رواية غرام الذئاب الفصل الخامس بقلم ولاء رفعت
#الفصل_الخامس
#غرام_الذئاب
#الجزء_الرابع_من_سلسلة_صراع_الذئاب
#بقلم_ولاء_رفعت
ليتني لم أرد على رسالتـك ذات يـوم و تركتك غريباً ..ليتني تجاهلتك ولم أفتح لكَ نافذة فؤادي ..
ليتني لم أسمح لك بتجاوز أسوار وطني وأبقيتك بعيداً ..بعيداً حيث لا قصة بيننا ؛ ولا ذكرى قد تشق خاطري في فلك الليل ..ولا لأعيش الألـم بهـذه الطريقة ..
ليتني أنهيت الطريق معك قبل أن يبدأ..
وأدرت ظهري واقتنعت بأنها كانت قصة زائفة!
يجلس أعلي السرير الطبي حيث يخرج شقيقه الرصاصة من عضده، تأوه آدم بألم فقال شقيقه مازحاً بسخرية
"ما تنشف يا آدوم، أومال لو مش حطيتلك بنج كنت عملت إيه؟!"
"أخلص يا يوسف أنا مش مستحمل كلمة، و ياريت محدش يعرف باللي حصلي خصوصاً ماما"
"مش هقول بس علي شرط، تقولي مين عمل فيك كدة، أنت ليك عداوة مع حد؟"
كتم الأخر ألم داهمه فالمخدر لم يكن كافياً لتسكين الوجع، فأخبره من بين أسنانه
"هحكيلك"
أنتهي شقيقه من مداواة جرحه وتعقيمه ثم تقطيبه فحمايته بالنسيج الطبي واللاصق، أعطاه حمالة و أمره
"خلصت، خد دي علق فيها دراعك لحد ما جرحك يلم"
نظر من حوله باحثاً عن سبب متاعبه
"هي خديجة راحت فين؟"
"قولتلها تقعد مع طه عشان مش هاتستحمل تشوف و أنا بخرجلك الرصاصة، ها احكيلي"
روى له آدم كل ما حدث منذ بداية محاولة قتل فجر علي يد باسم حتي أحداث اليوم وكانت خديجة المقصودة بالرصاصة و ليس هو.
عقب يوسف بامتعاض
"و إزاي كل ده يحصل معاكم و ما تقولناش كنا اتصرفنا و ما تجرأوش يبصوا لكم حتي، يا بني أنت ناسي إحنا مين؟!، دي مكالمة واحدة من قصي يجيبلك الواد ده و عيلته كلها لحد عندك"
"أنا مش ناسي، لكن قبل أي تصرف لازم أعرف أنا بتعامل مع مين الأول، خليت المحامي يجيبلي قرارهم، طلعوا تجار سلاح و من التقال كمان، و اللي زي دول البعد عنهم غنيمة"
"هاتزعل مني لو قولتلك أنت جبان؟"
نزل من فوق السرير يرمقه بغضب
"ما تروح أنت أقف قدامهم يا دكتور وورينا شجاعتك، و ما تزعلش بقي لما الحرب تطول أهل بيتك وولادك، أنا مش جبان و لا ضعيف و هاعرف أخد حقي و حق مراتي بالعقل من غير ما أؤذي اللي مني، فيه أمور لازم تتعامل معاها بحكمة لأنك لو عملت العكس مش هاتتحمل عواقبها"
وقف أمامه مباشرة وأردف
"النار لما بتولع مش بتنطفي غير لما بتحرق الكل يا دكتور"
و في الخارج تجلس جوار شقيقها الذي يرتدي نظارة شمسية ليواري بها أثر اللكمة حول عينه
"أنا نفسي أفهم إزاي جالك الجرأة ورايحة لوحدك تعملي خطوة عارفة بمجرد لو خرجتي من باب البيت بعد الشر ممكن يجرالك حاجة"
"لأن اللي كنت هاعمله شهادة حق، و ربنا هو الحافظ يا طه، و ما أحبش أكون جبانة و أضيع حق واحدة عشان حتة عيل هو و أهله معرفوش التربية وبيدوسوا علي الناس و كأن البلد مفيهاش قانون"
"يا حبيبة أخوكي، أنتي لاغيتي وجودنا، أنا و جوزك وولاد عمنا، و لا كأن ليكي رجالة هم اللي يتصرفوا، إيه يا خديجة ده كان ديماً بابا الله يرحمه بيتباهي بعقلك اللي يوزن بلد"
"و أنا لو كنت قولتلك أنت و آدم أنا رايحة أشهد في تحقيق النيابة باللي شوفته كنت سمحتوا لي أخرج من باب البيت!"
