رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الرابع بقلم سهام صادق
_ إزاي تستأذن وأنت في بيتك يا راجل يا طيب.
ده بيتك يا عم "سعيد" وأي حد من طرفك مُرحب بيه.
ترقرقت الدموع في عينين العم "سعيد"، فـ سيده لا يتوانى لحظة عن إخباره أنه فرد من أفراد عائلته وليس مجرد خادم لديه.
_ الله يكرم أصلك يا بيه.
تمتم بها العم "سعيد" بعدمَا تمالك دموعه.
_ ممكن فنجان قهوة من إيدين "عايدة" لأن فنجان قهوتها الوحيد اللي بيعدلي دماغي.
_ هتشرب قهوه دلوقتي يا بيه؟.
قال العم "سعيد" عبارته المعتاد على قولها عندما يطلب منه "عزيز" فنجان قهوة بالمساء.
_ يا راجل يا طيب عندي شغل كتير على ورق مهم عايز أخلصه ومحتاج فنجان قهوة يخليني فايق.
أراد العم "سعيد" الإعتراض مرة أخرى لكن توقُف "عزيز" عن تناول طعامه ونهوضه من فوق مقعده جعله ينشغل بشئ أخر.
_ أنت لسا مكملتش أكلك يا بيه، أنت عايز "نيرة" هانم تزعل مني... دي موصياني على أكلك بالذات، عشان عرفاك بتنسى نفسك في الشغل.
اِرتفعت ضحكات "عزيز" على ما قاله العم "سعيد" ثم ربت على كتفه بيده النظيفة التي لم يعلق بها الطعام.
_ يا راجل يا طيب، أنا باكل عشان مزعلكش... أنا متغدي كويس في المصنع مع العمال.
طالعه العم "سعيد" بعتاب.
_ برضو أكل من الشارع يا بيه.
حرك "عزيز" رأسه يأسًا منه ثم قال وهو يتحرك نحو غرفة مكتبه.
_ أنا افتكرت إني خلصت من إهتمام "نيرة" الزايد لكن النهارده اتأكدت إن "نيرة" عرفت تسيبلي نسخة منها.
أراد العم "سعيد" قول شئ آخر لكنه توقف عن الكلام عندما وجد "عزيز" يلتف نحوه.
_ فنجان القهوة يا عم "سعيد" وإياك تخلي "عايدة" تحط نقطة لبن فيها.
....
تعلقت عينيّ "عايدة" بزوجها الذي أخذ يُقلب ما وضِعَ بطبقه من طعام بفتور.
الحزن كسا ملامح وجهه وقد عادت جميع الذكريات بتفاصيلها تتدفق إلى ذاكرته.
لقد ظن عندما يأتي يوم جمع الشمل بينه وبين ابنه شقيقه سيكون يوم ملئ بالسعادة ودموع الفرح لكن ما وجده لم يكن إلا مزيد من الألم.
تنهيدة طويلة وثقيلة حملت أوجاعه ثم بعدها شعر بيد "عايده" تربت على كفه بحنو.
تعلقت عينيّ "عزيز" بها وابتسم ابتسامة حزينة سُرعان ما غادرت شفتيه.
_ اطمنتي إنها أكلت.
حركت له "عايده" رأسها وعلى شفتيها اِرتسمت ابتسامتها الدافئة.
_ خليت "شهد" تاكل معها وبعد ما تخلص أكل هدخل أقعد معاهم.
"عزيز" كل حاجه مع الأيام بتتصلح... وهي بكره تسامحك، مافيش حاجه بتيجي من يوم وليله.
أرادت "عايدة" أن تُخفف عنه لكن "عزيز" كان بحاجه للإنهيار بين ذراعيها.
_ بتكرهني يا "عايدة" ،عمرها ما هتسامحني... كان نفسي اخدها في حضني.
أسرعت "عايدة" بضمه إلى حضنها الذي دائمًا يحتويه.
_ تعالا ندخل أوضتنا يا "عزيز".
لم ترغب "عايدة" أن يشهد أحد على لحظات إنهيار زوجها بهذا الشكل بل سحبته برفق نحو غرفتهما.
دلف العم "سعيد" من باب المنزل الذي يتكون من ثلاث غُرف وصالة صغيرة ومطبخ ومِرْحَاض.
