رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (بعنوان انشوده الاقدار) الفصل الثاني عشر 12بقلم نورهان ال عشري

 



رواية في قبضة الاقدار الجزء الثالث 3 (بعنوان انشوده الاقدار) الفصل الثاني عشر 12بقلم نورهان ال عشري  





 بسم الله الرحمن الرحيم 

الأنشودة الثانية عشر 🎼💗

لم أنل شيئًا مما تمنيت و لكن نال كل شئ مني . و ازدادت الغصات بقلبي حتى أصبحت أكثر من نبضاته . حاولت أن أُصارِع خوفي و لكنه كان يُهاجِمني من أكثر نقاطي ضعفًا و حين قررت أن أبوح لليلي ب آلامي و أحزاني أهلكني صمته الذي إمتد أمامي كطريق مُظلِم لا نهاية له ، و حينها أدركت بأن الأيام تمضي و العمر يتضائل بينما مازال القلب عَالِقًا عِند لحظه ما ولم يستطع تجاوزها أبدًا ...

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

تجمدت الدماء في أوردتها وهي تناظر «فرح» التي كانت ملامحها جامدة و شابهتها نبرتها حين قالت 
_ ايه . السؤال صعب اوي كدا ؟

تخلى عنها جأشها و شعري بقدميها توشك على التلاشي أمام نظرات «فرح» الثاقبة لصمتها الذي طال لتقطعه قائلة بخفوت 
_ دا . دا رقم غريب !

ملامح وجهها تولت الحديث عنها و خاصةً حين ارتفع إحدى حاجباها بمعنى حقًا ! ولكن لدهشتها قامت بتغيير دفة الحديث حين قالت بجفاء
_ عاملة أيه دلوقتي ؟ 

تنهيدة قوية افلتت من جوفها توحي بمدى ارتياحها كون« فرح» لم تُطِل الأمر أكثر لذا جاءت نبرتها أكثر ثباتًا حين قالت 
_ الحمد لله أحسن.

_ كويس . عشان نعرف نتكلم .

قذفت كلماتها الذعر بجوف «جنة» التي لا تعلم لما شعرت بأن هناك ما هو عظيم خلف ثبات شقيقتها و هدوئها بتلك الطريقة 
_ نتكلم في ايه ؟ 

«فرح» بجفاء 
_ عايزة اعرف اذا كنتِ لسه عايزة سليم في حياتك ولا لا ؟

بضع حروف مدببة اخترقت جدران قلبها الذي انتفض للحد الذي طغى على تنفسها فأصبح سريعًا مما جعل الحروف تخرج من بين شفتيها متقطعة حين قالت 
_ أنتِ . أنتِ . بتقولي . ايه يا فرح ؟ 

وضعت الحقائق في إطار من الصراحة الذي لا يحتمل أي مراوغة لتجعلها تحسِم أمرها لذا قالت بنبرة جافة
_ يعني سليم لا هيقدر يقتل حازم أو يسجنه . كل اللي ممكن يعمله أنه يقطع علاقته بيه . لو كنتِ راضيه بكدا يبقى تمام ننتقل للنقطة اللي بعدها لو مكنتيش راضيه قوليلي عشان نخلص الموضوع في اقرب وقت و كل واحد يعيش حياته و كفاية لعب عيال لحد كدا .

تبلورت الحقيقة نصب عينيها فانتفض قلبها ألمًا للحد الذي تدافعت العبرات من مقلتيها و جاءت حروفها مُعذبة حين قالت 
_ بتقسي عليا كدا ليه يا فرح ؟ 

تجاهلت وخزات الألم بقلبها و قالت بجفاء 
_ عشان المواضيع دي الحزم فيها بيكون مطلوب وبعدين فين القسوة ؟ انا مأجبرتكيش على حاجه بالعكس بخيرك و بوضحلك كل حاجه و أنتِ حرة .

تعانق الألم بالذنب بداخلها فكان الأمر اكبر من طاقتها على الإحتمال فاقتربت تجلس على أقرب مقعد قابلها وهي تقول بكمد
_ بتخيريني بين الموت أو الحياة في الجحيم ..

_ لو تقصدي الجحيم بإنك تعيشي مع سليم و هو اخو حازم يبقى تقدري تخرجي نفسك منه بالطلاق . ولو طلاقك منه هو الموت اللي تقصديه يبقى تكسري عين الشيطان و تحمدي ربنا على راجل بيعشق التراب اللي بتمشي عليه .

أوشكت «جنة» على الحديث فتابعت« فرح» بنبرة اقسى و تحمي بين طياتها الكثير 
_ و كل ما الشيطان يوزلك انه اخو حازم اللي اغتصبك تستغفري ربنا و تفتكري أن لولا البلاء مكنش هيبقى فيه عوض . 

تعلم أنها مُحِقة ولكن الأمر كان أكبر من ذلك بكثير لذا صاحت بحنق 
_ أنتِ مش فاهمه يا فرح . دا مش شيطان ! 

قاطعتها« فرح» بسخط 
_ لا شيطان . و الشيطان وظيفته أنه يلعب بدماغ الإنسان و يشككه حتى في دينه . و اكبر دليل اللي حصل النهاردة دا ! 

انتفضت قلبها ذرعًا للحد الذي جعلها تهب في وقفتها إثر كلمات« فرح» التي تحمل الكثير فاندفعت تستفهم قائلة 
_ تقصدي ايه ؟ 

«فرح» بحدة
_ مين الشيطان اللي قالك أن سليم بايت عند مروة ؟ 

هوى قلبها بين قدميها وهربت جميع الحروف من بين شفتيها ولم تعد تعرف كيف تُجيب «فرح» التي اقتربت منها بخطوات ثقيلة وهي تُعيد استفهامها بطريقة أخرى
_ مستنياكِ تجاوبيني يا جنة . 

بللت حلقها الجاف من هذا المأزق الذي تتلهف للخروج منه دون خسائر جسيمة
_ اتصلت عليه وهي ردت عليا . 

تعاظم الحنق بداخل «فرح» التي اقتربت بأعين يحترق بهم الزيتون و بلهجة قاسية حادثتها 
_ لا والله ! عارفه اللي اكبر من الغلط انك تتمادي فيه و أنتِ اتماديتي اوي يا جنة. بتكذبي عليا وعينيك في عيني ! مُتخيلة اني عبيطة هصدق اللي بتقوليه؟ مروة اللي جت هنا برجليها عشان تبرأ سليم هترد عليكِ و تقولك انه عندها ! 

ضاقت ذرعًا بما يحدُث فصاحت بقهر
_ كفاية بقى يا فرح انا تعبت ..

_ تعبتي عشان غبية . لآخر مرة هسألك عرفتي منين مكان سليم . 

احتدت لهجتها و اختلطت الحدة بالوعيد حين أردفت
_ و اوعى تفكري تكذبي عليا . و افتكري انك آخر مرة كذبتي عليا فيها حصلنا أيه ؟ و كم الذل و القهرة اللي دوقناها من ورا كذبك . و خليكِ فاكرة اني مش مستعدة ادوق من نفس الكاس تاني يا جنة .

تعلم إلا ما تُشير بحديثها الذي كانت حوافره مُدببه انغرزت بقوة داخل قلبها فهي تعلم كم عانت شقيقتها بسببها ولا تُريدها أن تُعاني أكثر لذا حسمت أمرها سريعًا حين قالت بقوة
_ انا بحب سليم و مش هسيبه ولا هقدر ابعد عنه . و مش محملاه ذنب اللي حصل ولا مستنيه منه يعمل حاجه مع حازم انا بس مكنتش قادرة اتخيل أنه يعيش حياته عادي بعد اللي عمله فيا و في لبنى و لا هتحمل أنه يقرب من ابني في يوم ودا اللي عايزاه من سليم و بس..

