رواية الصندوق الفصل الواحد والعشرون بقلم الهام عبده
انهمكت بسمة في التدريبات مع مدام كوزيت التي ضاعفت الساعة التدريبية الواحدة إلي ساعتان و أولت بسمة اهتماماً خاصاً بتوصية من سالم الذي كان كريماً جداً معها و أعطاها مالاً اكثر مما تستحق بكثير، لم يلق ما يحدث استحسان السيدة بثينة فهي تري أن ذلك النوع من الرقص لا يمثلنا أو يعبر عن ثقافتنا و قلما جلست لتتابع سير تلك التدريبات، ذات يوم شاهدت بسمة في قاعة البيانو تتدرب مع نفسها علي ما تعلمها اياه مدام كوزيت، دخلت عندها فتوقفت بسمة ع الفور ووقفت في مكانها دون حركة فقالت السيدة بثينة : أراكِ سعيدة بأمر تلك المسابقة .. هل تشعرين بأنك قادرة علي مواجهة هؤلاء المتمرسات؟!
ردت بسمة بعد تفكير و تردد: لا أعرف و لكنني أبذل كل جهدي و أشعر بالاحسن يوماً بعد يوم
السيدة بثينة: لكنني أتحدث عن الفوز .. إلي أي مدي انت قريبةً منه ؟
تلعثمت بسمة و قالت : ربما عندما يبدأ السيد سالم بحضور التدريبات معي و نؤدي الرقصة كاملة سوياً وقتها أستطيع تحديد ما قد نصل اليه
ضحكت السيدة بثينة بسخرية و قالت : سالم .. أنتِ لا تعرفين شيئاً .. لا تقلقي بشأنه لكن استعدي أنتي لتكوني ع قدر أداءه..
سألت بسمة بفضول : هل علمته زوجته الأولي رحمها الله ذلك الرقص ؟!
سرحت السيدة بثينة و عادت بخيالها لتلك الأيام ثم تنهدت و قالت : نعم .. كان يعشقها، علمته الرقص و الغناء .. كانت أول من أقنعه بارتداء بذلة افرنجية من التي ترينه يرتديها في الحفلات، اصطحبته إلي فرنسا و انجلترا، عاشا سنتين و نصف السنة في حب و تناغم لكنها مرضت فجأة و لم يتمكن الأطباء من انقاذها .. ليتك تستطيعين جعله يحبك مثلما كان يحبها .. ليتك!!
بسمة بأسي : احيانا أشعر بحبه و أحيانا أحس انه لا يحبني بل يحب الأميرة
السيدة بثينة : نعم .. هو يتخبط الآن بين البر و البحر وواجب عليك جعله يرسو علي شواطئك.. كوني ذكية و اجذبيه نحوك و احمدي الله أن تلك المغرورة لا تريده و الا كانت مسحتك من أمامه بلمح البصر
قالت بسمة بمسكنة : بماذا تنصحينني لأفعل ؟!
السيدة بثينة : سالم ابني يحب المرأة ذات الشخصية و الموقف .. حاولي أن تكوني هكذا .. اخرجي من تلك الشخصية الخاضعة، بقاءك ضعيفة هكذا يستدر عطفه لا عاطفته .. أتفهمين ؟؟
بدت بسمة تائهة وقالت : سأحاول ..
استعدت السيدة بثينة لتغادر و قالت لها : اجتهدي في تلك الدروس، ربما تقربكما قليلاً ...
____________بقلم elham abdoo
بعد يومين، عثر عزيز علي منزلاً كبيراً مناسباً و في صباح اليوم الثالث بدأت ضجة الانتقال ع الفور، كان الخدم يحملون حقائبها التي حملت أغراضها العديدة، حتي مهدها الذي طلبته إلي هنا خصيصاً و مرآتها التي لها غلاف خشبي مزركش يحمل اسمها و ستائرها المخملية الفاخرة، كل تلك الأشياء تم نقلها..
