رواية لهيب الروح الفصل الخامس والعشرون 25 والاخير بقلم هدير دودو



رواية لهيب الروح الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم هدير دودو 



 #الفصل_الأخير 
#لهيب_الروح 
#هدير_دودو 
" عادت الروح إليهم من جديد بعد لهيب قوي أصابهم معلنة انتهاء حالة الحزن على الجميع"

كانت جليلة تقف في المستشفى تبكي بحزن شاعرة بنصل حاد غُرز في قلبها، على الرغم مما علمته عنه وما فعله بها إلّا أنه يظل زوجها وحبيبها وأب ابنائها، هو مَن جعلها تتعلم الحب كيف يكون؟! عاشت جميع مراحل حياتها على يده، لن تستطع أن تكرهه بعد كل ما فعله معها، هي الآن تتذكر حنانه عليها وحبه الكبير لها التي عاشت به دومًا تمرر له العديد. 

لم تستطع أن تظل ثابتة هي تشعر بلهيب قوي في روحها، قلبها يؤلمها لأجله تريد الذهاب إليه للتأكد من سلامته، تريده يكون بخير، انهارت باكية بضعف وجسد مرتعش داعية ربها أن يحفظه لها كادت أن تسقط أرضًا بانهيار تام إلا أنها وجدت من يقف بجانبها ويسندها بقوة لم يكن سوى جواد الذي يسندها دومًا دون أن تطلب منه. 

احتضنها بحنان قوى محاولًا أن يجعلها تهدأ قليلًا مغمغمًا بهدوء وتعقل 

:- متقلقيش يا أمي هو بقى كويس والله دة قرب يفوق خلاص الدكاترة طمنوني، أهدى يا حبيبتي عشان متتعبيش. 

حاولت أن تلتقط أنفاسها بصعداء من بين دموعها وتحدثت بضعف وهي تحتضنه بقوة 

:- عاوزة أشوفه يا جواد عشان خاطري مش هعرف أهدا من غير ما أشوفه.

كان يعلم صحة حديثها خاصة بعدما رأى حزنها الشديد عليه فأومأ لها برأسه أمامًا مبتسمًا بهدوء وأجابها بثقة 

:- حاضر يا حبيبتي هدخلك ليه هو خلاص والله قرب يفوق الدكتور طمني بس بردو هدخلك عشان تطمني بنفسك.. 

بالفعل نفذ لها ما تريده ودخلت الغرفة المتواجد بها، بكت بضراوة عندما رأت حالته الضعيفة، هي بعمرها لم تتخيل أن تراه بتلك الهيئة، اقتربت منه بحزن جالسة بجانبه ممسكة بيده بقوة وأردفت بنبرة ضعيفة بحزن متلعثمة دمر قلبها الممتلئ بحبه 

:- فـ... فاروق اوعى تسيبني لحظة واحدة دة أنا بتقوى بيك، أنت عندي بالدنيا كلها حتى بعد كل اللي حصل أنت زي ما أنت عندي عشرة السنين مش بتروح كده. 

واصلت بكاءها بضعف تام متمنية من ربها أن يحفظه لها تريد أن تراه دومًا أمامها بصحة جيدة تتذكر تمسكه الكبير بها عنوة عن جميع الصعاب التي مرّ بها، ووقوفه معها دومًا وخوفه ولهفته عليها إذا حدث لها شئ سئ، اشتياقه الكبير لها إذا ابتعدت عنه ليوم واحد.. 
هي عاشت معها عمر كامل لم يمحيه الدهر وأخطاؤه الكبيرة في حقها والتي لم تغتفر.. 

في المنزل الخاص بعائلة الهواري... 

أغلقت رنيم مع جواد بعدما كانت تحاول أن تقويه وتدعمه ولو ببعض كلمات بسيطة تؤثر به، تريد أن تثبت له أنها بجانبه وستظل معه في جميع أوقاته الحزينة قبل الفرحة متناسية تمامًا ما فعله فاروق بها هي الآن تتذكر شئ واحد فقط وهو أنه والد زوجها ويجب أن تدعي له بالشفاء لأجل زوجها وسعادته.. 
هي تحب جواد بصدق لذا تحب سعادته وتريد أن تحققها له، فهي عانت من لهيب الهوى وقسوته الشديدة لذا تعلم جيدًا كيف يكون للحب الحقيقي وماذا يجب أن تفعل واضعة سعادة جواد في مقدمة أفكارها قبل تفكيرها بذاتها وحياتها التي عانت بها كثيرًا بسبب فاروق الذي تسبب في إبتعادها عن حبها والقاها في الجحيم دون رحمة.. 

حاولت أن تتوقف عن تفكيرها وعادت مرة أخرى بجانب سما الباكية بضعف وحزن طالعتها متسائلة بلهفة وقلق 

:- ايه يا... ر.... رنيم جواد قالك ايه طمنيني بابا بقى عامل ايه دلوقتي. 

احتضنتها بحنان كما كانت وحاولت تهدئتها وطمأنتها بهدوء تام

:- متقلقيش يا حبيبتي هو بقى كويس والله جواد طمني عليه وكمان طنط جليلة جوة معاه اهدى بس ومتعيطيش. 

ابتسمت من بين دموعها وتمتمت بضعف من بين شهقاتها وموعها

:- شكرا يا رنيم بجد مش عارفة اقولك ايه. 

ربتت رنيم فوق ظهرها بحنان وطبعت قبلة رقيقة فوق جبهتها متمتمة بهدوء ومشاعر صادقة

:- متقوليش كدة احنا أخوات يا سما اهدي بس ومتعيطيش والله هو بقى كويس. 

ابتسمت سما بحزن لكن قبل أن تتحدث وجدت رنين هاتفها يصدح في الغرفة تفاجأت عندما رأت اسم خالد ينير شاشة هاتفها ابتلعت ريقها بصدمة شاعرة باشتياق شديد إليه، تطلعت نحو رنيم بخجل فابتسمت رنيم بعدما فهمت ما تريده وربتت فوق كتفها بحنان ثم خرجت من الغرفة تاركة إياه بمفردها لتستطع التحدث معه تريد... 

أجابت عليه مسرعة شاعرة بضربات قلبها تتسارع بقوة ولهفة كبيرة إليه استمعت إلى صوته العاشق الذي طرب أذنيها وهو يطمئن عليها بقلق 

:- الو يا سما أنتي كويسة يا حبيبتي؟ أنا عرفت باللي حصل وقولت اتطمن عليكي. 

اجهشت في بكاء مرير ولم تستطع منع ذاتها من الانفجار بعدما استمعت إلى صوته وشعرت بالأمان حولها من وجوده، شعر بالقلق يزداد بعد استماعه لبكاءها الشديد فغمغم بقلق ولهفة شديدة عليها 

:- سما اهدى يا حبيبتي اهدي عشان خاطري والله هيبقى كويس متزعليش اجيلك طيب تحت البيت. 

أسرعت نافية حديثه خوفًا من أن يصيبه شئ سئ بسببها وحاولت أن تهدأ حتى لا تقلقه عليها مجيبة بتوتر وحزن كبير شاعرة باحتياجها الشديد إليه في ذلك الوقت لكنه لم يتأخر عليها بالرغم من ابتعادهما 

:- ا... أنا كويسة يا خالد متقلقش عليا أنا بس خايفة على بابا بيقولوا الحادثة جامدة فخايفة عليه. 

ظل يحاول أن يهدئها ويخبرها أنه سيظل معها دون أن تطلب حاول يخبرها أن والدها سيكون بخير حتى لا تقلق هكذا، حاولت أن تقنع ذاتها بحديثه شاعرة بسعادة لوجوده بجانبها دون أن تطلب ذلك هو يشعر بحزنها دون حديث، كان يتمنى أن يكون بجانبها ومعها في ذلك الوقت...

                           ❈-❈-❈

في الصباح...

استعاد فاروق وعيه وكان في حالة جيدة أفضل من ليلة أمس كانت جليلة تهتم بكل شئ لكن دون حديث تفعل ما يحتاجه بصمت تام دون أن تتحدث معه هي فقط اطمأنت على سلامة صحته..

