رواية الصندوق الفصل الخامس والعشرون بقلم الهام عبده
أتي الصباح علي يوسف و قد ضبط منبهات هاتفه السبعة من الساعة السابعة الا ثلث حتي الثامنة الا ثلث، كلما مرت عشرة دقائق دق أحدهم فإذ به يغلقه فيدق التالي بعد عشرة دقائق جديدة، أصحاب النوم الثقيل يعرفون كم من الصعب ايقاظ عقولهم و لذا يتتبعون نظاماً لحوحاً في التنبيه..
قام أخيراً و التقط هاتفه المرهق من كثرة الدق ثم اتصل بريم ليلتقيا حسب موعدها المتفق عليه لكنها لم ترد فأعاد الاتصال ربما تكون نائمة أو متثقلة بنوم عميق مثله لكنها ايضاً لم ترد، استفاق ثم نهض و ارتدي ملابسه و انتظر أن ترد اتصاله بها لكنها أيضا لم تتصل و عندما اعاد الاتصال مرة ثالثة و رابعة و خامسة لم يجد جواباً، احتار فيما سيفعل لأنه قد أخذ هذا اليوم إجازة من عمله كي ينهي مسألة السجل المدني و الآن ريم لا ترد .. تري لما لا ترد؟!!
في البداية قرر الاستمتاع باليوم و استكمال القراءة في الكتاب بعد أن يعد لنفسه وجبة إفطار رائعة بمزاجٍ عالٍ، دخل إلي المطبخ و اعد افطاره و إلي جانبه كوب الشاي و امسك بالكتاب لكنه تركه مرة أخري بعد ثانيتين و امسك بالهاتف فأزاد عدد المكالمات الصادرة لها إلي سبعة و أيضا ليس هناك رد ...
لم يستطع الانتظار فأنهي إفطاره سريعاً و ظل ينظر لاسمها علي الهاتف و يفكر بصوت عالي
يوسف: طب ايه .. نايمة ؟! بس هي كانت متفقة معايا ع المعاد ده .. ياتري حصل حاجه؟!! دي كمان عايشة لوحدها يعني لو حصل حاجه مفيش حد معاها .. حتي لو رحت المرسم دلوقتي مش هلاقيها.. لازم استني ل بالليل.. أمري لله هنزل أخلص شويه شغل بعد م اخدت اليوم اجازة عشان مفضلش افكر كده و هي اكيد شويه و هتكلمني .. ايوة صح كده ..
___________بقلم elham abdoo
في الجريدة التي يعمل بها ظلت عينيه متركزتان علي الهاتف في انتظار اتصالها فأعاد هو الاتصال عدة مرات و أيضا جاءت كلها دون رد كالسابق ..
عاد إلي المنزل في المساء فوجد علاء جالساً علي الاريكة ممسكاً بكوب الشاي، جلس إلي جواره و قال
يوسف : تفتكر ايه اللي حصل؟
علاء: ف ايه ؟!
يوسف: ريم .. من الصبح برن عليها مش بترد !!
علاء: مش كنتوا متفقين؟! و بينكم معاد ؟!
يوسف: وده اللي قالقني.. رنيت عليها اكتر من ٢٠ مرة من الصبح و مفيش اي رد
علاء: مش يمكن كسلت فطنشت .. م انت هتمشورها معاك ع الفاضي
يوسف : يا بني مش شخصيتها .. ريم لو كانت عاوزة ترفض كانت قالت
علاء: يا سلام ... عشرة عمر انتوا ف فاهمها قوي !! و بعدين بترن عليها ٢٠ مرة ليه .. ده امها اللي مخلفاها أكيد موصلتش للرقم ده .. ده تلاقيها عاوز تشتمك دلوقتي .. سيبها و لما تعوز تكلمك هتتصل بنفسها
يوسف: يا بني انا قلقان عليها .. دي عايشة لوحدها .. مش يمكن حصل حاجه ؟!
