رواية الصندوق الفصل التاسع والعشرون بقلم الهام عبده
رأي سالم وجه منصور بك المحتقن الذي يقف قبالة كاريمان و إيفان، تحدث معهما بعصبية غادرا الحفل علي اثرها مباشرة، راقب من بعيد انسحابهم الصامت من الحفل لكنهم تركوا ثريا و ابنتها و بالطبع عزيز الذي اكمل حفل خطبته حتي النهاية كي لا يثير تساؤلات أكثر!!
حفيظة هانم تقبلت اعتذار منصور بك الذي تعلل بألم طرأ في معدته و من ثم سيعود للقصر مع ايفان و ابنته ليتم فحصه و العناية به، رآهم كل من بالحفل ينسحبون بهدوء و هم يعرفون الأسباب جيداً و يحاولون اظهار تصديق الحجة رغم وضوح العلة الحقيقية!!
وقف سالم من جلسته بجوار بسمة ليعرف ما يحدث بالضبط، سمع الهمس و اللمز المنتشرين بالمكان، علي وجه كاريمان حرج و ضيق لكنها كعادتها مليئة بالقوة و التحدي، في يده ورقة محصول القطن التي سعي وراءها طويلاً، تلك الفتاة لم تعطه فرصة ليفرح بنصره، سرقت منه سعادته في لحظة عندما رأي كبوتها و انسحابها !!
انتابته الغرابة من ذلك الشعور!!
كيف بعد أن أهانته و طردته و احطت من قدره مازال يحزن لأجلها!! لم يستطع ان يكون بمعزل عما حدث لها، تمني لو انه وقف بمشاعره علي الحياد لا يحزن او يفرح حيال ما تعيشه لكنه يحزن و يتضايق و ينهم لهمها، شعر بالأسف علي ما حدث ووقف متجهماً حزيناً يراقب بعينيه خروجها من أبواب القصر حتي اختفت، لاحظته بسمة بعينيها السوداوتين، لم تنطق أو تعترض مثل عادتها، لكن قلبها انقبض في داخلها و تيقنت أن كل كلام المديح و الاغاني الذي سمعته منه الليلة ليس سوي محاولة منه لدفع مشاعره إليها كي يتناسي مشاعر أخري تحطمه، لم يستطع دفعها بعيداً عنه، تسائلت بسمة : ماذا فعلت كي أشعر هكذا في كل مرة؟! و إلي متي سيستمر الأمر بهذا الشكل؟!!!
جاءت حفيظة هانم و قالت له: ما بالك حزين هكذا يا سيد سالم .. ألم تُسعدك مفاجئتي؟!
أجاب سالم بفتور: علي العكس.. سعدت بها كثيراً لكن ما حدث منذ قليل عكر صفوي قليلاً
حفيظة هانم: عمَ تتحدث ؟!
سالم: عن منصور بك الراعي و ابنته ... كيف تحول ذلك الحفل الراقي لجلسة كبيرة من الغيبة و النميمة؟! كيف ينشرون عنها شيئاً كهذا؟!
ابتسمت حفيظة هانم و قالت : و هل ما قيل عنها مجرد ادعاء؟! أليس هذا الطبيب حبيبها بالفعل؟! أنت قطعاً تعلم لأن قصة الحب تلك ولدت هناك ... في بلدتك!!
سالم بضيق: و إن فرضنا ذلك .. هل هذا يبرر الخوض في خصوصيات الغير!! هل يحق لهذا الجمع التحدث عن أدق تفاصيلها؟! من تحب أو متي؟! فيما تهم الناس تلك التفاصيل؟!
حفيظة هانم: من الواضح أنك تحمل محبة خاصة لتلك العائلة و خاصةً لتلك الأميرة!! تدافع عنها بانفعال شديد !!
سالم: بغض النظر عن علاقتي بهم فأنا أري أن ما حدث لا يصح !! الخوض في تفاصيل الناس الشخصية غير مقبول بالمرة .. أرجو منكِ التدخل لانهاء تلك الحالة الهزلية من النميمة ربما نذكر ذلك الجمع الذي يضم الصفوة بما يليق و لا يليق!!
