رواية فتاة العمليات الخاصة الجزء الثاني 2 دموع العاشقين (الخاتمه 2) بقلم ندي ممدوح




رواية فتاة العمليات الخاصة الجزء الثاني 2 دموع العاشقين (الخاتمه 2) بقلم ندي ممدوح 



الخاتمة ج 2

دموع العاشقين 

صدمت ورد ونظرت له لبعض الوقت بعدم تصديق سرعان ما تنبهت لذاتها لتمسك بكفه ليجلس على قدميها وجمعت الكلمات بحذر وأردفت : 

- حبيبي احنا بنحبكم كلكم دون استثناء عن حد ااه بنهتم بـ أروى كلنا وده عشان خالتوا سجى مبتشفش ومش هتقدر تهتم بيها عشان كدا احنا بنهتم بـ أروى. 

قاطعها الصغير متسائلاً بترقب : 

- يعني بتهتموا بيها عشان امها عامية. 

هزت ورد رأسها بغيظ وتحدثت : 

- يـ ابني افهم خالتوا سجى فاقدة البصر متقولش عامية عشان ربنا ميزعلش منك. 

نظر خالد بالفراغ ثم اؤمأ برأسه وغادر. 

لتتنهد ورد بضيق متمنيه ومتضرعه إلى الله أن يهديه. 

في حين تركت أروى ديجا مغادرة إلى الأسفل ليقابلها خالد على الدرج وأوقفها لتنظر له هي بصمت فردّ هو بكره : 

- متفكريش أنهم بيحبوكِ هما بس بيعاملوكِ حلو عشان أمك عامية ومش هتقدر تهتم بيكِ ولا تعملك حاجه. يعن..... 

قطع جملته شهقتها وهي تركض من امامه باكية ثم هرعت إلى الشقة و ولجت غرفتها باكية لتتمتم سجى بتسائل وهي جالسه : 

- أروى أنتِ فين بتبكِ ليه. 

نهضت ثم تلامست طريقها متتبعه صوت أبنتها حتى ضمتها بقلق وهي تجلس قائله : 

- مالك يا أروى بتبكِ ليه ؟ 

عانقتها أروى واذداد نحيبها فـ ادمى فؤادها لكونها لم تدري ما بـ ابنتها ولم تستتطع أن تراها. 

رويدًا رويدًا شرعت اروى في الهدوء لتنظر لوجه والدتها وتنهمر دموعها مرة آخرى وكلمات خالد تتردد بأذدنيها كأن صدى صوته قبع بذهنها فضمت وجه والدتها وضمتها وهي تتمتم :-

أنا بحبك يا ماما. 

- بـ آوان ذلك قد رآت خديجه جل ما حدث ، وقتما كانت تخطو الدرج هابطة للأسفل تبتغى حذيفة ليذاكر لها ، لكنها صعقتها الصدمة مما قاله أخاها الصغير لـ أروى ، تنبهت لذاتها على صوت خالد وهو يتسائل بترقب: 

- أنتِ واقفه هنا من أمتى يا ديجا ؟ 

رفعت بصرها به ثم بهدوء أمسكت كفه بحنان وهي تغمغم :

- تعالى ننزل الجنينة نقعد سوا أنا وأنت.

أؤمأ خالد وذهب برفقتها للأسفل فجلسا على المرجوحه ، لتحاوط ديجا كتفه وهي تتسائل بحذر :

- ليه قولت لـ اروى كدا ؟.. أنا مش مصدقه أنك تقول كدا وزعلت منك.

ما أن أنهت جملتها حتى رفع خالد نظره بلهفه مغمغمًا بتلقائية :

- لا لا متزعليش مني أنا مش بحب البت اروى دي لأنك أنتِ بتحبيها اكتر مني وماما وكلكم هنا.

صمتّ ديجا مفكرة تستجمع كلماتها كلا تختطئ بشيء يذيد من غيرة أخيها فرددت بعد فترة قصيرة من التفكير :

- بص يا حبيبي هحكيلك قصة جميلة ونفهمها سوا أنا وأنت ماشي.

اؤمأ الصغير بلهفه وقال بغبطه :

- احكيلي يلا انا بحب قصصك.

تبسمت له ببهجة وهي ترفعه على قدميها وعانقته بحنان واسندت رأسها على كتفه وهمست مغتبته :

- أنا حكتلك عن آنس مش كدا.

تسأل الصغير بترقب :

- خادم نبينا.

أؤمأت ديجا مؤكدة ثم رددت ببسمة تتسع آنٍ فـ آن :

- ايوه أنس بن مالك .. كان ليه أخ اسموا البراء.