بحث بعينيه عن شقيقته ثم وقعت عيناه على طاولة الطعام التي صارت خالية رغم وجود أطباق الطعام عليها.
ارتفع صوته مناديًا باسم شقيقته.
_ "عـــايـــدة".
استمر بالنداء عليها لكن "عايدة" كانت بين ذراعي "عزيز" الذي دفن رأسه في حضنها متجردًا من كل شئ معها.
خرجت "شهد" من غرفتها قائلة بصوت لائم لخالها.
_ وطي صوتك يا خالي، أهو خليت الضيفة تصحي من النوم.
امتعضت ملامح وجه العم "سعيد" من عبارة ابنة شقيقته.
_ الضيفة دي بنت عمك... اتعودي على وجودها معانا... هي مبقتش ضيفة خلاص.
نظرت إليه "شهد" بدهشة.
_ هي هتعيش معانا هنا.
عندما علمت "شهد" الجواب عبست ملامحها، فهي لم تعتاد أن يُشاركها أحد غرفتها الصغيرة.
_ روحي شوفي أمك فين وقوليلها تروح الڤيلا تعمل قهوة للبيه.
أرادت "شهد" أن تُخبر خالها أنها لا تُريد أحداً يُشاركها غرفتها.
....
بملامح متعبة دلفت "عايدة" غرفة ابنتها لتطمئن على "ليلى" التي لم تُغادر الغرفة منذ أن دخلتها.
وجدت ابنتها مُنكبة على كُتبها وتذاڪِر دروسها بعبوس تفهم سببه.
أما "ليلى" جلست شاردة على الأريكة الصغيرة الموجودة بالغرفة قُرب النافذة التي تطل على الحديقة.
ابتسامة عذبة ارتسمت على شفتيّ "عايدة" ثم اقتربت منها.
_ أنتِ لسا مغيرتيش هدومك يا بنتي، يلا قومي معايا تاخدي حمام دافي وتغيري هدومك وتنامي.
قالتها "عايدة" ثم مدّت يدها إليها لكن "ليلى" أسرعت في هز رأسها رافضه.
_ لا أنا كويسه كده، أنا أول ما يصبح الصبح همشي.
ابتهجت ملامح "شهد" مما سِمعته لكن الفزع ارتسم على ملامح "عايدة" التي تساءَلت.
_ إحنا زعلناكِ في حاجة يا بنتي، معقول بعد ما ربنا جمع شملنا تكوني عايزه تسبينا... طيب اقعدي معانا شويه... أنا عارفه إننا بالنسبالك غُرب.
التفت "شهد" برأسها تنظر نحو والدتها وفي داخلها ودت لو أخبرتها أن تتركها تذهب ڪما تشاء.
_ معلش أنا عايزه أرجع بيتي.
_ وده مش بيتك برضوه يا "ليلي".
قالتها "عايدة" بنبرة صادقة شعرت بها "ليلى".
_ اقعدي معانا كام يوم يا بنتي... ارتاحي فيهم وغيري جو وأنا بنفسي لما تزهقي مننا هاخدك أوصلك لحد بيتك واهو ابقي لأول مرة هروح الاسماعيليه.
بساطة السيدة "عايدة" بالحديث جعلت "ليلى" تبتسم.
_ ها هتكسري خاطري.
لم تستطع "ليلى" كسر خاطرها، فالمرأة تترجاها لتظل معهم بِضعة أيام.
عندما هزت "ليلى" رأسها بالموافقة للجلوس معهم بضعة أيام، أسرعت السيدة "عايدة" بإحتضانها بقوة.
امتعضت ملامح "شهد" ولم يُخفى هذا الأمر عن عيني "ليلى" التي عاد إليها شعور أنها مجرد ضيف ثَقيل.
ساعدتها السيدة "عايدة" على إخراج ملابسها التي ستنام بها ثم اتجهت بها نحو المِرْحَاض الذي جهزته لها.
بعدما سمعت "عايدة" صوت تدفق الماء، أسرعت نحو غرفة ابنتها والتقطت ذراعها.
_ آاه ! ايدي يا ماما وجعتيني.
تأوهت "شهد" ثم دلكت ذراعها ونظرت إلى والدتها التي رمقتها بنظرة ممتعضة.