علاء بابتسامه: قلقان !!! اممممم طب و علاج القلق ده ايه ؟! تروحلها بيتها مثلاً
يوسف : م انا لو كنت اعرف عنوان بيتها كنت روحت .. معرفش غير المرسم
علاء: طب روح زمانها فتحته دلوقتي .. مش بتقول بتفتح من ٧
يوسف: أنا محتار و خايف تكون مطنشاني بجد و انا بتطفل عليها
علاء: حيرتني معاك !! طب عاوز تعمل ايه ؟!
يوسف : مش عارف .. خلاص هخش أغير هدومي و هي تبقي تتصل وقت م تعوز
علاء: تمام
دخل غرفته ثم خرج بعد عشر دقائق بنفس ملابسه و قال
يوسف : بص هروح اشوف .. انا الفضول قاتلني
علاء و هو يخفي ضحكته بصعوبة: تمام برضو
خرج يوسف بينما انسابت ضحكة علاء في كل ارجاء الشقة
____________ بقلم elham abdoo
وصل يوسف للموسم و لاحظ انطفاء الأضواء فسأل حارس العقار الذي أكد له عدم وجودها فعاد لبيته مرة أخري ليجد علاء يرتب بعض عينات الأدوية التي يعمل في تسويقها، عندما رآه يدخل الشقة سأله:
علاء: هاااااا لقيتها؟!
يوسف بقلق: لا ... البواب قال مجتش انهارده
علاء : ممممم . كده فعلا تبتدي تقلق !
يوسف : أنا بفكر ف حاجه ..
علاء: ايه ؟
يوسف : نروح نسأل مامتها .. أنا عارف بيتها بس ياريتني اخدت رقم تليفونها لما زرتها
علاء: بس كده انت هتعمل قلق لمامتها
يوسف: م هي لازم تقلق .. دي بنتها .. يلا تعالي معايا
علاء: هو النون اللي كانت من شويه دي عشاني انا ؟؟
يوسف : يلا يا علاء متسبنيش لوحدي ف ظرف زي ده
علاء باستغراب: حااااضر .. بس حاول كده ترن عليها يمكن ترد .. قبل م نروح لمامتها و نعمل قلق
أخرج يوسف هاتفه من جيب بنطاله و اتصل بها فسمع رسالة أن ذلك الهاتف ربما يكون مغلقاً
يوسف: كان بيرن بقي مقفول .. يلا بينا بسرعة
علاء: ماشي
_______________ بقلم elham abdoo
أمام باب منزل مدام نيرة وقف يوسف و علاء بعد دق الجرس ينتظران قدوم من سيفتح، قابلهما زوجها، رجل عريض البنية طويل القامة هيئته تشبه الممثل الراحل عدلي كاسب لاعب أدوار الشر في أفلام الأبيض و الاسود..
قال له يوسف بحذر: لو سمحت عاوزين مدام نيرة في موضوع ضروري
الزوج: موضوع ايه ؟! انتوا مين؟!
علاء: بص حضرتك .. بنتها ريم احنا زمايلها بندور عليها من الصبح مش لاقينها ف جينا نسأل مامتها
الزوج بعدم اهتمام: آه.. طب اتفضلوا
سمح لهما زوجها بالدخول لكنه كان جافاً منذ البداية، جلسا و في غضون دقيقة خرجت مدام نيرة بوجهٍ قلق و قالت
م .نيرة : فيه ايه ؟ مالها ريم ؟!
يوسف : لا حضرتك متقلقيش .. انا بس كنت متفق معاها ع مشوار اتصلت بيها مردتش .. روحت اشوفها ف المرسم البواب قال مجتش ف قلقت
قالت م. نيرة و هي تحاول الاتصال بابنتها عبر الهاتف المحمول : روحتوا شقتها ؟!
يوسف: م انا معرفش هي فين ؟!
أزالت الهاتف من ع اذنها و قالت : مقفول .. استنوا هرن ع صحبتها و اشوف
اتصلت م. نيرة بصديقة ريم " ياسمين " فوجدته غير متاح
فزاد القلق داخلها و داخلهم ايضاً فقال الزوج الذي كان يراقب بعدم اهتمام : يمكن سافرت لمعرض من المعارض بتاعتها و لا رجعت برا مصر بمنحة زي اللي خدتها قبل كده
م. نيرة : ازاي تسافر من غير م تقولي .. مش ممكن طبعا .. يا تري حصل ايه .. بصوا هي ملهاش غير ياسمين ممكن تكون معاها و هي كمان تليفونها غير متاح .. ممكن يكونوا مع بعض !!
علاء: مع بعض و الاتنين غير متاح ؟! .. يارب خير !!
يوسف : يلا بينا
__________ بقلم elham abdoo
عند وصولهم لمكان شقة صديقتها ياسمين وجدوا سيارة أجرة " تاكسي" متوقفة أمام ذات العقار، خرجت منها ياسمين ثم تلقت ابنها النائم ذو الثلاث سنوات " لتحمله بين ذراعيها و قد ظهرت فيه يده " كانيولا " و بعدها نزلت ريم و علي وجهها تعب و إرهاق كبيرين!!
اندفع ثلاثتهم نحو ريم وصديقتها
م. نيرة: حصل ايه يا ريم .. مالو سولي ؟؟!
ريم بصوت واهن : ايه ده .. يوسف!!
نظر لها علاء من خلف يوسف و قال: و علاء ...
ياسمين : طيب يا جماعة تعالوا نتكلم فوق بدل م احنا واقفين ف الشارع
يوسف: ممكن اشيل سولي لحد الاسانسير
ريم : لا م هو الاسانسير عطلان .. هننده عم علي البواب عشان يشيل سولي متتعبش نفسك
مد يوسف يده ليأخذ سليم و قال: لا مفيش تعب
ياسمين : اتفضلوا
__________ بقلم elham abdoo
في شقة ياسمين جلس الجميع في غرفة المعيشة بينما دخلت ياسمين لتضع ابنها النائم في مهده ..
مدام نيرة : قولي يا ريم حصل ايه ؟
ريم : امبارح بالليل ياسمين قالتلي تعالي عدي عليا و باتي عندي ، روحت و قعدنا و اتعشينا .. الصبح بدري احنا نايمين الباشا سولي صحي و راح يلعب و يفتش ف كل حاجه و محدش فينا فاق و شافه .. بلع برشام ع كل الأنواع و فضل فترة لحد م اشتغل ف معدته و صحينا عليه بيصرخ و علب الدوا جنبه .. طبعا تقدروا تخمنوا الباقي
يوسف : ألف سلامة عليه .. الحمدلله عدت علي خير
ريم : بس انتوا عرفتوا منين و وصلتوا لهنا ازاي ؟
علاء بابتسامة: عشان مردتيش علي يوسف لما اتصل بيكي فهو قلق و مسكتش غير لما وصلك
نظرت ريم ليوسف : أنا آسفة يا يوسف .. اللي حصل عمل ربكة و نساني المعاد
يوسف : و لا يهمك المهم أنكم بخير ..
ريم : هروح معاك إن شاء الله .. اختار معاد يناسبك و انا معاك
خرجت ياسمين من الداخل حاملة مشروبات باردة ، اعطتهم جميعاً ثم جلست و هنا وقف علاء و يوسف لينصرفا كي لا تطول جلستهم أكثر من اللازم
فقالت ياسمين : خليكم قاعدين .. كملوا الحاجة الساقعة ..معلش تعبناكم و قلقناكم ..
علاء : الوقت اتأخر .. لازم نمشي .. الف سلامة علي سليم .. تصبحوا ع خير
يوسف : تصبحوا ع خير
علي الباب خرج علاء من باب الشقة أولا منتظراً يوسف خلفه، رآه واقفاً يتحدث مع ريم بصوت خافت فنزل السلم و انتظره أمام العقار
ريم : أنا آسفة مرة تاني ..