أنصت لها الصغير بكل أهتمام فتابعت هي وهي تعبث بخصلاته :

- البراء كان شعاره الله ثم الجنة وكان كل همه الموت في سبيل الله كان في أي معركه يرجى الشهادة .. كان بينقض على الأعداء من غير خوف ابدًا ولا بيهموه الموت دا كان بيتمناه وكانوا المشركين هما اللي يفروا خائفين منه يهابون زائيرة و ولعه بالموت كان اسد مش بيشبع منهم .. وكان في كل معركة بيبلي بلاءٍ حسناً وكان بيزعل أنه ممتش بس كان واثق ومتأكد أن ربنا هينوله الشهادة وجه بقا المعركة والوقت اللي هو منتظره خرج في معركه وكان انس فيها واحتمى المشركين بقلعة باساور عالية وباب ضخم وعالي وبقيوا يرموا على المسلمين بأسهم فيها نار وأتصاب أنس.

تنهدت ديجا بصوتاً مسموع وهي تتضرع لربها أن يحشرها معهم بالجنة فصمتّ هنيهة قبل أن تقول بحنو :

- فـ البراء لما شاف أخوه اتصاب ركض عليه من غير خوف وفضل يبعد الاسهم عنه المسلمين نظروا بتعجب هو ازاي قدر يمسك النار ويبعدها عن اخوه قدر ازاي دي نار ولكن اتعحبوا اكتر لما شافوا البراء لحم ايديه اتصهر وبقى رماد ومفضلش غير عظمتين بس.

قاطعه خالد قائلاً وهو يضيق عينيه :

- دا بجد ؟ 

أؤمأت ديجا بهدوء متمتمة :

- ايوه يا غالى هو شاف أخوه بيموت هيسبه ؟ لا هو ضحى بروحه عشانه وعشان خادم الرسول.

هملت عينا خالد دموعًا فما مكث هنيهة حتى أزاحهم وهو يقول بسرور وهو يضمها بصدقًا :

- وأنا هكون زي البراء ولما تكونِ في مشكلة هساعدك حتى لو هضحي بروحي.

تبسمت له ديجَا لوصولهَا لمَا ارادت ثم ربتَّ علىٰ ظهرهُ وردّت :

- ايوة أنا عايزك كَده بس مش معايا أنا بس وكمان مع أروى عشان أروى مش معاها أخ ولا أخؤات.

هم الصغير بالأعتراض لترفع ديجا بوجهه سبابتها محذرة :

- أستنى اسمعني ومتقطعنيش ، ربنا مبيحبش الأطفال اللي بيغيرواْ ويكرهُ بعض أنت عاوز ربنا يزعل منك ؟

هز خالد رأسهُ ، لتتابع ديجاْ :

- أنت بتحب خالتو سجىٰ ولا لا ؟

اؤمأ خالد بتلقائية مردّاً :

- ايوة أنا بحبها اوي.

أردفت ديجا بهدوء :

- بِما أنك بتحبها ليه بتقول كِده لـ أروى ؟ شوف هديك مثال بسيط هو لما النور يقطع بتبقى أزاي.

رد خالد سريعًا :

- ببقى خايف من الضلمة.. ومش شايف حاجة.

ديجا موضحه :

- بالظبط كدا مش بتشوف حاجة وبتبقى خايف وخالتو سجى فاقدة البصر وتولدت كدا.

قاطعها خالد متسائلاً بدهش :

- يعني خالتو سجى بنشوف ضلمه بس.

أؤمأت ديجاْ مؤكدة وتابعت :

- ايوة فـ عشان كدا كُلنا بنهتم بـ أروى عشان خالتو سجى مش هتقدر لوحدها ، يعني غلط لما تكلم اروى كدا وتقول على خالتو كده المفروض تحمد ربما وتشكره على نعمة البصر أنت بتشوف هي لا هي شايفة كُله ضلمة .. يبقى طول الوقت لازم نشكره على نعمه لينا التي لا تُحصى ولما نشوف حد معندوش النعمة اللي عندنا يبقى نحمده كتير أروى عشان يزدنا ربنا بيقول في كتابه "ولئن شكرتم لأزيدنكم" يبقى نُشكره طول الوقت وحتى لو عملنا كدا برضو احنا مقصرين .. هل خالتو سجى بتعاملك وحش؟

هز خالد رأسه غاضٌ بصره ، فتابعت ديجا :

- وإذا سجى بتحبك وبتعاملك زي أروى وعمو ياسين زي ما بيجبلها بيجبلك أنت ليه تعامل اروى كدا والمفروض تكون أنت أخوها الكبير تخاف عليها ومتسمحش لحد يزعلها وتكون دايمًا جنبها وتهتم بيها ومش تزعل عشان كُلنا بنهتم بيها لأن خالتو سجى تستاهل ولازم نكون جنبها.

