رواية الصندوق الفصل الثانى والثلاثون بقلم الهام عبده
وصل رياض إلي منزل كاريمان التي كانت جالسة في الحديقة بصحبة اختها و والدها و ابنة اختها هدي، رأته ثريا قادم من أمام بوابة المنزل فقالت ضاحكة
ثريا : هذا الرجل يتعامل بودٍ واضح معكِ يا كاريمان ..
كاريمان : نعم .. لاحظت ذلك لكنها مجرد معرفة ليس أكثر!!
ثريا: ربما يريد الوصول لأكثر من ذلك !!
اقترب رياض كثيراً فحذرهما منصور بك قائلاً : يمكنكما تأجيل تلك المناقشة لانه قادم علي بعد خطوات
صمت جميعهم بينما ألقي رياض التحية و احتار لمن سيقدم باقة الورد بما أن جميعهم حاضرون!!
رياض: مساء الخير .. عذرا لقدومي دون ميعاد
منصور بك : لا عليك يا ابني .. مرحباً بك في أي وقت .. تفضل بالجلوس
قدم رياض باقة الورد للصغيرة هدي و قال : تلك الورود جمعتها بنفسي من حديقة منزل صديقي سالم
ثريا : باقة ورد رائعة .. شكرا لك
كاريمان بفضول : هل اختيارك لباقة الورد هو اقتراح صديقك سالم ايضاً ؟!!
رياض : بالطبع لا .. أنا من فكرت بهذا لكن سالم صديقي هو من شجعني للتقرب لكم كعائلة من حديثه الجميل عنكم فرداً فرداً
تعجبت كاريمان و قالت : عظيم .. ماذا قال اذن؟!!
رياض: قال أمور جيدة بالطبع يا أميرة جعلتني تواق لمعرفتكم و هذا ما جعلني آت هذا المساء لأستمتع بجلستكم الكريمة
أشارت ثريا لراشدة الخادمة ثم قالت : أهلا و مرحبا بك .. ماذا تود أن نضيفك ؟!
رياض: شايا بملعقة سكر واحدة ..
اومأت ثريا لراشدة فذهبت ع الفور
رياض: كاريمان هانم .. أنتِ هنا منذ مدة .. أليس كذلك ؟!
كاريمان : نعم
رياض: هل هنا توجد حركة للمقاومة ام لا ؟!
كاريمان :أتقصد الفدائيون ؟؟!
رياض: نعم ..
كاريمان : اعتقد لا .. هناك مناوشات خفيفة لكن لا توجد حركة منظمة بعمليات مخططة ... لكن لماذا تسأل؟!
رياض : لا شئ .. فقط مجرد تساؤل
ثريا : هل أنت متزوج يا سيد رياض؟!
ابتسم رياض و قال: مع الأسف ليس بعد .. لكنني عثرت علي فتاة مناسبة فادعو لي بالتوفيق
ابتسمت ثريا و قالت : موفق بإذن الله و لكن أين وجدتها؟!
نظر رياض ناحية كاريمان و قال : في صدفة غير مخطط لها و لكن رب صدفة خير من ألف ميعاد
ضجرت كاريمان من سياق التلميحات هذا و قالت : ربما ليس كل الصدف تقودنا للمواعيد التي ننتظرها فتوخي الحذر إذا أردت
فهم رياض تحذيرها و من لهجتها استشعر جفافاً مقصوداً فقام عن جلسته و قال : الوقت قد تأخر .. يجب أن أنصرف ..
شعر منصور بك بالحرج و قال له : لا يزال الوقت مناسباً إذا أردت إكمال جلستك فلا بأس ..
رياض: يكفي هذا القدر .. عمتم مساءاً
ثريا : ننتظرك مجدداً بالتأكيد
رياض: أشكركِ
انصرف رياض خائب الرجاء بينما استاء منصور بك و قال لكاريمان : لمَ عاملته بهذا الجفاء، رجل مستقيم و عائلته مرموقة و مناسبة لنا و جاء ليتقرب لنا فما المشكلة؟! لا أفهم!!
ثريا بتهكم: ربما لانه ليس طبيباً أو ليس فقيراً!!
كاريمان بانفعال: لا يحتمل الأمر مزاحك الآن يا ثريا ثم أنني يوم تزوجتِ من فاضل وقفت إلي جوارك لانه كان اختيارك بغض النظر عما رأيته في تلك العلاقة
انفعلت ثريا بضغط كاريمان علي جرحها و قالت: و ما بها تلك العلاقة ؟!
أشار لهما منصور بك لأن هدي تستمع لهما ثم أوما لراشدة أن تأخذها للداخل قليلاً
منصور بك : تتحدثان هكذا أمام الطفلة دون وعي !!