يوسف : ولا يهمك .. انتوا كنتوا في ظرف صعب .. الله يعينكم و الحمدلله جت ع قد كده
ريم : دورت عليا فين ؟!
يوسف: في المرسم و عند مامتك و لو كنت اعرف مكان بيتك كنت روحت !!
ريم بابتسامة: يااااااه.. ده انت قلقت بجد بقي
يوسف : ايوة ..
ريم : طيب انا شقتي في الزتون .. ١٤ شارع نصوح باشا .. عشان لو اختفيت تاني في ظروف غامضة هههههه
ضحك يوسف و قال : انتي هتكرريها قريب و لا ايه ؟!
ريم : إن شاء الله لا .. بس احتياطي يعني و لا مكنتش عاوز العنوان!!
يوسف : لا طبعا . كده احسن .. تصبحي ع خير
ريم : و انت من اهل الخير
_________بقلم elham abdoo
لم يشعر يوسف بما حدث بينهما منذ قليل فإدراكه لم يستوعب بعد أن قلبه ينبض متسارعاً بقرب ريم، هذا القلق الذي أصابه جعلهما يقتربان دون وعي أو قرار واضح داخل كلاً منهما
في الأسفل قابله علاء بابتسامة ذات مغزي و قال مدندناً : الجو هادي خالص و الدنيا هس هس .. و أنا ...و حبيبي .. و نجوم الليل و بس
ابتسم يوسف و قال : طب يلا نروح و بلاش فضايح
علاء متهكماً : يلا يا عندليب !!
__________بقلم elham abdoo
عندما عادت ريم لجلستها مع والدتها و صديقتها الأرملة ياسمين، ظهر عليها تيهان بدايات الإعجاب و التعلق فنظرت ياسمين لمدام نيرة و قالت : ألف مبرووك يا طنط.. شكلنا هنفرح قريب، ابتسمت مدام نيرة بينما لم تعلق ريم و لكنها ألتقطت كأس المشروب البارد و ارتشفت منه ببطء
____________بقلم elham abdoo
أما يوسف ف مع عودته للمنزل بدأ علاء محاولات حشره في الزاوية فقال
علاء: النهارده بقي المفروض نكمل قراية القصة ع صوت عبد الحليم .. قريت ع ضيك كلام جميل زيك .. كفاية نورك علياااااا
رد يوسف معترضاً : أنا فعلا مش عار ف ايه اللي انا عملته ده .. هو انا قادر اعيش و اصرف علي نفسي عشان أفكر ف جواز .. دي لحظة هبل و عدت خلاص
علاء باستهجان: بمعني ايه ؟ هي القصة لسه ابتدت يا بني .. ده البنت تلاقيها لسه هتفكر هتقولها ايه و هتعترفلها ازاي ؟ انت مجنون!!
يوسف : زي م قولتلك كانت لحظة طيش كده .. أنا هخلص معاها موضوع السجل المدني و اقطع معاها .. لازم ابقي واضح عشان هي كمان متتعشمش
علاء بتهكم: و هي لسه متعشمتش؟!
يوسف معترضاً : آه.. ممكن .. هو ايه اللي حصل يعني؟!
علاء بسخرية: لا ابدا قلبت عليها الدنيا لما اختفت و لما لقيتها كنت ناعم معاها زي الكمان و مشلتش عينك من عليها و لا شكلكم قبل م انزل استناك تحت .. كل ده كان ايه ؟
يوسف : خلاص .. يبقي نصلح الغلط و كله يرجع زي م كان .. يلا بقي نرجع القصة
علاء بصدمة : يلا!!!!