ضحكت حفيظة هانم بسخرية و قالت: عذرا منك .. و لكن .. ماذا يمكنني أن أفعل؟!
سالم : حفيظة هانم.. يمكنك الوقوف في الوسط و التحدث عن ضيفتك الكريمة بشئ من المساندة و دعوة الناس للتوقف عن غيبتها بهذا الشكل !!
حفيظة هانم: آسفة و لكن .. هي من جلبت حبيبها الي هنا فأثارت ذلك الجدل حولها .. ليدفع كل مرء ثمناً لأفعاله..
انفعل سالم و قال : اذن.. اسمحي لي ..
وقف سالم في المنتصف و قال بصوت قوي و ثابت : أيها الجمع الكريم .. صفوة المجتمع من أمراء و نبلاء، سيدات و سادة .. بصفتي صديق قريب لعائلة منصور بك الراعي و بمناسبة هذا الحفل المقام لخطبة ابنه علي كريمة ذلك القصر فأنا اقول .. إن من صنع اللغط و المعلومات المغلوطة عن الأميرة ابنة منصور بك لهو انسان ناقص يهوي غيبة الناس و يري في انتقاصهم كمالا لنقصه و غطاءاً لعيوبه، الأميرة تعمل مع الطبيب بمشفي لدينا بأسوان و انا من قمت بدعوة الطبيب و ليس هي، تجمعهما علاقة طيبة بصداقة مهذبة و حتي و إن شاء الطبيب مخاطبة نسبها فهذا لا يعيبها أبداً .. تريثوا قبل أن نخطئ في حقها فنندم لاحقاً بعد أن يتبين كل شئ .. شكرا جزيلا لكم ...
استمعت حفيظة لكلماته التي كانت موجهة كلها لها بدون أن يدري فصمتت لانه قد قفز علي الاحداث بشكل غير متوقع أصابها بشلل في التفكير أما ثريا فصدمت أيضا لما فعل لكنها تيقنت في تلك اللحظة انه غارق في حب اختها لا محالة، دفاعه و انفعاله و تبرأته لها بإدعائه دعوة إيفان لهو شئ غريب !!!
بسمة ايضاً تفاقم الوضع داخلها كبناء آيل للسقوط منذ زمن لكنه اليوم اوقعته ريشة!!!
سحبها من يدها و انصرف غير آبه إلي أي شئ وسط حديث الناس عنه و عن دفاعه النبيل عنها!!
في قصر الراعي، وصل ثلاثتهم فأشار منصور بك لهما بدخول غرفة مكتبه كي لا تبقي المناقشة علي مرأي و مسمع من الخدم و العاملين..
أغلق الباب ووقف قبالتهما و قال
منصور بك: ما هذه المهزلة ؟! هل يشرح لي أيا منكما ما يحدث بالضبط؟!!
وقف إيفان مزبهلاً لا يعرف كيف سيواجه موجة الاحداث العاصفةٍ تلك!!
نظرت له كاريمان فشعرت بارتباكه و قالت
كاريمان: أبي!! إن ما حدث هو مؤامرة كبري .. لم ادعو إيفان للحفل .. أنت تعلم أنني لا ارتكب حماقة كهذه قط !!
منصور بك : من اذن ؟! من الذي يعرف علاقتكما ففعل تلك المكيدة؟!
هل فاتن لانكِ عارضتي زواجها أم سالم لخلافك معه ام من ؟! انتي تصنعين لكِ عدواً كل يوم بعنادك!!
تعجبت كاريمان من مهاجمة والدها لها بهذا الشكل و قالت :
هل انا من اصنع أعداءً لي كل يوم ؟! و بعنادي؟! هل انا من قلت لفاتن ان تخون ثقتي و لعزيز ان يستغلها و يستغلني، هل انا من جعلت سالم يتوسط في زواجهما و يتحداني؟!!! هل انا من اقمتهم اعداءً لي .. قل يا أبي؟!
