رواية الصندوق الفصل الرابع عشر 14بقلم الهام عبده


رواية الصندوق الفصل الرابع عشر 14بقلم الهام عبده

أقبل الجميع تباعاً إلي القاعة  ليجلسوا سوياً و عندما جلس سالم ظلت سيمون تلقي بسهام نظراتها إليه أما هو فتجاهلها مراراً مع استمرارها دون كلل، لاحظت بسمة ما يحدث فغضبت داخلها لكن خشيتها المعتادة من اتخاذ اي رد فعل تجعلها تصمت دائماً و تجعل كل من له مطمع يتجرأ و يحاول غير آبه لها، نظرت كاريمان لما يحدث و في رأسها يدور شعور الانتقام هنا و هناك أما السيدة بثينة فجلست تتأمل و ترقب دون تدخل و لكنها كعادتها تعي و تسجل كل شئ .. 
السيدة بثينة: بعد قليل ستأتي مدام بيلين لتسلم بسمة الثوب الذي أُعد خصيصاً لمناسبة الغد .. استعدي لاستقبالها يا بسمة .. أومأت بسمة بالايجاب و عندما أقبل الخادم بخبر قدومها نهضت فقالت كاريمان 
: هل أأت معكِ يا بسمة كي أري كيف هو عمل مدام بيلين .. من الممكن أن اجعلها تنفذ اثوابي بعد الآن إن أعجبتني ؟ 
نظرت لها السيدة بثينة بقلق فهناك حتما سبب وراء ذلك الطلب، نظرت بسمة لسالم فأشار لها بإمكانية القبول فقبلت و ذهبا لجناح بسمة لعمل بروفا الفستان... 
في الغرفة ارتدت بسمة فستاناً بلون زهر البنفسج محاك بعناية و مستخدم به ورود صغيرة طبيعية باللون الأبيض، شكله كان جميلا و متقناً لكن كاريمان لم تنتبه حتي لمدام بيلين او تحدثها حتي، كان عقلها في مكان آخر  ... 
بعد انصراف مدام بيلين ذهبت بسمة وراء ساتر تبديل الثياب الخشبي المفرغ و هنا قالت كاريمان : بسمة .. هل ترين ان المعلمة سيمون لطيفة ؟؟ أتروق لكِ 
ردت بسمة في حرج :بصراحة لا .. و انت يا كاريمان هانم؟
كاريمان : أيضا لا تعجبني تصرفاتها 
بسمة : لكن اخوها السيد إيفان مختلف عنها تماما .. رجل في منتهي اللطف 
كاريمان : لماذا إذن لا تروقك ؟ هل بدون أسباب ؟؟ 
بسمة : اريد أن افيض بما داخلي و لكنني اخاف منكِ يا كاريمان هانم خشية ان تتسببي لي بالمشكلات 
كاريمان : حقاً ؟؟ أنسيتِ لعبة كوب القهوة، لم اردها لكِ و مررتها بسلام و ذلك لأنني أحبك و اعرف انكِ طيبة يا بسمة و انك نفذت كلام شخص آخر .. أليس كذلك ؟ 
نظرت بسمة بحرج و قالت : نعم .. لكنك وضعتني بمواقف محرجة فماذا علي أن أفعل ؟ 
كاريمان : لنضع كل ما فات جانبا و نبدأ من جديد .. لا تخافي سيبقي ما تقولينه سرا بيننا و أعدك وعدا حقيقيا أنني لن أضرك بما سأسمع منكِ 
اطمئنت بسمة لأنها تعرف ان كاريمان برغم كل شئ صادقة الوعود فقالت : تلك التي اسمها سيمون، وضعت عينها ع السيد سالم، تكلمه بدلال، أهدته باقة زهور، تتحدث عني امامه بشكل سئ، هو لا يتجاوب معها لكن أفعالها تلك تضايقني كثيراً 
ابتسمت كاريمان و قالت : تلك الشقراء يجب أن نلقنها درسا لا ينسي
نظرت بسمة بخوف و قالت :  ماذا؟؟! 