"طبعاً لاء، لأن أهل الولد بعتولك اللي قالهالك في وشك صراحة، لو شهدتي علي ابنهم هيأذوكي و مش أنتي و بس، أنتي و جوزك و ابنك"
تدخل الذي خرج للتو يثني ساعده في الحامل المعلق
"قولها يا طه، قولها عشان مكنتش مصدقة غير لما شافت بعينيها والرصاص نازل علينا، يمكن كانت صدقت أكتر لو كانت جت في دماغي و لا قلبي"
صاحت بقلق و خوف
"بعد الشر عليك، أنا قلبي كان هيقف لما جاتلك الرصاصة في دراعك"
حدقها بامتعاض معقباً بتهكم
"صادقة يا شيخة خديجة"
اقتربت منهما أحدى العاملات تحمل صينية يعلوها زجاجات مياه و أكواب فارغة و كؤوس مليئة بالعصير الطازج
"اتفضلي يا فندم"
ومدت الصينية أمام خديجة فأخذت زجاجة مياه
"جزاكِ الله كل خير، كنت عطشانة أوي"
أخذت تتجرع المياه بنهم، اقترب منها زوجها وسألها ساخراً من ما كانت تخبره به من صيامها صباحاً
"ألا قوليلي يا شيخة خديجة إيه أخبار الصيام؟"
توقفت عن شرب المياه ونظرت بابتسامه يشوبها الخجل
"أصل، أصل أنا.....
"أنتي إيه؟!، هقولك أنا، أنتي كذابة و مش مرة، مرتين، كذبتي لما قولتيلي إنك صايمة عشان ما تقعديش تفطري معايا و تلحقي ميعاد تحقيق النيابة، و المرة التانية لما روحتي من غير ما تستأذنيني، و أنتي أكتر واحدة فينا عارفة تعاليم دينك و ما ينفعش تروحي في مكان غير بعلم جوزك يا مدام، صح و لا أنا بتكلم غلط يا طه؟"
أجاب الأخر وينظر إلي شقيقته من خلف النظارة الشمسية بعتاب
"بتتكلم صح و أديك جيت و أنا بعاتبها علي اللي عملته"
وقفت أمامهما تحدق إليهما بحنق
"خلاص، اتفقتوا عليا أنتم الأتنين وطلعت أنا الظالمة الكذابة"
قال يوسف الذي كان يتابع في صمت
"لاء يا خديجة، اللي عملتيه كان بدافع الحق و الكذب كان وسيلة لتحقيق غاية"
أشار إليه شقيقه بأمر
"نقطنا بسكاتك بالله عليك، مش ناقصاك أنت كمان، بتشجعها علي الغلط بدل ما تعقلها، عايزاها تعمل إيه تاني و بسببها جايلك و دراعي سايح بدمي، المرة الجاية أجيلك جثة؟!"
"لاء يا عم آدم، أنا كان قصدي كان ممكن تخليها تروح تشهد و أنت توفر لها جارد أو إتنين و قبلها كنت بلغت صاحبك العقيد كان زمانه خلص لكم كل حاجة"
"معلش يا دكتور، أصل أخوك ما بيحبش المشاكل عشان ما يأثرش علي شغله و سمعة العيلة"
تفوهت خديجة مما أثارت غضب زوجها الذي نهرها بغضب
"ممكن ما اسمعش صوتك خالص، و خلي يومك يعدي علي خير و ألا والله لـ...
"لإيه؟، هاتعملي إيه يا باشمهندس، الحمدلله أن الحوار قدام أخويا و أخوك، عشان محدش يلومني لما كنت بطلب منك الطلاق"
نهض طه وعقب
"طلاق إيه أنتي كمان، جوزك خايف عليكي و عايز مصلحتك و مش عايز يدخل في مشاكل مش هاتضر بيكم بس هاتضر العيلة كلها، بطلي عند و فكري في جوزك و ابنك، و ربنا ما بيضيعش حق حد و حق صاحبتك هيرجعلها سواء بيكي أو من غيرك"
كان آدم سيعلق علي حديث شقيق زوجته لكن سبقه هاتفه باتصال وارد، وجد المتصل المحامي الخاص به
"ألو يا متر"
.............
"تمام، أنت متأكد؟"
.............
"طيب أنا هاشغل speaker عشان المدام تسمع بنفسها"
لمس مكبر الصوت فأخبرهم المحامي
"من ساعة جه ظرف لوكيل النياية المسئول عن القضية، طلع فيه فلاشة عليها فيديو متصور عليه تفاصيل محاولة القتل، و ما يعرفوش مين اللي بعته"
سأله آدم
"و بعد ما شافوا الوكيل إيه اللي تم؟"
"بعتوا جابوا فني عشان يتأكدوا من صحة الفيديو و طلع سليم مية في المية، كانت مفاجأة علي دماغ أبو باسم و هايتجنن، مقوم لابنه أكتر من عشر محامين"
"طيب بالنسبة لشهادة المدام؟"
"مش هاتضيف جديد لأن الفيديو جايب كل التفاصيل صورة و صوت و تهديد باسم لفجر وهو بيطعنها"
"تمام يا متر، شكراً"
"العفو يا آدم بيه"
ألغي مكبر الصوت ووضع الهاتف علي أذنه
"سلام يا متر"
قال طه
"الحمدلله و أخيراً، أظن يا خديجة سبب مشكلتكم أتحل، و أنت يا آدم خد مراتك وروحوا أتصافوا في بيتكم"
سأل يوسف بتهكم مازحاً
"أنهي بيت بالظبط في القصر عندنا و لا بيتكم يا طه اللي في الحارة"
أجفلها آدم بالقبض علي يدها وأخبرهم
"و لا ده و لا ده، إحنا لينا شقة هنروح ليها وهابقي أكلمهم في القصر يبعتولنا حاجتنا عليها"
"و أنا......
