رواية ومقبل علي الصعيد الجزء الثاني 2 وهام بها عشقا الفصل السادس عشر 16 بقلم رانيا الخولياللهم إني أستودعك بيت المقدس وأهل القدس وكل فلسطين. اللهم ارزق أهل فلسطين الثبات والنصر والتمكين، وبارك في إيمانهم وصبرهم. اللهم إنا نسألك باسمك القّهار أنْ تقهر من قهر إخواننا في فلسطين، ونسألك أن تنصرهم على القوم المجرمين. اللهم اشف جريحهم، وتقبّل شهيدهم، وأطعم جائعهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم أنزل السكينة عليهم، واربط على قلوبهم، وكن لهم مؤيدا ونصيرا وقائدا وظهيرا. سبحانك إنك على كل شيء قدير؛ فاكتب الفرج من عندك والطف بعبادك المؤمنين. ____________________ وهام بها عشقًا رانيا الخولي الفصل السادس عشر ❈-❈-❈ أخرج المحامي بعض الأوراق من الحقيبة وقدمها لمنصور الذي انقبض قلبه خوفًا وهو يستمع لأولى كلمات المحامي _ الورق ده في تنازل من جمال عمران المنياوي لمصطفى منصور عن رئاسة مجلس الإدارة وكل الامور المتعلقة بالشركة شعر بالارض تلتف به من كل جانب وتعاد الصدمة بخسارة كل شئ لكن تلك المرة أشد وأقوى ولما لا وقد قضى على ما تبقى له من الحياة يعاد المشهد عندما اخذ كل شئ وغدر بحماه ومن قبله أبيه فيغدر به ابنه أو بالأصح مناصفة القدر لأهله ها هو ذا ابنه يسحب البساط من تحت اقدامه ليسقط من العلو ويهبط على الأرض بكل قسوة استند على المكتب عندما اشتد الدوار به ولم يجد يد تسنده تمامًا كما رفض من قبل إسناد والده نظر إلى المكتب الذي خسر الجميع لأجله والآن يخسره معهم رفع وجهه إلى ابنه الذي اشاح بوجهه بعيدًا عنه كي لا يرى مدى تأثره وسأله _ كي تاخد مكان أبوك يامصطفى؟ ازدرد مصطفى لعابه بصعوبة ولم يستطع الرد تقدم منه بقوته الواهنة من اثر الصدمة وعاد يسأله _ جالك قلب تقف قصادي وتاخد مكاني جذبه من تلابيبه وصاح به بهدر _ رد عليا، عمك وجدك بعتينك عشان تنتقملهم مني ولا جاي تكمل الطريق اللي انا بدأته؟ نزع مصطفى يده عن تلابيبه وأجاب دون النظر إليه _ انا بنفذ كلام جدي وانا مينفعش اقوله لأ، وبعدين ده ماله وهو حر فيه. _ لا مش ماله، ده مالي أنا حقي أنا، الشركة دي أنا بنيتها بعرقي وبتعبي قاطعه مصطفى بهدوء _ تقصد بعرق جدي صاح بأعلى صوته _ عرق جدك اللي عايش فيه جمال مش انا. كشف مصطفى عن غضبه الذي كتمه بداخله منذ ان علم الحقيقة وهدر بوالده لأول مرة _ عمي ما اخدش حاجة عشان يعيش فيها، كل اللي فيه دلوقت من شقاه وتعبه هو طول السنين اللي فاتت، كنت عايش في عز ونعيم بفلوسهم وهما بيشقوا ويتعبوا عشان يسدوا ديونهم اللي كنت سبب رئيسي فيها، بلاش تضحك على نفسك وتعيش دور المظلوم لإنك انت الظالم مش هما ظلمت أهلك وظلمت جدي اللي بنى الشركة دي معاك وكملت ظلمك انك تحجر على ابوك، ودلوقت الدور بقى عليك إن تجرب احساس جدي وشعوره اندهش منصور من طريقة ابنه في الحديث معه وهنا فقط تأكد أنه خسر كل شئ. _ ودلوقت انا محتاج مكتبي هز رأسه بعدم استيعاب لما يحدث مجرد كابوس هكذا اقنع نفسه وهو يجاري ما يحدث ويخرج من مكتبه. شعر بألم حاد