رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (بعنوان أنشودة الأقدار) الفصل الخامس عشر 15 بقلم نورهان ال عشري



 رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (بعنوان أنشودة الأقدار) الفصل الخامس عشر 15 بقلم نورهان ال عشري 




 بسم الله الرحمن الرحيم 

الأنشودة الخامسة عشر 🎼💗

أشياء لا تعرفها عني… انا شخص مُتعب للغاية مُثقل بأحمال لا يتسع كتفي لحملها . عاندت قدري يومًا فأقسم على عِقابى دهرًا و انهارت احلامي دفعة واحدة للحد الذي احتارت عيني أيهما تبكي اولًا؟ ولكني صنعت من حُطامها جدارًا بقدر صلابته يُخفي انهيارات عظيمة و خسارات هائلة لا ينقُصها أبدًا وجودك ، فمن بين أنقاض الوجع و غياهب الألم هُناك شئ بأعماق قلبي تمنى لو تكون أنت أول انتصاراته .

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁

تقدمت «جنة» بأقدام مُثقلة بأحمال لم يعُد لها طاقة على إحتمالها و لهذا مزقت وثاق الخوف الذي كان يُكبلها و نفضت عنها هذا الضعف الذي كاد أن يُنهيها .
_ ينفع اتكلم معاك لوحدنا بعيد عن أي حد ؟

لملم أوراقه قبل أن يقول بجفاء
_ اكيد ينفع . جايه من آخر الدنيا و استنتيني ساعتين على ما المؤتمر خلص يبقى الكلام اللي عايزة تقوليه مينفعش مسمعهوش 

اخفضت رأسها بأسى لم يغادر قلبها منذ ذلك اليوم المشؤوم ثم قالت بخفوت 
_ هستناك بره لما تخلص اللي وراك .

كادت أن تغادر لولا كلماته التي أوقفتها 
_ سليم عارف أنتِ جاية تقوليلي ايه ؟

كلماته اخترقت حدود المنطق بالنسبة إليها فدقت طبول الذُعر بقلبها لتلتفت قائلة بجزع
_ لا . س . سليم ميعرفش حاجه . 

رق قلبه لحالها فرسم ابتسامة هادئة على ملامحه قبل أن يتحدث بهدوء قاصدًا طمأنتها
_ اتخضيتي ليه كدا ؟ انا بسأل بس . اقعدي ارتاحي لحد ما اخلص . خمس دقايق و هكون معاكِ .

طاوعته دون حديث فقد كانت تبحث بين الحروف عن كلمات يُمكن أن تُعبر بها عن فداحة ما تشعُر به . لم يكُن ألمًا لفُراق محتوم قد ينال من قلبها بل كان أسى و ندم على ما عانته شقيقتها سابقًا و ما تُعانيه الآن بسببها .

كان الإرهاق الباد على ملامحها يوحي بمدى حزنها الذي أطفأ بريق عينيها و جعلها كزهرة ذابلة زرعها أحدهم و نسي أن يرويها .

_ معاكِ يا جنة . كنتِ عايزة تقولي ايه ؟ 

هربت الحروف من بين شفتيها فأخذت تُطالعه كطفلة صغيرة لا تجرؤ على الحديث عن ذنبها أمام والدها ولكن كان لعينيها رأيًا آخر فأخذت العبرات تنهمر على وجنتيها تحفر وديان من الألم فوق ساحتهما فشعر «سالم» بالحزن لأجل تلك الفتاة التي اندثرت زهرة شبابها أمام كل ما عايشته .
التف ليجلس على المقعد أمامها ثم ناولها أحد المحارم الورقية قبل أن يقول بهدوء
_ سليم قالي أن نتيجة المسح الذري الذري طلعت و الحمد لله أنتِ كويسه يبقى ليه الدموع دي كلها ؟

تزاحمت الحروف فوق شفتيها فهدرت بألم 
_ حتى لو طلعت غير كدا مكنتش هتوجع زي منا موجوعة دلوقتي . انا السرطان متعبنيش قد ما وجعني الغدر و الظلم اللي شفته على ايد حازم .

كان قهرها أمرًا مُروع و تلك الحرقة التي تقطر من نبرتها إضافة إلى طوفان العبرات الذي بلل مقدمة صدرها فكانت مظهرها مروعًا مما جعل «سالم» يقترب قائلًا بحنو
_ موضوع حازم مات و انتهى ليه كل اللي أنتِ فيه دا ؟ 

_ منتهاش . منتهاش ولا هينتهي غير لما ينهيني . 

صمتت لثوان قبل أن تُتابع بقهر 
_ فرح مظلومه . فرح مش وحشه . انا اللي وحشة . انا السبب في كل حاجه وحشة حصلتلها . انا لعنتها الأبدية . 

تزاحم الدمع في عينيها يسقط مُرهقًا كحال قلبها النازف من فرط الألم و كذلك نهنهاتها التي توحي بمن يراها بأن تلك المرأة خسرت جميع معاركها مع الحياة ولم يبقى لها سوى عبرات و حقيبة جراح لا تندمل ولا يُمكِن شفاءها
_ جنة انا مش هعرف اتكلم معاكِ و أنتِ في الحالة دي . ممكن تهدي شويه ؟ 

بدأت تكفكف عبراتها وحاولت السيطرة على جيوش الألم التي تكاد تفتك بصدرها ثم تابعت بنبرة مُتحشرجة 
_ ناجي كان بيهددني و فرح عرفت عشان كدا راحت تقابله . 

زفر «سالم» يحاول تلافي طوفان الغضب الذي يُكشِر عن أنيابه كُلما مر على باله ذكرى ما حدث فجاءت نبرته جافه حين قال
_ احكي كل حاجه حصلت من الأول .

اخفضت رأسها لا تقوى على النظر بوجهه ثم قالت بأسى 
_ ناجي كان بيهددني أنه معاه فيديو ليا انا و حازم لما ..

صمتت لثوان قبل أن تُتابع بخفوت 
_ لما اغت،صبني . وانا من رعبي أن حد يعرف كنت عايزة انفصل عن سليم . مكنتش هقدر اتحمل انه يعرف أو يشوف حاجه زي دي . 

كان الألم يقطر من بين حروفها مما جعل «سالم» يحاول تخفيف الأمر قليلًا إذ قال 
_ خوفك غير مُبرر يا جنة عشان سليم عارف انك ملكيش ذنب 

رفعت رأسها تُطالعه بخزي 
_ لما يسمع غير لما يشوف بعنيه . سليم ميستاهلش مني اوجعه كدا . لو شاف حاجة زي دي عمره ما هيقدر يبص في وشي ولا انا هقدر ارفع عيني فيه ولا فيكوا .

قالت جملتها الأخيرة بشفاه مرتعشة و أكتاف مُتهدله بينما كانت نبرتها جريحه توحي بمقدار الخزي و الألم الذان تشعُر بهمَ ..
_ كملي يا جنة .

هكذا تحدث «سالم» بهدوء فتابعت بنبرة مُتحشرجة
_ فرح حست أن في حاجه بيني و بين سليم و كلمتني و من خوفي أن اللي حصل دا يحصل مقدرتش اقولها حاجه ..

قاطعها «سالم» مُستفهمًا 
_ حصل ايه بينك وبين سليم ؟

_ من كتر وجعي و غضبي من حازم و من اللي بيحصلي بسببه طلبت منه يكتب محمود على اسمه . بس هو مرديش ، فاتخانقنا

قاطعها «سالم» بجفاء
_ بس هو عنده حق دا حرام شرعًا .