وقف سالم علي مقربة من باب المنزل الكبير يشاهد كل ذلك بصمت أما كاريمان و إيفان فكانت يراقبون عملية النقل و يحذران العاملين من خدش أو كسر أي شئ أثناء النقل، علي الجهة المقابلة لسالم وقفت السيدة بثينة تنظر بسعادة لنهاية إقامة تلك الأميرة هنا فقد قلبت حياة ابنها رأساً علي عقب، اما بسمة فاختارت أن تنظر ما يحدث عن بعد، من الشرفة العلوية لغرفتها، خافت أن تظهر سعادتها فتوارت عن الأنظار و الغريب أنه لم تتذكرها كاريمان أو تسأل سبب اختفائها، لم يكن تجاهل بل لم تتذكرها حقاً بشكل مؤسف فتلك التي كانت خادمتها الخاصة لم تكن تشكل لها أكثر من مجرد خادمة ..
كان عزيز ينتظر في الخارج أمام الباب، واقفاً إلي جانب العربة ذات الخيول، نظر له سالم بمعني أهلاً بمن عتقته و عفوت عن روحه فاغتاظ عزيز و اقترب و دخل من الباب و قال في تباهي
عزيز : أهلا بتاجر الإبل..
وقف أمامه سالم بغرور و لم يرد
اكمل عزيز و قال : وددت أن أشكرك علي استضافة أختي و لكنك تعرف لا يليق بالمرء الا بيته
قال سالم في ثبات : لم اعتاد علي تلقي الشكر في أمور أراها واجب و لكن لا بأس فقد تكون لا تعرفه ..
قال سالم تلك الكلمات ليلقي بغرور عزيز في هوة عميقة لا قرار لها، تركه و تمشي ناحية الممر المؤدي لمنزل الضيوف ليقابل كاريمان و إيفان في طريقهما للخروج، حاول إخفاء ضيقه ثم قال : كان وقتاً جميلاً الذي قضيتيه في وسطنا و برغم أنكِ اخترتِ الرحيل لكن بيتنا مفتوح أمامك في اي وقت و كل وقت يا أميرة
كاريمان : و انا استمتعت بوجودي معكم تعلمت منكم الكثير و اشكركم علي كرمكم و ضيافتكم
ابتسم لها سالم و في داخله كان يقول: تعلمتِ الكثير لكنك لم تتعلمي كيف تتخلين عن غرورك و كبريائك!!
ودعتها السيدة بثينة بسلام باهت أظهر سعادتها لذلك القرار، اذنت لها بأخذ احد الخادمات لتعاونها في المنزل ريثما تستقر و تجلب عاملين لمنزلها و ستكتفي حاليا ب راشدة و عوف خادم والدها
___________بقلم elham abdoo
استقرت كاريمان في بيتها الجديد و جلست لتحتسي قهوتها التي يعدها عوف بمهارة، عوف خادم والدها الوفي يأتمنه علي أمواله الطائلة و يوكله في المهام التي تحتاج ثقة و سرية، شاب في عمر الثلاثين، رباه منصور بك من عمر السادسة عشر عندما جلبه معه من السودان في احد أسفاره، رجل ذو بشرة سمراء طويل القامة، ملامحه كبيرة و غليظة لكنه يملك وفاءاً كبيراً ندر وجوده، يعمل الأعمال الكبيرة مثل حمل الأموال و الحراسة و يعمل الصغيرة ايضاً مثل إعداد القهوة و ترتيب المائدة، أطلق عليه منصور بك هذا الاسم لأنه تعفف عن كل قبح أو رذيلة ...
جاء ببالها خيانة فاتن صديقة العمر من اجل فرصة زواج، ماذا لو قايضها عزيز علي تلك الخطابات، ماذا لو ظل يطلب منها المال و يبتزها؟ لن تقبل أن تُذل له باقي العمر، لكن حساب فاتن يجب أن يأتي أولا و قبل كل شئ ..