كادت تعترض فألجم لسانها نظرة زوجها التحذيرية بل والمرعبة لها، أومأت بالموافقة، ضحك كل من يوسف و طه الذي علق بنبرة فكاهية
"هم كده يا ابن عمي صنف ما بيجيش غير بالعين الحمرة"
اقترب منه آدم و سأله بهمس
"ألا قولي يا طه، من وقت ما وصلت هنا ولابس نضارة شمس، هي شيماء علمت علي وشك و لا إيه؟"
"مين دي اللي تعلم، ابن عمك مسيطر، دي خناقة كانت في الشارع و جاي أحوش، راح جه بوكس في عيني"
حدقه الأخر بمكر
"هاعمل نفسي مصدقك، و يا خبر بفلوس بكرة هيبقي ترند بعنوان الزوجة التي لقنت زوجها ضرباً مبرحاً بعد أن أمسكت به مع جارتهم الحسناء"
لكزه طه في ذراعه المصاب
"امشي يا آدم أحسن ما هسلط عليك أختي و هخليها تيجي تقعد عندي"
"الطيب أحسن، أنا كده كده ماشي"
نظر إلي شقيقه يوسف ورفع يده
"سلام يا دكتور"
لوح الأخر يده
"سلام، المرة الجاية مش عايزك تيجي غير في زيارة مش مصاب"
انتبه طه إلي اهتزاز هاتفه الذي كان يهتز كل فينة و الأخرى، تذكر أمر المتصل، زفر بضجر و تمتم قبل أن يجيب
"شكلي انا اللي هاجي مصاب بجلطة بسببك يا شيماء"
أجاب علي الاتصال
"نعم يا حبيبتي"
أبعد الهاتف عن أذنه بسبب صراخها المزعج
"مش عايز ترد عليىّ ليه يا أستاذ؟!، طبعاً خايف ترد يا خاين، كنت بتعمل إيه عند أم سحلول اللي جنبنا يا طه، و إياك تكذب لأن أنا شوفتك بعينيا و أنت خارج من العمارة بعد ما مشيت من الشقة بحوالي أكتر من نص ساعة"
"عارفة يا شيماء، أنا مكنتش ناوي أعملها، بس عشان ظنك السئ فيىّ علي طول هاعملها، هاخونك مع أم سحلول قصدي روميساء و كل واحدة حلوة هاشوفها هاخونك معاها و كلمة كمان و هتلاقيني داخل عليكي بالزوجة التانية و التالتة و الرابعة و ما ملكت أيماني، و هاشتريلهم قصر و اكتب عليه طه سالم البحيري و حريمه، و ياريت ما تتصليش تاني عشان مش هارد عليكي و من غير سلام، ها"
أنهي المكالمة وأغلق الهاتف!
❈-❈-❈
تتأمل هيئتها الجديدة حيث ذهبت إلي مركز تجميل شهير، قامت بتغير لون شعرها من الأسود إلي الأشقر الذهبي و فعلت كل ما تفضله المرأة من الزينة والتجميل، تمسك في يدها ثوب حريري باللون الزمرد الأخضر، تنظر من خلال المرآة إلي المضجع تتذكر آخر ليلة قبل المشاجرة.
«مشهد سابق»
كان يتمدد جوارها يلتقط أنفاسه بينما هي ولت ظهرها إليه و الدثار يكسو جسدها ما عدا رأسها و ذراعيها، تضم يديها أسفل خدها، لا يبدو علي ملامحها أي تعبير وكأنها تمثال صامت، و قررت أن تتخلي عن صمتها فأخبرته دون مقدمات
"مبروك، هتبقي بابا للمرة الرابعة"
انتفض بسعادة سألها للتأكد من الخبر
"قولتي إيه؟، أنا سامع كويس و لا بتهيئلي؟!"
نهضت واستندت بجذعها علي مسند الظهر للسرير، تجيب ببرود
"أيوه زي ما سمعت"
لاحظ ملامحها الساكنة لا يبدو عليها سعادة المرأة عندما تخبر زوجها بحملها، أمسك يدها وقام بفرض حسن النية
"أنا عارف يا حبيبتي لسه ما فوقتيش من تربية يزيد و قد إيه تعبتي في حمله و فترة الرضاعة مع مسئولية الأولاد و البيت و كنتي بترفضي أجيبلك حد يساعدك أو ناني تاخد بالها معاكي من الولاد، المرة دي هاجيبلك شغالة تشيل شغل البيت و ناني تهتم بالولاد و مش عايز منك غير أنك ترتاحي و كل طلباتك مجابة"
نظرت إليه وترددت قبل أن تلقي عليه بالصاعقة
"بس أنا مش عايزة الحمل ده"
ترك يدها وحاول إدراك ما تخبره إياه، شبه ابتسامة ظهرت علي شفتيه يسألها ويكذب حدسه
"ده شعور طبيعي يا حبيبتي، ما تقلقيش أنا معاكي و جمبك و هادعمك معنوياً و حسياً و كل أنواع الدعم"
احتضنها وقام بتقبيل عنقها، دفعته ونهضت ولا تبالي بالحماقة التي تصرفت بها للتو، تناولت مأزر الغلالة وارتدته سريعاً
"ما تفهم بقي، قولتلك مش عايزه الحمل يعني مش عايزاه، كفاية ولادنا التلاتة، الرابع ده هعرف أربيه إزاي و احتويه وأبقي حنينه عليه و أنا خلاص بقيت فاقدة للعطاء، مش قادرة أتجاوز اللي عملته معايا السنين اللي فاتت"
صدمة تلو صدمة يستقبلها بوجه متجهم عاقداً ما بين حاجبيه، سألها بكل هدوء ينافي ما داخله من عاصفة غضب جم
"يعني كنتي بتنامي في حضني طول الأيام اللي فاتت و أنتي مش طيقاني؟!، و بعد كل كلامي معاكي و الاعتذارات اللي قدمتهالك برضو لسه شايلة مني لدرجة مش عايزه اللي في بطنك؟!"
