رواية تربصت بي اعين قاتلة الخاتمة بقلم سارة نيل



رواية تربصت بي اعين قاتلة الخاتمة بقلم سارة نيل 





 ≈استغفروا≈ ♥︎.

[تربصت بي أعين قاتلة] ~ *الخاتمة*ج1

اختبأت خلف تميم بحماية تتمسك يقميصه فلمرتها الأولى تواجه موقفًا مع فرد في مجتمع..
لا تعلم ما نوع شعور تلك السيدة تجاهها..
هل هذا حُب أم سيكون بُغض..

تعجب تميم من ردة فعل والدته ولهفتها تلك، فتسائل باستغراب:-
- في أيه يا أمي، قصدك مين..
أظن إنتِ متلغبطه أو بتشبهي على غفران..

حركت رأسها بنفي بينما اندفعت دموعها من عينيها وهي تقول مُشِيرة نحو غفران:-
- لا لا يا ابني إزاي اتلغبت، إنتوا فاكرين عفيفة صاحبتي إللي حكيتلكم عليها، لما انقطعت أخبارها وكان عندها بنوته..
فاكر الجواب إللي وريتهولك يا تميم، وكانت بتطلب مننا ندور على بنتها لغاية ما نوصلها..
وأبوك الله يرحمه دور كتير ومكانش ليها أي أثر وإنت كمان دورت كتير عليها..
البنوتة دي نسخة تانية من عفيفية، كمان اسمها غفران ودا الاسم إللي كانت عفيفة متفقة معايا تسميه لما تتجوز وتجيب بنت..
أنا واثقة ومتأكدة إن دي بنت عفيفة .. متيقنة..

اقترب تميم من والدته وهو ممسك بيد غفران الذي طمأنها بنظراته ثم وضع يديه على أكتاف والدته وقال بهدوء:-
- إهدي يا أمي خلينا نتكلم بهدوء ونفهم كل حاجة..
غفران لها ظروفها الخاصة وإللي مرت بيه كان صعب جدًا متتصورهوش .. أنا تقريبًا عارف كل حاجة عنها وأبدًا مش شوفت والدتها جمبها..

سحب غفران من يدها برفق وأمسك والدتها يُجلسها على الأريكة، ونظر لشقيقته تالين وقال بمرح لغفران:-
- أيه يا أميرة غفران مش عايزة تتعرفي على تالين وترغوا سوا .. متأكد إن دماغك هتصدع من رغي البت توتو كمان هي هتحبك جدًا..
وبالمرة تغيري هدومك وتفرجيها على الحاجات إللي جبناها..

ضحكت تالين بمرح وقد فطنت ما يريد تميم، واقتربت من غفران تمسكها من يدها ثم سرعان ما احتضنتها وهي تقول بمزاح:-
- والله البيت نور يا أميرة غفران يا مرات أخويا الغالي..
تعالي بقاا علشان أصدعك وأشوف سي تميم جاب أيه وإللي هيطلع على مقاسي نتقاسم فيه أنا وإنتِ يا حبيبة قلبي، كمان تعالي أفرجك على بيتنا المتواضع يا سمو الأميرة..

ابتسمت غفران من لُطف تلك الفتاة وبدأت تشعر بالإرتياح قليلًا، نظرت لتميم الذي أشار لها بتشجيع لتقف وتذهب بصحبة تالين التي سحبتها بمرح راكضة وهم يحملان الأكياس ليختفوا خلف الأبواب..

تنهد تميم براحة فهو لا يريد ذِكر أيّ تفاصيل أمامها كي لا تزداد حالتها سوءًا..
نظرت له والدته بتسائل قائلة:-
- في أيه يا تميم .. احكيلي..

بدأ تميم يسرد لها كل شيء من بداية الحكاية، من فور ما وطأت أقدامه هذا المكان مرورًا بالأشياء الغريبة التي شعر بها، وتخبط غفران وحالتها، والدواء الغريب الذي كان يسيطر عليها والدها به..
ومخططات هذا الرجل القذرة في ق'تل كل من يمر بالمكان وتجارته بالأعضاء البشرية..
ثم زواجه بغفران وهروبهم..
لم يترك شيء إلا وسرده..