_ عارفه يا "شهد" لو بنت عمك جات بعد كام يوم تقولي عايزه تمشي وترجع بيتها... هعاقبك عقاب مش هتتخيليه.
_ هي أصلاً مش عايزه تعيش معانا، ليه تغصبوها على ده.
التمع الغضب في عينيّ "عايدة" من كلام ابنتها.
_ بنت عمك ملهاش حد غيرنا دلوقتي.
أبوكي روحه متعلقه بيها وقلبه واجعه عليها... عايزه أبوكي يزعل وتجراله حاجه لو فارقته من تاني ومشيت.
طأطأت "شهد" رأسها أرضًا عندما تذكرت أحاديث والدها -لها من قبل- عن ابنة شقيقه التي يتمنى قبل أن يموت أن يلتقي بها.
_ "شهد" حببتي، "ليلى" أختك.
رفعت "شهد" عيناها إليها ثم قالت بتذمر طفولي.
_ بس أنا اتعودت على أوضتي أكون فيها لوحدي.
فتحت لها "عايدة" ذراعيها لتضمها لحضنها.
_ لو كان ليكي أخت كانت شاركتك كل حاجه مش أوضتك بس.
عندما دفنت "شهد" رأسها في حضنها ، علمت "عايدة" ابنتها أقتنعت بكلامها.
_ بنتِ الحلوه هتعامل بنت عمها بحب وكأنها أختها.
_ حاضر يا ماما.
وهذا ما كانت تنتظر "عايدة" سماعه من ابنتها في نهاية حديثهم.
...
انفرجت شفتي "شهد" في ذهول عندما كشفت "ليلى" أخيراً عن لون شعرها الأَصْهَب وطوله.
_أنتِ شعرك لونه أحمر.
قالتها "شهد" بإنبهار ثم تساءَلت بفضول طفله.
_ ولا دي صبغة شعر.
ضحكت السيدة "عايدة" على تصرف ابنتها الطفولي واقتربت من "ليلى" تمنحها مجفف الشعر لتجفف شعرها.
_ قولي ما شاء الله وبطلي رغي وروحي كملي مذاكرتك.
مطت "شهد" شفتيها في تذمر ثم ضربت بقدميها واتجهت نحو مكتبها الصغير -وردي اللون- والتقطت أحد الكُتب من عليه وغادرت.
_ طفله متعبه.
نطقتها السيدة "عايدة" مع ابتسامة داعبت شفتيها.
إلتاع قلب "ليلى" من مرارة الشوق والحزن على من فقدتهم وصاروا تحت التراب.
_ كنت زيها كده مع ماما.
شعرت "عايدة" بالحزن من أجلها وسُرعان ما كانت تمسك يدها تربت عليها بحنو.
_ ربنا يرحمها يا بنتي.
ظلت "عايدة" جالسة معها إلى أن اشفقت عليها "ليلى" واخبرتها أنها ستغفو.
_ ما دام هتنامي خلاص يبقى أسيبك بقى، تصبحي على خير.
قالتها السيدة "عايدة" ثم غادرت واتجهت نحو الصاله حيث جلست ابنتها تُذاكر دروسها.
_ نامي أنتِ على الأرض النهارده وسيبي لبنت عمك السرير.
لم تدعها السيدة "عايدة" لتتحدث وتقذف من لسانها حديث لا داعي له.
_ استحملي الليله دي يا "شهد" وبكره أنا وبابا هننزل نشتري سرير جديد.
_ لكن الأوضه صغيره هتسيع سرير تاني إزاي؟!
_ "شــهــد".
صاحت "عايدة" بلطف على ابنتها التي أشاحت وجهها بعيداً عنها وابتلعت بَقية حديثها.
...
غَفت "شهد" قريرة العين، تتمتع بدفئ فراشها الذي لم يُسلب منها الليلة ورغم إصرارها على "ليلى" تنفيذاً لأوامر والدتها إلا أن "ليلى" رفضت النوم عليه وأخبرتها أنها تُحب إفتراش الأرض والنوم عليها.
قضت "ليلى" ليلتها ساهدة أمام النافذة تنظر للسماء الملبدة بالغيوم وعلى ما يبدو أنها ستمطر بالصباح أو رُبما سترحل الغيوم لمكان أخر لتمطر به.