في قلبه لكنه تماسك حتى خرج من الشركة. القى نظرة أخيرة عليها وشعور الخسارة يجثم على صدره. اشتد الألم به فاستند على سيارته لا يستطيع الحراك اسرع إليه أحد الأمن يسأله _ منصور بيه انت كويس. اخرج منصور مفتاح سيارته وناوله للرجل وقال بألم _ وديني المستشفى بسرعة وبلاش تعرف حد ساعده الرجل على الصعود للسيارة وتولى هو القيادة وانطلق بها للمشفى. ❈-❈-❈ حملت سامية الثوب ودلفت به غرفة مهرة التي مازالت ترفض ارتداؤه وما إن رأتها حتى صاحت بها بغضب _ اطلعي بره بالزفت ده اغلقت سامية الباب خوفًا من وصول الصوت له وقالت بقلق _ ياست مهرة الله يرضى عليكي بلاش عناد صرخت بها _ قلتلك أنا مش هكمل المهزلة دي يروح يشوف واحدة غيري تكمل معاه. _ انا مش عارفة إنتي رافضة ليه ده مهران بيه اي واحدة تتمناه. ازداد العناد بداخلها لتدب الأرض بقدمها _ خلاص يروح يشوف واحدة منهم. _ وانتي لازمتك ايه؟ قالها مهران الذي يدخل بهدوء يتنافى تمامًا عمَّ بداخله من غضب ارعبها هدوءه لكنها أبت إظهار ذلك وتمتمت برهبة _ انا مش هكمل. نظر إلى سامية التي انصرفت وأغلقت الباب خلفها ثم تقدم من مهرة بهدوء أخافها حقًا حتى انها لم تستطيع اخفاءه. وقف امامها لا تفصل بينهما سوى مسافة لا تذكر حتى شعرت بانفاسه تلفح بشرتها وغمغم من بين أسنانه _ رأيك ده تحتفظي به لنفسك، هنا انا اقول وانتي تنفذي. ازدردت لعابها بصعوبة من شدة خوفها وعينيه الغاضبة تخترق عينيها التي تجمع بداخلها خوف كبير فشلت في إخفائه مما جعلها تغضب من ضعفها وهي التي اقسمت أن تتخلص منه وجاهدت حتى يظل صوتها ثابتًا وهي تقول بعناد _ وإن رفضت هتقتـ ـلني زي ما قتلـ ـت بنت عمك؟ ربي ماهذا الذي قالته ارتعبت اكثر عندما لاحظت اتساع دائرة عينيه بغضب جحيمي لن يستطيع شئ إخماده لا تعرف متى وجدت عنقها بين قبضته وظهرها للحائط فصدرت منها آهه قوية من شدة الألم الذي شعرت به في ظهرها، وغمغم هو بفحيح يشبه فحيح الأفعى _ احمدي ربنا إن الفرح بكرة وإلا كان زماني متاويكي دلوقت، بس يعدي اليوم ده وبعدها هحاسبك على اللي قلتيه. نظرات الشر في عينيه جعلتها تجفل لكنها واصلت عنادها _ مش هيكون فيه فرح. نظرات التعند في عينيها جعلته يغضب أكثر وود في تلك اللحظة التخلص منها لكن قلبه الذي بدا غريبًا منذ فترة لم يطاوعه في غضبه لا يعرف لما يكون بذلك الهدوء ما أن تقع عينيه عليها، وخاصةً عندما يكونوا بهذا القرب الذي انتبه له. لم يكن يفصلهم شئ سوى بضع انشات حتى شعر بأنفاسها الثائرة تلفح عنقه لتجعل خفقاته أكثر حدة وتنقلب مشاعر الغضب إلى مشاعر لم يشعر بها من قبل مع فتاة غيرها حتى حلم لا بتلك الخفقات ولا بالاحاسيس التي تهز اوصاله بقوتها. دون إرادته جالت عينيه بملامحها مدققًا النظر بها عينيها التي تدعي القوة وهي تحمل حزن العالم بداخلها، أهدابها التي ما إن ترمشها حتى تجرح حدتها مشاعره أنفها الذي يشبه حد السيف بشموخه وثغرها الذي رسم باتقان وكأنها لوحة في يد فنان زينها بكل حرافيه ازدرد لعابه بصعوبة وقد جف حلقه تمامًا كما تصلب جسده