تلاشت النظر إليه فأجابت بدفاع و تنظر بعيداً عنه
"ما أقصدش اللي فهمته، بقولك مش مستعدة نفسياً للحمل مش عشان أنا مش عايزاه منك"
صاح بصوت أجفلها وجعلها تنتفض خوفاً
"لاء قصدك يا دنيا، و لو مقولتيهاش بلسانك شايفها دلوقتي في عينيكي، كنت كل ما أقرب منك حتي من شوية ألاقيكي زي اللي بتأدي واجب، من غير مشاعر و لا أي إحساس، كنت بكدب نفسي أو أقول معلش أصبر عليها ما اللي شافته مني برضو مش قليل"
لن تتحمل صياحه المخيف و مواجهته لها فأجهشت في البكاء
"أنت مش عارف حاجة، مش حاسس بيا"
"أنا عارف و فاهم و حاسس بكل اللي مريتي بيه لحد اللحظة اللي واقفة فيها قدامي، الواضح إنك أنتي اللي مش فاهمة و لا حاسة و لا حتي بتحبي جوزك، جوزك اللي عمال يرضيكي بكل الطرق عشان يعوضك عن كل اللي فات"
"و أنا ما أنكرتش أي حاجة بتعملها عشان ترضيني، أنا بس...
"بلاش كذب، أفعالك عكس كلامك،و مش بعيد سبب أنك عايشة معايا لحد دلوقتي خوفتي من تهديدي ليكي لما قولتلك لو طلقتك زي ما طلبتي مش هاتشوفي الولاد فاضطريتي تتقبلي الأمر الواقع، مسألتيش نفسك أنا لجأت للأسلوب ده ليه و اتمسكت بيكي؟!، و ليه عديتلك الليلة إياها لما خلتيني قربت منك و بعدها تقوليلي قربي منك مقابل الفلوس عشان تأمني نفسك و تقدري تطلقي و أنتي مطمنة؟!"
شعرت وكأن هناك آلاف القيود علي لسانها،
و مازالت مستمرة في البكاء، اقترب منها وقبض علي رسغها يهزها بغضب
"بطلي عياط و ردي عليىّ"
هزت رأسها بنفي وكأن الكلمات تبخرت من رأسها، رددت باقتضاب من بين بكائها
"مش فاهم حاجة، مش فاهم حاجة"
أمسك ذقنها ورفع وجهها لينظر صوب عينيها الباكية
"أنا اللي مش فاهم حاجة و لا أنتي اللي مش
لاقيه حاجة تقوليها؟!، لأن كلامي كله صح"
نفض كل من رسغها وذقنها وذهب نحو الكمود، أخذ من العلبة لفافة تبغ وقام بإشعالها و نفث دخانها و شحنات الغضب في آن واحد
"بصي يا بنت الناس، أنا هعيش معاكي تحت سقف واحد بس أنتي مع نفسك و أنا مع نفسي، الظاهر لما كنت كدة معاكي أدمنتي تجاهلي ليكي و لما بدأت أتقي الله فيكي و بقيت معاكي كويس مابقاش عاجبك، و أنا ما بحبش أغصب حد علي حاجة"
أخيراً استطاعت التوقف عن البكاء وأخبرته
"ممكن تسمعني و تديني فرصة أتكلم"
"هاتقولي إيه يعني، هتحاولي تجبري بخاطري، مش عايز، متشكر، و علي أي حال أنا هاريحك مني، هاسيبلك الأوضة تاخدي راحتك فيها من غير أي إزعاج اسببهولك و أنا هانام في أوضة المكتب، اعتبريني ضيف تقيل، و لا بلاش أنا هنفذلك اللي طلبتيه مني قبل كدة، مش كان نفسك تطلقي؟"
هزت رأسها بالرفض وقالت
"أنا مطلبتش الطلاق و لا عايزة أتطلق"
دس ما تبقي من اللفافة في الصحن الخزفي، أخذ وسادة و دثار و همّ بمغادرة الغرفة
"بشوقك، بس خليكي فاكرة أنا عرضت عليكي ورفضتي، تصبحي علي خير"
وقبل أن يخرج قام بتهنئتها بسخرية علي خبر حملها
"نسيت أقولك صح، مبروك"
«عودة للوقت الحالي»
دمعة هربت من عينها سرعان ما قامت بمسحها، كفى بكاء فالقلب لن يتحمل الشجن أكثر من ذلك، عليها أن تسترده إلي أحضانها فهي تعشقه إلي حد الثمالة.
