رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم نورهان ال عشري



رواية في قبضة الاقدار الجزء الثاني 2 الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم نورهان ال عشري 







 بسم الله الرحمن الرحيم 

🍓الواحد و العشرون بين غياهب الأقدار ❤️‍🩹 🍓

امطريه عشقًا حتى يثمل قلبه و تنتشي روحه …
أقصر طريق الى قلب الرجل هو خضوع أنثاه المتمردة عشقًا.. أن يرى انعكاس صورته بقلبك و سطوته علي روحك. هكذا سـ يختار الإمتثال بكل طواعية لطوفان الصبوة المُدجج بنيران مُلتهبة قد تحرِق ولكنها أبدًا لن تؤذي .. فـ الإحتراق في العشق يُشبِه كثيرًا التحليق فوق غيوم وردية لا يُقابلها أرضًا قد يؤلمك السقوط فوقها. بل كفوف من حب تحتوي روحك و تعانقك بكل ما أوتيت من شغف…

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

رحلة العودة كانت هادئه فبعد أن قاموا بتوديع 《حلا》 و الجميع انطلقوا عائدين و قد كان «سالم» ملامحه لا تبشر بالخير و للمرة التي لا تعرف عددها توشك أن تسأله ما به ولكنها تتراجع في اللحظة الأخيرة و قد قررت أن تحادثه حين يعودون الى المنزل لتحل تلك الأمور العالقة بينهم فلم تعد تحتمل هجرًا آخر يكفيها هذا القدر من العذاب…

توقفت السيارات أمام المنزل و ما أن ترجل الجميع منها حتي تفاجئوا بذلك الصوت الذي زلزل أرجاء المكان حولهم 
" سالم يا وزاااان . موتك على ايدي….." 

جاءت الكلمات تزامنًا مع طلقات الرصاص التي انطلقت فوق رؤوسهم فتعالت الشهقات و صيحات الخوف من حولهم فقام 《سليم》 بجذب 《جنة》 ووالدته للاحتماء خلف السيارة وكذلك فعل《 سالم》 مع 《فرح》 التي كانت ترتعب وهي تراه يشهر سلاحه بعد أن تفادي إحدى الرصاصات بأعجوبة و ما أن أوشك أن يصوب تجاه هذا الرجل حتى قام الحرس بالإمساك به بينما أخذ يصيح بغضب هستيري 
" هخلص عليك زي ما دمرتني .. مش هتفلت من ايدي انت و هي .."

أخذ يتلوى بين يدي الحراس و هو يصيح و يتوعد بينما التفت 《سالم》 الي مروان قائلًا بلهجة آمرة 
" خد ماما والبنات علي جوا …"

هرولت 《فرح》 تجاهه بأقدام متلهفة و قلب مرتعب ولكنها توقفت إثر كلماته التي اغضبتها فهبت معانده
" انا مش هتحرك ولا خطوة واحدة و أسيبك مع المجنون دا .."

كان رعبها الجلي شفيعًا لعنادها و لهجتها الحادة ف التفت ناظرًا إليها بنظرات مطمئنه تنافت مع لهجته حين قال بصرامة
" الموضوع خلص و مفيش حاجة تقلق. الحرس قبضوا عليه.."
عاندته بتوسل انبعث من عينيها أولًا 
" سالم…"

أمرها بلهجة أقل حدة 
" استنيني فوق يا فرح.."

تراجعت إلى الخلف دون حديث فقط نظرات حزينة غاضبة تشبه خطواتها التي قادتها الى باب المنزل متجاهله نظرات 《شيرين》 التي لأول مرة تراها خائفه و بجانبها 《همت》 التي كان القلق مرتسم علي ملامحها وهي تنظر إلي ذلك الرجل الذي لم تتعرف علي هويته بعد وحين أوشكت علي الدخول الي باب المنزل تسمرت في مكانها حين سمعت كلماته المسمومة
" مفكر انك انتصرت عليا و خدتها مني .. لا .. انا اللي مش عايزها.. سمعاني يا شيرين . انا اللي مش عايزك .." 