تصنمت والدته وهي لا تصدق ما سمعته، أهذه الأشياء موجودة في حياتنا، كيف يفرط المرؤ بولده هكذا.
ولدها كان على شفا الموت ولولا لُطف الله وحمايته..
نعم لقد ساق الله تميم إلى هذه البقعة لأجل غفران..
الفتاة مٌحطمة من كل جانب بسبب والدها..
لقد أصبحت تعاني من رُهاب أي شيء..!

شهقت ببكاء وهو تتخيل حال غفران وسط هذه الذئاب، نعم لقد تيقنت أنها ابنة عفيفة..
وهذا القذر يكون زوجها الملعون..
همست ببكاء والدموع تغرق عينيها:-
- يا حبيبتي يا بنتي ...ليه القسوة دي كلها يا تميم..
أنا مش مصدقة إن ممكن حاجة زيي تحصل يا ابني، ليه الدنيا اتقل خيرها كدا..
يا ترى عاشت السنين دي كلها إزاي وسط المجر'مين دول .. حسبي الله ونعم الوكيل ربنا ينتقم منهم قادر يا كريم..

حرك تميم رأسه بتأكيد حزين، وقال بألم:-
- غفران شافت كتير أووي يا أمي، كون إن هي متحملة لغاية دلوقتي فهي بطلة، وربنا يعيني إن أقدر أعافيها من كل إللي مرت بيه وأعوضها عن كل حاجة يا أمي..

ابتسمت سوسن وهي تمسح دموعها وقالت:-
- إنت حبيتها يا تميم .. حبيتها بالرغم من كل ده..

قال تميم بلهفة ونبرة مليئة يالشغف والعشق:-
- غفران جواها أبيض أووي يا أمي، جواها لسه طفلة، لسه نضيف مش ملوث .. لا تعرف كره ولا حقد ولا غلّ..
عيونها بتنطق بالبراءة وإللي جواها ملامحها بتنطق بيه..يا أمي أنا قلبي وقع أسير لها وكانت حاجة غريبة بتشدني لها .. حتى مشاعرها نقيّه أووي ومميزة جدًا يا أمي .. حُبها ليا مُمَيز جدًا..
طاهرة والطُهر عنوانها بالرغم من كل إللي مرت بيه والقذارة إللي عاشت جواها بس دا مقدرش يتغلب على طُهر قلبها ..
هفضل جمبها وهعلمها كل حاجة وأدعملها لغاية ما تقف على رجليها وتقدر تواجه العالم كله..
وربنا يعنيِ وأعوضها عن كل إللي فاتها..

ابتسمت سوسن بفرحة ظاهرة وهي تهتف بحنان:-
- لو تعرف كبرت في عيني قد أيه يا تميم..
وإنت يا حبيبي تستاهل قلب غفران النقي، فخورة بيك يا تميم وربنا يهنيك يا حبيبي ويكتبلك كل الخير..

وتابعت بحنين:-
- مش متعجبة إن غفران تكون كدا، عفيفة كانت بتملك نفس القلب الطاهر الطيب ده ونفس الروح الجميلة، كل إللي بيشوفها بيحبها .. علشان كدا عمّك إسماعيل كان بيحبها أووي كان مهووس بيها وانتظر على أحرّ من الجمر إنها تكبر شوية وتخلص جامعتها علشان يتقدملها ويخطبها بس الله لا يسامحها مرات أبوها .. د'مرت حياتها ورموها لواحد ظالم ميعرفش للرحمة طريق واحد مريض طلع كل عُقده فيها باسم الحُب المريض..
ومع ذلك عمّك إسماعيل لسه وفيّ ليها وعايش على ذكراها لغاية دلوقتي، لو تعرف كسرته كانت إزاي يا تميم..
أنا اتخطبت لأبوك وهو كان طاير من الفرحة وأخد أبوك وراح يتقدملها بس اترفض ومكانش عارف ليه، بس عرفت إن كان بسبب الظالمة مرات أبوها حسبي الله ونعم الوكيل..
وفضل عايش عمّك على ذِكراها...

لقد اتضح لتميم كل شيء، ألهذا بقى عمّه إلى الآن أعزب، شقيق والده الأصغر أربعيني أعزب، يقيم وحيدًا في أحد الشُقق السكنية مُنعزل عن العالم..
كانت يتسائل كثيرًا حول هذا العمّ الذي كان بمثابة صديق له، لقد اتضح أنه ضحية الحُب والقدر..