أؤمأ خالد عدت مرات وهو يقول بصدق :

- أنا مش هزعل أروى تاني .. ولا هسمح لحد يزعلها... وهكون جنبها دايمًا.

فترت شفتاها عن بسمة راضية وسر فؤادها وقرت عينيها لتقبله بعمق وهي تتمتم : 

-يلا روح شوفها فين والعب أنت وهي وباقي العيال. 

لم يلبث أن أبتعد سريعًا بحثًا عن أروى. 


        🌼 لا حول ولاقوة إلاّ بالله 🌼


كانت تعد الطعام دون التنبه لذاك الذي يتسلّ خفيةٍ بإتّجاههاَ وعلىٰ حين بغتةٍ ضمها من الخلف وهو يقول بتلقائية : 

- بتعملِ أيه ؟ 

نكزته "وعد" بذراعها بحدةٍ ليرتد للخلف ضاحكًا وتصيح هي بمقت : 

- رحيم مش هتبطل عادتك دي بقا يا ربي. 

أقترب بحذر ثم طوق كتفها وهو يغمغم : 

- بحب اخضك كدا اعمل ايه ؟ المهم وحشتيني. 

أنهى جملته ناظرًا بعمق عينيها ، لتبتسم بحياءً وهي تدفعه برفق من أمامها : 

- طيب أمشي لحد يجي. 

رحيم برفع حاجب : 

- أنتِ مراتي. 

وعد بحدة : 

- رحيم امشي بدال والله...... 

قاطعها رحيم قائلاً بإستسلام : 

- بس بلاش حلفان أنا ماشي يا ستي. 

- يلاااااا. 

صرخت بها وعد ليسير هو شبه راكضٍ للخارج ، وتعود هي للطعام .. ثوانٍ وكان يضمها مرة أخرى مقبلاً وجنتها بنهم. 

# عيب يا بابا أنا هقول لستو صفية. 

جحظت عينا رحيم بصدمة وأستدار لطفلة وهو يتمتم ، في حين دنا الصغير "عاصم" متسائلاً : 

- هو أنت بتبوس ماما ليه ؟ 

أنفجرت وعد ضاحكة في حين رفع رحيم الصغير من تلابيب ملابسه صارخًا به : 

- والله يا روح أمك وأنت بتسئل ليه؟ 

تحدث عاصم بـ رزانه : 

- عشان أنا كمان ببوس هدير بنت عمتي غادة. 

أتسعت عينا رحيم وتجلت فيهما الصدمة :

- بتبوس مين يا اض أنت؟ سامعه ابنك بيقول أيه.

شوحت لهم وعد وهي تتجه لتجهيز الطعام في حين دوى صوت الحجه صفية :

- اترك الواد يا رحيم بدل ما اجوملك.

رحيم بمقت :

- ما هو دا اخرت دلعك فيه.

ارتفعت ضحكات الحجه صفية في حين ركض الصغير بعدما فر من براثن رحيم إليها وظل يلاعبها. 

دبر طعامهم ونوم الصغير صعدت وعد لحجرتهما ، كانت تمشط شعرها حينما قال رحيم وهو يدنو منها :

- أيه رأيك ننزل تحت ؟

أستدارت له متسائله بدهشة :

- دلوقتي ؟

أؤمأ مؤكدًا :- ايوة فيها ايه .. تيجي ؟

أؤمأت ببسمة وهي تضع الفرشاة وانصرفا للأسفل من ثم للأسطبل الملحق بالمنزل ، أمتطى رحيم الجواد ذات اللون اللبني وأمسك لجامه جيدًا وتحدث ضاحكًا :

- هنحيّ أيام جوازنا يلا هاتي أيدك.

لوت وعد فمها ضاحكه :

- المفروض أنا اركب الاول اصلاً.

رفع رحيم حاجبه ثم تجلى من عليه وهو يقول :

- نزلت يا ستي.

زمت وعد شفتيها بغيظ ثم أمتطت الجواد بمعاونته إذ رفعها هو حتى جلست بإريحية وتأكد من ذلك وأردف وراءها وطوقها بذراعه وبالاخرى أمسك اللجام وأندفع به يطوف حول الدار هدأ في البداية ثم أندفع مسرعان لتعلا ضحكات وعد وهي تتشبث بذراعه متمتمه بوجل :

- والله خايفه أقع زي اول مرة.

همس رحيم بجانب أذنها :

- توقعي وأنا جنبك دي تيجي برضو.

أسندت رأسها على كتفه مغمضة العينين متمتعة بالهواء البارد بين أمان ذراعية كأنها حقًا ترفرف گ فراشةً بالسماء.