لم يكد ينهي جملته حتي تفاجئ من ضربة قوية أصابت رأسه من الخلف و التي لم تكن سوي ل 《طارق》 الوزان الذي كان قادمًا من الخارج حين سمع حديث أحمد 《زوج》 «شيرين»…
" طارق …"

هكذا صاح 《مروان》 باندهاش حين رأى شقيقه و قد نال كلا الشقيقين نصيبهم من الصدمه حين شاهدوا ذلك الذي لم تطأ قدماه أرض الوطن منذ أكثر من عشر سنوات. 

اقترب 《مروان》 من شقيقه وقام بعناقه بشوق بادله إياه 《طارق》 بينما قام 《سالم》 بأمر الحرس أن يدخلوا 《أحمد》 الفاقد للوعي غرفة المكتب الخاص به وقام بمعانقة 《طارق》 قائلًا بسخرية 
" جاي فى التوقيت المظبوط اول مرة تعمل حاجه صح .."

بادله 《طارق》 سخريته حين قال 
" تلميذك يا كبير.."

" حمد لله عالسلامه يا طروق. ليك وحشة يا غالي.."
هكا تحدث 《سليم》 وهو يعانق طارق بحبور فأجابه 《طارق》 بمزاح 
" الله يسلمك يا سولوم . ليا وحشة ايه يا عم دانتوا نسيتوني ولا اكني من العيلة."

أجاب 《مروان》 بتهكم 
" احنا أساسا متبريين منك من زمان و مش معتبرينك من العيلة.."
" اومال مين الجدع اللي خرملك عينك كدا؟"

هكذا تحدث 《طارق》 وهو يرمق 《مروان》 بسخرية فأجاب الأخير بحنق
" واحد سبحان الله بيفكرني بيك نفس غباوتك .."

لم يكد ينهي جملته حتي تفاجئ بلكمه طالت عينيه اليسرى اتبعها 《طارق》 قائلًا بتقريع
" طب خد دي بقي عشان تبقي بعد كدا قد المسئوليه …"

تأفف 《سالم》 بنفاذ صبر
" انا هدخل.. مش فاضي ل هزاركوا السخيف دا .. ورايا يا سليم .."

تألم 《مروان》 و صرخ بحنق 
" الهي يجيك كسر ايدك يا بعيد . انا عملت ايه يخربيوتكوا .."

《طارق》 بحدة
" دي اقل حاجه على استهتارك . امبارح يادوب وصلت من السفر و داخل البيت لقيت تعبان كان بينه و بين ريتال خطوتين لولا ستر ربنا كان معايا سلاحي و ضربته كان ممكن قرصها. "

انكمشت ملامحه بذعر و نسي آلامه وهو يقول بلهفة 
" انت بتقول ايه ؟ طب هي عامله ايه دلوقت ؟"

《طارق》 بتهكم 
" وهي لو فيها حاجه كنت زماني سايبك لحد دلوقتي علي رجليك.."

《مروان》 بحنق
" ودا من أمتي أن شاء الله؟ الأبوة نقحت عليك كدا مرة واحدة ! مانت سايبها وداير تلف في بلاد الله.."

《طارق》 بتأفف
" سيبك من الهرى ده . هو ايه اللي داير هنا ؟ الليله دي علي ايه؟"

《مروان》 باستهزاء 
" علي خيبتك ! "

ما أن رأى أمارات الغضب بادية على ملامح اخيه حتي تابع و هو يهرول بعيدا عنه 
" والله مانا قايلك حاجه. هروح اطمن علي ام اربعه واربعين بنتك الأول."

*****************

" انت اكيد مش جاي تنام لنا هنا !"

هكذا تحدث 《سالم》 بتأفف و هو يناظر 《احمد》 الذي بدأ بإستعادة وعيه شيئًا فشيئًا و حانت منه نظرة مطوله علي المكان من حوله و من ثم التفت إلي 《سالم》 قائلًا بحنق 
" انتوا عملتوا فيا ايه؟"

《سالم》 بفظاظة
" لسه هنعمل . متستعجلش على رزقك .."
《احمد》بانفعال 
" هو في اكتر من اللي عملته !"

