رواية سيف القاضي الفصل الرابع والعشرون بقلم إسراء هانى
اقترب منها بشوق ولهفة لتقضي على ما تبقى من كرامته حينما همست " بس بسرعة عشان عايزة أنام عشان اروح المختبر "
رفع عينيه ينظر لها دون اي تعبير فأي ردة فعل ستعبر عن كسرة قلبه ورجولته ..
استدار يخرج من الغرفة على نفس الهدوء نظرت له بضيق وهمست بتعب " ايه اللي انا قولته ده انا مش قصدي "
اما هو دخل الغرفة كرجل ألي ملامحه لا توحي بأي شئ ليسقط ارضا عندما داهمته النوبة ودمعة حارقة هبطت من عينيه تعبيرا عن قهره وما اصعب قهر الرجال .. كانت اول مرة تداهمه الحالة منذ زواجه فقد ظن انه امتلكها ولا يريد شئ لكنه عاشق يريد حض.ن حبيبته طوال الوقت يريد قربها وليس نفورها ...
استمعت لصوت ارتطام بالأرض ركضت للغرفة وجدته متشنج على الأرض همست بفزع " مصطفى في ايه "
كان بين اليقظة والاغماء عندما رآها تركع جانبه لا لا يريد ابدا ان تعرف حالته ...
كانت تريد الركض لجلب الطبيب ضغط على يدها لا يريد طبيب لا يريدها أن تعلم ماذا به فهو يرى مرضه سيجعلها تنفر منه أكثر ..
اقتربت منه ببكاء تسنده بصعوبة وتضعه بالسرير حتى فاق من تشجنه نظر لها ما زال يعشقها بل مجنون بها لا يعلم لماذا لكنه لا يريد غيرها ...
همست وهيا تقترب منه " مصطفى ايه اللي حصلك اطلبلك دكتور "
هز رأسه بالنفي وقال بضعف " انا كويس "
همست بحزن " كويس ايه بس انت ما شوفتش حالتك عاملة ازاي "
رد بهدوء " كويس ما تقلقيش روحي نامي عشان تصحي للتجارب "
اخفضت عينيها وهمست بخجل " مصطفى انت زعلان مني انا ما أقصدش "
رفع ذقنها بيده وقال بحنان " انتي قولتيلي من الأول انه انا هتعب وانا قولتلك موافق وهقولك تاني هأصبر لآخر العمر عشان أخد قلبك يا بيسان "
فركت يديها بتوتر من حنيته وعشقه الذي يقطر من بين كلماته نظرته التي بها عشق كانت تراه في عينين والدها الذي كانت تعتبره اسطورة لن تتكرر في العشق ..
سحبها بهدوء تتمدد جواره نامت على صد.ره بخجل وهو يضمها من كتفها قبل جبينها وقال بحنان " نامي يا حبيبتي وما تفكريش غير بالدكتورة بيسان اللي هتكون اشطر دكتورة في العالم وامشي أفتخر بقى انها مراتي "
رفعت عينيها تنظر له عن قرب وهمست بحماس " واسمي يدخل الكتب عن الدكتورة اللي الكبيرة اللي ريحت البشرية من مرض خطير "
هز رأسه بحب لتكمل هيا " صحيح عايزة الكتاب الجديد من صاحبك رجل الظلام "
اقترب منها اكثر ينظر لها برغبة وهيام " حاضر انتي تؤمري "
اغمضت عينيها عندما أقترب منها يعزف سيمفونية عشقه رغم محاولته الابتعاد لكنه عاشق وليس على العاشق حرج ...
لم تتغير معاملته بعدها بل أصبح أكثر حنانا وأكثر عشقا يهئ لها كل ما يلزم لجو هادئ ملائم ... لم يطلب منها أي حق من حقوق الزوجية الا حض.نها .. هو تحدى نفسه سيفوز بقلبها وسيكسب ..