نظر لها منصور بك بحزن لأجلها و بغضب منها في ذات الوقت و لم يجبها
رد ايفان: لا اعتقد ان سالم يمكن أن يفعل شئ خسيس هكذا فهو رجل شهم و انا اعرفه
كاريمان : و لا يمكن لفاتن المسكينة تلك ان تدبر شئ كبير كهذا ... انا اعرف من فعلتها جيداً ..
منصور بك: هل تقصدين زوجة السيد شفيق ، التي يسمونها " بمبة" ؟
كاريمان : بالطبع لا .. فتلك مجرد آداة في يد الفاعلة .. حفيظة هانم !!
تفاجأ منصور بك و قال: حفيظة !! و لماذا ستفعلها؟!
ردت كاريمان متهكمة: بالاتفاق مع فاتن طبعاً .. قد طلبت من فاتن شيئاً لأمرر تلك الخطبة، الواضح انها اتفقت مع خالتها ففعلت بي ما حدث!!
غضب منصور بك : و ماذا طلبت؟! انا أصبحت أعلم مخططاتكم بعدما تُنفذ و تحصدون نتائجها الممتازة!!
كاريمان: كنت اتحدي سالم فطلبت محصول القطن كله لي من فاتن!!
حملق منصور بك بها و قال: قد تماديتِ كثيراً تلك المرة فاستحققتِ ما حدث!! ماذا سنفعل الآن بالذي أشيع عنكما.. كيف سنصمت كل تلك الافواه؟!! هل لديكما حل؟!
كاريمان باعتراض: أنا أرفض الكلام عن علاقتنا بتلك الطريقة .. فنحن لم نفعل شيئا خاطئاً !!
منصور بك: عجباً .. ألم يكن خطئاً أن تقبلين منه طلب الزواج و خاتم الخطبة دون علمنا و موافقتنا!! ألم يكن خطئاً أن تنتشر علاقتكما و تصير حديث الناس في اسوان حتي يُسمع صداه هنا و تستغله الناس؟!
كاريمان: المسألة كانت تحتاج فقط لوقت مناسب كي يصبح الأمر رسمياً لكن تلك السيدة ذات الألعاب الدنيئة يجب أن تعاقب .. لن يمر ما فعلته دون رد
منصور بك: هل أنت متأكدة من أنها هي قبل أن تخططين للانتقام؟! أخشي أن يكون هذا تسرع منكِ خاصةً انه دون دليل؟!
كاريمان: سيأتي يوم اثبت لك فيه كل كلمة قلتها و سيكون عقابها شديداً و قريباً ايضاً
منصور: و ماذا سنفعل في موضوعكما؟!
نظرت كاريمان لايفان الصامت و قالت : لأكون صريحةً يا أبي .. نحن معاً بالفعل لكن خطوة الزواج لن تؤخذ اضطراراً كمن فعل فعلةً مخجلة و يرغب باصلاحها ..
منصور: و متي كنتما تنويان المجئ لمصارحتي وجعل الأمر رسمياً
انتظرت كاريمان أن يتحدث إيفان و يوضح موقفه و لكنه بقي صامت ايضاً فانتابها الحرج و الغرابة ثم قالت
كاريمان : ليس بعد يا أبي
نظر منصور بك لايفان وقال: أراك صامتاً الآن فلماذا تسرعت اذاً و طلبتها للزواج حينها ؟!
تحشرج صوت إيفان في بداية كلامه عندما قال: نعم .. ألبستها خاتم الخطبة و طلبتها للزواج في وقتٍ سابقٍ لكن الآن بعض الحسابات اختلفت!!
نظرا له كلامها بتعجب و صدمة فقال: فعلت ذلك تحت تأثير و غلبة مشاعري لكن الوقت اثبت لي تسرع فعلتي !!
ردت كاريمان بانفعال و بعينيها لوم و عتاب له بشكل لا يُصدق: ماذا تقول يا إيفان!! هل انت واعٍ لما تقول!!
إيفان بحرج : نعم .. واعٍ و مدرك و ارجو تفهم مقصدي .. فأنا أدركت مؤخراً أين اقف أنا و أين تستقرين أنتِ!! بيننا هوة عظيمة فلا أستطيع سحبك لأسفل كي تبقي معي و في الوقت نفسه لن استطيع ان أركب بساطاً سحرياً يرفعني إلي حيث أنتِ !!