صاح بتأفف 
" اللي هو ايه ؟ عندي فضول اعرف ايه اللي عملته خلاك تهبل كدا؟"

كان الألم الذي يلون ملامحه يتنافى مع حدته وهو يقول
" مفكر لما تأذيني في شغلي و اكل عيشي كدا بتتتقم مني ؟ هي دي الرجولة في نظرك !"

ضيق عينيه بينما رسمت ملامحه تعبيرًا خطرًا يشابه نبرته حين قال بوعيد 
" انا ممكن اوريك دلوقتي حالًا الرجوله عامله ازاي "

انكمشت ملامحه من هذا التهديد و تلك النظرات المرعبة التي جعلته يتراجع قائلًا 
" لو كل دا عشان أطلقها فأنا مستعد اعمل دا من الصبح . هي اصلًا متلزمنيش…"

"اركنلي موضوع الطلاق علي جنب دلوقتى . و اشرب الليمون دا عشان نعرف نتكلم .."

هكذا تحدث《سالم》 بنبرة فظة و نظرات تحمل خلفها الكثير مما جعل 《احمد》 يرتاب في أمره ولكنه أطاعه بصمت و بعد أن تجرع كوب الليمون كاملًا قال بجفاء
" كلامك و نظراتك مش مريحيني .. انت عايز مني ايه ؟ مش كفايه خربت بيتي ."

《سالم》 بنفاذ صبر 
" مبدأيًا كدا ايًا كان اللي حصلك مش انا السبب فيه . "
" و المفروض اصدقك ؟"
" عنك ما صدقت . مش موضوعي.."

صاح 《احمد》.بيأس 
" حرام عليك . المناقصه الي ضاعت دي فيها شقي عمري انا هتحبس كدا .."

" لو عملت حاجه مش هخاف منك وانت عارف كدا كويس. "
هكذا القي 《سالم》 كلماته بصرامة جعلت الآخر يعلم بأنه يقول الصواب فلو كان السبب وراء ما حدث له لم يكن سينكر أبدًا لذا أطلق تنهيدة خشنه قبل أن يقول بيأس 
" اومال مين ابن المؤذية دا ؟ انا ماليش أعداء غيركوا."

ألقي نظرة مطولة عليه قبل أن يقول بفظاظة
" مش مهم مين الي عمل كدا .. المهم هتقدر تخرج من المصيبة دي ازاي ؟" 

التفت 《احمد》 يناظره بصدمة و سرعان ما قال بترقب 
" تقصد ايه؟ "
 تشابهت ملامحه مع نبرته حين قال بجمود
" هساعدك تخرج من اللي انت فيه .."

كانت قنبله التي ألقاها علي مسامعه يعلم بأن لها ضجيج سيكون وقعه كبير لذا قال بارتياب
" و انت ايه مصلحتك؟ "

" ميخصكش .. ليك تخرج من محنتك . و في المقابل عايز منك حاجتين أولهم تنسي موضوع الطلاق دا دلوقتي خالص .."

ارتسم الغباء علي ملامحه فقد كان يظن بأن الطلاق خلاصه من تلك الورطة فإذا به يتفاجئ بطلبه فقال بعدم فهم 
" انت بتقول ايه ؟ انا مش فاهم حاجه.."

تجاهل استفهامه و اخرج دفتر شيكاته وهو يقول بفظاظة
" محتاج سيوله قد ايه عشان تخرج من الأزمة دي ؟" 

بلا وعي اجابه
" عشرة مليون…"

قام 《سالم》 بتدوين الرقم على الشيك و قام بمده إليه فالتقطه 《احمد》 و هو ينظر غير مصدق لما يراه و قبل أن يتيح له الفرصة للحديث قال 《سالم》 بقسوة
" هتخرح من هنا زي ما دخلت . نفس البروباجندا و التهديدات الفارغة بتاعتك دي بس طبعًا من غير ضرب نار عشان مفجرش دماغك و اخلص.."

