رواية الاميرة والمغترب الفصل السابع عشر 17 بقلم الاء إسماعيل البشري






رواية الاميرة والمغترب الفصل السابع عشر 17 بقلم الاء إسماعيل البشري


رن هاتف ياسين فأفاق بصعوبة ليجد نفسه نائما بجانب الحاسوب بثيابه تلك !

- ايه ده ؟؟ انا نمت في المكتب ؟؟

امسك هاتفه بتثاقل : نعم يا منذر...

- مصيبة يا ياسين بيه ...مصييييبة !!!

ياسين بتعجب : انت بتقول ايه ..مصيبة ايه دي؟؟

- شحنة القطن اللي جاية من مصر غرقت كلها في المحيط !! 


قام ياسين بفزع : شحنة ايه دي اللي تغرق انت اتجننت يا منذر ؟؟ 

منذر بخوف: و الله زي ما بقولك يا بيه ...الخبر لسة واصلنا حالا .. بيقولوا العبارة باللي فيها غرقت و كل حمولة القطن بتاعتنا كانت عليها ..

ياسين : طب اقفل انت انا هاتصرف 

نظر الى الساعة فوجدها تشير الى السابعة 

أتصل بالسكرتيرة : الو نانسي ...اريدك ان تذهبي حالا الى المكتب احتاجك في عمل مستعجل جدا 


اقفل و هو يهمس بغضب

- كنت متأكد من الحركة دي ...فاكر انك اذكى مني صح ؟؟ يبقى أيا إنت مين فأنت لسة متعرفش مين ياسين المنشاوي يا شاطر 


صعد الى غرفته و تجهز مسرعا ثم عاد الى المكتب و فتح خزنة سرية موجودة خلف رف الكتب .. اخرج منها ظرفا و غادر المكتب 


كان يهم بالخروج حين تذكرها

- اوووف انا نسيتها خالص ؟؟؟

عاد مسرعا الى الداخل و توجه نحو المطبخ 

اعد سندويشا و عصيرا مع سلطة فواكه و وضعها في صينية و توجه بها نحو الغرفة 

يعلم انها نائمة و مؤكد انها لا ترتدي حجابها 

- اعمل ايه طيب ؟! اسيبها من غير اكل ؟ ما انا مش عارف اصلا هأرجع امتى ..

تردد قليلا ثم وضع الصينية و عاد الى غرفة المكتب 

اخذ كتابا و ورقة و قلما ثم كتب ملاحظة و خرج


 وضعها فوق الصينية ثم فتح الباب بهدوء و توجه ببطء الى الطاولة الموجودة في الجهة الاخرى بعيدا عن سريرها

جاهد نفسه حتى لا ينظر بإتجاهها 

وضع الكتاب و بجانبه الصينية و اسرع في خطاه بخفة حتى لا تستيقظ ليغلق الباب و هو يتنفس براحة 

- سامحيني بأعذبك معاي بس غصب عندي انا كمان ظروفي معقدة و مش احسن من ظروفك..

اخذ حقيبته و غادر مسرعا و هو يتصل بأحدهم : و بعدين معاك انت كمان ؟؟ ما ترد بقى يا خالد ! اوووف 😤


اقفل الخط و أتصل على نانسي : هل وصلتِ المكتب نانسي ؟؟ 

- اجل سيدي 

ياسين :جيد الآن إسمعيني جيد و ركزي في ما عليك فعله 


اتصال هاتفي بين ش"يطانين

- الف مبروك يا باشا زمانه عرف بالخبر ...و هيموت من قهرته خصوصا أنه مش مأمن الشحنة في البحر

المجهول بشر : و لسة يا ياسين .. نفسي بس اشوف وشه لما يعرف بخبر المناقصة كمان .. دي الي هتبقى الضربة القاضية ليه بجد .. إلا قل لي !؟ إتصلت ب ليليان؟؟

- لا يا باشا مش بترد على تلفونها

- و بعدين مع الغبية دي !؟!

- تؤمرني بإيه يا باشا ؟

- مش مطلوب غير انك تلتزم بالخطة مع ليليان و يا ريت تروح تتطمن عليها عملت ايه معاه و تكلمني بعدها 

- أمرك يا باشا 


ياسين يقود سيارته مسرعا حين رن هاتفه

خالد : الو ياسين اتصلت بيا انا آسف لسة شايف اتصالك

قاطعه ياسين: خلاص يا خالد مش عايز شرح مفيش وقت 

خالد : أؤمرني يا صاحبي .

ياسين : شحنة القطن اللي استوردناها من مصر غرقت قبل ما توصل لميناء مونتريال ...انت قريب من هناك عايزك تطير حالا نص ساعة و تبعثلي عالإيميل الشخصي تقرير مفصل ..