طلبت ورقاً و قلماً فحمياً و كتبت لها رسالة نصها كالآتي:
" عزيزتي فاتن .. أكتب لكِ و انا في قمة السعادة فأنا علي مقربة من حدثين مهمين في حياتي، الأول مهم و هو مسابقة لرقص التانجو أرجو أن تأتي و تستمعي بمشاهدتي و انا أفوز، و الثاني هو الأهم.. عزيز أخي هنا و قد ألمح لي بأنه يريد الارتباط بكِ، لم يتحدث صراحةً لكنني أعدك أنني سأختطف منه اعترافاً و سنفرح قريبا بكما .. لا تتأخري .. احضري ع وجه السرعة .. قبلاتي لكِ حتي تأتى"
كتبتها و الدموع نزلت من عينيها بغير ارادة فقد اتتها الضربة من مصدر أمان لم تتوقعه، لم تسمح للدموع بأن تتتالي و عادت لقوتها و صلابتها من جديد ..
عزيز يتأخر كعادته بالخارج و لكن الغريب هو مال كثير رأته في غرفته أثناء النقل اكثر بكثير مما أعطته له .. تري كيف حصل عليه
انتظرته حتي أتي و عند حضوره طلبت منه الجلوس و قالت
كاريمان : كيف حالك يا عزيز و كيف تقضي وقتك هنا ؟
عزيز : أنا بخير و اقضي وقتي بشكل جيد .. لا تهتمي
كاريمان : هل لي أن أعرف من أين لك ذلك المال الذي رأيته في غرفتك ؟
رد عزيز بثبات علي سؤال متوقع : المال الذي اقترضته منكِ، شاركت به أحد معارفي الذي يملك كازينو و هذه أول الأرباح
كاريمان بغير اقتناع: كازينو؟! يجلب كل ذلك المال و في أقل من أسبوع!!!
عزيز: لا .. كان مديناً لي من قبل بأموال اقترضها مني فأعطاني جزء من المال و المال المتبقي كتبنا عقداً لشراكة الكازينو .. بالمناسبة .. سأرد لكِ مالك حالاً كي لا تظنين أنني أبتزك
غادر عزيز ليحضر المال و كاريمان في عجب شديد، هي غير مصدقة و قلقة لكن ليس هناك أي دليل يثبت أو يكذب صحة كلامه
اخذت منه الثلاث أكياس في صمت و هي تفكر ماذا يحيك عزيز لتقع في يديه كل تلك الأموال ؟!
بعد مغادرة عزيز نادت ل عوف و قالت له : غداً ستكون مهمتك هي شئ واحد ... عزيز!!
أومأ عوف بالقبول و انصرف
_____________بقلم elham abdoo
تثاءب يوسف و نظر لساعته فوجدها الثانية و نصف صباحاً فأغلق الكتاب مضطراً لأنه مجبر علي الاستيقاظ في السابعة ليذهب إلي عمله ..
___________ بقلم elham abdoo
في مساء اليوم التالي جاء علاء للبيت أولا و معه دجاجة، طهاها و صنع معها ارزاً مطبوخاً فعندما دخل يوسف من الباب اشتم الروائح و ابتلع ريقه عدة مرات، أعدا المائدة بسرعة و جلسا لتناول الطعام، كانت الدجاجة طيبة المذاق لكن علاء أزاد في طهو الأرز قليلاً فأصبح ملتصقاً ببعضه، نظر له يوسف و ابتسم فقال علاء : بدل م تتريق كنت تعالي اطبخ انت
ضحك يوسف و قال : هو انا نطقت!!
رد علاء : ايوة كده .. خليك ساكت
دق جرس الباب فقام يوسف ليفتح و تعجب عندما رأي " هبة " مرة أخري
قالت : كويس اني لقيتكم بصراحة كده عاوزة أصلح سوء التفاهم اللي حصل
علاء متهكماً : سوء تفاهم!!