《احمد》 بعدم فهم 
" أنت . أنت هتديني الفلوس دي امشي بيها؟ مش خايف أغدر عليك؟"
《سالم》بثقة 
" مش هتقدر وانا وانت عارفين كده كويس. "

انكمشت ملامحه و جف ريقه قبل أن يتابع باستفهام 
" طب ايه الحاجه التانيه اللي انت عايزها مني في مقابل مساعدتك ؟"

«سالم» باختصار 
" هتعرفها في الوقت المناسب .. و مش محتاج انبه عليك البيت دا رجلك متعتبوش . و عشان أبقي أصيل معاك. حماك العزيز هو ورا اللي بيحصلك شوف بقي مين مسلمك ليه ؟ يلا وريني عرض كتافك .."

تراجعت خطواته الي باب الغرفه ف استوقفته كلمات 《سالم》 الغامضة حين قال 
" متنساش تسبك الدور و انت خارج .."

لم يفهم المغزي من كلماته إلا عندما رأي 《شيرين》 التي كانت تنتظر خروجه بقلب مرتعب ف تصاعدت أبخرة الغضب الي رأسه و خرج صوته متوعدًا 
" لو اضطريت اني ابيع هدومي بردو مش هطلقك . هسيبك كدا متعلقة ودا اقل بكتير من اللي تستحقيه.."

جاءه صوت 《همت》 الغاضب من خلفه 
" و مين قالك اني هسكتلك. انا هعرف أطلقها منك ازاي و فضيحتك هتبقي علي ايدي .."

التفت اليها 《أحمد》 قائلًا بوعيد 
" قصدك فضيحتنا.."
سقط كف 《سليم》 القوي على جذع 《احمد》 وهو يقول بجفاء 
" نورت يا ابو حميد . ياريت متكررهاش تاني . "

لم يُضيف شيئًا بل توجه إلي الخارج تاركًا براكين الغضب التي تقذف حممها بكل مكان فما أن غادر حتي توجهت 《شيرين》 الي مكتب 《سالم》 مغلقة الباب خلفها بينما هناك من تشتعل من فرط الغيرة و الألم معًا بعد أن علمت هوية ذلك الرجل . إذن فهو يسعى جاهدًا لطلاقها منه . و من الواضح أنه يستخدم جميع نفوذه و إلا لما جاء الرجل و اقدم على محاولة قتله . 

التفتت متوجهه الي غرفتها و أخذت تدور بها كمن مسها الجنون تريد الصراخ ولا يخرج صوتها. تريد البكاء و لا تطاوعها عبراتها. شعور مقيت من الألم الذي ينهش في صدرها بدون رحمة يقتات على روحها المعذبة بعشقه الضاري الذي توازى ضراوته غيرة هوجاء كان ألمها يفوق قدرتها علي التحمل ..

فجأة انفتح باب الغرفة و دخلت 《أمينة》 التي كانت ملامحها لا تبشر بالخير وقد تجلي ذلك في نبرتها حين قالت
" شيرين مع جوزك في المكتب بتعمل ايه؟"

كانت الكلمات تمر بصعوبة علي شفتيها كذلك أنفاسها التي أحرقت صدرها الذي كان يعلو و يهبط بعنف حين قالت باختصار 
" معرفش !"
" يعني ايه متعرفيش؟"

هكذا تحدثت 《أمينة》 بحدة توازي حدتها حين أجابت بنفاذ صبر 
" يعني معرفش . مانتِ شوفتي ايه اللي حصل من شويه؟ جوزها جه يحاول يقتله في عز النهار .."

《أمينة》 بسخرية 
" و مش عندك فضول تعرفي ايه بيحصل؟ عادي عندك أنها تبقي معاه في مكان واحد.؟ "

كانت كلماتها كالأسهم التي تنغرس بقلبها الملتاع دون رحمة فصرخت بغضب 
" مش عندي فضول اعرف حاجه .."

" عشان هايفه.. و غبية . قاعدة تاكلي في نفسك هنا و سايبه الميه تمشي من تحتك .."

