رواية مصاص دماء الفصل الخامس والعشرون بقلم غزلان
كانت تسير تلك الصغيرة في أروقة القصر بملل
كانت بثياب النوم البيضاء و شعرها مجموع على شكلِ كعكة مبعثرة
وتضع على أنفها الصغير لصاقة طبية
هو لايزال محمراً منذ أن صدمت وجهها بالباب الخاص بغرفة جيون
لاتدري ما فائدة اللصاقة لكن على الأقل لتخفي بها إحمرار أنفها
كانت تحمل بين يداها الرقيقة قطعة كعك كبيرة بعض الشيء
تلتهم جزءاً منها كل حين أثناء سيرها
فقد إكتفت بأخذ قطع من كعك القصر بدل صنع واحدة جديدة
غضبها حول كعكتها التي تناولها جيون لايزال مستمر، هي لا تهدأ بسهولة
الملل كان يسيطر عليها، الساعة الآن الثانية عشر ليلاً وهي لم تستطع النوم لذا خرجت تتمشى في ممرات و أروقة القصر
شعرت بذراعٍ رقيقة توضع على كتفها، إلتفتت و وجدتها أليس التي لاتزال بثياب الخدم بينما تجمع شعرها متوسط الطول على شكل ذيل حصان
"لمَ لازلت مستيقظة ؟"
"لا أشعر بالنعاس، وأنتِ ألازلت تعملين للآن أليس؟!"
"لالا إنتهيت قبل فترة لكني فقط كنت أتأكد من بعض الأعمال، ما رأيك بمرافقتي إلى غرفة إجتماع الخدم؟ سيقيمون اليوم سهرة ممتعة "
كانت تتحدث أليس بحماس شديد وهي تسبق إميليا بخطوات بسيطة
الخدم هنا كل يوم نهاية الأسبوع يجتمعون في غرفة تقع بقرب مخزن القصر، ثم يسهرون لأوقات طويلة بينما يتبادلون الأحاديث و القصص المختلفة
إبتسمت إميليا بحماس وهي تمسك بذراع أليس جيداً
"أجل أجل أريد الإنضمام بالطبع"
"رائع، إسبقيني نحو غرفة إجتماع الخدم ريثما أغير ثيابي لخاصة النوم وألحق بكِ"
"لكني لا أدري مكانها !"
"ااخ نسيت أنكِ لاتعرفين القصر بعد، حسنا سأوصلك أولاً"
أمسكت أليس بيد إميليا الصغيرة ثم ركضت وخلفها الأخرى بسرعة و ضحكاتهم الخافته تعكر هدوء ممرات القصر الساكنة
نزلو درجاً حجرياً ضيقاً بعض الشيء، كان مظلماً سوى من تلك الشموع الصغيرة
أدخلت أليس إميليا لتلك الغرفة الحجرية الكبيرة و المظلمة قليلاً
كانت غرفة كبيرة حقاً و أرضيتها مفروشة ببعض السجادات الصغيرة و أفرشة أرضية متوزعة في الأرجاء
غادرت أليس بسرعة لتغير ثيابها و تركت إميليا التي تتأمل الغرفة و الخدم الذكور و الإناث الذين يتجمعون بشكلٍ دائري و يتبادلون الأحاديث و الضحكات بينهم
كان جميعهم بثياب النوم البيضاء، النساء بفستان أبيض و الرجال بنطال و قميص واسع باللون الأبيض كذلك
يبدو أنهم يتبعون قانوناً معيناً في ثياب النوم
لكن الرئيس جيون ثياب النوم خاصته سوداء قاتمة عكس الجميع!
كانت العجوز ماري تجلس على فراش أرضي بعيداً عن الجميع بينما تقوم بحياكة ثوبٍ ما
هي كانت العجوز الوحيدة بينهم، طبيعي ألا تحب نشاطاتهم
تقدمت إميليا ببطء حينما وجدت جميع الخدم يحدقون بها
إبتسمت حينما أشارت لها إحدى الخادمات بالتقدم و الجلوس
دوماً ما تلقت إميليا معاملة حسنة ولطيفة من الخدم
لم يتطاول عليها أو ينظر لها بشكلٍ سيء أحد منهم
عكس مساعدي جيون تماماً !
جلست إميليا على فراشٍ أرضي بجانب الخادمة التي أشارت لها بذلك
لم يكن الفراش ناعماً لكنه كان مريحاً رغم ذلك
إنهال الخدم ذكوراً و إناثاً عليها بالترحاب بها في سهرتهم
يحبون من يشاركهم سهرتهم
قليلاً حتى أتت أليس وهي تركض بخفة خوفاً من أن تتأخر أكثر عن السهرة
تنحت إميليا جانباً قليلا حتى تجلس أليس بقربها
ما إن جلست أليس حتى بدأت السهرة التي كانت لطيفة للغاية
ضحكت إميليا من كل قلبها أثنائها
فأحيانا كان أحد الخدم يلقي النكات و أحيانا أخرى يلقي شخص أخر من بينهم قصصاً للرعب أو الترفيه
شعرت بالإندماج معهم حقاً، خصوصاً أن جميعهم بشريون مثلها
حيث أن أي بشري يأتي لهذه المملكة خطأً أو من دون إذن يتم جعله خادماً أو مساعداً لجيون إن كان ذو قدرات أو مهارات جيدة
"يا رفاق !! إسمعوا لدي نكتة !"