كاريمان : لا تخافي .. اجعلي قلبك قوياً لنكون فريقا معاً 
بسمة : طيب و مسيو إيفان.. الن يحزن منكِ إن اكتشف شيئا وقتها؟ 
كاريمان : لا أظن أنه سيكتشف شيئا، سنحاول ان يظهر كل شئ طبيعيا ثم أنه يحبني و كان يريد أن يتقدم لخطبتي غدا لكنها تدفعه بعيدا عني لذا وجبت معاقبتها  
بسمة : هل سنصبح فريقا الان ؟؟ 
كاريمان : نعم .. اقتربي لنعد الخطة و الأهداف 
بسمة : ماذا لو لاحظ السيد سالم او السيدة بثينة و غضبوا مني ؟ 
كاريمان : كفاكِ خوفاً يا بسمة، فلكل هدف نسبة مخاطرة و من لا يخاطر لا يربح، ثم إن لام عليك أيا منهما قولي أنكِ فعلت ما فعلت بدافع الغيرة .. هل نبدأ الآن 
بسمة بقلق : فلنبدأ 
_____________________________
في الصباح ذهبت كاريمان باكرا و قطفت باقة زهور صفراء و غلفتها جيداً و أرسلتها مع احد الخدم للقصر فأخذتها بسمة ووضعتها في غرفتها استعدادا لمباراة اليوم .. 
بعد الغروب بدأت كاريمان التجهز للحفل، ارتدت ثوباً احمراً ملكياً سادة مصنوع من قماش الشيمواه و قد صنع لها خصيصا عندما كانت في روما، مغطي الاكمام لكنه مفتوح علي الصدر فتحة متوسطة و عند الوسط هناك حزام له وردة في جانبه، ينسدل بشكل واسع قليلا حتي الاسفل أما قدميها فقد زينتهما بحذاءا أسودا عليه رسمه صغيرة لعصفور صغير ذهبي اللون ع طرف مقدمة الحذاء، زينت رقبتها و بنصرها الأيسر بطاقم من الألماس فريد الصنع أما حقيبتها فقد كانت سوداء صغيرة الحجم وضعت بها احمر شفاه و منديلا يخصها محفورا عليه أحرف اسمها الاولي و بيدها الأخري هدية مغلفة صغيرة اعدتها خصيصا لصاحبة عيد الميلاد ، عندما خرجت من منزل الضيوف و عبرت الممر إلي المنزل الكبير أصابت المنتظرين بالدهشة فهي بالطبع أميرة و لن يباريها أحد في طلتها، رأت الإعجاب الذي تحبه في عيونهم فابتسمت و قالت : بنسوار 
رد سالم بابتسامة : بنسوار و رحمة الله .. هل انتهيتي اخيرا ؟؟ 
كاريمان : نعم ... 
سالم : هل نذهب ؟ 
كاريمان : أيضا ... نعم 
سالم : هيا بنا 
كاريمان : و السيدة بثينة؟ 
سالم : امي لا تذهب للحفلات .. هيا كي لا نتأخر 
أنزل الحوذي السلم ذو الدرجتين و اركب السيدتين ثم ركب سالم و أغلق الباب و انطلقت العربة نحو النيل ليصلا للمركب المقام به الحفل 
_____________________________
دخل ثلاثتهم إلي المركب يتوسطهما سالم و هما كوردتين علي جانبيه، المركب مزينة بكاملها لعيد الميلاد و علي المدخل وقف إيفان و اخته لاستقبال المدعوين، نظرت كاريمان إلي إيفان بحب ثم في أقل من ثانية تحولت نظرتها لخبث حين وقعت ع سيمون ذات الثوب الوردي القصير الذي يظهر أعلي من ركبتيها، تبادلا السلام و التحية ثم أشار لهما إيفان ع طاولة كبيرة تضم جميعهم في وسط المكان، بعد قليل بدأت الفرقة عزف الموسيقي الهادئة فنظرت سيمون لبسمة و قالت في تطاول مغلف بود : أنت بالطبع لم تتعلمين بعد كيف ترقصين .. ما رأيك يا سيد سالم أن تصطحبني للرقص حتي تتلقي بسمة درساَ عمليا ؟ 
نظر لها سالم ببرودة معتادة : اعذريني ... لا استطيع 
سيمون: هل لا تعرف الرقص أيضا؟ 
سالم : بلي .. اعرفه جيدا .. فقد علمتني اياه فتاة فرنسية أيضا 
سيمون بمفاجاة : غريبة . من تلك ؟ 
قال سالم بأسي : كانت زوجتي ... 
انتاب الجميع الغرابة و كانت أكثرهم في ذلك كاريمان فقالت : كيف تقابلتما و كيف تزوجتما؟ 
سالم: جمعتنا الظروف و فرقنا الموت .. لا داعي للاطالة 
لاحظ إيفان حزنه فحاول تلطيف الجو كعادته فقال : ألا تريدين الرقص يا سيمون .. هيا بنا 
ثم مد يده لها و ذهبا للرقص 
أشارت كاريمان بعينيها ل بسمة ثم قامت عن كرسيها و قالت سأذهب للحمام 
لاحظ سالم تناغم النظرات بينهما فسأل بسمة عما يحدث فقالت : ربما نصبح أصدقاء.. 