كانت العبرات تُعانق الحروف التي تركت آثارًا عظيمة بداخل قلبها المُحطم و قد كانت ملامحها خير من يعكس مقدار العذاب الذي تُعايشه فاقتربت «فرح» تحتويها بقوة داخل أحضانها وهي تقول بحنو
_ متخافيش يا جنة و اوعي تفكري اني هسمح أن حد يظلمك حتى لو هقف قدام سالم نفسه . حازم هيتعاقب ربنا هيعاقبه وأهم حاجه انه يفضل بعيد عننا و دا اللي أنا واثقة فيه . بس مش عيزاكِ تشيلي نفسك فوق طاقتها . ما صدقنا انك خلاص قربتي تخلصي جلساتك . عيزاكِ تعيشي حياة طبيعية و كلها سعادة مع ابنك و جوزك .

و كأن حنانها كان إذنًا لفيضانات الألم الذي انحدر من مقلتيها وهي تتشبث بشقيقتها تبكي بقهر تناثر من حروف كلماتها حين قالت 
_ نفسي يا فرح . نفسي أعيش حياة طبيعية . نفسي انسى كل اللي حصل . بس للأسف كل ما ابتدي انسى و اعيش طبيعي حاجه تحصل تقلب كل الموازين من تاني . 

شددت من احتوائها وهي تقول برفق
_ دي كلها ابتلاءات من ربنا عشان يشوف هنصبر ولا لا . وأنتِ عارفه ربنا يا جنة . اصبري وجاهدي نفسك و شيطانك . سليم روحه فيكِ. 

_ و بردو روحه في اخوه . تقدري تقوليلي لو الزفت دا طلب أنه يشوف محمود سليم هيتصرف ازاي ؟ مش بقول دلوقتي بقول بكرة بعد سنة أو اتنين أو عشرة . انا عمري ما هبطل أكرهه لكن سليم هينسى مع الوقت و هيحن لأخوه . و ممكن كمان يضعف وقتها..

قاطعتها« فرح» بقوة
_ وقتها انا اللي هقف واتكلم ، و حتى لو حكمت اقف قدام ولاد الوزان كلهم هعمل كدا . أنتِ مش لوحدك يا جنة . كلنا حواليكِ انا و جدك و ولاد عمك . محدش يقدر يجبرك على حاجه . 

تسلل خيط من الراحة بداخلها فتعانقت رموشها وهي تستريح فوق صدر شقيقتها لدقائق غمرتها السكينة و هدأ ضجيج قلبها إلى أن جاءها صوت بكاء صغيرها فتركتها «فرح» وهي تقول بحنو 
_ روحي شوفيه وانا هروح عشان معاد الدوا بتاعي .

اومأت «جنة» و غمرتها بنظرات ممتنة قبل أن تتوجه إلى صغيرها و حين اختفت بداخل الغرفة توجهت «فرح» إلى هاتفها تبحث عن ضالتها و سرعان ما تراقصت ألسنة اللهب بمقلتيها ..

★★★★★★★★★

صباحًا توسطت الشمس كبد السماء و أشرقت بنورها على الجميع ما عدا تلك التي قضت الليل تتقلب على جمر مُشتعِل يحرقها بكل ثانية وهي تُفكر في كيفية التعامل مع هذا القذر الذي لا ينفك يُثبِت أنه أحقر من رأت بحياتها 
رغمًا عنها أخرجت غضبها بتلك الكنزة التي وضعتها بغل لم يخفي على ذلك الذي كان يُراقبها منذ دقائق وعينيه تلتقم جميع انفعالاتها وملامحها التي زينها الغضب بحُمرة قانية لها إغواء من نوعٍ خاص يطرب قلبه و تنتشي به روحه مما جعله يطوي الخطوات الفاصله بينهم لتمتد يديه تعانق خصرها لتسكن بين ذراعيه و يستريح رأسها بجانب متيمها 
و يهمس هو بجانب اذنيها بنبرته الخشنة التي تهواها 
_ التيشيرت الغلبان ذنبه ايه طيب ؟

لجأت للصمت للحظات لترتوي من قربه الذي دائمًا ما يكُن مُهديء لقلبها و نيرانه فشعر هو بسكونها بين طيات صدره فشدد من احتوائها مُلبيًا توسلها الصامت باحتياجها له 
_ حيرانه و متعصبة ليه يا فرحتي ؟ 

حرفًا واحدًا كان من شأنه أن يحول نيران غضبها إلى آخرى عاشقة راغبة . حرفًا واحدًا أصابها بلعنة الإشتهاء التي لم تعرفها سوى بقربه و بين ذراعيه و كأن جسدها و ما يحتويه رهن وجوده 
_ فرحتك الشوق قرصها من دلوقتى . و مش عارفه هتقدر على بُعدك الأسبوع دا ازاي ؟ 
 
اطلقة زفرة حارة ألهبت عُنقها و سائر جسدها قبل أن يتحدث بصوتًا أجش
_ هو قلبي اشتكالك ولا أيه ؟ 

فرح بعذوبة 
_ تؤ . حسيت بيه .

أخذ ينثر وروده الدافئة خلف أذنها و على طول عنقها حتى اختتمها بقطمة خفيفة فوق كتفها ولكنها أضرمت الرجفة بسائر جسدها الذي أعلن عن احتياجها له فشدد من تقريبها إليه حتى آنت ضلوعها و كذلك شفاهها و كأنها دعوة لأن يشتد حصاره أقوى فبدا و كأنها يُعيدها إلى مكانها حيث ذلك الضلع الأعوج الذي استقام بعشقها 
_ اعتقد أن من العدل انك تسكني مكانك جوا قلبي و متبعديش عني لحظة واحدة بعد كدا . 

افلتت من بين شفاهها ضحكة خافتة لها وقعًا خاصًا على قلبه و كذلك نبرتها العابثة حين قالت
_ و هتعملها ازاي يا وزان قلبي ؟

زمجر بخشونة ويديه تنقشان لحنًا قاسيًا فوق خصرها 
_ اتعدلي و بطلي تجننيني لما بقسى عليكِ بترجعي تقولي عليا مُفتري .

حان وقت الارتواء من ملامحه التي تنتشي العين برؤيتها فاستدارت بين ضلوعه التي تحتويها كما احتوت عنقه بذراعيها و كذلك فعلت غابتها الزيتونية بحبوب القهوة التي تلون حدقتيه فخرجت حروفها العابثة حين قالت بدلال
_ أعمل فيك اللي أنا عايزاه على فكرة و متقدرش تعترض . انا فرح الوزان يا عنيا 

ازدانت ملامحه الرائعة بابتسامة عذبة اشعلت فتيل الحرب بقلبها و كذلك فعلت لهجته حين قال بخشونة
_ اهي عشان فرح الوزان اللي بتجنني دي يحقلك تعملي كل اللي أنتِ عايزاه 

همست بدلال 
_ سالم .

_ عيون سالم .

لون العبوس محياها ولكن لم تخلو لهجتها من الدلال حين قالت 
_ متتأخرش عليا . 

_ مقدرش .

_ و اوعى في يوم تقسى عليا . حتى لو زعلتك .

تبدلت نظراته فأصبحت تحمل الوعيد بين طياتها و كذلك لهجته حين قال
_ أنتِ عارفة أن الغلط عندي بحساب . بس ميمنعش اني ممكن اخليكِ تختاري عقابك بنفسك. 

رقت لهجته حين قال جملته الأخيرة و خالطها العبث فأطلقت ضحكة مدوية تردد صداها بقلبه و خاصةً حين أضافت بخفوت 
_ حلو دا . وانا موافقة . قابل بقى ..

طوقتها أصفاد ذراعيه التي حملتها بكل ما أوتي من عشق و صار يدور بها يميناً و يسارًا في عناق حنون دافئ بقدر ما يحمله من أشواق يتشاركها كُلًا منهما ثم همس بخشونة
_ كل اللي ييجي منك على قلبي زي العسل . 