صاحت إحدى الخادمات التي كانت تمتلك شعراً أحمراً و عيون عسلية
كانت جميلة حقاً و فكاهية
"نحن نصغي"
"عارضة أزياء مشهورة لم تستطع النوم ذات ليلة لماذا ؟"
"لماذا؟"
نطق الجميع دفعة واحدة ومن بينهم إميليا المتحمسة
"بسبب صيحات الموضة!!"
إنفجرت ذات الشعر الأحمر بمجرد ما إن ألقت نكتتها وقد تبعها البعض، من بينهم إميليا
و البعض الأخر شخر بسخرية
فقد كانت النكتة سخيفة في نظرهم
"أخفضوا صوتكم !"
إلتفت الجميع للعجوز ماري التي نطقت بحدة
هي مفسدة للحظاتهم دوماً، متسلطة !
أسندت إميليا رأسها على كتف أليس وهي تصغي لباقي النكات و القصص الطريفة
حينما لاحظت أن الساعة تجاوزت الثالثة بعد منتصف الليل قررت مغادرة السهرة و الذهاب للنوم
ودعت الخدم بإبتسامة ممتنة على الوقت اللطيف ثم غادرت المكان نحو غرفتها
فقد حفظت الطريق حتى لا تتوه في هذا القصر الضخم
كانت تمر بجانب حديقة جيون بحيث أنها كانت في ذات الممر الذي يقود نحو المخزن
توقفت بإستغراب حينما سمعت صوتاً غريباً
كان مثل صوت ضرباتٍ على شيء صلب
طلت برأسها بحذر نحو داخل الحديقة
كانت هناك بقعة مضاءة، وجسد مظلم كان يسدد الضربات لإحدى الأشجار الكبيرة و الضخمة
جونغكوك!
كان يرتدي بنطالاً أسوداً و صدره عارٍ
الضمادة الذي كانت تحاوط كتفه لم تكن موجودة
جرح كتفه كان واضحاً للغاية، وكانت بعض الدماء تتسرب منه
الغرابي يسدد اللكمات للشجرة الصلبة بيداه الملتف حولها قماش أبيض
هي تستطيع رؤية أثار خدوش كبيرة على الشجرة
هو يتدرب و بجرحه النازف أيضًا!
جسده كان متعرقاً بالفعل و خصلات شعره تتحرك بتناغم مع حركاته السريعة في تسديده للضربات القوية
الشجرة كانت تتحرك بالفعل مع كل ضربة تتلقاها منه !
تقدمت الصغيرة ببطء و توتر
منظر جرح كتفه أقلقها
توقف الغرابي على إثر ذلك و إلتفت برأسه ببطء نحوها
خصلات شعره القاتمة كانت تحجب عيناه و جزءاً من ملامحه
ما إستطاعت رؤيته من ملامحه هو بشرته الشاحبة التي تنعكس عليها ضوء الشمعة الصغيرة التي يضيء بها المكان المظلم و البارد
ثم شفتاه الرقيقة العابسة بخفة
يبدو أنه غاضب..
وقفت على مقربة منه وهي تشعر ببعض الخوف
فقد كانت هيئته مظلمة أكثر من ما عهدته عليها
هالته كانت مخيفة ..
"ما الذي تفعله! جرحك ينزف!"
تحدثت إميليا بأكثر نبرة ثابتة لديها، لكنها مع ذلك إرتجفت أثناء حديثها
لم تتلقى رداً منه إنما أعاد وجهه نحو الشجرة ثم إستكمل تسديده للضراب القوية
هي الآن تستطيع رؤية الشقوق و الحفرات الكبيرة التي تخلفها يداه للشجرة بعد كل ضربة
شهقت فجأة بصدمة و تراجعت للخلف بخوف حينما وجه ضربة أشد حدة من سابقيها والتي سببت إنقسام الشجرة و وقوعها مسببة دماراً في أغلب زهور و نباتات الحديقة
لم تكن تدري أنها أمام شخصٍ يملك قوة بتلك الشدة
إعتادت في عالمها البشري على رؤية مثل تلك القوى في الأفلام فقط
هي الآن أصبحت تشعر برهبة كبيرة للغاية منه !
كيف كانت بين ذراعيه قبل ساعات ؟!
رفع المظلم كفه الشاحبة يعيد بها شعره الغرابي للخلف
فقد إلتصقت بعض الخصلات مع جبينه المتعرق
غير مهتم أبداً بجرح كتفه الذي أصبح ينزف بغزارة !
غيرت رأيها الآن حول أنه قد يشعر بالألم !
مستحيل ذلك !!
إستدار الغرابي نحوها ثم سار بخطوات رزينة لداخل القصر وهو يقوم بنزع القماش من حول يديه متخطياً تلك الصغيرة
إستدارت هي الأخرى بعد فترة والصدمة لاتزال تعتلي وجهها
ما إن غادرت الحديقة نحو أروقة القصر حتى رأت الخدم و المساعدين المتجمعين حول المكان
صوت وقوع الشجرة قد هز الأرض بمن فيها
لكن لا أحد رأى ما حدث سواها
هرعت أليس نحوها وهي تسألها بقلق من ملامحها المصدومة
"ماذا حدث ؟!!؟"
لكن الصغيرة وقبل أن تنطق بأي شيء كان جسدها قد هوى بين أيدي أليس فاقدة للوعي
ما رأته أمامها يفوق قدرات إستيعاب عقلها البشري !