قال تميم بشرود وحزن:-
- يعني سبب إللي هو في دلوقتي الموضوع ده..
ياااه دا بيحبها أووي ووفيّ جدًا لحبها .. حقيقي مش موجود حد كدا دلوقتي..
بس للأسف يا أمي إللي عرفت عن موضوع أم غفران مش يبشر أبدًا..
لأن غفران سمعت عن طريق الصدفة بالحقيقة، المجر'م ده ق'تلها وباع أعضاءها لما اعترضت على أفعاله..
وكان مستعد يعمل أي حاجة ويإذي غفران..

شهقت سوسن ببكاء وهي تتذكر صديقتها التي كانت بمثابة شقيقتها وقالت بألم:-
- يا حبيبتي يا عفيفة .. شوفتي كتير يا حبيبتي..
ربنا ينتقم منه ويحرق قلبه يارب....

وظلت تبكي ليجذبها تميم لأحضانها ليهدأها برفق..

أمّا في الداخل نجحت تالين في كسر حاجز الرهبة الذي لدى غفران وهي تتحدث معها في شتى الأمور بينما يرتبون ملابسها الجديدة..
وفي هذه الأثناء جعلتها تالين تأخذ حمام دافئ تزيل به إرهاقها ثم أخذت تجفف خصلاتها النا'رية بحنان ورفق تحت نظرات غفران الممتنة وهي ترى أن شقيقة تميم تحمل بدماءها نفس طيبته ورفقه..
أجلستها أمام المرآة وأخذت تمشط خصلاتها لتقول لها بصدق:-
- إنتِ حقيقي جميلة أووي يا غفران .. جميلة من جوا قبل جمالك الخارجي..

ابتسمت غفران بخجل وقالت وهي تفرك يديها على هذا الإطراء الذي يقابلها للمرة الأولى:-
- شكرًا .. شكرًا يا توتو..

- عيون توتو إنتِ..

وأكملت تالين بمرح أكبر وهي تُمسك فساتين غفران:-
- أيه رأيك تلبسي أيه .. ده ولّاااا ده .. ولّاااا ده..

حركت غفران أكتافها وقالت بحيرة:-
- بصراحة مش عارفة همّا كلهم حلوين..

نظرت لهم تالين نظرة تقيمية ثم قالت:-
- بصراحة عندك حق، من رأي خليكِ في الأبيض إللي في ورد سماوي ده .. مريح أكتر ومناسب للبيت ولا إنتِ أيه رأيك..

تلمسته غفران بحنان وهي تتذكر أنه اختيار تميم، ابتسمت بحب وهي تهمس:-
- عندك حق .. جميل فعلًا..

قبلتها تالين على رأسها وقالت:-
- طب يلا يا جميل إلبسيه علشان بصي عندنا غدوه إنما أيه .. هتكلي النهاردة أكل لما تتنفخي..
هناكل محشي الست سوسو والكُفتة بتاعت الشيف تالين والبسبوسة إللي تميم بيعشقها..
بس بصي عايزه رأيك مٌفصل في كل حاجة .. تمام..

أحبتها غفران لبساطتها ومرحها وحقًا استطاعت أن تخرجها من بؤرة أفكارها السيئة وظنونها..
ابتسمت لها غفران بامتنان وقالت:-
- أكيد حلوين علشان من إيدك يا توتو..

- حبيبتي إنتِ..

وخرجت تالين حتى تتركها تُبدل ملابسها..
أخذت ترتدي الفستان وهي تتلمسه بنعومة، فستان رقيق أبيض منثور عليه ورود بلون السماء من القطن ذا أكمام تصلّ لمنتصف ساعديها وطويل يصل لكعبيها، ضيق من الخصر وينتهي بإتساع...
تركت لخصلاتها المتموجة العنان خلف ظهرها فكانت في غاية الجمال والرقة والنقاء..
جلست على طرف الفراش بتردد وهي لا تعلم ماذا تفعل سوى الإنتظار، تخجل أن تخرج..

بعد مرور بعض الدقائق سمعت طرقات على الباب، انكمشت على نفسها لتنفرج أساريرها حين وجدته تميم، وقفت وركضت نحو وهي تهمس بلهفة:-
- تميم..