___________بقلم elham abdoo
ذهبت كاريمان من أمام والدها بغضب كبير و أشارت للخدم بجمع أغراضها التي بقيت هنا مع التي أتت بها من أسوان و نقلها جميعها لقصر اختها ثريا، رآها والدها تغادر و استصعب ذلك كثيراً فهو لم يزيل شوقه إليها بعد لكنه رأي حاجتها لبعض العقاب عما بدر منها فتركها تذهب كما شاءت ..
____________بقلم elham abdoo
ذهب عزيز لمنزل سالم حاملاً له بشري موافقة والده و أبلغه أن يبدأ في وساطته للسيدة حفيظة كما وعد لأن منصور بك الراعي يستشعر الحرج من إمكانية رفضها للعرض فهي سيدة عُرفت بشدتها و حكمتها، من يدري ما قد وصلها عن عزيز!!
شعر سالم بإقتراب تحقق ما يريد فإن تمت تلك الزيجة لن يٌرفض له طلب
لم ينسي أن يسأل عما حدث مع غريمته كاريمان فقال عزيز : كان يجب أن تري وجهها و انا احاصرها و أضعها أمام أبي في حرج كبير بسبب موضوع ايفان .. قد انعقد لسانها أمامه فقال لها لن تتدخلي في اي شئ طالما لم تحترمي تلك العائلة
نظر له سالم بإحتقار: بالرغم من ان ذلك في مصلحتي و لكن لا يسعني سوي أن أقول لك .. كم انت خسيس!!
انفعل عزيز و قال: أنسيت أن تلك اللعبة في الأساس لعبتك و هذه نتائجها!! هل كنت تريد خسارة الجولة ؟!
سالم: بالطبع لا .. أختك هذه تستحق سحق رأسها العنيد ذاك .. أنت محق فتلك هي قواعد اللعبة و نتائجها و لا تراجع بعد الآن
عزيز: الحمدلله أنها ذهبت لتقيم لدي ثريا ... كي لا تتقد نارها كلما رأتني في القصر
ضحك سالم و قال: نارها لا تحتمل فعلاً .. أنت محق
_____________________________
ذهب سالم إلي قصر حفيظة هانم و طلب اذناً لمقابلتها و بعد انتظاره لأكثر من ساعة قيل له أن الميعاد قد تحدد غداً في العاشرة صباحاً، تلك المعاملة تركت ضيقاً بداخله و لكنه سيتحمل من أجل ما يريد
___________بقلم elham abdoo
وصلت كاريمان قصر اختها الذي منحه لها والدها قبل زواجها من ناظر عزبته فاضل أفندي زكريا، هذا الرجل الذي تولي مهام ادارة العزبة في سن صغير بعد وفاة والده الذي كان يديرها قبله، رأته ثريا ذات مرة قادماً ليقدم أوراقاً لوالدها فاختارته ليكون زوجها، رجل هادئ الطبع مناسب لامرأة قوية متسلطه مثلها، اعتاد تنفيذ الأوامر فأكمل ذات المسيرة معها، تركها تقود الدفة بينما تولي هو المهام التنفيذية، وافق منصور بك علي زواجهما بعد محاولات لحوحة منها آخرها كان محاولة للهرب فخاف والدها من القيل و القال فوافق علي مضد، لم يكن اصرارها عليه حباً علي قدر ما كان اختياراً مناسباً لن تجد مثله فهي لا تريد أميراً او أحد من النبلاء يناطحها رأساً برأس، فاضل اعتاد الا يقرر أو يعترض بل أن يطيع فقط ..
منذ لحظة دخولها القصر، أجابت علي سيل من الاسئلة التي طرحتها ثريا فبُعدها عن القصر جعل الاخبار تصلها متأخرةً قليلاً، بعد سماعها لتفاصيل القصة كما قصتها كاريمان بعد حذف ما لا يناسبها ردت
ثريا : ربما ما قلته عن سالم ذاك مقلقاً لكن فكرة زواج عزيز من بنت عائلة كهذه ليست سيئة !! ربما يصلح الزواج من شأنه..
