رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الخامس5 بقلم سهام صادق


  رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الخامس بقلم سهام صادق

 

كلمة زوجته كلما ذكرته بها في أي لقاء يجمعهما تجعله يشعر بالإختناق. 

وثيقة زواج ربطتهم يومًا معًا وترتب عليها علاقة لم تكن إلا ليلةً واحدة لكنها لم تُمحى من ذاكرتهم.

ليلة كلما تذكرها يشعر بالإشمئزاز من حاله أما هي فكان الأمر مختلفًا.

لم تُغلق الباب كما أمرها وأكملت إقترابها منه وعلى محياها اِرتسمت ابتسامة عريضة وبنبرة مغنجة تمتمت.

_ الموضوع اللي عايزاك فيه مهم، مينفعش موظفينك يسمعوا الحوار يا "عزيز". 

ضغطت على أحرف اسمه بغنج قاصدة الأمر. 

اِمتعضت ملامح "عزيز" ثم زفر أنفاسه بقوة قائلاً.

_ قولي جايه في إيه يا "سمية" لأني مش فاضي. 

داعبت شفتيّ "سمية" ابتسامة ملتوية دون أن تحيد بنظراتها عنه ثم جلست على المقعد المقابل له.

_ الكل بيتمنى مقابلتي.. وأنت أنا بنفسي بجيلك مكتبك لاء وكمان بستنى تحدد الميعاد بنفسك وفي الآخر بتكون دي معاملتك يا "عزيز". 

_ "سمية"

قطع كلامها بنطقه لاسمها بطريقة حازمة مما جعلها تزفر أنفاسها بضيق.

_ خلينا ندخل في الموضوع اللي جيالك عشانه يا "عزيز". 

أَرْجَعَ "عزيز" ظهره للوراء ونظر إليها منتظراً معرفه ما أتت لأجلة.

_ "سيف" امتى هيرجع من أمريكا، مش كفايه عليه دراسه كده... ماجستير ودكتوراه إيه اللي عايز ياخدهم. 

اِرتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيّ "عزيز" واستند بساعديه على مكتبه متسائلاً بنبرة مستخفة متصلبة.

_ هو ده الموضوع اللي جايه عشانه يا "سمية". 

زفرت "سمية" أنفاسها بضيق، فهو لا يعطيها فرصة لتوضيح كلامها. 

_ اسمعني يا "عزيز". 

أرخى "عزيز" جفنيه ثم أشار إليها بأن تواصل حديثها الذي يعلم تماماً أنه سيكون مجرد ثرثرة نساء. 

_ أنا عايزه "سيف" يرجع ويتجوز "بيسان" بنت "هارون" جوزي، مش معقول كل اللي بعمله ده وبحققه يروح لحد غير ابني، "بيسان" لو اتجوزت راجل غريب هيجي يشيل الجمل بما حمل... أنا مشاركتش "هارون" ونجحت ليه شركته عشان يضيع كل ده مني بسهوله. 

اِحتدت ملامح "عزيز" ثم نهض من فوق مقعده وتحرك بعيداً عنها. 

ظنت أنه يُفكر بالأمر لكنه كان يُحاول السيطرة على غضبه. 

_ عايزة تستخدمي ابن اخويا أداة لطمعك. 

قالها "عزيز" بحده، فاتسعت حدقتاها ذهولاً من تفسيره لكلامها بأنه طمع. 

_ طمع! عشان بدور على مصلحتي ومصلحة ابني يبقى طمع. 

_ مصلحة إيه يا "سمية" في إنك تجوزي بنت جوزك لأبنك... 

نهضت" سمية" من فوق مقعدها ثم رفعت رأسها بخيلاء واقتربت من مكان وقوفه. 

_ البنت بتحبه وعايزاه يا "عزيز"، "بيسان" عروسه مناسبه لـ "سيف" ولا أنت مستني يجي لينا من أمريكا معاه واحده في ايده ويقول اتجوزتها. 

_ دي حياته وهو حر فيها يا "سمية". 

تمتم بها "عزيز" ثم أشاح عيناه عنها وابتعد بعدما صارت قُبالته ولا يفصلهما إلا بضعة خُطوات. 