يطالبه بلمس تلك الشفاة بأنامله وخاصةً عندما انفرج ثغرها لتظهر اسنانها فتختلط حمرة شفتيها مع بياض أسنانها فيتدفق الدم بعروقه وتأتي رغبة عارمة بتحسسها بشفتيه أما هي فقد كانت تائهة في نظراته التي أخذتها معه لتجوب هي أيضاً ملامحه ووسامته التي تمتاز برجوله لم تراها من قبل قوة وهيبة ورجوله وطغيان وقسوة تجمعوا به فيخلق ذلك الرجل الذي أمامها. لولا تاريخه ولولا قسوته لكانت الآن ساقطة في عشقه دون مقدمات هكذا تمنت وهكذا رغبت لكن طريق العشق بينهما مليء بالاشواك ولن تعود منه إلا خالية الوفاض إلا من جرح غائر سيظل ندبته تشوه قلبها ما بقى لها من عمر لا لن تسقط في بحوره مهما رغبت بذلك رمشت بأهدابها عندما وجدته يرفع أنامله ليقربها من فمها فترتعد أكثر وتدفعه بيدها المرتعشة في صدره كي تخرجه من تلك اللحظة فيحمحم بحدة كي يعيد هيبته التي تبعثرها تلك الفتاة، فقال بخشونة وهو يبتعد عنها قليلًا ويشير إليها بتحذير _ متخليش لسانك يكون وبال عليكي لأنك لسة متعرفيش من هو مهران الهواري. ودت لو تجرحه كما يجرحها لكنه انصرف من أمامها قبل أن تواتيها الشجاعة لتقف أمامه. ❈-❈-❈ _ يعني ايه هتروح؟ قالتها آسيا بغضب عندما أخبرها بذهابه لحضور حفل الزفاف المزعوم والذي سيكمل به مهران باقي انتقامـ ـه فيوليها ظهره وهو يتمتم بانفعال _ عايزاني اعمل ايه يعني، اهرب اروح فين؟ اشتعل الغضب بداخلها وجذبته من ذراعه كي تجبره على مواجهتها وتحدثت بحدة _ لو روحت هناك هتكون بتأكدلهم أنها بنتك حقيقي وانا مستحيل …. قاطعها كامل بصرامة _ الناس خلاص عرفت واللي كان كان تبدلت ملامحه لحسرة وهو يتابع كأنه يحدث نفسه _ اتفضحت قدام العيلة كلها والنهاردة هيكون قدام النجع كله، جلس على المقعد ليضع رأسه بين يديه وأردف بانكسار _ عرف ابن الهواري ينتقم مني ويردلي بدل القلم عشرة وكسرني كسرة عمري. هزت آسيا رأسها بضياع وقالت بعدم استيعاب _ هي فضيحة ليك انت وبس؟ دي فضيحة وشماته البلد كلها هتتغنى بيها هيقولوا بنت الشغالة اللي فضلها على مراته وخلف منها نظرت إليه بغضب شديد وصاحت به _ قلتلك نخلصوا منيها رفضت وقلت مستحيل ارمي بنتي مهما كان، شوف اللي اتمسكت بيها عملت ايه، جابتلنا كلنا العار وفضحتنا قدام الخلق اغمض عينيه بعذاب وقد شعر حقًا بمدى ضئالته وهو الذي كان يتجبر بعظمته ضاع كل شئ وانتهى، لكن ليس بوسعه شئ سوى الرضوخ لما أمر به مهران. انحرقت آسيا بلهيب حقدها وخاصة تلك الفتاة الأخرى التي استطاعت اقناع خليل بأخذ أخيها كي تخرج برة سيطرتهم ضاع كل شئ من حولها حتى ولدها الذي قرر البقاء بعيدًا عنهم. لا لن تقبل بالانهزام وستعمل بكل الطرق على سير الأمور كما ارادت دائماً ❈-❈-❈ كانت سعادتها لا توصف عندما دخل أخيها الذي حرمت منه لمدة أسبوعين، كانت تحتضنه بشوق وحنين فهو ما تبقى لها من عائلتها أخذ هو يراقبها من بعيد عندما خرج من غرفة ماجد ووجدها مع أخيها وعيونه تحكي حزنًا يروي قصة حب حكم عليه بالفشل الذريع قسوة زمانهم الغادر الذي فرق بينهم لكن يجمعهم في منزل واحد كي يسمع صرخاتها ليلًا لتصم آذانه، هرب وابتعد لكن يسمعها بقلبه وإحساسه تقابلت النظرات لترق النجوى لحظات خلى منها العتاب وغلب الحب تلك المرة كانت تملي عينيها منه وتحفر ملامحه في داخلها كي تكون بلسم الفراق بعد هروبها، ولم ينتبهوا لتلك العيون التي ترمقهم بشك خطى أولى درجاته انتبهوا على تقدم شمس منهم والتي دنت من أخيها لتقول بارتباك _ سليم ممكن نتكلم مع بعض شوية؟ انصرفت مرح بأخيها إلى الغرفة التي خصصت له ورد سليم _ أكيد ياحبيبتي اتفضلي أخذها إلى غرفته وقد اندهش من ترددها فسألها بحيرة _ في ايه قلقتيني. وجدت صعوبة في التحدث معه مما زاد القلق بداخله فتقدم منها اكثر ممسكًا بيدها التي تعقدها بتوتر وقال بقلق _ في ايه، انتي كويسة رفعت عينيها إليه لكنها لم تستطيع النظر بهما وأخفضتها ثانية مد يده يرفع وجهها إليه وتحدث بلهجة حانية بثت الاطمئنان بداخلها _ قولي مالك ومتخافيش من حاجة عادت ترفع عينيها إليه وغمغمت بخفوت _ ماجد. قطب جبينه بعدم فهم وسألها _ ماله ماجد؟ عقدت جبينه ارهبتها وجعلتها تتراجع فيما تود قوله، لكنها بدأت ولن يمكنها التراجع _ شمس خلصي وقولي في ايه قالها سليم بتحذير جعلها تجفل منه، فعاد إلى لهجته الحانية _ قولي ومتخافيش. ازدردت لعابها بصعوبة وتحدثت بريبة _بصراحة انا وماجد … توقفت عن المتابعة عندما رأت نظراته جامدة لا تبين شئ مما جعلها تصحح قولها _ اقصد يعني…. أن ماجد كان هيكلم.. عمي عشان يطلبني منك بس…. ارتدت للخلف بوجل عندما لاحظت الشك بنظراته وصوته الذي برغم هدوءه إلا إنه يحمل تعبيرًا قاتلًا _ بس ايه؟ هزت راسها بنفي عندما لاحظت شكه وتمتمت مسرعة _ لا متفهمش غلط، مكنش فيه حاجة بينا أصلًا… صرخة مفاجأة صدرت منها عندما أمسك ذراعها بعنف هادرًا بها _ يعني كنتوا بتستغفلونا كلنا الفترة دي كلها وقاعدين تحبوا في بعض من ورانا ارتعبت شمس من غضبه وقالت بخوف _ والله ما كان في بينا حاجة. امسك ذراعها الآخر بحدة أشد وأخذ يهزها بين يديه _هتستغفليني تاني! اومال اتفقتوا ازاي من ورانا، عرفتي انه بيحبك إزاي. بكت بخوف شديد _ والله ما اتكلمنا إلا قبل الحادثة بساعة واحدة وقاله انه هيروحلك في المكان اللي بتقعد فيه عشان يكلمك في موضوع مهم وبعدها هيفاتح عمي الاول يومها اتخانق مع حسين وحصل اللي حصل. ضغط على أسنانه حتى يسيطر على أعصابة وغيرته على اخته جعلته يغضب بانفعال ترك يدها وقال باحتدام _ لسة عقابك معايا منتهاش بس هروح اعرف شغلي مع الخاين ده وارجعلك تشبثت بملابسه تمنعه من الذهاب وقالت برجاء ودموعها تنهمر بغزارة _ لا ارجوك بلاش هيفهم إنك بترفض عشان وضعه وده هيتعبه أكتر دفاعها عنه جعله يغضب أكثر فأبعدها عنه كي يخرج من غرفته لكنه تفاجئ بوالدته تدلف الغرفة مندهشة مما يحدث، فسألتهم بتعجب _ في ايه؟ نظرت إليه شمس برجاء ألا يخبرها مما جعله يزم فمه بغيظ وغمغم بضيق _ مفيش. عقدت حاجبيها بدهشة وعادت تسأله لكن بحدة _ هو ايه اللي مفيش وانت صوتك جايب اخر الدنيا وهي بتعيط. التزم الصمت علمًا بأن والدته لن تترك الأمر يمر دون ان تعرف ما حدث نظرت إلى شمس وتابعت _ طب قولي انتي في ايه رمقها سليم بحدة وقال بأمر _ روحي انتي دلوقت اسرعت بالخروج من المكان فيلتفت سليم إلى والدته وتحدث بعتاب _ عايزة تقولي إنك ملاحظتيش حاجة بين شمس وماجد؟ عقدت حاجبيها بدهشة وسألته بعدم استيعاب _ حاجة زي أيه؟ اتسعت عينيها ذهولًا وهي تضع يدها على قلبها خوفًا عندما اخطأ الفهم _ أوعى تقصد إن…. قاطعها سليم _ لا ياأمي مش اللي فهمتيه بس هي وماجد بيحبوا بعض. تنهدت براحة عندما نفى شكها لكنها أيضاً انزعجت من الأمر _ بس انا ملاحظتش حاجة عليهم، ولو لاحظت عمري ما كنت هسمح بيه. مسح على وجهه بصبر نافذ وتمتم بخيبة _ اتصدمت فيهم وخاصةً ماجد اللي خان ثقتنا فيه. تنهدت بأسى وقالت بحزن _ بس انا عمري ما شوفتهم بيتكلموا مع بعض حتى. زاد حنقها أكثر متمتمًا باحتدام _ من ورانا والله اعلم كانوا بيتكلموا فين. نفت اتهامه _ لا ياسليم أختك متربية كويس اوي وإن قالت إن عمرهم متكلموا تبقى أكيد صادقة وماجد برضه كلنا بنشهد بأخلاقه وعمره ما هيعمل اي حاجة تضرها أو تزعلنا منه خليني اتصرف انا في الموضوع وخد بالك إن ماجد وضعه حساس أوي وأي كلمة هتجرحه سيبني اتكلم معاها الأول وافهم منها أيه الحكاية. …. دلفت غرفة ابنتها التي وجدتها جالسة على الفراش تضم ساقيها إلى صدرها وتنتحب بشدة اغلقت الباب وتقدمت منها تجلس بجوارها وتقول بجدية _ ممكن اعرف بتعيطي ليه رفعت رأسها بانكسار وهي تشعر بالخزي من والدتها وغمغمت ببكاء _ والله ما عملت حاجة ولا كان في بينا اي تعامل، انا اصلاً مكنتش بغيب عن عيونكم يبقى إزاي هيكون في علاقة بينا _ اومال ايه الحكاية؟ رمشت بعينيها مرات قبل أن تقول بخجل _ انا كنت بلاحظ نظراته ليا وأحياناً عيونا كانت بتتقابل وبصراحة أنا بحبه من زمان وهو كمان بيحبني مفيش غير مرة واحدة بس كنت قاعدة في الجنينة وهو كان بيدور على سليم، ولما سألني عليه قلتله اكيد على النيل زي ما بيقعد على طول اخفضت عينيها بخجل وهي تتابع بتردد _ وقتها سألني إن كنت اوافق اتجوزه وأنا اتكسفت ارد عليه فهم إني موافقة وقالي أنه هيكلم عمي ويطلبني منه بس هياخد رأي سليم الأول وبعدها حصل اللي حصل. تنهدت بتعب وربتت على ذراعها وقالت بهدوء _ انا واثقة في بنتي اللي ربتها وعارفة كويس إن عمرها ما تعمل حاجة غلط، بس ليا عتب عليكي لإنك خبيتي عليا. _ مكنش فيه حاجة عشان اقولها. _ طيب ايه اللي خلاكي اتكلمتي دلوقت رفعت عينيها بتوجس _ بصراحة عايزة اكون جانبه في الوقت ده، أنا واثقة انه محتاجني معاه قطبت جبينها بعدم استيعاب وسألتها _ تقصدي ايه؟ _ اقصد يعني.. إن سليم يكلمه ويقوله أنه موافق اتسعت عيناها بصدمة وحدثتها بحدة _ انتي اتجننتي! عايزة اخوكي يعرضك عليه ازدردت لعابها بصعوبة شديدة وقالت بنفي _ انا مش بعرض نفسي انا حاولت اكلمه بعد ما رجع بس هو رافض، خايف ارفضه بعد اللي حصل، وبصراحة بقا هو ابن عمي وانا اولى بيه ازدادت صدمتها في ابنتها والجرئة التي تتحدث بها _ هو انتي كمان روحتى عرضتي نفسك عليه أجابت مسرعة _ لأ طبعًا انا دخلت عشان اسلم عليه بس هو رد عليا باسلوب مش حلو ولما سألته قالي ابعد عنه لمصلحتى عادت للبكاء وتابعت _ وانا مصلحتى معاه هو مش حد تاني، انا لو طاوعته ووافقت هكون بتخلى عنه في اكتر وقت محتاجني فيه. امسكت يد والدتها وتحدثت برجاء _ ارجوكي ياأمي ساعديني انا مقدرش ابعد عنه أكتر من كدة اشاحت بوجهها بعيدًا عنها لا تريد الرد عليها الآن قبل أن تتحدث مع أخيها أولاً نهضت من جوارها وردت بجدية _ الموضوع مش سهل كدة هتكلم مع أخوكي الاول واعرف رأيه. ثم تركتها وخرجت من غرفتها ❈-❈-❈ وقفت أمام المرآة بذلك الثوب الذي سيكون كفنها حتمًا، تعلم جيدًا بأنها تلعب بالنار لكن لن تترك فرصة إلا وتغضبه بها كي يمل منها، اختار الزفاف فليتحمل إذًا انتهت من ارتداءه ثم وضعت الحجاب المناسب له والذي زادها جمالًا وفتنة تجذب القلوب قبل العيون إليها دلفت سامية الغرفة لتتفاجئ بها وقد انتهت من الارتداء تقدمت منها وهي منبهرة بها _ بسم الله ماشاء الله طلعة زي القمر ياست مهرة نظرت لها شزرًا وقالت بانفعال _ انتي مش قلتي ستات العيلة جايين؟ _ جم تحت ومستنيين يشوفوا العروسة. عادت تنظر للمرآة وعينيها تحمل توعد لا تعرف أضراره _ طيب أنا نازلة حالًا انتهت أخيرًا ونزلت لنساء العائلة الذين انبهروا بجمالها بين غيرة وحقد وبين عيون المها أن تسقط تلك البريئة في براثن حفيد الشيطان. جلست في مقعدها والكل تقدم منها ليبارك تلك الزيجة والتي يعلمون نهايتها جيدًا، فما حدث مع والدته وحلم ستكون حتمًا نهايتها. والده كان سببًا في موت والدته وأما هو قاتل ابنة عمه وخطيبته، فأين لتلك الهادئة من ويلات ماضي تلك العائلة. وقف بكل جبروت يستقبل كامل وباقي عائلته بتشفي واضح لم يخفى على أحد تقدم منه كامل متظاهرًا بالهدوء لكن بداخله براكين ثائرة لو خرجت لأحرقت الجميع بحممها الهادرة لكن لن يفعل ويجعل ذلك المعتوة يشعر بلذة الانتصار _ أهلًا ياحاج، نورت القصر قالها مهران بابتسامة عريضة تؤكد مدى شماتته به رد من بين أسنانه كاظمًا غضبه منه _ الله لا يبارك فيك ياابن الهواري، واوعدك إن اللي حصل ده مش هيعدي بالساهل ضحك مهران بسعادة دوت في القصر بأكمله وظنه الجميع من شدة سعادته بلم شمله مع حبيبته _ وماله معنديش مانع، انا لو مكانك مش هخليك عايش لحظة واحدة على وش الدنيا وخصوصًا لما تعرف أن بنتك اللي خبتها عن الدنيا كلها عشقت واحد غريب وسلمتله نفسها من غير جواز، بس لإني صعيدي ومقبلش الغلط قلت اصلح غلطي والم عارك. علا تنفس كامل وكاد ان يخرج سلاحـ.ـه ويفرغه به وبها لكنه أحكم عقله كي لا ينفضح أكثر من ذلك وغمغم بتوعد _ هيحصل متستعجلش على رزقك اومأ له ومازالت ابتسامته الشامته مرتسمه على وجهه وتمتم بجوار أذنه _ متقلقش سرك فـ بير، هي خلاص بقيت مراتي وهتكون ام ولدي ومقبلش إن سيرتها تلف النجوع اللي حوالينا فاهدى كدة واطمن أراد كامل ان يستفز غيظه _ كل ده عشان رفضت استر على أمك. حافظ على هدوئه رغم النيران التي اشتعلت بقلبه وتحدث بهدوء _ تؤ دي ليها حساب تاني لسة