عادت كاريمان و ظلت واقفة في جانب تراقب حركة النوادل و عندما اقترب النادل ع بعد خمس خطوات من المكان الذي يتحرك الاخوان داخله تحركت و ضغطت بكعب حذائها الرفيع علي قدمه و بيدها دفعته دفعة بسيطة ناحية سيمون و عندما أوقع عليها كل ما بيده و ابتلت عن اخرها تظاهرت كاريمان بالتفاجؤ ثم قالت في برودة : bardon  اي عذرا ثم ذهبت بهدوء للطاولة، ذهبت سيمون في ضيق و حرج لغرفة مخصصة لها لتبديل ملابسها، قام إيفان بمناداة سالم ليسلم ع أحد الحضور و في تلك الاثناء همست كاريمان ل بسمة قائلة : حان  الدور عليكِ فربما ليس لديها ثوبا احتياطيا ثالثاً ..  
ضحكت بسمة ثم قطعت ضحكتها عند إقبال إيفان و سالم ... 
بعد عشر دقائق عادت سيمون و هي لازالت تظن أن ما حدث ليس سوي صدفة 
جاء قالب الحلوي فوقف الجميع ليغنون معها قبل أن تطفئ الشموع، بعد إشعال الضوء و تقديم الحلوي قام إيفان أمام الجميع بمد يده لكاريمان و توسط الحضور ثم اخرج علبة صغيرة من جيب بدلته و قدم لها خاتما ألماسياً مميزاً و قال : هل تقبلين بي زوجاً ؟ 
هزت المفاجأة الأربعة غرف التي في قلبها و جري الدم سريعا في عروقها و الجميع ينتظر ردها بالقبول ليصفق فيما عدا اثنان، سالم الذي امتعض و تألم و لكنه تماسك و سيمون التي لم تحب كاريمان من اللحظة الاولي .. 
قبلت كاريمان قائلة بتأثر : نعم .. نعم أقبل فألبسها الخاتم ثم  عاد الجميع للطاولة بينما انقلب مزاج سالم و بالرغم من هذا هنأهما بالطبع... 
ما إن جلسا أشارت لها بسمة بمعني ماذا سنفعل بعد هذا التطور .. هل ستلغي الخطة ؟! فأجابت كاريمان بعينيها بمعني : لا فهي لازالت مصرة ع الانتقام برغم كل شئ 
جلست بسمة إلي جوار سيمون عمدا و قامت بايقاع كأس أخري من المشروبات التي تقدم ع الثوب الجديد و هنا استشاطت سيمون غضبا فقد تدمر الثوب الثاني .. ما العمل ؟! 
قالت كاريمان في برودة: لدي ثوب آخر احضرته معي  هل ترتديه ؟ 
قالت سيمون دون أن تفكر : لا .. اشكرك 
إيفان: اذن ماذا ستفعلين ؟ 
سيمون: لا أعرف سأذهب إلي الحمام 
إيفان: رجاءً يا كاريمان .. اذهبي وراءها و اعطها الثوب 
كاريمان برقي : ع الرحب و السعة 
ذهبت كاريمان و مدت لها الثوب قائلة : هذا الثوب له ذكري جميلة لا تنسي .. اتعرفين .. كنت ارتديه عندما رأيت إيفان للمرة الاولي و ها قد اكتمل حبنا بخطبتنا .. العقبي لكِ 
اخذت سيمون الثوب بحنق و قالت : ميرسي 
دخلت سيمون داخل باب الحمام الداخلي لترتدي الثوب بينما وقفت كاريمان بالخارج و قالت : هناك مفاجأتين تنتظرانك بالخارج .. سأذهب و انتظرك ع الطاولة .. 
