رواية حرم الفهد الفصل السادس 6 الجزء الثاني بقلم سميه أحمد
قالت جملتها ودموعها مغرقة وشها.. الكُل كان بيبص بصدمة وفي اللى مش مستوعب وفي اللى ذات نفسه هيبقىٰ جزء من الحكاية.. مكنتش عارفة هتعمل اي.. ده نصيبها ولا بد للمرء بأنه يقبل نصيبهُ في الحياة ويرضا بيه مهما كان قاسي وصعب عليه.. لأن لكُل واحد درجة تحمل.. وقف «فهد» وسند طوله يمكن لأن اخته محتاجاه في الوقت دا بذات..
أبتسم «فهد» وهو من جوا موجوع عليها: وأي يعني هنعترض علي أمر ربنا.. مش بتخلفي ربنا ريدلك كده ودا نصيبك هتنهي حياتك علشان اختبار صغير من ربنا..
حطت إيديها علي وشها وعيطت أكتر.. بصلها«أياد» بعجز وهو مش عارف يعملها أي.. شدها«فهد» وحضنها وقال وهو بيطبطب عليها: أنتِ مش بنتي ولا أختي.. أنتِ حته من قلبي.. عياطك زي السكاكين في قلبي.. دموعك غالية عليا.. أحمدي ربنا.. أدعي وقولي راضية ياارب ارمي حمولك علي ربك.. مش اول واحدة ولأ اخر واحدة.. عارف إنها صعبة عليكي بس ربنا بيحط كُل واحد في المكان الصح وقوت تحملك.. الحياة مش كُلها أبيض ولأ كلها اسود الحياة متلونة ويوم ليك ويوم عليك.. وأدينا بنعشها..
زاد صوت عياطها وهيا في حضن اخوها أبتسم «فهد» وهو بيحاول يمسك دموعه اللى في عيونه وقال:
حزن الإنسان وصبره ووجع قلبه كل دا بناخد أجر عليه يا «ندا» ودا مش كلامي دا كلام رب العباد لما قال في كتابه العزيز:
_﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾
_﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾
_﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا﴾
_﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾
_﴿واصبر على مايقولن واهجرهم هجرا جميلًا﴾
_ربنا سبحانه وتعالى من رحمته علينا جعل الصبر عبادة من ضمن العبادات وجعل اليقين بيه وبرحمته علينا عبادة، والحزن اللي بيصيب قلوبنا خير لينا وبناخد أجر عليه، طب ازاي ؟ هقولك أنا إزاي، قال رسول الله (ﷺ) :
" مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ".
_ النصب = التعب
_ الوصب = الألم
فاصبروا واحتسبوا تؤجروا على ما بُليتم به.
جسمها قشعر من الكلام اللي قالوا أخوها وقالت من وسط عياطها: أنا راضية وصابرة والله والحمدلله علي كُل حال بس...
أبتسم «فهد» ورد: مبسش.. أصبري.." إن الله مع الصابرين إذا صبروا"
ربنا ليه حكمة وجايز عايز يعرفك قيمة حياتك.. أو اختبار صغير ليكي أنتِ و«أياد» محدش عارف الخير فين.. بس رب الخير لا يأتي إلا بالخير....
بعدت «ندا» عن اخوها ومسحت دموعها وقالت: في الحقيقة مش عارفه انا كُنت معميه ازاي.. محمدش ربنا.. قعدت اندب وأعيط علي الكوب المسكوب بدل ما اقعد اصلي وادعي.. بعدت عن ربنا بمجرد إن عرفت إني مش بخلف ودا يمكن كان أختبار من ربنا ليا.. في الحقيقة ربنا اللي بيعطي وبيأخد وزي ما هو قادر يرزق كُل مشتاق هيقدر يرزقني.. ربنا اللي قادر يبدل الاحوال في ثانية قادر يحقق أحلامنًا... الله الاحن والأقرب بس انا كُنت غبية....
أبتسم «فهد» علي كلامها.. مسحت «غرام» دموعها.. وابتسم «اياد» ومسح بعض الدموع اللى نزلت من عيونه.. اما هدىٰ كانت بتبص لأولدها بفخر.. دي الذرية الصح.. بتشوف اولادها وتفتكر تعبها السنين اللى فاتت كلها وهيا عارفة انهم يستهلوا كده... لو هنتعب علي أطفالنا وهنيجي علي نفسنًا علشانهم بس في الآخر يطلعوا بنفس الجمال دا يبقوا يستاهلوا أنهم يأخدوا من عمرىٰ..
"في الحقيقة الطريقة الأيجابية اللي بقت متابعة علي السوشيال ميديا وازاي تربي ابنك وهكذا طريقة محترمة وتقدر وبآيدها بس في الحقيقة نسيوا أكبر عنصر أساسي في الحياة وهو القرآن وتعليم الطفل امور دينه واي الحلال والحرام... بقينا قاعدين في وسط مجتمع نسي إن أهم عنصر في المدرسة هيا مادة التربية الإسلامية وللأسف يؤسفني قول أنها مبقتش في الجدول بل محدش بقىٰ بيهتم بيها.. في الحقيقة أحنا بقينا مجتمع محتاج أعادة تربية يتقفل عليه باب ونرجع نتعلم أصول دينيا من اول وجديد... ربنا يرحمنًا ويغفرلنا..
***
خرجت «داليا» من أوضتها وشها باهت وملامحها مطفية السواد المحاط بعيونها من عياطها كل يوم قبل ما تنام..