منصور بك بسخرية: و لمَ لمْ تحسب حسبتك تلك قبل أن تصرح لها بحبك أمام جمع كبير هناك ؟!
ايفان: كان خطئاً في التقدير لكنني لم و لن انكر مشاعري تجاهها أبداً
منصور بك : ألا تعي أن تلك للمشاعر تعني مسئولية في الأفعال و التصرفات ؟! و حان وقت أن تثبت مسئوليتك تجاه مشاعرك تلك و خاصة في وقت دقيق كهذا
ايفان: ماذا تقصد؟!
منصور بك: ليس في كلامي شيئاً مبهماً فيجب علينا ترتيب حفل خطبة عاجل و لو يكون بسيطاً لغلق الحديث في هذا الموضوع و حفظ ماء وجهنا أمام الناس .. أم أن لك رأي آخر؟!
ايفان: آسف يا منصور بك لكن اعلان الارتباط الآن لا يناسبني و لم اتعود علي أن تأخذ قرارات حاسمة في حياتي خوفاً من المجتمع!!
نظرت له كاريمان بخزلان و خزي و كأنما أطفأ في قلبها شموعاً كانت تدفئه و تنوره فأصبح بالداخل ظلام دامس!! فقالت بكبرياء مزيف : و من قال أنني أوافق علي قرار الارتباط بك الان أيضاً .. لم أفعل شيئا مشيناً يجبرني علي فعل خطبة عاجلة ليسكت الناس
نظرت لوالدها و قالت : لندعهم يتحدثون حتي الملل!!
انفعل منصور بك : ماذا تقولون أنتم؟! هذا ليس صحيحاً تصرفا بوعي قليلاً !!
همَ ايفان بالتكلم فأشارت له كاريمان بالسكوت و قالت لأبيها: لا تقلق يا أبي. أنا أقوي مما تتصور و قادرة علي مواجهة الجميع.. أخطأت بقبول خاتم الخطبة آنذاك و انت تعلم أن كل خطأ له حساب يٌدفع و انا علي استعداد لسداد و غلق كافة الحسابات .. لن تكون هناك خطبة الآن أو حتي علي المدي البعيد، انتهي الأمر فأنا و إيفان من بعد اليوم صديقين فقط!!
ربما لم ننجح لنكون سوياً فدعنا لا نطيل الأمر !!
لم يجد منصور بك ما يقوله فكاريمان محقة بعد أن تخلي عنها ايفان في ذلك الوقت العصيب بسبب قيوده الداخلية فانصرف الي الخارج و تركهما..
علي الرغم أن المسافة بينهما لم تكن تتجاوز نصف المتر، الا أن كاريمان نظرت له و قالت: كم نحن بعيدين كما لو انه يفصل بيننا المحيط !!
رد ايفان بحرج: لا أشعر بأننا بعيدين و لكننا كصيف و شتاء لا يلتقيان!!
ردت كاريمان بتهكم: ربما كانت ليلة تقديم الخاتم تلك في الوقت الذي يتسلم احد الفصلين وردية العمل من الاخر فتقابلا!!
ايفان: هل تتهكمين علي امورٍ شائكة بالنسبة لي
كاريمان بتعالٍ: لم تعد شائكة فقد انتهي الأمر الآن كما قلت لك منذ برهة.. لا تنهم يا إيفان.. لم يبقي هناك شئ يخصنا تفكر به .. عذرا منك
انصرفت كاريمان و تركته وحيداً فغادر بعدها القصر و قضي ليلته في احد النزل المتواضعة حتي يأتي الصباح فيعود من حيث أتي..
_____________________<<<<بقلم elham abdoo
قطع قراءة علاء و يوسف للرواية انقطاع التيار الكهربائي الذي اجبرهما علي ترك الكتاب و الخروج للشرفة هروباً من الجو الحار ..
علاء: شوفت الحب بيعمل ايه يا ابو السوف؟!
همهم يوسف و لم يرد فأكمل علاء قائلاً : يعني طردته و هزأته و برضو دافع عنها مش انت !!