امتقعت ملامح "سمية" ،فحتى الإقتراب لا يسمح به... لا يترك لها مساحه لتكون قريبه منه. 

تعلقت عيناها به بنظرة حملت رغبة صاحبتها، رغبة لم تطفأها السنوات الماضية. 

ابتلعت لُعابها تُحاول طرد هاجسها اللعين به ثم أطلقت زفيرًا قويًا. 

_ "عزيز" فكر في الموضوع كويس، لأنه في مصلحة "سيف"... أنا عايزه ابني يمسك الشركة بدالي و"هارون" مرحب بجواز بنته من ابني...

لكن "عزيز" تجاهل حديثها وعاد للجلوس على مقعده خلف مكتبه ليستكمل مراجعه أوراق عمله. 

طالعته "سمية" بنظرة يائسة من تفكيره المتصلب ثم اِقتربت من تلك المنضدة الصغيرة المستديرة لتلتقط حقيبتها. 

تعلقت عيناها به بنظرة فاحصة ثم أغمضت عيناها وقد داعبت مخيلتها ليلة دفنها الزمن لكنها حفرت داخلها. 

غادرت "سمية" بعدما اشبعت عيناها برؤيته. 

رفع "عزيز" عيناه عن الأوراق التي أمامه -بعد مغادرتها- يزفر أنفاسه بقوة. 

إنها تتعمد وضع ذلك العطر -الذي وضعته له تلك الليلة- كلما التقوا بمفردهم وكأنها تُريد تذكيره بأنه ذاب ذات ليلة بين ذراعيها. 

وها هي الذّكرى تعود لتطرق أبواب الحاضر. 

فلاش باك. 

قبل ثلاثة عشر عامًا

_ اتجوز مين يا بابا، "سميه" مرات اخويا "سالم" الله يرحمه... مرات "سالم" يا بابا. 

ارتسم الحزن على ملامح والده الذي لم يستطع رفع عيناه إليه وهو يُخبره بهذا الأمر الثقيل على قلبه كأب فقد ابنه البكر وعكازه.

_ مرات أخوك صغيرة يا "عزيز" ومش هتفضل قاعده كده...

_ أنت واعي على اللي بتقوله يا حاج "رياض". 

صاح "عزيز" بصوت خفيض لعله يَفيق من حديث لا يراه إلا هراءً. 

_ جوازك من مرات أخوك أمر مفروغ منه يا "عزيز"، اتجوزها وأنت حر بعد كده.. عايزه تتجوز بنت من عمرك اتجوز، لكن مرات أخوك لازم تفضل على ذمتك... أنا مش هستني تاخد العيال وتمشي ولا حد يملىٰ دماغها ويتجوزها. 

انتفض "عزيز" من المقعد الجالس فوقه لا يرى أمامه من شدة الغضب وقد ارتفع صوته لأول مره بحياته أمام والده. 

_ وأنا مش موافق. 

_ أنت بترفض قراري يا "عزيز". 

نطقها السيد "رياض" بصوت يكسوه الحزن على فلذة كَبِده الذي فقده. 

_ ايوة يا بابا برفض؛ برفض لأنها مرات "سالم". 

_ "سالم" مات وولاد أخوك لازم تحاوط عليهم وتراعيهم. 

_ بالجواز من مراته، هو ده الحل... قراري قولته يا حاج "رياض". 

قالها "عزيز" ثم غادر الغرفة كالإعصار وقد أظلمت عيناه وبرزت عروقه من شدة الغضب. 

رضخ "عزيز" بالنهاية بعدما أصاب والده أزمة قلبية. 

لم تكن "سمية" إلا امرأة ماكره تستطيع التلون... أمام والده أرملة ابنه الحزينة ومعه هو تفعل المستحيل لتغويه. 

مرت أربعة أشهر على زواجهم الذي كان بالنسبة لـ "عزيز" كالحجيم رغم أن كل منهم مستمر على إتفاقه.

مجرد وثيقة زواج تربطهما ولأن "سمية" تعرف هدفها تمامًا وافقت على الأمر دون جدال. 

في أحد الليالي

كان "عزيز" عائدًا من عمله بعد يوم شاق... فقد صار يتولى جميع الأعمال. 

كان بحاجة إلى حمام دافئ ينعش جسده من حرارة الجو ويرخي به عضلات جسده المتشنجة. 