هكذا تحدثت 《أمينة》 بحدة فتدلي فكها من الصدمة و خاصة حين تابعت 《أمينه》 بقسوة
" البيت دا في يوم من الأيام هتبقي مسئوله عنه. لو فضلتي كده يبقي عليه العوض فيه .. فين 《فرح》 البنت القويه اللي مبيهمهاش حد. الي جابت 《سالم》 الوزان على ملا وشه . التمستلك العذر مرة و اتنين و تلاته بس لا ! فوقي . أنتِ كدا بتخسري . دافعي عن بيتك وجوزك . متسمحيش للحية تدخل بينكوا.. "

أخذت كلمات 《أمينة》 تتردد بأذنيها وهي تنهب درجات السلم فتوجهت بخطٍ كان وقودها غضبها المشتعل بجوفها و غيرتها الهوجاء التي لم تعد تتحمل نيرانها المستعرة فقد بلغ السيل الزبى و نفذ مخزون الصبر لديها وأعلن قلبها الحرب ولتحترق الفتنة ومن أشعلها في الجحيم..

فتحت باب الغرفة بقوة توازي قوتها وهي تغلقه متوجهه بخطوات ثابته و نظرات متعالية شملت بها تلك التي كانت تقف علي بعد خطوات من زوجها و دون أن تتيح الفرصة لأحد في الحديث جهرت بصوت كان طابعه الشموخ
" اديتك فرصه و اتنين و تلاته عشان تراجعي نفسك و تحترميها بس للأسف الطبع دايما غلاب.." 

بهتت ملامح «شيرين» حين سمعت حديث «فرح» المُهين فهبت صارخة
" أنتِ مين اداكِ الحق تكلميني بالطريقه دي ؟ ؟"

بكل هدوء امتزج بالشموخ الذي أطل من عينيها حين اجابتها
" الحقيقة هو مش حق واحد . دي حقوق أولهم حقي لما اشوف حد بيتلزق في جوزى في الرايحه والجايه أوقفه عند حده. و الحق التاني اني مرات 《سالم》 الوزان كبير العيلة دي و مسمحش بقله ذوق تحصل في بيتي.. و اخر حق هو انك تقربي لجوزي و شايله اسم عيلته و سمعتك مهما أن كان تهمني!"

امتقعت ملامحها و تدلي فكها من فرط الصدمة التي جعلتها تصيح باستنكار وهي تلتف الي «سالم» المتفاجئ من حديث «فرح» علي العلم من كونه يرى مقدار غيرتها ولكن حديثها اذهله
" عاجبك اللي مراتك بتقوله دا يا سالم؟"

وضع الاوراق في حقيبته ثم التفت يناظرها بشموليه قبل أن يتحدث بفظاظة
" عايز تفسير لكلامك دا يا فرح ؟"

اغتاظت من جموده و ثباته و استفهامه فهو يتجاهل ما يراه عمدًا لذا صاحت بنبرة احتدت قليلًا 
" دا مش كلامي دي الأصول! هو ينفع أنها تتواجد معاك في مكان مقفول عليكوا ؟ انت راجل متجوز و هي ست متجوزة دا يصح ؟"

حاول قمع ضحكه غادرة أوشكت على خرق قناع الجدية المرتسم على ملامحه فحديثها كان غلافًا شفافًا لـ غيرة قاتلة تغزو غاباتها الزيتونية بضراوة و قبل أن يتِح له الإجابه تحدثت «شيرين» بتهكم
" لا والله علي اساس أننا قاعدين في الشارع . احنا في بيتنا .. و كل اللي فيه اهلنا ."

«فرح» بسلاسة و هدوء
" و البيت دا مش في خدم و حرس و ناس داخله و ناس طالعه.."

تعاظم الغضب بداخلها ولكنها حاولت قمعه قدر الإمكان وهي تلتفت ناظرة إليه تستحثه على الحديث فـ تشابهت نظرته مع نبرته الجليدية حين قال
" فرح عندها حق دي الأصول والأصول متزعلش حد يا شيرين .."