تأملها بإفتنان وعشق، أمسك يدها بلطف ثم أخذ يُقبلهم بحُب وحنان هامسًا:-
- عيون تميم وروحه يا حبيبتي..

تخضب وجهها بخجل فوضع اصبعه أسفل ذقنها وجذبها نحو أحضانه وثم همس عاشقًا:-
- إنتِ جميلة أووي يا غفران، قلبك جميل أوي يا حبيبتي، وروحك أجمل .. إنتِ نعمة ربنا عليا وعوضي الجميل .. بحبك يا غفران ...بحبك خليكِ معايا وخليكِ بخير علشانِ أنا..

لم تُصدق أنا غفران صاحبة اليد الملوثة بالدما'ء من يُقال لها هذه الكلمات، كل هذا الحب لها!
كل هذا الحنان والدفء لها!
تميم وقلب تميم لها!
ماذا فعلت بحياتها خيرًا لتُجازى عليه هكذا!!
رفعت عينيها المليئة بالدموع تنظر إليه وقالت له:-
- وأنا بحبك يا تميم .. روحي فداك يا تميم..
إنت منقذي والجندي إللي ربنا بعته ليا، إنت الإيد إللي اتمدتلي في وسط الضلمة وأنا مستحيل أسيبها بس إنت مش تسبني..
إنت إللي أعرفه من وسط كل العالم ده يا تميم..
إنت عالمي..

طبع قبلة على رأسها ثم أخرى على وجنتها وأخرى على وجنتها الأخرى ... وأخرى على أنفها..
ووضع جبينه على جبينها متنهد وقال:-
- أبدًا يا غفران أبدًا يا أميرة قلبي مفيش حد بيسيب روحه، ويلا تعالي عندنا كلام كتير نقوله كمان تعالي علشان تدوقي أكل البت توتا والبسبوسة بتاعتها..

ابتسمت بهدوء وقالت بصدق:-
- بصراحة أنا حبيتها أوي، لطيفة جدًا وقلبها طيّب شبه قلبك..

ضحك بشعف ثم قرص وجنتها بمرح قائلًا:-
- اممم دا إعتراف منك يعني إن قلبي طيّب بس أنا ساعات بكون شرير ... واصبري الأيام قدامنا وهتعرفي تميم بيكون إمتى شرير..

ثم أمسك يدها برفق وخرجا من الغرفة بينما هي متمسكة به بقوة فهو سبيلها لكل شيء في هذه الحياة الجديدة، ظلت منكسة الرأس تشعر بالتذبذب والخجل..

كانت سوسن تتأمل غفران بعيون حانية تكابد عدم البكاء كي لا تتسب في هلعها..
وقفت بجانب تميم بالكاد تختفي خلفه، ابتسمت سوسن بهدوء وهتفت برفق:-
- غفران ... حبيبتي ممكن أسلم عليكِ، مش عايزة تتعرفي عليا ولا أيه.. 

رفعت عينيها الصافيتان لتميم فحرك رأسه بإيجاب يشجعها في التحرك، وبالفعل سارت بإتجاه سوسن التي تناظرها بلهفة ووقفت أمامها لتتأملها بعدم تصديق وهي لا تُصدق هذا الشبه المُماثل، تكاد ترى أمامها رفيقتها عفيفة..
رفعت كفيها تكوب وجهها بحنان وهمست بحنو:-
- إنتِ جميلة أوي يا غفران شبهها.. لو تعرفي دورت عليكِ قد أيه يا حبيبتي..

ثم جذبتها برفق تحتضنها بحنان أمّ لم تتذوقه غفران يومًا ما .. حُرمت من عناق الأمّ، ليس فقط الأمّ بل وكل عناق يُعبر عن أيّ تَحْنان..
في الحقيقية لم تستطع غفران مقاومة هذا الدفء وبادلتها عِناقها منغمسة به باستمتاع تُجرب هذا الشعور لمرتها الأولى، وفاضت عينيها بعَبرات الحرمان..
طوقتها سوسن بقوة وأخذت تربت على ظهرها بترفق..

تأثرت تالين بهذا المشهد بينما قبض تميم على يديه بشدة وهو يُدرك حجم الحرمان الذي عانته غفران، لقد حُرمت كل شيء .. حتى حُركت حقها في الحريّة والعيش..!!
لكنه أقسم بأشد الأيمان الواجبة البِرّ أن يعوضها كل ما فاتها..