مسك يدها بقوة معترض ذهابها حتى لا تسير من أمامه بعدما أعطته الدواء وغمغم بنبرة مجهدة ضعيفة لم تعتاد على استماعها منه من قبل 

:- جـ... جليلة أنا بحبك والله حتى يمكن مش بقولها كتير بس عشان انتي عارفة أنا بحبك قد ايه، عاوزك تسامحيني يا جليلة أنا غلطت في حقك بس والله ما أعرف أنا عملت كدة ازاي. 

حاولت أن تبتعد عنه متحاشية النظر أمام عينيه المتعلقة بها وأجابته بتوتر 

:- بلاش نتكلم دلوقتي يا فاروق أنت تعبان نتكلم بعدين.

غمغم بأصرار شديد بعدما أشار لها بالجلوس بجانبه ليستطيع التحدث معها بهدوء وصدق

:- أنا كويس عاوز نتكلم.... عاوزك تسامحيني يا جليلة أنتي عارفة انتي ايه عندي اللي حصل دة كله غلطة صدقيني وندمت عليها وعمري ما هكررها. 

لا تعلم لما قابلت حديثه بضحكة ساخرة مصطحبة بوجت قلب مقهور انهكه الهوى والخداع شاعرة أن حياتها معه بأكمله ليس سوى كدبة يخدعها به، تمتمت بتهكم ساخرًا ولم تستطع أن تظل صامتة بعدما اصرّ هو على التحدث 

:- ويا ترى عاوزني أسامحك على انهي مرة فيهم؟ المرة بتاعت عصام ولا بتاعت أروى ما كلهم عيالك.! 

تابعت حديثها بجنون ولم تستطع التحكم في ذاتها شاعرة أن هناك أمر مبهم لا تعلم ما هو وكيف ستعلمه؟! 

:- بس ازاي.... ازاي كنت عاوز تجوزها لابنك أنت ايه بجد ازاي كدة أنا عايشة مع مين؟ 

استمع إلى حديثها بصدمة وعدم فهم معقدًا حاجبيه بدهشة وغمغم بعدم تصديق وجدية تامة 

:- أروى مين اللي بنتي انتي بتقولي ايه، انا قولتلك مغلطتش غير مرة واحدة وغلاوتك عندي وأنا حتى مش فاكر حصلت ازاي بس أروى بنت أخويا عادي انتي حتى بتقولي كنت هجوزها لجواد فلو بنتي هعمل كدة ليه، انتي جايبة الكلام دة منين؟! 

حاول أن يقنعها بصحة حديثه ليجعلها تصدقه وتثق به لكنها حركت رأسها نافية بصدمة وغمغمت بحدة مشددة متخلية عن هدوءها أمامه 

:- أنت لسة بتضحك عليا، عاوز توصل لأيه بكلامك دة انا عرفت الحقيقة خلاص. 

طالعها بعدم فهم متسائلًا بملامح يرتسم عليها الجدية وعينيه مثبتة عليها 

:- وإيه هي الحقيقة دي قوليها؟

اجابته بقوة زائفة شاعرة بقلبها سيتوقف بداخلها وهي تخبره عما علمته من ابنها ذهنها مشتت بضراوة ولا تعلم كيف سينتهي بها الأمر

:- الحقيقة هقولهالك يا فاروق... عرفت أن حسن أخوك مبيخلفش معنى كدة أن الأتنين عيالك.

شعر هو بالصدمة ألجمت لسانه مانعة إياه من التحدث وعقله تشتت هو الآخر كيف حدث ذلك هو حقًا لم يفعلها سوى مرة واحدة إذًا أروى كيف جاءت؟! حاول السيطرة على ذاته قليلًا وسألها بضيق حاد وجدية 

:- مين اللي قالك الكلام دة يا جليلة انتي متأكدة منه؟ 

شعرت بالتوتر عندما رأت حالته شاعرة بصدقه تلك المرة لكنها حاولت السيطرة على ذاتها ومنع قلبها من تصديقه واجابته بنبرة يملأها الوجع والحزن 

:- جواد هو اللي عرف لقى ورق يثبت الكلام دة واتأكد منه كمان بس ميعرفش أنك ابوهم أنا مقولتش حاجة..

طالعته بنظرات حزينة معاتبة على وجعها المتسبب به الآن، لماذا فعل بها ذلك؟! وكيف خانها كيف لم يشعر بقلبها المحب له بصدق؟!.. 

كان فاروق يشعر بالغضب لا يعلم كيف فعلت ذلك تلك الماكرة؟ كيف خدعت شقيقه طوال حياته، تطلع نحو جليلة الحزينة التي تبكي بصمت وغمغم بصدق 

:- جليلة أنا والله ما غلطت معاها غير واحدة والله ما بكدب انا بقولك الحقيقة انا مش فاكر حصلت ازاي المرة دي بس والله ما اتكررت تاني. 

طالعته بصمت وهي لا تعلم كيف تصدقه وهل هو الآن يخبرها بالحقيقة أم يكذب عليها مرة أخرى؟! لكنها حاولت التفكير قليلًا كيف ستكون أروى ابنته وهو كان مصمم على زواجها من جواد بالطبع هناك أمر خاطئ لم تفهمه.. 

حاولت أن تسيطر على ذاتها ومشاعره لأجله لم تريد أن يحدث له شئ بسببها لذلك فضلت الصمت لكنه كان يفكر بعمق يود أن يعلم الحقيقة لكنه كيف سيصل إليها وهو في تلك الحالة الصحية السيئة..! 

❈-❈-❈

كانت مديحة مبتسمة بشر شاعرة بالإنتصار، ستجعله يفكر قبل أن يتحدث معها مرة أخرى، هو يفضل جليلة عليها، إذًا ستجعله يعرف جيدًا مَن هي؟! وما نتيجة اللعب معها!.. 
هي ليست ذات شخصية ضعيفة سهلة لتتهاون معه عندما يريد أن يدمر ما تخطط إليه، هي قادرة على فعل أي شئ لأجل تحقيق ما فنت حياتها لأجله، لن تخرج من تلك العائلة هي وابنتها دون فائدة، ستتحول وتجعلهم يرون حقيقتها وأنيابها الحادة وماذا ستفعل بالجميع؟!

أثناء تفكيرها قد آتى إلى ذهنها ما فعلته مع ابنها الذي كان سيتسبب في هدم جميع مخططاتها التي تريد الوصول إليها. 

عادت بذاكرتها إلى ذلك اليوم التي أخبرته أنه ابن فاروق الهواري الذي نتج عن غلطة تسببتها معه، وقرر الرحيل من المنزل غاضبًا منها.. 

لكنه عاد بعد يومين فقط ومعه سبب موته 

وقف عصام غاضبًا مغمغمًا بعصبية شديدة يصيح بها بحدة بعدما كشف حقيقتها المخفاه 

:- بقى انتي بتضحكي عليا وتشتغليني فكراني هسكت بكلمتين. 

صاحت أمامه بغضب حاد ممسكة بأطراف قميصه 

:- ما تفوق لنفسك واتعدل وأنت بتكلمني ضحكت عليك امتى أنت شارب حاجة وجاي تطلع قرفك عليا فاكرني الوسـ*ـة بتاعتك ما تتعدل معايا. 

لم يصمت مثلما يفعل كل مرة لكن تلك المرة تختلف بعدما علم الحقيقة التي تخفيها طوال حياتها فوقف قبالتها متبجحًا بغضب 

:- لا أنا فايق دلوقتي بالذات مش شارب وفايق قولتيلي أن ابويا فاروق وطلعتي كدابة انا اتأكدت انه مش ابويا شكيت يمكن بتكدبي وأنا ابن حسن الهواري ابويا فعلا عارفة لقيت ايه؟! 

شحب وجهها بصدمة ووقفت أمامه صامتة دون حديث شاعرة أن أسرارها المخفاه ستظهر بسببه لم تعقب على حديثه بل وقفت صامتة لأول مرة أمامه لم ترد مثلما تفعل دومًا وجدته يتابع حديثه بقسوة غاضبًا 

:- عرفت ان مش ابن فاروق لقيت دول الورق دة بيثبت أن حسن الهواري مش بيخلف يعني أنا وأروى مين ابونا ردي. 