★★★★★★★★★★★

حائرة لا تعرف على اي ارضٍ تقف ؟ ولا إلى من تلتجيء تشعُر بالكلمات تمزق جوفها و تنغز بقلبها كأشواك إن لم تتخلص منها حتمًا ستقضي عليها .

انتهت من ارتداء ملابسها و أخذت تبحث عن هاتفها فلم تجده في البداية شعرت بالحنق فلم يبقى سوى ساعة واحدة على موعدها مع الطبيب و هاهو ذلك اللعين لا تتذكر أين وضعته و لكن فجأة تعثرت دقات قلبها و انحبست الأنفاس بصدرها وهي تتذكر أنها تركته و ذهبت لترى طفلها حين كانت تتحدث مع شقيقتها . 
تشكلت غصة صدئة بمنتصف قلبها وهي تتخيل أن تعرف« فرح» بما كان يحاول ذلك الحقير فعله و سرعان ما دب الذعر في قلبها تجاه شقيقتها من أن تتواصل مع ذلك الحقير فهي لا تهاب شيء ولا أحد و عند هذا الحد التفتت مُهرولة إلى باب الغرفة و ما أن فتحته حتى اصطدمت بجسد صلب تعرف صاحبه حق المعرفة فهو الوحيد القادر على العبث بدقات قلبها بتلك الطريقة و إضرام النيران بسائر جسدها للحد الذي جعل حضوره يطغى علي ذلك الألم الهائل جراء اصطدامها به 
_ أنتِ كويسة ؟ حصلك حاجه؟ 

انتفض قلبي من مكانه للحد الذي آلمني تلك كانت أول إجابة بدرت إلى ذهنها حين اخترق سؤاله الملهوف أذنها ولكنها تجاهلت الاجابه لتقول باختصار 
_ انا كويسة ..

_ مش تحاسبي ! في حد يخرج من الأوضة يجري كدا ؟ 

هكذا تحدث بجفاء قابلته هي بالسخرية حين قالت 
_ والله معرفش ان حد هيدخل اوضتي في الوقت 
دا ! 

«سليم» بجفاء
_ على أساس أنها أوضتك لوحدك !

_ أوضتي أنا و ابني . 

التمع الشرر بعينيه وهو يُضيف بلهجة حادة 
_ و جوزك . 

اعتادت على مراضاته و دلاله فقد كانت حدته شيء غريب بالنسبة لها و كذلك أرادت الهرب من كل ما يجيش بصدرها ولا تستطيع سرده أمام عينيه لذا تمتمت بخفوت
_ عن اذنك .. 

لم تكد تمر به حتى جاءها صوته القاسي حين قال
_ استني عندك . 

فزعت من لهجته التي جمدتها بأرضها و التفتت تناظره باستفهام أطل من عينيها المُرتعبة فجاءتها إجابته بلهجة حادة 
_ رايحة فين ؟ 

نظفت حلقها قبل أن تجيبه بجمود
_ رايحة لفرح .

_ ليه ؟ 

اغتاظت من طريقته فأجابته بحنق
_ عشان تيجي معايا للدكتور . كان مفروض معادي معاه امبارح بس حضرتك كنت مشغول و نسيت .

قالت جملتها الأخيرة بنبرة ذات مغزى تجاهلها قائلًا بجفاء
_ فرح مش هتروح معاكِ في أي مكان . اجهزي عشان هنتحرك كمان عشر دقايق.
اغتاظت أكثر من لهجته الآمرة فقالت بحنق 
_ و مين قالك إني عايزة اروح معاك في أي مكان ؟ 

«سليم» بفظاظة
_ و مين قالك إني باخد رأيك من الأساس .

أوشكت على الحديث فجاءها صوته الآمر حين قال
_ اجهزي يالا مش عايز دلع ماسخ .

قال جملته و تجاوزها إلى غرفة الملابس ليتركها خلفه غاضبة مصدومة و أخيرًا حزينة . 

★★★★★★★★★

كان صباحًا مُغبرًا برماد الأمس فكانت الوشوش مقتضبة عابثة . صباح بنكهة الكبرياء الذي يأبى التراجع أو الهزيمة بالرغم من توسلات القلوب التي يُضنيها ذلك الجفاء و هذا البُعد المرير .

أنهت ارتداء ملابسها وتوجهت إلى باب الغرفة فأوقفتها كلماته الغاضبة حين قال بحدة 
_ الهانم راحه على فين ؟

توقفت يديها الممسكة بمقبض الباب و ألتفتت تناظره بحنق لك تُحاول إخفاءه و تضمنته لهجتها حين قالت 
_ هكون رايحة فين يعني ؟ نازله تحت . 

«ياسين» بسخرية 
 _ لا والله بالبساطة دي ؟ 

_ هو النزول تحت في مشكلة ولا حاجه ؟ 

اغتاظ من حديثها و تجاهلها لما يرمي إليه فصاح غاضبًا
_ بطلي تعملي عبيطة عشان أنا على آخري منك من امبارح .

صاحت باستنكار 
_ امباااارح ! انا نفسي اعرف بقى ايه اللي حصل امبارح ؟ 

عودة لوقت سابق 

_ حلاااا

ارتعدت لدى سماعها ذلك الصوت الغاضب الذي يجعل كل خلية في جسدها تنتفض حين اخترق سمعها فالتفت الجميع لرؤية ذلك النمر الغاضب الذي بدا و كأنه علي وشك الفتك بفريسته وهو يتقدم بخطٍ تحمل من الغضب ما جعل الجميع يحبس أنفاسه و عم الصمت أرجاء المكان إلى أن قطعه صوته الحاد حين قال موجهًا حديثه للشاب
_ انت بتعمل ايه جنبها ؟ 

الشاب بنبرة مُهتزة جراء خوفه من نظرات ذلك المارد الغاضب
_ أنا . انا قا . قاعد . بحضر . ال . المحاضرة بتاعت . حض . حضرتك .

تجاهل وجودها كليًا و صاح بعنف و صوت دوى و أخذ يتردد صداه في إرجاء المكان حولهم 
_ أول و آخر مرة واحد يقعد جنب واحدة في المدرج . سامعين ؟ 

تعالت المهمات التي قطعها صوته الغاضب حين صاح بنبرة متوعدة 
_ احنا صعايدة و المسخرة دي مش عندنا . زميلتك دي اختك . انك تقرب أو تفكر حتى تقعد جنبها دي جريمة في حق رجولتك . اللي متقبلهوش على أختك متقبلهوش على حد . كلام واضح ؟ 

ارعد صوته حين قال جملته الأخيرة فصاح الجميع 
_ مفهوم . 

التفت ناظرًا إلى الشاب المسكين ثم قال بقسوة
_ مكانك . 

نالت عقابها نظرة قاتلة من عينيه حدجها بها لثوان ثم توجه إلى مكانه و أثناء مروره بأحد المقاعد سمع إحدى الفتيات تقول باستفهام خافت 
_ هو عرف اسمها منين ؟ 

توجه الى مكانه وهو يقول بنبرة حادة و شابهتها نظراته و هو يحدج تلك الفتاة بتهديد مُبطن 
_ انا عارف عن كل واحد هنا كل حاجه. اسمه . عيلته . و بيعمل ايه جوا و برا المكان دا فنبقى حلوين بقى عشان السنة دي تعدي على خير . مفهوم ؟ 

كانت نظراته كنيران تغلي لتنصب فوق تلك الفتاة التي أومأت بذعر بمعنى مفهوم .

عودة للوقت الحالي 

_ بقى سيادتك بتسألي كمان ؟ قاعدة تهزري و تضحكي مع الزفت دا ولا فارق معاكِ حد ، و مش بس كدا دا أنتِ حتى محاولتيش تصلحي الهباب اللي عملتيه و تعتذري كمان زعلانه و واخده جنب من امبارح ! 