تنحنحت تالين وهي تقول بمرحها المعتاد محاولة إخراجهم من هذه الحالة:-
- أيه يا جماعة الخير مش هناكل ولا أيه .. الأكل برد وأنا جعاااااانة يا ناااس..

ضحكوا جميعًا والتفوا حول المائدة لتلزم غفران جانب تميم فيبتسم لها بحب وتبتسم والدته بسعادة..
قالت تالين بحماس:-
- يلا يا غفران دوقي كدا اللحمة دي أنا عملاها بطريقة مختلفة جدًا تختلف عن أي حاجة دوقتيها صدقيني..

نظرت غفران لقطعة اللحم بنفور شديد وذكريات أليمة تداهم عقلها، فهي نظرًا لما كانت تراه من تمزيق الجُثث لم تتذوق اللحم بحياتها يومًا ما، لديها رُهاب منه وتشمئز منه نفسها..
تطلعت بها غفران بحرج ولا تعلم كيف ترفض أو كيف تُفسر لهم!!
أدرك تميم الموقف ليقول بهدوء لشقيقته دون أن يتطرق لأي شيء:-
- غفران معدتها تعبانة شوية يا توتا والدكتور مانعها من أكل اللحوم لمدة معينة..

شعرت تالين بالخيبة وتنهدت غفران براحة لتقول لتالين بتقدير:-
- أنا متأكدة إنها جميلة زيك يا تالين..
ولما أخف لازم توعديني إنك هتعمليهالي علشان أدوقها..
وبعدين النهاردة عندي أكلات كتير أدوقها وفي بسبوسة ولا أيه..

حركت تالين رأسها بإيجاب وهي تقول برضا:-
- طبعًا طبعًا أكيد..

وفي جو أسري هادئ دافئ لم تحظى به غفران يومًا ما أخذت تتناول طعامها بشهية..

حلّ الظلام وظلوا يتسامرون بشتى الطُرق المرحة مُخرجين غفران من كبوتها..
قالت سوسن بفرحة:-
- إن شاء الله نعملك أحسن حفلة زفاف يا غفران والدنيا كلها تعرف إنِك خلاص بقيت زوجة تميم حسين نُعمان..

ابتسم تميم وقال بتأكيد:-
- إن شاء الله يا أمي..

تأخر الوقت وداهم النوم أعين غفران إرهاقًا..
قالت سوسن بابتسامة بشوش:-
- يلا علشان نسيب غفران ترتاح..
غفران هتنام مع تالين لغاية ما يبقى في إشهار وإنت تنام في أوضتك يا تميم..

وعندما سمعت غفران هذا وقبل أن يُجيبها تميم تمسكت به بلهفة وخوف تحت تعجب تالين، ربت تميم على يدها وهو ينظر لعينيها المذعورة بطمأنينة وهمس لها:-
- متخافيش أنا معاكِ يا غفران مش هسيبك..

تشبثت به أكثر وهي تقول برجاء وأعين دامعة:-
- تميم مش تسبني .. مش إنت وعدتني..

قبل رأسها برفق وقال بحنان:-
- حبيبتي إهدي أنا معاكِ يا نور عيني..

نظر لوالدته وقال لها وهو ينظر نظرة ذات مغزى:-
- مفيش داعي يا أمي .. غفران هتنام معايا في أوضتنا..

تفهمت والدته على الفور مقصده وحركت رأسها بإيجاب قائلة وهي تتوقف:-
- خلاص مفيش مشكلة يا تميم .. يلا تصبحي على خير يا غفران..

وأشارت لتالين قائلة:-
- يلا يا تالين متتأخريش في السهرة..

وثبت تالين وهي تتمطأ وقالت:-
- أيوا أنا تعبت النهاردة ... يلا تصبحي على خير يا غفران ... تصبح على خير يا تميم..

اكتفت غفران بتحريك رأسها مبتسمة بينما هتف تميم بحنان:-
- وإنتِ بخير يا توتا..

التفت لغفران وابتسم لها بحب وهو ينتصب وهتف بصوتٍ دافئ:-
- يلا إحنا ننام يا غفران..