مسكها بقوة وظل يهزها بعنف وغضبه يعميه مكررًا سؤاله عليها بحدة ولهجة مشددة 

:- مين ابويا قولي وازاي قدرتي تعملي كل ده انطقي. 

دفعته بقوة جعلته يرتد إلى الخلف اثر دفعتها وصاحت به بحدة بعدما فشلت السيطرة على ذاتها 

:- اخرس خالص اللي بتقوله دة يتنسي ولا كأنك عرفت حاجة مش على آخر الزمن هتقف أنت قدام اللي ببنيه وعاوز تهده، ابوك فاروق قولتلك أنت ابن فاروق وهو عارف كدة. 

لم يهتم بحديثها الكاذب المتأكد من عدم صحته، فوقف يكرر حديثه عليها بحدة حازمة

:- ردي عليا مين ابويا قوليلي أنا ابن مين من غير كدب. 

لم ترد عليه بل تلقى صفعة قوية فوق وجنته وصاحت بعصبية والغضب يعميها تمامًا 

:- اطلع برة والكلام اللي بتقوله دة تنساه فاهم لو طلع برة هكون مموتاك بأيدي مش على آخر الزمن واحد زيك هيقفلي في اللي ببنيه بقالي سنين من أول ما دخلت العيلة دي اطلع برة.. 

دفعته بقوة شاعرة بالدماء تغلي بداخلها لا تعلم من أين وصل الي تلك المعلومات التي ستدمر حياتها لن تدعه يفعل ذلك هي على استعداد على فعل أي شئ في مقابل تنفيذ مخططها حتى لو ذلك الشئ هو التضحية بابنها لن يهمها سوى مطامعها لكنها تحاول التفكير قليلًا لتصل إلى حل يرضيها ويجعله ينسى ما علمه عنها.. 

بعد تفكير طويل توصلت إلى حل مرضي لها، وقامت بالإنفاق مع هؤلاء الأشخاص مغممة بحدة وجدية مشددة 

:- دة عنوانه زي ما اتفقنا عاوزاه يتربى بس بعلقة حلوة تنسيه اسمه عشان يتعدل معايا.. 

بعد ذهابهم وتغيير خطتهم وقتله بالخطأ دون عمد منهم بسبب عناده لهم وأخبروها بفعلتهم شعرت بالغضب منهم لاعنة إياهم وتحاول التفكير في طريقة للتخلص مما فعلته فوصلت لحل واحد يرضيها ويخلصها من فعلتها غمغمت بقسوة والشر ملتمع في عينيها تتعامل كأنها لم تفعل شئ

:- عاوزة رنيم هي اللي تبان القاتلة اهو اخلص من البت دي بعد عملتكم السودة دي. 

تم تنفيذ الأمر كما كانت تريد وإدّعت هي الحزن بمهارة بعدما خططت ونفذت لتلك الجريمة حتى تتخلص من أي شئ ممكن أن يهددها فواحدة مثلها فعلت كل ذلك لن تتنازل عما تريده سوى بموتها حتى ولو اقتربت نهايتها في تلك الحياة التي كانت كاللعبة بالنسبة لها، تتلاعب بها كما تريد لكن دون قواعد تفعل ما تريده بلا حدود ولديها هدف واحد هو تحقيق ما تسعى إليه وحصولها على نفود أكبر.. 

عادت من ذاكرتها وملامحها يملأها الشر شاعرة بالانتصار متمنية رؤية جليلة في هذا الوقت شامتة بها خاصة انها تعلم بحبها الكبير لفاروق، ضحكت بانتصار لما فعلته بها بعدما كانت تريد طردها من المنزل..

                             ❈-❈-❈

بعد مرور اسبوع... 

استرد فاروق صحته وعاد إلى المنزل كانت عينيه معلقة فوق مديحة التي اقتربت منه مبتسمة بهدوء ومكر تخفي خلف ابتسامتها حقيقتها القوية 

:- الحمدلله انك قومت منها على طول كانت حادثة خفيفة. 

وقف بشموخ مستندًا على ابنه وأجابها بنبرة مغزية قاسية وعينيه مثبتة فوقها مشتعلة بنظرات غاضبة حادة 

:- قومت عشان احاسب الكل... كل واحد غلط هياخد حسابه مفيش سكوت تاني. 

ابتسمت ببرود ولم تهتم بحديثه مدعية عدم فهم ما يريده، اقتربت سما منه محتضنة إياه بسعادة من بين دموعها لعودة والدها مرة أخرى

:- الحمدلله ياحبيبي أنك رجعت بألف سلامة كنت قلقانة عليك. 

طبع قبلة رقيقة فوق وجنتها بسعادة شاعرًا بحبها الكبير له واحتياجها لوجوده، غمغم جواد بتعقل هادئ عندما لاحظ ملامح وجهه المجهدة بتعب

:- تعالى ارتاح في أوضتك الأول. 

اقترب يسنده بهدوء حتى وصل به إلى غرفته غمغم فاروق بغضب مستغلًا وجوده معه بمفردهما 

:- أنا عاوز اعرف مين اللي عمل كدة وعاوزك تكمل تدوير في موضوع عمك ده. 

اومأ رأسه أمامًا وأجابه بجدية وثقة تامة 

:- اللي عمل كدة مش هسيبه وهجيبه وقسما بالله ما هرحمه وحوار عمي متقلقش اعتبره خلص ارتاح أنت بس ومتشغلش بالك دلوقتي ارتاح بس عشان صحتك. 

ابتسم بسعادة شاعرًا بندم عن أفعاله المعارضة دومًا لسعادته بينما هو في المقابل يهتم به وبسعادته ويريد أن يصل إلى راحته فاقترب محتضن إياه بحنان مغمغمًا بهدوء 

:- ربنا يخليك ليا يا حبيبي أنا واثق أنك هتعرف تعمل دة طبعا.

وقفت جليلة بصحبة ابنتها على أعتاب الغرفة تشاهد ذلك المشهد التي كانت تتمنى رؤيته، كانت دومًا تدعي ربها مترجية أن تتحسن علاقة زوجها وابنها لتصبح عائلتها افضل، ابتسمت على حديث فاروق الذي لأول مرة يثق في ابنه ويعترف بقدراته.. 

ولجت سما تقطعهما بمرح بعدما اقتربت هي الأخرى محتضنة والدها 

:- ايه هو جواد هياخد الحب كله سيبلي بابا شوية وحشني. 

ابتعد بالفعل ينفذ ما تريده ليجعل والدها يحتضنها هي الأخرى وظلت تتحدث معه بمرح محاولة أن تجعله يضحك لملاحظتها للحزن المتواجد بداخله.. 

غمغم جواد بخشونة وجدية تامة بعدما نهض أعد ذاته للرحيل من الغرفة 

:- هسيبكم بقى واروح اتطمن على رنيم شوية. 

همهمت جليلة سامحة له للذهاب وتمتمت بهدوء وحنان

:- روح يا حبيبي وابقى طمني عليها. 

سار جواد متجهًا نحو غرفته بخطوات واسعة متلهفًا لرؤيتها باشتياق شديد أنهك قلبه العاشق لها، ابتسمت بسعادة وقد تهللت أساريرها ما أن رأته ونهضت مقتربة منه، جذبها بلهفة واضعًا يده فوق خصرها يقربها منه بضراوة مستمتعًا برؤية ملامحها واستنشاقه لعبيرها الخلاب وهي داخل أحضانه.. 

لفت ذراعيها حول عنقه بسعادة وكادت أن تعبر له عن اشتياقها لكنه لم يمهلها فرصة للتفوه بشئ وانقض فوق شفتيها يقبلها بعشق ضاري مستمتعًا بقربها الذي دام طيلة حياته يتمناه لوهلة واحدة، لكن الآن فخياله أصبح واقعه حقًا...

ابتعد عنها عندما شعر بحاجتها القوية للهواء مغمغمًا بصوت أجش حاني وعينين تعكس مدى احتياجه الشديد لها

:- وحشتيني.. 