كاريمان : عذراً يا أبي و لكنني أغلقت في وجهه الباب كي لا يتأمل عبثاً
ثريا: و لمَ عبثاً .. ما عيبه؟!
كاريمان: عيبه انه لا يناسبني !!
منصور بك : لم لا يناسبكِ، هل لأجل عينيه، يا ابنتي لا يكون حكمك ظاهرياً فهو رجل جيد .. أعط الموضوع فرصة فهو يستحق!!
كاريمان : من قال أنني حكمت بالمظهر لكنني لا أريده..
منصور بك : هل بسبب إيفان .. ألم تنسيه بعد ؟؟!
عندما همت كاريمان بالرد جاءت خادمة تصرخ و قالت انهم عثروا علي الطبيب ايفان مطعوناً بالقرب من المنزل و ذهبوا به للمشفي غارقاً في الدماء!!
هب جميعهم لمعرفة ما جري!!
___________بقلم elham abdoo
بقي سالم جالساً في نفس مكانه ينتظر قدوم رياض كما لو انه قدراً يغلي علي موقد!!
نظر و إذ رياض قادم في تململ واضح و لم يمضِ علي ذهابه إلا القليل فشعر بشئ من التفاؤل و في الوقت ذاته نخس قلبه لأنه فرح في وقت إنهمام صديقه و هنا ألقي باللوم عليها لأنها دوماً تجذب المقربين اليه و تجعله بين النيران لا يعرف كيف يتعاطف مع اصدقاؤه عندما يفرح بفساد علاقتهم بها!!
قال في نفسه: آه منكِ يا أميرة!!
اقترب رياض و جلس بجواره و قد وضحت عليه علامات الخسارة فقال له : هل ردتك الاميرة؟!
رياض: نعم .. و لكن بشكل أبكر مما توقعت
سالم: ربما لم تعط نفسك فرصة لتفهم ماهيتها ؟!
نظر رياض بفحصٍ: و ما هي ماهيتها تلك؟!
سالم: كاريمان تشبه زهرة برية تجذب جميع من يراها بعطرها و رونقها لكن حالما تقترب منها تقابلك الأشواك و الآلام!!
رياض بتعجب: هل أنت أيضاً وقعت عاشقاً لها؟!
سالم و قد انكشف أمره: نعم .. مع الأسف
رياض غاضباً: و بسمة؟!
سالم: قصة بسمة معقدة جداً و تحتاج وقتاً طويلاً لشرحها و لكن لك أن تتخيل أنني أحببت كاريمان منذ زمن، قبل بسمة و حكايتها!!
رياض: هل تعرف بشعورك هذا ؟!
سالم: نعم ..
رياض باهتمام : هل تبادلك الشعور؟!
سالم : يجوز أن أقول نعم و لكن يمكنك ايضاً أن تعتبرها لا
رياض بتعجب: لغز هذا ام ماذا؟!
سالم : لا .. بل أشعر بمحبتها التي كادت أن تعترف لي بها لكنها تأبي!! الوضع بيننا معقد و يحتاج لكتاب فك الطلاسم !!
رياض بعتاب: لمَ لمْ تخبرني منذ البداية؟!
سالم : وجدت حرجاً فعقد لساني فصمت !!
رياض: دعني أخبرك أنها اهتمت لكل جملة قلتها كان بها اسمك !!
سالم بسرور: أحقاً ؟!
رياض: نعم .. و هاجمتني بشدة حينما ألمحت عن رغبتي بالاقتراب لها !!
سالم : نعم .. يسرني سماع هذا كثيراً لكنها مازالت تدفعني بعيداً عنها كلما اقتربت
رياض: لمَ؟!
سالم : لأجل....
جاء احد الخدم و أبلغ سالم ان الطبيب إيفان تعرض لمحاولة قتل قرب منزل كاريمان و هو الان بالمشفى في حالة خطرة!!
____________________ بقلم elham abdoo
في المشفي تجمع كل من يعرف إيفان، الجميع قلقون و متضايقون لأجله، في غرفة خاصة مع الأطباء و مجموعة من الممرضين تمدد إيفان فاقداً للوعي، مزق الطبيب قميصه الغارق في الدماء و قام الممرضون بتنظيف الجرح الغائر الذي استقر في جانبه الأيمن و أحدث تمزقاً و نزيفاً بالكبد، حاول الأطباء السيطرة علي النزيف و كي مكان النزيف بالامكانيات المتاحة لديهم و بالتخدير الضعيف الذي جعل إيفان يتألم ثم يعود للاغماء اكثر من مرة أثناء سير العملية!!