دخلت هبة و جلست دون أن يدعوها احد و قالت : بصوا بقي .. انا مش عاوزاكم تفهموني غلط .. الشيطان شاطر و الخاتم بصراحة مغري و انا كنت ناوية اتفرج عليه شويه و ارجعه
ضحك علاء و لكن هذه المرة كانت ضحكة مجلجلة ثم قال : فكرتيني بعبلة كامل في فيلم اللمبي لما قالتله بحوشهملك هههههه
ضحك يوسف بينما نظرت بغضب و قال : انتوا هتتريقوا و لا هتسمعوني؟!
يوسف : هنسمع . اتفضلي
هبة : بصراحة الخاتم عجبني و عاوزاه . يكفيكم فيه كام ؟
علاء: هتقدري ع تمنه ؟
هبة : إن شاء الله .. انا محوشة قرشين حلوين . عاوزين كام؟
علاء : مليون
اندهشت هبة بينما حاول يوسف الاعتراض ع فكرة البيع من الأساس فأوقفه علاء
هبة: مليون ايه .. جنيه ؟؟!
علاء : امال مليون قرش؟!
هبة : لييييه فاكرينو ايه ؟
علاء : ياستي بين البايع و الشاري ايه ؟
قامت هبة لتغادر و قالت : يفتح الله .. هو فعلا يفتح الله .. سلام
ضحك علاء و يوسف من خلفها ثم قال يوسف : يلا نلم الدنيا دي و نرجع للقصة أنا واقف غ حته حلوة و عاوز اكملها
علاء : طب مش تقولي ع اللي فاتني ؟!
يوسف: هحكيلك و احنا بنروق المكان
_____________________________
عادا للجزء الذي توقف عنده يوسف فوجدا سالم حزيناً
ذهب مساءا لمنزل الضيوف فوجده فارغا و المشاعل منطفئة، مشاعر مختلطة انتابته بين الحزن لابتعادها و السعادة لأنه لن يتألم كلما يأتي ايفان لزيارتها أمام عينيه..
جلس يدندن موشحاً للمطربة التي امتلكت القلوب " ساكنة بك " و قال " جل من قد صاغ بدراً في حلي انسان يا ليلي آه .. آه .. آه يا لالالي.. من لماه زاد سكراً و انثني نشوان ...يا ليلي آه ... آه .. آه .. يا لالالي ... "
قال علاء معلقاً : مين ساكنة دي سمعت عنها؟!
يوسف : آه.. دي كانت زي ام كلثوم كده بس في القرن ال ١٩ .. بيقولوا من عشق الخديوي ليها قال عليها ساكنة هانم ف حريمه زعلوا راح غاظهم اكتر و قال ساكنة بك .. كانت أول واحدة ست تاخد البهوية و كان بيروح بيتها بنفسه عشان يسمعها
علاء: يااااااه .. دا انت مثقف يا صاحبي
يوسف : هههههه لا ده انا سمعتها صدفة ف برنامج أ /محمود سعد
علاء : ايوه كده .. ده انا كنت هقلق عليك
يوسف : نرجع بقي للولهان اللي بيتوجع من الحب ده من فضلك
علاء : يلاااا
___________ بقلم elham abdoo
ظل سالم يدندن و يعيش مع ألمه و صراعه حتي الفجر فتأخر في نومه قليلا عن عادته و فوجئ ببسمة توقظه لأنه قد حان وقت أول تدريب له معها ع رقصة التانجو ..
استعد سالم و ارتدي بنطال و قميص مناسبان للرقصة أما بسمة فنفذت تعليمات مدام كوزيت بصعوبة و ارتدت فستان قصير قليلا ليتيح لها حرية الحركة أكثر و يساعدها في تنفيذ حركات الأرجل بسهولة، ارتدت فستان ابيض طوله يصل أسفل ركبتها بقليل، ينسدل بانسيابية و نعومة، دخل سالم قاعة البيانو و شاهد بسمة تقف بخجل من قبل أن تبدأ التدريب فقال لها : التراجع متاح يا عزيزتي .. إن أردتي؟!