ابتسمت بسعادة شاعرة بنسيم يرفرف بداخلها نتيجة اقترابه منها وغمغمت بنبرة خافتة يملأها اللهفة والاشتياق 

:- وأنت كمان وحشتني أوي كنت مستنياك. 

حملها فوق ذراعيه متوجه بها نحو الفراش وضعها فوق ساقيه مبتسمًا لوجودها معه، ممرر يده فوق بطنها بحنان وغمغم بمرح 

:- وحبيب بابا عامل ايه عشان وحشني هو كمان. 

ضحكت بمرح هي الأخرى وأجابته بدلال زائد واضعة رأسها فوق صدره بارتياح 

:- هو كويس عاوز بس بابا يهتم بيه شوية صغيرة عشان هو بيحبه. 

وزع قبلات رقيقة متفرقة فوق عنقها وأجابها بلوعة ونبرة عاشقة شاعرًا بفقدان عقله أمام عينيها التي سلبته حياته بأكملها ليس عقله فقط

:- لأ بابا هيصالحه حالا ويهتم بيه بس الأول يشوف ماما عشان وحشته جامد. 

أنهى حديثه غامزًا إياها بمرح فضحكت بسعادة ودفنت وجهها في عنقه متمتمة بخفوت وخجل 

:- جـ... جواد بطل تكسفني.. على فكرة أنت كمان وحشتني وكنت عـ.... 

لم ينتظر أن يستمع إلى بقية حديثها بل انقض فوق شفتيها بنهم وشغف شديد شاعرًا بضربات قلبها المتسارعة وخضوعها التام لعشقه معلنة هزيمتها أمام عشقه الجارف الذي يغمرها به دومًا مطمئنة لوجوده بجانبها.. 

                           ❈-❈-❈

بعد مرور يومين... 

توجه فاروق نحو غرفة مديحة يقتحمها بغضب والدماء تغلي بداخله ولازال يتذكر الحقيقة التي علمها والتي ستقلب الأمر بأكمله رأسًا على عقب عليه أولًا أن يعلم كيف حملت بأروى وشقيقه غير قادر على الإنجاب.. 

طالعته بدهشة عندما رأته يدلف بتلك الطريقة والغضب في عينيه مقترب منها بخطوات غاضبة متوعد لها، صاح بها بغضب ونبرة حازمة مشددة المرة الأولى التي يعاملها كما تستحق 

:- بقى واحدة زيك تشتغلني وتضحك عليا أنا واخويا... ماتفوفي يا مديحة دة أنا فاروق الهواري اللي عنده والكل بيقف وبيعمل ألف حساب للخطوة والكلمة هتيجي انتي تلعبي معايا. 

شحب وجهها بطريقة ملحوظة وشعرت بالخوف من حديثه التي لا تعلم سببه لكنها ظنّت أنه يثرثر بذلك الحديث لعلمه أنها مَن تسببت في الحادث الذي فعله فتمتمت متبجحة ببرود محاولة أن تظهر اللا مبالاه 

:- أنا عملت ايه لكل ده أنت كل شوية تيجي تزعق هو في ايه؟ 

لم يهتم بحديثها الذي دون فائدة بل اقترب منها بغضب والشرر يتطاير من عينيه قابضًا فوق ذراعها بقوة ضارية صائحًا بها بعنف 

:- اروى مين ابوها يا مديحة لما اخويا مبيخلفش!! وعصام ابني فعلا ولا ابن مين؟! 

شحب وجهها لوهلة شاعرة بالصدمة التي وقعت عليها كالصاعقة ولا تعلم من أين وصل إلى تلك المعلومة التي عاشت طوال عمرها تعمل على إخفاءها عن الجميع وتسببت في قتل ابنها، حاولت أن تتجاوز صدمتها أمامه وتمتمت بنبرة متلعثمة كاذبة 

:- ا... ايه الجنان اللي بتقوله ده أنت الحادثة أثرت على مخك أروى بنت حسن أخوك وبنت العيلة دي وعصام ابنك وأنت عارف ده كويس ولا أنت عـ... 

قطع حديثها الذي أصبح متأكد من كذبه بعد تأكده من جواد أن شقيقه غير قادر على الإنجاب وأن المعلومات التي وصل إليها صحيحة حقًا، صاح بها بحدة غاضبة مشددًا فوق حديثه 

:- اللي بقوله عين العقل مش جنان وهديكي فرصة أخيرة يا مديحة أروى بنت مين عشان أنا واثق انها مش من العيلة دي وعصام ابني ولا ابن غيري أنا كنت مش عارف الغلطة دي حصلت ازاي مش فاكر أن عملت كدة. 

دفعته إلى الخلف ليتركها وشهقت بطريقة مقززة ضاحكة بسخرية وتمتمت بمكر وهي لازالت تتمسك برفضها وتخفي الحقيقة 

:- مش فاكر ايه دة انت صاحي وأنا في حضنك وعارف ومتأكد أن عصام ابنك وجبتلك اللي يثبت ده وأروى بنت اخوك أنت عاوز تاكل حقها. 

علم أنه لن يصل معها إلى شئ فطالعها بغضب وغمغم بوعيد صارم 

:- أنا مش هسكت ولا هسيبك غير لما تقولي الحقيقة خونتي اخويا مع مين؟!!

ضحكت بسخرية وطالعته باستهزاء ولازالت تحاول أن تظهر عدم اهتمامها بحديثه او بالأمر بأكمله وغمغمت بتهكم ساخرة منه

:- أخوك اه لا انا مخونتوش لوحدي أنت كمان خونته معايا وضحكت عليه وكاتب ابنك باسمه بلاش تعمل أنك بتحبه والدور ده كله عامله عشان تاكل حق أروى.. 

باغتها بصفعة قوية غاضبة هوت فوق وجنتها وتمتم بغضب حاد 

:- مش فاروق الهواري اللي هيعمل ده كله عشان ياكل حق واحدة، أروى حقها بتاخده من قبل ما تطلبه فوقي لنفسك يا مديحة واعرفي أنتي واقفة قدام مين. 

وضعت يدها فوق وجنتها بصدمة وطالعته بنظرات نارية وصاحت أمامه بغضب 

:- كل حاجة عملناها اتعملت واحنا متفقين مع بعض مش هتيجي فالآخر ترميني أنا وتطلعني غلطانة وتعمل نفسك برئ انت مشاركني في كل حاجة أنا مش هسكت كفاية لحد كدة أوي لو فاكر أني هسكت تبقى متعرفنيش طول الوقت ده. 

لم يهتم بتهديدها بل طالعها بنظرات حادة وتمتم بحدة وغضب بعدما اهتاج عقله لإنكارها للحقيقة وتمسكها بحديثها الكاذب

:- أنا هعرف الحقيقة يا مديحة ووقتها صدقيني مش هرحمك وأنتي عارفة فاروق الهواري لما بيعوز يوصل لحاجة بيوصلها.. 

تركها وسار بخطوات واسعة غاضبة وهو يفكر في طريقة ليصل إلى الحقيقة ويعلمها حينها لن يصمت وسيجعلها تندم على اليوم التي فكرت باللعب معه!!. 

جلست مديحة فوق الفراش بضعف لأول مرة تشعر بالخوف، لم تتخيل أنه يعلم أمر كذلك، هو قادر على إثبات الحقيقة لكنها كيف تخبره بحبها لشخص آخر في الماضي وخيانة شقيقه معه..!! نعم في الحقيقة هي لم تحب حسن ولم تحب فاروق هي فقط دخلت تلك العائلة لأجل حصولها على النفوذ والمال ليس سوى ذلك.. علمت انها ستحصل على كل ذلك وهي مع فاروق ففعلت كل ما بوسعها لتحقيق أهدافها، أوهمته بخيانته لزوجته وحملها منه، ومن بعد ذلك بدأت في تنفيذ طلباتها وأطماعها وهي مع حبيبها الذي انجبت منه عصام وأروى لكن في النهاية تركها دون أن ينظر إليها، هي فعلت كل ذلك بحيل ماكرة وتخطيط خبيث يملؤه الشر، لن تدع الأمر يفشل بعدما فعلت كل ذلك، لن تدعه يهدم كل ما خططته ستحاول في إيجاد طريقة حتى تتخلص من كل ذلك حتى تعيش في أمان وتستكمل مخططاتها!.. 