في النهاية تم غلق الجرح باخاطته بعدد من الغرز بعد نزف شديد استمر عدة ساعات ..
اخر من وصل المشفي كان عزيز الذي وقف يتابع سير ما يحدث في قلق و صمت .
عندما خرج الطبيب من غرفة العمليات، قال إن وضع المصاب حرج جداا بسبب النزيف و هناك خطورة كبيرة علي حياته و إن الوقت القادم سيصارع إيفان الموت، لعله يخرج منتصراً..
بالرغم من كل ما حدث لايفان من سوء لكن وصول ذلك الطبيب أمس للمشفي كان من اجل عناية الله به، منذ سنوات طالب إيفان بطبيب جراحة متخصص للمشفي دون رد فإذا به يأتي قبل ليلة واحدة من اصابته ليكون هو مريضه الاول !!
_____________________ بقلم elham abdoo
اصاب الجميع الحزن أما سيمون فانهارت من البكاء و صار الجميع يحاول تهدئتها و طمأنتها أما كاريمان فذهبت لجانب بعيد قليلاً و سالت دموعها، لاحظها سالم و ذهب إلي جوارها ليهدأها
نظرت له بحزن و قالت : هل سينجو ؟!
سالم : أتمني و لكن .. من فعل به هذا ؟!
كاريمان : ليس لدي فكرة ..
سالم: كان قريبا جدا لمنزلك .. هل كان آتِ أم ذاهب ؟!
كاريمان : ربما كان آتياً لكنني لم أره مطلقاً منذ أتيت!!
وقفت فاتن تراقبهما ثم أشارت لعزيز الذي كان قلقاً بشكلٍ زائد لكنه حاول أن يبدو عادياً، جاء اليوزباشي ماهر يرافقه أحد الأنفار من قوة المخفر،
سأل جميع الواقفين : من منكم رأي الطبيب إيفان اولاً قبل أن ينقل للمشفي؟!
أجابت احد الخادمات و قالت : أنا..
اقترب منها اليوزباشي و سأل: ماذا كنتِ تفعلين حينها ؟!
الخادمة: طلبت مني راشدة أول أمس أن آتِ لمنزل كاريمان هانم لأنهم قادمون من السفر و ستحتاج معاونة في المنزل فوافقت و أتيت صباحا و عند انتهاء عملي كنت في طريقي للعودة لمنزلي فرأيت شخصاً لم اعرفه ف البداية جريح يتألم، اقتربت فإذ هو الطبيب !!
اليوزباشي: هل تعرفينه؟!
الخادمة: نعم .. هو طبيب بالمشفى و الغالبية هنا يعرفونه
اليوزباشي : هل رأيت من فعل هذا به ؟! او اي شخص بجوار المكان او حول اطرافه؟!
الخادمة : لا .. الظلام كان دامسا و لم ار شيئاً بل هرعت للمشفي بسرعة فاتوا و حملوه سريعاً
اليوزباشي: هل كان في منزل كاريمان هانم؟!
الخادمة : لا .. لم يأتِ للمنزل ذلك اليوم
اليوزباشي: أين كاريمان هانم ؟!
كاريمان : أنا هنا
اليوزباشي: ماذا يربطك بالسيد ايفان؟!
كاريمان : نعمل سوياً لاقامة مشفي كبير بديلا لذلك المشفي الصغير الشبيه بعيادة . ربما كان آتياً ليناقشني بشئ ما خاص بالعمل
اوما اليوزباشي برأسه ثم عاود طرح الاسئلة قائلا : أين الطبيب المسئول عن حالته؟!
ذهب احد العاملين بالمشفى و أبلغ الطبيب بالحضور فأتي ع الفور
اليوزباشي: كيف حال الطبيب ايفان؟!
الطبيب : حالته خطرة .. بدأ جسده في السخونة مما يعني هبوط في مقاومة الجسم و انهيار نظامه الداخلي الذي يحفظ حرارته !!
عاودت سيمون البكاء من جديد فذهبت لها كاريمان محاولةً تهدئتها فاشار اليوزباشي اليها و قال: من تكون هذه؟!
أجاب سالم: اخت المصاب
قال لها اليوزباشي: هل له خصومات او أعداء؟؟
سيمون و قد اجهشت بالبكاء: لا .. ع العكس كان محبوبا من الجميع.. اخي شخص مسالم لا يحب الدخول في صراعات او خصومات
اليوزباشي: هل اذن بدافع السرقة؟!
قال احد العاملين: وجدنا مع المصاب كافة متعلقاته و بعض المال في جيبه .. اظن انه لم يكن بدافع السرقة
الطبيب الذي قام بالعملية: تُظهر حالة ايفان صراعاً سابق قبل الطعنة مما يعني وجود شجار
هنا تعرق عزيز الذي كان يستمع لما يجري بهدوء في احد الأركان!!