أردفت بصوت مهتز وهي تلتفت حولها فتلك الليلة الأولى لها في هذا المكان الغريب، لكن كل البِقاع بتميم تُصبح أوطان:-
- يلا .. أنا عايزة أنام..

دلف لغرفته وهو يصطحبها لتقف في منتصف الغرفة تتأملها، غرفة شبابية بالون الأبيض وأثاثها بالون العسلي..
فركت يدها بتوتر لاحظه تميم فاقترب منها وهمس وهو يرفع خصلة شاردة عن عينيها:-
- غفران حبيبتي عايزك تطمني .. هنا المكان آمن ومحدش يقدر يإذيكِ عايزك تاخدي راحتك لإن بيتي هو بيتك يا قطتي .. اتفقنا..

حركت رأسها، فقرص وجنتها وقال بمرح:-
- لا أنا عايز أسمع صوتك الجميل يا قطة..

ابتسمت وقالت:-
- مش خايفة أبدًا وأنا معاك يا تميم، متحمسة لحياتي معاك..

قبل رأسها وتركها ليُبدل ملابسه بينما جلست على الفراش تتأمل الغرفة وهناك قلقٌ خفي تشعر به لا تعلم سببه..
بسط تميم سجادة الصلاة وأخذ يُصلي ركعتين قبل خلوده للنوم لتظل تتأمله بشوق وفضول داخلها أن تتعلم ما يعلمه..
انتهى من صلاته ليجدها تنظر له بشدة وتقول بلهفة:-
- تميم أنا عايزة أصلي زيك .. علمني ممكن.. 

انتصب واقفًا وسار نحوها لتطرق برأسها خجلًا فمَن بمثل عمرها يعلم كل هذه الأشياء وهي إلى الآن تجهل كل شيء عن دينها..
جلس بجانبها وأمسك يدها بحنان وقال:-
- دا شيء أكيد يا غفران .. هعلمك كل حاجة..
بصي يا أميرتي قبل الصلاة وشرط علشان تكون صلاتك صحيحة لازم الوضوء والطهارة فهماني..
يلا تعالي معايا علشان نتوضى..

قفزت بحماس وهي تسحب يده وتقول:-
- يلا يلا بينا يا تميم .. علمني..

ابتسم على حماسها وسار حتى وقف أمام حوض غسيل الوجه، أوقفها أمامه ووقف خلفها وهو يفتح الصنبور ثم أمسك يدها يضعها تحت الماء وهو يقول بخفة كل لا تخجل من جهلها:-
- أول حاجة نغسل الإيدين الحلوين دول كدا ونخلل الصوابع الجميلة دي..
وبعدين المضمضة كدا وبعدين نستنشق ونغسل الوجه الجميل ده..

وفعل كل شيء أمامها لتفعل مثله، ثم أكمل يقول:-
- وبعدين نغسل الدراع لغاية الكوع، ونمسح الشعر الجميل ده كمان الوِدن إللي عايزة الأكل دي..

كانت تضحك بسعادة من مرحه وهي تشعر براحة عجيبة، بينما قبل تميم رأسها وهو يُكمل:-
- وأخيرًا نغسل الرجلين الصغيورة دي، وكدا نبقى اتوضينا .. أيه رأيك سهل ولا صعب وحفظتي الترتيب..

رددت بأعين مليئة بالحماس:-
- لا سهل جدًا، وحفظت كمان، أغسل إيدي وبعدين المضمضة وبعدين الإستنشاق وبعدين أغسل وشي وأمسح شعري وودني .. وأغسل إيدي للكوع ورجليا..
شوفت أنا شطورة إزاي وهسمع الكلام..

حملها يدور بها وقال:-
- بارك الله فيكِ يا قطتي .. متأكد إنك هتبقي طالبة شطورة جدًا ولكِ عندي هدية هتعجبك أوي..

قفزت بمرح وهي تشعر بالسعادة هذه للمرة الأولى، تشعر أنها تُحلق في السماء، هتفت بفضول وهي تتعلق بذراعه:-
- قولي أيه .. وريني..

ضحك على فضولها ثم قال وهو يبسط سجادة الصلاة:-
- الأول نصلي وهديهالك..
علشان نصلي لازم تحفظي الفاتحة وفي البداية سورة من قِصار الصور...
مستعدة تحفظي أول أيات القرآن..