جحظت عينيها حتى أوشكت أن تُفارق محجريها من شدة ذهولها و الذي تجلى في نبرتها حين قالت 
_ انت بتقول ايه ؟ مين دي اللي كانت قاعدة بتهزر و تضحك ؟ دانا ملحقتش افتح بقي بحرف حتى! 

صاح بزئير افزعها 
_ أنتِ كمان كنتِ عايزة تتكلمي معاه ! دا أنتِ اجننتي عالآخر ! 

توقع منها أي شيء سوى ما فعلته تلك حين اقتربت تحتوي رأسه بين ذراعيها و تمسد بحنو كفوفها أكتافه فخنع جسده و تبخرت زوبعة غضبه الذي انطفيء تحت وطأة حنانها و دام صمتهم لثوان قطعه صوته الهامس حين قال
_ أفهم من كدا انك بتعتذري ؟! 

لا تنفك عن مفاجئته حين قالت برقة
_ لو دا هيريحك اعتبره اعتذار .

ارتفع رأسه يناظرها دون أن تُفلتها يداه و قست نبرته قليلًا حين قال بجفاء
_ يعني ايه مفهمتش ؟ 

تدللت تلهو في أزار قميصه وهي تهمس بغنج لم ينال من ثباته فحسب بل أشعل فتيل الرغبة بقلبه 
_ انا عايزاك تكون مرتاح يا سينو يا حبيبي .

تجاهل ذلك اللقب الذي من شأنه الفتك بهيبته و الإطاحة بها وقال بلهجة عابثة 
_ و دا من امتى العقل دا كله ! طب حيث كدا بقى و عايز تريحني ريحني ! 

انهى كلماته بغمزة عابثة تجاهلتها وكما تجاهلت جملته الأخيرة و علقت على جملته الأولى قائلة ببراءة كادت أن تُصيبة بنوبه قلبيه 
_ الصراحة يا سينو أصلك صعبت عليا . الغيرة وحشة بردو . 

التمعت عينيه بوميض الغضب و عض على شفتيه السفلية بحنق تجلى في نبرته حين قال 
_ اه خصوصًا انك اكتر حد مجربها ولا نسيتي عملتي ايه في البنت اللي كانت بتطلب مني اشرحلها حاجه مش فهماها .

قطبت جبينها دلالة على محاولتها أن تتذكر ما يتحدث عنه و بالطبع كانت تلك تمثيلية فاشلة بالنسبة أليه ولكنها اتقنتها خاصةً حين أردفت بدلال 
_ اااه تقصد البنوتة اللي كانت واقفه معاك قبل المحاضرة ! تؤ تؤ تؤ يا سينو يا حبيبي أنا واثقة فيك اكتر من نفسي غيرة ايه بس . 

تعاظم الحنق بداخله و غلت الدماء في عروقه من تلك الماكرة التي يود الفتك بها بين ذراعيه ولكن مهلًا فسيخطو على نفس نهجها لذا قال بخشونة
_ طب احنا كدا على الطريق الصح . انا بردو اللي عملته امبارح كنت هعمله مع اي بنت من البنات اللي كانوا موجودين لو كانت في مكانك ، و الغرض منه اني أخليه يلزم حدوده انما غيرة ايه و بتاع ايه؟ 

تعلم أنه يشاكسها و يتبع نهجها حتى يُغضبها لذا التمع الخبث في عينيها و أعادت السهم إلى راميه حين قالت بمكر 
_ حرام يا سينو دا جميل اوي و دمه خفيف . حتى فكرني بمروان . لو تعرف واحشني قد ايه ؟ 

قالت جملتها الأخيرة بحزن سرعان ما تبدد لذُعر وهي ترى تبدُل نظراته و ألسنة اللهب التي تتراقص في عينيه فغافلته و اندفعت تُلثِم شفتيه بقبلة خاطفه ثم هرولت تندفع إلى خارج الغرفة وهي تقول بشقاوة 
_ والله بحبك وانت مجنون كدا ..

تجمد للحظة وهو يتابع هروبها و قبلتها و كلماتها العاشقة التي بدلت نيران غضبه إلى أخرى عاشقة راغبة حتى النخاع فاندفع خلفها وهو يزمجر بتوعد 
_ بتشتغليني يا بنت الوزان . طب وحياة امك ما هعتقك النهاردة..
ما أن أوشكت على أن تضع قدماها عند أول درجة من درجات السلم لتهرب إلى الأسفل فتفاجئت بيدين قويتين تأسران خصرها و تجذبانها للخلف فأخذت تتخبط بين يديه بينما زجرها بتوعد 
_ بقى بتشتغليني . طب والله لتتعاقبي يا حلا . 

قهقهت بين ذراعيه التي كانت تدغدغانها و من ثم الصقتها بالحائط لتصبح في مواجهة حائط جسده الصلب الذي كان يود لو يجعلها جزء لا يتجزأ منه حتى يروي ظمأه منها الذي يتضاعف كلما اغترف من حسنها 
همس بخفوت ضد شفاهها المُغوية
_ بقى بتلاعبيني ! طب لازم تتعاقبي .

أخذت عينيها تدور في المكان وهي تتململ بين ذراعيه غير مُرتاحه قبل أن تقول بنبرة يشوبها القلق
_ ياسين ابعد مينفعش كدا . حد يشوفنا . 

_ اللي يشوف يشوف انا دلوقتي عندي مشكلة و لازم تحليهالي . 

هكذا تحدث بنبرته الشغوفه التي أذابت عظامها لتعزلها عن باقي العالم مما جعلها تناظره بشغف خالط نبرتها حين قالت 
_ مشكلة ايه ؟ 

أمام عينيها ينسى تتبدل كل الأشياء و تندثر كل الحروف و لا يبقى سوى قلبه العاشق لتلك الانثى المُفعمة بكل أنواع المشاعر التي تقذفها بجوفه فينتفض قلبه ولعًا بها 
غيبته عن العالم أجمع فهمس بنبرة موقدة 
_ انتِ حلوة كدا ليه ؟ 

_ عشان قدام عنيك . 

_ يعني عنيا هي السبب ؟

تدللت في ابتسامتها و كذلك نبرتها حين قالت 
_ حبك بيحلي كل حاجه . بيخلي النار جنة و الضلمة نور. 

جذبها لتتوسط صدره و تعانق اضلعه وهو يهمس بجانب أذنيها بنبرة تفوح منها رائحة العشق 
_ بعشقك يا حلا ..

تمسكت بمقدمة قميصه وهي تنقش حروفها فوق جسده الظاهر بسخاء من ملابسه
_ حقك عليا لو ضايقتك امبارح مكنتش اقصد . بس انا اتضايقت لما شوفت البنت دي بتكلمك .

لونت محياه ابتسامة رائعة قبل أن يفصل التحامهم لينظر إلى عينيها التي كانت تناظره بوداعه فقال بتخابث
_ اعترفنا يعني أننا كنا غيرانين .

أضرمت النيران في قلبه حين قالت بنبرة عابثة 
_ لا معترفتش ولا حاجه . انا بس اتبعت نصيحة ماما تهاني أن الراجل عامل زي الطفل الصغير لما تلاقيه متعصب بكلمتين حلوين تهديه . فقلت أهديك..

برقت عينيه لثوان قبل أن يلتمع بهم بريق خطر فما أوشك على الانقضاض عليها حتى غافلته و انسلت من بين ذراعيه ليتلفت وهو عازم على تلقينها درسًا لن تنساه إذا بصوت صارخ خلفهم 
_ انتوا بتِعملوا ايه ؟ 

تجمد الاثنان بمكانهم و قد كانت تتقدمه بخطوتين في تجاه غرفتهم و سرعان ما التفتوا إثر صوت «عمار» المُفزِع و الذي أردف بسخط 
_ ايه انتوا بتلعبوا الغُميضة ولا ايه ؟ و دا وجته يالا هنتأخِر على معادنا . 

