبنت دي ولا اكن الحفلة كلها معمولة عشانها. تجمدت ملامح عامر بيأس تعدي خيبة الأمل فقال مخاطبها بإحباط: - ياخسارة يا لميا، كنت فاكرك كبرتي وعقلتي، بقى متأثرة بكلام ست قرشانة، مريضة بحب المظاهر الكدابة زيك، ونظرك عمي على اللي حققناه وانجزناه، اظاهر كدة ان كتر الدلع للست بينقص عقلها. - انا عقلي ناقص ياعامر، يعني بعد اللي عملتوه وهببتوه من ورا ضهري، كمان في الاَخر اطلع انا اللي غلطانة. صرخت بها وتابعت بانفعالها وهي تنصرف لغرفة أخرى غير غرفتها معه: - بس يكون في علمك، مش مسمحاك لا انت ولا وابنك. قالتها وانصرفت غافلة عن وجه زوجها الذي تغير، وبدا على التعب جليًا عليه. ارتدت منامتها سريعًا مستغلة انشغاله المستمر على الهاتف ببعض المكالمات المبهمة، كي تهرب بنومها منه، فعقلها مازال حتى الاَن يضج بحديث الفتيات وضحكاتهم الماجنة عن خيانته، تحمد الله انها فهمت من كلمات الفتاة عن انتهاء علاقته به منذ فترة طويلة، أي ليست وهي زوجته الاَن، لكان الأمر تطور معها لشئ اخر، - زهرة. هتف بها بمرح وهو يلج إليها بداخل الغرفة، اشاحت بوجهها عنه، تدعي الانشغال بلف شعرها، لتفاجأ به يصل إليها بسرعة خاطفة ويزيح كفيها، لينثر بيده شلال حريرها بسواده الحالك، مرددًا: - سيبيه كدة ياقلب جاسر، خليني أملي عيني بجماله دايمًا، اومأت بابتسامة فاترة لتتحرك ولكنه اجفلها بالقبض على ذراعيها ليقبلها على وجنتيها قائلًا بنبرة مغوية: - ماشية كدة على طول، إيه بقى هو انا موحشتكيش؟ وصلها مغزى حديثه الذي ترافق مع لف ذراعيه حول جذعها، فتململت لتفُك نفسها من حصاره وقد بدأت قبلاته تزداد حرارة: - معلش ياجاسر والنبي، سيبني دلوقتي عشان تعبانة. نزع نفسه ليتفحصها بقلق سائلًا: - تعبانة ازاي يعني؟ حاسة بإيه بالظبط؟ ابتعدت عنه لتجيبه بتلعثم وهي متجهة لتختها: - مافيش داعي للقلق، انا بس انام وهابقى كويسة. عقد حاجبيه يتبعها حتى ارتمي بجوارها على الفراش، يلح بسؤاله: - طمنيني يازهرة، لو حاسة بأي شئ انا ابعت واجيب الدكتور حالًا. ردت وهي تتدثر بالغطاء حتى شعر رأسها: - ياجاسر بقولك عايزة انام وراسي تقيلة، يعني مافيش داعي للدكتور. زفر أنفاسٍ حارة بالقرب منها حتى شعرت بسخونتها على بصيلات شعرها، وهي متشبثة بالغطاء تدعي الدخول في النوم، فخرج صوته بإحباط: - انتِ مش ملاحظة انك بتنامي كتير قوي اليومين دول؟ لم تجيب وهي تشعر بطرق أصابعه بانفعال على الجزء الخشبي الظاهر من تختها، لتصل إلى أسماعها وكأن فرقة شعبية تدوي برأسها، فاستمرت على تجاهله حتى نهض من جوراها يتمتم: - ماشي يازهرة، وانا اللي كنت جاي ابشرك، بس معلش ان غدًا لناظره قريب. صامتة مترقبة، تتلفت برأسها نحوه كل دقيقة لتحاول بيأس قراءة في صفحة وجهه المغلقة بدقة، وهو يقود السيارة بجموده، من وقت أن انضمت إليه بداخلها وفمه المطبق لم ينبت ببنت شفاه، حتى خرجت عن صمتها اَخيرًا هاتفة: - والله لو مضايق اوي كدة، مكانش في داعي أبدًا لتوصيلي، كان ممكن جدًا اَجي في عربية جاسر وزهرة. التفت برأسه نحوها فجأة يقول بحدة: - الكلام دا يتقال لواحد تاتني مش أنا، انتِ خارجة معايا على مسؤليتي، يبقى توصلي بالسلامة واطمن عمي عليكِ بنفسي. - كتر خيرك. قالتها باقتضاب والتفت برأسها لتنظر للخارج من نافذة السيارة، وصلها صوته بعدها بلحظات: - كنت فاكرك اذكى من كدة. عادت إليه عاقدة حاجبيها مرددة بدهشة: - أفندم! معناه إيه كلامك دا بقى؟ ازاح وجهه عن القيادة امامه ليواجه عيناها المتسائلة بعينيه الحادة قائلًا بلهجة هادئة مريبة: - بما إني جيت بالصدفة وسمعت بكلام البني اَدم دا ومحاولاته البجحة معاكِ، عشان تسبيني، فكدة بقى من حقي أسألك، دي أول مرة ولا حاول معاكِ قبل كدة؟ اربكها السؤال قليلًا، ولكنها تماسكت تجيبه بحدة هي الأخرى: - أظن يااستاذ كارم اني لو كنت عايزاه هو، فكنت هاختاره من الأول واوفر عليا وعليكِ الصدام ده، يعني مافيش داعي لسؤالك من الأساس ارتفع حاجبه متفاجئًا من رده القوي ونظرة التحدي التي تطل من عينيها لتزيده تمسكًا بها، فقال يقارعها: - لا ياكاميليا، السؤال لديه داعي وضروري كمان، خصوصًا لما تكوني انتِ وهو شغلكم اليوم كله مع بعض في موقع واحد... - كارم لو سمحت، لحد هنا وقف، عشان انا ما اسمحلكش قالتها مقاطعة بحدة أجفلته، لتكمل بحزم: - اظن من الأول كدة، انت عارف بأخلاقي كويس، وعارف اني زي القطر في شغلي ودا اللي يخصك، اما بقى بالنسبة لطارق ولا اغيره، فاانا كفاءة اوي اني اوقف كل واحد عند حده لو اطاول معايا في كلمة واحدة، ولا انت إيه رأيك؟ حدجها بنظرة نارية ثم التف أمامها، يصك على فكيه وظل صامتًا حتى وصل أسفل بنايتهم وتوقف، لملمت حقيبتها والهاتف مستعدة للترجل وفور أن وضعت يدها على مقبض الباب، سمعته يوقفها سائلًا: - بما انك جامدة كدة زي ما بتقولي، ياريت تسأليه، عن ابنه من الست الأجنبية، اللي رميه لوالده ووالدته يربوه في كندا! التفت رأسها بحدة إليه بتساؤل، فعلت زاوية فمه بابتسامة متسلية يستطرد: - هو انت متعرفيش انه عايش لوحده هنا، عشان عيلته مهاجرة بقالها سنين في كندا، ولا مكنتيش تعرفي انه مخلف عيال من أساسه. بهتت ملامح وجهها وبدا جليًا حجم التأثر والصدمة عليها، حتى أنها أكملت ترجلها من السيارة بجواره، ولسانها وكأنه انعقد عن الكلام نهائيًا، اخرج لها رأسه يودعها: - تصبحي على خير ياكاميليا. اومأت له برأسها، والتفت تعدوا بسرعة لداخل بنايتها، ظل متابعًا لها حتى اختفت عن أنظاره، فتناول هاتفه ليجري المكاملة وهو يزفر بعنف، وما أن وصله الصوت من الناحية الأخرى: - الوو أيوة ياعمي، اطمنت على رجوع بنتك بقى، جيبتها اهو في الميعاد زي ما قولت، الله يحفظك يارب، طب انا كنت عايز اَجي اقابلك بكرة! فتحت بمفاتحها باب المنزل الخارجي، لتلج بالداخل وتخلع حذائها ثم تتسحب على أطراف أصابعها مستغلة هذا السكون مع اختفاء الحركة فيه بنوم الجميع، دلفت لداخل حجرتها تضيئ المقباس وترمي الحذاء من يدها على الأرض لتتنفس الصعداء مغمضة العينان، يكتنفُها الإرتياح بعد نجاتها من حساب والديها على تأخرها حتى هذا الوقت في الخارج، فتحت أجفانها اخيرًا لتطلق العنان لجسدها كي يتمايل بنعومة مع حركة شفتيها بالغناء، تستعيد كل لحظة مرت بها منذ قليل محلقة في سماءه، لاتصدق هذه السعادة التي كانت تشعر بها في قربه، لفتات وصفه لجمالها، رقصتها معه وضمته الجريئة لها برقصة رومانسية لأول مرة تقوم بها في دفء رجل، وليس أي رجل، إنه كأمير من قصص العشق في مدن خيالها، الاَن فقط تطمئن أنها سوف تأخذ مكانها الذي تستحقه، لتلحق بركب الحظ الذي انتشل زهرة وقبلها كاميليا، لا بل هي ستتفوق عليهم، بوسامة العيون الخضراء والشعر الأصفر،. - براد بيت ياناس. قالتها بضحكة بلهاء قبل أن تصطدم عيناها بالجالسة متربعة بقدميها على الفراش. - عاااا ياما. صرخت بها مرتعبة، تتطلع بخوف نحو والدتها التي كانت تحدجها بنظرات تقذف شررًا، وملامح وجهها المعقدة بغضب مع تشعث شعرها من أثر النوم، جعلتها مخيفة حقًا. - إيه ياختي شوفتي عفريت؟ قالتها إحسان بتهكم قابلته غادة صائحة: - لا أكتر يامّا، انتِ كدة هاتخليني اقطع الخلفة بعمايلك دي معايا؟ شهقت إحسان مستنكرة وهي تنزل بأقدامها على الأرض مرددة بحدة: - عمايلي! عمايل مين يابت ال، وانت راجعلي على 12 نص الليل، اتجننتي ولا عيارك فلت يابنت شعبان، عشان تتأخري برا البيت للوقت ده؟ انتفضت غادة للخلف مرتدة بأقدامها، للتحاشي اقتراب والدته منها بهذه الهيئة المخيفة وخرج صوتها بتلعثم: - المواصلات يامّا، هي اللي أخرتني للوقت ده، انا أساسًا خارجة من هناك على حداشر. هتفت ببأس إحسان: - وتقعدي لحداشر ليه لو بنت ناس ومتربية يابت؟ ماتخلنيش اقلب عليكِ ياغادة، مش معنى اني موافقاكِ ع اللي بتعمليه، ابقى هاسكتلك ع الغلط يا عنيا، اصحي لنفسك يابت. - يووووه. هتفت بها لتدب بأقدامها على الأرض وتكمل باعتراض: - فيه إيه؟ ما تهدي شوية يامّا، دا انا راجعة من نص الحفلة عشان خاطرك، وانت بدل ما تسأليني عملت إيه، بتفتحيلي تحقيق. مصمصت بشفتيها إحسان تسألها ساخرة: - طيب ياحلوة قولي واشجيني، ياترى بقى ياختي عرفتي تسجلي جون؟ رددت غادة بمرح مبالغ فيه: - وفي الدوري الأوروبي كمان يامّا! رمقتها إحسان بنظرة غريبة رافعة طرف شفتها بدهشة، فاقتربت غادة تخاطبها بلهفة وهي تسحبها من يدها: - تعالي هاحكيلك تعالي،. وسط الظلامُ الدامس، كانت تعدوا وتركض دون هوادة للبحث عن مخرج او بقعة ضوء تنفذ إليها، يزداد ركضها وقلبها يضرب بين جنابتها بقوة تكاد أن تقضي عليه، تخرج من طريق وتلج بالاَخر، فتصدم بنفس المكان ونفس الظلام، وكأنها لم تتحرك من محلها، أصابها اليأس وضاقت أنفاسها وهي تجول بعيناها في الظلام حتى وقعت عيناها عليه، يسطع جلده الذهبي رغم الظلمة الحالكة حتى كاد أن يضئ المكان حولها، شهقت برعب وهي تجده يزحف بنعومة نحوها وازداد خفقان قلبها لترتد بأقدامها كي تهرب من أمامه ولكن أقدامها لم تطيعها وهي ترى صاحب الجلد الذهبي يلفظ من فمه واحد آخر، والاَخر نفس الأمر يلفظ بالاَخر، حتى تحولوا لمجموعة امامها، هنا ذعرها وصل لاَخره فلم تملك سوى صرخة قوية خرجت من أعماقها، حتى جرحت حلقها. - أميييييي - زهرة مالك، ايه اللي حصل؟ هتف بها جاسر بعد أن هب مستيقظًا بفزع على صرختها القوية، ليجدها اعتدلت بجذعها تصرخ وتبكي بهستريا، دافنة وجهها بين راحتيها، جذبها إلى صدره يهدهدها بالأيات الحافظة والأدعية، وهي تنتفض بين يديه، ناولها كوب ماءًا اجترعته كاملًا تروي عطشها وكأنها عادت من صحراء جافة خالية من الماء لتعود بحضنه وارتجافها لا يهدأ. - يازهرة ياحبيبتي دا كان حلم او كابوس أكيد، اهدى انتي دلوقتِ في حضني. هتف بها ليطمئنها وهي وكأنها لا تسمع او ليست معه على أرض الواقع، ارتعاش جسدها بهذه الصورة يكاد أن يقتله هلعًا عليها، ظل على وضعه في مهادتنها للحظات طويلة، يمسح بكفيه على ظهرها وشعرها، يغمرها بحنانه