لاحت على شفتيها ابتسامة ساخرة لم تصل لعينيها فتجاهلت حديثه و قالت بنبرة محشوه بالوجع
_ هو قالي كده بس انا كنت مخنوقه و مضغوطه جدًا فاتخانقت معاه ، وحصل موقف مروة و ناجي هو اللي قالي أن سليم عندها . في اليوم دا فرح جاتلي و أصرت تعرف انا عرفت منين مكان سليم مردتش اقولها لكن فرح لما بتعوز تعرف حاجه بتعرفها اخدت موبايلي وعرفت كل حاجه. 

صمتت لثوان فقد اتعبها البكاء و الحديث و كل هذا الألم الذي يجيش بصدرها فناولها «سالم» كوب من المياة كان موضوعًا على الطاولة الخشبية فبللت حلقها الجاف من فرط الأسى ثم تابعت بمرارة و كأن صبارًا نبت في جوفها 
_ معرفش حصل ايه بينهم لقيتها جاية تقولي بتكلمي ناجي من امتى ؟ حكتلها كل حاجه و هي كانت هتحكيلك . انا اللي اترجيتها متقولش . 

رفعت عينيها تناظره باعتذار و عينين تتوسلان الصفح 
_ انا اللي اترجيتها والله . مكنتش عايزة حد يعرف . مكنتش هقدر ابص في وش حد فيكوا لو عرفتوا بوجود فيديو زي دا . انا اسفة . انا السبب في كل حاجه وحشة حصلتلكوا . بس والله غصب عني . مكنتش اعرف ان فرح هتروح تقابله . لو كنت اعرف كنت جريت قولتلك . فرح دي اغلى حاجه عندي في الدنيا متحملش أشوفك ظالمها بسببي . ارجوك سامحها . أرجوك متزعلش منها. هي ملهاش ذنب ، وانا اوعدك هختفي من حياتكوا نهائي. 

كانت لوعتها اصعب من أن توصف و أقسى من أن تُحتمل . جسدها ينتفض و عبراتها لا تتوقف و شفاهها ترتجف بينما عينيها كانت بحرًا من الدماء يتماوج بها مُختلف الشعور وكان أقصاهم الخزي ، و أشدهم الذنب ، وهنا صدح بعقله استفهام مُلِح كيف لطفله مثلها أن تحتمل كُل هذا ؟ كيف لهذا الجسد الضئيل أن يتحمل كل تلك الأثقال التي تُهلٌك أعتى الرجال ؟ 
شعر بانتفاضة قلبه تأثرًا بحال تلك المسكينة فامتدت يديه تحوي كفها المرتجف وهو يقول بحنو لا يعلم من أي جهة تسرب إلى قلبه 
_ كل دا شيلاه في قلبك يا جنة ؟ ليه كدا ؟ دا انتِ لو بتموتي نفسك في البطيء مش هتعملي كدا ؟ 

رفعت راسها تناظره بلوعة لونت نبرتها حين قالت 
_ انا نفسي اقعد اصرخ لحد ما اقع من طولي . حاسه ان قلبي بيتعصر من جوا من كتر الوجع . نفسي احس اني عايشة حياة طبيعيه . نفسي انام يوم متطمنة . انا تعبت اوي . لو مكنش الانتحا،ر حرام اقسم بالله كان زماني ميته من يوم ما حازم اغت،صبني . 

صمتت لثوان قبل أن تقول بنبرة تتضور وجعًا 
_ انا مش في أيدي حاجه غير اني اعيش وجعي و خوفي و ألمي وانا ساكته . خايفه انطق الدنيا تتقلب من جديد زي ما حصل معاك انت و فرح . 

لأول مرة يعجز عن الحديث فأي كلمات تُقال قد تُخفف من وطأة هذا الحزن الدامي الذي يتبلور في عينيها و يتساقط من بين حروفها ؟ أي وغد هو أخاه حتى يقوم بفعلته الدنيئة مع تلك الفتاة البريئة ؟ 
زفر بتعب قبل أن يقول بلهجة مُشجبة
_ غلطانه يا جنة . أنتِ وفرح جزء من عيلتنا ، والغلط اللي أنتِ خايفة منه دا احنا نشيل نصه و حازم يشيل نصه أنتِ ملكيش ذنب فيه . 

«جنة» بمرارة تمتد من القلب الى الحلق 
_ للأسف انا اللي شيلته الشيلة كلها . ولسه بدفع تمن اني أشفقت على شخص مريض . يمكن دا ذنب عملته و ربنا بيخلصه مني . انا راضيه بنصيبي بس كفاية فرح تتعذب بسببي . فرح تعبت اوي معايا .

«سالم» بجفاء
_ فرح بتتعاقب على تفكيرها الغلط . خليها بره كلامنا . أنتِ دلوقتي تفكيرك غلط . أنتِ ترفعي راسك و اوعي توطيها تاني . اوعي تقولي الكلام دا أبدًا . العيلة مش مجرد كلمه . لا . العيلة دي ونس و صحبة و أمان و سند و احتواء . 

استمهل نفسه قبل أن يُتابع بقوة
_ وبعدين الضعف اللي أنتِ فيه دا هيغرقك . لازم تكوني قويه . طول ما أنتِ ضعيفة الدنيا مش هتبطل تكسر فيكِ . 

«جنة» بأسى
_ قوية مرة واحدة ! انا حتى مبلحقش اشم نفسي . 

يعلم كم هي مُحقة ولكن لابد من أن تتجاوز كل ما آلامها قبل أن تُجهِز عليها
_ لازم تشمي نفسك و تقفي على رجليكِ . عشانك و عشان ابنك و عشان سليم ، وعلى فكرة أنا لو مكنش حرام اني اغير اسم محمود كنت بنفسي كتبته باسم سليم سواء كان حازم ميت ولا عايش 

برقت عينيها من حديثه و التمع الشك بنظراتها فتابع «سالم» بفظاظة
_ حازم ميستحقش يكونله ابن زي محمود . لو مفكره اني يومين و هطبطب على حازم و يرجع يعيش حياته طبيعي معانا تبقي لسه متعرفنيش . 

«جنة» بترقب
_ اومال هتعمل معاه ايه ؟ 

«سالم» بقسوة التمعت في عينيه و تجلت في نبرته حين قال
_ كان مفروض يا اما اقت،له يا اما اسلمه بايدي للشرطة . بس في الحالتين هبقى حكمت على عيلة كاملة بالضياع و الفضيحة ، وهبقى حكمت عليكِ أنتِ و محمود تعيشوا طول حياتكوا موطيين راسكوا . 

صمت لثوان يُتابع انفعالاتها و ملامحها التي بدا عليها الاقتناع ثم تابع بخشونة
_ حازم عايش أسوأ حياه كان يتخيلها في حياته ولما يتعدل و يبقى بني آدم هيبتدي عقابه ، وقولتهالك قبل كدا مش هيحصل غير اللي أنتِ عايزاه و استنيتك تيجي تقوليلي عايزة ايه مجتيش .  
 
«جنة» باندفاع 
_ مفيش حاجه هتشفي غليلي منه . انا عمري ما كنت شخص حاقد و بسببه بقيت شخص الكره ماليه .

_ حقك . مش بلومك . أنتِ محتاجه تتعافي من اللي حصل عشان تقدري تكملي حياتك و تعيشي صح ، وانا معاكِ في كل اللي أنتِ عايزاه .

للمرة الثانية التي تستمع لهذا الوعد منه ولكنها الآن ستُطالبه بتنفيذه في أسرع وقت 
_ يعني لو طلبت منك طلب تنفذهولي ؟

«سالم» بفظاظة
_ اي طلب بعيد عن فرح اعتبريه اتنفذ . 

صمت لثوان قبل أن يُضيف بتحذير 
_ عشان كدا فكري كويس اوي قبل ما تطلبي . 

عبأت جوفها بالهواء علها تطفئ تلك النيران الموقدة داخل صدرها و بأعين أهلكها الوجع و لهجة مُشبعه بالأسى صكت فرمان هلاكها 
_ عايزة امشي . 