كاريمان : لا تدفعيني للجنون .. أقول لكِ أنها صديقة خائنة و هذه الفكرة تعود لسالم .. من يكون هو لنمشي نحن حسب خطته !!
ثريا : دعك من عندك هذا .. هل تطلب الأمر خروجك من القصر هكذا.. ألن تشاركي في مراسم تلك الخطبة إن حدثت؟!
كاريمان : بالطبع لا .. سأحاول منعها قبل أن تحدث من الأساس
ثريا : ألهذه الدرجه ؟!
كاريمان باصرار: نعم .. المهم الآن هو انت يا فاضل
نظر فاضل و قال : أنا ؟! ما علاقتي بالأمر؟!!.
كاريمان : لابد و ان تبحث حول تلك السيدة و حول سالم و تأت لي بخبرٍ عما يجمعهما.. ماذا يريد سالم منها ليفعل كل ما فعل .. أفهمت؟!
فاضل: نعم .. سأفعل كل ما بوسعي
كاريمان : لكن الوقت مهم جدا .. حاول العثور علي التفاصيل بشكل سريع
انصرف فاضل ليبدأ بحثه بينما ظلت كاريمان إلي جوار اختها تفكر ماذا يمكنها ان تفعل، بعد عدة دقائق وقفت ثم قالت: سأريهم كيف يكون اللعب معي !!!
نظرت لها ثريا بقلق و لم ترد
__________ بقلم elham abdoo
في تمام العاشرة من صباح اليوم التالي، عبر سالم من بوابات القصر لقاعة الضيوف،قُدم له شيئاً يشربه كما اختار ثم دخلت حفيظة هانم بهيبتها المعروفة ونظرات عينيها الحادتين، رحبت به و اشارت له بالجلوس ثم قالت
حفيظة هانم : مرحبا بك يا سيد سالم .. لكنني أتمني ألا يكون سبب زيارتك لنا هو نفس سبب المرتين السابقتين لأن جوابي مازال نفسه، لم يتغير!!
رد سالم بابتسامة مصطنعة: و ماذا إن أتيت بخبرٍ قد يقرب فيما بيننا و يجعل سموك تفكرين مرةً أخري في طلبي!!
حفيظة هانم بغرابة: و ما عسي أن يكون ذلك الخبر؟!
سالم بتفاخر: هناك شاب سليل عائلة عريقة تعرفينها، أراد الزواج فاقترحت ابنة أخت سموك لأنها نسب شريف و فتاة ذات أخلاق و خلق، هو يعرفها لكنه لم يكن يفكر في الزواج مطلقاً لكنني رأيت انه ان كان سيتزوج فليس هناك أفضل من نيل شرف نسب سموك
تسائلت و قالت : و من هو ذلك الطالب لنسبنا؟!
سالم: ابن منصور بك الراعي .. اسمه عزيز
فوجئت حفيظة هانم لمعرفتها السابقة بهم و قالت : اعرفهم جيداً .. اخته صديقة ابنة اختي، هم عائلة معروفة لكن الولد مشاغب قليلاً و سمعت انه كان رافضاً للزواج!!
سالم: نعم .. صحيح .. لكنه يرغب الآن في نيل شرف نسبكم
حفيظة هانم: سأتشاور في الأمر و أبعث لك رداً .. لا اخفي عليك ف ابنة اختي لم تقبل بالكثيرين لذا دعنا لا نتأمل كثيراً
وقف سالم استعدادا للمغادرة و قال بثقة : و إن تم الأمر ؟! لابد من هدية لي؟!
ابتسمت حفيظة هانم و قالت : نعم و هديتك قد حددتها منذ عامين !!
سالم : هل اعتبر منحها لي وعداً إن تحقق الزواج؟!
حفيظة هانم : لن اقطع وعوداً فأنا لا احب الوعود و ربما ستعرف النتيجة خلال وقت قصير فلا تتعجل
سالم : و هو كذلك يا أميرة.. سأمضي الآن و انتظر منكم رداً قريباً ..