اليوزباشي: جميع من يقف هنا .. اسمعوا جيداً .. كلًُ منكم يعرف الضحية جيدا او ع الاقل تعامل معه لذا اي معلومة مهما كانت صغيرة قد تفيد في التوصل للمتهم الذي شرع بقتل الطبيب لذا سأفتح تحقيقاً و علي الجميع القدوم لدائرة المخفر للادلاء بما تعرفونه .. يمكنم الحضور تباعاً اذا أردتم..
انصرف اليوزباشي و معه النفر و هنا قالت كاريمان للطبيب المسئول: يجب أن يكون هناك حلاً ينقذه .. ماذا تري يا طبيب ؟!
الطبيب : أري أن الوقت ليس في صالحه و الحالة تتأخر و الوظائف الحيوية تنهار
وقعت سيمون مغشياً عليها في تلك اللحظة فحملها اثنين من الممرضين و ادخلاها لأحد الغرف ليتم العناية بها ..
سالم: أنا لا أفهم!! ألم تغلقوا الجرح و توقفوا النزيف .. لماذا تنهار وظائفه؟!
الطبيب : فقد الكثير من الدم و لذا جسده ينهار
سالم : و ما الحل ؟!
الطبيب: في الواقع هناك حل و لكنه خطر قليلاً
سالم : ما هو ؟!
الطبيب : هذا الحل تم العمل به قبل مئتي عام في القرن ال ١٧ لكن لكثرة مشكلاته و لوفاة بعض الحالات بعد استخدامه تم ايقافه تماما و تجريمه!
كاريمان: قل يا طبيب .. ربما يكون تجربة هذا الحل افضل من الوقوف هكذا و انتظار الموت !!
الطبيب: الحل هو نقل الدم لكن ليس كما جري قديماً من حيوان لانسان فأنا أري انها ستكون اكثر أماناً و فاعلية من إنسان ل انسان لأن الدم سيكون أكثر قرباً في التكوين و الفاعلية ..
بالطبع لن نعرف النتيجة ماذا ستكون و لكن المحاولة افضل من انتظار الموت المحقق.. ما رأيكم ؟!
صمت الجميع بخوف من المخاطرة بينما قال عزيز منفعلا: هل سنجعل الرجل فأر تجارب لهذا الطبيب المجنون؟! نقل دم ماذا و من الذي سيعطيه دمه؟!
سالم : توقف يا عزيز فما سنفعله قد ينقذ حياة انسان !!
حفيظة هانم: و قد ينهيها!!
فاتن : هذا القرار قد يعجل بوفاته ان كان خطئاً .. يجب أن تفكروا جيداً
عزيز : سأذهب لأدلي بأقوالي كما طلب اليوزباشي اما ما سيجري هنا فأنا برئ من عواقبه!!
تعجب سالم من انفعاله و شك به خاصةً لمعرفته بحادث السرقة لكن لا وقت لاستجوابه، إيفان هو الأهم الآن..
انصرف عزيز و من بعده المعظم و لم يتبقي سوي كاريمان و سالم و رياض و في داخل احد الغرف كانت سيمون مستلقية تشعر بدوار من كثرة البكاء و الإجهاد النفسي..
قال رياض: ماذا لو كان ذلك القرار هو مجرد تهور سيودي بحياته و سيعرضنا جميعاً للمسؤولين القانونية؟!
سالم: و هل البديل هو تركه يموت خلال ساعات دون فعل شئ
كاريمان : فقد دماً كثيراً و يحتاج لتعويض سريع .. أري أن محاولة انقاذه هي واجب علينا .. سأذهب لاقنع الطبيب و سأعطيه من دمي !!
امسكها سالم و قال : يجب أن نخبر اخته أولا و نأخذ موافقتها .. بعدها اعطيه انا من دمي إن وجب لكن لن اتركك للمسائلة إن حدث له ما لا يحمد عقباه!!
نظر رياض لسالم أثناء خوفه علي كاريمان و قال : و ماذا سنفعل مع السيدة بثينة إن طالتك انت المسؤلية؟!
زفر سالم في حيرة فأكمل رياض: يجب أن نهدأ و نفكر جيدا و علينا أولا عرض الفكرة ع اخته فربما ترفضها من البداية !!