خرجت سيمون و انضمت للجلسة بعد أن ارتدت ثالث ثوب في تلك الليلة 
قالت لكريمان : قولتي أن هناك مفاجأتين تنتظرانني ما هما ؟ 
كاريمان : الاولي هي هديتي لك .. منذ أن علمت بعيد ميلادك و أنا ابحث عن هدية مناسبة ففكرت في رواية بأحد اللغات التي تتقنينها فاخترت الألمانية و ها هي هديتي ، اخذت سيمون الهدية المغلفة بأوراق تشبه الكرتون و فتحتها ثم فوجئت و تغير لونها فسأل إيفان: ما اسم الرواية ؟ فقالت سيمون : الحرباء 
أسرعت كاريمان و قالت : لا تنظري الي اسمها القبيح فهناك داخلها تفاصيل ستعجبك جدا .. صدقيني 
نظر لها إيفان لائماً لكنه صمت فقامت كاريمان بالطرق ع الحديد و هو ساخن و قالت : الهدية الثانية .. هناك شخص يريد التعرف عليك و إن حدث قبول يريد الارتباط بكِ .. هذا أن قبلت بالطبع، قد دعوته للحفل لتتعارفا 
أشارت كاريمان لرجل في الخمسين من العمر، شعره الأبيض أصبح يسود ع الاسود، يرتدي بذلة سماوية، شاربه عريض و طربوشه ع رأسه، جاء و حياهم ثم جلس بينما سيمون تشعر بالامتعاض، حيته بجمود و ظل الجميع ف صمت فقالت كاريمان لتكمل مسرحيتها: السيد رستم هو صاحب مجموعة كبيرة من المشاتل، تعرفت عليه خلال عملي هنا، يود التعرف بكم و التقرب منكم، فعلتها هذه جعلت الجميع في صدمة فكيف تفعل هذا و تقحم هذا الرجل هكذا، شعر الرجل بعدم رغبتهم في مجالسته فغادر سريعاً بينما نظر لها إيفان لائماً فقالت : نعم هو لا يناسبها لكن الامانه تقتضي أن نعطي الرجل فرصة و ليس هناك أسهل من رده 
سيمون : نتعارف!! في الحفل ؟؟ دون علمي كأمر واقع .  هل هذا من اللياقة أيتها الأميرة 
غضبت كاريمان و قالت : كنت أظن انكِ ستفكرين و إما تقبلين او ترفضين .. الموضوع في غاية البساطة 
سالم نظر لكاريمان نظرة ثاقبة بمعني أنني افهم ألعابك فقام بتلطيف الجو و قدم هديته لسيمون التي حاولت الهدوء و فتحتها لتجد سوارا ذهبيا رقيقا اعجبها كثيرا و لكن .... 
لم تعطيها بسمة فرصة لتبرد دمها الذي يغلي فقدمت لها باقة الزهور الصفراء و قالت جملة ركبتها كاريمان قائلة : عرفت أنكِ تحبين الورود عندما اهديتي سالم واحدة حمراء فأهديتك باقة صفراء علي سبيل التغيير او التعبير 🤭🤭
لم تتحمل سيمون كلمات الاخيرة هذه ف اعتذرت لتذهب للحمام بينما نظر سالم لبسمة بلوم و عتاب جعلها تجلس متوترة و صامته طيلة الوقت المتبقي 
امتعض إيفان و ما إن خرجت اخته حتي أنهي الحفلة و ذهبا حتي دون أن يودع خطيبته التي أهانت اخته اليوم بالقول و الفعل 
_____________________________
تلك الليلة و بعدما عاد الجميع ليستريحوا ع فراشهم، لم تعي كاريمان صعوبة ما فعلت فبالرغم من موقف إيفان الا أنها كانت سعيدة و نامت بشعور المنتصرة فعيناها لا تريان عندما تنوي شيئاً أما بسمة فقد سألها سالم قبل أن تدخل جناحها 
سالم : ماذا فعلت اليوم مع سيمون ؟ هذه ليست أنتِ ؟ليست كلماتك و لا طريقتك ؟! 
بسمة بخوف: فعلت ذلك بدافع غيرتي فتلك الشقراء تحوم حولك 
ضحك سالم و قال : اشتم رائحة كاريمان فأنا اعرفها جيداً . لا تجعلينها تستغلك لصالح مواقفها 
بسمة : بل تعاونت معها لكي تكف سيمون عن التودد لك 
تنهد سالم ثم قال : تصبحين ع خير 
_____________________________
جاء الصباح و فوجئت كاريمان بخادمة توقظها لأن السيد إيفان ينتظرها في الأسفل، أبدلت ثيابها بشكل سريع و استعدت لمقابلته، وجدت وجهه متجهماً غاضباً و قال دون حتي أن يجلس : قالت لي سيمون أن أفكر في أمر خطبتنا فلم استمع لكنك تجاوزتِ الحدود و اهنت اختي دون أن تنظري لأي شئ، جئت فقط لأقول لك شيئا واحدا : سيبقي ذلك الخاتم الذي البسته لكِ أمس معك ع سبيل الذكري لأنني لا استرد هدية قدمتها لكنكِ منذ تلك اللحظة لا تعنيني و لستِ بحياتي بأي شكل .. أأسف لمعرفتنا ...
انصرف إيفان و قد انغرست كلماته كسهام في قلبها ف جلست مكانها و بكت بكاءاً شديداً رغم انها نادرة البكاء .. 




بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-