أغلق "عزيز" الأوراق التي قام بمراجعتها ثم نهض من فوق مقعده يُدلك عنقه المتشنج.
انتبهت "ليلى" على الخيال التي يتحرك بتلك الغرفة المواجهة لها ثم انتفضت فزعه تنظر نحو "شهد" النائمة لكن سُرعان ما تذكرت أن بهذا المنزل الضخم يسكن صاحبه.
انطفأ نور الحجرة وقد غادرها "عزيز" متجهاً نحو غُرفة نومه.
عتمة الظلام بالأعلى أضيئت؛ ولأن "عزيز" يسكن بالجناح الذي يقابل منزل عائلة العم "سعيد" خاصةً غرفة "شهد" لفتت إضاءة الأنوار انتباه "ليلى".
أنغلق نور الطابق كما أنسدل سِتار الشرفة أمام نظرات "ليلى" التي كانت عيناها عالقة نحو الطابق العُلوي لهذا المنزل بفضول.
اِتجه "عزيز" نحو فراشه يفرد جسده عليه وسُرعان ما كان يغفو من شدة إرهاقه.
...
استيقظت "ليلى" التي غفت على المقعد أمام النافذة على مداعبة أشعة الشمس لها وعلى ما يبدو أن الغيوم غادرت بالصباح لتسطع بعدها أشعة الشمس معلنة دفئ طقس اليوم.
أزاحت المقعد الذي ألصقته بجدار النافذة برفق ثم أزاحت السِتار ليحجب أشعة الشمس فالوقت مازال باكراً.
...
بخفة تحركت "ليلى" نحو المرحاض لتغسل وجهها وتتوضأ.
عندما تلاقت عيناها بعينين العم "سعيد" أخفضت رأسها بحرج.
تبسم العم "سعيد" وقال بلطف ليزيح عنها الحرج :
_ صباح الخير يا بنتي، صاحيه بدري ليه ولا معرفتيش تنامي كويس.
حركت له "ليلى" رأسها وتمتمت بخجل رغم أنها لم تغفو إلا ساعات قليلة.
_ لا نمت كويس.
_ حيث كده مادام بتصحي بدري زي حالاتي إيه رأيك نفطر سوا.
ارتبكت "ليلى" ومن ملامح وجهها المتوتره فَهم العم "سعيد" الأمر ثم أردف.
_ شوفي أنت كنتِ هتعملي إيه الأول وهتلاقيني مستنيكي في المطبخ.
تمهل العم "سعيد" في إعداد طعام الإفطار وعندما اِستدار بجسده ليضع إبريق الشاي على الطاولة وجدها تقف على أعتاب المطبخ وتخفض عيناها بحرج.
_ واقفه ليه يا بنتي، تعالي ساعديني.
وهل يطلب منها أحداً مساعده ولا تلبي طلبه؟
أسرعت إليه لتحمل عنه إبريق الشاي وتتولي مهمه صب الشاي في الأكواب.
_ بتحبي الشاي بحليب ولا زي حالاتي.
ومن نظراتها إليه عرف الرد.
_ يبقى زي حالاتي.
استطاع العم "سعيد" بفطنته وطيبته خلق حديث بينهم وإلتقاط بعض الأمور عن العائلة التي قامت بتبنيها.
الوقت قد مر وقد دقت السابعة صباحًا مُعلنه وقت مغادرته وإتجاهه لعمله داخل منزل سيده.
_ اعذريني يا بنتي لازم أروح شغلي في الڤيلا، أنا المسئول عن كل حاجه تخص البيه.
استيقظت "عايدة" التي فور أن تقابلت مع شقيقها نظر إليها بنظرة فهمتها.
عندما تلاقت عيني "عايدة" بعينين "ليلى" التي نهضت لتحمل الأطباق المتسخة وتقوم بجليها ، أسرعت إليها "عايدة" لتحملهم عنها.
_ هاتي يا حببتي عنك... أنا هغسلهم.
_ لا أنا هغسلهم، خليني اساعدك.
رفضت "عايدة" لكن مع إصرار "ليلى" رضخت "عايدة" للأمر.