حتى شعر بهدوئها قليلًا فقبل أعلى رأسها قائلًا برقة: - تقدري دلوقتِ تتكلمي مدام هديتي، انا معاكِ ومش هسيبك ولا انام الا بعد انتِ ما تنامي. صرخت تجفله بهذيانها: - لأ انا مش عايزة انام، مش عايز اشوفهم، مش عايزة اشوفهم تاني ياجاسر والنبي. - خلاص اهدي اهدي. خاطبها بهدوء ليمتص أنفعالها، ثم سألها بفضول: - هما مين اللي مش عايزة تشوفيهم. هتفت وخيط الدموع يسبق كلماتها: - الضلمة، الضلمة ياجاسر والتعبان، بس المرة دي مكانش واحد، لا دول كانوا مجموعة بتحاصرني ياجاسر، مجموعة... قطعت كلماته ببكاء مزق نياط قلبه بالحزن على حالتها، عاد لضمها مرة أخرى حتى انتظمت انفاسها قليلًا، فنهض ليسحبها معه قائلًا: - تعالي معايا، احنا مش هنام هنا خالص. استسلمت لسحبه لها ثم القي عليها مئزرًا يغطي على منامتها القصيرة، وخرج بها إلى تراس المنزل في الهواء الطلق، أجلسها معه على كنبة جانبية به، ضمها إليه يُحاوطها بذراعيه ونسمات الهواء العليلة تساهم معه في تهدئتها، فقال اَخيرًا بعتب: - مكنش لازم توصفي اللي شوفتيه يازهرة، كنتِ قولي كابوس وخلاص، انا اسمع ان الحاجات دي ماينفعش نحكي بيها. ردت دافنة رأسها بصدره: - دا مكانش حلم دا حقيقة. ابتلع ريقه الجاف يسألها بتوجس - حقيقي ازاي يعني مش فاهم، هو التعبان دا طلعلك قبل كدة؟ - مش انا وبس، انا وامي. قالتها ثم صمتت وهو يحترق لسماع الباقي، يكبح نفسه بالألحاح عليها لتحكي وهي أطالت بسكوتها حتى ظنها لن تجيب، وفي الاَخير قالت: - كانت اول سنة ليا في الدراسة ورحت مع ابويا وامي نجيب لبس المدرسة، ابويا اتخانق مع أمي عند البياع وسابنا ومشي، أمي كملت واشترلتي كل اللبس وشنطة المدرسة اللي علقتها من فرحتي على ضهري، وبعدها حبينا نرجع، بس كانت الدنيا ليلت وللأسف في اليوم ده الكهربا كانت قاطعة عمومي في المنطقة، وكذا حتة جمبها، أمي مع الضلمة الشديدة اتلخبطت في الشارع، فلقينا نفسنا في مكان غير مكانا، حبت تسأل أي حد أمي، لكنها اتفاجأت بشوية شباب بيضربوا واحد وبيعدموه العافية مع الفاظ وكلام قبيح، أمي اتخضت أوي بعد ما عرفت انها منطقة خطر، فرجعت بيا تدخلني لشارع التاني بس للأسف كان مقفول وكأنه مقلب زبالة،. ردد مقاطعها باستفسار: - مقلب زبالة، ازاي يعني؟ أجابته زهرة لتكمل سردها: - يعني شارع مهجور وناس الحتة جعلته لرمي زبالتها، المهم إن أمي لما لقت كدة، وقفت بيا شوية ونبهت عليا ماطلعش صوت في انتظار الناس البلطجية دول مايمشوا، وانا من الخوف فضلت ساكتة مستخبية ومتبتة فيها لحد اما شوفته، تعبان كبير وجلده بيلمع في الضلمة، همست بخوف وانا بنتفض انبه أمي اللي أول ماشفته رفعتني وشالتني على إيديها خوفًا عليا. تهدجت انفاسها وكأن الباقي ثقيل على لسانها، فشجعها جاسر: - قولي يازهرة وكملي. تنفست بعمق تستعيد تماسكها قليلًا ثم قالت: - أمي كانت مابين نارين يااما تصرخ وتجيب البلطجية ينقذوها من التعبان وساعتها تقع في إيديهم هما، يا اما تدافع وتحاول مع نفسها وهي شايلاني على إيديها عشان تحميني منه، بخشبة كبيرة كانت بتضرب فيه لكنه كان قوي ونفد من الضرب يستخبى في كوم الزبالة، افتكرته أمي مشي وراح، مكانتش عاملة حساب انه هايلدغها في ضهر رجلها... توقفت لتبكي مستعيدة مشهد والدتها التي تغضن وجهها بالألم وهي تتمسك بها بكل