                           ❈-❈-❈

في منتصف الليل.. 

تم القبض على هؤلاء المجرمون الذين نفذوا خطة مديحة ونفذوا خطتها كما طلبت لم يهدأ جواد إلا عندما وصل إليهم، كيف وصل بها الأمر لفعل شي هكذا مع والده "فاروق الهواري" الذي يهابه الجميع!.. 

وبعد التحقيق معهم ومعرفتهم أن لا مفر من الهرب بعد تأكد جميع افراد الشرطة أنهم الفاعلين فقد وصل جواد إليهم بعد دقة ومهارة عالية في عمله قرر كل منهم الإعتراف بضعف والخوف يملأهم

:- يا باشا مديحة هانم هي اللي طلبت مننا كدة احنا ملناش ذنب في حاجة هي اللي قالتلنا على كدة.. 

تفاجأ جواد بعد معرفته بأن زوجة عمه هي المتسببة لفعل ذلك، لماذا فعلت ذلك؟! هناك جزء كبير مفقود من الحقيقة وعليه أن يعلمها، لكن تفاجأ جواد بيد شخص منهم متواجد فوقها حرق كما أن هناك اسوارة عريضى باللون البني على شكل ثعبان هو قد راى ذلك المنظر من قبل، ضيق عينيه بتركيز محاولًا أن يتذكر أين رآها!!.. 

صدح صوته فجأة بعد تفكير طويل دقيق قاطعًا الأمر الذي يدور وغمغم بمكر صارم 

:- ومين اللي قالكم تقتلوا عصام الهواري!. 

تطلع الجميع نحوه باهتمام فتابع حديثه المجهول يوضح ما يعنيه مغمغمًا بثقة 

:- كان ظاهر في الكاميرا اللي فيها فيديو قتل عصام نفس الإيد دي ظاهرة فالفيديو.. 

تم مراجعة الفيديو للتأكيد مما قاله جواد وبعد الضغط عليهم أخبروه بالحقيقة كاملة تحت ضغط كبير فتحدثوا خوفًا على انفسهم مما سيحدث لهم خاصة بعد تأكدهم من انكشاف الأمر 

:- مديحة هانم هي اللي اتفقت يا باشا وهي اللي مظبطة كل حاجة بردو وعندنا اللس يخليكم تتأكدوا من ده احنا معملناش كدة لوحدنا

سأله الضابط المسؤول باهتمام كبير

:- وايه هو الدليل ده، قولوه وده لمصلحتكم. 

أجابوه بقلق وقد بدا الخوف عليهم 

:- مـ... معانا التسجيلات وهي بتتفق معانا وكل حاجة متصورة هي اللي قالتلنا نروح نربيهولها واتفقت على كل حاجة وهي اللي قالتلنا نعمل الحوار بتاع مراته وكل دة متسجل. 

بعد عرض كل ذلك وتأكدهم ان مديحة هي الفاعلة، هي مَن تسببت في قتل ابنها! كيف لأم ان تفعلها كيف فكرت بتلك الفكرة السامة، وكيف نفذتها؟! والأهم ما الذي دفعها لفعلها؟ دارت تساؤولات عديدة داخل عقل الجميع وأكثرهم جواد الذي يجهل السبب الحقيقي لقتل ابن عمه... 

بعد أن صدر القرار بالقبض على مديحة تقدم جواد بطلب أن يدلف هو المنزل ويحضرها إليهم. 

بالفعل توجه جواد نحو المنزل ليلًا حتى ينفذ الأمر الذي صدر وبداخله اسئلة عديدة يود معرفة إجابتها لكنه لن يحصل على إجابة سوى منها، المخططة والفاعلة لكل ذلك، هي التي كانت تسعى لتدمير تلك العائلة، لكنه لن يسمح بفعل ذلك وقف له بالمرصاد بعدما كشف جميع مخططاتها ونواياها السامة السيئة..

تفاجأ كل مَن في المنزل بوجود سيارة الشرطة التي تقف خارج المنزل وتوجه جواد فقط إلى الداخل لإحضارها، اجتمع جميع مَن في المنزل أسفل، اقتربت رنيم منه متمتمة بقلق 

:- جـ... جواد في حاجة ولا إيه؟ 

لم يرد عليها بل عينيه مثبتة فوق مديحة بنظرات مجهولة عن الجميع، غمغم فاروق يقطع ذلك الصمت الغير مفسر بجدية حادة 

:- في ايه يا جواد ما ترد علينا العربية بتاعت شغلك برة بتعمل ايه من امتى بتيجي بيها؟ 

أجابه بعملية مقتربًا بخطواته الواسعة نحو مديحة ودار حولها عدة مرات بطريقة جعلتها تشعر بالخوف وانقبض قلبها بداخلها شاعرة بعدم الاطمئنان

:- أنا جاي في شغل، جاي اقبض على مديحة عارف ليه يا بابا. 

طالعه والده بعدم فهم معقدًا حاجبيه بدهشة وسألها بجدية هو الاخر ولازال لم يفهم سبب ما يقوله 

:- تقبض عليها ليه في ايه يا جواد؟ 

قبض فوق يدها بقوة ضارية ضاغطًا فوقها بحدة وأخرج الأصفاد الحديدية ووضعها بداخل يدها وغمغم بتهكم قاسٍ

:- هي اللي دبرت الحادثة بتاعتك بس الأهم من كدة انها هي اللي قتلت ابنها وهي كمان اللي خلتهم يبينوا أن رنيم هي المتهمة هي اللي عملت كل ده. 

شهقة قوية صدرت من جليلة التي وقفت تحت تأثير الصدمة من حديث ابنها الغير متوقع، فهي الآن تستمع إلى حديث يفوق توقعاتها ولا يمكن لعقل بشري أن بصدقه، هي قتلت ابنه...لماذا؟!!.. 

بينما رنيم فقد رمقتها بدهشة متعجبة بذهول ولم تصدق هي الأخرى ما استمعت إليه كانت تطالعها برهبة وخوف كبير، لكن لا تعلم لماذا فعلت بها ذلك؟ هي كانت تريد أن تجعلها قاتلة وتُعاقب على جريمة لم تفعلها.. 

اقترب فاروق منها بعدما تجاوز صدمته فيما استمعه وصفعها بقوة مما جعلت الدماء تسيل من فمها اثر صفعه القوي بضراوة لها، وصاح بها بغضب عارم وهو يهزها بعنف 

:- ليه عملتي كدة!! قتلتي ابنك وخونتي جوزك مخلفة وهو مبيخلفش وكمان عاوزة تقتليني مكفكيش كل اللي عملتيه، فاكرة أنك هتهربي باللي عملتيه ده كله. 

لم تستطع السيطرة على ذاتها بعدما علمت وتأكدت ان الحقيقة وجميع خباياها ظهرت الآن فلا داعي لإنكار الأمر بعد علمها أن نهايتها قد آتت، تمتمت بنبرة ساخرة قاسية على مَن يستمع إليها وهي لازالت تحت تأثير الصدمة لكن حديثها صعق الجميع 

:- اه عملت كده وأكتر كمان، عملت اللي محدش يتخيله خونت جوزي مع حبيبي وأوهمتك إن عصام ابنك وهو مش ابنك لا كمان دة أنا خليتك تفهم أنك خونت مراتك وأنت حتى معملتهاش عيشتك عمرك كله في كدبة وبنتي كتبتها باسم اخوك اللي مبيخلفش.... قتلت ابني لما عرف الحقيقة وقولت تشيلها البت دي محدش هيهتم بيها، وأنت جاي كنت عاوز تبوظلي ده كله قولت اديك قرصة ودن عشان تعرف تلعب معايا كويس مش أنا اللي هسكت بسهولة.. 

حديثها كان كالصاعقة بالنسبة للجميع وقد زاد من دهشتهم بدلًا من القضاء عليها، هي ظهرت بجبروت لم يتخيل أحد ظهورها، هي ليست امرأه هي شيطانة متنكرة في صورة امرأه مخادعة، مَن تفعل ذلك ليس لديها قلب هي فعلت كل ما لا يتخيله عقل لتنفيذ احلامها عنوة عن الجميع والقدر. 