بعد وقتٍ ليس بـ طويل جلست وعد بالجنينة وتقدم رحيم حاملاً صنية وهو يقول :

- الشاي بلبن والبسكوت وصل.

صفقت وعد وهي تتناول منه الصنية تضعها ارضٍ وشرعت بالطعام ، تأملها رحيم هنيهة قبل أن يقول :

- أعرف بس حبك بالشاي ولبن دا أيه دا أنتِ ممكن تقعدي اليوم كله تأكلي بس بسكوت.

نظرت له وعد بطرف عينها متمتمه بغيظ :

- أنت بتحسد ولا إيه وبعدين ما أنت اللي عودتني عليهم وتعودت بقا خلاص يبقى مسمعش صوتك.

رحيم وهو يرتشف كوبه :

- إلا قوليلي صحيح كان قصدك ايه لما قولتلك اطلعي وقولتيلي "هسيبك ومش هسيبك" 

صمت مترقبٍ أجابتها وهو ينظر لها بتمعن في حين تركت هي البسكوت من يدها ونظرت له باسمة وتمتمت بعشق يتوهج من عينيها :

- بمعنى إني اااه هسيبك بس جسدي بس لكن قلبي وروحي هسيهم معاك وعشان كدا مش هسيبك.

فترت شفتيه عن بسمة رائعة كضوء الفجر بينما ظلت هي كنسمةٍ ساكنةٍ وتحدثت الأعين بشوقٍ رفع رحيم راحتهُ علىٰ وجنتها وهم بتحريك شفتيهُ ، ليقاطعه اندفاع عاصم نحو وعد وهو يقول.:

- يا ماما أنتِ بتعملِ أيه هنا ؟.. يلا تعالي أنا مش عارف أنام من غيرك.

ضرب رحيم وجهه بغيظ وهو يسب بداخله ويتمتم وقلب كفيه ذات اليمين وذات الشمال بمقتٍ شديد.

فضحكت وعد بملأ فمها ثم أخذت عاصم وصعدت به.


تهيأ الجميع للذهاب عند عائشة بمنزل زين التي ولدت منذ أيام واليوم سيقام "السبوع" ، تجمهر الجميع هنالك في جو يملأه البهجة ممزوجًا بضحكات الصغار وركضهن هنا وهناك يغمرون الدار بالسرور والبهجة ، تحدثت عائشة متأففة وهي تجلس بجانب سجى التي تحمل طفلها الصغير :

- ياااااماما بنتك مقربتش توصل .. وحشتني البت دي.

لمار مُقترحة :

- رني عليها كدا شُفيها هتوصل أمتى ؟

تأففت عائشة وهي تنهض متجهة للهاتف ثم أجرت أتصال على وعد التي ردت قائله بضحكة :

- يا بنتي خمسين رنه في الساعة ليييه ؟

عائشة بغيظ :

- وربنا أنا غلطانة اصلاً إني بعبرك .. قربتي ؟

أؤمأت وعد هاتفه بجدية :

- ايون خلاص أهووو هوصل.

أقترب وليد ومعه تؤمه أسلام راكضين تجهها وهم يصيحوا:

- يااا ماما يا ماما.

عائشة بغضب :

- بسسس عايزين أيه .. أقفلي يا وعد هشوف العيال.

ضحكت وعد بقوة وهي ترآها قد أغلقت فـ ألتفت لها رحيم باسمًا وهو يقول :

- العيال جننت أختك.

وعد بضحكة :

- فعلاً اتجننت ولسه القردة الصغيرة لما تكبر كمان.

ثم نفخت بحماس قائلة بشوق :

- وحشوني أوي.

رحيم بتفهم :- خلاص هتشوفيهم اهوو.

تململ عاصم الذي كان يغط في النوم على المقعد الخلفي وفتح عينيه قائلاً بتثاءب :

- احنا لسه موصلناس .. أمتى هنوصل.

ألتفتت له وعد ثم قرصته من وجنته وهي تقول.:

- صحي النوم الاول ، خ...

قاطع جملتها عاصم وهو يقول بتأفف وحسم :

- يا ماما قولتلك 100 مرة متقرصنيش من خدي.

نظر له رحيم من مرآة السيارة وتحدث بغيظ :

- براحتها يا اض.

ثم خاطب وعد متسائلاً :- بذمتك دا طفل ده؟

تلقائيًا قبل أن تجيب وعد نهض عاصم غاضبًا وبهيجًا قال :

- قولتلك مليون مرة انا مش طفل أنا كبير وعندي ست سنين ونص. 