"سمية" لا تشاركه الغرفة ولكنها من حين إلى أخر تأتي إليه بحُجة مناقشة أمور خاصه بأطفالها أو تشتكي له إهمال والده لـ دوائه. 

عندما غادر المرحاض وجدها أمامه بمظهر تتعمد دائما الظهور به عندما تختلي معه بغرفة واحده. 

اِزدرد "عزيز" ريقه بتوتر عندما وقعت عيناه على ما كشفت عنه من جسدها البض ثم أشاحهما سريعًا قائلاً بصوت متهدج. 

_ ممكن تأجلي أي كلام خاص بالأولاد لبكره يا "سمية"، أنا جاي تعبان. 

_ وأنا هنا مش عشان الأولاد يا "عزيز"، أنا هنا عشان أريحك من تعبك. 

ضاقت عيناه وهو ينظر لها وقد اِرتفعت حرارة جسده ودون أن يحتاج تفسير لكلامها المبطن كانت تمدّ يديها ببطئ نحو عقدة مئزرها. 

اتسعت عيناه بذهول وهو يراها تقف أمامه عارية تمامًا وقد أصبح مئزرها أسفل قدميها.

_ أنتِ بتعملي إيه. 

خرج صوت "عزيز" بتقطع وقبل أن يَفيق من صدمته كانت تتولى مهمه الإقتراب. 

يديها عرفت طريقهما نحو جسده، خبرتها كانت تفوق خبرته كرَجُل عازب. 

شاب بالخامسة والعشرون من عمره وامرأة بالثانية والثلاثون من عمرها مكتملة الأنوثة وجميلة. 

الصدمة اِحتلت سائر جسده وعقله وهو يسمعها تتمتم بصوت مُنتشي طغي عليه شعور اللذة. 

_ كنت دايمًا بحلم بيك وأنا معاه، مكنتش فاكره إن الحلم هيكون حقيقه يا "عزيز". 

باك. 

عاد من تلك الذّكرى -التي تحرق فؤاده على خيانته لأخيه- يدفن رأسه بين كفيه ثم زفر أنفاسه بقوة.

أخرجه من أفكارة دخول "أميمة" ببعض الأوراق التي طلبها من "جابر" سكرتيره قبل قدوم "سمية".
.... 

نظرت "عايدة" نحو "عزيز" زوجها بنظرة مندهشة عندما رأت العمال يدخلون لمنزلهم ويحملون أثاث غُرفة جديدة مكونه من فراشين صغيرين وخزانه ملابس. 

ضاقت عيناها في حيرة قائلة. 

_ "عزيز" إحنا كنا عايزين سرير واحد نحطه جنب سرير "شهد". 

نظر "عزيز" إليها ثم زفر أنفاسه ببطئ. 

_ ده البيه اللي بعت الأوضة دي يا "عايده"، من غير ما أقصد قولتله موضوع السرير لما استأذنت منه عشان أروح اشتريه... 

توقف عن الكلام ثم أخرج منديلاً ليزيل عن جبينه حبات العرق. 

_ زعل مني وقالي إزاي يكون عندي معارض للأثاث وتروح تشتري وصمم بعدها إني أروح اختار الأوضة اللي عايزها بالألوان اللي تحبها "شهد". 

حركت "عايدة" رأسها له بعدما تفهمت ما حدث، فلم يَكُن كرم "عزيز الزهار" بجديد عليهم. 

أنهى العمال تَنْصِيب الغرفة كما أُمِرُوۤا۟ ثم غادروا. 

أسرعت "عايدة" بالدخول إلى المنزل تبحث عن "ليلى"، فوجدتها كما توقعت بالمطبخ. 

_ إيه اللي عملتيه ده يا بنتي. 

قالتها "عايدة" بنبرة معاتبة بعدما رأت المطبخ مرتب ويلمع من شدة نظافته ثم أردفت. 

_ كده تتعبي نفسك، مش قولتلك متعمليش حاجه في البيت. 

_ لقيت نفسي قاعده فاضية وزهقانه فقولت أرتبه. 

خرج الكلام من "ليلى" بصوت خفيض.

تلاقت عيناها بعينين "عزيز" الذي دلف المطبخ بوجه مبتهج ثم أشاحت عيناها عنه. 