رفرفت بأهدابها وصاحت بحماس:-
- جدًا جدًا يلا يلا بسرعة..

بدأ تميم يردد آيات الفاتحة وغفران تُردد خلفه بتركيز ثم تبعها بترديد سورة الإخلاص والمعوذتين لتُدهشه غفران بسرعة حفظها وقبل أن يُعيد للمرة الثالثة أخذت تتلوها هي عليه..
يبدو أنه يوجد طفلة تمتلك من النباهة والذكاء ما سيجعلها مُميزة..
طبع تميم قُبلة على رأسها وقال بتحفيز:-
- ربنا يبارك فيكِ يا غفران ما شاء الله تبارك الرحمن، متأكد إن ربنا هيمدك بعون كبير..
الأول إحنا عندنا خمس فروض في اليوم والليلة، اليوم بيبدأ بصلاة الفجر وبتكون ركعتين، وبعدين الظهر وبيكون أربع ركعات، والعصر أربعة بردوه، وبعدين المغرب تلاته، والعشا أربعة..
دي الفروض طبعًا كل فرض بيبقى ليه سُنة، والسُنة دي الرسول صلاها وإحنا بنصليها تقرُبًا منه وإقتداءً به..
وواحدة وواحدة هقولك عليها..

قالت بتصميم وهي تسحب يده:-
- لا لا قولي عليهم يلا .. عايزة أعرفهم من الأول كدا..

ابتسم لها وأخبرها:-
- الفجر ليه ركعتين سنة قبله، الظهر ليه أربعة قبله واتنين بعد الفرض، والعصر مش ليه سُنة مؤكدة، المغرب ليه اتنين بعده، والعشا ليها اتنين بعدها..
وبكدا يبقوا ١٢ ركعة، والرسول بيقول إللي بيصلي ١٢ ركعة في اليوم والليلة ربنا بيبني ليه بيت في الجنة..
وخطوة بخطوة هتبدأي تلتزمي بيهم إن شاء الله، وأنا معاكِ هعلمك كل حاجة..

كانت تستمع له بإنصات وفضول شديدان وقالت:-
- طب يلا علمني أصلي إزاي..

بدأ يُصلي أمامها بصوت مرتفع ويتأني لتحفظ كل شيء ويعلو صوته بدعاء السجود والركوع والتحيات التي أخذ يكررها لها إلى أن حفظتها..

نظر لها وقال:-
- كدا عرفتيها ولا أكرر..

- لا لا فهمت جدًا وأعرف أصلي لواحدي خلاص..

ابتسم لها وأخبرها بهدوء:-
- تعرفي وإنتِ بتصلي بتكوني في أي وضعية أقرب إلى الله.

تسائلت بإهتمام:-
- إمتى؟

- وإنتِ ساجدة، علشان كدا الرسول بيقولنا أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء..
تقدري وإنتِ ساجدة تطلبي من ربنا أي حاجة وتدعيه بكل إللي بتتمنيه، كمان عودي نفسك قبل ما تسلمي من الصلاة وبعد التحيات يكون لكِ دعوة، لأن لكِ دعوة مُجابة قبل الفراغ من الصلاة..

حركت رأسها بلهفة ليسحب الرداء الخاص بالصلاة الذي ابتاعه لها وقال:-
- طبعًا المرأة وهي بتصلي لازم تكون مُستترة وساترة لكل العورة .. وجسد المرأة عورة كله معادا الوجه والكفين، تقدري تلبسيه وتصلي وكدا تمام..

حركت رأسها وأخذت ترتديه فوق ملابسها، ثم جمعت شعرها ووضعت غطاء الرأس، ليقترب تميم ويقوم بلفُه لها وإحكامه، نظر لها بحُب وقد زَانها وزاد جمالها..
لثم جبهتها وهمس لها:-
- جميلة يا غفران والحجاب بيزيدك جمال..

وقفت أمام المرآة مندهشة غير مصدقة ما تراه، تشعر أنها ترى أخرى غيرها..
دارت حول نفسها بسعادة وأمسكت يد تميم قائلة بإمتنان:-
- شكرًا يا تميم .. بجد شكرًا على كل حاجة..

قبل يدها وقال بأعين مليئة بالحُب:-
- مش أنا إللي لازم تشكريه يا غفران..