قعدت جنب مامتها وهيا سرحانة.. مامتها بقالها ساعة بتنادي وهيا ولا هنا.. ضربتها مامتها بخفة علشان تركز معاها...
«داليا»: في اي يا ماما..
ابتسم«سهير» وقالت: في اي بقالي ساعة بنديكي وأنتِ ولأ هنا ولأ سي أسر بقىٰ واخد كُل تفكيرك..
ابتسم بوجع وردت: مبقاش في اسر ولا غيرو..
عقدت جواجبها باستغراب وقالت: مبقاش هو في اي...
غمضت عيونها بألم وقالت وهيا بتحاول تقول الجملة بالعافية: انا وأسر أنفصلنا...
ابتسمت بوجع وقالت بينها وبين نفسها: يعز عليا أقول اننا انفصلنا بس انت اجبرتني.. كنت علطول بقول" أنا هنا وانت هناك فأمتي للكاف انا تسقط".. يؤسفني أقول أننا لم نعد هنا ولن نعاد مره اخرى... لقد تركنا بعضنا ولكن لم تترك قلوبنا ذلك الحب التي يجمعنا...
هزت «سهير» بنتها وقالت: انفصلتوا هيا سايبة ولأ اي... وأنا اخر من يعلم صح..
ردت «داليا» وهيا بتحاول تبقىٰ هادئة: لا يا ماما مش سايبة بس انا مش هقدر اكمل معاه..
زعقت«سهير»: هتكلمي معاه مش كفاية استحمل قرفك واتعدلتي معاه... أصلا محدش هيقبلك بقرفك ده غيرو.. ولا هتفضلي متلقحه جنبي كده كتير...
ضحكت بوجع لو سمعت بس امها صوت قلبها وقتها هتفقد النطق.. مجرد كلمات بس قدرت تكسر قلبها مليون حته.. الاول أسر حب عمرها... ودلوقتي مامتها.. والمشكلة انهم أقرب ناس ليها.. لأ هيا قادرة تعيط ولأ قادر ترد علي مامتها.. بتضحك ببرود وكأنها بتوصل رسالة لمامتها انهم موجوعه وهيا ولأ هنا... الأيام اللى قضتها عياط عليه خلصت دموعها فيها..
قالت بينها وبين نفسها: كأني متجردة من المشاعر.. الكُل يقول كلمة تكسر قلبي وكانه قلبي سهل عليهم يسكروا.. هو كسر القلوب بهين.. هو أنا علشان كنت وحشة حتي لو اتغيرت مش هينسوا داليا القديمه ليه بتعاقب عن فترة كنت في غفلة فيها... اروح فين لو أكتر اشخاص اذيني نفسينًا هما أسر وماما... دانا مليش غيرهم...
مردتش علي مامتها وقامت ببرود قاتل ودخلت اوضتها وقفلت علي نفسها سندت علي الباب بظهرها ونزلت بهدوء وقعدت وحضنت جسمها بأيديها الصغيرة وقالت بدموع:
"أحتضن جسدي المشوة كُل يوم كأننى أخبر نفسي بأنني هنا أطمني انا بجوارك ما عجز الجميع عن فعله وهو أحتوئ فعلت مع نفسي.. ولكنه رغم أحتضاني له يبقي مشوة ويزداد تشويًا كُل يوم"..
وهنا مكنش قصدها علي جسدها المشوة بقدر ما كان قصدها علي قلبها...
***
بصت لأيد«اياد» الماسكة أيديها وقالت: هتسامحني عن غبائي...
ابتسم ورد: مين بس يقدر يقسي علي محبوبة.. انا روحي فيكي يا ندا...
ضحكت واتمشت هيا و«اياد» هيا مبسوطة بس متنكرش أنها زعلانة من جواها شوية.. بس راضية.. مدام الحياة فيها حد بيحبك بجد وقادر يكمل رغم الصعوبات دي كلها هنتعب ليه..
***
واقف علي باب المطبخ وهو ساند عليه ومربع أيدو وبيبص عليها بحب.. وهيا عاملة شعرها كعكة عشوائية.. خبطت بطنها في الرخامة وهيا بتقلب في الطبق من كبر حجمها قالت بنرفزة: يوووه بقىٰ هو انتِ أمتي هتفرقعي..
سمعت صوت ضحكتهُ مالية المكان لفت تلقائي.. ورسمت ابتسامه علي وشها بمجرد ما سمعت ضحكتو..
قال «فهد» وهو رايح ناحيتها: بتضحكي علي اي...
رد دون وعي:وقعت في غرامك من الدور العشرين..
سند فهد علي الرخامة ورفع حاجبه وقال: والله...
غرام: والله..
صوتت مره واحده وقالت: ياااختييي الكفتة اتحرقتت...
ضحك «فهد» عليها وقال: طب انا هطلع اجيب حاجه من شقتنا وهنزل بسرعة ماشي..
هزت رأسها بهدوء...
نزل «فهد» بعدها بشوية دخل المطبخ وهو بيضحك.. بص بصدمة لما لقي «غرام» سانده بتعب علي الرخامة ودموعها مغرقة وشها...
جري «فهد» بخوف قال: حبيبتي أنتِ كويسة...
مردتش عليه وكملت عياطها.. بص فهد تحت لقي الأرضية فيها نقط دم..
قربت غرام من فهد وسندت بأرهاق عليه وقالت بتعب: ف ف ف فهدد أنا بوولد...
وقعت غرام بين أيده فاقدة للوعي...
لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا