رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل التاسع9 بقلم سهام صادق


 

  رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل التاسع بقلم سهام صادق

فتح "صالح" عيناه بفزع ثم انتفض من رقدته بعدما أزال الغطاء من عليه.

أنفاسه أخذت تعلو بعنف قابضًا بيديه على شرشف الفراش شَاخِص البصر.

أغلق جفنيه ثم تنفس ببطئ لعله يستطيع إستعاده وعيه من كابوس لا يرحل عنه.

لقد مرت خمس سنوات لكنه مَازال يعيش تحت وطئِ ذكرى ذلك اليوم. 

والصورة تعود بنا نحو تسعة أعوام.

فلاش باك.... 

_ اتجوز مين يا جدي؟؟ 

نطقها "صالح" بعدما انتفض من فوق المقعد الجالس عليه وقد انتفخت أوداجه من شدة الغضب.

_ تتجوز "سارة" بنت عمك. 

_ أنت واعي للي بتقوله يا جدي. 

احتدت ملامح "شاكر" بغضب، ينظر إلى حفيده الذي أخذ يمرر يده في شعره.

_ اتكلم قدامي باحترام يا ولد. 

تعلقت عينيّ "صالح" بجده، فعن أي إحترام يتحدث ... إنه يخبره أن يتزوج "سارة" ابنة عمه التي لا يراها إلا في صورة أخت له.

_ إيه اللي يعيب بنت عمك. 

قالها السيد "شاكر" بعدما نهض من مقعده هو الأخر واتجه نحو باب غرفة مكتبه ليغلقه.

رمق "صالح" فعلته بسخرية، فبالتأكيد والديه يعرفان بهذا العرض الذي لن يحققه لهم مهما كان. 

_ أكيد الدكتور "صفوان" والدكتوره "حوريه" عندهم علم. 

_ ولد اتكلم عن أبوك وأمك بأدب. 

ثم أردف السيد "شاكر" بنبرة تحمل إصراره على إتمام هذا الزواج. 

_ رد عليا إيه اللي يعيب بنت عمك. 

_ "سارة" أختي. 

قالها "صالح" بحده، فقابله رد جده بحدة أشد. 

_ "سارة" مش أختك، سارة بنت عمك...و أنت لازم تتجوز بنت عمك يا "صالح"...

_ لاء يا جدي. 

صاح بها "صالح" والغضب يتأجج داخل عينيه ثم غادر الغرفة. 

تلاقت عيناه بأعيُن والديه اللذان أطرقان رأسهم بخزي.

بخطوات سريعة اِتجه نحو الدرج قاصدًا غرفته حتى يجمع ملابسه في حقيبته ويُغادر هذا المنزل الذي دومًا تخنقه جُدرانه. 

توقف أعلى الدرج عندما تقابلت عيناه -التي تشع غضبًا- بأعيُن "سارة" التي فور أن رأته أسرعت إليه تُهلل بسعادة. 

_ "صالح''. 

ارتمت بحضنه كعادتها، تحتضنه بقوة تخبره ألا يغيب مجددًا هكذا، وقد أخذت تشتكي له معاملة من في المنزل لها. 

لأول مرة لا تضمها ذراعيه بل وقف متصلب الجسد وحديث جده يطرق رأسه بقوة. 

أغمض عينيه لعله يستطيع السيطرة على نيران الغضب المشتعله داخله، ألا يكفي جده تدخله بحياتهم إلى هذا الحد. 

ابتعدت "سارة" عن حضنه ترفع عيناها إليه وسُرعان ما انتبهت على قبعته التي يضعها أسفل إبطه، قبعة بذلة الطيران المدني. 

أسرعت بإلتقاطها وعلى وجهها ارتسمت ابتسامة واسعة. 

_ شوف "سارة" حلوة إزاي، "صالح" عايزة سوق طيارة زيك. 

الحروف كانت تخرج منها متقطعه لا توحي سوا ببراءة صاحبتها.

وجدها تقفز أمامه بعدما وضعتها على رأسها وأخذت تضحك بصوت عالي. 

أغمض عيناه بقوة ،أيعقل أن يعرض عليه جده الزواج من "سارة" التي يعلم الجميع بحالتها. 

_ "صالح"، فين شيكولاته تاعتي.. أنت نسيتها صح... أنا زعلانه منك. 