التفت قاصدة الدرج وهي تحاول كبح جماح ضحكاتها حين سمعت كلماته الغاضبة حين تمتم حانقًا 
_ الله يخربيت شكلك . بتطلع من انهي داهيه ؟

★★★★★★★★

تجمعت القرية و القرى المجاورة لمشاهدة ذلك الموكب الكبير و الذي يضم أكثر من مائتي رجل يحملون ما لذ و طاب من المؤن و الهدايا يسيرون في صفوف مُنظمة و يتقدمهم ذلك الفارس الذي كان لوحة رائعة لـ فرسان العصور القديمة بوسامته المُفرطة و هيبته التي تُحيط به كـ هاله تقع الأعيُن أسيرة لها و التي أضفى لها رونقًا خاصةً فرس الأدهم الذي كان يمتطيه و الذي يوازي سيده هيبة و جمالًا فكان الأمر من بعيد مشهدًا رائعًا انحبست له الأنفاس و التمعت العيون برؤيته . و كذلك عينيها حين شاهدته وهو يُلبي طلبها بأحسن طريقة يمكن أن تتخيلها و يأتي سيرًا قاطعًا كل تلك المسافة و التي تساوي خمس قرى مر بها ليصل إليها و العالم أجمع يراه وهو يحمل مهر ابنة الوزان 

_ ايه التهريج دا ؟ هو عمار دا اتجنن ولا ايه ؟ 

هكذا صاح «صفوت» الذي انتفض من جلسته حين رآى هذا الموكب الضخم و وقعت عينيه على ذلك العنيد الذي لا يُمكن التخلص منه 
_ الحب يعمل اكتر من كدا . مين فينا مداقش الحب و اتجنن ! 

كان هذا صوت «سهام» التي اطلعتها «نجمة» على ما حدث مع «عمار» و قررت الوقوف بـ جانبهما لتخرج تلك الكلمات التي أصابت ثباته في مقتل فالتفت يُناظرها فلامس العتب في كلماتها التي أحيت بداخله الكثير من الذكريات الرائعة ولكنه نفض عنه هذا الضعف و قال بجفاء
_ يقوم يلم علينا الناس بالشكل دا ؟ ازاي جتله الجرأة يعمل كدا ؟ 

_ انا اللي قولتله يعمل كدا !
تفاجئ «صفوت» من حديث «سهام» كذلك« نجمة» التي برقت عينيها خاصةً حين اندفع «صفوت» قائلًا بقسوة
_ والله عال يا هانم . بقى بتتواصلي معاه من ورايا ؟ وانا مستغرب ليه ماهي دي بقت عادتك ! تتكلمي مع الرجاله من ورا جوزك . 
 
كلماته اخترقت قلبها الذي انتفض مُعلنًا عن ما ألم به من وجع تناثر من عينيها وهي تقول بلهجة مهتزة بسبب البكاء
 _ انا متواصلتش مع حد من وراك يا صفوت . ولا انا واحدة مش محترمة عشان اعمل كدا . انا مقولتلوش يعمل كدا بنفسي بس قولت لفرح وهي اللي قالتله .

كانت عبراتها كجمرات مُشتعِلة تتساقط فوق قلبه الذي ارتج بداخله ألماً على حزنها و ذلك الاتهام المُروع الذي ألقاه بوجهها و لم يكد يتحدث حتى أردفت بجمود يُنافي العبرات المنهمرة فوق وجنتيها 
_ بنتك عيزاه وهو أثبتلك و أثبت للناس كلها انه عايزها و ردلها كرامتها قدام البلد و المنيا بحالها . ياريت تفكر كويس قبل ما تاخد اي قرار . عن اذنك 

أنهت كلماتها و اندفعت للخارج تليها «نجمة» التي شيعته بنظرات مُعاتبة قبل أن تلحق ب«سهام» التي اندفعت فوق مخدعها تبكي بحرقة انتفض لها قلب «نجمة» التي اقتربت تحتضنها و تشاطرها الألم والبكاء وهي تقول بألم 
_ ليه حطيتي نفسك في الموقف دا معاه . كنتِ قولتيله أن انا اللي جولتله أكده .

هبت «سهام» جالسه وهي تنهرها قائلة 
_ هششش اوعي تكرري الكلام دا مرة تانيه . احنا مش عايزينه يعند اكتر من الأول . و بعدين انا متفقة مع فرح عشان لو سألها . متقلقيش أنتِ ..

شعرت بالغبطة لحديث والدتها التي ضحت بنفسها لأجل سعادتها فاقتربت تقول بامتنان 
_ شكرًا أوي عشان اللي عِملتيه معاي ..

«سهام» بأعين تنتفض ألمًا تناثر على هيئة عبرات 
_ أنتِ بنتي ونور عيني وانا ممكن اضحي بنفسي عشان بس اشوفك سعيدة و مبسوطة . 

تعانقت الأم و طفلتها بقوة بينما كان الآخر يتشاجر مع أنفاسه وهو يقوم باستقبال عائلة «عمران» و كان على رأسهم «عبد الحميد» بجانبه «ياسين» و «عمار» و خلفهم «تهاني» و «حلا» و قد أتوا بالسيارة خلف هذا الموكب 
_ اتفضلوا . اتفضل يا عمار . ياللي معرفش اتحدفت عليا من انهي داهية .. 

قال جملته الأخيرة بجانب أذن «عمار» وهو يعانقه بحنق لم يُبالي له الأخير إنما قال بفظاظة
_ نصيبك. بجي هتِعمل ايه ؟ 

زفر «صفوت» حانقًا وهو يتقدمهم للداخل بعد أن احتضن «حلا» التي عانقته بقوة ثم قالت بجانب أذنه 
_ مش هتلاقي حد يحبها اكتر منه يا عمو دا مقوم البلد على رجل عشان خاطرها بقاله يومين.

ناظرها بعنف وكأن عينيه تخبرانها 
_ ليس أنتِ أيضًا .

جلس الجميع و تبادلوا السلامات إلى أن قام «عبد الحميد» بطرق الموضوع الأساسي لهذه الزيارة 
_ ندخلوا في الچد يا صفوت بيه . احنا چايين النهاردة عشان نطلوب يد بتك نچمة لحفيدي عمار جولت ايه ؟ 

لم يكد «صفوت» يتحدث حتى أتاهم ذلك الصوت الغليظ الذي جمدهم بمكانهم
_ هي دي محتاجه يا حاج عبد الحميد . طبعًا موافقين ! 

★★★★★★★★★

لجئ للنوم ليس لأنه متعب ولكن هربًا من هذا الواقع المُروع الذي اُلقي به على حين غرة ! 
لم يكن يتحمل أن يُلقي به شقيقة الذي كان يعتبره والده في فوهة هذا البُركان الذي لا يتحمل نيرانه أبدًا و المقصود بالنيران هي نيران الذُل الذي يتعرض له بدايةً من نومه مع تلك الحيوانات البغيضة في ذلك المكان الرث و ذلك الطعام المُقرف الزهيد الذي بالكاد يسد رمقه و الذي عبارة عن كسرة خبز و مياة ساخنة تُشعِل جوفه المحترق الحنق أكثر . ناهيك عن أنه منذ مدة كبيرة لم يتحمم فأصبحت رائحته تُشبه تلك الحيوانات البغيضة التي تحاوطه و ذلك الرجل الفظ الذي لا يشعر بالراحة سوى بعد أن يتخيل أنه قام بتحطيم رأسه .
لذا اختار أن ينام مُعظم الوقت حتى يتثنى له التفكير في طريقة لمغادرة هذا الجحيم .
فجأة شعر بسائل ساخن ينساب فرق رأسه و و رائحة مقرفة تتخلل أنفه ثم ذلك المذاق المالح البشع الذي لامس شفتيه فانتفض من نومته ليجد أحد الماعز قد تبول فوق رأسه ! 

