رواية نورهان زوجة السلطان الفصل الحادي عشر 11 بقلم كاتب مجهول

 

رواية نورهان زوجة السلطان الفصل الحادي عشر بقلم كاتب مجهول

حكاية #نورهان_زوجة_السّلطان
 (الحلقة 11)

شنّ العثمانيون مداهمات عنيفة في شوارع وأزقة كرواتيا ،واعتقلوا العشرات من الثوار ،وكانوا يعذبّون كل من يقع في أيديهم حتى يتكلم ،ونشروا دورياتهم في كل ناحية ، أما " فلاديسلاف " ملك المجر فقد علم بالكمين الذي وقعت فيه عربات الأسلحة، فابتهج لذلك ،وقال :سيترك لنا ذلك بعض الوقت حتى وصول الإمدادات التي وعدنا بها الأروبيون ،لكن المعلومات التي وصلته ليست واضحة ، ورغم ذلك إكتفى بها ،فلقد صار يشعر بالقوّة ،وهو واثق أن السّلطان سليمان لن يصمد أمامه إن فكّر في المجيئ إليه .لكنّ العثمانيين إنتظروا قليلا حتى هدأت الأوضاع، ثم أخرجوا الذّخائر والمدافع الثقيلة التي إعتقد " فلاديسلاف " أنها أصيبت في الكمين ،ونقلوها في قوافل متفرّقة إلى الحدود الجنوبية للمجر بكامل السّرية ،وكانوا يسلكون الغابات ،والمسارب لكي لا يفطن لهم أحد ،وأخفوا كلّ شيئ تحت الأوراق والأغصان .ومن أعلى القلاع لم يكن الحرّاس يلاحظون سوى حركة إعتيادية للبضائع والمسافرين .
كان سليمان جالسا في شرفة قصره متلهّفا على سماع الأخبار القادمة من كرواتيا ،وكلّما رآى رجلا يحمل جرابا في يده ،ظنّه صاحب البريد ،كانت نورهان أيضا قلقة ،فمستقبل أروبا مرتبط بنجاح تلك العملية، فلو وقعت الأسلحة في يد الثّوار ،فسيتمرّد البلقان بأكمله ،وتنقض مملكة المجر إتفاق السّلام ،ويجد العثمانيون أنفسهم يحاربون على عدّة جبهات في البر والبحر ،ووبعد أيام وصلت لسليمان رسالة لما قرأها لاح الإرتياح على وجهه ثم رماها في المدفأة ،في تلك الأثناء دخلت أحد جواري نوهان تحمل صحفة لبن ،ولمحته يحرق الورقة ،فجرت إلى سيدتها وأخبرتها بحكاية الرّسالة ،فظهر عليها التّوتر،فما حصل لا يعجبها ،فإلى حدّ الآن لم يصلها شيئ ،لكن بعد أيّام بدأ الناس في الأستانة يتكلمون عن إحباط مؤامرة كبيرة بفضل فطنة الربان إبراهيم باشا ،وأن كثيرا من الثوار قد قتلوا أو قبضوا عليهم ،جن جنون نورهان ،لكنها قالت ،ربما العثمانيون يبالغون كعادتهم ،سأرسل أحدا يأتيتي بالخبر اليقين