كان يتوقع ذلك ولكنه واصل صمته في دعوة لتكمله حديثها فتابعت بلهجة مُشجبة
_ عايزة ابعد يمكن اقدر أتعافى . 

شعر بشيء آخر خلف نظراتها المُلتاعه فقال بريبة
_ في سبب تاني ورا طلبك دا غير الكلام اللي قولتيه من شويه ؟ 

امتقع قلبها و أخذ يتلظى بنيران الجَور وهي تتذكر ما حدث ذلك الصباح

عودة لوقت سابق 

توجهت «جنة» إلى غرفة« أمينة» تجُر قدم وتؤخر الثانية تُريد الاعتذار منها على كل هذا التجاهل الذي بدر منها في الآونة الأخيرة و حين أوشكت على إدارة قفل الباب تجمدت أناملها حول الحلقة الحديدية كما تجمدت الدماء في عروقها حين سمعت كلمات «أمينة» المُعذبة 
_ قلبي وجعني يا همت لما سمعته بيسأل سالم عن حازم و صوته زي مايكون هيبكي .

«همت» بتأثر
_ اللي حصل مكنش سهل يا أمينة ، و خصوصًا على واحد زي سليم . دا عمره ما قِبل الغلط . عايزاه يقبل ازاي بكل الكوارث اللي حازم عملها ؟ 

«أمينة» بحرقة
_ انا السبب . انا اللي دلعته بزياده و كنت بخبي كل مصايبه على اخواته و اقول شاب و بكرة يعقل . اتاريني كنت بساعد في ضياعه اكتر و اكتر 

«همت» بمواساة
_ بتقولي ايه بس يا أمينة ؟ أنتِ يعني كنتِ هتعرفي أنه ممكن يعمل جر،يمة زي دي و سكتيله ؟ و بعدين الزمن كفيل يغير كل حاجه و مسيرهم يرجعوا لبعض تاني دول مهما كان اخوات و الضفر عمره ما يطلع من اللحم 

«أمينة» بأسى 
_ سليم مش ممكن يسامح حازم أبدًا . يمكن سالم في يوم من الأيام يسامحه انما سليم لا . انا عارفه ابني . هيفضل يتعذب طول عمره ما بين اخوة و مراته 

«همت» بصراحة انتفض لها قلب جنة
_ بصراحة يا أمينة . سليم موقفه صعب يعني لو مكنش اتجوز جنة كان ممكن ربنا يهدي الحال ما بينهم انما بعد ما اتجوزها استحاله يتقبل وجود حازم حتى لو هو ييتعذب عشان اخوه . 

انسدلت العبرات من عينيها و دون الألم شعائره بتجاعيد وجهها وهي تتسائل بأسى
_ يعني ولادي عمرهم ما هيرجعوا يتجمعوا تاني أبدًا ؟ 

زفرت «همت» بحزن تجلى في نبرتها حين قالت 
_ طول ما جنة بينهم عمرهم ما هيتجمعوا تاني أبدًا . اعذري سليم دا راجل و دمه حامي واللي حصل مكنش هين .

عودة للوقت الحالي

فاقت من شرودها على صوته الفظ حين قال
_ كل دا بتفكري على إجابة لسؤالي يا جنة ؟ 

تحشرجت نبرتها حين أجابته بمراوغة
_ لا أبدًا أنا بس سرحت في فرح . انا سيباها تعبانه 

اندفعت الأحرف من بين شفاهه مُتلهفة
_ مالها ؟ 

«جنة» بعتاب
_ يعني تعب الحمل مع الزعل . 

نظف حلقه قبل يقول بفظاظة مُغيرًا دفة الحديث
_ مجاوبتيش على سؤالي في أسباب تانيه لطلبك دا ؟ 

استجمعت جأشها قبل أن تقول بجفاء
_ لا . 

اومأ برأسه قبل أن يقول بفظاظة
_ تمام . اللي أنتِ عايزاه . بس خلي بالك سليم مش هيقبل بكدا ، و دي حاجه انا مقدرش ادخل فيها . دي حلوها بينكوا .

و كأنه ألقى بها أمام ثيران الألم التي تهيج عند رؤية الد،ماء . دما،ئها التي حتمًا سيذرفها قلبها حين تُخبره بقرارها .
_ تمام . انا ممكن اروح عند جدي . وقتها…

قاطعها «سالم» بجفاء 
_ لا . تبقي كدا بتصعبي الأمور على نفسك و علينا ، و هتدخلي في دوامة استفهامات معتقدش انك عندك القدرة تجاوبي عليها .

كان حديثه صحيحًا ولكنها كانت تبحث عن مأمن يحميها من ضعفها أمامه فماذا ستفعل الآن ؟ 
_ طب انا هعمل ايه ؟ و هروح فين ؟ 

صمت لثوان قبل أن يُتابع بنبرة يشوبها المكر
_ ايه رأيك تقعدي عند صفوت و سهام ؟ منها تبقي بعيد و منها ابقى مطمن عليكِ 

بتر الشق الأهم من أسبابه وهي كونها ستكون نُصب عيني شقيقه الذي حتمًا لن يقبل أن تُفارقه و سيفعل المستحيل لاستعادتها و لهذا يُريد تيسير الطرق أمامه لفعل ذلك .
استسلمت أمام أسبابه التي بدت معقوله فقالت بهدوء
_ تمام موافقه . بس انا معرفهمش اوي ..

_ هتعرفيهم و هتحبيهم . كمان نجمة بنتهم هتبقى مرات ابن عمك و خطوبتهم قريب اوي و اعتقد دا عذر مقبول لوجودك هناك . يعني قدام جدك و ولاد عمك .

«جنة» بجمود 
_ خلاص موافقه . 

شعر بألمها الذي تبلور في عينيها و كم الأذى الذي طال قلبها وهي تنوي الفراق لذا قال بلهجة مُحذرة ولكنها تحوي الطمأنينة بين طياتها 
_ أول و آخر مرة تخبي حاجة عني . أنتِ زيك زي حلا . لا تخافي و لا تتكسفي من اي حاجه أبدًا . فاهمه ؟ 

لونت ملامحها ابتسامة هادئة لا تخلو من الحزن حين قالت 
_ فاهمه . 

أضاف بلهجة هادئة 
_ متقلقيش من تهديد الكلب دا محدش يقدر يأذيكِ ولو بنظرة و الموضوع دا تقفليه و كأنه محصلش . 

_ بس ..
«سالم» بصرامة 
_ من غير بس . كلامي يتنفذ . 

اومأت بصمت قبل أن تقول بتوسل 
_ طب ممكن تصالح فرح اصل..

قاطعتها نبرته الجافة حين قال
_ متقلقيش على فرح . اللي بيني و بينها مش اي حد يفهمه .

طمأنتها كلماته و تلك اللمعة في عينيه حين ذُكِر اسمها فابتسمت بخفة قبل أن تقول 
_ انا عارفه أن انت عمرك ما هتقسى عليها ، وهي عمرها ما تقدر تبعد عنك . 

كلماتها أيقظت وحوشًا و براكين يُحجِم اندفاعها بشق الأنفس . يتمنى لو كانت أمامه الآن حتى يُفرغ بها شُحنات غضبه منها و شوقه الضاري لها . يرتجي نبيذها المُسكِر حتى تتخدر جراحه قليلاً ولكن جميعها أمنيات صعبة المنال .

حركة غير طبيعيه في الخارج تحديدًا عند الحديقة الخلفية أثارت فضوله فنصب عوده وهو يتوجه إلى الخارج بعد ان استأذن من« جنة» على عُجالة
_خليكِ هنا خمسة و راجعلك . 

توجه للخارج لمعرفة ماذا يحدُث فتفاجئ حين شاهد صناديق كرتونية بأعداد كبيرة و الكثير من الفلاحين يقفون في طابور في نهايته بضع رجال يُحيطون أحدهم فتقدم عدة خطوات حتى برقت عينيه لدى مشاهدته ل«مروان» الذي كان يجلس حول منضدة ممسكًا بقلم و أمامه عدة أوراق .
احتدت ملامحه حين فطن إلى ما يحدُث فتقدم بخطٍ يُرافقها الغضب الذي تصاعد حين سمع كلمات ذلك المعتوه
_ بقولك ايه يا ابو شقفة انت واخد كرتونة كبيرة يعني لينا عندك صوتين .

تحدث الرجل بعدم فهم 
_ صوتين ازاي يا مروان بيه اني مينفعش غير اصوت مرة واحدة 

«مروان» بنفاذ صبر 
_ لا بقى متحمرقش .احنا متفقين و بعدين مش لازم في المرتين تصوت يعني مرة تصوت و مرة تزغرط عادي مش هتغلب . يالا اللي بعده .

لم يكد يُنهي جملته حتى تفاجيء بتلك اليد القوية التي تجذبه من أسفل عنقه وذلك الصوت المُرعب بجانب أذنه 
_ عايز افهم ايه اللي بيحصل هنا بالظبط ؟

انتفض« مروان» ذُعرًا حين تفاجئ ب«سالم» الذي من المفترض أن يكُن في لقاء مع أحد الصحافيين ولكنه قام بإلغاءه من أجل مقابلته مع« جنة» و إذا به يُمسِك به بالجُرم المنشود 
_ ايه يا كبير حد يطب على حد في وقت غير مناسب كدا ؟

«سالم» بحنق
_ وقت غير مناسب ؟ دا انت نهارك اسود . انت بتعمل ايه ؟ 

«مروان» باندفاع
_ بطلع شنط رمضان .

«سالم» بتهكم
_ بتطلع شنط رمضان قبل رمضان بتلت شهور 

«مروان» بتهكم
_ اه عشان الناس تلحق تبل البلح ..

صرخ« سالم» في الجميع 
_ يالا كل واحد على بيته مش عايز اشوف حد هنا 
التفت ناظرًا إلى «مروان» فاشتدت شراسه معالمه فتراجع الأخير قائلًا بذعر
_ ايه يا كبير انت هتقرقشني ولا ايه ؟ لا دانا ابن عمك حبيبك . 

تحدث «سالم» مغلولا 
_ ابن عمي حبيبي .دا انت بلاء معرفش اتحدف عليا من انهي داهيه ؟ بقى بترشي الناس عشان تنتخبني يا مروان ؟ 
«مروان» بتبرير
_ عيب يا باشا والله دا انا تربيتك تظن فيا كدا بردو ؟ 

«سالم» بتهكم
_ تربيتي ! والله ما شفت ولا ربع ساعة تربية . اومال أفسر اللي شفته دا بأيه ؟ 

_ بص يا كبير . انا واحد حظه اسود في كل حاجه ، واكبر دليل طبعًا عمتك همت اللي منغصه عليا عيشتي . ادعي عليها مش نافع . اطفش منها مش نافع . اموتها و اخلص هبقى بضيع زهرة شبابي ، فقلت ايه يا واد يا مروان . اعمل خير ، ففكرت اعمل شويه الكراتين دي صدقة على روح عمتك اللي ربنا هياخدها أن شاء الله ، فحبيت اضرب عصفورين بحجر منها اعمل خير و منها ارشي الناس . قصدي اقنع الناس تنتخبك . 

اشتدت ملامحه و برزت عروق رقبته دلالة على مدى غضبه فالتفت إلى أحد الحرس قائلًا 
_ هات سلاحك ؟ 

«مروان» بغباء
_ ايه هنطلع نصطاد ولا ايه ؟ 

«سالم» بوعيد 
_ اه هصطاد جديان . 
_ ايه دا هو في هنا جديان ؟ 

«سالم» بحنق
_ في واحد واقف قدامي اهوه ، و هطلع بروحه أن شاء الله 

«مروان» بصدمة 
_ نهار اسود قدامك ؟ يبقى انا . أنا جدي ؟

«سالم» بتهكم 
_ دا سؤال ولا إجابة ؟ 

«مروان» بسخرية و هو يتراجع إلى الخلف بخطٍ وئيدة
_ طب بقولك ايه لما تمسك الجدي اللي قارفك في عيشتك دا أبقى عينلي الحلويات بتاعته عشان بحبها. سلامو عليكوا 
قال جملته و انطلق هاربًا من أمام عيني «سالم» التي بدت و كأنها على وشك الخروج من محجريها من فرط الغضب .

★★★★★★★★

اخذتها قدماها إلى تلك الأماكن التي حملت ذكريات تحمل النقيضين ما بين وجعًا عظيم و عشق أعظم ولكن كان الأخير بداخلها لا يوجد شيء يُضاهيه حتى ان قلبها كان يتلهف لتلك اللحظات التي قضتها بقربه هانئة قبل أن يأتي طوفان الماضي ليغرقهما من جديد .
اقتربت من تلك الفرسة التي كانت تعشقها لتقول بشوق
_ وحشتيني . ياترى لسه فكراني ؟ 

صهلت الفرسة و كأنها تشاطرها الشوق فامتدت يديها تُداعب عنقها بحنو يُنافي ذلك الاسى الذي تجلى في نبرتها حين قالت 
_ انا كمان فكراكي . مصيبتي الكبيرة اني مبعرفش انسى . كل حاجه بتنطبع في ذاكرتي مبتتمحيش .

اخرجت الهواء المُعبأ بصدرها دفعة واحدة قبل أن تقول بلوعة
_ ياااه لو الأنسان يفقد الذاكرة . ينسى كل حاجه وجعاه . يعيش حياته بقلب جديد مفهوش شروخ ولا وجع مدفون بنحاول نداريه بضحكة باهته بنرسمها على وشوشنا. 

تبلور الألم بعينيها فانسلت دمعة هاربة كانت تحمل طابع التمني الذي تجلى في نبرتها حين قالت
_ تخيلي اصحى من النوم الاقي نفسي نسيت كل حاجه مش فاكرة حاجه غيره . هو و حبه اللي معشش في قلبي . تخيلي قلبي يدق لأول مرة وهو فرحان من غير ما يكون في حاجه تنغص عليه فرحته.  

رفعت رأسها في السماء وهي تسحب نفسًا طويلًا و كأنها تستشعر حلاوة تلك الأمنية البعيدة المنال ثم تابعت بخفوت 
_ قد ايه الأمنية دي على قد ماهي جميلة على قد ماهي بعيدة . 

زفرت بتعب قبل أن تقول بخفوت
_ الحمد لله على كل حاجه . انا راضيه . و عشمانه في ربنا . عشمانه اوي في ربنا .

كررت جملتها بتمني لتتفاجيء بتلك اليد القوية التي عانقت خصرها بقوة تتنافى مع ذلك الشوق الذي يُغلف نبرته حين قال
_ طب ما تيجي وانا احققلك أمنيتك و انسيكِ اسمك .

رجفة قوية من نوعٍ خاص أصابت قلبها جراء مُلامسته لخصرها و تلك الدغدغات التي أصابت حواسها جراء كلماته التي تحوي الكثير من الشغف بين طياتها فأخذت نفسًا قويًا و اسبلت جفنيها تتمزز بروعة حضوره الطاغي فكان مشهدا رائعًا تنتشي العين برؤيته فأخذ يُمرغ أنفه صعودًا و هبوطًا فوق جدار عنقها الناعم يواصل هجومه الشر،س على قلبها الرهيف فخرجت آنه مُعذبة من بين شفتيها قبل أن تقول بخفوت
_ سليم .