أبعد جواد والده عنه الذي كان مُصر على الثأر منها بعد خداعها له طوال حياتها، جعلته يعيش تحت تأثير كذبها وأوهامها الكاذبة بينما هي كانت تطالعه بنظرات غير مفسرة له لكنها هي عملت في النهاية أنه مَن انتصر هو وزوجته بحبه الكبير لها، هي في النهاية فشلت عن تحقيق ما سعت إليه هي الآن تشعر بالهزيمة وخيبة الأمل بعدما انتهى بها الأمر وهي مقيدة تُعاقب على أفعالها.. 
سار جواد بها وهو مصدوم هو الآخر بعد علمه بما فعلته بوالده لكنه ولم يدعه يفعل لها شئ خوفًا عليه بعدما أعماه الغضب.. 

وقفت أروى مصدومة هي الأخرى لا تصدق ما فعلته والدتها فهي الآن ليست ابنة لتلك العائلة شعرت بالحزن على حالها فهي عاشت حياتها بأكملها في كذب بسبب والدتها التي جردت من معاني الرحمة ولم تفكر بها، علمت لماذا كانت والدتها تسعى دومًا لزواجها من جواد وتخبرها بأن يجب حدوث ذلك حتى تضمن حقها من تلك العائلة، الآن قد فهمت لماذا تفعل ذلك؟!.. لكنها لأول مرة تشعر بشعور مختلف تفكر بطريقة بعيدة عن تفكير والدتها السام لذلك اتخذت قرار الرحيل عن تلك العائلة والبلد بأكملها يكفي ما فعلته، عاشت طوال حياتها تستمع إلى حديث والدتها وتنفذه دون تفكير لكنها الآن تفكر بعقلها قليلًا بعدما القت نظرة سريعة نحو رنيم زوجة جواد والتي تحمل ابنه ايضًا علمت أن هذا ليس مكانها بالطبع، كانت تجري خلف أوهام ليس سوى ذلك.. 

بالرغم من كل ذلك كانت جليلة تشعر بالفرحة لتأكدها من عدم خيانته لها، لكنها قررت أن تستمر في ابتعادها عنه حتى تجعله يعترف بخطأه ستحاول معه لتساعده على التغير للأفضل كما تتمنى، خاصة بعد رؤيتها لاستجابته الواضحة في الفترة الأخيرة. 

                           ❈-❈-❈

بعد مرور أسبوع... 

كانت جليلة تجلس في غرفتها تفاجأت بفاروق الذي ولج الغرفة ووقف يشعر بالتوتر من مواجهتها لكنه حاول أن يحث ذاته على فعلها بمساعدة سما ابنته. 

رمقته بطرف عينيها متعجبة صمته فقطبت جبينها متعجبة وتمتمت بدهشة 

:- في حاجة يا فاروق أنت واقف ساكت بقالك شوية. 

اقترب يجلس بجانبها ممسكًا يدها بحنان وطبع قبلة رقيقة حانية فوق يدها وأردف بندم صادق وشغف حقيقي يشعر به معها 

:- أنا اسف انا غلطت في حقك كتير بس انتي عارفة أنا بحبك قد ايه وانتي ايه عندي، وبعدين مديحة طلعت بتكدب أنا مقربتش لواحدة غيرك فعلا أنا شربت وقتها عصير ومحستش بحاجة، حقك عليا يا جليلة. 

حاولت أن تخفي ابتسامتها عنه وشعرت بالسعادة لحديثه معها واعترافه بحبه لها الذي لم يتكرر كثير من قبل، هو دومًا يقلل حديثه عن حبه لها يتعامل على أنها تعلم ذلك فليست بحاجة إلى استماعه، لكن بعد علمها لما حدث هي تحتاج لكل شئ بالفعل، تحتاج لحنانه قبل غضبه، هدوءه قبل عصبيته، تحتاج إليه بالفعل، أردفت بعتاب يتخلله بعض الحزن 

:- بس أنت كفاية انك روحت وكان ممكن تغلط وكفاية قدرت أنك قدرت تخبي عليا ده كله، كنت بتيجي عليا وعلى عيالك عشانها. 

تحشرج صوتها في النهاية بحزن دلالة على أنها تريد البكاء، فاسرع يضمها نحوه بلهفة ولوعة مغمغمًا بعشق ونبرة هادئة يملأها الحنان

:- انا عمري ما أقدر اجي عليكي عشان أرضي حد اتخلق في الدنيا دي كلها، أنت غلطت لما خبيت عليكي فعلا بس عملت كدة عشان خايف احسن تبعدي عني أنا مقولتش أن مش غلطان لا أنا غلطان، بس أنا بحبك. 

ابتسمت بسعادة بعدما استمعت إلى حديثه الذي جعلها تشعر بالرضا والإرتياح، جعلها تعلم أهميتها الكبيرة عنده، فألقت ذاتها داخل حضنه بسعادة متمتمة بهدوء 

:- ربنا يخليك ليا وللعيلة دي كلها، أنا كمان بحبك يا فاروق ومقدرش استغنى عنك أنا بس كنت زعلانة منك ولازم تراضي الكل كمان عشان أنت غلطت في حقنا كتير. 

ابتسم هو الآخر يشاركها سعادتها بعد حصوله على أكثر شي كان يريده، هي سامحته وذلك كان أكثر ما يريده ويزعجه، طبع قبلة هادئة فوق جبهتها وشدد من احتضانه لها بعشق صادق ازداد بمرور السنوات بينهم، بالرغم من كل ما مروا به لم ينقص يومًا، هي أحبت فاروق كما هو متغاضية عن عيوبه ترى فقط مميزاته وذلك كافي لجعلها تحبه وتنسى كل ما يفعله، وهو أحبها بصدق يفكر في أفعاله لاجلها لا يريد أن يزعجها يومًا بشئ يفعله، مَن يحي يبحث عن راحة وسعادة محبوبه دون النظر لشئ آخر في تلك الدنيا وهذا ما يفعلونه هما... 
كل منهما أحب الآخر بطريقته الخاصة الصادقة لذلك استمرت تلك العلاقة ناجحة مثمرة ولم تتأثر بشئ من الحيل والخداع التي كانت تملأ حياة الجميع كل منهم عليه جزء متسبب في نجاح حياتهم لم يهتما بمَن كان عليه الجزء الأكبر ومَن اخطأ أكثر هما فقط يهتمان بسعادتهما واستمرار حبهما لبعض وسعادة عائلتهم وهذا الذي سيفعلونه سويًا من الآن بعدما أعطت له اكبر فرصة في حياته.. 

في نفس الوقت... 

كانت رنيم تجلس في غرفتها تفاجأت برنين هاتفها الذي صدح في الغرفة يقطع الهدوء التام التي كانت تجلس به، لكنها شعرت بالصدمة عندما رأت اسم والدها هو الذي ينير الشاشة، خشيت ان يكون هناك شئ ما يدبره لها، لكنها سرعان ما نهت أفكارها مقنعة ذاتها أنه لا يريد أذيتها هو بالطبع يريد منها شئ آخر، من المتوقع مال أجابت عليه عندما كرر اتصاله عدة مرات، تمتمت بنبرة متوترة متلعثمة بقلق 

:- ا... الو خـير في حاجة أنت اتصلت عليا كتير وأنا مش متعودة أنك تتصل. 

تنهد بارتياح عندما استمع إلى صوتها الذي اشتاق لاستماعه وأجابها بندم وحزن شديد

:- وحشتيني اوي يا حبيبتي... أنا آسف يا رنيم...آسف على كل اللي عملته فيكي أنا وأمك، احنا غلطنا والفلوس طمعتنا بس والله ما كنا نعرف احنا قولنا جوازة حلوة لبنتنا هتطلعها وتطلعنا من الفقر اللي كنا فيه... ليه نرفض!؟ 

صدر منها ضحكة ساخرة مقهورة تعكس مدى حزنها الكبير منه ومن الجميع، فمَن كانو سندها وقوتها أصبحوا أول المتنازلين عنها وعن حقها، القوها في الجحيم بإرادتهم دون التطلع إليها وفي النهاية يحاول أن يبرر أفعاله، تمتمت بنبرة خافتة 

:- ليه ترفض صح أنت توافق وتبيع بنتك مش مهم، بيعتني ليه بشوية فلوس كنت باجي هربانة استنجد بيك وأنت بترجعني ليه يموتني، ليه ده كله عشان الفلوس!!.. 