تدلي فكها من فرط الصدمة و خرجت الكلمات مذهوله من بين شفتيها 
" انت بتعوم علي عومها ؟؟"

عادت لتمسك بزمام الحديث مرة ثانية فقد أخذت منه ما أرادت و اتي دورها الآن حين قالت بتسلية 
" عوم ايه وكلام فاضى ايه ؟ ماهو قالك الأصول متزعلش .. و بعدين لو انتِ مش خايفه علي سمعتك انا من حقي اخاف على سمعة جوزي . و خصوصًا أنه راجل محترم حرام يتجاب سيرته بسبب حاجات تافهه .. "

كانت تتحدث بشفتيها بينما لملامح وجهها وعينيها حديث من نوعًا خاص وصلت معانيه الي «شيرين» التي كادت أن تنفجر من فرط الغضب فصاحت بوقاحة
" اعترفي انك غيرانه و هتموتي مني و خايفه اقرب منه لا…"

قاطعتها «فرح» بصرامة
" لحد هنا واستوب… الأسلوب البذيء .دا مش بتاعي . و اتفضلي اخرجي من الأوضه دي و متعتبيهاش تاني …"

التفتت «شيرين» تناظر «سالم» فوجدته مشغول بلملمة أوراقه ووضعها في حقيبته متجاهلًا ما يحدث فأجبرت نفسها على الرحيل وهي تُرسِل نظرات متوعدة الي «فرح» التي ما أن خرجت «شيرين» حتي تفاجأت بكلماته القاسية
" لو خلصتي اللي جيتي عشانه اخرجي و اقفلي الباب وراكِ .."

كان قادرًا علي التجاهل بطريقه مؤلمه جدًا و قد تذكرت يومًا ما حين أخبرني بأن كبرياءه أمر لا يمكن المساس به و أن الغفران ضل الطريق إلي قلبه و الآن أيقنت بأنه لم يكن يمزح. 

 الغضب كان كجمرات تحرق الفؤاد و تنهب خلايا جسدها بقوة و لكنها تجاهلته و هي تتقدم إليه قائلة بأنفاس متلاحقة
" لا مخلصتش .. عايزة اتكلم معاك.."
" مش فاضي .."

هكذا أجابها ببرود دون أن يكلف نفسه عناء النظر إليها مما جعل غضبها يتعاظم حتى بدأ بالظهور علي صفحة وجهها فاقتربت منه قائلة بجفاء
" يبقى تفضي .."

لم يُجيبها وقد كان صمته القشة التي قسمت ظهر البعير فهمت بالاقتراب منه ممسكه بالحقيبه التي كان يضع بها أوراقه الهامة و قامت بجذبها و إلقائها في آخر الغرفة لتصطدم بالحائط وهي تصيح بعنف 
" لما اقولك عيزاك تسيب الدنيا كلها و تسمعني.."

هالكة لا محالة. هكذا أخبرها عقلها وهي تناظره فتلك اللحظة الخاطفة كانت دربًا من الجنون الذي غلف عينيه بينما اظلمت نظراته بشكل مُرعب يشبه ملامحه و صوته حين قال بهسيس
" ايه اللي أنتِ عملتيه دا ؟"

أتهرب من رجل حمل كل معالم الأمان بالنسبة إليها؟ أم تقف في مواجهة طوفان غضبه الضاري الذي اشعلته بقصد من قلبها الذي طرأ من جوف الوجع استفهامه 
هل من العدل أن احترق أنا بينما أنت تتوارى خلف جبال الثلج التي وضعتها حول قلبك ؟ 

لم تنتظر الإجابة ف قدماها حملتها الي الأعلى باقصى سرعه تمتلكها ولأول مرة لا تهتم بالهزيمة أمامه ف ليظنها خائفة أهون من تواجه ما هو أقسى من غيرتها وهزيمتها..