أومأت حفيظة هانم برأسها فغادر من أمامها للخارج ..
رأته فاتن يخرج من باب القصر الداخلي فعرفت إن تنفيذ الاتفاق بينهما قد بدأ بالفعل
دخلت فاتن لخالتها بسعادة و قالت : كيف الحال يا خالتي العزيزة؟
حفيظة: بخير يا عزيزتي و هناك اخبار جيدة لكِ
فاتن : عن ماذا؟!
حفيظة هانم : أتي لك خاطب اليوم ..شخص تعرفينه جيداً
فاتن و هي تدعي عدم المعرفة: من هو؟
حفيظة هانم: عزيز أخ كاريمان صديقتك !!
تصنعت فاتن المفاجأة و قالت : حقاً .. عزيز كان لا يخطط للزواج!! فماذا حدث؟
حفيظة هانم : و هل سيجد عروس مثلك إن بحث حوله لمئة عام قادمة!! .. الأهم الآن من أسبابه هو رأيك ؟!
فاتن بخجل: يا خالتي العزيزة . انا أجده مناسباً فما رأيك انت؟!
حفيظة هانم : الولد مشاغب قليلا لكنه جيد و عائلته معروفة و مرموقة لكن هناك بعض الغرابة بالأمر !!
فاتن: و ما الغريب؟!
حفيظة هانم : طريقة الطلب تلك!! أليست كاريمان صديقتك و والدها يعرفك جيداً فلماذا لم تأت هي مباشرة مع ابيها و لطلبكِ لأخيها ؟! أتجدين ذلك طبيعياً
لم تكد حفيظة هانم تنهي تساؤلها حتي طرق احد الخدم الباب و قال : كاريمان هانم الراعي تريد الدخول لأمر عاجل !!!
عندما سمعت فاتن ما قاله الخادم ارتجف داخلها و لم تنبث ببنت شفه انتظاراً لكارثة قد تدمر كل شئ
___________بقلم elham abdoo
أذنت حفيظة هانم لكاريمان بالدخول فنظرت لها فاتن محاولةً استعطافها و ايقافها عن عرقلة الزيجة فنظرت لها كاريمان بتحدٍ و قالت لحفيظة هانم : آسفة لقدومي هكذا فجأة لكن هناك حديث في غاية الأهمية جاء بي إلي هنا
قالت فاتن و هي تحاول تأجيل انفجار القنبلة: كاريمان .. عزيزتي.. ألن نحتسي شاياً في الحديقة كما اعتدنا .. هناك اموراً أريد مناقشتها معك ِ
حفيظة هانم : اتركي لها المجال للتحدث يا فاتن و بعد ذلك اذهبا معاً كما تشاءا
ابتلعت فاتن ريقها السائل من الخوف و قالت : فهمت يا خالتي
دعت فاتن الله للتدخل لمنع تلك الكارثة فهي تنتظر ذلك الحدث منذ سنوات
جاء طرق الباب كاستجابة السماء لدعائها فقد دخل خادم و طلب حضور حفيظة هانم لأمر عاجل فتركتهما في القاعة وحدهما فقالت فاتن : كاريمان .. أعلم مقدار ما فعلت و لكنك أذللتني يوم جئت إليك هناك .. أليس ذلك ثمناً كافياً ؟!
كاريمان بتعالي: لا .. لن اسمح أن تكوني زوجة اخي ابدا .. أفهمتِ؟!
بكت فاتن بضعف و اقتربت منها و قالت : ما تفعليه ظلم كبير لي .. انتظرت عزيز كثيراً و انت تعلمين .. هل ما كان بيننا لا يستحق أن تتركي لي حلمي يتحقق؟!
كاريمان : و لمَ لم تتذكري انتِ صداقتنا هذه قبل أن تنهيها تحت أقدام عزيز.. اتظنين انه حقا يريدك ؟! .. أنتِ مجرد خطوة في مسالمة عقدها معه سالم أيتها الحمقاء .. استيقظي من أحلامك !!
