رواية مصاص دماء الفصل الرابع والعشرون بقلم غزلان
أعين الغرابي قد نظرت لإميليا المشيرة بسبابتها نحو هيلينا
كانت عيناه حادة وملامحه جامدة كما في كل مرة
تخطاها يكمل خطواته الهادئة نحو جناحه غير مهتمٍ
هل تجاهلها للتو !
قضمت شفتاها بغيض وهي ترى هيئته الضخمة مبتعدة
ضربت قدمها مع الأرض ثم تحدثت وقد عاد غضبها و أشد من ذي قبل
"يال هذا القصر المملوء بقردة الشمبانزي المتكبرين !!"
ألم يكن لطيفاً معها قبل قليل فقط ؟
إستدارت وهي تغادر لكن أوقفها صوت هيلينا المزعج و المستفز
"يالكِ من مسكينة، أتمنى ألا أقع في حياتي في مثل هذا الموقف المحرج مع الملك"
"بدل الثرثرة يا أيتها الدجاجة المنتوفة قومي بجمع شعرك من على الأرض، ستحتاجين لشيء تخفين به صلعتكِ اللعينة !"
كانت إميليا تهسهس بصوتٍ غاضب و تضغط على حروف كلماتها
ومن ثم غادرت المكان نحو غرفتها وصوت خطواتها الغاضبة يُسمع في أروقة القصر الهادئة
دخلت لغرفتها ثم أغلقت الباب خلفها بقوة كبيرة
حتى أن صوته قد صدح في أرجاء المكان
إرتمت على سريرها وحملت الوسادة
تغرس فيها وجهها ثم تبدأ بالصراخ بقوة
ليس هناك طريقة ثانية للتنفيس عن غضبها
بعد حوالي نصف ساعة كانت قد هدأت قليلا، قليلاً فقط..
نهضت لتستحم بخمول فهي قد إستنزفت كل قوى جسدها أثناء نتف هيلينا الشمطاء
ملئت الحوض بالمياه الدافئة و مزجتها مع سائل معطر برائحة الخوخ اللطيفة
نزعت ثيابها سريعاً و ألقتها على الأرض بعدم إهتمام ثم إستلقت داخل الحوض الكبير
أرخت جسدها تسند رأسها على حافة الحوض براحة
لاشيء أفضل من حمام دافئ بعد يومٍ شاقٍ بسبب الشجار
ملئت كفاها الرقيقة بصابون الشعر ذو الرائحة المُنعشة ثم بدأت بفركه مع شعرها الطويل
إنتهت أخيراً لتخرج من الحوض بحذر ثم تلف منشفة حريرية وكبيرة حول جسدها و أخرى صغيرة حول شعرها
أصبحت رائحة جسدها برائحة عطر الخوخ اللطيفة وذلك أشعرها بالإنتعاش
تحب أن تكون رائحة جسدها جيدة دوماً ..
وقفت أمام تلك المرآة الكبيرة الخاصة بالحمام، كتفت يداها حول خصرها وهي تبتسم بينما تحدث نفسها
"واااه.. من أين لكِ بكل هذا الجمال و اللطافة يا فتاتي الرائعة ششش أنظري فقط لهذا الوجه الصغير اللطيف "
حادثت نفسها عبر المرآة وهي مبتسمة ببلاهة
تغازل نفسها بنفسها !
بدأت بتجفيف خصلات شعرها القاتم وهي تدندن بإحدى الأغاني
خرجت حالما رأت أن شعرها أصبح جافاً نسبياً وذلك كافٍ
فتحت خزانة ثيابها و إتجهت أنظارها نحو الثياب البشرية العصرية التي جلبتها لها زوراَ
قررت إرتدائها فلم تشعر بالإرتياح بفساتين المملكة
إرتدت ثيابها و سرحت شعرها الحريري ومن ثم رفعته للأعلى تاركة فقط بعض الخصلات تسقط على جانبي وجهها
غادرت غرفتها نحو صالة الأكل، كان موعد الغداء قد حان
أصبح الوضع مملاً للغاية بالنسبة لها، كل ما تفعله طوال الأيام هو النوم و الأكل
وجدت الجميع يتخذ مكانه سوى الرئيس جيون الذي لم يأتي بعد
قررت تغيير مكانها من جانب زوراَ إلى الجلوس في مقعد الشقراء هِيمي سابقاً
والذي كان يقع بجانب مقعد جيون الذي يترأس المائدة
جلست على المائدة بعدم إهتمام
وقليلاً حتى دخل جيون للصالة بهيبته المعتادة
كان يرتدي بنطالاً واسعا كخاصة النوم، أحمر قاتم
ويرتدي رداء أسود حريري فوق كتفاه، لكن الرداء كان مفتوح تماماً ما يظهر صدره العريض و تلك الضمادة البيضاء بوضوح لكل الحاضرين
هي شعرت بالضيق حيث أن هناك الكثير من مساعدي جيون إناثاً على المائدة
جلس الغرابي على مقعده وكان قريباً للغاية من إميليا التي لم تعد تشعر بشيء سوى برائحة عطره
بدأ الرئيس بالأكل و تبعه الجميع بهدوء
الصغيرة كانت تأكل طعامها بملل و أحيانا تعبث بطبقها فقط
لم تمتلك الشهية للأكل
كانت عيناها مشتتة في أنحاء الصالة تتأملها جيداً، فلم تكن مهتمة بالتركيز على تصميمها و النقوش الذهبية التي تزين جدرانها سابقاً
حتى وقعت عيناها على هيلينا التي كانت تنظر لها بالفعل بحقد
أووه هياا !