_ حياة سليم .

لطالما عشقت تلك الكلمة من بين شفتيه لتنخرط في دوامة من المشاعر اختطفتها من بين براثن ذكرياتها المريرة و واقعها الأليم لتسمو بها في سحابه من المشاعر اللذيذة التي تكتنفها في تلك اللحظة فجاء همسها قاتل حين قالت
_ هتفضل تحبني لحد امتى ؟

أخذت أنامله تنقش لحنًا مُغريًا فوق خصرها المنحوت بينما شفتيه تعذف بعذوبة سيمفونية عاشقه انتشى لها قلبها 
_ لحد ما عمري يخلص هفضل أحبك . حتى لو حبك صبار هتحمل شوكه و كأنه ورد بس تكوني جنبي .

همست بنبرة مُلتاعه 
_ افرض الدنيا مش حبانا سوى ؟ 

جاءت نبرته قويه بقدر ما تحمله من عشق استشعرته في لمساته فوق عنقها و كلماته بجانب أذنها
_ هجبرها تتحملنا سوى . مش هسمح لها تبعدني عنك . طول ما فيا نفس هتفضلي في حضني و جوا قلبي .

تنهيدة حارقة اخترقت جوفها وشعر هو بصداها في صدره الذي يعانق ظهرها فلم يعُد يحتمل شوقه ولا عذابها الذي يؤرق لياليه لذا همس و يديه تجذبانها إلى حيث يُريد 
_ تعالي معايا..

لم يُتيح لها فُرصة للاعتراض فقام بحملها كعروس وهو يتوجه بها إلى مكان أشتاقته بقدر ما تمقت ذكرياتها المريرة بداخله .
ضرب باب المُلحق بقدمه وهو لايزال يحملها بين يديه ثم اغلقه قبل أن يتوجه بها إلى غرفتها القديمة فهمست باستفهام
_ سليم . انت..

قاطعها وهو يتوغل بنظراته في أعماق بحرها الأسود اللامع رغمًا عن هذا الألم الهائل الذي يتمثل في خيوط حمراء إثر بكائها الذي لا يعرف سببه 
_ انا من اللحظة دي مش هسيبك و لا هسمحلك تبعديني عنك . النهاردة اتكتبلي عمر جديد وانا بسمع الدكتور وهو بيقول انك خلاص بقيتي كويسة . 

استمهل نفسه قبل أن يستند برأسه على مقدمة رأسها وهو يقول بصوت هامس ذو نبرة مُلتاعة
_ سبيني استمتع باللحظة دي . عايز تبقى ذكرى جميلة نفتكرها عمرنا كله . خليني افرح بيكِ و معاكِ 

هل يُمكن لها أن تُقاوم ذلك العشق الذي احاطها به و كأنه هالة من نور حاوطتها لتحجب سهام الألم عنها ؟ 

احتوت بكفوفها عنقه لتُشدد من ضمة رأسه بين احضان حنانها الذي انساب من بين شفتيها حين قالت بخفوت
_ اكتر حاجه بتمناها في حياتي اني اقدر افرحك . 

تربع فوق المقعد وهي لازالت متربعة بجانب قلبه الذي بين الدقة و الأخرى يهمس باسمها و بالمقابل اقترب يُلثم موضع نبضها الذي يؤازره بكل ما أوتي من عشق تجلى في نبرته حين قال 
_ يبقى تسبيلي نفسك خالص وانا كفيل امحي منها كلمة وجع و ميبقاش غير سليم و عشقه اللي مبينتهيش .

ارتوى قلبها حتى الخدر فلم يعُد مجال للفرار أو الهرب من ذلك الرجل الذي وشمها بعشقه إلى الأبد فأضاءت ملامحها بسمة رائعة كانت دعوة صريحة لاجتياحها كطوفان اغرقها وغرق معها في بحور الهوى الذي أذاب كل ذرات الوجع المحفور بثنايا قلبها وبددها إلى هيام و همهمات متلذذة انفلتت من بين شفاهها فانهال يقتطفها بشفتيه التي كانت قاسية على قدر لهفته حانية على قدر هيامه بها فصارت تذرع ورود العشق فوق ساحة جسدها الذي جرده من كل العوائق لتتنعم عينيه بمطالعته فأخذ يُغازلها تارة بالكلمات و تارة بالأفعال و يتغنى بجمالها تارة و بعشقها تارة أخرى وهي بين يديه ذائبة متلهفة لطقوس هوسه التي كانت يُمارسها باحترافيه جعلت كل ما فيها يضُج مُطالبًا بقربة فلم يبخل عليها و صار يعمق اقترابهم وشفتاه تُمجد كل انش بها موثقًا تلك اللحظات الرائعة بالكلمات العذبة التي نالت من قلبها فخضع لسطوته و تنحى أمامها سائر قراراتها الهوجاء بتركه فكيف يترُك المرء وطنًا احتوى شروده و بدد وحشته ؟

★★★★★★★★

مُشتت ضائع حائر و أخيرًا مُشتاق . هذا هو حاله منذ حديث «جنة» و اخبارها له عن تعبها الناتج عن حزنها . نشب القلق حوافره بقلبه الذي يرتجي وصالها ضاربًا عرض الحائط كل آلامه الهائلة و خذلانه العظيم منها. و قد كان هذا الأمر يستفزه بقوة كيف له أن يشتاقها بتلك الطريقة على الرغم من فعلتها النكراء ؟ 
لا يزال يهتز جسده و ينتفض قلبه حين يتذكر عناقهم الأخير و مشاجرتهم و كيف أنها كانت تفتعلها فقط لإنها لا تعلم كيف تخبره بأنها تُريد احتضانه ؟ 
يرتج قلبه كلما تذكر جملتها التي أصابت ثباته في مقتل 
_ عايزة أحضنك قبل ما تمشي ..

تلك الكلمات تولد شحنات الشوق بقلبه فيشعر بأنه على وشك تحطيم كل شيء و التهام الخطوات التي تفصله عنها كي يزرعها بإحدى ثنايا قلبه يغترف من عشقها حتى يُجهز عليها . تلك المرأة التي تدفعه إلى الجنون بكل أفعالها. تمردها ، عنادها ، كبريائها وشموخها أقل الأفعال منها تُثيره حد الهوس . لم يتخيل يومًا أن يقع في العشق بتلك الطريقة المؤذيه. اجل تؤذيه طريقة عشقه لها فلا يستطيع مقاومتها ولا عقابها ولا حتى الابتعاد عنها فاي جحيم قد ألقي به على يديها ؟ 

زفر بغضب و قام بالتقاط الهاتف لمكالمة والدته التي أجابت بحبور
_ عامل ايه يا حبيبي ؟ وحشتنا يا سالم .

«سالم» بخشونة
_ الحمد لله ياا أمي . انتوا أكتر . طمنيني عنكوا

_ بخير يا حبيبي متشيلش هم . اهم حاجه انت عامل ايه الانتخابات خلاص آخر الاسبوع ايه الدنيا عندك ؟ 

يضيق صدره بكل تلك الاستفهامات يُريد شيئًا واحدًا الأطمئنان عليها ولكن الكلمات ثقيله تأبى عبور شفتيه 
_ الحمد لله يا أمي متقلقيش . المهم انتوا كويسين ؟ 

«أمينة» متعمدة أن تراوغه
_ اه يا حبيبي الحمد لله . خلي بالك من نفسك ، و ابقى طمني عليك .