تقدمت بسمة و وقفت أمامه و قالت : لا .. لن أتراجع .. قط
ابتسم سالم لروح الاصرار لديها و هنا بدأت مدام كوزيت بشرح مختصر لما سيُنفَذ من حركات
اقترب سالم من بسمة ووضع يده خلفها و مد لها يده الأخري لتضع راحة يدها داخلها، توترت لذلك القرب الشديد الذي يحدث بينهما لأول مرة، بردت يدها في كفه فقال لها : ألم أقل لكِ .. تلك الرقصة غير مناسبة
بدأت مدام كوزيت العزف و جاء وقت تنفيذ حركة ضم ساقها ع ساقه مثلما يتسلق الانسان شجرة و هنا ابتعدت بسمة قليلاً ووقفت و فكرت في التراجع فقال لها سالم قاصداً استفزازها: إن كنتِ تفكرين في طريقة للهرب فأنا لدي فكرة .. سنقول أنكِ مريضة قليلاً .. ما رأيك؟!
نجح الأمر و استفزت بالفعل فقالت : لا .. لن اهرب ..
اقتربت منه و نفذت الحركة ببراعة، كان تناغم سالم معها ممثازاً فقد مال بجسده معها و تحركا مثل غصنين خرجا من شجرة واحدة ..
علقت مدام كوزيت و قالت : Bravooo .. و الآن سننفذ الحركه الاخيرة و الأهم و هي حركة تعبر عن الرقصة ككل و اسمها تلامس القلبين .. سنميل معاً للاسفل و نصنع نصف دائرة مع تلامس الجهة اليسري لكلا منكما مع الآخر كإشارة لتلامس القلبين .. ارتفع حاجبي بسمة و اغمضت عينيها للحظة فقال لها متهكماً : لا تخافي .. أعدك سنتزوج سريعاً جداً بعد تلك الرقصة
ضحكت مدام كوزيت و معها سالم أما بسمة فنفذت الحركة لأنها و إن استصعبت الأمر لن تخسر قبل أن تحاول وتنافس أبداً ....
___________بقلم elham abdoo
ذهبت كاريمان مع ايفان لمتابعة العمل في المشفي، العمال يصنعون طلاءاً من الجير الذي يخلط مع الألوان، العمل يجري علي قدمٍ و ساق .. ناقشت كاريمان مع ايفان بدأ الاتفاق علي مستلزمات المشفي من معدات و غرف و ادوات فقال ايفان : أعرف مورداً يعمل في ذلك المجال و سأحاول الوصول معه إلي اتفاق بسعر جيد
كاريمان : و انا سأبعث لك المال مع عوف فور عودتي للمنزل
__________بقلم elham abdoo
انتظرت كاريمان عودة عوف من مهمته الاخيرة حتي وقتاً متأخراً من الليل فغفت علي الأريكة التي كانت جالسة عليها، بعد قليل استيقظت علي صوت خفيف ل وقع أقدام تقترب فرأت عزيز يدخل المنزل و يصعد لغرفته و من بعده بأقل من نصف ساعة أتي عوف اخيراً ووقف أمامها بوجه غير مريح و قال : سيدتي .. هناك أخباراً سيئة !!
نظرت له بقلق و ترقب و قالت : قل علي الفور .. ماذا وجدت ؟!
عوف : السيد عزيز يقامر!! في منزل أحد التجار سيئي السمعة، ظل هناك لساعات طويلة و خرج خالي الوفاض .. يبدو أنه خسر مبلغاً كبيراً الليلة ..
لم تكن كاريمان تصدق ما سمعت فطوال تلك السنوات لم يفكر احد أن يبحث وراءه أو أن يعرف أين يذهب في أسفاره و رحلاته، من يدري منذ متي بدأ في المقامرة التي انهت علي كل الأموال التي كان يأخذها حتي رفض ابيه أن يعطيه قطعة نقود واحدة جديدة ...