ظلا يتحدثا حتى مر الوقت ولم يمض وقتٍ بعيد وصف السيارة جانبًا ليترجلا منها ، ليجدوا الجميع مقبل عليهن يرحبون بهن بشغفٍ ، أنتهى الترحيب ليدلفوا للداخل جالسون بجو مبهج والأطفال يطفون حولهم ما عدا عاصم الذي جلس بثبات بجوار الرجال. 

أنقضى اليوم ومر بسلام ، يومًا مشبعًا مغمورًا بحنينٍ يخمد وحبٍ يذداد وأشتياق ينجلى ، وها هم يجلسون إلى أرضية الحديقة في حلقة دائرية ، تحدثت ديجا مقترحه وهي تجلس وسط وعد وسجى : 

- أيه رأيكم أسئل أسئلة .. أما أشوفك فاكرة ولا بعدك عننا نساكِ. 

قالتها وهي تلتفت لـ وعد ، التي مالت نكزتها بكتفها وهي تتمتم : 

- اخص عليكِ أنسى أيه وأنتِ كل يوم بالساعة والساعتين تكلميني وتحكيلِ. 

غمزة لها ديجا وهي تحتضنها بلهفه متمتمه : 

- أحبك أنا والله. 

وعد وهي تميل بوجنتها على وجنت ديجا وتشدد من ضمها : 

- وأنا بحبك أكتر يا شعنونه.. يلا اسئلي بقا. 

لوت ديجا فمها ناظره لها برفع حاجب : 

- أنا شعنونة ماشي وربنا لـ أنا مطلعاه على ابنك الحليوة ده. 

أنهت جملتها وهي تغمز لـ عاصم الذي نظر لها بغيظ ثم تحاشى النظر لها بتكبر مصتنع. 

تحمحمت ديجا وعيناها تطوف على الجميع وهتفت : 

- يلا استعدوا اول سؤال "تعلقت الأنظار بها بإهتمام جليّ" من هو ابن الذبيحين ؟ 

وقبل أن يجيب أحد رفعت سبابتها بإتجاه الجميع وهي تردف محذرة : 

- اول شخص هيرفع ايده هو اللي هختاره يجاوب.. يلا استعدوا بعد ما اعد لتلاته وااه صح اللي هيفوز وهيجمع اكبر عدد في النقاط ليه هدية بإذن الله. 

رفع البعض يدهُ ولكن الأسرع كانت ورد لتشير ليها ديجا متمتمه :-

جاوبي يا ماما يا حبيبتي. 

بهدوء قالت ورد : 

- سيدنا محمد عليهِ الصلاة والسلام. 

صلَّ الجميع علىٰ الرسول ﷺ في حين ألقت ديجا قبلة في الهواء لوالدتها وهي تقول : 

- صح يا مامتي. 

تلقفت ورد القبلة بدراميا وهي تضعها علىٰ موضع قلبها. 

في حين ضيق حمزة عينيهِ متسائلاً : 

- مش فاهم وليه سيدنا محمد ابن الذبيحين ؟ 

غمزة له ديجا قائله ببسمة رقيقة : 

- هأقولك الذبيحان هما عبد الله والد سيدنا محمد وإسماعيل بن إبراهيم عشان كدا قال الرسول ﷺ أنا بن الذبيحين. 

وذلك لأن سيدنا إبراهيم عليهِ السلام رأى رؤيه أنهُ بيدبح أبنه إسماعيل وكان هيدبحه ولكن الله فداه بذبحًا ، وعبد الله والد الرسول فكان عبد المطلب حلف حينما خاصمته قريش بحفر بئر زمزم بأنه لو ولد عشر ابناء ليذبح واحدٍ منهم وبالفعل أتموا عياله العشرة وكان عليه بالوفاء بالنذر فأقرع بينهما فوقع الأختيار علىٰ عبد الله والد الرسول ﷺ فلم يذبحهُ ووداه بمائة من الإبل،. 

اؤمأ الصغار بأوجه مشرقه وبسمة متسعة في حين ردّت إسراء بإنبهار ودهش :

- الله أول مرة أعرف المعلومة دي .. وكل ما بقعد معاكِ يا خديجة لازم أتعلم حاجات كتير وجديدة عليا معرفهاش ربنا يحفظك يا حبيبتي.

غمزة لها ديجا ببهجة وهي تردّ :

- كدا ماما نقطة .. السؤال التاني هو من هو صاحب لّقب "الصادق الأمين".

رفع الجميع يده ولكن كانت الاسبق سجى لتشير لها ديجا بحماس :

- يلا يا سجوجتي أنتِ رفعتي الأول.