تشعب الغضب إلى أوردته فأطلق زفرة حانقة قبل ان يقول بجفاء
_ والهانم اللي عندك عاملة ايه ؟ 

حاولت كتم ضحكتها بصعوبة وهي تنُظر الى« فرح» التي كانت تقف بجانبها تكاد تكون ملتصقة بها يتلهف قلبها لسماع صوته فقد اشتاقته حد الألم 
_ هانم مين تقصد فرح ؟

«سالم» بحنق
_ ايوا هي . عامله ايه ؟ 

«أمينة» بحزن مفتعل
_ هتعمل ايه يا اما نايمة يا اما قاعدة في الجنينة . معلش اصل الحمل في الشهور دي بيبقى صعب . ياريت يا سالم تبعتلنا مروان يهدي الدنيا هنا شويه و يخفف عنها التعب انت عارف خفة دمه و فرح كمان بتحبه وبتحب هزاره

كاد أن يُحطم الهاتف بين يديه إثر حديث والدته الذي أثار حنقه بقوة فتجلى غضبه في نبرته حين قال 
_ والله يعني اخلي مروان يسيب شغلنا واللي ورانا عشان ييجي يضحك ست هانم . يا حاجه بقولك ايه خلي بالك من اكلها يكون كله صحي و مواعيد ادويتها عشان دي مهملة و بتنسى نفسها .
شهقة خافته خرجت منها جراء سماعها كلماته التي استفزتها ولكنها اخترقت قلبه الذي شعر بوجودها فلم يستمع إلى حديث والدته التي قالت بتخابث
_ حاضر من عنيا هقولها سالم موصيني اخلي بالك من أكلك و ادويتك حاجه تاني ؟ 

لم يُجيبها إنما كان بعالم آخر و هو يتخيل أن تكُن بجانب والدته تستمع إلى حديثه بينما هو مُحرم عليه سماع صوتها فاغمض عينيه بتعب فقامت« أمينة» بقلب الهاتف و وضعه على الطاولة وهي تقول 
_ باين الشبكة قطعت ولا ايه ؟ مبيردش . سامعه يا ست هانم معذبة ابني ازاي ؟ قاعد في آخر الدنيا شايل همك . هتتعدلي امتى يا بت أنتِ ؟

استدارت «فرح» تجلس بجانبها وهي تقول بحزن 
_ يعني أنا هنا اللي مش متعذبة ؟ دانا مبيعديش عليا يوم واحد حلو . مفيش ساعه واحدة بتمر عليا من غير ما اعيط. كل ما افتكر اللي حصل قلبي يوجعني . 

«أمينة» بمواساة 
_ كله من الكلب ناجي الله يجحمه. طب يا بنتي ما نجرب نقول لسالم انا عماله اجبها يمين و اجبها شمال ملهاش حل غير كدا . مش هنعرف نحلها من غيره .

انتفضت «فرح» من مكانها وهي تقول بتوسل 
_ لا يا ماما بالله عليكِ . جنة هتموت لو حد عرف بحاجه زي كدا . هو انا سهل عليا اخبي عليه ؟ لو شوفتي جنة وهي منهارة وبتتحايل عليا اني مجبش سيرة لحد كان قلبك هيتفطر عشانها . 

تدافعت العبرات من مقلتيها وهي تُتابع بحرقة
_ مش هتقدر ترفع عينها في حد منكوا. انا كل ما افتكر منظرها احس أن قلبي دا بيتعصر . خصام سالم مش سهل عليا والله. بس انا بين نارين .

«أمينة» بحزن 
_ بس مش هينفع نفضل ساكتين كدا يا فرح . طب أنتِ و سالم هتفضلوا كدا على طول ؟ 
«فرح» بأسى 
_ سالم جرحني اوي يا ماما . دا قالي متلزمنيش . الكلمة كإنها سك،ينة و اتغر،زت في قلبي . حسسني اني كإني كنت بخونه . داس على قلبي و على كرامتي وهو عارف غلاوته عندي عامله ازاي ؟ 

أنهت كلماتها و انخرطت في نوبه بكاء مريرة فاحتضنتها «أمينة» بقوة وهي تحاول تهدئتها
_ يا بنتي متعمليش في نفسك كدا و التمسيله العذر . الموقف مش سهل على اي راجل . أنتِ غلطتي بروحتك ليه يا فرح حتى لو أسبابك ايه دا مجنون يا بنتي . كان ممكن أذاكِ ..

قاطعتها بقهر 
_ ماهو آذيني فعلًا . تهديده لجنة دا أكبر أذى ممكن يأذيهولي يا ماما . جنة دي روحي عارفة يعني ايه روحي ؟ انا تعبت اوي . حاسة اني نفسي اغمض عيني مفتحهاش عايزة افصل من كل حاجه و مش عارفه .

أخذت «أمينة» تربت على كتفها بحنو وهي تقول بتعقُل 
_ سواء وافقتي أو لا الحل للي أنتِ فيه دا هو سالم يا فرح . محدش هيقدر يساعدك غيره . لازم يعرف ملهاش حل غير كدا و كمان عشان تصلحوا اللي حصل بينكوا دا 

«فرح» بألم 
_ يا ناس افهموني . مقدرش أفضح سر اختي قدام أي حد مقدرش ارجع في وعدي ليها ، و بعدين بقولك قالي متلزمنيش يا ماما . اروح أقوله ايه ؟ حتى قبل ما يسافر لما قولتله اني عندي اسباب قالي متلزمنيش . هو مش عايز يعرف حاجه . خلاص فرح اتشوهت صورتها في عنيه . مفيش حاجه واحدة حلوة شفعتلي عنده . 

«أمينة» برزانة
_ غلط يا فرح . لو كان كلامك صح مكنش هيتصل يسأل عليكِ وهو في ظروفه دي و يطمن على كل حاجه تخصك . اتنازلي و روحيله 

هبت من مجلسها وهي تقول بعناد 
_ مش هعمل كدا يا ماما . مش هعمل كدا . حتى لو هموت من غيره مش هروحله ، 

عند هذا الحد اغلق «سالم» الهاتف فمنذ أن سمع كلمات والدته لم يستطِع اتباع تحذيرات عقله و أخذ يستمع إلى حديثهم حتى جملتها الأخيرة فقام بإلقاء الهاتف على المكتب أمامه وهو يصيح بانفعال 
_ ماشي يا فرح أما ربيتك ؟ بقى كمان انتِ اللي مش عايزة تتنازلي ؟ 

وسط صيحات غضبه لم يلحظ دخول «مروان» الذي صاح بعويل
_ يا نهار ازرق هي وصلت للدرجة دي ؟ بتكلم نفسك الباشا بتاعنا بيكلم نفسه ؟ الله يخربيتك يا فرح .

انتفض إثر سماعه آخر كلمة فزمجر بشراسة
_ انت يا زفت الطين لو قولت الله يخربيتك يا فرح دي تاني هطلع عين أهلك . هو بيتها ناقص ؟ 

التمع الخبث بنظراته فتقدم إلى داخل الغرفة وهو يقول بمكر
_ من واقع خبرتي كحبيب قديم الباشا وحشته المزة بتاعته . طب ما تروحلها ؟ 

دق قلبه رغمًا عنه بكلمات «مروان» ولكنه تجاهل تأثيرها عليه فزمجر بخشونة
_ اخرس خالص . و ايه مزته دي ؟ اتلم احسنلك ..

«مروان» بتخابث
_ يا عمهم البنية حامل و البت سما بتقولي دمعتها على خدها معرفش تقريبًا سما بهتت عليها ولا ايه؟ بس قاعدة طول النهار مصدرالهم الوش الخشب لما جابتلهم الفقر هناك . 