______________________________
في الصباح جلست كاريمان تحتسي قهوتها بينما كانت تفكر كيف ستتصرف، في تلك الأثناء وصلت " فاتن" فوقفت و احتضنتها بحماس و كأنها لم تكتشف خيانتها بعد، أشارت لعوف بوضع أغراضها في غرفة معدة لها خصيصاً ثم أمرت راشدة بتجهيز طعام الإفطار و ايقاظ عزيز لينضم إليهما
كاريمان : الحمدلله علي سلامتك .. كيف هي أحوالك ؟!
فاتن : أنا بخير .. كم كانت سعادتي عندما وصلني خطابك و ذكرتي أمر عزيز ... حقاً لم اتوقع ذلك ..
كاريمان : و انا أيضاً ف عزيز طائر مهاجر لا يحب الاستقرار لكننا سنستغل إعجابه بكِ و سندخله القفص
ردت فاتن بسعادة : كيف ؟!
كاريمان : سأقدم له بعض الإغراءات.. اتركي الأمر لي ..
مر وقتاً طويلاً دون أن يأت عزيز فتناولا إفطارهما و قالت كاريمان لصديقتها : اذهبي انتي لتستريحي من عناء السفر و في المساء سأعد لكما مفاجأة ستعجبكما كثيراً
_______________بقلم elham abdoo
أمرت كاريمان راشدة و عوف و خادمتها الجديدة بهيجة أن يقيموا مائدة عشاء فاخرة و أبلغت كلا من عزيز و فاتن بالحضور علي العشاء في الثامنة مساءاً، لم يكن عزيز متحمساً لمقابلة فاتن و فكر بالخروج سراً من باب المنزل الخلفي لكن كاريمان أغلقته خصيصاً تلك الليلة فأُجبر علي البقاء
جلس ثلاثتهم علي العشاء و بدأ تناول الطعام
كاريمان : أتمني أن يعجبكم طعام الليلة فقد أعددته لكما خصيصاً
فاتن : كل شئ جميل للغاية يا عزيزتي
نظرت فاتن لعزيز فوجدته يتجنب النظر إليها و وجه كل نظره للطعام الذي أمامه فقالت له : كيف حالك يا عزيز؟ هل انت مسرور هنا ؟؟
عزيز : أنا بخير .. المكان هنا جيد لا بأس به
تدخلت كاريمان و قالت بمكر : لماذا تتحدثا بشكل رسمي .. كلُ منكما حدثني عن الاخر بشكل منفصل و لم يبق سوي المصارحة
خجلت فاتن بينما قال عزيز في استهزاء : مصارحة ماذا ؟ لا أفهم!!
أخرجت كاريمان علبة صغيرة عندما فتحتها ظهر بها خاتم خطبة و اسورة رقيقة، وضعتها في منتصف المائدة ثم دفعتها ناحية عزيز و قالت : أنا سأختصر عليكم خطوات عديدة و ها هي هدية الخطبة للعروس.. أحضرتها ع ذوقي
قال عزيز : خطبة من لمن؟! لم أقل أبداً أنني سأتقدم لخطبة فاتن أو حتي لغيرها .. ما هذا الهراء؟!
فوجئت فاتن من كلماته و قالت : ألم تعدني بالخطبة و جئت هنا و حدثت كاريمان عني !!
عزيز : نعم .. قد وعدتك بالخطبة و انتِ صدقتِ لأنك حمقاء أما اختي ففعلت بكِ هذا لأنكِ خائنة .. فهي تعلم بالخطابات أيتها الغبية !!
بدأت فاتن بالبكاء ففكر عزيز بالمغادرة فأوقفته كاريمان و قالت موجهةً كلامها لفاتن : هذا الذي خنتني لأجله .. لم يشتريك و لو بأقل ثمن .. قد خدعتك كما خدعتني كي تتذوقي طعم الخداع .. هل أحببته؟!
غادر عزيز بينما ظلت فاتن تبكي بلا توقف فقالت لها كاريمان : قد أمرت خادمتي بجمع اغراضك .. ستغادرين بيتي حالاً
فاتن : و لكن الوقت متأخر .. أين سأذهب الآن؟
كاريمان : سأكون أفضل منك .. عربتي ستوصلك لأقرب فندق تقضين به الليلة !!