سجى ببسمة :

- سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

هتفت ديجا بلهفة :

- صح يا سجوجتي .. يلا السؤال الثالث ... من هو اول من يقرع باب الجنة ؟

صمتَّ الجميع مفكرين كان الجميع مندمج مع ديجا ما عدا مكه التي غلب عليها الحزن .. هي معهم وليست معهم أيضًا ، هي بعيدة كل البعد عنهن ، قطع الهدوء صوت ورد التي قالت بتلقائية :

- طالما مش عرفين هقول أنا وابقى نقطتين .. هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لحديث أنس رضى الله عنه.. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : آتي باب الجنة فأستفتح فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك .  

" صحيح مسلم ". 

بفخر صفقت ديجا : 

- ايوة كدا يا وردتي .. دي عيال فاشلة. 

ضربتها وعد بخفه وهي تتمتمت بغيظ : 

- احنا عيال يا زفته. 

تأوهت ديجا وهي تميل على سجى تتفادى ضرباتها : 

- يا بت خلاص بقا أيدك تقيلة. 

ظلا يتناغشا قليلاً ، ثم تابعت ديجا اسئلتها مهمهمه :

- يلا بقا السؤال الرابع ـ لماذا سمي العام العاشر للبعثة بعام الحزن ؟

صاحت ورد بتلقائية ولكن بصوتاً خافت قليلاً :

-لموت عم النبي - أبي طالب -وموت زوجته خديجة في ذلك العام.

ردت ديجا بسخط :- كدا غش يا ماما ... مرفعتيش أيدك الأول.

ضربت ورد جبهتها منسية وهي تقول مغمغمة :

- والله الحماس نساني يا ديجا.

زمت ديجا شفتيها ثم ردَّت :- السؤال اللي بعده ـ من اول من لقب بـ أمير المؤمنين ؟

ارتفعت الايدي ولكن يد وعد كانت اسرع وهي تصيح :

- أنا.، أنا.

اشارت لها ديجا لتتابع وعد :- عمر بن الخطاب رضى الله عنه.

قرصتها ديجا بمناغشه وضحكت متمتمه :

- صح يا وعدي .. 

دفعت وعد يدها مغمغمة ، فتابعت ديجا بعد لحظات :

- من هو الصحابي الذي كانت الملائكة تسلم عليه ؟

لم يدرك أحد الأجابه وخيم الصمت لبعض الوقت ، كانت تكابد ورد إلا ترفع يدها تاركه مساحه لهم ، وحينما وجدت أن الجميع حائر ،همت برفع يدها ولكن سبقتها لمار لتشير لها ديجا :

- بس يا ماما كفياكِ يا حبيبتي ... قُولي يا لمُورتي.

نظرت لها لمار بهدوء :

- عمران بن حصين رضي الله عنه.

أؤمأت ديجا وهي ترسل لها قبلةٌ في الهُواء لتفعل لمار بالمثل وهي تغمز لها . ثم جال بصرها بالجميع وهي تقول :

- السؤال اللي بعده ...من هو الذي كان تستحي منه ملائكة السماء ؟

ارتفعت ايدي الفتيات فقط فـ أشارت ديجا لـ سجى :

- هااااا.

سجى :- عثمان بن عفان رضي الله عنه .

قبلتها ديجا من وجنتها وهي تطوقها بذراعها وتابعت فجأة وهي تصيح :

- من الذي لقبه الرسول الكريم بالطيب المطيب ؟

سجى بتلقائية وبلا تردَّ :- عمار بن ياسر .

قرصتها ديجا من وجنتها بمناغشة وهي تقُول ضاحكه : 

-دخيلو أنا القمر ده. 

ثم تنهدت بصوتًا عالٍ وهي تسئل :

- من الذي اهتز لموته عرش الرحمن ؟

جاءهم صوتًا من الخلف يقول برزانة :

- سعد بن معاذ رضي الله عنه .

نظر الجميع فـ إذ به عثمان مقبلاً عليهم يليه ياسين وأنس ألقى السلام وتوجه لـ مكه مقبلاً وجنتها بهدوء.

وصل الصوت المنتظر لسجى فـ ارتسمت ابتسامة سعيدة على ثُغرها في حين جلس ياسين بجوارها بإرهاق وطوقها بحنان مقبلاً جبينها مغمغمًا بشغف :

- وحشتيني .. وحشتيني اوي اوي اوي.

تبسمت بحياء ليجفلهما صوت ديجا :

- نحن هنا يا أخ ياسين.

زم ياسين شفتيه غيظًا وأمسك بيد سجى وهو يقول :

- قومي يا بنتي نمشي من جنب العيلة دي.

نظرت ديجا في غيظ ليأخذ سجى بعيدًا عن أعين الجميع.

في آوان ذلك نهض عثمان قائلاً وهو يمد كفه لـ مكه :

- تعالي معايا عايزك دقيقة !