«سالم» مُحذرًا 
_ قولتلك اتلم احسنلك و بعدين انت متأكد من الكلام دا ولا سما بتهول زيك ؟ 
اندفع قائلًا بنفي
_ لا بتهول ايه دي مأكدالي أنها هتموت في بعادك ، وانا عشان صاحب مخلص خليت البيت كله يخاصمها بعد ما زعلتك . اه لازم تعرف انك مسنود وراك رجاله ياكلوا الزلط اومال تزعلك و نسكت 

برقت عينيه من حديث «مروان» فتحدث بهسيس مُرعب
_ لحظة واحدة . انت بتقول مخلي البيت كله يخاصمها ؟
«مروان» بتأكيد 
_ اه طبعا.
«سالم» بوعيد 
_ و مين بقى اللي مخاصمها بالظبط ؟

مروان وهو يبدأ بالعد على أناملة
_ انا . و سما و سلومة الأقرع و عبدو موته .

سالم باستفهام 
_ مين عبدو موته دا ؟

«مروان» موضحًا 
_ طارق دا النيك نيم الجديد بتاعه . استنى أما اكملك و عمتك و شيرين و دادة نعمة و عم مجاهد و امك الصراحة مقدرناش عليها فسبناها

عض على شفتيه السفلية بحنق قبل أن يقول بهسيس مُرعب
_ وهما سمعوا كلامك و خاصموها
«مروان» بسلاسه 
_ لا ماهو انا قولتلهم انك انت اللي قايلي اقولهم كدا . 

برقت عينيه حتى كادت أن تغادر محجريها من شدة صدمته التي تحولت على غضب حارق وهو يُزمجر بشراسة
_ دا انت يومك اسود . بقى تخلي الكل ياخد موقف منها و يخاصمها و تقولهم أن انا اللي قايلك كدا . دا انا هخلص عليك النهاردة.

هرول «مروان» من أمام هذا النمر الغاضب وهو يصيح قائلًا بتبرير
_ الاه مش باخدلك حقك . اومال تفكر انك ملكش حد ولا ايه ؟ انا غلطان 
«سالم» بانفعال 
_ انت طلعتلي من انهي داهية ؟ انت جاي الدنيا عشان تشلني. اعمل فيك ايه ؟ اخلص عليك و ارتاح منك .

★★★★★★★★★

 كانت تعبث في حاسوبها المحمول وهي تعكص شعرها على هيئة كعكة غير مرتبة فتناثرت إحدى خصلاتها البنية فوق عنقها المرمري فكان مظهرها متعة للناظرين و خاصةً إن كان بينهم عاشق تهفو نفسه لعبير أنفاسها و دفء ذراعيها فاقترب كالمُغيب ليقف خلف الأرجوحة التي تفترشها و قامت يديه يجذب تلك القطعة المعدنيه التي تتوسط خصلات شعرها التي انطلقت على هيئة شلال ذهبي فوق كتفيها فاقترب يغمس وجهه بينهم وهو يهمس بوله بجانب أذنها 
_ وبعدين معاكِ فى اللي بتعمليه فيا دا ؟ 

تأججت نيران قلبها التي فاقت دقاته حدود المعقول وهي تستمع الى همسه الدافئ و تشعر بقربه المُهلك الذي جعل حزمة من المشاعر الموترة تتفشى في سائر جسدها فخرجت الحروف مُتلعثمة من بين شفاهها حين قالت 
_ طارق . انت جيت امتى ؟ 

لازال على حالته يستنشق عبيرها الآخاذ و يستمتع بقربها المُسكِر وهو يمنع يديه بصعوبة من إدارتها ليقوم بالفتك بشفاهها الرائعة التي تغويه كالفاكهة المُحرمة 
جاء صوته أجشًا حين قال
_ مش مهم جيت امتى ؟ المهم اني هنا و الأهم اني مش هصبر كتير عالوضع دا . شوقي ليكِ بيقتلني .

كان الأمر اكبر من احتمالها فانحبست الأنفاس بصدرها الذي كاد يدق بعنف آلمها فخرجت كلماتها متقطعه حين قالت 
_ طارق ابعد حد يشوفنا .

زمجر بخشونة
_ لو كنت هقدر ابعد مكنتش قربت . اعذري قلب اول مرة يعرف يعني ايه حب على ايديكِ . 

ذابت اوصالها من كلماته الرائعة فهمست بخفوت 
_ بتجيب الكلام دا منين ؟ انا حاسة بقلبي هيخرج من صدري . 

انتزع نفسه بصعوبه ليتحرك من مكانه يجلس بجانبها بالقرب الكافي الذي يُمكنه من التوغل إلى أعماق عينيها التي أسرته حتى صار مفتونًا بها 
استنشق أنفاسها العطرة قبل أن يُجيبها بخشونة
_ الكلام بييجي عشانك لوحده لا بعرف جاي ازاي ولا منين ؟ بييجي لايق عليكِ . تعرفي اني اول مرة أشوف عنيكِ في النور كدا ؟

أخذت تدور رأسها في كلا الاتجاهات خجلًا وهي تقول بخفوت
_ ابتدينا بقى يا سي طارق كلام عن العيون . وايه كمان ؟ قسم و سمعني

عض على شفتيه و ازدادت قتامة عينيه وهو يُناظر خجلها الشهي الذي أثار زوبعة من المشاعر في قلبه فهمس بخشونة
_ انا عمري ما كان ليا في الكلام . عشانك بس ابتديت اتعلمه . 

همست بخجل
_ بقى معقول الكلام الحلو دا اول مرة تقوله ؟ 

كان رجلًا يهوى كل ما هو جميل و لم يكُن في تلك اللحظة اجمل من ثغرها الذي كان على شكل قلب يضج الأغراء فكانت عينيه تفترسانه بصمت قطعه حين قال بوقاحة
_ يتكتب كتابنا بس و اوريكِ قد ايه الفعل احلى من الكلام ميت مرة . 

انتفض سائر جسدها إثر كلماته الوقحه التي كانت لها تأثير مُهلك على قلبها فلم تعُد تحتمل أكثر لذا صاحت مُحذرة
_ على فكرة انت قليل الأدب..

لون ثغره ابتسامة جميلة فأظهرت تلك الغمازة في خده الأيمن فبدا كلوحة رائعة أسرت قلبها الذي انطبعت فوق جدرانه تلك الضحكة الخلابة فغرقت في بحر الهيام لثوان قطعها صوته العابث حين قال
_ انا مُعترف اني قليل الأدب على فكرة و مبنكرش ، على الرغم انك لسه مشوفتيش ذرة من قلة ادبي بس كله بحسابه يا مشمش .

استغربت ذلك اللقب فقالت بعدم فهم 
_ مشمش ؟ اشمعنا مشمش ؟ 
باغتها حين قال بوقاحة
_ عشان لون شفايفك . تعرفي اني بحبه و هحبه اكتر لما اقطفه منها . اكيد طعمه هيبقى تحفة

للحظة أرادت أن تتلاشى من أمام عينيه التي تأسرانها و كلماته المُغوية التي اضرمت النيران في سائر جسدها فانتزعت نفسها من امام عينيه بصعوبة وهي تقول بارتباك
_ على فكرة أنا قررت اشتغل ، و كنت بدور على شغل عالانترنت ماتيجي ندور سوى .

رق قلبه لارتباكها وخجلها الذي جعلها تذوب كقطعه من الثلج أمام عينيه فابتسم و قال بغزل
_ على أساس إنك هتبقى فاضي للشغل بعد كدا يا مشمش ؟ 

التفتت تناظره باندهاش تجلى في نبرتها حين قالت
_ ازاي مفهمتش ؟ 
 طارق بوقاحة 
_ يعني يا روحي وقتك كله هيبقى ملكي هعرف اشغله و استغله أحسن استغلال بس اوعدك لو لاقيتِ اي وقت فاضي هخليكِ تشتغلي . 

ارتسمت الصدمة على ملامحها و سرعان ما تحولت لمكر لون تقاسيمها و نبرتها حين قالت 
_ ايه دا هو انت معرفتش ؟ 

طارق ببراءة
_ لا معرفتش ؟

شيرين بسخرية 
_ مش انا رجعت في كلامي اصل بصراحة جو الجواز و المتجوزين دا مش جاي معايا سكة فقررت أفضل سنجل طول حياتي .