أغلقت باب الغرفة خلفها تحاول تهدئه ضرباتها التي كانت تدق بعنف آلم ضلوعها فوضعت يدها علي صدرها تحاول تنظيم أنفاسها اللاهثة فإذا بها تتفاجئ به يقتحم الغرفة مغلقًا الباب خلفه بقوة جعلتها تشهق بصدمه وهي تتراجع خطوتين للخلف تناظر عينان اختلط بهم الغضب و العشق معًا ف فعلتها تلك جعلته لأول مرة يقف عاجزًا عن التفكير..

غاضب حد الجحيم عاشق حد الألم وهو يتلظى بين كليهما فتفرقت عينيه بين حقيبته الملقاة ارضًا و أوراقها المبعثرة تمامًا كحال قلبه الذي انتفض معلنًا ثورة قوية بداخله جعلته ينهب خطواته في طريقه إلى تلك التي فعلت به ما لم يستطع جيش من النساء فعله و ليحترق كل شئ في الجحيم تمامًا كما يحترق هو منذ ذلك اليوم المشؤوم ولكنه لم يعد يملك ادنى ذرة إرادة تمكنه من تحمل المزيد..

" لما اكلمك اياكِ تديني ضهرك و تمشي و تسبيني .. فاهمه؟"

هكذا تحدث بصوت بدا مرعبًا كالبرق الذي ضرب قلبها بغتة فأخذ يتخبط بعنف داخل صدرها الذي عاندت ألمه قائلة بشفاه مرتجفة 
" ولو مفهمتش هتعمل ايه يعني ؟"

حاوط خصره بيديه وكأنه يمنعهما من ارتكاب شئ خاطئ بينما قست نظراته أكثر و شابهتها نبرته حين قال 
" في مليون طريقه تخليكِ تفهمي بس أنا واثق أن ولا واحدة فيهم هتعجبك !"

كانت حدة أنفاسه توحي مدى الجهد المبذول حتى لا يتخلى عن ثباته و يذيقها شيئًا ولو بسيطا مما يجيش بصدره الآن و خاصةً حين تقاذفت العبرات من مقلتيها وهي تقول بانفعال

" و حضرتك بردو المفروض تفهم اني مراتك و ليا حقوق عليك و ابسط حقوقي كزوجه انك تحترمني وتقدرني و تخاف علي شكلي قدام الناس "

كان حديثها صاعقًا بالنسبة إليه فهو لم يفعل ما يجعلها تتفوه بتلك التراهات فصاح مستنكرًا
" وانا أمتي قللت من احترام سيادتك!"

صاحت باندفاع 
" انت ادرى !!" 
تأفف بضيق
" انتِ مش واضحه وانا بكرة اللف و الدوران. كل الفيلم الهندي دا عشان ايه ؟ " 
قال جملته الأخيرة بصراخ افزعها.

" عشان بحبك و انت مبتفهمش!"
غاب صوت العقل و تولي القلب دفة القيادة فقد ضاق ذرعًا بنيرانه التي كان وقودها غيرة مجنونه و عشق أهوج فاض به صدرها الذي كان يعلو و يهبط بقوة أمام عينيه التي شملتها بنظرة قوية تشبه نبرته حين قال 
" قولتِ ايه؟"

جف لعابها من نظرته التي بدت غامضة و ملامحه التي لم تكن تفسر ولكنها لن تتراجع فليحدث ما يحدث فقد خرج كل شي عن السيطرة 

" قولت انك مبتفهمش و مصرة جدًا علي رأيي .."

اقترب منها خطوتين وهو يعض على شفتيه السفليه و يهز برأسه قائلًا بنبرة بدت متوعدة
" تعرفي انك عاوزة تتعلمي الادب من اول وجديد"

قال جملته بينما امتدت يديه تحتوي خصرها بقوة لم تكن مؤلمه بقدر ما كانت مُربكة و خاصةً حين أردف بخفوت 
" وانا هعلمهولك .."

أرهبتها لهجته المتوعدة والتي كانت تتنافى بقوة مع عينيه التي غمرتها بنظراته العاشقة المشتاقه فغرقت في بئر الحيرة و قالت بتوسل خافت 
" سالم.."