كاريمان: نعم ... تلك اهم خطوة
دخل ثلاثتهم لسيمون التي كانت في وعيها لكنها تشعر بضعف و دوار و ألم في رأسها من كثرة البكاء، رأت الثلاثة ينظرون لها بقلق كما لو انهم ع وشك قول شئ مفزع فقالت بدموع : هل ذهب أخي؟؟ هل تركني ؟؟
كاريمان : لا .. اطمئني .. هو بخير حتي الآن
سيمون: مازلت لا استوعب من فعل به هذا السوء.. لماذا؟!
سالم: لا وقت الآن لذلك .. هل تمانعين في استعمال طريقة قد تنقذ اخوكِ و تحميه من الموت؟!
سيمون: بالطبع لا .. طريقة ماذا؟!
رياض: هي كسلاح ذو حدين .. إما ستنقذه و سيعود لوعيه قريبا جدا و إما.....
سيمون بدموع متجددة: و إما .. ماذا ؟!
سالم: سنفقده .. مع الأسف!!
سيمون: ما هي الطريقة؟!
سالم: يأخذ دماً من احد منا ليستعيد قوته
سيمون بغرابة: هل هذا مباح؟!
رياض: بل ممنوع و لكن تلك الطريقة الوحيدة
سالم: بها مخاطرة كبيرة لكنها قد تنقذه
سيمون: او قد تقضي عليه !! ليس لدي الشجاعة لاتخاذ قرار كهذا .. لا استطيع!!
كاريمان: هل سنتركه هكذا؟!
سيمون: لا أعرف.. انا مشوشة جدا و القرار صعب كثيراً .. لا يمكنني تحمل أن أصبح من ارسلته للموت بيدي !!
دخلت سيمون في نوبة بكاء شديدة فاحتضنتها كاريمان و حاولت تهدئتها بينما خرج سالم و رياض للانتظار بالخارج !!
_____________________ بقلم elham abdoo
مع اقتراب الوقت من منتصف الليل كانت سيمون قد نامت قليلاً و كاريمان عادت الي بيتها بعد ادلائها بأقوالها و لم يتبقى سوي سالم و رياض ..
جلسا يحتسيان الشاي و يترقبان، جاء الطبيب و عندما سأله سالم عن تطورات الحالة قال : مع الأسف قد يدخل المريض الي غيبوبة في الساعات القادمة ثم نفقده تماماً
سالم : أيها الطبيب، يظهر عليك الشجاعة و الذكاء و تعلم جيداً خطورة مرور الوقت دون فعل شئ .. دعنا نقوم بتلك المخاطرة من اجل صديقي إيفان فهو يحتاج محاولة و ربما يكتب الله له النجاة علي يدك و يدي
رياض بتفاجؤ: سالم .. لا تكن مندفعاً .. تلك ليست لعبة أطفال
سالم: لن اتركه يموت هكذا.. علي الأقل نكون بذلنا كل م بوسعنا
الطبيب: مما حدث تاريخياً اتوقع ان استجابة كل جسد مختلفة عن الاخر في استقباله للدماء و هو ما يجعل النتائج مختلفة بشكل كبير لذا كونوا مستعدين للأفضل و الأسوأ في ذات الوقت !! من الممكن أن نفقده بمجرد دخول الدم له
رياض: أيها الطبيب، ما الذي يدفعك للقيام بهذا الفعل الشديد الخطورة، الا تخاف علي وظيفتك و سمعتك، الا تخاف من أن يزج بك في السجن؟! أعلم أنك جئت من الخارج كما قالوا لي هنا لكن الحماس بينه و بين التهور خيط رفيع جداً
الطبيب: اتعلم مر أمامي ضحايا و مصابين بأوبئة و بسوء تغذية و كنت أري دائماً أن نقل الدم لهم سيساعدهم كثيراً لكن كلما اقترحت الفكرة عارضها الأهالي و المسئولين .. ليكن بعلمك كل الاكتشافات المذهلة كانت بدايتها صعبة و خطرة و مرت بتجارب فاشلة عديدة.. علينا المحاولة من اجل ضميرنا و من اجل الاجيال القادمة ..
سالم: ليسلم فمك و تحيا يا طبيب!! هيا بنا ..
___________بقلم elham abdoo
دخل سالم مع الطبيب و نظر لايفان الملقي علي سريره بين الحياة و الموت، يصارع في كل دقيقة للبقاء علي قيد الحياة، رثي لحاله و حزن عليه و قال بحماس: لنبدأ علي بركة الله و ليوفقنا الله علي قدر نقاء نيتنا في هذا العمل
الطبيب : ليوفقنا الله
وضع الطبيب ابرة في وريد سالم و ثبت انبوباً بينه و بين إيفان و جعل سالم في وضع أعلي منه كي يتدفق الدم بسهولة و عندما بدأ تدفق الدم في جسد إيفان نظر له سالم بدقة منتظراً اي ردة فعل مطمئنة لكن لم يحدث اي شئ يذكر لكن علي الاقل ليس هنام ردة فعل سلبية .