جن جنونه للحد الذي جعله يصرُخ بهستيريا وهو يمسِك هذا الحيوان الذي لا حول له ولا قوة و يُلقي به في الحائط بدفعة قوية كسرت عظامه حتى دوى صوت فرقعتهم و التي لم تمس قلبه المظلِم و ماهي إلا ثوان حتى سمع صوت جريد الذي قال بلهفة 
_ ايش في ؟  

تجمدت الدماء بأوردته حين رأى الحيوان الضعيف يئن في إحدى الزوايا فانتفضت اودجته غضبًا و صاح بانفعال
_ ايش سويت يا لئيم ؟ 

انهى كلمته ثم انقض فوق «حازم» بلكمة قوية أطاحت به إلى آخر الغرفة ليتلقى ضربة قويه كتلك التي تلقاها الماعز فعلت الدماء في عروقه و لم يكد يُسيطر على ألمه حتى اقترب منه جريد وهو يقول بصراخ افزعه 
_ تدري انك حقير . كيف بتتجرأ تعمل كدي في المعزي ؟ 
ايش سوتلك يا چبان ؟ 

لم يستطيع التحدُث من فرط الألم فأخذت ضلوعه تئن و كذلك كرامته التي دُهِست تحت أقدام ذلك الرجل الغليظ الذي اقترب يقول بصوت شنيع 
_ اني هعرف كيف اربيك ؟ و من النهاردة إذا مچيتش تشوف شغلك لا في وكل ولا شي و راح اتركك لحتى تموت و ديابة الصحرا تنهش بدنك يا حقير .

★★★★★★★★

_ يا حلو صبح يا حلو طُل . يا حلو صبح نهارنا فُل . الا الحلو عامل ايه النهارده ؟ 
هكذا تحدث بجانب «سما» التي كان الخجل يغمرها من نظراته العابثة و كلماته التي تُدغدغ مشاعرها بقوة فهمست بخفوت 
_ حلوة الحمد لله . 

أخذ عينيه تدور حوله في الحديقه الخلفية قبل أن يُعيد نظراته إليها وهو يقول بعبث 
_ طب مانا عارف انك حلوة و زي القمر . هو انا وقعني على بوزي غير حلاوتك دي .

همست بخجل 
_ مروان بس بقى . 

_ بس بقى ايه هو انا لسه قولت حاجه ؟ 

هكذا تحدث بجانب أذنها فنهرته بغضب زائف 
_ بطل بقى و إلا هقوم امشي ..

صاح بانفعال 
_ تقومي تمشي ايه دانا دافع خمسين جنيه بحالهم لمجاهد عشان يفسح امك بعيد عننا و يخلالي الجو . 

شهقت بصدمة
_ انت اتجننت يا مروان بتوزع ماما ؟ 

«مروان» بحنق 
_ ماهي لزقالي زي القُرادة . مش عارف اعبر عن مشاعري لما حمضت . لا بترحم و لا بتسيب رحمة ربنا تنزل .

«سما» في محاولة للدفاع عن والدتها 
_ متقولش كدا . دي ماما طيبة والله هي بس بتخاف علينا زيادة عن اللزوم .

«مروان» بامتعاض 
_ متبرريش عشان مش اناولك بالقلم على وشك . انا لسه ضهري واجعني من وقعة اول امبارح فقصري بقى . 

«سما» بحزن 
_ مروان انت بتزعقلي ؟

«مروان» بحدة 
_ ايوا بزعقلك . مش لازم ادبح القطة من اولها اومال ايه انا راجل في بيتي يا هانم . 

إرتسم الحزن على ملامحها و تبلور في لهجتها حين قالت 
_ من اولها كدا بتزعقلي يبقى ماما عندها حق لما حذرتني منك .

شهق «مروان» بصدمة تجلت في نبرته حين قال
_ نهارها اسود هي كمان بتسوا سمعتي ؟ 

اغتاظت من وقاحته فهبت من مكانها تنوي المغادرة فاندفع خلفها ليمسك بيدها و يجذبها لتصطدم بصدره الذي احتواها بضمة قويه قبل يهمس بجانب أذنها 
_ انا أقدر على اي حاجه في الدنيا دي إلا زعلك.  

انتفض قلبها بين ضلوعها جراء كلماته و تراجعت للخلف حتى تنظر إليه قائلة باستفهام 
_ بجد يا مروان ؟ 

_ بجد يا قلب و روح مروان .

انهى كلماته وهو يغوص في بحر عينيها الجميلة قبل أن يُضيف بنبرة ماكرة 
_ و بعدين حتى لو زعلتك هتلاقيني براضيكِ في نفس الدقيقة حتى شوفي ..

برهن على كلماته بالدليل القاطع حين احتوى ثغرها بقبلة شغوفة لطالما تمناها فحلق بها في السماء السابعة من فرط روعة الشعور الذي كان خُرافيًا لمشاعرها البتول و لكم أسعده ذلك بقوة فانهى قبلته وهو يحتويها بضمة قويه توحي بمقدار عشقه لها و قد كانت هي كالمُخدرة بين ذراعيه التي أخذت تُهدهدانها دون أن يخدش حدودها أو يتجاوز في حق برائتها .
طال صمتها فقال بخفوت
_ سما ..

لم تُجيبه فعلت نبرته حين صاح
_ بت يا سما أنتِ نمتي ولا ايه ؟ 

«سما» بخجل 
_ لا صاحيه. 

«مروان» بعبث 
_ اومال ايه بقى ؟ دي حتة بوسة يعني ! اومال هتعملي ايه لما نتجوز؟ 

نهرته «سما» التي لكزته في كتفه وهي تقول بغضب
_ بطل قلة ادب بقى 

«مروان» بتذمر 
_ لا بقولك ايه مش كل شويه هتفهميني صح بقى . 

_ بقولك ايه اتلم احسنلك و الا هبتدي اصدق كلام ماما عنك ..

«مروان» بحنق 
_ وانا اقول انا عمال اشرق كل شويه ليه اتاريها مقطعة فروتي . كلام ايه أن شاء الله اللي بتقوله عني أم أربعة و أربعين دي ؟

تعاظم حنقها و صرخه غاضبة 
_ اول و آخر مرة هسمحلك تغلط في امي فاهم ولا لا ؟ 

«مروان» بنفاذ صبر 
_ ما تتلمي بقى انا جوزك يا هانم و بعدين في طار بيني و بين امك اللي هي عمتي و كمان أنا بفضفض من اللي شايفه على ايديها اومال اطق و اموت .

«سما» بلهجة اهدأ فهي تعلم أفعال والدتها التي تفعل المستحيل حتى تبعدها عنه 
_ طب ما تحاول تكسبها ، و تقرب منها .

«مروان» بملل 
_ يا بنتي هو أنا بلحق دي اول ما بتشوفني بتهب فيا بتبقى ناقص تهبرني .

زفرت بحنق
_ اللهم طولك يا روح . يا حبيبي حاول تقرب منها و تغير فكرتها الزفت عنك 
_ فكرة ايه أن شاء الله ؟ 

«سما» باندفاع
_ بصراحة بقى هي شايفه انك تافه و انك مش نافع في اي حاجه و انك بق عالفاضي . 

شهق «مروان» بصدمة و صاح غاضبًا
_ نهار امك اسود ..

_ دا نهارك اللي زي وشك . 
كان هذا صوت «همت» التي أتت على صوته العالي فوجدته يقف على مقربة من« سما» فجن جنونها و جنونه حين سمع صوتها فتمتم حانقًا 
_ طبعًا مانا شوفتك لازم يبقى اسود .