" علوة وحشتني عامل ايه انت ورحوم "
رد الاخر بحب " كويسين ي حبيبي وحشني جدا عامل ايه واخبار دراستك ومراتك ايه "
حاول ان يخفي ألم قلبه من بعدها وقال بابتسامه " تمام يا حبيبي كل حاجة تمام "
نظر له علي طويلا عبر مكالمة الفيديو ليسترسل بعدها " على بابا يلا .. فيك ايه يا حبيبي قولي يمكن الحل عندي "
تنهد بتعب ورد بحزن " بحبها اوي بس بحس انه كرامتي والحب ما بيتفقوش مع بعض مش عارف اوضحلك ازاي بس تعبت خايف ما اقدرش اكمل يا بابا "
ابتسم والده واجاب " اول حاجة مافيش حاجة اسمها كرامتي عمره الحب ما يقلل من الكرامة بس في تضحيات عشان تكسب في الاخر لو تعرف مامتك تعبت قد ايه عشان حياتنا تكون كدة كنت فهمت .. تاني حاجة بيسان لسة صغيرة اعتبرها بنتك مش لو اولادنا طلعوا عينينا زي ما انت طلعت عيني هنستحمل ونفضل نحبهم بعدين يا حبيبي قادر بشطارتك تكون رقم واحد في حياتها بس مطلوب منك تستحمل انت دخلت تحدي انك تكسبها هتكون قدو وانا اللي هفكرك بالآخر المكسب كان يستاهل ولا لا "
لا ينكر أن كلمات والده أرحته كثيرا ان المكسب يستحق " قلبها "
اجاب بابتسامه " أخبار شمشوم ايه "
تنهد والده بتعب بسبب أبناءه اللذان تعذبان ليهمس " سيف طلع عيان بالقلب ورافض يعمل العملية "
تغيرت ملامح مصطفى للصدمة والألم فهمس بحزن حقيقي صديقه وأخ زوجته وحبيب أخته " بتتكلم جد يا بابا طيب رافض ليه "
مسح وجهه بضيق " عشان مش عايز يظلمها معاه سيف فاكر انه مش هيخف وهيفضل كدة "
مصطفى " بس ده غل... "
قطع كلامه عند رؤية زوجته شاحبة الوجه تقترب منه بأنفاس متقطعة " سيف مين اللي تعبان "
قام من مكانه وقال بحنان " هيبقى كويس هو بس ... "
دفعت يده بقوة وهمست بانهيار " عايزة أنزل مصر حالا "
اقترب منها وضمها رغما عنها وقال بمواساه " حاضر هأحجز طيارة خاصة حالا بس اهدي "
****
" يعني هتعمل العملية "
رد بحسم " لا "
عقدت حاجببها وردت بخنقة " عشان كداب "
نظر لها بصدمة لتكمل بدموع " ايوة عشان كداب لو بتحبني زي ما كنت بتقول ما كنتش ضحيت فيا بالسهولة كدة "
اجابها بألم " افهمي انا ما انفعكيش أأقل حقوقك مش هأقدر عليها هتفضل تعالجي فيا وانتي صغيرة وجميلة محتاجة حد ... "
قاطعته بحدة " دي انانية مش تضحية انت تقرر عني ليه انا حرة أختار هاكمل حياتي مع مين بس انت استسهلت واخترت تبعد تمام يا سيف بس افتكر انك انت اللي ضحيت فيا "
تركته وركضت للخارج تبكي خوفا عليه ماذا عساها تفعل ضمتها والدته بحنان وقالت برجاء " اوعي تستسلمي يا شام عشان خاطري سيف محتاجك ان بعدتي هيموت "
شام بتحدي ودموع " هيعمل العملية غصب عنه "
طلب علي وزوجته زيارته والاطمئنان عليه استدار علي يريد الخروج لتهمس رحمة بتوتر " ينفع تخليني شويا عايزة اتكلم معاه "
نظر لها قليلا ثم هز رأسه بالموافقة جلست بجوار سيف وهمست بابتسامه " يوم فرحنا علي عمل حادث وحصل معه نزيف في المخ وهو برضو جه الفرح "
نظر لها بذهول لتكمل بدموع كأنه حدث أمس " وبعد الفرح لقيت أنفه بينزل دم وحالته صعبة خدنا المستشفى وقلبه وقف بين ايديا "" رواية التحدي المستحيل علي ورحمة "
بكت اكثر لتكمل " لما فاق كانت حالته مش طبيعية كلامه بتقطع ومشيته صعبة .. اختار يبعد وطول الوقت خايفة يطلقني ضيع احلى أيامنا بسبب أفكار في عقله غلط بعدها لما سافر عرفت انه سافر يعمل العملية وكانت خطيرة جدا ونجحت وكنت حامل في شام وهو ما يعرفش سنة ونص وانا معرفش عايش ولا ميت مت فيهم مليون مرة وانا شايفة بنتي مش عارفة يتيمة ولا لا كانوا اهلي كلهم لوحدي بس كنت عايزاه سابني واختار يتعالج وحده ويعاني وحده وانا اعاني وحدي ولما رجع تعب اكتر عشان اسامحه صحيح هو عوضني بس لسة ما سامحش نفسه عشان عذبني ما سمحش نفسه عشان ضيع اجمل ايام واحنا بعيد .. دلوقتي انت قدامك تختار تبعد وتعذب نفسك وتعذبها ولا تتعبوا سوا عشان تلاقوا الراحة في الاخر ربنا موجود يا سيف وكل مرض وليه علاج ... يوم واحد لو فاضل يوم واحد عيشه مع حبيبك اي ام هتختار انك تبعد عنها وتشوفلها راجل ما يحتاجش عمليات وتعب بس انا لا .. بنتي عايزاك وعمرها ما هتشوف السعادة غير معاك ... انا كنت مكانها وعارفة يعني حبيبي يكون معايا يا ترى هتختار ايه يا سيف ."
تنهدت قليلا ثم قالت وهيا تقوم " حمد الله عسلامتك "
كان كلامها في مكانه و وقته فكر قليلا هل يستطيع الابتعاد هل يستطيع رؤيتها ملك لغيره مجرد الفكرة أوقفت قلبه .. وخصوصا جملتها " لو فاضل يوم واحد بس عيشه مع حبيبك "
طلب من التمريض أن تنادي والده الذي دخل له بلهفة
سيف بجدية " انا موافق أعمل العملية "
انشرح قلب يوسف وقبل أن يتكلم تابع سيف " بس بشرط "
يوسف وقد فهم شرط ابنه " تمام "
***
فتحت عينيها لتجده ينظر لها نظرة اربكتها وجعلت وجنتيها تتورد من الخجل ..