بعد قليل فصل الطبيب الأنبوب و قال له اذهب كي تستريح لأن فقد الدم مرةً واحدةً خطر عليك و إن حدث تحسن و لو طفيف ستعود لتعطيه قدراً آخر ..
ذهب سالم ليستريح في غرفته و هنا قابله رياض بزجاجة كبيرة من عصير البرتقال ليشربها فنظر له ضاحكاً : عساك لم تبلغ امي !!
رياض: لا .. بل ذهبت و عصرت لك نصف شجرة برتقال في تلك الزجاجة
بدأ سالم في تناول العصير الذي انعشه بعد نقل الدم ثم غفي دون أن يشعر ...
___________بقلم elham abdoo
مع أول خيط من خيوط الفجر أقبل الطبيب علي الغرفة التي نام بها سالم مع صديقه بوجهٍ متحمس و قال: صباح الخير أيها المنقذ
صاح سالم قافزاً من نومه: قل انه تحسن .. من فضلك
ضحك الطبيب و قال: نعم .. تحسن و التعرق اختفي .. حمداً لله
سالم: أشكرك كثيرا يا الله .. حقاً أنت الكريم !!
الطبيب: لكننا بحاجه لبعض الدم مرةً ثانيةً .. سنثقل عليك
رياض: و لماذا لا يكون الدم مني انا تلك المرة ؟! لنريح سالم و نتبادل الأدوار
الطبيب : هكذا سنعيد خطورة الأمس مرة ثانية فقد تقبل جسده دم سالم و لا نريد إفساد نجاح تلك التجربة
سالم: و أنا جاهز و مستعد .. يكفي أن ينجو إيفان و يفتح عينيه مرة أخري
الطبيب: اقتربت تلك الخطوة كثيراً بإذن الله
ذهب معه سالم و بدآ تكرار النقل و هنا أقبلت كاريمان و سألت رياض عما يحدث في الداخل فصدمها بما لديه من أخبار لدرجة جعلتها بين الفرحة لتحسن إيفان و الخوف علي سالم من نقل الدم او من اي تطور قد يحدث فجأة ، استيقظت سيمون و جاءت لتسأل كذلك فأعاد رياض ما قاله لكاريمان فصدمها حديثه ف البداية لكنها عندما علمت بتحسنه و انه قريب من استعادة وعيه اطمئنت ووقفت تنتظر في هدوء ...
خرج سالم من الداخل ليجد أن كاريمان و سيمون و فاتن و عزيز ينظرون اليه بقلق و غرابة، غير متخيلين لعملية نقل الدم تلك و لشجاعة سالم و خوضه تلك المخاطرة غير المحسوبة، نظر لكاريمان و أعجبه الطريقة التي تنظر له بها، نظرة فخر ممزوجة بسعادة لا يشوبها الا بعض الخوف عليه، أطال النظر لعينيها حتي قالت له : ألن تستريح ؟!
سالم : نعم ...
سيمون: لا اعرف كيف يمكنني أن أشكرك
سالم: لا داع للشكر .. فعلت هذا بدافع المحبة لصديق عزيز
سيمون: كيف هو بالداخل ؟!
سالم: بخير .. التعرق اختفي و جسده أصبح أقوي و قام الطبيب بتغيير الضمادة علي الجرح فرآه غير ملوثاً او ملتهباً .. سيعود لوعيه قريبا جدا كما قال الطبيب
رياض: اذن هيا لتستريح با بطل !!
سالم: كيف هي امي ؟!
فاتن: أبلغتها أمس بعد عودتنا بما حدث و انك باقٍ هنا بالمشفى فقالت أنها ستأتِ للزيارة صباحاً
سالم : الآن!!
كاريمان : استعد لحساباً عسيراً لما فعلت
ابتسم سالم و قال : ليكن ...
___________بقلم elham abdoo
عندما أتت السيدة بثينة ووجدت ابنها ممدداً علي مهد في احد غرف المشفي ، وقع في قلبها خوف فشرح لها سالم الأمر بالتدريج فقالت: علمتك في الصغر كل ما يمكنني لكنني فشلت في تعليمك شيئاً واحداً
سالم: ما هو ؟!
السيدة بثينة: ألا تكون متهوراً
ضحك سالم و قال: الرجل كان يصارع من اجل حياته .. ليكن بعلمك لم اندم علي ما فعلت و لو عاد بي الزمن كنت سأعيد ما فعلت
قالت كاريمان التي كانت واقفة الي جوار سريره: لنضيف للتهور العند ايضاً !!