تحولت ملامحها السعيدة لأخرى عابسة ثم مطت شفتيها كالأطفال متذمرة.

ظنت أنه سيحاول هذه المرة مراضاتها كعادته لكنه كان يقف وينظر إليها بنظرة جامدة. 

اِقتربت منه تبحث في جيوب بذلته عن لوح الشيكولاته إلى أن عثرت عليه. 

تهللت أساريرها بسعادة طفلة بلغ عمرها الثالث والعشرون. 

بصوت جهوري صاح "صالح" وقد انتفض قلب والديه الجالسين بالأسفل. 

_ دادة "نعمات" 

ثم أردف بصوت أشد حده. 

_ دادة "نعمات"، تعالي خدي "سارة". 

ارتجف جسد "سارة" من شدة الخوف وأسرعت بإحاطة وجهها بكفيها وقد أجهشت بالبكاء. 

اِتجه "صالح" لغرفته غير عابئ بصوت بكائها، فلم يعد يحتمل رؤيتها أمامه وحديث جده مَازال يخترق أذنيه. 

التقط ملابسه من الخزانة بغضب ثم ألقاها داخل الحقيبة... 

_ أنت هتسيب البيت يا "صالح". 

تساءَلت السيدة "حوريه" بفزع عندما رأته يضع ملابسه داخل الحقيبة. 

اتجهت إليه لتجعله يتوقف عن وضع ملابسه تهتف بتوسل. 

_  يا بني أرجوك اهدى وخلينا نفكر في حل ميزعلش جدك. 

ليت والدته ما نطقت اسم جده، فيكفيه تدخل بحياته إلى هذا الحد. 

_ جدي، جدي.. كل حاجه لازم هو اللي يقررها... لو أنتِ وبابا موافقين على إنكم تفضلوا طول عمرك خاضعين ليه فأنا لاء. 

_ ولد، أنت إزاي تتكلم على جدك كده. 

قالها السيد "صفوان" بعدما دخل الغرفة هو الأخر ثم نظر إلى زوجته التي أطرقت رأسها أرضًا. 

ألقى "صالح" ما كان يمسكه بيديه داخل الحقيبة ثم أغلقها تحت نظرات والديه.

توسلت السيدة "حوريه" بنظراتها إلى زوجها ليمنعه من مغادرة المنزل. 

_ اسمع جدك كويس وافهم كلامه يا "صالح"، جدك عايز مصلحة العيله. 

نظر "صالح" له بنظرة ماقته ، فعن أي مصلحة يتحدث والده. 

اقترب والده منه رابتًا على كتفه في محاولة منه لتهدأته لعلهم يجدوا حل أخر يقنعوا به الجد. 

_ اسمعني يا "صالح" جدك عايزك تتجوز "سارة" عشان تفضل تحت وصايتك وحمايتك ، بعد عمر طويل قولي مين هيكون ليها غيرك. 

احتدت نظرات "صالح"، فهل يظن والده أنه سيأتي يومًا ويتخلى عن ابنة عمه. 

لم ينتظر السيد "صفوان" ليسمع منه ما يعرفه تمامًا لكن هناك حرمه وشرع يتغافل ابنه عنهم..

_ عارف كويس حبك لبنت عمك وإنك بتعتبرها اختك.
لكن يا بني "سارة" مش أختك... بص لنظره بعيدة... بنت عمك بتحتاج حد يراعيها في حاجتها الشخصية، في لبسها، ده احنا بنمنعها بصعوبه إنها تحضنك رغم إننا عارفين إنها بتعمل كده بدافع حبها ليك لأنها شايفك دايمًا احن حد عليها في البيت... "سارة" متعلقه بيك أوي يا "صالح"، تفتكر يوم ما تتجوز في ست هتستحمل ده. 

_ انا مكنتش مقتنعه بكلام جدك و والدك يا بني، وكل ما يفكروا يفتحوا الموضوع ده معاك بمنعهم لكن كل ما اشوف تعلق "سارة" بيك وإننا في يوم مش هنكون موجدين معاكم... اسأل نفسي من هيراعيها ولو ابني اتجوز هل هتتقبلها مراته في حياتهم وأنت شايف بنت عمك بتحتاج معامله خاصه. 

نظر إلى والديه بنطرة مصدومة، لقد أقنعهم جده ويبدو أنهم قرروا أمر زواجه وانتهى الأمر. 

التقط حقيبته في صمت تحت نظراتهم التي اتسعت من الصدمة ونظر إليهم. 

_ طول عمره جدي بيعرف يحركم كويس، عموما بلغوا "شاكر" بيه إن عرضه مرفوض تمامًا. 

وهل مع "شاكر الجندي" يوجد شئ مرفوض.

بكافة الطرق حاصر "شاكر" حفيده إلى أن أجبره على الإستسلام بجبروته. 

_ اللي هتعمله ده في مصلحة العيلة يا "صالح"، كل حاجه من أملاكي هتكون ليك. 

مصلحة العائلة والمال أهم شئ في قاموس جده. 

بنظرة جامده رمق جده. 

_ الجواز مجرد ورقه هتربط اسمي بـ "سارة"، عشان تطمنوا كويس إني مش هتخلى عنها في يوم. 

تعلقت عينين "صفوان" بوالده ثم أخفض عيناه أرضًا، فلو عَرِف "صالح" ما يخطط له جده بعد إتمام عقد الزواج سيرحل دون رجعه. 

اقترب "شاكر" من حفيده يربت على ظهره وقد ارتسمت ابتسامة ماكره على محياه أخفاها سريعًا.

_ وأنا زي ما قولتلك تقدر تتجوز على "سارة" يا "صالح" ما دام مش هتنسي في يوم إنها قبل ما تكون مراتك هي بنت عمك. 

"زوجته" 

كلمة حتى هذه اللحظة لا يستطيع إبتلاعها لكنه صار مجبر على هذا الأمر بعدما أكدوا موافقتهم على شروطه. 

تم الزواج باحتفال عائلي بسيط اجتمع فيه الأقارب وقد ظهر الإستنكار على ملامح الكثير من تلك الزيجة، فالعروس الجميع يعرف عنها أنها ذات إعاقة عقلية. 

والسؤال الذي كان يردده الحضور، كيف لشاب ك "صالح" -يعمل كابتن طيار- أن يتزوج فتاة ك "سارة" التي إذا مددت لها يدك بحلوى ستركض إليك. 

كان حفل الزفاف بالنسبة لـ "صالح" مهزلة لم يتخيل أن يعيشها يومًا.

أبيه وأمه كانا ينظران لوحيدهم بندم وأسف وفي داخلهما يقطعون وعدًا أنه عندما يختار فتاة يرغب بالزواج منها سيلبون طلبه دون إعتراض. 

أما "سارة" فكانت منبهرة بفستان الزفاف الذي ترتديه وبأصناف الحلوى التي ملئت الطاولة الكبيره وتستطيع تناول كل ما تُريده دون أن يمنعها أحد. 

انتهى حفل الزفاف الكارثي وقد اقترب الجد من حفيديه يقدم لهم هديته قائلا بحديث لم ينتبه عليه. 

_ اتمنى أشيل ولادكم قريب. 

الصدمة احتلت ملامح "صالح" كما احتلت ملامح والديه وقد أزاح يد "سارة" التي تشبثت بذراعه. 

_ ولاد! 

قالها "صالح" باستنكار ثم نظر إلى والديه الذين أسرعوا على الفور لتهدأته. 

_ جدك ميقصدش يا "صالح". 

توتر الجد عندما تلاقت عيناه بابنه وزوجته، فهذا ما أخبروه به؛ أن لا يأمل أن تحدث علاقة زوجية بين "صالح" و "سارة"؛ فـ كيف سيفعل ابنهم هذا الأمر و "سارة" لا تصلح أن تكون زوجة.

_ تعالي يا "سارة" معايا اطلعك اوضتك يا حببتي. 

تمتمت بها السيدة "حوريه" بحنان ثم التقطت يدها لكن "سارة" عادت تتشبث بذراع "صالح" الذي انتفخت أوداجه وعاد الغضب يتأجج داخله. 

_ لا جدو قال إني هنام مع "صالح". 

هزت السيدة "حوريه" رأسها بيأس من أفعال حماها ثم نظرت إلى زوجها الذي تمتم برفق لابنة أخيه. 

_ تعالي يا "سارة" احكيلك حكاية من الحكايات اللي بتحبيها ولا أنتِ خلاص مبقتيش تحبي حكايات عمو "صفوان". 

_ لا حبك أنا عمو... بس حب "صالح" أكتر منك ومن جدو. 

ابتسم الجميع وقد أظلمت عينيّ "صالح" ثم أشاح وجهه عنهم وابتعد...

يجب أن يرحل الآن من هنا.

إنه لا يحتمل هذا الهراء. 

طالع جده فعلته بصدمة بعدما غادر المنزل ثم نظر إلى ابنه قائلًا. 

_ شايف ابنك عمل إيه يا "صفوان"، ليلة فرحه على بنت عمه سابها ومشي. 

_ يا بابا كفايه عليه لحد كده... أنت ظلمته بجوازه من "سارة"... اليوم اللي بيحلم بيه أي شاب في سنه يبقى قاعد فيه جنب عروسته ويرقص معاها... يكون بالشكل المضحك ده...أنت مشوفتش المعازيم كانوا بيضحكوا من تحت لتحت إزاي..."صالح" اللي كل فرد في العيله بيتمني يفوز بيه عريس لبنته يبقى فرحه مسخره لكل العيله. 

قالها "صفوان" بعتاب لوالده الذي صاح به بعدما تأكد أن زوجة ابنه صعدت الدرج واتجهت بـ "سارة" لغرفتها. 

_ إيه الظلم اللي أنا عملته في ابنك يا "صفوان"، ده أنا وافقت على شروطه... موافق يتجوز على بنت عمه. 

_ لأنه من حقه يا بابا، "سارة" متنفعش للجواز. 

احتدت ملامح "شاكر" بغضب وارتفع صوته بحده. 

_ إيه اللي مينفعش،أنت دكتور وعارف إنه ينفع تمامًا إن "سارة" تتجوز وتخلف كمان. 

لم يستطع "صفوان" تقبل فكرة أن يكون لابنه طفلًا بنفس نسخة ابنة أخيه.

_ تاني يا بابا، عايز تكرر الموضوع تاني... ليه عايز نسخه من "أحمد" و "سارة" ليه؟

ارتفع صوت "شاكر"، فهو حتى هذا اليوم لا يعترف أنه كان له ابن مصاب بـ توقف النمو الذهني. 

_ أخوك الله يرحمه كان طبيعي. 

هز رأسه بيأس من والده قائلًا بنبرة لا تحمل النقاش. 

_ ابني متجوز بنت عمه عشان تفضل تحت رعايته طول عمرها، يعرف يراعيها من غير حرمانية لكن أنسى إني اسمح إن ابني يخلف من "سارة" مش هستنى اشوفله طفل احتمال حتى لو واحد في المية ميكونش سليم. 

_ أنت اللي بتقول ده يا دكتور وأنت عارف كويس إن مهما حط الطب نسب كل شئ بيكون بإرادة الله. 

رمقه "صفوان" بنظرة مستهزءة، فمن يتحدث عن إرادة الله لم يقبل يومًا أن يكون له ولد ذو إعاقة ذهنية، لولا والدته رحمها الله ما كان عاش "أحمد" حياة طبيعيه.

_ لآخر مره بقولها ليك يا بابا مش هسمح ده يحصل، أنت يوم ما جوزت "أحمد"... عرفت تجبله بنت فقيرة رضيت بيه وبحالته وانا ابني وافق عشان اقتنع إن بنت عمه مينفعش تكون تحت رعايته وتنكشف عليه وهي تحل له. 

ترك "صفوان" والده بعدما ألقى عليه حديثه بحزم وقد ضاقت عينين "صفوان" بغضب ساحق. 

وما يُخطط له "شاكر" لابد أن يُنفذ مهما كلفه الأمر. هو يريد حفيد من حفيديه ومهما كان الثمن سيحصل على هذا الحفيد. 

في إحدى الليالي التي خطط لها "شاكر" وقد انتظر ذهاب ابنه وزوجته إلى مزرعتهم التي يمتلكونها بمحافظة الدقهلية. 

لقد حاول بجميع الطرق أن يحدث الحمل بين حفيديه بطريقة طبيعية لكن "صالح" قطع عليه كل السُبل الممكنة. 

كان يعلم أن اليوم سيعود حفيده باكرًا من رحلة الطيران التي قضى بها أيام في مدينة سيدني. إنه يعد لهذا اليوم منذ شهر. 

أمر إحدى الخادمات أن تجهز "سارة" في أجمل مظهر بعدما أمرها -الأيام الماضية- أن تجعلها تشاهد بعض مقاطع من الأفلام التي تظهر العلاقة بين الرجل و المرأة. 

السيدة "نعمات" هذه الليلة لم تكن بالمنزل وقد أعطاها اليوم إجازه لتذهب لرؤية أخيها و أولاده بمحافظة الشرقية. 

لا أحد يعيق مخططه هذه الليلة، الخادمة تنفذ أوامره بطاعه دون سؤال. 

_ جهزت "سارة" هانم يا باشا. 

قالتها الخادمة ثم أسرعت بخفض رأسها تنتظر الأوامر الأخرى. 

_ استني في المطبخ وزي ما قولتلك القهوة بتاعة "صالح" بيه متحطيش فيها غير تلت نقط من الدوا اللي ادتهولك. 

حركت الخادمة رأسها بطاعه، فكل الأمور واضحة بالنسبة إليها ولا تحتاج للتفسير. 

دخل "صالح" من باب المنزل يجر حقيبته خلفه ويضع قبعته أسفل إبطه كالعادة، الإرهاق باديًا على ملامحه.

دلف إلى غرفة الجلوس يلقي التحية على جده. 

_ مساء الخير. 

رفع الجد عيناه عن الجريدة التي يقرأها. 

_ حمدلله على السلامه، اخلي الخدامة تحضرلك العشا. 

بنبرة باردة تمتم "صالح". 

_ لا أنا محتاج أنام... مش عايز حد يزعجني لبكرة الصبح. 

حرك الجد رأسه بتفهم. 

سحب "صالح" حقيبته مرة أخرى ليتجه لغرفته، فهو يحتاج هذه اللحظه لفراشه لكن توقف مكانه و استدار بجسده بعدما استمع لصوت جده. 

_ "صالح" كنت عايزاك في حاجه مهمه. 

_ مينفعش نخلي كلامنا لبكرة الصبح. 

تنهد الجد ثم نظر للساعة المعلقه على الجدار. 

_ الساعه لسا مجتش تسعه، ربع ساعه مش هاخد من وقتك كتير...

زفز "صالح" أنفاسه بقوة وترك حقيبته واتجه إليه. 

بالطبع جده لن يتكلم إلا عن أعماله وفي وسط حديثه لابد أن يلومه هو و والده لأنهم اختاروا وظائف بعيدة عن أعمال العائلة.

دلفت الخادمة بفنجانين من القهوة وقد تعجب "صالح" من إعدادها فنجان قهوة له، لكن الجد بفطنته استطاع جذب انتباهه بحديث أخر. 

التقط الجد فنجان قهوته ثم ارتشف منه وتساءَل. 

_ أنت إيه رأيك يا "صالح"، اقرص ودن "صبري" ولا اشيله من منصبه خالص... أنت عارف أكتر حاجه بكرهها اللعب من ورايا. 

أطلق "صالح" زفيرًا طويلًا ثم دلك جبينه، فهذا ليس وقت لثرثرة جده بأمور العمل. 

_ اشرب القهوة يمكن تفوق وتركز معايا. 

أردف بها الجد بمزاح وقد التمعت عيناه عندما وجد "صالح" يلتقط فنجان القهوة. 

لم يكن يتخيل أن الأمر سيسير بتلك السهولة. 

شعر بالراحة عندما وجد "صالح" يرتشف من فنجان القهوة وقد ارتفع رنين هاتف الجد. 

_ المرة العشرين اللي يتصل بيها "صبري" عليا خايف من قراري بكره... "صالح" عايزك تكون معايا في اجتماع مجلس الإدارة. 

لم ينتظر الجد سماع اعتراض منه ونهض على الفور متعللًا. 

_ نسيت أخد أدويتي. 

تحرك الجد مغادرًا الغرفة، فرمقه "صالح" بنظرة طويلة ويائسة من أفعاله الديكتاتورية... هذا الرَجُل لن يغير الزمن طباعه يومًا. 

أكمل قهوته رغم حاجته للنوم ثم نهض وهو يهز رأسه باستنكار على حديث كان جده يستطيع تأجيله للصباح. 

_ بتعملي إيه هنا؟ 

ثم نطق بذهول بعدما انتبه على ما ترتديه. 

_ إيه اللي أنتِ لبساه ده. 

_ حلو مش كده. 