خالد : غرقت !! ازاي عبارة كبيرة زي دي تغرق بالبساطة دي ؟؟

ياسين : اومال انا بعثتك ليه ؟؟ الموضوع فيه إن و انت عارف اني مش بثق في حد غيرك ...تسافر بطيارة خاصة و اول ما توصل تبلغني بأي جديد 

خالد : طب انت هتعمل ايه دلوقت ؟؟

- هآخذ ملف الشحنة و اروح شركة التأمين..يالا نتكلم بعدين .


في منزل ليليان 

دق جرس الباب فخرجت ليليان متثاقلة و هي تمسك برأسها و فتحت الباب بتذمر 

المجهول:معقولة لسة نايمة يا ليلي ؟ 

-فيه ايه يا بني آدم !! انت ازاي تصحيني في الوقت ده ؟؟ 

- شفتك ما رديتيش على تلفونك و لا طمنتيني قلت اجيلك بنفسي ؟هااا عملتي ايه مع ياسين ؟! 

ليليان : انا بس كنت تعبانة اوي عملت التلفون صامت و نمت على طول ... 

توجهت نحو الأريكة و استلقت بتعب و هي تمسك رأسها : و بعدين هكون عملت ايه يعني ؟! هو رفض ينام هنا قال مستعجل عشان المناقصة 

- معناه ايه الكلام ده ؟؟

- يعني اتعشينا و قعدنا مع بعض شوية و راح 

- غبية ...غبيييية !! يعني معقولة يوصل هنا برجليه و تسيبيه يطلع من غير ما يحصل حاجة ما بينكم ؟؟

ليليان بضياع : هو..بصراحة انا مش عارفة حصل او لا ...أصل أنا شربت شوية و ما حسيتش بنفسي بعدها و لا فاكرة حصل ايه

- طيب طيب ... على الله بس تصحلك فرصة تانية و إلا كل شغلنا هيروح عالفاضي 

- ما تقلقش انا هادبرها أكيد المهم شايفاك مبسوط اوي هو حصل حاجة انا ما اعرفهاش ؟! 

- ايوة ...شحنة القطن غرقت في المحيط 😁

ليليان بدهشة: يا خبر !!! دي كارثة !!

المجهول بخبث: كارثة لياسين يا حبيبتي مش لينا ! 😁

- مش لينا ازاي ؟؟ مش هتبقى كل حاجة لينا ؟؟ انت فرحان ليه ؟ و هتستفيد ايه لما يخسر ياسين ؟؟ 

- ملكيش دعوة بالحاجات دي انتي مطلوب منك تقربي منه اكثر و بس ... هو أكيد هيقوم من الوقعة دي ..ده زي الجن بسبع ارواح 


في منزل فاتن 

- سحر !! بنت يا سحر !!

- ايوة يا ماما

- انا كلمت ابوكي قبل شوية ...

سحر بلهفة: بجد ؟؟ كويس .. ايه الاخبار وحنان ازيها ؟؟

فاتن بضيق : بيقول حصلت مشكلة في البلد و مضطر يتأخر كمان اسبوع ...

سحر : خير ؟؟ مشكلة ايه !

فاتن : الجو متلغبط هناك و نسوان بدر عاملين مشكلة خصوصا مراته التانية سنية ...شرانية و اهلها ناس مفترية .. بيقول أبوها و اخواتها جوم عملوا فض'يحة و وقفوا كتب الكتاب .

سحر : يا ساتر ؟؟ طب و الحل ؟؟

فاتن : ابوكي و عمك هيتصرفوا ...ما تنسيش ان عمك مرسي كبير العيلة و كلمته تمشي عالكل...المهم خلينا في مشكلتنا دلوقت 

سحر: مشكلة ايه ؟؟

- ابوكي اجازته العارضة اللي واخذها هتنتهي بكرة و عايزك تروحي الشغل النهاردة تطلبي منهم يمضوله على إذن اجازة اسبوع كمان ..

سحر : حاضر يا ماما ...اخلص اللي في ايدي بس و اطلع .


تململت أميرة بتعب فقد بقيت مستيقظة لوقت متأخر جدا و ما زاد رهبتها اكثر هو ذلك السكون القا'تل الذي كان يعم المكان ..نظرت الى الساعة بجانبها فوجدتها تشير الى العاشرة و النصف صباحا 


اعتدلت قليلا و هي تنظر يمينا و يسارا و تفاجأت حين رأت صينية طعام في الطاولة الموجودة بالجانب الاخر من الغرفة

أميرة بتساؤل : الصينية دي مكانتش موجودة بالليل معقولة دخل اوضتي و انا نايمة ؟؟ يعني شافني كدة !!