نظرت لها السيدة بثينة بضيق قليلاً و لم تعلق ثم قالت : سأذهب للبيت لأعد لك طعاماً لذيذاً مغذياً يعوض دمك الذي أعطيته .. ليكن دمك هذا بالعافية عليك و علي صديقك يا بني
ّّقّبل سالم يدها و قال : تسلمين لي يا أمي
غادرت والدته فجلست كاريمان مكانها و قالت : ألم أقل لك قبل بضعة ايام انك رجل شهم ..
سالم: بالإضافة للعند و التهور .. أليس كذلك ؟!
كاريمان: بالطبع .. سأذهب لأعد لك عصيراً من الفواكه الطازجة .. لتكن تلك مساهمتي الصغيرة في عملك العظيم هذا ..
سالم: لا حاجه لذلك .. ابقي معي و كفي
كاريمان: سأعود مرة أخري.. انتظرني
نظر لها سالم بعينين عاشقتين و قال : دائماً ...
دخل عزيز الي عند سالم و نظر له بنظرة لئيمة غير مطمئنة و قال : كيف حالك يا صديق؟!
سالم : بخير .. لكن ماذا تحمل يا غراب من شؤم .. أقصد يا عزيز؟!!
عزيز : معك حق .. لن أحزن لما قلت .. أتعرف لمَ؟!
سالم بضجر: اختصر يا عزيز
عزيز : لأخبرك بما حدث أمس مع ذلك الذي انقذته بدمك .. ربما تندم قليلا !!
سالم بقلق: كنت أشعر انك من فعلتها أيها السافل الأحمق
اخفض عزيز صوته و قال : نعم .. ماذا كنت أفعل بعدما كان ذاهب ليفضحني! ماذا كنت ستفعل لو كنت مكاني؟!
انتفض سالم و قام ليخنقه، أمسك بعنقه و قال: لن أكون مكانك ابدا ايها الوغد.. حاولت قتله حتي أنه للآن يصارع لحياته .. كم انك سافل !!
أمسك عزيز بيديه محاولاً الافلات من قبضته عبثاً و قال: لا تنسي انك استفدت من تلك السرقة التي كان هذا الحادث نتيجة لها و إن استفاق هذا و فضح كل شئ سأفضح انا ايضاً سرك لكاريمان .. حبيبة قلبك ..
لن يكون لدي حينها ما اخسره و سأهد المعبد علي الجميع مثل شمشون يا أيها المنقذ !!
أفلته سالم بعدما سمع تهديده و قال: أنت منحط و اي انحطاط يا غراب !!
عزيز: آخر ما قد يهمني هو رأيك بي لذا لن أقول لك سوي أن انقاذك له كان خطئاً جسيماً
انفعل سالم مع انخفاض صوته: لم و لن أندم علي انقاذه .. ليتني لم ادخل تلك اللعبة من الأساس .. لوثت يدي مع مجرم مثلك !!
عزيز: كلمة " يا ليت" لم تعد مجدية.. حاول أن تتصرف و تسد فم صديقك العزيز أيها المنقذ .. دمت سالماً
غادر عزيز و ترك سالم متحيراً لا يعرف كيف سيخرج من ذلك الموقف دون أن يخسر كاريمان، عزيز السافل ذاك لا يهمه شئ لكن إن سمعت كاريمان بما فعل لأجل الحصول علي القطن ستحتقره مدي الحياة!!
____________بقلم elham abdoo
غادر سالم سريره بقلق بالغ ووقف علي باب غرفة إيفان منتظراً، بعد قليل أقبل نفر من قوة المخفر بعثه اليوزباشي ليتابع الحالة و يحرس الغرفة في قرار تأخر قليلاً، قال النفر للطبيب: حضرة اليوزباشي يريد أن يتم إبلاغه فور استفاقة المصاب ليحقق معه في الواقعة
الطبيب: هو يتحسن لكنه لم يستفيق بعد
أومأ النفر برأسه و سحب كرسياً و جلس امام باب الغرفة و هنا نظر سالم بيأس و خوف لأن كشف الحقيقة أصبح قريبا بشكلِ مخيف
________بقلم elham abdoo
بعد قليل أقبلت كاريمان و رأت سالم واقفاً مقابل الغرفة فسالته: لماذا تركت غرفتك؟!
سالم: لا تقلقي .. أنا بخير الآن
كاريمان : مع ذلك .. هيا لنجلس و اسكب لك كوبا من هذا العصير.. صنعته لك بنفسي في سابقة لم تحدث من قبل
ابتسم سالم و قال: اذن لابد و أن اشرب منه
جلسا علي كرسيين مقابل غرفة إيفان، فتحت كاريمان الحقيبة و اخرجت الكوب و الزجاجة و ملئت له كوباً و قالت : هذا عصير مانجو مغذي .. تفضل .. بالعافية
أخذ سالم الكوب و بدأ في الارتشاف منه بينما ظل يلقي بنظره علي الغرفة في قلق !!