دخلت إلي الحمام لتبدل ثيابها وترتدي هذا الثوب الزمردي ثم خرجت بعد قليل، أصبحت نجمة من نجوم الفن التي تتصدر صورهم أغلفة المجلات، قامت بنثر العطر وتركت الزجاجة، انتبهت إلي صوت باب المنزل وخطواته تتجه إلي غرفة المكتب التي يمكث بها منذ أيام وليالي.
و لأنها تعلم أنه لا يحب تناول وجبة العشاء، اكتفت بصنع العصير الطازج و جواره طبق من الحلوى الشهية، حملت الصينية، طرقت مرتين علي الباب ثم فتحت ودخلت، وجدته يقف بظهره ويخلع قميصه، تركت ما في يدها أعلي المكتب واقتربت منه لتساعده، و حينما رفع وجهه وتلاقت عينيه بخاصتها، تفاجئ بمظهرها الجديد بل فاجأها هو بتعبير وجهه عندما رآها، كان واجماً ولم يتحمل النظر إليها،
أمسكت ذقنه ونظرت صوب عينيه
"لحد أمتي هاتفضل هاجرني؟!"
أبعد يدها عنه و ألقي قميصه علي الأريكة، مجيباً باقتضاب
"لو سمحت اتفضلي بره أنا عايز أنام"
"أنا هاعتبر نفسي ما سمعتش حاجة، بس عايزاك تبص لي و لا اللوك اللي أنا عاملاه بيفكرك بحد مش عايز تفتكره؟!، و لا يمكن أنت ما نستهاش أصلاً"
ألقت تلك الكلمات وتدرك جيداً الفتيل الذي أشعلته و ستتحمل العواقب مهما كانت، لكن هناك شيء ربما قد نسته، زوجها يمتلك من الذكاء يفوق ذكائها، لذا عقد العزم سيريها كيف تتلاعب بمشاعره و تسبر أغواره!
"أيوه يا دنيا مانستهاش"
اتسعت عينيها ولم يدع لها مجال لاستيعاب جوابه، جذبها من رسغيها ثم وضع ذراعيها خلف ظهرها فأصبح صدره العاري ملاصقاً لها
"مش عايزة تعرفي آخر مرة كانت بيني و بينها قبل ما تهرب عملت معاها إيه؟"
ارتجفت عندما رأت تلك النظرة المظلمة داخل عينيه، حاولت تفك رسغيها من قبضتيه
"مش عايزة أعرف"
"مش أنتي شبهتي نفسك بيها و جاية تسأليني نسيتها و لا لاء؟!، خليني أقولك الإجابة عملي بس ياريت تتحملي"
فتحت فاها للرفض فباغتها يقبلها بنهم ضاري علي جيدها و كتفها العاري، أخذت تتلوي بين يديه
"كنان، كفاية، كنان كفاية بجد"
ترك يديها لكنه قيد جسدها بين ذراعيه حيث حملها نحو الأريكة واختطف شفتيها بعنفوان، قامت بدفعه عنها في صدره حتي استطاعت النهوض قبل أن يجثم فوقها و هو في تلك الحالة من الغضب والعنف، جذبها من يدها ودفعها مرة أخرى علي الأريكة
"رايحة فين!، مش ده اللي أنتي عايزاه أعمله معاكي وعلشان كده روحتي صبغتي و حطيتي ميك أب و لابسه قميص نوم من نفس البراند اللي كانت هي جايبه منه القميص اللي لاقتيه في الصندوق"
دنا منها وأنفاسه صفعت وجهها
"ما كنتي لبستي قميصها زي ما لبستيه قبل كده"
علقت غصة في حلقها، وكانت علي وشك البكاء، فقام بهزها
"بلاش عياط لأنك مش هاتصعبي عليا، مش أنتي عايزاني اعتبرك هي أتحملي بقي"
أنزل حمالة ثوبها عن كتفها فوضعت يدها علي يده لتوقفه، و يدها الأخرى وضعتها فوق بطنها، ترجوه ببكاء
"أنا خايفة علي ابننا"
نهض مبتعداً يحدق إليها بازدراء يخبرها بسهام من نار
"ما تخافيش مكنتش هعمل حاجة و لا هأذي ابني، و بلاش تلعبي بالنار معايا أنا بالذات، لأن ناري ممكن تحرقك زي ما حرقت اللي قبلك"
"أنت إزاي بقيت كده!"