مجاش وقته متستعجلش انت بس على رزقك. ربت على كتفه وتابع _ يلا ياحمايا البيت بيتك ويبقى اقفل الباب برجلك وأنت ماشي. وعادت ضحكته التي أشعلت النار أكتر بداخل كامل، الذي اهتز ثباته بتهديد مهران والذي يعلم جيدًا بأن تهديده هذا حق مادام توعد به. ❈-❈-❈ وضع رأسه بين يديه لا يعرف لما وافق عمه في ذلك الأمر كم كان صعبًا عليه أن يفعل ذلك يندهش حقًا كيف فعلها أبيه من قبل يود أن يعرف منه كي يفعل مثله ويتخلص من ذلك الألم الذي يكاد يمزقه إربًا تفاقم الألم بداخله ولا يعرف ماذا يفعل امسك هاتفه كي يتحدث معه ويخبره بما عليه فعله وعندما أجابه لم يستطيع التفوه بحرف. رأف به عمه علمًا بمدى العذاب الذي يجثم عليه الآن لكن هذا قدره وعليه تحمله _ مش قادر ياعمي حقيقي مش قادر. _ لو عايز تساعد أبوك هتقدر. _ احنا بنضحك على نفسنا نفى مصطفى _ أهي محاولة أخيرة عشان يجرب إحساس أبوه يمكن ربنا يهديه. أخذ مصطفى نفس عميق وعاد بظهره للوراء وغمغم بخفوت _ اللي زي بابا مستحيل هيتغير، حبه لذاته أقوى من أي شئ، ده غير كمان انه عمره ما هيعترف بالخسارة _ الشركة بتقع وانت عارف كدة كويس وهو رافض يعترف بده وقفها انت ودي هدية جدك ليك أبوك للأسف مش عارف يقود حاجة لوحده سواء بيته أو شغله ولو هتلاحظ إن أمكم هي اللي متولية كل حاجة تخصحكم وانا اشهد لها بنجحها معاكم، وفي الشركة كانت هي وجدك وبعدهم الشركة سقطت يدير انت الشركة ووقفها على رجلها من تاني ولو وافق يفضل معاك خليه بس أوعى تقوله أنها بقيت ملكك. يدهشه حقًا ذلك الرجل الذي يؤكد لها كل مرة بأنه جدير بالاحترام والتقدير _ انت ازاي كدة؟ ضحك جمال وتحدث بحكمة _ صدقني انا انسان عادي زيك وزي أبوك وزي اي حد، بس الإنسان يامصطفى لو غلبه حب الدنيا والمال فقد إنسانيته واحترامه لذاته وفقد حكمته وكل اللي حواليه، وده اللي ربيت ولادي عليه دي نصيحتي ليك ياابني. اغلق مصطفى الهاتف ووضعه على الطاولة أمامه واخذ يفكر فيما ينتوي فعله. ❈-❈-❈ في المشفى ظل في الغرفة وحيدًا لم يجد أحدًا بجواره وعندما طلب منه الطبيب الاتصال بعائلته أصر على الرفض لم يعد لديه عائلة كي تقف بجواره اضاعهم من يده بأنانيته وأصبح شخص منبوذ لا يجد من يقف بجواره في تلك المحنة شعر بحنين جارف إلى والدته وأن يلتمس الحنان بحضنها لكنه اضعها ولا أمل له بالرجوع أبيه الذي لم يبخل عليه يومًا منذ صغره ظل يتهمه بالباطل حتى كاد أن يخسروه بسببه هو أخيه… سنشد عضدك بأخيك لكن لم يتجرئ على فعلها سيكون هذا عقابه الذي سيفرضه على نفسه بأن يظل وحيدًا ❈-❈-❈ انتهى الزفاف وقد ملت من ثرثرة النساء من حولها ومن المهزلة التي تحدث كيف طاوعته ووافقت على ذلك. هل تعترف بوعده لها بأن يتركها ترحل بعد انتقامه من ابيها، اللعنة عليهم جميعًا. ذهب الجميع لتتنفس أخيرًا بأريحية بعد إنتهاء هذا المسلسل الهابط وهمت بالصعود لولا صوته الذي اوقفها _ رايحة فين؟ ابتسمت بخبث عندما سمعت صوته واستدارت ببطئ لترى مدى اتساع عينيه وهو يراها أمامه بهذا الشكل. الفصل السابع عشر من هنا |