اِختفت نظرة السعادة التي اِحتلت عيناه وأخفض رأسه قائلًا. 

_ تعالوا اتفرجوا على الأوضة الجديدة. 

شعرت "عايدة" بحزن زوجها ولكي تُلطف الجو الذي ساده التوتر، اتجهت نحو "ليلى" تسحبها من ذراعها وتهتف بحماس. 

_ تعالي يا "ليلي" قوليلنا رأيك في الأوضة الجديده، "عزيز" بيه الله يكرمه لما عرف إن "شهد" نفسها في سرير جديد غيرلها الأوضة كلها، المفعوصة دي ليها مكانه عنده إحنا نفسنا موصلناش ليها. 

أرادت "عايدة" إلهاء "ليلى" عن التفكير في أمر تغيير الغرفة ووضع سرير آخر بها؛ لأن ما فهمته من شخصية "ليلى" أنها لن تتقبل وجودها معهم بسهوله.

انبهرت عينيّ "ليلى" بالغرفة الجديده وسُرعان ما وقعت عيناها على الفراش الأخر تتساءَل. 

_ ليه سريرين؟؟ 

ابتسمت "عايدة" لها وردت بعدما جلست على أحدهم. 

_ عشان لما تيجي زيارة لينا يا حببتي، ولا أنتِ بعد ما تمشي هتنسينا. 

اِزدَردت "ليلى" لُعابها ثم أشاحت عيناها عنها.

ابتسمت "عايده" داخلها فهي تعلم أن "ليلى" لن ترحل عنهم لكنها تترك لها حرية الإختيار حتى لا تظن أنهم يجبروها على تقبلهم بحياتها. 

_ ها يا "لولو" قوليلنا رأيك في الأوضة. 
...

لم تكن سعادة "شهد" بالغرفة الجديدة تُوصَف ورغم علمها بالسبب الأساسي من تغيّرها بواحدة جديدة تناسب فردين إلا أنها لم تفكر إلا أنها صار لديها سَرير جديد ومكتب جديد.

أصرت "عايدة" على "ليلى" هذه الليلة أن تتناول الطعام معهم بل وجعلتها تُشاركها في طهو طعام العشاء الذي يجمع أفراد العائلة حتى العم "سعيد" كان يجلس ويتناول طعام العشاء معهم. 

_ تسلم أيديكم. 

قالها "عزيز" وهو ينظر نحو زوجته ثم إلي "ليلى" التى لم ترفع عيناها عن طبقها.

طأطأ "عزيز" رأسه في حزن أصبح محفور على ملامحه لكن احتضان "عايدة" ليده أسفل الطاولة جعله ينظر إليها بنظرة ممتنة، نظرة حملت معها الحب والتقدير. 

طالع العم "سعيد" الوضع بصمت، أما "شهد" انشغلت كعادتها في مطالعة هاتفها.

ولكي تكسر "عايدة" حاجز الصمت قالت صائحة.

_ "شهد" سيبي التليفون من أيدك بدل ما احرمك منه لمدة أسبوع. 

تأففت "شهد" حانقة ثم ألقت بالهاتف على سطح الطاولة ونظرت إلى صحنها.

_ الحمدلله، أقوم اروح أشوف البيه لو محتاج حاجة. 

تمتم بها العم "سعيد" ثم نهض وتحرك ليغادر متجهًا إلى الڤيلا.

ارتفع رنين هاتف "ليلى" التي فور أن علقت عيناها بشاشة هاتفها تهللت أساريرها ونهضت هي الأخرى معتذرة.

تعلقت عينين "عزيز" بها وقد كسا ملامح وجهه الفضول، فمن الذي ابتهجت ملامحها من أجله.

_ أكيد حد من صحابها أو جيرانها متنساش إن كان ليها حياة وعالم بعيد عننا. 

تمتمت بها "عايدة" وقد جذبت عينيّ زوجها إليها.

ابتسامة صغيرة اِرتسمت على شفتي "عزيز" الذي اِحتوى كفها بكف يده.
... 

_ يعني أنتِ مرتاحة يا "ليلي"، بيعاملوكي كويس يا بنتي. 