"أنتي، أنتي السبب، بعد ما أتغيرت علي إيديكي رجعتيني للصفر من تاني، خلتيني أرجع أكره نفسي زي ما بقيت كاره القرب منك"
كان حديثه فوق قدرة تحملها، صرخت في وجهه
"طلقني"
نظر بسخرية وأخبرها
"مع الأسف كان عرض متاح لما سألتك قبل كدة، دلوقتي مش هاينفع، فمعلش تعالي علي نفسك زيي وأرضي بالوضع"
لم يرحم ضعفها أمامه فكانت في حالة سيئة، حاولت أن تجمع قواها ولن تظل الضعيفة و قليلة الحيلة أمامه، وقفت تحدق إليه وجهاً إلي وجه بقوة و وعيد
"والله يا كنان بحق كل كلمة دبحتني بيها ما هسامحك حتي لو هتجي لي راكع عمري ما هنسي كلامك و لا الطريقة المهينة اللي عاملتني بيها، و مش أنت بتقولي عرض الطلاق خلص، تمام أنا بقي هاعتبر نفسي من اللحظة دي اتطلقت منك وهاعيش لعيالي و لنفسي و بس، حياتي خاصة بيا ملكش دخل بيها"
اقترب منها فأخذت تعود إلي الخلف حتي أصبح ظهرها ملتصق في الحائط، أخبرها جوار أذنها بحسم و هيمنة
"طول ما أنتي علي ذمتي كل الهرتلة اللي قولتيها دلوقتي تبقي مجرد أحلام عصاري، أوامري اللي هاتمشي و اللي هاقول عليه يتنفذ"
أخذ يعبث في خصلات شعرها و أمرها بنبرة تحمل قسوة عاتية
"تاخدي بعدك وتروحي علي أوضتك وياريت طول ما أنا موجود تلمي شعرك وتلبسي طرحه، و نصيحة مني بلاش تقلدي حد تاني وخصوصاً لو كانت ضرتك"
أبعدت يده عن شعرها وتنظر له من أسفل إلي أعلي بسخط وازدراء ومشاعر أقرب للكراهية، كلماته هدمت كل ما كان يشيده الأيام السابقة من حب ومودة، فأين هذا الحب و أين هذه المودة الآن!
"لو تعرف أنا شيفاك إزاي دلوقتي قدامي، مجرد.....
وضع كفه علي شفتيها، وبنظرة تحذيرية أخبرها
"هتطولي لسانك و هتتجاوزي حدودك هتلاقي رد فعل مش هايعجبك خالص، أنا لغاية دلوقتي محترم معاكي"
دفعته من أمامها وتصيح في وجهه
"أنا بكرهك، بكرهك"
وركضت إلي الخارج وذهبت إلي غرفتها، أغلقت الباب بقوة وأطلقت العنان لدموعها التي انهمرت بغزارة، تقف أمام مرآة الزينة ظلت تنظر إلي نفسها وتعيد كلماته القاسية داخل رأسها، تحول بكائها إلي حالة من الهياج والصراخ، أمسكت بكل شيء أعلي طاولة الزينة وأخذت تلقيه علي المرآة وعلي الحائط، تردد عكس ما في قلبها
"بكرهك يا كنان، بكرهك، بكرهك"
❈-❈-❈
كان يشغل نفسه عن عمد في مراجعة أعماله عبر الحاسوب و ذلك حتي لا يترك نفسه فريسة داخل براثن أفكاره.
دخلت زينات و وضعت أمامه فنجان القهوة أمامه أعلي المكتب
"ده خامس فنجان قهوة تشربه يا بني و أنت و لا اتعشيت حتي الغدا يعتبر ماكلتش"
كان ظاهره هادئ للغاية و داخله حمم بركانية تتأجج نيرانها وتفور
"شكراً لاهتمامك، ممكن تروحي أوضتك ترتاحي"
نظرت إليه بعتاب فهو يطلب منها المغادرة من الغرفة بأسلوب مهذب، لا تعلم إنه يدعها في مأمن عن غضبه الكامن، ليست هي السبب بالطبع لكن تلك التي وصلت في الخارج للتو هي من جعلته في هذه الحالة.
ألقي نظرة علي الساعة في شاشة الحاسوب، فوجدها الثانية عشر وثلاثون دقيقة
"حاضر يا قصي بيه، تصبح علي خير"
ذهبت وداخلها يشعر بالحزن، تعلم سبب حالته لاسيما عندما رأت باب القصر يُفتح وتدخل صبا تحمل حقيبة كبيرة داخلها أوراق رسم، ذهبت زينات لتستقبلها وتحذرها أيضاً
"حمدالله علي السلامة يا بنتي"
"الله يسلمك يا داده، وحشاني يا زيزي"
عانقتها فربتت الأخرى بحنان
"و أنتي أكتر يا حبيبة قلب زيزي"
"الولاد طبعا ناموا من بدري"
امسكت عنها الحقيبة الكبيرة وحقيبة يدها الصغيرة
"اه اتعشوا و ناموا علي الساعة تسعة"
ألتفت من حولها لتأمن عدم سماع قصي لتحذيرها لزوجته
"أنتي إيه اللي أخرك لنص الليل، قصي بيه من وقت ما جه و قاعد في أوضة المكتب، ما أكلش و كل اللي عليه يشرب قهوة و خلص يجي عشر علي سجاير لحد دلوقتي"
"اعمل إيه يا داده، غيبت عن الشركة يومين عشان فرح ياسين وروحت النهاردة لاقيت الشغل كله متراكم، و عقود وكمية ورق مستنية مراجعة مني و توقيعي، قعدت من أول ما دخلت المكتب لحد ما قبل ما أمشي عمالة أراجع ورق و أمضي علي ورق"
"يا حبيبتي مقولناش حاجة، الله يعينك و يقويكي، بس ما ينفعش برضو تقعدي في شغلك لحد نص الليل، ما تعمليش لنفسك مشاكل مع جوزك"
"هو قالك حاجة؟"
"لاء مقالش، بس الجواب باين من عنوانه، و أنتي أكتر واحدة أدري بجوزك لما بيوصل للحالة دي"
"ما تقلقيش يا داده، أنا هاعرف أهديه، روحي أنتي إرتاحي"
ذهبت زينات إلي غرفتها بينما الأخرى ذهبت إلي غرفة مكتب زوجها و مع كل خطوة تدعو داخلها أن تمر هذه الليلة بسلام.