جاهدت نفسها لتجلس على ذلك الكرسي المتحرك و توجهت مسرعة الى ناحية الطاولة بقلق فوجدت ورقة بجانب الاكل

فتحتها مسرعة : 


صباح الخير 

انا طلعت في شغل مستعجل و مش عارف راجع امتى

 ما قدرتش اسيبك من غير اكل عشان كدة حطيتلك الاكل ده تسدي بيه جوعك لحد ما ارجع و ما تنسيش تاخذي ادويتك

اه على فكرة يا أميرة... انتي أمانة في بيتي عشان كدة اتطمني انا حطيت الاكل و طلعت على طول ما شفتش ناحيتك اصلا و ربنا شاهد على كلامي.

ياسين .


- ياااااه ...هو فيه ناس كدة ؟؟ 

اغلقت الورقة و هي تشعر بأمان و راحة غريبين .


توضت و صلت فرضها واكلت ..بعد مدة ثم توجهت ناحية باب الشرفة و حاولت فتحه لكنه مغلق 

- ده كمان مقفول بمفتاح ؟! اوووف


شعرت قليلا بالضيق و الملل لكنها لاحظت شيئا آخر بجانب الصينية 

عادت الى الطاولة و التقطت ذلك الكتاب الموضوع بجانبها

كانت رواية بعنوان "كم مرة سنبيع القمر " بقلم الكاتب المصري المقيم بكندا " أسامة علام" 

شعرت بالفضول و همست في نفسها : مصري مغترب بكندا؟  


 فتحت المقدمة ..فاستوقفتها تلك العبارات المشوقة التي ترتكز على إثارة الدهشة والمفارقات الإنسانية بلغة شديدة الدفء والحنو


تصفحت بضع صفحات و هي منبهرة من طرح الكاتب تساؤله ذاك " كم مرة سنبيع القمر " كعنوان لمجموعته القصصية و وقفت عند عبارة " في هذه الأماكن البعيدة تماماً عن الوطن حيث يمكن تحويل كل الكائنات والجماد إلى أصدقاء" 

 ادهشها موقف المؤلف و كأنه يبحث في الظلال والشوارع الخلفية عن حكايات تحول الوحدة و كآبة الغربة إلى ونس و أمان ، يكتب عن هؤلاء الغرباء الذين نقابلهم صدفة فينيرون لنا ظلمة الغربة و يجعلون اي مكان نطؤه معهم موطنا و ملاذا لنا

كما توقفت مذهولة من اختيار ياسين لتلك الرواية بالذات !!

توجهت نحو سريرها و إنهمكت في القراءة بإهتمام و تركيز 


في شركة التأمين 

- سيد ياسين نتفهم قلقك لكنك تعلم أن هذا النوع من التحقيقات يستغرق وقتا طويلا جدا 

ياسين : سيدي هذا ملف التأمين الخاص بالشحنة..لا يهمني كم من الوقت سيستغرق التحقيق ... انت تعلم أن الحمولة ضخمة : مئة طن من القطن هذا يعني ملايين الدولارات ...المبلغ من شأنه ان يؤثر على اقتصاد كندا بأكملها و ليس علي فقط هل فهمت ؟؟ الكثير من مؤسسات الغزل و النسيح المتعاقدة معي صفقاتها مرتبطة بهذه الشحنة ...سافقد اعتباري قبل اموالي هل فهمت سيد ميتشل؟

- افهمك سيدي ...لا تقلق فور وصول التقرير سنتصل بك .

- يمكنني دفع مبلغا اضافيا مقابل تسريع العملية 

- انت أهم عميل لدينا سيد ياسين لا تهتم سنعمل جاهدين على هذه القضية .

- شكرا لك سيد ميتشل عن اذنك 


خرج ياسين من الشركة و هو يتصل بنانسي

- هل فعلت ما طلبته منكِ ؟

 - اجل سيدي كل شيء جاهز 

- سيبدأ الإعلان عن نتيجة المناقصة بعد نصف ساعة من الآن انطلقي بسرعة سنتقابل هناك .

- بأمرك 


في ميناء مونتريال

خالد : ماذا تقول يا هذا ؟؟

- على ما يبدو سيد خالد ... إختفت الشحنة بطريقة ما بين مصر و كندا ..

- ماذا تعني بإختفت؟؟

- اي أن الحمولة قد حملت كاملة بميناء مصر لكنها لم تغرق مع باقي حمولة العبارة ..هذا ما تظهره صور القمر الصناعي 

خالد بغضب : اي نوع من الاستهتار هذا سيد ادامز ...

سيد ادامز : سيد خالد انا متأكد من وجود ..


رن هاتف خالد 

- حسنا سأعود عليك لاحقا علي الإجابة على اتصال هاتفي من السيد

تركه و خرج 

- ايوة يا ياسين .  