_ اقتربت «همت» وهي تقول بحنق 
_ بتقول ايه يا واد انت ؟ و قاعد مع بنتي ليه؟ 

«مروان» بامتعاض
_ بقول اللهم اخزيك يا شيطان . و بعدين ايه يعني أما اقف معاها ؟ هاكل منها حتة ! اهي قدامك اهيه شوفي ليكون نقص منها صوباع ولا حاجه ! 

زجرته «همت» قائلة
_ دمك خفيف ياخويا ، و بعدين دي اول و آخر مرة الاقيك واقف معاها تاني . 

ضاق ذرعًا بما يحدث فصاح غاضبًا
_ لا هقف يا عمتي و محدش يقدر يمنعني عنها دي مراتي ! 

«همت» بسخرية
_ لا والله خوفتني يا ولا . زعق كمان زعق . انت كدا راجل لما تزعق لعمتك ؟ 

«مروان» بتهكم 
_ جوزيني الصبح وانا اوريكِ ياختي انا راجل ولا لا ؟ و بعدين بقى انا لازم اصلح غلطتي . 

شهقت كلا من «همت» و «سما» التي ناظرته بصدمة قطعها صوت «همت» الصارخ 
_ بتقول ايه نهارك اسود ؟ غلطة ايه دي ؟ انت قربت من بنتي ؟ 

«مروان» بتحسر
_ ماهي دي اكبر غلطة غلطها . دانا لو كنت اغتصبتها كان زماني مخلف منها تلت عيال . 

«همت» بحنق
_ تصدق انت ملكش غير سالم اللي يربيك من اول وجديد والله لانا قيلاله على قلة أدبك .

التفتت تنوي التوجه إلى «سالم» ولكنها توقفت حين وجدته يقترب من «سما» قائلًا بصوت خفيض
_ ما تيجي اتغرغر بيكِ خلي الولية المفتريه دي تجوزنا بقى انا طهقت 

_ اصبر عشان خاطري يا مروان وحياتي عندك .

صاحت «همت» بصراخ 
_ تعالي يا بت أنتِ هنا واقفه معاه ليه ؟ 

«مروان» بنفاذ صبر 
_ روحي عند امك ربنا ياخدك أنتِ وهي ..

★★★★★★★★★

تجاوزها إلى الخارج ولم يلتفت لها مما جعل الغضب يتعاظم بداخلها فتبعته وهي تتوعد له بداخلها و قد شعر هو بذلك خاصةً وهي تحاول ربط حزام الأمان ففشلت جراء عصبيتها المُفرطة فاقترب يساعدها فإذا بها تتفاجيء بيديه التي كانت حانية على عكس نظراته القاسية و أنفاسه الملتهبة التي حين لامست بشرتها حتى أثارت زوبعة من المشاعر بداخلها و لكن سرعان ما تحولت لغضب عاصف حين عاد إلى مكانه مرة أخرى بمنتهى الهدوء ثم انطلق بها إلى الطبيب الذي طمأنهم بان الأمور ستصبح بخير و قد حدد لها موعدًا لإجراء المسح الذري للتأكد من أنها تخلصت من هذا المرض اللعين و قد جعلتها كلمات الطبيب المُطمأنه تشعر بالسعادة التي تناثرت من عينيها على هيئة عبرات غزيرة تلقاها هو بشفتيه قبل أن يحتويها بين ذراعيه في عناق دافيء شغوف يعبر عن مدى سعادته التي بلغت عنان السماء بهذه الأخبار الطيبة و قد تناسى كلا منهما كل شيء للحظات اختطفوها من الزمن و لكن كما هي العادة الأوقات السعيدة سرعان ما تنتهي فقد أخترق صوت الهاتف لحظاتهم الجميلة فتراجع عنها ليُجيب و تحمحمت هي بخفوت قبل أن تسبقه الى السيارة لتتفاجيء بجفاء نبرته حين قال 
_ هوديكِ البيت و ارجع انا ع الشركة . 

باغتته حين قالت بنبرة يغلب عليها التوسل 
_ مش هنتكلم ؟ 
جفاءه آلمها حين قال
_ مش فاضي ورايا حاجات مهمة .

_ أهم مني ؟ 

لم يكن استفهام بقدر ما كان رجاء و طلب للصفح جعل دقات قلبه تصرُخ من فرط العشق الذي يود لو يُغدقها به في تلك اللحظة ولكن جاء صوته يتنافى مع ضجيج مشاعره حين قال 
_ كل حاجه و ليها أهميتها يا جنة ..

لأول مرة ينطق اسمها بتلك الطريقة فتعاظم الألم بداخلها فصرخت غاضبة 
_ على فكرة مش بس انت اللي زعلان انا كمان قلبي واجعني و مش قادرة انسى شكلك وانت عندها . حتى لو كنت مظلوم ! 

استنكر قائلًا 
_ حتى لو كنت مظلوم ! أنتِ كمان لسه عندك شك اني مظلوم ؟

«جنة» بغضب 
_ إذا كان انت نفسك مكنتش واثق إذا كنت مظلوم ولا لا ؟ دا انت قولتي مش فاكر . 

كان الأمر كارثيًا بالنسبة له إما أن يصفعها أو يصفع كبرياءه داخل أحضانها لذا قال بقسوة
_ يالا عشان اوصلك . 

_ للدرجادي انا مش فارقة معاك ولا اهمك ؟  

فاجئها حين قال بقسوة
_ لا. لا فارقة معايا ولا تهميني ! 

شهقة قويه شقت جوفها حين استمعت إلى كلماته القاسية فهمست بلوعة 
_ سليم ..

أتتها كلماته المُعذبة كطلق ناري استقر في منتصف قلبها حين قال بمرارة 
_ اللي متوصفهوش المواقف و الأفعال مفيش كلام في الدنيا يعبر عنه . عشان كدا بقولك لا مش فارقة معايا و لا تهميني !

★★★★★★★★

_ تجمع جميع أفراد العائلة حول «سالم» الذي كان سيغادر إلى مدينة الإسماعيلية لكي يباشر سير الانتخابات التي أصبحت على الأبواب فاقترب من «أمينة» يضع قبلة قويه فوق جبهتها و أخرى فوق راحة يدها ثم قال بحنو
_ خلي بالك من نفسك يا حبيبتي . و متنسيش تدعيلي. 

_ ربنا يجبر بخاطرك يا ابني و يرجعك مجبور الخاطر قادر يا كريم . 
امن الجميع على دعائها ليقول «سالم» بحنو
_ أحلى دعوة في الدنيا . ربنا ما يحرمني منك .

_ ايوا يا عم ناس عماله تدعيلك مش زي الغلبان اللي ربنا مسلط عليه شياطين الأنس و الجن .

كان هذا صوت« مروان» الحانق فجاءه صوت «همت» الساخر حين قالت
_ و انت الشياطين تروح فيك فين ؟ دا الله يكون في عونهم . 

«مروان» بامتعاض
 _ يا ستار يارب . انا ماشي على طريق يا عمتي . ارحمي امي العيانة .

_ يارب ترحمنا هي و تبعت تاخدك .

_ قاعد على قلبك يا غاليه . لحد ما ربنا ياخد أمانته و الواحد يعرف يعيش حياته بقى 

ضاق ذرعًا من عراكهم الذي لا ينتهي لذا زمجر قائلًا 

_ اكتم يا ابني . مش ناقصين وش . يالا قوم جهز نفسك عشان نص ساعة و هنتحرك 

«مروان» بامتعاض
_ هجهز نفسي يعني هعمل ايه هما بوكسرين و تشيرتين و شراب . 