التقطت أنفاسها من بصعداء من بين دموعها الحزينة واستكملت حديثها بضعف بعدما تذكرت كيف كانوا يجعلوه يأتي وياخذها أمامهم عنوة عنها تحت توسلاتها لهم لكن كل ذلك في النهاية دون جدوى فكانت تعود معه ليتفنن في تعذيبها دون رحمة بجميع الوسائل المتاحة إليه دون شفقة ورحمة، كيف يرحم بها وهو لا يوجد بداخله رحمة من الأساس، هو فقط يعلم القسوة والعذاب، كان يستمتع بصرخاتها المتألمة وفي النهاية يخبرها والدها أن الأمر كان زيجة عادية، كيف استطاع أن يخبرها ذلك ويتحدث بلا مبالاه! يريد في النهاية أن تسامحه 

:- دة أنت كنت باجي اتذللك وابوس ايدك ورجلك عشان مرجعش ليه تاني، فاكر كنت بتعمل ايه؟! كنت بتزقني وتتصل بيه ياخدني، انا استسلمت بسببك عشان مليش حد ولا مكان اروحه غير الشوارع وحتى مسابنيش فيها، انا فكرت اقتله بسببكم بس اتراجعت عشان أنا مش زيه ولا زيكم انتو اللي قتلتوني وجاي بعد ما فوقت ورجعت لحياتي تاني تقولي مجرد جواز وعاوزني اسامحكم، انتو مخلتوش حاجة ومعملتوهاش فيا كنت بتقووه عليا كان بيذلني بيكم لـيـه!! لــــيـــه عملتو كدة؟! 

لم تعطيه فرصة للرد واستكملت حديثها بسخرية قاسية وقلبها كاد يتوقف من فرط الحزن والقهر المتواجد به 

:- عشان شوية فلوس انا عمري ما هسامحكم ابدا عشان انتو اكتر حد أذاني، انا اتأذيت منكم اكتر منه عـ.... 

قاطعها والدها بصوت باكٍ حزين بعدما لأول مرة يستمع إليها وإلى ما تشعر به بسببهم، شعر بما فعله وكيف آذاها بدلًا من أن يقف معها ويسندها 

:- لـ... لأ يا رنيم مكملناش عشان الفلوس احنا فالأول وافقنا عشان كدة بس لما عرفنا حقيقته وانه مجنون ملحقناش نرفض مديحة مضتني أنا واخوكي على شيكات كانت هتحبسني بيهم مقابل سكوتنا مكنش لينا حق نرفض ولا نكلمك، بس لما عرفت أنها اتحبست وهتتعدم كمان قولت اكلمك عشان تسامحينا كل دة غصب كان عنننا. 

لم تهتم بحديثه ولم تقتنع به أردفت بقسوة 

:- لأ انتوا محدش غصبكم هي ممضتكمش على شيكات غير بعد موافقتكم لو كنتوا اختارتوني مكان الفلوس مكنش كل دة حصل أنا مش هسامحكم أنا عمري ما هسامحكم عشان انتو السبب في كل اللي حصل. 

لم يستطع أن يتحدث معها بعدما صدمته بحديثها لأول مرة يشعر بها ويستمع إليها يعلم ما مرت به وكيف عانت بسببه؟! لأول مرة يعترف أنه أخطأ في حقها هو جميع العائلة لكنها كانت قاسية عليه مقررة أن تبتعد عنهم فبعدما تركوها لن تعود إليهم مجددًا.. 

جلست تبكي بحزن بعدما أغلقت الهاتف هي لأول مرة تعلم سبب صمتهم وتجاهلهم لحزنها ووجعها كل ذلك حدث بسبب مديحة لكنها ترى أنه حدث بسببهم فهم مَن وافقوا من البداية وأعطوا تلك الفرصة لمديحة، تفاجأت بمَن يضمها من الخلف بحنان مغمغمًا باهتمام 

:- مالك يا حبيبتي مين اللي مزعلك كدة وبتعيطي ليه؟ 

طبع قبلة رقيقة حانية فوق جبهتها ليحثها على التحدث فتمتمت بصوت متحشرج حزين

:- مـ... مفيش يا جواد متشغلش بالك أنتَ يا حبيبي. 

لم يقتنع بالطبع بحديثها فجلس بجانبها ممسكًا يدها بحنان وأوما لها أمامًا ليحثها وعاد سؤاله مرة أخرى

:- ايه اللي يخلي حبيبة قلبي زعلانة كدة والعيون دي تعيط. 

أخبرته ما أزعجها وجعلها حزينة كانت تتحدث بصوا خافت خجل من أفعال عائلتها الذين لم يهتموا بها يومًا وتذكروها الآن فقط بعد القضاء على مديحة 

:- بـ... بابا كلمني كان عاوزني اسامحه على اللي حصل بس أنا مقدرتش يا جواد، أنا كدة وحشة طيب أنا مش عارفة أسامحه عشان اتأذيت منه بجد مش قادرة، هو كمان مش معترف بغلطه لأ ده هو بيبررلي هو عمل كدة ليه بيقولي هو باعني ليه هما بس رجعولي عشان مديحة خلاص اتقبض عليها.. 

ازداد بكاءها بحزن وقد خارت قوتها ومحاولاتها في التمسك بالقوة مرددة حديثها مرة أخرى بضعف 

:- مـ... مش هقدر اسامحه مش هقدر اسامحه بس انا مش وحشة.. 

احتضنها بضراوة مشددًا عليها داخل حضنه وأردف بحنان هادئ محاولًا أن يجعلها تهدأ، يريد إخبارها انه حقها وهي مَن تقرر تسامحه أم لا، هي لم تخطئ برفضها لمسامحته في النهاية هذا حقها 

:- يا حبيبتي محدش قال أنك وحشة واللي يقول كدة اجبلك رقبته بس ده حقك وانتي مش قادرة تسامحي أنتي اللي اتأذيتي منهم وانتي اللي تقرري تسامحيهم ولا لا، انسي كل ده انسي كل حاجة ممكن تزعلك فكري فيا وفي ابننا اللي جاي. 

ابتسمت بسعادة من بين دموعها فقام بالتقاط شفتيها بين خاصته بعشق وسعادة ممررًا يده فوق بطنها بفرحة لوجود طفلهما بداخلها، طفلهما الذي يكبر كل يوم وتشعر به، تعيش معه كل ما حُرمت منه سعادة، فرح، عشق واهتمام كل شئ تمنته حصلت عليه معه. 

❈-❈-❈

بعد مرور شهر.. 

اجتمع الجميع أسفل كما طلب فاروق منهم، جلست رنيم بجانب جواد الذي كان يجلس بصمت قطبت جبينها شاعرة أن هناك شئ ما يزعجه فتمتمت متسائلة بصوت منخفض هادئ لا يصل سوى لمسامعه

:- في إيه يا جواد مالك يا حبيبي ايه اللي مزعلك؟ 

ابتسم أمامها بهدوء محاولًا ان يخفي حزنه أمام الجميع وأجابها بجدية 

:- مديحة ماتت وهي بتحاول تهرب. 

طالعته بحزن لكنها لا تعلم لماذا لم تشعر بالشفقة والحزن عليها هي تراها نالت عقابها المُستحق، ترى أنها ستعاقب في النهاية أشد عقاب لأفعالها السيئة التي فعلتها متناسية وجود ربها الذي يفعل ما يريده في النهاية عنوة عن الجميع قبل أن تتحدث صدح صوت فاروق الذي وصل بصحبة جليلة وغمغم بجدية وتعقل هادئ 

:- أنا عاوز اتكلم معاكم في كذا حاجة مهمة اولهم رنيم. 