دخلت ورأته ينظر إلي شاشة الحاسوب باهتمام، اقتربت نحوه حتي وقفت خلف المقعد الذي يجلس عليه، وضعت يديها علي كتفيه ودنت منه تقبل وجنته
"وحشتني"
رفع الفنجان إلي فمه وارتشف باقي القهوة ثم ترك القدح، يخبرها بتهكم
"إيه اللي رجعك بدري كده، ده أنا كنت بحسبك هاتخلصي شغلك الفجر"
ازاحت القدح بعيداً وجلست أعلي المكتب لترى وجهه و بمرح عقبت
"ما أنا قولت لنفسي كفاية النهاردة كدة يا صبا، و روحي أقعدي مع جوزك حبيبك"
أغلق الحاسوب ونظر إليها يرفع حاجبه
"ليكي نفس تهزري!"
احتضنت عنقه بين ذراعيها مبتسمه بمرح
"أنا ليا نفس أهزر و نسهر ونلعب و نضحك بس بعد ما ناكل عشان أنا هاموت من الجوع وعايزاك تعملي ساندوتشات من إيديك الحلويين يا بيبي"
كانت نظرته و ملامح وجهه المتجهم تخبرها أن تكف عن المزاح و حان وقت الجد، و ها هو أبعد يديها عن عنقه ونهض، رفع شاشة هاتفه أمام عينيها
"أنتي شايفة الساعة كام؟"
"اه شايفاها، 12 ونص"
"طيب ينفع واحدة محترمة و متجوزة ترجع من الشغل بعد نص الليل؟!"
شعرت بالإهانة فتحولت ابتسامتها المرحة إلي النقيض
"و هل أنا في يوم وجهتلك نفس سؤالك المهين ده، لما كنت بترجع متأخر أو بتبات في الشركة؟!"
"أنتي هتقارني شغلك بشغلي يا هانم؟!، و لا نسيتي إتفاقي معاكي!"
"مانستش، بس ده ظرف يوم وعدى خلاص"
"بالنسبة لك عدى لكن بالنسبة لي ماعداش ولازم تتحاسبي"
ابتسامة ساخرة علي شفتيها يعقبها قولها بتذمر
"اتحاسب!!، أنت شايفاني عيلة صغيرة قدامك؟!، انتبه لكلامك يا قصي، أنا ماكفرتش لما أتأخرت يوم بسبب كم الشغل اللي كان لازم أتابعه لحد ما يخلص عشان أقدر أسلم الحاجة لأصحابها، ده أنت المفروض أكتر واحد تقدرني"
"ماشي يا صبا، طالما وصلنا للنقطة دي، و نكرانك لتقديري ليكي، كلمة و مش هقولهالك تاني لأنها المرة الجاية هاتبقي فعل، لو تأخيرك أتكرر تاني و لا هايبقي فيه شركة و لا مصنع و لا خروج من القصر كمان"
"اعتبر ده تهديد؟"
"اه يا صبا، أنا بهددك وأنتي عارفة كويس لما بهدد المرة اللي بعدها بنفذ علي طول"
ابتلعت ريقها فهي ترى الصدق في عينيه، لذا عليها إطفاء نيران غضبه وكسب وده و تنحي عنادها جانباً الآن، تقربت منه وبدلال غير مبالغ تخبره
"أنا آسفة، مش هاكررها تاني، و أي شغل هيخليني أتأخر هاجيبه معايا هنا و هخلصه، أهم حاجة أنت ماتزعلش و لا تضايق"
تعجب من حديثها النقيض لطبيعتها المتمردة في الغالب
"أنتي بتثبتيني يا صبا؟!"
"أثبتك ليه يا روح قلبي، أنا بتكلم بجد و مش عايزه شغلي يكون سبب مشاكلنا، وبعدين أنت الفترة اللي فاتت وقفت معايا كتير لحد ما بدأ البراند بتاعي بدأ يسمع في السوق، أقل حاجة بقي أقدمهالك هي التقدير"
احتضنته وبذكاء و دلال أنثي تعزف علي أوتار قلب حبيبها أردفت
"مش كان أحمد عز برضو بيقول لكيندا علوش في فيلم المصلحة، الراجل ليه عند مراته تلات حاجات، الطاعة ثم الطاعة ثم الطاعة"
وضع كفه يتحسس جبهتها
"أنتي سخنة يا حبيبتي؟"
لكزته بخفة في كتفه
"أدي اللي باخده منك، تريئة يا أوامر"
"أصل بصراحة مش مصدق وداني، معقول صبا الرفاعي هي اللي بتتكلم؟!"