_______بقلم elham abdoo
بعد قليل دخل الطبيب ليطمئن علي المصاب و عندما خرج قال لهم بصوت المنتصر: فتح إيفان عينيه و استعاد وعيه .. حمداً لله
وقف سالم و كاريمان عند سماع الخبر و بينما كانت كاريمان سعيدة كان سالم خائفاً و مهموماً !!
قال النفر : سأذهب لأبلغ سيدي ليأتِ للتحقيق .
اقترب سالم للغرفة و قال للطبيب: هل يمكنني رؤيته
الطبيب: بالطبع فالفضل لك بعد الله
كاريمان: سآتي معك
سالم: اسمحي لي يا أميرة بالدخول بمفردي أولا ثم بعد ذلك تطمنين عليه كما تريدين
تعجبت كاريمان لكنها ظنت أنه قال هذا بسبب ما حدث مؤخراً بينهما فوافقت دون جدل و هنا دخل سالم لايفان بمفرده كما أراد...
رأي إيفان نائم و عينيه مفتوحتين في وهن لكنه ابتسم لرؤية سالم و قال بصوتٍ ضعيف: سالم .. سلمت يا صديقي .. أخبرني الطبيب علي موقفك الشجاع و كيف أنقذت حياتي .. لو قدمت لك الشكر طوال عمري فسيبقي قليل
سالم : لا داعِ للشكر .. فأنت عزيز عندي يا إيفان و لم يكن بمقدوري تركك للموت دون فعل شئ !!
إيفان: دمت لي سنداً يا صديقي
سالم: ماذا حدث بالأمس؟!
إيفان: عزيز هاجمني عندما كنت ذاهب إلي كاريمان لأطلعها علي ما عرفت
سالم: و ماذا عرفت؟!
ايفان: حقيقة مرعبة .. عزيز هو السارق .. تخيل ذلك!!
سالم : كيف علمت ؟!
ايفان: رأيته يتشاجر أمس مع شخص لا اعرفه و عندما حاولت فض الاشتباك وقعت منه مديته فشككت عند رؤيتها لأنها تحمل نفس الأوصاف التي أدلي بها كافور، أخذتها بعدما اوقعها في الشجار و ذهبت نحو منزلي للتحقق من كافور، فتحت لي زوجته و قالت إنه ذهب في عمل ما و سيعود، لم استطع الانتظار فذهبت في طريقي لمنزل كاريمان لعرض المدية عليها لتتعرف عليها فقابلني ف الطريق و هاجمني آخذاً المدية من يدي و طعنني بها ثم لاذ بالفرار
سالم و قد تلعثم و توتر:و ماذا ستفعل؟!
ايفان: سأفضح كل شئ، حتي و إن أخذ مني الدليل و أخفاه فيكفيني كشفه أمام كاريمان و الجميع ليعلمون إنه السارق فأبرأ ساحتي و استريح
سالم بصوت ضعيف: و إن طلبت منك ألا تفعل فهل ستفعل؟!
تعجب إيفان لطلبه كثيراً ثم قال: و لم؟
قال سالم بوجه منحني لأسفل و بعيون مطأطأة بخزي و ندم : أخطأت يا صاحبي .. علمت أن عزيز هو السارق فطرأت لي فكرة بغيضة بالضغط عليه من خلال فعلته كي لا أفضح أمره ليفعل شيئاً انتظرته طويلاً
ايفان بصدمة : لا أفهم!! من فضلك اشرح لي
سالم: ضغطت عليه ليقوم بخطبة فاتن كي أصبح وسيطاً للزيجة و احصل علي القطن لتشغيل مصنع الغزل الذي لطالما حلمت به
إيفان بصدمة : و قد تم ما أردت، لهذا اذن تبرعت بمبلغ مساوي للمبلغ المسروق ؟! كي تريح ضميرك و كأن شيئاً لم يكن .. أليس كذلك ؟!
لم يستطع سالم أن يرفع عينيه بوجه ايفان و قال : نعم .. آسف جداً يا صديقي .. أخطأت و الحلم بذلك المصنع أعمي بصيرتي و ضميري .. سامحني
ايفان: لا تقل صديقي بعد الآن.. انهارت الثقة و الصداقة .. لأجل الدم الذي يجعلني أتنفس الآن سأبُقي كل شئ كما هو لكن كل ما بيننا انتهي .. هنيئا لك بمشروعك!!