ببسمة منطفئة بعينيها مدت يدها بيده ونهضت بصمت ليتجها بعيدًا و وقف مقابل بعضيهما البعض وسحبت كفها بنظره مغعمه بـ لوم وعتاب ، أعتراه الضيق وتمتمت وهو يزفر بملل :

- أنا دلوقتي عملت ايه لكُل زعلك ده ؟ شغلي يا مكه ومش هسيبه بسبب خوفك عليا دا شغل يا مكه وبحبه.

لانت نبرته حينما أغروقت عيناها بدموع الاسى :

- يا حبيبتي لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ما انا ممكن برضو اسيب الشغل وأموت ، الموت هيجي هيجي لا محالة سوا وانا في مؤمرية او في البيت او في اي مكان ملهُوش معاد يا غالية.

تقدم خطوتين وأمسك ذراعيها في حنان :

- بلاش بقا نكد وزعلك اللي ملهوش داعي !

"داعي...داعي...داعي"

تردَّت هذه الكلمه بذهنها ، ليس هناك داعي ؟

ألهذة الدرجة هي لا تهم لهُ ، متى يجلس معها هي وأطفالها ؟

متى جلسا سوياً في جو هادئ ينتاقشون يتعاتبون متى كان واين كان هو غير موجود يأتي لننوم ثم يغادر كأنه لم يكن ؟!

لا يهم هي ماذا عن اطفالها التى يتساءلون عنه ؟

سيتسبب بوحدة ونفور منهم ان لم تتزحزح.

سالت دموعها بحرقه ، وانفجرت بما في جعبتها ، تراكُمت كثيرة كانت تتراكم يوم بعد يوم قد حان لها على المواجهه ، لقد حانت لحظة العتاب والَّوم والأنفجار فصرخت بتلقائية دون وعي منها :

- مفييييش داعي ؟ مفيش داعي لأيه ولا أي ؟ فكرني كدا امتى قعدت مع عيالك اللي بيسالوا عليك يوميًا لدرجة قالولي انك مبتحبهمش فين دور الاب في كل ده ؟ امتى شفت طلباتهم عايزين ايه ولا مش عايزين ايه كويسين ولا لا ؟ عيانين ولا ايه ؟ نايمين ولا لا ؟ مطمنيّن ولا لا ؟ امتى خدتهم في حضنك ؟ وطبطبت عليهم ؟ مش بتخرج معاهم غير اليوم اللي بنخرج فيه كلنا ؟!. 

تعلقت جل الأنظار بهم بينما بكياء معاذ ولمياء وهم يروا والدتهم بتلك الحاله ، وهم معاذ بالذهاب تجاههم ولكن ضمته اسماء وهي تدلف بهِ للداخل بعدما أشارة لديجا لتلحق بها وهي تحمل لمياء وتأخذ باقي الأطفال.

لجمت الصدمة عثمان الذي جحظت عينيه بها بعدم تصديق ولم يدري ماذا عليه أن يفعل ، هل هو بتلك الوحاشه حقًا ، ألهذه الدرجه هو بعيد عن أطفاله وبيته ولكنه حقًا لم يُقصد ذلك ؟ توالت عليه الاشغال وهموم الحياة لتكدر صفو سعادتهم وتشتته وتأخذ جل وقته ولكنه حقًا لم يقصد ذلك ألبته

أقتربت سجى تضم مكه التي تشبثت بها وهي تذرف الدمع.

فاق لذاته على يدٍ وضعت على كتفه فـ استدار برأسه بتيهّ وضياع لياسين الذي ربت بحنو عليه متمتمًا :

- حاول تفوق لنفسك شوية وعيلتك وخدهم في حضنك ، هي مغلتطش في كل دا .

زاغ بصره ناحية مكه التي تبكِ بمرارة وشهقات عالية وتابع :

- بذمتك هي دي مكه ؟ 

نظر له عثمان بتوهان ثم نقل بصره لـ مكه في صمت ماذا يقصد ياسين بسؤاله الذي لامس وترٍ حساس بقلبهُ آين مكه حقًا ؟

وصل ياسين لما اراد ان يوصلهُ ليربت على كتفه :

- اتصفوا وتعاتبوا احنا هندخل جوه.

أخذ سجى واشار للجميع للداخل... فولجو تباعًا خلفه.

ساد الصمت بينهما لاول مره يشعر أنه .. أنه ماذا .. لا يمكنه فعل شيء متكتف الايدي والاذرع ... دموعها تذبحه .. شهقاتها تكوي قلبه.. اقترب وهو لا يدري ما يقوله.ولكنه بقى ثابتًا لتبعد كفيها عن وجهها وترفع بصرها بهِ بعتاب جليّ وتمتمت :

-أيه في حاجه تاني يلا روحني مش عايزه أفضل هنا.