يوسف : يا عم اسكت بقي .. طب سالم راجل غني كل مشكلته في قبولها ليه لكن انا زي م انت شايف
علاء: طب ابتدي الأول و سيب الباقي لتدبير ربنا .. طالما لاقي منها قبول .. هو القبول ده حاجه قليلة .. ادي كاريمان اهي مدوخة سالم السبع دوخات !!
يوسف: خلاص يبقي اصارحها و نتجوز و نعيش هنا في الشقة و تدفع هي الايجار شهر و انا شهر ههههه و نعيش اليوم بيومه من غير تخطيط و لا حاجه
ضحك علاء و قال: آه يا ندل .. اول حاجه فكرت فيها انك تطرقني!!! و بعدين ليه لا .. صارحها و لو وافقت انا مستعد اسيب لكم الشقة فعلا و عيشوا مع بعض .. اكبروا مع بعض و استقروا مع بعض و كله يجي واحدة واحدة ايه المانع ؟!
يوسف: بس انا عاوز أأمن مستقبل حلو ليا و لعيالي ف المستقبل مش عاوز اعيش يوم بيوم
علاء : أنت فقر و هتفضل كده لحد م هي هتفهم لوحدها و تمشي عشات ترتاح
تهرب يوسف قائلا : بقولك ايه.. النور لسه هيطول يلا ننزل نضرب ٢ مكرونة بالكبدة ع ما يكون جه و ننرجع ننام
علاء: يلاااا
_________بقلم elham abdoo
في المرسم، جلست ريم أمام لوحة وصلت فيها للرتوش الاخيرة لوجه يوسف الذي رسمته ببراعة ودقة كعادتها، عينيه البنيتين الضيقتين و قسمات وجهه الصغيرة، البقعة الصغيرة فوق حاجبه الأيمن التي لازمته منذ ولادته، تمشت بفرشاتها الصغيرة ع حدود أنفه العريض و ابتسمت عندما تذكرت شجارهما وقت اختفاء الخاتم ثم بفرشاة أخري أظهرت لون شفتيه الورديتين فجال بخاطرها قلقه و بحثه عنها ليلة بقاءها عند ياسمين..
ذهبت لتسترخي قليلاً و أمسكت بهاتفها و راحت تبحث عن اسمه ع مواقع التواصل فوجدته، أوشكت علي إرسال طلب صداقة له علي تطبيق الفيس بوك لكن موقفه الاخير معها اوقفها فراحت تقرأ معلوماته و تلقي نظرة علي محتوي صفحته و تأملت بعض من صوره ثم قالت : يا تري ايه اللي وقفك!!
__________بقلم elham abdoo
في صباح اليوم التالي، استيقظ علاء في العاشرة لأن اليوم هو الجمعة فليس هناك منبه يوقظه مبكراً او افطاراً معتاداً في العمل، أخرج البيض من الثلاجة و اعد طبقاً شهياً من البيض المقلي ثم جهز طبقاً من الفول و اعد الشاي و هنا خرج من المطبخ ليوقظ يوسف الذي التقط انفه رائحة شهية بمجرد أن فتح عينيه، بعد أن تناولا افطارهما، أمسك علاء بالكتاب و اخرج ورقة صغيرة وضعها يوسف ليحدد الصفحة التي توقفا عندها ثم قرأ بصوت مسموع :
بعد انتهاء الحفل، ودع عزيز فاتن و أهلها ليذهب مع اخته ثريا للقصر للاطمئنان علي والدهما، نظرت ثريا للسيدة حفيظة بخبث و قالت لها : مبارك علينا نسبكم الكريم .. هذه الليلة انتهت بشكل مزعج قليلاً فتوعك والدي جعلها تمضي بثقل لكن لا بأس .. هناك تعويض قادم بإذن الله
حفيظة هانم: لا عليكِ . أبلغي منصور بك بتمنياتي له بالشفاء العاجل
ثريا: أشكرك.. دمتم سالمين
___________بقلم elham abdoo
وصل عزيز و ثريا لقصر الراعي و هناك وجدا كاريمان في حديقة القصر منزعجة تفكر فيما حدث فقال عزيز : قد فاتكما حدثاً غاية في الأهمية يا اختي العزيزة .. بطلُ همام اخذ علي عاتقه الدفاع عنك مثل المجنون!!
