رواية برهان وحسناء وادى الياقوت الفصل الثاني بقلم كاتب مجهول
#برهان_وحسناء_وادي_الياقوت
الجزء الثاني
في المساء لم ترجع قمر الزمان كما كانت تفعل كل يوم ،لما حل الظلام عرفت الأمّ أن شيئا ما حدث لإبنتها ،أمضت اليلتها في قلق عظيم وفي الصّباح خرجت مع أهل القرية للبحث عنها عندما وصلوا إلى المكان الذي تعوّدت أن ترعى فيه سمعوا صوت معزات يأتي من بعيد ،ولمّا إتبعوا الصوت وجدوها داخل مغارة ،قال القوم: لقد ضحّت المسكينة بنفسها لتحمي رزق أمها ،بكى أهل القرية على قمر الزمات بكاءا شديدا ،وعرضوا عليها المساعدة لكنها رفضت ،وقالت :سأتوقف عن الطعام حتى ألحق بزوجي وإبنتي ،لم يعد للحياة طعم بعدهما .
في الغد إجتمع أهالي كل القرى قرب الغابة ،وقام أحد شيوخهم فيهم خطيبا، وقال :لا يمكن السّكوت عما تفعله بنا الغيلان، لقد نفذ صبرنا .يجب أن نجد حلاّ ،،قال شيخ آخر :دون مساعدة النعمان سلطان البلاد لن نقدر أن نتغلب عليهم .الحلّ هو العثور على قريتهم في الجبل وإحراقها،لكن لا أحد يعرف مكانها ،والشخص الوحيد الذي يمكنه تتبع آثارالغيلان هو صياد إسمه كليب كان يعيش في الغابة ،ومرة أنقذ السلطان من أحد الوحوش لماّ كان في الصيد ،فأحضره للقصر، وأصبح من رفاقه المخلصين.قال الشيخ الأول : سنحزم أمرنا، ونرسل وفدا للنعمان ،هو سلطاننا وعليه حمايتنا.
في هذه الأثناء هدأ روع قمر الزمان لمّا سمعت حديث الغول ميسرة ،وقالت له ومااذا سأفعل هنا ؟ أجابها : سأعلّمك أولا الضّرب بالسيوف وركوب الخيل ،يجب أن يكون بوسعك القتال، فلنا الكثير من الأعداء وعددنا ليس كبيرا .الحصول على الطعام أصبع صعبا وعلينا التنافس مع الوحوش والإنس وحوريات الغابة للحصول عليه ،لهذا لن أرحمك وسأقسو عليك. في هذه الغابة فقط الأقوياء هم الذين يعيشون .
في الماضي كانت هذه الغابة مترامية الأطرافو تعج بالمخلوقات، لكن مند أن سكن الإنس بجوارنا ،وبنوا مدينتهم ،شرعوا في قطع الأشجار دون أن يفكروا في تعويضها بأخرى صغيرة ،وجاء ملوكهم للصيد ،كانوا يطاردون الحيوانات ويجمعونها في مكان ضيق،فيقتل الملوك ما يشائون منها ،ويأتي صبيانهم فينبشون أعشاش العصافير ويكسرون بيضها على الصخور ،وبمرور الأيام تناقصت أعداد الكثير من المخلوقات التي لم تعد تجد ما تأكله ،وإختفى بعضها من الوجود .
كانت قمر الزمان واجمة، وتفكر في أمها التي تركتها ورائها ،ثم تشجعت وقالت له ،في النهاية أنتم لستم أحسن من الإنس ،هم يفسدون في الغابة وأنتم تفسدون في أرزاقهم ،وتأخذون أرواحهم ،رد الغول : هم من بدأوا بالعدوان ،لا يعرفون أنّهم يؤذون الطبيعة التي حولهم، و سيجيئ يوم ويرتد الإثم الذي إقترفته أيديهم عليهم ،لم تجد ما تقوله فكلام الغول كان
. صحيحا ،سألته وهل فكرت في أمّي يا من تدّعي المروءة ؟ فبدوني ستموت جوعا و كمدا ،أجاب ميسرة ،في هذا الوادي يوجد الكثير من الياقوت و الألماس واازمرد بين الصّخور، وهو ليس له قيمة عندنا . وسأجمع منها صرّة أجعلها أمام باب أمك.
قالت في هذه الحالة سأبقى إذا كان في ذلك راحة أمّي من الشقاء . ولكن لن تقدر على دخول القرية فالكلاب تعرف رائحتكم ،وفي الليل يطلقونها في القرية لكي لا تقتربوا منها وهم نيام . قال :لا عليك فهناك قوم من الأقزام يعيشون في أنفاق تحت الأرض وهم يحفرون بحثا عن الذهب، و يصنعون منه تماثيل آلهتهم وأواني طعامهم ،وهم من أكثرأهل الغابة خبثا ، سأرسل أحدهم إلى أمّك ،قالت ألا يخافون منككم ؟ أجاب : لا !! لأنّ طعمهم رديئ . ردت الجارية: حسنا !! سأضع خصلة من شعري في الصّرة لتعرف أمي أنّي بخير.
عندما جنّ الليل هدأت القرية ،ولم يكن يسمع إلا صوت بكاء أمّ قمر الزمان ،تسلل مخلوق صغير الحجم دون أن تحسّ به الكلاب وضع صرّة أمام بيتها ،وطرق الباب ،ثمّ أسرع بالهرب، فتحت المرأة الباب وشاهدت شبحا صغيرا يختفي في الظلام ،ولمّا إستدارت لتدخل شاهدت الصّرة ،تعجّبت، وفركت عينيها لتتأكد أنها لم تكن تحلم ،ثم أخذتها وأغلقت الباب ،قالت في نفسها : لا شك أن أحد الجيران أرسل لي طعاما ،وعندما هزتها ،قالت إنها ثقيلة ،مسحت دموعها ،وفكرت ماذا يمكن أن تحويه هذه الصّرة ؟
وفي الأخير لم تقدر أن تتغلب على فضولها ، ففتحتها ،ونظرت داخلها على ضوء شمعة ،فخرج منها بريق أضاء الغرفة، وشهقت لقد كانت مليئة بالجواهر .أفرغتها فوق الطاولة كان منها الأحمر، والأزرق ،والأخضر وفي النهاية سقطت خصلة شعر ذهبية ،عندما رأتها صاحت ،وأغمي عليها .
لمّا إستيقظت وجدت نفسها ملقاة على الأرض ، لم تعرف كم من الوقت أمضته على تلك الحالة، و فجأة تذكرت خصلة شعرإبنتها و الجواهر، وقالت في نفسها: هل ذلك حقيقة أم من خيالها ؟ لما نهضت كانت الشمعة لا زالت تشتعل ،و الجواهر والخصلة الذهبية تتوهجان بنور يخطف الأبصار...
...
يتبع الحلقة الثالثة إن شاء الله