تطلعت نحوه بخوف ظهر عليها تمسكت بيد جواد بقوة ضارية لتتماسك بعدما شعرت بالخوف وازدادت ضربات قلبها بخوف خاصة انها لم تتعامل معه من قبل سوى مرات قليلة لم تكن في صالحها، ابتسم جواد لها بثقة واومأ لها برأسه أمامًا فتمتمت بتوتر 

:- ا... ايوة يا فاروق بيه في حاجة؟ 

ازداد تمسكها بيد جواد برعب فغمغم فاروق بجدية محاولًا أن يصلح اخطاءه معها بعد اعترافه بها بينه وبين ذاته 

:- أنا عارف ان غلطت في حقك وكنت بعمل كل حاجة عشان ابعدك عن جواد بطريقة غلط تضرك وكانت بتضر جواد كمان، وفالأخر ربنا كان ربنا كاتبلكم نصيبكم مع بعض أنا بس اتصرفت غلط فعشان كدة عاوز اعتذرلك، انا غلطت في حقك كتير. 

رمقته بتوتر لكنها علمت أنه ينتظر رد منها فتطلعت نحو جواد الذي ابتسم لها يخبرها بنظراته أنه سيدعمها في أي قرار ستتخذه مع والده لأنه حقها وهو لم يجب أن يتدخل فيه، لا تعلم لماذا بالرغم مما فعله بها لكنها لم تشعر بأذيته لها، هو فقط أبعدها عن جواد لكن في النهاية اصبحت معه جميع ما حدث معها كان بسبب عائلتها ومديحة التي استكملت عليها لكنه لم يؤذيها فتمتمت بهدوء مبتسمة هي الأخرى 

:- لا عادي يا فاروق بيه خـ... خلاص محصلش حاجة وأنا مش زعلانة من حضرتك. 

اقترب يحتضنها بحنان مردفًا به بعدما شعر بالإرتياح 

:- لا فاروق بيه ايه انتي دلوقتي زي سما بنتي مش عاوزك متزعليش مني. 

ابتسمت بسعادة مأومأة برأسها أمامًا فسرعان ما جذبها جواد منه متمتمًا بغيرة ومرح 

:- ايه يا بابا أنا بغير على مراتي اوعى كدة. 

جذبها منه واحتضنها هو بسعادة شاعرًا بفرحة شديدة تغمره لتحسن علاقات عائلته وتقبلهم بزوجته الذي اختارها وتمناها قلبه.. 

غمغم فاروق مجددًا بهدوء وهو يتطلع نحو ابنته

:- في حاجة كمان بخصوص سما حبيبة قلبي انا اتصرفت فيها غلط وكنت عاوز ابعدها عن شخص كويس عشان تفكيري أنا اللي كان مش صح. 

قبل ان تستوعب معنى حديثه وجدت خالد حبيبها الذي تمنته وكانت تفكر به دومًا يدلف المنزل ويتطلع نحو والدها الذي نهض يرحب به بحرارة وابتسامة سعيد لوجوده في المنزل قطبت جبينها بدهشة متعجبة من أفعال والدها الجديدة على الجميع، ابتسم جواد إليها يطمئنها بهدوء شاعرًا بقلقها مما سوف يحدث. 
وجدت والدها يستكمل حديثه بجدية وهو يطالعها بارتياح مبتسم

:- أنا كنت غلط لما قررت ابعدها عن شخص كويس، وأنا مهما ادور لبنتي عمري ما هلاقي حد زيك يحبها ويحافظ عليها ولا هلاقي ابن يساعدني في شغلي ومجتهد زيك أنا هشغلك معايا مش عشان جوز بنتي لا بس فعلا أنت تستاهل الشغل في شركة الهواري عشان انت ابني ثانيًا انت اثبت إنك ناجح في الشركة اللي كنت شغال فيها. 

ابتسمت سما بسعادة شاعرة بضربات قلبها تتسارع بداخلها خاصة عندما وجدته يقترب منها بسعادة وغمغم بابتسامة واثقة عاشقة لها وتمتم بهدوء وثقة 

:- وانا هبقى قد المسؤولية دي طبعا وسما هشيلها في عنيا عشان حضرتك عارف أنا بحبها قد ايه وتعبت عشان حضرتك توافق. 

جلس مع سما يتحدث معها بسعادة ويخطط لحياتهما القادمة بعد الزواج وكل منهما يشعر بفرحة كبيرة بعدما تحقق لهم ما كانوا يتمنونه وظنوا أنه مستحيل.. 

ضحك فاروق بسعادة وتطلع نحو جليلة التي ابتسمت له تشجعه على افعاله الصحيحة الراضية عنها واقتربت بجانبها فاحتضنها بعشق كبير فعقبت بهدوء مبتسمة 

:- ربنا يخليك لينا يا حبيبي. 

طبع قبلة رقيقة فوق جبهتها وهو لأول مرة يشعر بالارتياح من أفعاله يشعر انه فعل شئ صحيح بالفعل دون ندم مثلما كان يشعر من قبل كما كانت هس الاخرى سعيدة تشعر بالاطمئنان على عائلتها... 

ضم جواد رنيم يقربها إليه بسعادة متطلع نحو بطنها البارزة قليلًا بسعادة وهمس داخل أذنيها متبجحًا بعشق وهو يغمز لها بعينيه 

:- ما تسيبك منهم وتعالي نطلع اوضتنا حاسس ان في حاجة مهمة اوي فوق هكتشفها مع ابني حبيبي. 

ضحكت بصوت خافت وقد اكتسى اللون الاحمر وجنتيها وتمتمت معترضة بخجل ونبرة متلعثمة

:- بـ... بس يـ.. يا جواد عيب كده كله قاعد. 

اعتلى صوت ضحكته وغمغم بجراءة عاشقة اعتادت عليها منه 

:- انا بحب العيب بعدين عاوز اتطمن على ابني ده. 

انهى حديثه واضعًا يده فوق بطنها فابتسمت وردت عليه بضعف متوسلة إليه بدلال وهي تحاول الابتعاد عنه قليلًا 

:- جـ... جواد نبقى نشوف الموضوع ده بعدين عشان خاطري اهدا دلوقتي. 

اعتلى ثغره ابتسامة سعيدة وهمس إليها بنبرة عاشقة شغوفة 

:- ماشي عشان خاطرك غالي اوي عندي، بس أنا نسيت اقولك انهاردة ان انا بحبك وبجد وجودك في حياتي اهم حاجة حصلتلي. 

سندت رأسها فوق صدره بسعادة تستمع بحديثه العاشق الذي دومًا يغمرها به يجعلها تشعر معه بسعادة وفرح وكأن ربها قد عوضها بوجوده معها لتنسي معه كل شئ سئ مرّ عليها تمتمت بعشق هي الأخرى له 

:- وأنا كمان بحبك ومقدرش استغنى عنك. 

شدد من احتضانه لها وطبع قبلة رقيقة حانية فوق يدها فدفنت وجهها في صدره بخجل.. 

وقد حصل كل منهم على النهاية المستحقة له، وتحقق العدل بالرغم مما عانى منه كل شخص إلّا أنهم في النهاية قد حصلوا على ما كُتب لهم، كانت تظن أنها حُرمت من عشقها الذي تمنته لكنها اجتمعت معه في النهاية وحصلت على سعادتها وحياتها قد عادت إليها من جديد بوجودها معه، وقد اطفأ عشقهما اللهيب القوي الذي كان متواجد داخل كل منهما وعادت روحهما من جديد.. 
تحقق ما تمناه كل منهم وعادت السعادة إليهم وقد دلفت السعادة لعائلة الهواري من جديد بحياة جديدة هادئة ينال كل منهما حياة تمناها.. 

وقد ذهب الألم والحزن منها بوجوده معها تشعر معه أن حياتها أصبحت ملكها تتحكم بها كما تريد وتفعل ما تريده وكأن روحها عادت إليها من جديد تمحي جميع آلامها وحزنها الذي ظنّت أنه سيلازمها إلى الأبد، لكن ما تعيشه معها جعلها تنسى كل شئ لم تتذكر سواه وسوى حياتها معه فقط..

النـــهــــايــــة 

لمتابعة روايات سكيرهوم زوروا قناتنا على التليجرام من هنا


 

تعليقات



×