ادهشتها كلماته حين قال بتخابث
_ وماله ياروحي بلاها الجواز و المتجوزين بدل مضايقينك . احنا نتصاحب . تعالى اقولك بقى يا مشمش.

قال جملته و اقترب منها فصرخت بهلع وهي تهرول من مكانها الى الداخل فجاءها صوته المتوعد حين قال 
_ قال مش عايزة اتجوز قال . طب وحياة أمي اتجوزك دلوقتي وابقى اكتب الكتاب بعدين . 

صرخت بغضب 
_ قليل الأدب . 

طارق بوعيد 
_ اتلمي أحسن ما آجي اوريكِ قلة الأدب اللي بجد يا مشمش .

★★★★★★★★★

جاءت نهاية الأسبوع و تحديدًا ذلك الموعد المنشود فنشب القلق حوافره في قلوب الجميع و دارت عجلة الحياة في القصر بآليه كلًا يخفي ما بجوفه من مخاوف يتشاركها الجميع ولكن كان لها نصيب الأسد منها ! 
لم تعد تحتمل المكوث بغرفتها أكثر فيكفيها غياب شمسه عن عالمها منذ ذلك اليوم الملعون فزفرت بتعب قبل أن تتوجه إلى الخارج باحثة عن شقيقتها فإذا بأقدامها تترسخ بمنتصف الدرج لدى رؤيتها لمروان الذي دخل إلى القصر مطأطأ الرأس فهوى قلبها ذعرًا و خاصةً عندما ناظرها بتلك الطريقة و عينيه تطلقان سهام التأنيب ليتجاوزها بعد ذلك قاصدًا غرفة الجلوس فلم تشعر بنفسها سوى و هي تهرول إليهم لدى سماعها أصواتهم بالداخل و التي توقفت إثر دخولها لتتوجه الأعين عليها بنظرات غامضة فاوشكت عينيها على الإفراج عن مكوناتها لولا تلك اليد التي ربتت على كتفها برفق فالتفتت بلهفة تزامنًا مع كلمات سليم الذي قال بعتب 
_ مبروك يا مرات سيادة النائب . 

شهقة خافتة شقت جوفها إثر سماعها كلماته التي حملت البهجة الي وشوش الجميع فلم تكد تتفوه بحرف حتى صاح مروان بتهليل و هو يناظرها بنظرات خاصة فهمتها على الفور
_ كيدناهم كيدناهم . و خدناها خدناها .

اغتاظت من حركته المقصودة لاستفزازها 
_ اللي بياخد ربنا يا خفيف . 

فهتف طارق بتشفي 
_ قصف جبهة تستاهله والله .

_ ألف حمد و شكر ليك يارب .. يستاهلها سالم ابن بطني . ربنا يحفظك يا ضنايا يارب .

أمن الجميع على دعاء أمينة و انطلقت عبارات الحمد من أفواه الجميع فجائهم صوت مروان الساخر 
_ أنتِ كان عندك شك أنه ياخدها يا مرات عمي ولا أيه ؟ دا كفاية أن أنا اللي كنت ماسكلة الحملة الانتخابية بتاعته .

همهمت همت بخفوت
_ والله دي أكتر حاجة كانت مخوفاني . ربنا سترها معانا عشان سالم طيب وبيحب يساعد الناس .

صاح مروان بحنق
_ سمعتك يا عمتي . بقي مكنتيش واثقة فيا ؟

همت بسخرية بعد أن رأت نظرات سما المُحذرة 
_ أنا أقدر يا قلب عمتك.. دا انت البركة بتاعتنا .

مروان بتفاخر
_ أيوا طبعًا .
هسهست همت بامتعاض
_ الله يسامحك يا دولت قاعدة مرتاحه هناك و بلتينا بيه هنا .

قهقه الجميع على حديثها فجاءهم صوت طارق الذي قال موجهًا حديثه لفرح
_ مبروك يا فرح . 

ارتفع إحدى حاجبيها بتعجب سرعان ما تحول إلى سخرية حين قالت
_ والله . أخيرًا حضراتكوا نويتوا تكلموني و فكيتوا حصار الخصام الجماعي ؟ 

أجابها طارق وهو يرفع يديه اليمنى الى فوق قائلًا بمزاح
_ أنا عن نفسي مش مخاصمك أنتِ حبيبتي .

و شاطره سليم المزاح قائلًا
_ و أنا كمان مش مخاصمك . 

صاح مروان بصدمة
_ نعم ياخويا انت و هو ..

أردف طارق بسخرية
_ و فكرة الخصام دي كانت فكرة مروان . تقريبًا هو الوحيد اللي مخاصمك .

التفتت تناظره بحنق فادار رأسه إلى الجهة الأخرى وهو يقول بجفاء
_ أيوا فكرتي و أنا مخاصمك و اي حد ييجي على الكبير هخاصمه .

_ اتفلق . تعرف تتفلق . اقولك و اخبط دماغك كمان في الحيط .

فاجأته حين تحدثت بثبات فأجابها بسخرية يعرف انها ستثير حنقها
_ مش هرد عليكِ ليكِ كبير يترد عليه .

نجح في مبتغاه فصاحت باندفاع
_ كبير عليك لوحدك ..

ما أن أوشك على أن يُجيبها حتى أتاه صوت رنين هاتفه فانفرجت أساريره و لون المكر ملامحه حين أجاب 
_ أهلًا بالكبير . الباشا اللي مشرفنا و رافع راسنا . سيادة النائب . اللي كُلنا في حمايته و تحت طوعه هاه .

قال جملته الأخيرة وهو يرفع إحدى حاجبيه إلى فرح التي نالت منها نيران الغضب حتى كادت أن تحرقها . بينما مروان تابع تمثيليته وسط نظرات استمتاع من الجميع 
تراجع ليجلس على الكرسي خلفه وهو يضع قدم فوق الأخرى قائلاً بتهكم
_ تخيل يا كبير بقول لفرح ليكِ كبير يتردد عليه تقولي كبير عليك لوحدك ؟ يرضيك ؟

فأتاه صوت سالم الخشن على الهاتف 
_ هي جنبك ؟

_ طبعاً 

هكذا أتاه صوت مروان فأمره سالم قائلًا
_ افتح السبيكر ..

_ عيني .
قام مروان بفتح مكبر الهاتف فجاءها صوت سالم الفظ حين قال 
_ كبير على البلد و الحكومة و العيلة و عليكِ أنتِ قبلهم يا فرح هانم أنتِ و اللي يتشددلك كمان .

حاول الجميع كبت ضحكاتهم بصعوبة على مظهرها الحانق فقد كانت ككرة النار التي ستنفجر في أي وقت فلم تكد تجيبه حتى أغلق سالم الهاتف فتحدثت أمينة بصرامة

_ أوقف المهزلة دي و كفاية كدا يا مروان .

ثم التفتت الى فرح قائلة بتقريع 
_ و أنتِ يا ست هانم هتبطلي تكابري امتى و تقتنعي انك غلطتي ؟ 

فاض بها الكيل فهبت مدافعة عن نفسها 
_ بردو بتقولي غلطانه محدش فيكوا قادر يفهمني ولا يستوعب اني عندي دوافعي .

أجابها سليم بتفهم 
" كلنا فاهمين و مستوعبين يا فرح انك اكيد عندك دوافع للي عملتيه ، و ياريت أنتِ كمان تستوعبي دوافعنا و تقتنعي انك غلطتي . مش عشان تلحقي مصيبة زي ما بتقولي تتسببي في كارثة . 

وأضافت أمينة


الفصل السادس عشر من هنا


بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-