نظرة حزينة ألقاها "عزيز" نحو ابنة أخيه التي تهربت
من النظر إليه رغم تكيّفها مع زوجته.
نظرت "ليلى" إلى زوجة عمها بعدما مدّت لها يدها بالجهاز اللوحي الخاص بـ "شهد".
_ خدي يا حببتي اتسلي بيه لحد ما "شهد" ترجع من المدرسه وتقعد معاكي.
أخذته "ليلى" منها حتى لا تحرجها ، فهي تفعل كل ما بوسعها لتجعلها لا تشعر بالغربة بينهم.
....
الهم الذي ارتسم على ملامح "عزيز" السائق جعل "عزيز الزهار" لا يفتح أي حديث بهذا الأمر رغم عتابه عليه أنه لم يُخبره من قبل.
بصمت تام قاد "عزيز" السيّارة، لا يعرف كيف يعتذر من الرَجُل الذي يأويه بمنزله.
_ سامحني يا بيه، كان المفروض...
لم ينتظره "عزيز" أن يُكمل كلامه، فيكفيه رؤية الحزن البائن على وجهه.
_ كل واحد وله عذره وظروفه يا "عزيز"، أتمنى تقدر تعوضها السنين اللي اتحرمت فيها من حضنك.
دمعات سخية اِنسابت على خده أسرع بِِإِزَالَتها
ولكن "عزيز" قد لاحظها وشعر بالشفقة نحو سائقه.
_ البنت مش متقبلاني يا بيه، عايزه ترجع تاني المكان اللي كانت عايشه فيه.
_ لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.
تمتم بها "عزيز" ثم زفر أنفاسه بتنهيدة طويله.
_ الأيام بتحل كل حاجه يا "عزيز" وبتحنن القلوب ساعات.
....
رفعت "أميمة" رأسها عن التقرير المنكبة على كتابته كما أمرها السيد "جابر" بعدما سمعت صوت ترحيبه بإحداهن.
_ أهلاً، أهلاً "سميه" هانم.
ابتسمت "سمية" بتلك الإبتسامة التي تجيد رسمها كلما كانت بأي مكان تتنفس به رائحة "عزيز".
تعلقت عينين "سمية" بنظرات "أميمة" الفضولية نحوها، أشارت "سمية" بإصبعها نحوها وبنظرة متكبره قالت:
_ "عزيز" أخيراً وافق يشغل عنده واحده ست، بس تصدق يا "جابر" الاختيار مش بطال.
كلام "سمية" كان به إهانة مبطنة شعرت بها "أميمة" التي عادت تخفض عيناها نحو التقرير الذي تكتبه وفي داخلها حاوطتها الكثير من الأسئلة حول هوية هذه المرأة التي تلقت كل هذا الترحيب من "جابر" ونطقت اسم السيد "عزيز" دون ألقاب.
_ "عزيز" بيه مستني حضرتك.
تباطأت "سمية" بمشيتها ثم اِستدارت مرة أخرى لترمق "أميمة" التي انشغلت بما هو أمامها رغم ضيقها من نظرة تلك المرأة إليها.
لم تستطع "أميمة" كتم فضولها لأول بحياتها فتساءَلت.
_ هي مين دي يا أستاذ "جابر"؟
نظر "جابر" نحو الباب الذي أغلفته "سمية" خلفها، رغم تحذيرات "عزيز" الدائمه لها من عدم غلق الباب ثم نظر نحو "أميمة" التي تشبعت نظراتها بالفضول.
_ دي "سمية" هانم أرملة "سالم" بيه وأم البشمهندس "سيف" و"نيرة" هانم.
حركت "أميمة" رأسها بعدما علمت بهوية تلك المرأة التي ظنتها بسنوات عمرها الثلاثون.
...
عندما امتلئت رئتيّ "عزيز" بتلك الرائحة التي علم بها هوية صاحبتها، رفع عينيه ثم أخفضهما.
اقتربت "سمية" من مكتبه لكنه أوقفها بنبرة أمره.
_ افتحي الباب اللي قفلتيه يا "سمية" هانم.
امتقعت ملامح "سمية" من طلبه ولكي تُداري حرجها كالعادة قالت بنبرة ساخرة.
_ هو أنت خايف مني ولا إيه يا "عزيز"، ده أنا حتى كنت في يوم مراتك.