رواية الصندوق الفصل الثانى عشر بقلم الهام عبده
#الصندوق
#الثاني_عشر
ابتسم يوسف و هو يقرأ نهاية فصل " سيدة القصر " فقد رجحت كفة بسمة بفضل السيدة بثينة، صراع القوي و حساب المصالح المشتركة هذا يشبه كثيراً سياسات الدول و الحكومات و لكنه نسخة مصغرة...
سمع صوت المفتاح يدار في قفل الباب و بالطبع قد عاد علاء ليملأ الشقة ضجيجاً و حياةً و طعاماً لذيذاً اعتاد أن يحضره معه في كل مرة يعود فيها من بلدته
كان علاء ممسكاً بحقيبة سفر صغيرة و في اليد الأخري هناك حقيبة بلاستيكية ممتلئة تفوح منها رائحة شهية : مساء الفل ع ابو السوف .. جايبلك معايا حبة محشي ورق عنب و بطاية.. بص انا مرضتش اتغذي هناك و جبت الأكل عشان نتغدي سوا
يوسف بسعادة : و انا جعان بصراحة و الأكل جه ف وقته
علاء : طب يلا نطلع الأكل و احنا بناكل بقي تحكيلي وصلت لايه ف قصتك
بدآ إفراغ الطعام علي الطاولة التي أمام الكنبة و فيما هما يأكلان قص يوسف ما حدث من تطورات ثم قام و اخرج الخاتم الماسي من درجه الخفي الصغير فأمسكه علاء و نظر فيه بتمعن ثم قال
علاء: ده تلاقيه غالي اوووي .. انت عديت يا صاحبي .. بص متكملش القصة و بيعه و انسي الفقر
ضحك يوسف و قال : أبيع ايه يا بني .. ده يعتبر أثري ... و بعدين ده مش بتاعي
علاء بغيظ : امال بتاع مين ؟ مش انت اشتريت الصندوق باللي فيه يبقي ملكك .. حد كان قالهم يبيعوا الصندوق من غير م يفحصوه و بعدين انت هتفضل غلبان لحد امتي، دي فرصة و جاتلك . دا انت دفعت ٦ الاف يا راجل
يوسف : مش يمكن الخاتم ده ليه ورثة ؟!!
علاء باستهجان شديد : انت عاوز تجنني، ورثة ايه ؟ طب و الورثة دول سابوا حاجتهم ليه لما هي غالية عليهم و تهمهم ؟؟
يوسف : م هو ده اللي شاغلني؟ مين الناس صحاب الشقة اللي باعوا الصندوق كده بإهمال و ايه علاقتهم بالناس اللي ف القصة ؟
علاء بغضب و هو يقضم قطعة من لحم البطة : لا بقي .. ده انت مصر تعصبني، خليه يا بني و متبيعهوش و ابقي قدمه للبنت اللي هتنطس في نظرها و تتجوزك
ضحك يوسف مرة أخري ثم قال : بص انا عشان اريح ضميري هروح بعد المغرب كده للشقة و اسأل هناك يمكن أفهم حاجه .
علاء: اممممم .. طيب .. روح يا شيخ و إلهي ما تلاقي حد او حاجه تعرفها
يوسف : هههههههههه .. مش هتيجي معايا
علاء : لا يا عم انا جاي من سفر .. هخش اريح اللقمة و انت روح دوّر عشان الأمانة اللي قتلاك دي
يوسف : ماشي .. علي فكرة، اكل طنط تحفة زي العادة .. تسلم ايديها
علاء بتريقة : بالهنا و الشفا يا عم أمين يا أبو الأمانة ...