فاتن : هل تظنين أنني لا أعلم كل هذا .. قد أرسل سالم خطابا لي و اتفق معي علي ذلك .. كل ما يحدث هو بعلمي و موافقتي
كاريمان باستهجان و تأفف : اتعلمين انه يطلبك للزواج لأجل اتفاق عقده مع سالم و بالرغم من ذلك توافقين؟! يا لكِ من مسكينة !! رفضك طوال تلك السنوات و رفضك يوم جئت إليَّ و تقبلين !! لا أجد ما أقوله لكِ .. حقاً انتِ ذليلة
فاتن : قد وضعت حبي أمام كبريائي و قد ربح الحب و سأتزوجه و احبه ربما يتغير يوماً و يحبني
كاريمان: أنا اشفق عليكِ .. لا يأتي الحب بالاستجداء أو بسحق الكرامة .. ذلك الحب الذي يسلب الكرامة ينهيك و يصبح مرارةً لكِ أيتها الحمقاء!!
فاتن: اتركيني في حماقاتي و هنيئا لكِ بالكرامة و الكبرياء . لا تتدخلي .. ان كان مازال في داخلك ذرة واحدة من المحبة لي !!
كاريمان : أتعرفين انهم يقولون: لا تنقذ الغبي من عثرته لأنه يعود و يعثر نفسه أكثر فأكثر و انت هكذا بالضبط .. لن تكفِ عن معاقبة نفسك بعزيز فهنيئا لكِ به .. هو يكفي لكِ كعقاب
عادت حفيظة هانم مرة أخري للقاعة فحاولا إخفاء ملامح ما حدث من علي وجهيهما فقالت حفيظة هانم : ماذا تحملين من حديث يا كاريمان .. عساه خيراً ؟!
ردت كاريمان بشكل مقتضب: جئت ل أوكد رغبة أخي في الزواج من فاتن . هم الاثنان مناسبان جدا لبعضهما من وجهة نظري .. قد جاء السيد سالم سابقاً لكِ من اجل رغبته في التقرب منكم .. أتمني لهما التوفيق و السعادة
نظرت لها فاتن بعينين زائغتين ثم قالت : شكرا يا صديقتي .. لن أنسي موقفك او كلماتك هذه ابداً
انصرفت كاريمان و قد تأججت مشاعرها بسبب لقاءها بفاتن، هي تتضايق من فرط استسلامها لحبها ثم تعود لتقول لنفسها لا يخصني بعد الآن، عادت للقصر بعد أن أوقفت جولة رابحة في آخر وقت بسبب ضعف فاتن فهناك أناس يهزمون رغبتك بضعفهم لا بقوتهم!!
_________بقلم elham abdoo
في منزل سالم لاحظت بسمة توتره و انتظاره المترقب فسألته:
بسمة: ماذا بك؟!
سالم: لدي موضوع افكر بحل له منذ عامين و اخيراً عثرت علي طريق و لكن قد تفسده لي كاريمان و لذلك أنا قلق قليلاً
نظرت له بسمة بتعجب: أهذا قليلاً ؟!!
سالم : أنت لا تعلمين أنني و كاريمان أصبحنا غريمين و الكرة الآن لديها فأنا انتظر ردة فعلها علي ما حدث .. ربما يشعل ما ستفعله فتيل الحرب بيننا .. لا اعرف!!
اصاب الخوف بسمة فقالت: حرب؟! باي معني؟!
قال سالم: حرب المصالح يا بسمة و تلك لها خسائر كبيرة
بسمة : هل يجب علي أن اخاف ؟؟
سالم: لا .. كل شئ سيسير بحسب ما خطط له بإذن له .. كوني قوية و شجاعة
بسمة: أحاول...
ذهب سالم ليريح عقله في قيلولة ما بعد الظهر و استغلت بسمة نومه في الخروج من المنزل للذهاب لزيارة هامة أرادت القيام بها