 لكن الأوضاع في كرواتيا أسوأ مما إعتقدته زوجة السلطان وكل واحد يحاول النجاة بنفسه ،وهم يعلمون أن العثمانيين سيحرقون كلّ شيئ للوصول إلى مدبّري هذه المؤامرة التي سقط فيها عدد من جنودهم .سار ميخائل في الأزقّة وهو يرى الإنكشارية بأزيائهم الحمراء يجرون في كل مكان فغطى رأسه وتظاهر بأنه متسوّل ،وسار حتى وصل إلى دكان جوزيف ،ولما رآه أحس بالذعر وسأله عن رفيقه ميلان فأخبره أن قد مات في المعركة ،وطلب منه أن يخفيه عنده في القبو ،وجد جوزيف الفرصة للتخلص منه ،لما ززل درجتين دفعه في ظهره ،فسقط وإلتطم رأسه في الحائط ، ولم يعد يتحرّك ،فقال في نفسه لقد إرتحت من أعوان نورهان ،وعلي أن أحرق كل ما عندي من وثائق ورسائل ،فلن يتأخّر العثمانيون عن المجيئ وتفتيش الدكان. 
في الليل حمل اليهودي مع إثنين من عبيده ميخائيل على حمار ،وألقوه قرب ترعة في طرف المدينة ،ورجعوا إلى الدكان وهم يعتقدون أنهم تخلّصوا منه ،لكن في الصّباح مرّ العثمانيون ولم رأوا أنه يتنفس عالجوه من جراحه ثم أخذوه ورموه في السّجن حتى يعلموا حكايته ،لكنه طلب رؤية قائدهم فقال في نفسه تريد قتلي يا جوزيف؟ سترى ما أفعله بك !!!على كل حال الأمور تسوء هنا ،وكلّ الشّبكة التي أنشئها ذلك الأحمق إنهارت بسرعة لا يتوقعها أحد ،وسأنجو بنفسي وإلا صار مصيري مثل ميلان المسكين، الذي لم يجد حتى الوقت لينفق ما ربحه من مال .
بعد قليل دخل رجل على رأسه عمامة كبيرة ،توحي نظرته بالشّراسه ،وقال له أفندم !!! أجاب ميخائيل :إسمع ،مقابل صرّة من المال سأقول لك أخبارا تهمّك ،قال الضّابط :ومن يضمن لي أنّك لن تخدعني؟ ردّ ميخائيل : تثبّت بنفسك ،ثم إدفع المال إن كنت راضيا !!! في المساء دهم الإنكشارية دكاّن جوزيف ،ووجدوه قد جمع كدسا من الوثائق لحرقه، وكان هناك صناديق بالسّلاح والذخائر ،فقبضوا عليه مع اليهود الذين معه، وأخذوا كلّ ما وجدوه، ثمّ أحرقوا الدّكان وما فيه من أقمشة بآلاف الليرات ،في الصّباح دخل الضّابط ،وابتسامة واسعة ترتسم على وجهه ،ثمّ ألقى على الطّاوله صرّة كبيرة من الليرات ،وقال له: لقد أخذناها من دكاّن اليهودي، ولقد وصلني أيضا نصيبي،يبدو أنّنا سنتّفق !!! وبعد أن أعرف كل شيئ، سأطلق سبيلك ،وأحسنت صنعا بانحيازك لجانبنا .
بدأ ميخائيل يتكلّم، فبالنّسبة إليه كلّ شيئ قد إنتهى ،والعثمانيون يدفعون بسخاء ،وسيكون بإمكانه الزّواج والإستقرار هنا ،ولمّا تحدّث الرجل عن نورهان أوقفه الضّابط ،وسأله :هل أنت متأكّد ؟ أجابه :ألم تسأل نفسك لماذا وضعت الملكة فقط قومها من الصّرب لخدمتها ؟ ولمّا إستجوب جوزيف، قال نفس الشّيئ ،ووعده الضّابط أن لا يعذّبه ،ويقتله بسرعة ،لكنّه مع ذلك لم يعلم السلطان ،فقد يكون ما قاله الرّجلان مكيدة ،ولقد تعلّم أنّه لا يثق في أحد حتى يقف على الدّليل بنفسه ...
...

حكاية #نورهان_زوجة_السّلطان

 (الحلقة 12 والأخيرة)

كان سليمان يجمع حاجياته في صندوق،ولمّا رأته إمرأته نورهان ،قالت له بدهشة :كأنّك تستعدّ للرحيل ؟ أجابها: سأذهب لتفقّد الأحوال في المملكة ،لكنّها تعرف أنّها ليست الحقيقة ،وحاولت أن تتلطّف معه ،فسألته أين ينوي مولاي الذّهاب ؟ فرمقها بطرف عينه فهي صارت تثير إرتيابه بكثرة أسئلتها، والوزير شمس الدّين حذّره من أنّ هناك من يحيك الدّسائس في القصر ،فهل تكون هي؟ لقد ظلّ زمنا طويلا يرفض التّصديق لشدّة حبّه، لها ،لكن يجب أن يعترف أنّها تغيّرت كثيرا منذ أن فقدت ولدها، وأطردها من القصر ذليلة ،كانت تلك الهواجس تتابع سريعا في ذهنه ،ثم نظر إليها وقال: سأرحل لليونان وسأستغلّ وقت فراغي للإستجمام قليلا ،تضاهرت نورهان بتصديقه وقالت له :خذني إذن معك ،فأنا أشعر بالقلق !!! أجابها :المرة القادمة ،فأنا لن ألبث هناك طويلا ،تأكدّت المرأة أنّه ذاهب للمجر ،وأن المعركة قد إقتربت ،فاستدعت تيودور، وهو بحار صربي ،وقالت له :إحمل رسالتي إلى الملك "فلادسلاف " دون تأخير ،هل فهمت ؟ مشى الرّجل،لكن بعد قليل شعر بأنّ هناك من يتبعه ،لكنه تمكن من الإفلات ، وركب سفينته ،ولمّا إقترب من شواطئ كرواتيا هبت عاصفة كسرت الصّارى،ورأته دوريّة عثمانية فاقربت منه، ففزع الرّجل ،وقرأ الرّسالة بسرعة ثم مزّقها ،وألقاها في البحر .
وبعد أن سحبوا السّفينة إلى الميناء ركب عربة إلى المجر ،وقال :الرّحلة طويلة ،لكني أعرف طريقا مختصرا ،ولما وصل الرّجل إلى العاصمة "بودا " لم يصدّق الملك " فلاديسلاف " حكايته، ولا الرّسالة التي ضاعت منه، في ذلك الوقت كان سليمان يتّجه في موكبه إلى جنوب المجر دون أن يحسّ به أحد ،وبدأ العثمانيون يتجمّعون هناك،ولم يمر وقت طويل حتى أصبحوا جيشا عظيما ،وقال "فلادسلاف " : إذن كان ذلك الرجل تييودور على صواب ،وأنا كنت أحمقا !!! وسمعت ممالك بوهيميا ،وبولندا، وبافاريا وكرواتيا بالخبر وطلبوا منه الصّمود في قلاعه حتى يجيئون إليه، وأرسلت جنوة أسطولا كبيرا ،وتحرك جيش الفتيكان ،لكن سليمان إستولى على القلاع الواحد تلو الأخرى حتى وصل إلى قرب مدينة موهاكس حيث كان ينتظره "فلادسلاف " فهزم جيشه شرّ هزيمة ،ولم تكن بقية الممالك التي جاءت متفرّقة أوفر حضّا،ولمّا سمع الباقون بالهزيمة رجعوا من منتصف الطريق، أمّا أسطول جنوة فهزمه العثمانيون في البحر الأدرياتيكي،وكانت أسوأ خسارة للأروبيين ،وطارت الأخبار في كلّ مكان.
حين سمعت نورهان بما حصل أصابها الإحباط، قالت في نفسها :كل هذا التعب والمخاطر التي أعرض لها نفسي كل يوم لم تنفع، وإن لم أقتل سليمان، فسينتهي حلم الحرّية للصّرب إلى الأبد، فهذا الرّجل شديد الدهاء ،ولا يخاف من شيئ،وكانت تحتفظ في خزانة الأدوية في قصرها بسمّ يقتل لساعته وفكّرت أن تصبه في شراب السّلطان ،لكن قبل ذلك عليها أن تهرب فالشّكوك حولها كثيرة من يوم مقتل صاحب البريد، وسرقة رسائل السلطان لكنّها لا تعلم أنّ هناك من يراقبها،فقد نجح العثمانيون في إستمالة أحد خدمها وأغروه بالمال ،فلقد وصلت إعترافت ميخائل واليهودي جوزيف أمام رئيس