تساءَلت "سارة" وعلى وجهها ارتسمت ابتسامة واسعه ثم نهضت من على الفراش واقتربت منه تحت نظراته المصدومة. 

الثوب لا يخفي شئ ، جسدها كان مكتمل الأنوثه لكنه لم ينظر لها يوم إلا ابنة عم تحتاج للرعاية.

_ "صالح" أنا حلوه صح. 

أغمض عيناه ثم أشاح وجهه عنها. 

_ "سارة" روحي أوضتك. 

تعلقت بذراعه وبعناد طفله تمتمت. 

_ لا عايزه نام معاك. 

نفض ذراعه عنها وبصوت جهوري صاح. 

_ "سارة" قولت روحي على أوضتك، فين داده "نعمات". 

مع ارتفاع نبرة صوته بدأ صوت بكائها يرتفع... هذه المرة لم يأخذها بحضنه كعادته بل اِتجه للمرحاض يزفر أنفاسه بقوة. 

خرج من المرحاض وقد ظن أنها غادرت الغرفة لكنه وجدها غافية على فراشه. 

الماء البارد الذي قضى أسفله أكثر من نصف ساعة لم يطفأ تلك النيران المشتعله بجسده... شعور يرفض الإحساس به قد بدأ يحتاج جسده منذ أن اِتجه نحو المرحاض وبدأ بخلع ثيابه لينعم بحمام بارد. 

والسؤال الذي أخذ يردده لنفسه أيعقل أن "سارة" أثارته بالثوب الذي ترتديه

أيعقل أن شهوته تحركه وكأنه حيوان لا يفرق بين الفريسه التي لا بأس بإلتهامها والتمتع بها وأخرى عليه منحها السلام واحتوائها.

أسرع بجذب الغطاء ليضعه على جسدها ليستره ثم أخذ يتحرك بالغرفة...

لقد بدأ المُخَدِّر يسيطر عليه بالكامل... الماء لا يفلح ولا ممارسه الرياضه ولا المكيّف الذي جعله على أعلى درجة وما زاد الأمر سوء استيقاظها من غفوتها القصيرة ثم بكائها. 

_ كفايه بقى عياط... قولتلك روحي على أوضتك. 

استمرت بالبكاء تحت أنظاره التي ولأول مرة تلتهم جسدها بشهوة. 

أسرع بالتحرك إليها يجذب الغطاء ليغطي به جسدها لكن هذه الليلة كان كل شيء يُعانده... تشبثت به ثم ارتمت بحضنه تشكي له صراخه عليها بنبرة متعلثمة. 

_ أنت وحش "صالح"... وحش عشان زعلت "سارة ". 

دفعته بقبضتيها على صدره تصرخ عليه. 

_ "سارة" تكرهك. 

_ "سارة" ممكن تروحي أوضتك وانا هصالحك بكره... ارجوك أمشي. 

استمرت بدفعه ثم باِجتذابه من قميصه حتى فاض به الكيل... ومازاد الأمر سوء تعلقها بعنقه وسقوط حماله الثوب عن كتفيها.

نظرتها البريئة تعلقت به لكن هو لأول مره ينظر إليها بنظرة رَجُل جائع لا يميز الفريسة التي أمامه. 

والاسم الذي تندرج هذه الليله تحته هو الإغتصاب...فقد عقله وقد سيطرت عليه الرغبة تمامًا وهيئ له العقار تخيلات جعلته لا يرى من التي معه. 

باك.... 

برودة الهواء التي لفحت صدره العاري جعلته يفيق من ذكريات كلما اقتحمت عقله أشعلت فؤاده.

.... 

انتفضت "ليلى" بفزع بعدما باغتتها "شهد" بتلك الحركة اللعينة. 

استدارت "ليلى" إليها تلهث أنفاسها بفزع. 

_ حرام عليكِ يا "شهد" خضتيني. 

_ ما أنتِ اللي سرحانه يا "لولو". 

تعجبت "ليلى" من مزاج "شهد" اليوم... اقترب "شهد" من الإناء الذي تقوم "ليلى" بتقليب الطعام داخله قائلة. 

_ ريحة الأكل تجنن، مين فيكم اللي عامل الأكل النهاردة. 

_ طنط "عايدة"، أنا لما رجعت من الشغل... دخلت أكمل تسخينه. 