صمت "ليلى" جعل السيدة "صفية" بفطنتها تعلم الجواب وتفهم التخبط الذي تعيشه "ليلى". 

_ أنا عارفه يا بنتي إن الموضوع صعب، من يوم وليله كدا يظهرلك أهل. 

ترقرقت الدموع داخل مقلتيها، فهي لا أهل لها غير "حامد" و"عائشة". 

_ أنا معرفش أهل غير بابا "حامد" وماما "عائشة". 

شعرت "صفية" بنبرة صوتها التي حملت حزن صاحبتها. 

_ الله يرحمهم يا بنتي، افتكري إن دي وصيتهم.... ومادام عمك ومراته ناس كويسين عيشي وسطهم يا بنتي... عيشي وسطهم وريحي قلب "عائشة" عليكي في تربتها. 

وهل هي هنا إلا من أجل تنفيذ وصية والدتها. 

هذه الليلة كانت كسابقتها، النوم غادر جفنيها ولم تغفو إلا قُرب النافذة المطلة على الحديقة. 
.... 

صفقت "شهد" بكلتا يديها بسعادة ثم قفزت من على فراشها وهي لا تُصدق ما تُخبرها به والدتها. 

_ أخيرًا هنتعشا بره البيت. 

قالتها "شهد" ثم اندفعت لحضن والدتها تُقبلها. 

التمعت عينين "ليلى" بالحنين لوالدتها التي كانت لا تتوانى في تدليلها. 

ضحكت "عايدة" على أفعال طفلتها لكن سُرعان ما انتبهت على نظرة "ليلى" إليهم. 

أبعدت "شهد" عنها برفق قائله. 

_ العشا ده على شرف "ليلى". 

اِستدارت "شهد" جِهَة "ليلى" وبشقاوة بعثت لها قبلة ثم ارتفع صوتها بصياح. 

_ تعيش "ليلى". 

حاولت "ليلى" رفض أمر الخروج معهم، فَـ هُم عائلة واحده وهي ليست إلا ضيف متطفل آتى لحياتهم فجأة. 

وكالعادة كانت "عايدة" تتغلب على خوفها من التقرب منهم. 

وقفت عائلة "عزيز" قُرب بوابة المنزل منتظرة قدوم "عزيز" بالسيارة التي سيخرجها من المرآب بعدما سمح له سيده بالذهاب بها. 

صعدت العائلة بالسيارة وقد أدهش "ليلى" معاملة صاحب القصر لهم، فهو لا يُعاملهم كعاملين لديه بل كأفراد من عائلته. 

في اللحظة التي كانت تُغادر فيها سيارة "عزيز" السائق بعائلته كانت سيارة السيد "عزيز" تُقابلها بالخارج.

ابتسم "عزيز" لسيده وأراد التراجع للوراء حتى تدخل سيارته لكن "عزيز الزهار" بادر هو وتحرك للخلف. 

أخرجت "شهد" رأسها من نافذة السيارة تلوح له بسعادة. 

_ أبيه "عزيز". 

اِبتجهت ملامح "عزيز" رغم إرهاقه وقد صارت السيارتين متحاذيتان. 

_ دكتورة "شهد". 

هذا اللقب يُناديها به دومًا وعندما يناديها به يُذكرها بالحُلم الذي ينتظروا جمعياً أن تحققه. 

توردت ملامح "شهد" بخجل فطري وقالت بحماس. 

_ أنا بذاكر ليل نهار عشان اطلع الأولى على المدرسه زي ما وعدتك. 

لا تعلم "ليلى" لما اِجتذبت مقتطفات الحديث أذنيها ، فمن هو هذا الرَجُل الذي يحبه الجميع ويتعامل معهم بهذا الود. 

منعت "ليلى" فضولها من النظر نحو الرَجُل الذي يتحدث مع عائلة عمها بتودد، لكن اجتذاب "شهد" لذراعها وصياحها باسمها لتعرفه عليها جعل الدماء تنسحب من وجهها. 

_ أبيه "عزيز" ... دي "ليلى" بنت عمي... 

كتمت "شهد" صوت ضحكاتها وواصلت كلامها الذي زجرها والدها -بنظرة من عينيه- بسببه. 

_ "ليلى" كانت فكراك راجل عجوز يا أبيه. 

تعليقات



×