- فهمني ايه الحكاية يا خالد ؟ لقيت ايه 

- مبدئيا الحمولة شكلها اتسرقت بعد ما اتحملت من مصر

- تتسرق ازاي ؟؟!

- مش عارف ...المهم تؤمر ب ايه 

ياسين بغضب : تبلغ ادامز اللي هاقولهولك بالحرف الواحد و تبعثلي بعدها التقرير اللي طلبته و معاه خط سير العبارة و كل مكان وقفت فيه عشان تحمل وقود و انا هاتصرف .

خالد : حاضر ..

ياسين : اسمعني كويس ... .  


سحر بتوسل : سيدي أقول لك هو موجود في مصر و لا يستطيع السفر اليوم ارجوك أن تقبل تمديد الإجازة فقط لأسبوع 

- آسف يا آنسة ..الشركة أساسا في وضع استنفار و قد تم قطع جميع الاجازات و عودة جميع العمال المناوبين ليلاو نهار 

سحر برجاء: يمكن أن تعتبره وضعا خاصا فهو خارج كندا

- آنسة ليس لدي وقت اضيعه...يمكنك اخبار السيد صالح انه ان لم يستأنف عمله بدءا من الغد فيمكنه اعتبار عقد عمله لاغيا .

سحر بحزن : لكن يا سيد . ..

- قد أضعت ما فيه الكفاية من الوقت من فضلك انصرفي 


خرجت سحر تجر أذيال الخيبة و إتصلت بوالدتها 

- الو .. ايوة با ماما 

فاتن : طمنيني عملتي ايه ؟؟

سحر بحزن: للأسف يا ماما رفضوا ..بيقولوا عندهم حالة طواريء و مفيش اجازات عارضة و لو ما رجعش من هنا لبكرة هيفا










 عقد العمل بتاعه و يعوضوه بواحد تاني .. 

فاتن : ايه الكلام ده يا سحر ؟؟ معقولة يفسخوا العقد !! هو قطع الرزق عندهم بالبساطة دي ؟؟ 


كان احدهم يمر بجانبها و قد أثار انتباهه انها تتكلم باللهجة المصرية مما جعله يشعر بالفضول قليلا كما اثاره حزنها فتوقف قريبا منها يستمع الى مكالمتها و هو يهمس في داخله : قد ايه بأستمتع لما اسمع حد بيتكلم مصري هنا في كندا ...بجد شعور دافي بيحلي مرارة الغربة و بيهون قسوتها 


اكملت سحر : ايوة يا ماما الناس دي مش بتتعامل بالعواطف كل اللي يهمهم اقتصاد شركتهم و بلدهم قال ايه العمالة هنا على قفا مين يشيل مستنيين بس فرصة...


تنهدت سحر بحزن و أكملت: انا حاسة إن كل اللي بيحص لنا ده ذنب الغلبانة أميرة اللي اتهمتوها بالباطل و شردتوها في بلد غريب ...يا عالم أراضيها فين دلوقت 😓😔 عايشة ولا مي'تة شبعانة ولا جعانة ..لابسة ولا ...لم تتمالك دمعتها و انهارت بالبكاء


فاتن : ايه لزوم الكلام ده يا سحر ؟! اهدي و تعالي انا هاكلم ابوكي و هو يتصرف 

سحر : طيب يا ماما 😓😔 .


توقف بتعجب و فرك لحيته كأنما يتذكر شيئا : هي قالت أميرة ؟؟ ولا انا سمعت غلط ؟؟

اقفلت سحر الخط و كانت تهم بالرحيل و هي تمسح دموعها بيأس حين اوقفها مسرعا 

- احم من فضلك يا آنسة ...ممكن دقيقة من وقتك لو سمحتي ؟؟ 

وقفت بذهول امامه و نظرت إليه بتمعن .


شاب اشقر طويل بعيون خضراء متموجة و لحية خفيفة زادته وسامة ...لا يبدو أنه عربي كيف يتكلم المصرية ؟

سحر بتساؤل : افندم ؟؟ حضرتك تعرفني ؟؟

- لا الحقيقة انا سمعت كلامك بالصدفة ... و واضح من كلامك ان عندك مشكلة كبيرة 

سحر بغموض: ايوة ؟! و حضرتك عايز ايه؟؟

- بصراحة واضح إن احنا ولاد بلد و من واجبنا نساعد بعضنا بعض ولا ايه رأيك ؟ 

سحر : ما اعتقدش هتقدر تساعدني ..عن اذنك 

كانت تهم بالإنصراف حين اوقفها ثانية ؛ جربي مش هتخسري حاجة ... 

سحر: بص يا استاذ ....!!

- خالد ..اسمي خالد ...☺️

             الفصل الثامن عشر من هنا 

لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا 


تعليقات



×