_____________________________
وصل يوسف إلي العقار الذي يحوي الشقة المقصودة، شقة المزاد التي وجد بها الصندوق، وجد حارس العقار جالس علي كنبة صغيرة أمام العقار و في يده كوب من الشاي، اقترب منه و سأله
يوسف : سلامو عليكم
الحارس: و عليكم السلام و رحمه الله.. اي خدمة يا باشا ؟؟
يوسف : كنت بس عاوز اسأل عن شقة هنا ؟
الحارس: شقة مين ؟ و لا انت عاوز تأجر شقة؟؟
يوسف : لا .. أنا جيت هنا من كام يوم و كان فيه شقة فيها مزاد علي عفش قديم و كده
الحارس: آه ه ه .. ايوه .. شقة تبع أستاذه ريم
يوسف : مين ريم دي ؟
الحارس بشك و ريبة: لا مؤاخذة يعني .. انت بتسأل ليه و عن ايه ؟
يوسف : لا مفيش حاجه .. متقلقش اصل اشتريت من المزاد و كنت عاوز استفسر منها ع حاجه اشتريتها .. معاك رقمها ؟؟
الحارس بتفكير : ايوة معايا .. هي باعت الشقة بعد العفش بس كانت سايبالي رقمها عشان اجبلها مشتري و اخد حسنتي يعني .. استني هكلمهالك و اشوف
يوسف : تمام .. شكرا يا عمنا
الحارس طلب الرقم ووضع الهاتف ع اذنه ثم قال: ألو .. أستاذه ريم .. ايه الاخبار ... بقولك .. انتي ف مصر و لا رجعتي بلاد بره تاني ........ امممم طيب كويس ... في واحد جه العمارة و سألني ع حضرتك ........ هو اشتري من العفش اللي اتباع بالمزاد و عاوز يسأل حضرتك عن حاجه ضروري ....... طيب اتفضلي اهو مع حضرتك
مد الحارس الهاتف ناحية يد يوسف فأخذ يوسف الهاتف و قال :
صباح الخير يا أ / ريم .... انا يوسف وهيب صحفي . كنت عاوز اقابلك ضروري لو ينفع ؟
ريم : نتقابل؟!!! خير يا أ / يوسف .. هو حضرتك اشتريت ايه من العفش ؟ و عاوز تستفسر عن ايه بالظبط ؟؟
يوسف: حضرتك متقلقيش خالص مني .. انتي متعرفنيش بس انا لقيت كتاب مهم ف المزاد و عاوز اعرف هل حضرتك ليكي علاقة بالمكتوب فيه و لا لا او هل يعني الكتاب ده يخص عيلتكم و لا انتوا لقيتوه ازاي ؟ هل عندك فكرة ؟؟
ريم باستغراب: كتاب ايه ؟؟
يوسف : م هو عشان كده بقولك نتقابل .. تشوفيه و نتكلم، بصراحة انا قريت جزء منه و عاوز افهم اكتر لو عندك معلومات ؟؟
ريم : طيب .. انا هبعتلك عنوان المرسم بتاعي ع الواتس .. خد رقمي من عم حلمي و ابعتلي و ممكن نتقابل بكره ٨ بالليل ؟؟ يناسبك ؟؟
يوسف : آه تمام .. شكرا و معلش ازعجتك
ريم : لا مفيش حاجه .. مع السلامة
_____________________________
عاد يوسف لشقته و قص ع علاء ما حدث و هما يشربان كوبين من الشاي
علاء : ياخي انا مش فاهمك، البنت باعت و خلصت و انت اللي بتجري وراها عشان تعرفها، افرض انك قولتلها و اخدت الخاتم هتبقي انبسطت انت كده ؟؟
يوسف : يا بني دي شكلها فنانة و عندها مرسم مش واحدة نصابة و مش لاقيه تاكل
علاء : و لما هي كده و بتقدر الفن ليه باعت اللوحات اللي كانت ف الشقة ؟
يوسف : مش عارف بس كل واحد و عنده ظروفه
علاء: و ناوي ع ايه بقي ؟
يوسف : مش عارف هسيب نفسي للموقف و هو اللي هيحكم
علاء بأسي: ممممم طيب .. افتح بقي الفصل الجديد خلينا نقرأ شويه و نستمتع
يوسف: يلا بينا
_____________________________
فتح يوسف الكتاب و قرأ اسم الفصل الجديد
٤- أعدكَ
نظر سالم لبسمة ثم لوالدته و قد فهم ما تم بالتقريب ثم ابتسم ابتسامة نصر صغيرة بعدما ثأر لكرامته أما كاريمان فقد فهمت أن ثمة اتفاق تم بين السيدة بثينة و بسمة ووقعت هي ف الفخ، غضبت في داخلها و استأذنت حتي تذهب لغرفتها، عندما دخلت جناحها فكرت في المغادرة نهائياً و فسخ ذلك الاتفاق المزعج دون النظر لأي اعتبار و لكن هناك سبب هام استوقفها، إنه " إيفان " فهي تنتظر عودته و قلبها متعلق به، هناك شوق كبير له و لا يربطها به سوي هذا المكان، افتقدت صوته و نظراته و كل شئ جمعهما، تأوهت ثم تنهدت و قررت العدول عن الفكرة و الانتظار مع قبول انتقالها لمنزل الضيوف فربما يعود الغائب و تعود بهجتها معه ..