مشى بظهر يده على وجنتيها بحب وهمس " صباح الخير "
حاولت استجماع صوتها لتجيب برقة " صباح النور "
قبل عينيها ثم عاد ينظر لها لتسأل بخجل " بتبصلي كدة ليه "
رد بصوت أجش " بتأكد انك جمبي وبخير انا ما نمتش وانا ابصلك وبحمد ربنا انك معايا دلوقتي "
دق قلبها بسرعة لتسأل بتوتر " بتحبني من امتى يا آسر"
تنهد بعشق واجاب " اكتشفت انب بحبك من واحنا عيال وكنت باجي مع بابا اشوفك بس لما جيت وشوفت البنت اللي كبرت وبقت قمر كدة سبت قلبي يومها معاكي وفضلت من غيرو "
استغربت كلامه لتسأل بتعجب " عمري ما لاحظت بالعكس طول الوقت احسك بعيد بترفض تبصلي كنت افتكرك مش طايقني "
ضمها لحض.نه " عشان خفت من ربنا "من ترك شيئا لله عوضه خير منه " وانا دعيت بقلبي ووعدت ربنا اني ابعد عن الحرام بس تكوني من نصيبي وربنا عوضني وبقيتي ملكي "
ابتسمت بخجل " طيب ولو ما كنتش اطلقت كنت هتحب تاني "
زاد من ضمها ليثبت انها ملكه وأجاب بضيق " حرمت عليا ستات الدنيا كلها وعمري ما كنت هاوافق وحدة تانية تتسجل باسمي "
دق قلبها بسعادة لتسأل بخجل " آسر احنا لينا فترة متجوزين وما حصلش حمل "
نظر لها طويلا ثم اجاب " وايه المشكلة "
عقدت حاجببها باستغراب " يعني مش عايز بيبي "
رد بحنان " لما بقيتي مراتي اكتفيت اتمنى طبعا من ربنا اصير اب منك بس لو ما حصلش نصيب مش هيأثر فيا "
ماسة بجدية " عايزة اروح لدكتور "
هز رأسه بالرفض واجاب بهدوء " لا لو حصل نصيب يبقى الحمد لله ما حصلش برضو الحمد لله "
ماسة باستغراب "يعني ايه "
آسر " عشان انا كدة مبسوط لو طلع العيب في حد فينا هنعيش في نكد لو العيب مني هأكون اناني ومش هأسيبك عشان تصيري أم ريحي نفسك "
ضحكت على طريقته ليكمل " ولو العيب منك معنديش مانع اتجوز "
لكمته بصد.ره ليكمل بضحك " لو العيب مني هأكتفي فيكي بنتي لو فضلتي تزني حقك لازم تتجوز تخلف هفتح دماغك ومش هأتجوز برضو فخلينا كدة مية فل وعشرة "
كم أسعدها كلامه أنه يكتفي فيها وحدها ولا يريد أجدا غيرها فاقت على رسالة على هاتفها كانت من بيسان التي تسألها عن حالة سيف لأن لا أحد من والديها يجيب وانها قادمة في اقرب طيارة..
حدقت بعينينها وسقط قلبها أرضا ويدها ترتجف وهيا تحاول الاتصال بوالديها
آسر بقلق " في ايه بترتعشي كدة ليه ".
ماسة ببوادر انهيار " بيسان بتقولي اطمنها على سيف عشان مامي وبابي مش بيردوا ..
بكت اكتر لتكمل برعب " انا خايفة اوي هو سيف ماله "
آسر بحنان " طيب انتي بتعيطي قبل الهنا بسنة ان شاء الله خير خلينا نطمن عليه الأول ونشوف ماله "
هزت رأسها بقوة وركضت للحمام تستحم وترتدي ملابسها بسرعة وهي ما زالت تبكي ..
أمسك هاتفه واتصل بوالده يطمئن عليه ليخبره بحالته الأمر الذي جعله يجن وخصوصا خوفه من ردة فعل حبيبته التي انهارت قبل أن تعلم ما به ..
ارتدت ملابسها ليهمس بحنان بعد ان استحم في حمام آخر " انا عرفت هو في مستشفى ايه بابا قالي بس كان متضايق فأغمى عليه ما تقلقيش "
لكن كلامه لم يطمئنها بل ما زالت ترتعش قلقا على أخيها وصديقها ...
***
بعد مرور وقت دخل بيته ووجهه يغني عن سؤاله وخصوصا وهو خائف من ردة فعل زوجته..
نظرت له اسراء ولحالته نظرت خلفه تنتظر ابنها الذي لم يدخل حتى الان عادت النظر لداخل عينين زوجها الذي يهرب من نظرتها لتهمس بصوت مرتعش " سيف فين "
لم يجيب لتهمس بصوت أعلى " سيف فين .. انت سبت ابني يموت وافقت على رأيه يا يوسف