 جواسيس العثمانيين ناظم حكمت وهو الذي يجمع كل الأخبار من السلطنة، ويعلم بها السلطان ولم تكن علاقة نورهان القوية بالنصارى غريبة عنه ،وهو يعلم أنّها تدّعي الإسلام ،لكن ما وصله أثار دهشته ،ونقل لهم الخادم أنّ عربة خرجت من قصر نورهان، وفيها إبنها وصناديق مجوهرات وألبسة ،وأوقف ناظم حكمت العربة ،واقتادها إلى مكان آمن واعترف السّائق أنّ العربة كانت ذاهبة إلى مزرعة كبيرة يملكها تاجر يوناني يبيع الجلود إسمه " ساليناس "،وأنّ نورهان تنوي الإختباء هناك .
لم يمر سوى شهر حتى رجع سليمان بعد أن إستتبّ له الوضع ،وأخذ قسما من المجر ضمّه لملكه ،فوجد نوهان في إنتظاره، وقد إرتدت أحلى اللباس ،وتعطرت له ،وقالت له أهلا بأمير المؤمنين فلقد فعلت أكثر من جدك محمد الفاتح بطل القسطنطينية ،راق هذا الثناء للسلطان ،وقال لها هات شيئا أشربه ،فمدت آنية فيها شراب الورد وقبل أن تصب له في قدحة دخل ناظم حكمت والوزير شمس الدين ومعهم خادم نورهان ،وقال لسليمان لا تشرب يا مولاي فإنه مسموم ،وقف السّلطان، وقال لإمرأته هل هذا صحيح ؟ أرجوك قولي : لا !!! أيقنت نورهان أن كل شيئ قد إنتهى ،ثمّ شربت القدح ،وقالت له : لن ترى أبدا إبنك ، أما أنا فسأذهب للقبر ومعي كل أسراري ،إبتسم ناظم حكمت وقال لقد وجدنا العربة والأمير هو بخير وأخذنا كل المجوهرات والأشياء الثمينة ،وقبضنا على ساليناس ،آه أمر آخر ،لعلّك تريدين معرفة من دلنا عليك وعلى جوزيف اليهودي الذي كنت تتآمرين معه إنه ميخائيل صديقك وابن بلدك ولقد أسلم ،وتزوّج من امرأة جميلة ،صاحت نورهان: لا يمكن ،أجابها : قومك طمّاعون ،وكلّ واحد ينقل لنا أخبار جاره لقد أحبّك مولاي وأعطاك كلّ شيئ الحبّ والنّفوذ لكنك أفسدت كل ذلك لأجل حلم زائف ،ردّت نورهان لا تفرحوا ربحتم معركة ،لكن يجيئ اليوم اللذي تتركون فيه كلّ البقان ،وترتدّون على أعقابكم كالكلاب !!!
وتحقّق كلام تلك المرأة ،لكن بعد أربعة قرون كاملة ،وكلّ قوّة إلى الضّعف ترجع ،لكن ذلك النّصر في موهاكس لم تنساه أروبا لحدّ الآن ،مهما مرّ الزّمن وتبدّلت العصور ...
....
انتهت


انتهت احداث الرواية نتمني أن تكون نالت اعجابكم وبانتظار آراءكم في التعليقات شكرا لزيارتكم عالم روايات سكير هوم


بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-