_____________________________
في مساء اليوم التالي خرجت من منزل الضيوف لتتمشي بين الزروع المحيطة فوجدت خادماً قادماً نحوها يقول : وصل السيد إيفان و هو بحضرة السيد سالم و الجميع، سأل عنكِ سيدتي فأتيت لابلاغك
لم تكد كاريمان تصدق ما تسمع، زقزقة العصافير في قلبها و طارت نحو من تحب قبلها لترقص حوله و تحتفل بقدومه، دخلت إلي قاعة الضيافة لتجد إيفان جالساً وسط الجميع و إلي جواره فتاة شابة شقراء، تجمد الدم في عروقها ووقفت دون حراك شاخصة بعيون محمرة إلي تلك الفتاة، نظر لها إيفان بحب ووقف ليحيها
مد يده إليها ثم قال
إيفان: كم افتقد أوقاتنا معاً يا أميرة .. أعرفك إلي أختي الصغيرة ... سيمون ..
ألقت كاريمان التحية ع سيمون التي قابلتها ببرودة و لكنها لم تهتم فقد وقف قلبها عندما رأتها بجواره و كلمة " أختي " كانت بمثابة طوق نجاة
_____________________________
بعد قليل من جلستهم سوياً حضرت بسمة لتجلس معهم بعدما استدعاها سالم فهي لم تعتاد بعد علي حياتها كسيدة فكانت تتجنب حضور المقابلات و تخجل من مواجهة المجتمع خشية أن تخطئ بالكلام أو التعبير، أشار لها سالم أن تجلس عن يساره لان عن يمينه جلست والدته و كاريمان ترقب كل ما يحدث في صمت، سألت سيمون التي كانت تتقن العربية جيداً فقد قضت هنا ثلاث سنوات قبل أن تسافر مرة أخري لفرنسا، هي تعمل مدرسة لغة فرنسية و تهوي تعلم اللغات فأتقنت العربية و الانجليزية و الايطالية و الألمانية، أصر إيفان ع جلبها معه بعد وفاة والدهما كي تغير محيطها و لا تتعرض للاكتئاب ..
تلقي الاثنان التعازي في والدهما بعدها سألت سيمون عن بسمة التي أتت اخيراً فرد سالم قبلها قائلاً : إنها خطيبتي و سنتزوج قريباً
قالت سيمون : و ماذا تعمل ؟
قال سالم في ابتسامة تكونت ع طرف فمه الأيمن : هي لا تعمل
سيمون : أنصحك أن تعملي و لا تكتفِ بكونك زوجة مستقبلية لرجل غني
قالت كاريمان مستغلة الموقف : كلامك صحيح و لكن كيف ؟ فهي لا تجيد القراءة و الكتابة حتي في لغتها الأصلية !!
نظر لها سالم محاولاً كظم غيظه: الظروف التي خرجت منها بسمة كانت صعبة فلم تمكنها من التعليم لكن الآن هي عندها كل الوقت و كل الإمكانيات
قال إيفان في محاولة منه لتلطيف الجو : يمكنني أن أصبح معلما لها إن أردت يا سالم .. اعلمها الفرنسية و الرسم
قال سالم : و انا أوافق و بشدة و أنا سأعلمها العربية
نظرت سيمون لبسمة نظرة شفقة لأنها شعرت بتدني مستواها التعليمي فقال لها سالم متحدياً : و ماذا سوف تعملين هنا يا سيمون ؟؟
سيمون : سأعمل مدرسة للغة الفرنسية في مدرسة هنا كنت أعمل بها من قبل
سالم : هل هذا الراتب الزهيد الذي سيأتي منها يكفي ؟؟ فالعلم أحيانا لا يكفي لسد الاحتياجات
سيمون بضيق : هذه مجرد بداية
سالم : عندي عرض لكِ ... مقابل ٢٠٠ ورقة نقدية أسبوعيا ستعلمين عروسي الاتيكيت و البيانو؟؟ ما قولك ؟؟
رفعت سيمون حاجبيها لأن العرض لا يرفض و هي بحاجه للنقود فقالت : و أنا قبلت ...
نظرت كاريمان و هي تبتسم أما داخلها فكان يقول : صنع لها مدرسة داخل البيت ليقوم الجميع ع خدمتها لم يبق الا أنا لأصبح لها معلمة وهنا فوجئت بسالم يوجه لها سؤالاً له مغزي : ألا تريدين أنتِ أيضا المشاركة معنا يأ أميرة ... ف بسمة تحتاج لمن يعلمها الحساب و أظن أنكِ تتقنين الحساب جيداً
نظرت له بتحدٍ : كنت اتمني لكن ليس لدي وقت للأسف و لكن لا تقلق فعندما تتعلم بسمة الحساب سأكون أنا أول من يلغق لها حساباتها ... أي أصححها لها
ابتسم سالم بتأني و هو يعي ما قالته و قبل أن يرد أقبل خادم من الخارج ليخبره أن ضابطاً انجليزيا ممن عينتهم سلطات الاحتلال يطلب مقابلته فياتري ... ماذا هناك؟!!!