لم يمضي الكثير على الشقراء هِيمي حتى ظهرت هذه مكانها ؟!
قلبت إميليا عيناها بملل تتجاهلها ثم تكمل تأملها للأثاث
وضعت شوكة الأكل جانباً ثم بدأت بالعبث بأصابعها فقط
هي تكاد تموت من الضجر
بدأت بالترنح بالكرسي للخلف و الأمام لكنها وفي لحظة مباغتة فقدت التحكم بالكرسي الذي عاد للخلف منذراً على وقوعها
شهقت بخفوت تنتظر لحظة إصطدامها بالارض
لكنه لم يحدث شيء، نظرت خلفها لتجد ذراع الغرابي القوية تمسك بالكرسي وتعيده للأمام ليعود لوضعه
إبتسمت بخفة، لقد أصبح مؤخراً المنقذ الخاص بها رغم أنها لاتزال غاضبة من تجاهله لها صباحاً
حين إنتهاء الغداء نهضت إميليا تساعد الخدم بجمع الأطباق و تنظيف المائدة بدافع القضاء على الملل
ومن ثم ذهبت للمطبخ وهي عازمة على صنع كعكة صغيرة للغاية من أجل نفسها
تحب أن تدلل نفسها و تصنع لذاتها الحلويات
أخرجت المقادير المتطلبة وبدأت بإعداد ما تفكر فيه
أما الخادمات فقد غادرن المطبخ ليتركنها على راحتها إلى حين حلول وقت العشاء
وضعت قالب الحلوى الصغير داخل الفرن الحجري المشتعل حتى يُطبخ
كل شيء هنا بدائي حتى أدوات المطبخ
أخرجت قالب الحلوى بعدما نضج ثم وضعته على طبق فضي وبدأت بدهنه بكريمة زهرية للتزيين ثم وضعت قطعة فراولة كلمسة أخيرة
شعرت أنها بحاجة للذهاب للحمام لذا تركت قالب الكعك الزهري على الرخام ومن ثم غادرت المطبخ
حالما عادت وسعت عيناها بعدم تصديق حيث وجدت الطبق الذي كان يحتوي على كعكتها فارغاً تماما
ولم يتبقى منه سوى بعض الفتات و آثار الكريمة الزهرية
شعرت بغضب كبير، ظنت أنها قد تكون أليس
خرجت من المطبخ وهي تشتم بصوتٍ خافت، تحاول العثور على الفاعل
توقفت حينما إصطدمت بذاك الجسد الصلب الذي لايزال يرتدي الرداء القاتم و صدره بارز لأنظار تلك الصغيرة
تراجعت للخلف وإعتذرت
و إلتفت الغرابي ليغادر المكان بهدوء
"مهلا!"
نطقت إميليا بإنفعال نحو الغرابي الذي وقف فجأة وهو لايزال يقابلها بظهره
"هل على شفتاك كريمة زهرية أم أنا أتخيل؟!؟!!"
تحدثت بصوتٍ حادٍ فهي تشعر بغضب كبير
طرف شفاه جيون كان ملوثاً ببقايا كريمة زهرية
تماماً كخاصة كعكها !
"تحلمين"
نطق بصوته الهادئ ثم حاول إكمال سيره لكن أوقفته تلك التي وقفت أمامه بينما تفرد ذراعيها حتى تسد عنه الطريق
كان ما رأته صحيح !
الكريمة التي على شفتيه تخص كعكتها !
لقد تناول كعكتها التي منذ ساعة وهي تعدها رغم صغر حجمها لكنها تطلبت وقتاً طويلاً!
"تناولت كعكتي صحيح !"
تحدثت بصوت غاضب للغاية
فهي في هذه اللحظة تناست تماما مع من تتحدث من فرط غضبها
تراجع الغرابي خطوتان للخلف و إبتسامة جانبية تعتلي وجهه
ثم إنطلق راكضاً في ممرات القصر وتلك القصيرة خلفه بينما تحمل بين يداها حذائها وتشير به نحوه ..
جميع من في القصر متجمدون مكانهم، الخادمات يُراقبنَ من أبواب الغرف خلسة
كان الجميع في حالة ذهول من مايحدث أمامهم
يبدو أن هذه أيام الصدمات بالنسبة لهم !
الصغيرة كانت تركض بكل ما تملكه
بينما الغرابي بالكاد يركض
فقد كان يملك سرعة خاطفة لكنه يرغب بالعبث قليلاً
دخل جيون نحو غرفته و أغلق الباب بسرعة ما جعل إميليا تصدم وجهها بالباب بقوة
تراجعت للخلف وهي تدعك أنفها بألم
لقد إحمر وبشدة
غادرت بعدما ألقت الكثير من الشتائم عليه
"اااخ يا أنفي، اللعنة عليكَ جيون !!"
توقفت مكانهَا حينما إنتبهت لكل تلك الأعين التي تراقبها
"لا أقوم بترقيص القردة هنا"
صرخت بصوتٍ حاد ناحية الجميع
هي تكره كيف يتجسسون على أبسط شيء
بعثرت شعرها بغضبٍ كبير و غيض
فليست لها القدرة على صنع كعكة جديدة ومن البداية