أنهت جملتها تزامنًا وهي تكفف دموعها وتنظر له بإستماته.

ثم بقت الأعين معلقة لوقت لا يعلمان مداه ، فقط تطالعه بعتاب وقسوة ، تلعثمت حروفه وهي تخرج أخيرًا من بين شفتيه بنبرة بدت بها الحزن :

- مكه .. أنا .. أنا أسف سامحيني.

مكه وقد أغروقت عينيها بالدموع بعتاب وألم دفين صرحت :

-أسامحك ؟ مسامحك متقلقش .. بَس بِما أن شُغلك وحياتك العملية أهم من عيلتك و وجودك زي غيابك يبقى سيبني ، أنا مبقتش أنا ، قُولي أمتى آخر مرة شُفتني بضحك ، أنت تغيرت أوى في حاجات كتيره تغيرت فِيك ، فين عثمان اللي كان اول ما بيرجع يقولي وحشتيني وياخدني في حضنه يطمني ، أمتى قولتلي بحبك زي ما كنت بتقولي ، مقالبي اللي كنت بعملها فيك أول ما قطعتها مفتقدتلهاش ، محستش بغياب مقالبي ، مفتقدش ضحكتي وهزاري وتنطيطي ، مشفتش دموعي ولا اهتمت تعرف مالي يبقى أيه الحل ؟ 

رمش بعينيهِ عِدة مرات ، هي محقه في كل كلمة لُفظت بها ، متي ضحكت متى رأى بسمتها ، أو خفت دمها ومقالبها التي كانت لا تكف ، كيف تغاضى عن كل ذلك ، والأهم كيف سيعيد وردته الزابله لتتفتح وتنير سماء قلبه ، كيف يراضيها تلك المرة ؟

لماذا أُغلقت الأبواب بوجهه فجأة وسودت الدنيا من حوله ؟

أجفله قول مكه التى غزا فؤادة گ سهمٍ مسموم وهي تتحدث ببكاء مرير :- أنت .. أنت مبتحبنيش يا عثمان .. أنا بقيت خايفة .. خايفة .. خايفة تسبني... خايفة اصحى في يوم متكونش موجود نهائي... خلتني اوصل لمرحلة تفكير مستمر في سؤال واحد "يا ترى هو حبني بجد؟" لما .. أنا لما بشوف ضحكتك قلبي بيشع بالأمل وفجأه كأنه سراب بيتبخر قُدام عينيه ومش قادره اتشبث فيه.

شعر عثمان بمدى أنانيته في تلك اللحظة .. مكته تشعر بالخوف منه .. تشك في حبه لها .. بقلبه الذي وجد ضالته بها أخيرًا .. ولكن لا عتب عليها .. هو من أوصلها لتلك الحالة.

جذبها من ذراعيها لحضنه وشدد من ضمها حتى كاد بتخبئتها داخل ضلوع حناياه.

فرت الكلمات من داخله ، ولم يسعفه شيء ، فضمها اكثر عسى الفؤاد ودقاته أن تخبرها كم يعشقها وهل يوجد أفضل من لغة القلوب بين العشاق ، لم يدروا كم مر من الوقت قبل أن يبعدها ضاممًا وجهها بين راحتيه وتمتم في هدوء ونبرة صادقة :

- مكه .. مكتي .. يا أمي .. أختي ..وصحبتي وعوضي ورزقي وضالتي وقدري .. أنا بحبك .. أنتِ أنا متخيلش لحظة من غيرك ، أنا مستحملش بعدك عني... متخيلش إني أصحى أو أنام من غير ما أشوف عينك يا نور عيني ، والله أنتِ والعيال دنيتي اللي انا عايش.عشانها ، طب ليه معتبتنيش من الأول انا مشاكل الحياة خدتني ليه مرجعتنيش ؟

أزاح دمعاتها وهو يتابع :- عيونك يا مكتي بتكوى قلبي بنار ملهاش آخر بتأكل فيا فـ متبعديش عني يا كل ما ليا ولا تتخلي عني يا كل الناس.

نظرت لعينيه بألم قبل أن يضمها مرة آخرى.

ليجفلهما صوت ياسين الضاحك :- 

صافي يا لبن ؟

كز عثمان على اسنانه ، لتبتعد مكه بحياء وهي تتجه ناحية سجى التي تمتمت بخفوت :

- والله ما كنت أعرف أنه جيبني عشان نِطب عليكم!

ضحك ياسين بخفة وهو يرى غيظ عثمان الذى أجفله بحصى صغيرة أصابة صدره مباشرةٍ وظلا يركضا خلف بعضهما.


 

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-