قهقه الجميع على كلماته فزجره «سالم» قائلا 
_ مبقاش سالم الوزان لم مش قصيت لسانك الطويل دا . انا قايم اعمل كام تليفون على ما تخلص

غادر «سالم» لتقول« همت» التي قالت بشجن 
_ تفتكروا سالم هيعمل ايه مع الزفت ناجي دا ؟ 

أجابتها« أمينة» بهدوء
_ هو سالم عمره بيقول لحد على اللي في دماغه

التفت الجميع إلى «مروان» الذي قال بتهكم
_ على رأيك يا مرات عمي الكبير مبيقولش لحد على اللي في دماغه بس الكبير بقاله كبير تاني بيعرف يقرره و يطلع منه بكل حاجه . 

كان يتحدث و عينيه تتركز على «فرح» التي اعتدلت في جلستها تشعر بالحرج من نظرات الجميع التي انصبت فوقها فالتفت تناظر« مروان» بغضب قابله بالسخرية التي بددتها كلمات« أمينة» المتلهفة
_ صحيح يا فرح قالك ناوي على ايه ؟ 

«فرح» بمراوغة
_ الموضوع مالوش حل جذري يا ماما و كمان هياخد وقت . بس اطمني أن شاء الله خير ، و سالم قدها . 

تباينت الأحاديث و تحولت إلى مواضيع أخرى إلى أن جاء موعد المغادرة فصافح «سالم» الجميع و تبادلوا السلامات و حين جاء دورها لم يكتفي بمجرد عناق بل جذبها من خصرها إلى أن وصل الى باب القصر و قام باحتوائها في ضمة قوية و كأنه يختزن من أنفاسها ما يكفيه حتى يعود فطال عناقهم لدقائق قطعها حين قال بنبرة فاحت منها رائحة العشق 
_ خلي بالك من نفسك . مش هوصيكِ 

_ متقلقش عليا خلي بالك انت من نفسك . و طمني عليك على طول . و متتعصبش لما ارن عليك كل شويه اطمن عليك . 

ابتسم صد شفاهها التي كانت تذمها بطريقة لطيفة جعلته يود التهامها ولكن الوقت لم يكن يسمح لذا قال بخشونة
_ كلميني في أي وقت . وحتى لو مشغول هفضي نفسي عشانك . اصلًا معنديش أغلى منك .

همست بعذوبة 
_ ربنا ما يحرمني منك .

_ ولا منك . لا إله إلا الله.  

همست بلوعة حاولت اخفائها قدر الإمكان 

_ سيدنا محمد رسول الله ..

غادر «سالم» برفقة «مروان» في وجهتهم نحو المجهول ليمر على غيابهم يومان و قد قضى الشوق على آخر ما تبقى لديها من ثبات حتى تلك المكالمات الهاتفية لم تستطيع أن تروي ظمأ شوقها إليه فألتقطت أحد قمصانه تحتضنه بقوة لتتغلعل رائحته إلى أنفها ليتعاظم الشوق بداخلها أكثر ولكن جاء صوت الهاتف لينتشلها من بحر اشواقها فتوجهت بخطْ متلهفه كنمر أخيرًا زفر بفريسته لتجيب بصمت فاخترق صوته الكريه أذنها 
_ الجميل تقلان عليا ليه ؟ 

تضمنت لهجتها قدر كبير من الإشمئزاز حين قالت 
_ تعرف انا اتحكالي كتير عن قذارتك بس ولا حد قدر يوصفك صح. 

صمت لثوان يتدارك المفاجئة قبل أن يقهقه بصخب اتبعه قائلًا بتسلية
_ فرح هانم . مرات البوص الكبير . اكيد النهاردة يوم حظي ! 

_ عايز من اختي ايه يا حقير ؟ 

صاح بها غاضبًا
_ لسانك ! و بعدين اختك دي عيلة هبلة سهل اي حد يضحك عليها . مش ذنبي .

«فرح» بحنق
_ ابعد عن أختي أحسنلك . 

_ و أن مبعدتش ؟ 

صاحت بانفعال
_ يبقى نهايتك هتكون على أيدي . 

قهقه بصخب قبل أن يقول باستخفاف
_ تصدقي خوفتيني . 
_ انا ممكن اخوفك بجد و متفكرش أني بهدد و بس . 

«ناجي» بتخابث 
_ عارف . بس كمان عارف انك بتخافي على أختك . و انا بقى ممكن اخليها متقدرش تطلع بره باب البيت تاني. و اخلي حبيب القلب يطلقها و يرميها وقبل ما تقولي نص كلمه هقولك ليه . فيديو حلو اوي كان حازم مصوره لأختك وهي في حضنه عشان يبتزها بيه . دا ممكن ينزل في كل مكان . إلا لو …

امتقع قلبها و شعرت بأن قدميها لم تعد قادرة على حملها و خرجت الكلمات هامسة من بين شفتيها حين قالت 
_ إلا لو ايه ؟ 

«ناجي» باستمتاع
_ إلا لو جيتي تقابليني . و اوعي تفهمي كلامي غلط انا أقصد تقابليني في كافيه قدام الناس كلها و انا راجل بفهم في الأصول ..

بعد مرور ساعة كانت تستقل إحدى سيارات الأجرة و تتوجه إلى المكان الذي واعدت ذلك القذر أن تلاقيه هناك و قد كانت الهواجس و الأفكار تتقاذفها حول كونها أخطأت أو اصابت فيما تفعله ولكن كان شيء واحد ترجح له كفتي الميزان هو مصلحة شقيقتها . 

دقائق وكانت تقف وجهًا لوجه مع هذا المسخ الذي قال بسماجة 
_ أخيرًا شفت الحلوة اللي وقعت سالم الوزان على جدور رقبته . بس تصدقي له حق . 

تجاهلت كلماته المقززة و نظراته اللعوب و قالت بقوة
_ ابعد عن جنة و اوعى تحاول تقربلها مرة تانيه . 

_ طب اقعدي نتكلم . 

_ مش هقعد و هتسمع اللي بقولك عليه احسنلك .

«ناجي» بتخابث
_ و أن مسمعتش ؟ 

_ يبقى انت الجاني على روحك . 

«ناجي» بدناءه
_ دا أنتِ اللي مش واخدة بالك أن روحك بقت في أيدي! 

«فرح» بذعر حاولت جاهدة اخفاءه
_ تقصد ايه ؟ 

_ اقصد ان الحلوة جت رجليها اقدر دلوقتي احرق قلب سالم الوزان عليكِ أنتِ و ابنه 

حاولت الثبات وهي تقول باستخفاف
_ على أساس أن انا هخاف من كلامك دا ! نبقى متعرفنيش . انت اقل بكتير من انك تخوفني . واحد زيك أجبن من أنه يتواجه زي الرجاله و بيتشطر على الستات . 

تبلور الغضب بعينيه فصاح بانفعال 
_ تعرفي اني ممكن كمان اقطع لسانك دلوقتي ؟ بس مش هعمل كدا . عشان اخليكِ تشوفي نهاية حبيب القلب بعنيكِ . 

ارتج قلبها ذعرًا فصاحت بعنف 
_ اخرس و اياك تقرب من جوزي ولا من اختي يا حقير 

_ يبقى ادوق من الكيكة . 

«فرح» يترقب 

_ تقصد ايه ؟ 

«ناجي» بحقارة
_ ليله في حضن الأمورة و البيه يرجع بيته بسلام و فيديوهات الأمورة الصغيرة تتحذف ايه رأيك ؟ 

صدمة قويه اجتاحتها جراء كلماته الوقحة فلم تستطيع منع نفسها حين رفعت يدها وهوت بصفعة قويه فوق خد ذلك الحقير الذي لم يصدق ما حدث و سرعان ما اجتاج غضبه و اقترب ليرد الضربة عشرة فتفاجئ بذلك الجسد الضخم الذي وقف أمامه يعتصر يده حتى كاد يهشم عظامه و صوته الجهوري يصيح 
_ ايدك لا اقطعهالك ..

الفصل الثالث عشر من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-