"يعني كان هايعجبك لو وقفت قصادك و أفضل أعند معاك"
"مش أنا يا حبيبتي اللي يتوقف قصاده و يتعاند معاه، لأنك أنتي اللي هاتبقي خسرانة"
"عشان كدة لازم أغير من نفسي و أكون هادية و ست مطيعة وجوزي حبيبي يكون راضي عني"
أومأ بعدم تصديق
"ما هي حاجه من الأتنين الأولى أنك بتمثلي عليا عشان تتجنبي اللي كنت ناوي أعمله معاكي و الحاجة التانية و دي اللي أتمناها تكوني أتغيرتي وعقلتي"
قامت بالحديث في أمر آخر كي لا يكشف أمرها، جذبته من يده
"شوفت بقي عمالين نتكلم و أنا من وقت ما جيت و هاموت من الجوع، شوية كمان هتلاقيني أغمي عليىّ، يلا بينا علي المطبخ"
و داخل المطبخ، يعد لها الشطائر الشهية، تقضم بنهم وكان هو أيضاً يأكل وينظر لها، تلوك الطعام داخل فمها باستمتاع
"كولي براحة محدش بيجري وراكي"
ابتلعت ما بفمها ثم أخبرته
"اتلهيت في الشغل و ما أكلتش حاجة خالص، بالله عليك يا قيصو ناولني برطمان الشوكيلت اللي هناك ده و كمل جميلك بقي هاتلي معلقة معاه"
"اتفضلي"
أعطاها ما تريده وكان يراقبها وهي مستمرة في تناول الطعام، وقفت تخلع السترة
"الشوكيلت ليها طقوس عندي و أنا باكولها، أقلع البليزر الأول و الشيميز الأبيض"
قامت بفك أزرار قميصها وخلعته فأصبحت بكنزة قطنية دون أكمام تظهر جمال قدها و منحنياتها، جلست علي المقعد ومازال يتابعها
"كده أؤكل و ألغوص براحتي"
فتحت البرطمان و تناولت ملعقة، أخذت تموء بدلال جعله لم يتحمل هيئتها المثيرة، أخذ منها البرطمان والملعقة، فحدقت إليه بضيق، تفاجئت عندما وجدته يجذب الكرسي الذي تجلس أعلاه، حملها من خصرها واتجه نحو الطاولة الرخامية وأنزلها فوقها
"أنت أخدت مني الشوكيلت ليه؟"
وقوست شفتيها لأسفل مثل ابنتها، ابتسم من ما تفعله وتبدلت ابتسامته إلي نظرة يملأها رغبة جامحة
"هخليكي تاكلي الشيوكليت بطريقة هتخليكي تحسي بطعم مادوقتهوش قبل كدة"
تناول بأصبعه قليلاً من سائل الشكولاتة فقام بدهنها علي شفتيها، ابتعد قليلاً وأخذ ينظر إلي شفاها باشتهاء ثم همس أمامها
"و دلوقتي حسي بطعمها معايا"
ألتقم شفتيها ويتذوق طعم الشكولاتة في آن واحد، ابتعد ليلتقط أنفاسه وكذلك هي أيضاً، أمسكت البرطمان فأخبرته بمكر
"و فيه طريقة أحلي كمان لأكل الشوكليت"
غمزت اصبعها و تناولت القليل ثم قامت بتلطيخ وجهه، علي وجنتيه و شفاه وعلي نحره، تركها تفعل ما تريد فقامت بلعق الشكولاتة من عنقه ثم وجنته ووجنته الأخرى حتي وصلت إلي مبتغاها وقامت بالتهام الشكولاتة وشفاه معاً، انتهت تلك القبلة الجامحة فوجدته تركها وذهب ليغلق باب المطبخ بالمفتاح من الداخل، ابتسمت وسألته
"وافرض حد من الشغالين صحي وسمعنا؟"
"هي أول و لا آخر مرة، وبعدين إحنا جعانين ولسه مخلصناش أكل"
قام بتفريغ المائدة من كل شيء يعلوها فأصبحت شاغرة، حمل صبا فؤاده
"يا قيصو يا مجنون، تعالي نطلع أوضتنا أحسن"
وضعها أعلي المنضدة
"أنا مزاجي هنا، ركزي معايا أنتي وملكيش دعوة باللي بيحصل بره، مفيش حد هنا غيري أنا وأنتي والحلل تالتنا، تعالي بقي ما أعلمك طرق أكل الشوكليت"
أطلقت ضحكة توقف رنينها بين شفتيه حيث أصبحت بين ذراعيه يتبادلان العشق والغرام و تناول الشكولاتة علي طريقة الملك وزوجته، و الأواني والموقد والبراد و كل أدوات المطبخ
تشهد علي ذلك!
يتبع....
الفصل القادم غداً بإذن الله الموافق الجمعة الساعة 9 م بتوقيت القاهرة
جمعة مباركة أحبائي♥