قوتها حتى لا تنزلق منها ويصيبها الغادر هي أيضًا، فكل همها تركز في هذه اللحظة بحماية ابنتها، ترجف من هول ما تشعر به من ألم ويزداد تشبثها بابنتها، وحينما شعرت بذهاب الرجال ركضت بعرج قدمها المصابة حتى وصلت على اول طريق عام لتقع بابنتها، التي شهدت على اَخر لحظات احتضار والدتها داخل أحضانها، ولم تشعر بالبشر التي التفت حولهم، وكلمات الأسى وهم يتفحصون المرأة التي سلمت روحها اخيرًا بعد ان اطمأنت على ابنتها. عادت ترتجف بتذكرها ماحدث، وجاسر الذي تهاوت من داخله كل قوته، أصابه الزعر أيضًا وهو يتخيل المشهد أمامه، ورؤيتها طفلة تتعرض لهذا الرعب لتفقد بعدها أعز مالديها، شدد عليها بين ذراعيه وأصابته عدوى الإرتجاف هو الاخر ولكنه كان تأثرًا وانفعالًا بما حدث لها، يوزع قبلاته على رأسها وما يصل إليه من وجهها، حتى اذا هدأ قليلًا سألها: محدش خدك لدكتور يشوف حالتك دي. - خالي طبعًا لف بيا ع الدكاتره كتير أوي بعدها، عشان ساعتها كنت فاقدة النطق، بس بعد محاولاته المستمرة معايا هو وستي ربنا فك عقدة لساني، ربنا مايحرمني منهم يارب. أمم خلفها من قلبه، وتابعت هي: - الكابوس دا في الأول مكانش بيفارقني والصورة في دماغي ليل ونهار، لكن بعد كدة بقيت اندمج في الدراسة والحياة، وشوية شوية بقى يروح من دماغي، حتى انه مابقاش يجيني غير لما ازعل قوي أو اضايق. استدرك منتبهًا على عبارتها الاَخيرة، ليُخرجها من حضنه فجأة ويتطلع إليها عاقدًا حاجبيه بشدة يسألها: - يعني الليلادي نمت وانتِ زعلانة يا زهرة، طب ليه؟ وايه اللي يوصلك لكدة؟ أسبلت أهدابها تحاول الهرب بعيناها عنه ولكنه لم يستسلم ورفع وجهها إليه يحاصرها بعينيه قائلًا بحدة: - قولي يازهرة، عشان انا مش هسيبك من غير ما ترودي النهاردة وتريحني. أمام إلحاحه اضطرت صاغرة للرد، فسألته مباشرةً: - انت ممكن تخوني ياجاسر؟ - إيه؟ تفوه بها مندهشًا ليتابع بسؤاله: - انتٍ إيه اللي حط الفكرة دي في دماغك؟ مين اللي قالك يابنتي إن ممكن اعمل حاجة زي دي أصلًا؟ لعقت شفتيها لتُجيبه بتوتر: - بصراحة بقى البنت دي اللي. كانت بتلاغيك قدامنا كلنا في قاعة الفندق، سمعتها وانا رايحة الحمام، كانت بتتكلم عن ليلة قضتها معاك، هي كلامها صح ياجاسر؟ استمع منها ثم أشاح بوجهه عنها يزفر بضيق، وتابعت بالسؤال مرة أخرى بإلحاح رغم تنامي شعورها بصدق الفتاة والذي أكده هو بقوله: - حصل فعلًا يازهرة، بس الموضوع دا عدى عليه كتير اوي يجي أكتر من سنة، يعني قبل ما اشوفك ولا اعرفك حتى. تطلعت إليه قائلة بصدمة: - بس خونت مراتك ياجاسر، يعني ممكن تخوني انا كما... قطع جملتها بوضع كفه عل فمها: - بس بقى ماتكمليش وافهمي، ميريهان غيرك انتِ خالص، يعني هي اخونها وتستحق الخيانة كمان، لكن انتِ لو خنتك أبقى بخون نفسي، علاقتي مع البنت دي تمت في ليلة وانتهت في نفس ليلة، زي ماعملت مع غيرها كتير، دي كانت فترة صعبة في حياتي وانا حرمت بعدها وزهدت في كل الستات لحد ماشوفتك وروحي رجعتلي من تاني، انا يوم ما هأذيكي يازهرة؛ روحي هاتتأذي قبلك، فهمتي بقى. وصلها صدق حديث عينيه مع ما تفوهت بها شفتيه، ليُنبت بقلبها الراحة والاطمئنان، همت لتريحه هو الاخر ولكن غليها فضول النساء لتسأله: - طب انت شوفتها ولاعرفتها فين؟ اعتلت شفتيه ابتسامة متسلية: - وانت عايزة تعرفي ليه؟ اضطربت تجيبه وهي تتلاعب بقماش مئزرها تقول: - يعني ياجاسر، اهو عايزة اعرف وخلاص. جذبها لتعود لمسكنها بداخل أحضانه، وأجاب: - ياستي شوفتها في نايت كلاب، وامبارح اتفاجأت بوضعها داخل فندق كبير زي ده، بس انا متأكد من أخلاق مصطفى، لكن اللي زي دي ما تغلبش، أكيد لافت على مسؤل مهم في الفندق. - استغفر الله العظيم يارب، ماتقولش كدة مش يمكن وصلت بمجهودها؟ اطلق ضحكة مجلجلة في قلب السكون، يقول مقهقهًا بشقاوة: - مجهودها اه! عارفه انا مجهودها ده. فهمت مغزى كلماته فلكزته على ذراعه تنهره بعضب: - بطل بقى قلة أدب. استمر بضحكاته يشاكسها بقوله: - من عيوني ياقلبي، هابطل أدب هههههه. مع بزوغ الصباح وانتشار الخيوط الذهبية حولهم، تململت في طريقها للإستيقاظ، حتى فتحت أجفانها لترفع الغطاء من عليها وارتفعت رأسها عنه، لتعي على وضعها نائمة بين ذراعيه في تراس المنزل المكشوف، اعتدلت بجذعها جواره بحرج، رغم أمانها بصعوبة التلصص من أي أحد ما ورؤيتهم. تحمحمت تجلي حلقها لتوقظه من سُبات نومه العميق: - جاسر ياجاسر. زام بصوته معترضًا لينقلب على جانبه الاًخر، فاستمرت هي بمحاولتها: - ياجاسر، ياجاسر قوم بقى، احنا بيننا اتأخرنا قوي في نومتنا، ياجاسر ياجاسر. - عايزة إيه يازهرة؟ صدرت منه بحشرجة خشنة، قابلتها بقبلة رقيقة على وجنته جعلته يستفيق على الفور، ويعتدل بنومته على ظهره لتواجه عيناه عيناها وابتسامة مشرقة منها وهي تشرف عليه من علو: - صباح الخير. بادلها بابتسامة ليقربها منه يرد إليها هديتها مردفًا براحة: - صباح الجمال. استقامت لتبتعد عنه ولكنه منعها بتشبثه بها وقوله: - إيه بس رايحة فين؟ هو لحقنا نصبح؟ لكزته بقبضة خفيفة على ذراعه تدعي الحزم: - كفاية بقى احنا اتأخرنا بجد والله ع الشغل. - ليه هي الساعة كام دلوقتِ؟ سألها وعيناه تتلفت حولها، فاستغلت إنشغاله، لتفلت نفسها منه وتنهض من جواره تدعوه بجدية: - ياللا قوم بقى وبلاش كسل، انا هاسبقك عشان اللبس هدومي وانت حصلني. نظر في أثرها قليلًا وهم ليُعاود النوم مرة أخرى، ولكنها أجفلته بندائها: - قوم ياجاسر بقى بقولك اتأخرنا. ولجت لداخل غرفتها وانتبهت على دوي صوت ورود مكالمة على هاتفها توقفت قبل أن تصل الى الهاتف لتتناوله وترى جهة المتصل، لتفاجأ بكم اتصالات هائلة من عدة أشخاص، أكثرهم كانت كامليليا، والتي عاودت المحاولة مرة، وفتحت زهرة لترد عليها بقلق: - الوو. ياكاميليا، إيه اللي حصل للمكالمات دي كلها؟ وصلها هتاف الأخرى: - انتِ اللي بتسألي برضوا يا زهرة؟ دا انا من الصبح عمالة اتصل يجي مية مرة، وانتِ مافيش مرة تتفضلي وتردي غير دلوقتِ؟ قالت زهرة بدهشة يشوبها القلق: - ايوة يابنتي ما انا كنت نايمة، إنتِ بقى بتتصلي كدة ليه؟ ردت كاميليا بمرح: - تاني برضوا بتسأليني يازهرة؟ طب انا بتصل عشان الضجة اللي ع النت بسبب بيان جوزك ياستي. - جوزي أنا طلع بيان؟ قالتها باستغراب قابلته الأخرى بهتافها: - لااا دا انتِ باينك نايمة على ودانك، اقفلي يابت شوفي صفحة جوزك وبعدها كلميني؟ - صفحة جوزي كمان؟ ماتفهميني ياكاميليا انتِ قصدك إيه؟ ضحكت الأخرى من محلها ترد بمشاكسة: - انا برضوا الغلبانة افهمك؟ دا انت معاكِ استاذ ورئيس قسم يابنتي؟ هاقفل بقى واتصل بيكِ بعد شوية، تكوني استوعبت! قالتها وأنهت المكالمة لتترك زهرة تتخبط في تخميانتها، قبل أن تنفذ ماقالته وتلقي نظرة على حساب زوجها في أحد المواقع الشهيرة، فتفاجأت بصورتها التي جمعتهما معًا من حفل الأمس، وهو يضمها إليه من خصرها، مقربًا وجهها من وجهه وهي تبادله ابتسامة سعيدة التقطها المصور رغم خجلها، وفوقها كانت كلمات البيان، ابتدأها بمقدمة مقتضبة وبعده كان نص البيان. عن ما انتشر منذ فترة والتقطته صفحات الأخبار والسوشيال ميديا وتناولته بعض الأقلام المغرضة، بزرع الإشاعات عن زواجي من سكرتيرتي والتهمة التي كتبت عن أباها، أما عن الرجل، فقد ثبت بالدليل القاطع براءته من تهمة تم تلفيقها إليه، وعنها هي نفسها، فيسُرني أن أعلنها بملئ فمي، لتصل إلى الطير في كبد السماء، وإلى الجنين ببطن أمه، هذه المرأة هي زوجتي زوجتي زوجتي، حُلم عمري الذي تحقق اَخيرًا، ليُنشر بساتين من البهجة في قلبي الذي كان مصابًا بالعطب والجفاف قبل لُقياها، حبيبتي التي كافأني الله برزقها رغم عصياني له، كي اعود لصوابي وأحسن عبادتي له بالحمد والشكر، سكرتيرة كانت أو عاملة نظافة، أنا فخور لارتباطي بها، ولا اقبل أو اتهاون بأي تقليل منها أو التدخل في اختياري لها، هذا إعلاني وتحذيري أيضًا. انهت القرأة مغلقة فمها بكف يدها تكتم شهقاتها ودموع الفرح تسيل منها دون توقف، حتى شعرت بحركة من خلفها استدارت إليه سائلة بصوت متقطع: - إنت اللي كاتب المنشور دا ياجاسر؟ أومأ لها مراقصًا حاجبيه بمرح وهو يقترب منها، فارتمت بين ذراعيه تعانقه مرددة بهذيان: - ومخبي عليا من امبارح، انت إيه يا أخي معندكش قلب. اطلق ضحكة مدوية متفاجًأ بردها: - ههههه انا برضوا اللي معنديش قلب، ولا انتِ ياجاحدة يا اللي سبتيني ونمتي؟! أصبحت تدفن رأسها بصدره لتداري ضحكاتها الغريبة مع البكاء، وصار هو يقلد صوتها بقهقهة مرحة، استفزتها لضربه بقبضتها على ظهره: - بس بقى وربنا هازعل صح. بطرف سبابته وابهامه رفع وجهها ألذي اصبح كتلة ملتهبة حمراء بشكل فكاهي من صخب انفاعلاتها بالبكاء والفرح معًا، وقال بغيظ: - لازم تعوضيني عن ليلة امبارح اللي انقلبت بكوابيس، بعد ما كنت مخططلها بالإحتفال. ردت ضاحكة: - يعني انت كل غايظك دلوقتِ، هي الليلة اللي ضاعت عليك؟ اومأ له بحماس يطل من عينيه، همت تجاريه في الحديث، ولكنها تذكرت فجأة: - اه صحيح، انت قولت في البيان ان والدي خد براءة؟ - ماهو فعلًا خد براءة. أجابها ببساطة، قابلتها هي هاتفة بصياح: - امتى ياجاسر بقى؟ انا عايزة افهم. تنهد مطولًا واضعًا يديه في جيبي بنطاله البيتي ليشرح: - ياستي احنا لقينا الولد اللي ورط ابوكي في الموضوع، صغطتنا عليه انا ورجالتي وعرفنا منه إن اللي سلطه واحد من عندكم اسمه فهمي... - فهمي سنارة. قالتها زهرة بلهفة فقال مستغربًا: - ايوة هو ده، شكلي كدة موعود بيهم، فهمي حيدر الوزير، وفهمي سنارة بياع البرشام دا كمان، المهم بقى، عرفنا نلاقي تفاهم مع الولد يخرج السيد الوالد براءة وانا وصيت عليه جمعية محترمة تراعيه في سجنه وبعد ما يخرج من السجن كمان ان شاءالله، فهمتي بقى؟ ردت بنظرة عشق يغمرها الإمتنان: - كل ده عملته عشاني ياجاسر؟ - واعمل قده أضعاف كمان، ولا اشوفش نظرة حزن واحدة منك. قالها مقبلًا أعلى رأسها متنفسًا عبيرها بعمق، تقبلته هي هي بكل حب، وارتفعت كفها بالهاتف تتطلع فيه قليلًا لتقول: - بس الصورة حلوة اوي ياجاسر، انت نقيت أحلى واحدة فيهم صح؟ اعتدل ليرد وهو يشاركها التطلع في الهاتف: - لأ طبعًا كل الصورة كانت حلوة، انتِ اصلًا كنتِ تجنني امبارح؟ - بجد؟ قالتها بتسائل وهي تنقل نظرها إليه، لتكمل برجاء؟ - امال ليه والدتك امبارح كانت هاتجنن على كاميليا، وانا كانت نظرتها عادية ليا؟ أجابها بابتسامة ساحرة: - اقسم بالله كانت عينها هاتطلع عليكِ بس هي كدة ماتحبش تبين، عشان شوية الغضب اللي في قلبها مني، اما عن إعجابها بكاميليا فدا شئ طبيعي، دي أول مرة تشوفها بإطلالة مختلفه عن الإطالة العملية ليها دايمًا في الشغل... - شغل! يانهار اسود صحيح، احنا اتأخرنا جدًا ع الشغل. قالتها بلهفة صارخة، وهي تركض من أمامه نحو خزانة ملابسها، غمغم في أثرها بتعجب: - وما نتأخر وماله يعني، ما انا المدير أساسًا؟ التف مستدركًا، يرد بتفكه مع نفسه: - اه صحيح دا انا نسيت انها لسة بتخاف من مديرها القديم! هههه. وفي الناحية الأخرى وبعد أن أنهت اتصالها مع زهرة وهي في طريقها نحو غرفته، وقفت قليلًا تأخذ شهيقًا مطولًا قبل أن تطرق على بابه مستئذنة بالدخول، والذي أتاها في صوته مرحبًا، فدلفت إليه بهيئتها العملية: - صباح الخير يافندم. قالتها بروتينية لفتت نظره، فقال يرد تحيتها: - صباح الفل ياكاميليا، اتفضلي واقفة ليه؟ سمعت منه لتقترب واضعة مجموعة من الملفات على سطح المكتب أمامه تقول: - دي ملفات بعض العقود الأخيرة، ارجو ان حضرتك تراجعها، وتبلغني برأيك عن الملاحظات اللي ارفقتها بكل ملف، عشان نصلح وضعنا في العقود الجديدة. القى نظرة نحو ما تُشير إليه قبل أن يرفع رأسه إليها قائلًا بدهشة: - هو انا ليه حاسس بجفاف في لهجتك؟ هو انتِ زعلتي مني على موقف امبارح؟ مطت بشفتيها تقول بنبرة مبهمة: - أزعل منك! لا حضرتك ماتزعجش نفسك، انا نسيت الكلام. واعتبره موقف وعدى. انتفض مستقيمًا عن مقعده قائلًا بغضب من كلماتها: - موقف وعدى ازاي يعني؟ هي الحاجات دي فيها هزار ياكاميليا؟ قابلت غضبه تقول بنبرة هادئة ساهمت في اشتاعله أكثر: - أومال عايزني اقولك إيه؟ هو انت نسيت إني مخطوبة؟ التف من خلف مكتبه ليواجهها: - لأ مانسيتش ياكاميليا، زي ما انا فاكر كويس، انها لسة مابقتش رسمي، يعني عندك فرصة لسة. تكتفت بذراعيها لتقول بحدة: - فرصة لإيه بالظبط؟ اني افكر فيك يعني، طب انا اعرف عنك إيه غير الصورة الأنيقة بتاعتك؟ قولتلي مثلًا ان عندك ابن من صديقتك الأجنبية، سايبه لأهلك في كندا يربوه هناك. تغضن وجهه يسألها هادرًا؟ - وانتِ عرفتي منين الكلام ده؟ هو اللي قالهولك صح؟ - سمعت منه أو من غيره، الكلام دا صح ولا غلط؟ سألته بقوة تبينت الإجابة على اثرها من ملامح وجهه المرتبكة مع قوله: - الموضوع مش زي ما انتِ فاهمة. بابتسامة لم تصل لعيناها رسمتها لتخبئ من خلفها صدمتها، ردت بتامسك: - مافيش داعي لارتباكك دا، انا ماليش حق اني احقق معاك ولا اقررك أصلًا، حضرتك حر في اللي انت تعمله، وانا كمان حرة في اختياري، عن إذنك. قالتها وتركته مغادرة ليسقط بثقله على المقعد من خلفه، وكأن هموم العالم أجمع سقطت فوق رأسه. الفصل الاربعون من هنا |
رواية نعيمي وجحيمها الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم أمل نصر
تعليقات