غادرت فاتن بعد درس صعب جداً، علي الرغم من تظاهر كاريمان بالقوة لكنها بكت كثيراً عندما اختلت بنفسها ...
كانت تلك هي الليلة السابقة ليوم المسابقة و لم تكن كاريمان في مزاج جيد عندما أتي إيفان لعمل " بروفا " أخيرة قبل المنافسة، دخل فوجدها جالسة في حزن و عندما قصت له ما حدث و ما فعلت انتابه شعور غريب فقال لها : أفعالك هذه يا كاريمان تخيفني!
ردت : لمَ؟ هل انا التي بدأت بالخيانة أم هي ؟
قال إيفان: لم تبدأي و لكنك انتقمتِ بضراوة.. إن لم تجدي عذراً لمسامحتها فكان يكفي أن تمحيها من حياتك لكن دون اذي !!
كاريمان : أنت مسالم جدا يا إيفان.. لا تجيد النزال او حرفة اخذ الحق .. سأعلمك اياها مع الوقت.
إيفان: ربما تكونين محقة .. لكن .. هل انتِ مستعدة لمناسبة الغد
كاريمان : لست بمزاج جيد لكنني بمهارة تمكنني من الفوز
إيفان: اذن لنقوم ب بروفا الآن
أنهيا تدريبهما و كان إيفان يستعد للذهاب فاشارت كاريمان لعوف لإحضار المال فاحضره و اعطاه لايفان لشراء مستلزمات المشفي و فيما هو خارج تقابل مع عزيز علي الباب فنظر للأموال التي بيده و ابتسم دون أن يعلق
______________________بقلم elham abdoo
دخل عزيز من الباب و رأي اخته جالسة شاخصةً إليه فتجاهلها عمداً، ذهب نحو السلم ليصعد لغرفته فقالت بصوت عالٍ: ما أخبار الكازينو الذي أنت شريك به؟!
وقف عزيز و قال : جيد .. هل سعدتِ بما فعلته اليوم بصديقتك؟!
كاريمان : نعم .. هذا ليس من شأنك .. ما سأتكلم به الآن هو الذي يخصك
عزيز : لعله خيراً ؟
كاريمان : للأسف لا .. كيف سيكون خيراً و هو يخصك ؟!
علمت أين تذهب و ماذا تفعل يا عزيز .. ايها المقامر المستهتر.. مدعي الرحلات و الصيد و الاسفار !!
ارتبك عزيز و قال : هل تنبشين خلفي ؟!
كاريمان : نعم و كان لدي حق .. طلبت منك عدم إثارة المشاكل و لكنك كالعادة ستفضحني هنا و تقلل من قيمتي .. سألتك عن سبب حضورك قلت انك تستريح قليلا و لكنك أتيت لتختفي عن الأنظار و تقامر في مكان جديد .. الآن عليك أن تغادر حالاً لتلحق بحبيبتك علي الطريق .. لن أقبل بوجودك هنا معي مهما قلت
استشاط عزيز غضباً و خرج عن وعيه، التقط سكيناً كانت موضوعة فوق طبق فاكهة و وثب فوقها ووضع السكين ع رقبتها و قال : قد احتملت غرورك كثيراً .. أخرجتني شيطانا دائماً في وجه ابي حتي طردني من كنفه و رعايته و جردني من حقوقي و بقيتي انتي المدللة المحبوبة، حتي عندما جئت إلي هنا حاسبتني و كأنك ولية أمري ووضعتِ علي شروطك .. و الآن تقولين غادر!! من انت لتفرضين علي رغباتك.. من ؟!!
كانت عينا كاريمان تعبر عن رعب و دهشة من ذلك الذي يسمي أخيها، بينها و بين الموت خطوة واحدة !!!
تري ماذا سيحدث لكريمان... إصابة ام ستخرج سالمة؟! و هل ستشارك في تلك المنافسة ام لا ؟!