نظرت له كاريمان بسخافة ثم قالت لاختها: ماذا يقول ذاك؟! هل الوقت وقت مزاح؟!
اقتربت منها ثريا و قالت : و لكن هذا ليس مزاحاً .. المجنون الذي دافع عنك هو سالم .. ادعي انه هو من دعي إيفان للقدوم للخطبة، لو رأيته عندما خطب في الحاضرين بقوة و قال فيكِ شعراً، برأ ساحتك و قال أن صداقة شريفة تجمعك بالطبيب، هاجم من اغتابوكِ و قال كل ما يلزم ثم اخذ تلك الوصيفة و مضي!!
رفعت كاريمان حاجبيها و قالت : لا أصدق!!! سالم ؟!
عزيز بابتسامة: نعم .. ذلك العاشق المتيم!!
قالت ثريا: هو واقع في حبك لا محالة!!
عزيز: للمرة الاولي سأصدق من قال علي الحب أنه مذلة!! عفانا الله عن الحب و مذلاته !!
ردت ثريا عليه بسخرية: قد اصاب الحب قلب تلك التافهة التي وافقت بك رغم علمها أن سالم أوثقك بقيود و أحضرك إليها فالحب أحياناً يصنع من الناس مرضى!!
ضحك وجه كاريمان للمرة الأولي منذ ما حدث و قالت: رجل غريب!! ظهر لي طبعه الحسن في كل مرة احتجت فيها اليه
ثريا بسخرية: كان عليكِ أن تري وجه حفيظة أثناء الخطبة و هو يلقي بالاتهامات و الشتائم عليها و لا يعي أن من اهدته المحصول منذ قليل هي من يهينها الآن في خطابه بكل بساطة!!
ضحك عزيز و قال : مثلما يصنع الحب مرضي فهو ايضاً يجعل بعضهم حمقي !!
كاريمان: و لكن تلك ليست حماقة بل شهامة!! كان منوط بك انت أن تدافع عني هكذا .. ايها الوغد الصغير
أقبل والدهم و سمع بعض الحديث و قال :
منصور بك: سالم دافع عنكِ أمام الجميع؟! هل صحيح ما سمعت؟!!
كاريمان : نعم يا أبي .. قال انه هو من وجه الدعوة لايفان و إن صداقة شريفة تجمعني به ...
منصور : عرفت انه رجلا شهماً من اللحظة الاولي ..لعل ما حدث يعلمك كيف تدققين اختياراتك لمن حولك بعد الان !!
كاريمان : نعم .. أفهم ما تقصد
ثريا: ماذا اذن؟! هل هرب إيفان ام ماذا؟!
كاريمان: لم يهرب حرفياً لكنه ضمنياً فعل ..
عزيز: هذا أفضل شئ فعله ع الاطلاق.. اختيار غير مناسب من البداية
ثريا: سآخذ ابنتي و أعود لبيتي فقد تأخر الوقت
عزيز: و انا سأذهب للنوم فقد كان يوماً متعباً
بقي الاب و ابنته حيث نظر لها بعطف فدخلت بين ذراعيه في راحة فقال لها : يجب أن نشكر السيد سالم ع موقفه النبيل هذا .. أليس كذلك ؟!
كاريمان: بالطبع ..
___________بقلم elham abdoo
بعد عودة سالم لمنزله، لم يتحدث مطلقاً مع بسمة حتي عندما قالت له: كان دفاعك جيداً عن سمعة كاريمان هانم !! لم يرد ..
دخل غرفته و أبدل ثيابه، نظر لتلك الورقة التي اعطتها له حفيظة هانم كهدية لاتمام العرس، رأي ان طريقتها في رفض المساعدة في أزمة كاريمان مريبة، جعلته يشك في نواياهم تجاهها فهل خلاف فاتن مع كاريمان يجعلها تدبر مخططاً لا يحمل سوي خسة بهذا الشكل !! لم تعر انتباهاً للخطبة او لعائلة خطيب كريمتها؟! قررت أن تضرب هكذا دون حساب!! ما هذه الجرأة؟!!