قالتها "ليلى" ونظرت إلى "شهد" التي التقطت الملعقة وأخذت تتذوق الطعام.

_ غريبة يعني النهاردة واقفة في المطبخ وشكلك مبسوط. 

تمتمت بها "عايدة" بعد دلوفها للمطبخ ثم نظرت إلى ابنتها. 

أسرعت "شهد" إليها تقبل خدها وقد اتجهت "ليلى" نحو البراد لتخرج بعض حبات الفاكهة وتغسلها. 

_ مش أبيه "عزيز" وصلني النهاردة لازم أكون مبسوطه. 

توقفت السيدة "عايدة" عن تقطيع الخيار، وقد تجمدت يدي "ليلى" أسفل صنبور المياة. 

ثم واصلت "شهد" كلامها دون أن تنتبه على إفشاء الأمر الذي أرادت تخبئته عن عائلتها. 

_ لا وكمان جبلي حقي من "لميس" بنت السفير. 

اتجهت أنظار "عايدة" نحو ابنتها واستدارت "ليلى" بجسدها بعدما أغلقت الصنبور ومسحت يديها بالمنشفة. 

ارتبكت "شهد" عندما وجدت أنظارهم عليها وقد أدركت ما أوقعت به حالها. 

_ مخبيه إيه يا "شهد" عني... أنا من امبارح قلبي حاسس إن فيه حاجه وسيباكي براحتك لحد ما تيجي تحكيلي...بس الظاهر بنتي كبرت وبتخبي عني. 

_ أبداً والله يا ماما. 

استطاعت السيدة "عايدة" بذكائها كأم أن تجعل ابنتها تحكي لها كل شئ من بدايته. 

بعتاب قالت "عايدة". 

_ يعني تروحي تحكي لـ "عزيز" بيه وأنا تخبي عني يا "شهد". 

_ أنا آسفة يا ماما...

هزت "عايدة" رأسها بحزن ولولا دلوف العم "سعيد" ما كان الحديث انغلق. 

رمقهن العم "سعيد" بفضول يتساءَل.

_ كنتوا بتتكلموا في إيه؟ 

نظرت "شهد" لوالدتها بنظرة متوسلة حتى لا تفضح أمرها أمام خالها الذي سيعنفها لأنها اقحمت السيد "عزيز" بمشاكلها، فيكفيه أنه يتولى مصاريف دراستها المهوله. 

_ مفيش حاجه يا "سعيد"... قولي صحيح "عزيز" بيه عجبته كيكة امبارح. 

ارتفع حاجب العم "سعيد" بدهشة وقد أسرعت "عايدة" بمواصلة كلامها لتبرر سؤالها الذي آتى دون وقته. 

_ أصل أنا نسيت أسالك امبارح. 

حرك العم "سعيد" رأسه لها ثم نظر نحو "ليلى". 

_ عجبته وبيشكرك عليها يا "ليلى" 

ارتبكت "ليلى" عندما وجدت أنظار "عايدة" و "شهد" نحوها وأسرعت نحو طبق الفاكهة قائلة بنبرة متعلثمة. 

_ اعمل الفاكهة عصير ولا اقطعها يا طنط "عايدة". 

أخرجتها "شهد" من ربكتها التي لا تعرف لها تفسير عندما هتفت. 

_ أبيه "عزيز" بيحب أم علي بس بيحبها بسكر قليل...
اعمليها يا "ليلى" أنتِ نفسك حلو في الحلويات غير ماما. 

اتسعت عينين "عايدة" بذهول من رأي ابنتها في صنيعها للحلوى. 

ولأول مره يقبل العم "سعيد" إقتراح ابنة شقيقته.

ورغم حنق "عايدة" من ابنتها إلا أنها وافقت على إقتراحها، فما يفعله "عزيز" مع ابنتها يجعل جمائله تزيد يومًا بعد يوم وتُثقل كتفيها.

باليوم التالي لبت "ليلى" الأمر وصنعت الحلوى التي تجيدها، فوالدتها كانت تُحسن صُنعها. 

اقترب العم "سعيد" من أحد الأطباق التي تتصاعد منها الأبخرة ثم تناول برفق قطعة.

حركة رأسه عبرت عن رضاه بصنيعها. 

_ إيه رأيك أنتِ اللي تقدمي طبق أم علي النهاردة لـ "عزيز" بيه. 

تعليقات



×