وأشار نحو سجادة الصلاة وقال:-
- يلا اشكريه هو صاحب الفضل..

حركت رأسها وهي تسير حتى وقفت على سجادة الصلاة برهبة وشعور غريب لكنه جميل ينتابها وهي تستدرك أنها الآن بين يدي الرحمن..
رفعت يدها للأعلى مثل ما علّمها تميم وقالت بقلب ينتفض وهي تستشعر معانِ هذه الكلمتان:-
- الله وأكبر..

وبمجرد ما شرعت في الصلاة ودون أن تشعر فاضت عيناها بالدموع وهي تستدرك رحمات وحنانٌ لم تشعر به من قبل .. عِناية فائقة .. كانت ترتعش مثل الورقة أسفل شتاء فبراير وهي تُردد أيات الله..
وعندما انحنت تسجد انفجرت في بكاء عنيف يصحبه شهقات مكتومة..
احترم تميم لحظاتها فخرج للشرفة ليتركها براحة أكثر..
أخذت تبث له كل ما مرت به وتروي له ما حدث وتسأله إن كانت تستحق الغفران، وتخبره أنها تريد أن تصبح إنسانة جيدة وتُكثر من الدعاء..
همست في سجودها ببكاء:-
- أنا مكونتش عايزة أعمل حاجات غلط، مكونتش عايزة أبقى وحشة وأزعلك مني، أنا مكونتش عايزة أأذيهم وأعمل حاجات إنت قولت عليها لا..

وظلت غفران بقلبها المتلعثم تبث لله كل ما يعبقه، وأصبحت متيقنة أن لها ملجأ دافئ تهرول نحوه وقوي لن يتركها وسيظل مددًا لها .. إنه الله .. 

انتهت ليبتسم لها تميم ويُشير نحو فراشه ويُجلسها فوقه وهو يرتبه لها وقال:-
- نامي يا غفران .. إنتِ تعبتي النهاردة كتير..

وسحب وسادة وهو يقول:-
- أنا هنام جمبك على الكنبة هنا .. نامي براحتك..

قالت بإعتراض:-
- طب سيبني أنام على الكنبة وتعالَ نام هنا..

قضم وجنتها وهو يدثرها وقال لائمًا:-
- عيب كدا يا قطتي .. ويلا تصبحي على خير..

                          ❁❁❁❁❁

صفعة تليها الأخرى وقد تناثر الد'م من فمها وأنفها وأصبحت حالتها مرزية..
صر'خ بغضب أعمى:-
- بنتك هربت يا عفيفة ... هربت مع الواد إللي كان هنا، كنت عارف إن الواد ده مش ساهل..

طوى شعرها حول يده وجذبها بعنف بينما أطبق على فمها بقوة وهو يقول بفحيح أفعى:-
- بس أنا عارف هاجيبها إزاي يا عفيفة..
عارف هتيجي جري إزاي..
إنتِ الكارت الأخير معايا يا عفيفة، لازم تعرف إن أمها إللي متعرفهاش عايشة..

هبطت دموعها وأمسكت ذراعه تتراجاه:-
- لا لا يا شهاب .. سيبها في حالها حرام عليك، كفاية عليها سيبها تعيش حياتها دي بنتك يا شهاب..
أنا هنا اقت.لني خلص عليا وبيع أعضائي زي ما كنت عايز تعمل زمان بس سيب غفران بالله عليك ما تأذيها..

ألقاها بعنف لتصتدم بالأرض بقوة وضربها بقدمه وهو يصيح:-
- هدفنك إنتِ وبنتك في قبر واحد يا عفيفة..

وخرج وهو ينادي:-
- فتحية ... زايد ... بركااااات .. إنتِ يا فتحية..

ظل ينادي لكن لا أحد ولا مُجيب..
هرول يبحث في جميع الأركان ثم هرول نحو غرفته، وقف مصدومًا وقد علم لماذا لا يُجيب الجميع وأين ذهبوا..
وجد الخزنة تم كسرها وقد سُرقت كل محتوايتها..
لقد تمت خيانته..
اتقدت أعينه بالنا'ر وهو يتوعدهم بالكثير..

- والله لأصفيكم يا خونة وهدفعك تمن الخيانة دي غالي أووي..

                          ❁❁❁❁❁



لمتابعه الخاتمة 2 من هنا

بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-