راح يتنقل علي مهده بين اليمين و اليسار و لم يستطع النوم ابداً حتي الصباح فأرتدي ثيابه و استعد للنزول ليبدأ يوما جديدا و هو لا يزال حاملا توتر و ضيق ليلة أمس بين ضلوعه و علي اكتافه..
بسمة أيضاً لم تعرف طعم النوم في تلك الليلة، يؤلمها حبه الجارف للاميرة و يؤلمها بالأكثر تمسكها به و رغبتها الشديدة في البقاء الي جانبه، بكت بكاءاً عميقاً حتي الصباح و عند مغادرته لغرفته و نزوله الدرج سمعت صوت خطواته و تساءلت الي اين سيذهب، نزلت للأسفل لتعرف فرأته جالس في شرود علي إحدي الأرائك، لم ينتبه لرأسها المطل من ناحية الدرج و لا انتبهت لها كاريمان عندما أقبلت في الصباح الباكر هكذا دون سابق إنذار!!
____________________بقلم elham abdoo
رآها تقف أمامه و بعينيها كلام كثير و امتنان غزير، نظرت مباشرةً داخل عينيه الواسعتين فظل مثبتاً عينيه بعينيها حتي طال النظر فقالت : جئت كي اعتذر!!
وقف من جلسته و ابتسم ابتسامةً خفيفة و قال : عمَ يا أميرة؟!
كاريمان: عن ما بدر مني تجاهك .. موقفي الاخير في أسوان لأول مرة رآها تنظر لأسفل بأسف ..
قالت بحرج: تصرفت بتسرع و حماقة، أهنتك بتقديري الخاطئ للموقف .. أنا حقاً آسفة .. فهل تتقبل اعتذاري؟!
قال سالم بعينين محبتين: لا عليكِ يا أميرة...
كاريمان : و الآن يجب أن أشكرك علي ما حدث ليلة امس .. لم أكن اتوقع هذا ابدا..
سالم : هلولم تتوقعي لأننا اختلفنا؟!
كاريمان : نعم .. تحدينا بعضنا البعض و اصبحت تقول عني غريمتك؟!
ضحك سالم و قال : أتصدقينني إن قلت لكِ أنه وقت أهانوكِ قد تم محو كل ذكري سيئة حدثت بيننا، لم اتذكر سوي انك بحاجه لمساعدة
كاريمان : كم أنا محظوظة بوجود شخص مثلك علي مقربة مني .. يهب لمساعدتي حينما احتاج
دمعت عيني بسمة و هي تسمع بينهما حديثا ناعما كهذا لكنها تماسكت لتنصت جيداً لتكملته
سالم: هل تمكنتم من حل الأمر بالأمس؟!
كاريمان: نعم .. حللنا كل الأمور العالقة
ظن سالم انها تتحدث عن اتفاق ع الخطبة مع ايفان فتنفس بعمق و قال : أتمني لكِ دوماً السعادة مع من اختاره قلبك
كاريمان: القلب يخطئ أحياناً .. اختياري كان خطئاً
تفاجئ سالم و قال: ماذا تقصدين؟
كاريمان: إيفان ليس الرجل الذي يجب أن يكون بجانبي .. إنه ضعيف و متردد و عديم الثقة بنفسه. موقفه امس فتح عيني جيداً علي كل ذلك
لم يستطع سالم إخفاء سعادته فقال : ربما يخبئ لكِ القدر كماً هائلاً من السعادة مع رجل يستحقك !!
كاريمان: ماذا تقصد؟!
أمسك سالم بيديها و نظر لعينيها و قال : أحبكِ
انتفض قلب كاريمان و انخلع فؤاد بسمة و كلاهما في صدمة
غادرت كاريمان مسرعة بعد أن افلتت يديها من بين يديه أما بسمة فهربت لخارج أسوار المنزل قبل أن تراها كاريمان و هي تلهث و قد اتخذت قراراً بالفرار و عدم العودة ..
تُري ماذا سيحدث بعد ذلك الاعتراف !! و أين ستذهب بسمة و لمن ؟! ..