اخترق جموده توسلها الخافت و نظراتها التي كانت تستجدي قلبه الذي رق ل ذعرها الجلي على ملامحها فاقترب بأنفاسه الحارقة من أذنيها قائلًا بهمس 
" خايفه مني؟"
" مرعوبة .."

قالتها بصدق فهي بداخلها تخاف بل ترتعب من اقترابه فهو رجلًا قوي صلب كل ما به مفعمًا بالرجولة تخشي أن لا تستطيع تحمل قربه فهي بالرغم من سنوات عمرها التي اقتربت من الثلاثين مازال بداخلها طفلة بريئه خجولة تفتقد وجود والدتها ولا تجرؤ علي إخبار أحد ب هواجسها..
صوته القاطع اخترق مسامعها حين قال ساخرًا
" ليكِ حق تخافِ.."

برقت عينيها للحظة و ما كادت أن تستوعب حديثه حتي وجدت نفسها خاضعة تحت سطوة عشقه الضاري الذي أخذ يسكبه فوق ثغرها و ملامح وجهها بسخاء حتى اغرقها معه في بحر من الشعور الا متناهي من السعادة التي جعلت دقات قلبها تتراقص علي أنغام الشغف الذي شعرت به بين ضلوعه بينما كان يتراجع بها الي مخدعهما يحملها بكفوف صُنِعت من حُب أتقن سكبه فوق الخدوش التي حفرها الخوف بقلبها الذي تناسي معه و بين يديه كل شئ فلم تعترض حين أخذ يتخلص من كل شئ يعوقه عنها فبدت مجردة أمامه من كل الحواجز يحيط بهما غطاء صنعت خيوطه من لهيب الصبوة الذي اشعل الهواء المحيط بهم فخرج صوته لاهثًا متبوعًا بأنفاس حارقه ألهبت عنقها حين قال بجانب أذنها 
"بتقولي خايفه بس قلبك بيقولي أنه مطمنش ولا هيطمن غير في حضني."

حاوطت عنقه بذراعين حوت حنان العالم أجمع و أيده قلبها بينما عاندته شفاهها 
" انت مغرور اوي . وبعدين قلبي مقالش حاجه ولا هيقول غير بأمر مني.."

أضاءت ملامحه إحدى ابتساماته الرائعة قبل أن يقول بلهجة خشنة
" طب و لو خليته يعترف و يقولي علي كل اللي جواه…؟"

مزيج مثير و مميز من الشعور الذي يكتنفها جعلها تتخلى عن كل الحواجز التي كانت بينهم حتى خجلها وخوفها لم يعد لهما مكان إثر هذا السحر القوي الذي يضمهما في تلك اللحظة .
" جرب ! "

دعوة رائعة لم يكن يتوقعها من إمرأة خلقت به شخصًا لم يكن يعرفه أضاءت له دروبًا ظن أن أبوابها لم يخلق لها مفاتيح أذا ب أوصادها تتحطم وتنهار أمام عشقًا لا يعلم كيف اكتنف قلبه و احتل كيانه للحد الذي جعل الكلمات تنساب من بين شفاهه بعذوبة
" بحبك يا فرح…"

لأول مرة يلامس وقع عشقه عليها بتلك الطريقة فقد كان قريبًا للحد الذي جعل دقاته تمتزج مع دقاتها ك سيمفونية عزفت علي اوتار قلبها الذي أعلن استسلامه بكل رحابة
" وانا بعشقك يا سالم يا وزان…"

فتحت أبواب الجنة علي مصرعيها امام ذلك الذي كان ناسكًا زاهدًا في هذه الحياة و الآن حان وقت مكافأته التي لم يكن يتخيل مدى روعتها فقد كان لقاءًا عاصفًا مدجج پكل أنواع المشاعر التي لم تكن تتخيل وجودها. تلاقت الأرواح و تعانقت القلوب و تعاظم الشعور حتى ترك بصماته علي كل شئ حولهم و كلما خارت قواهم جددتها أشواقهم من جديد إلي أن شعر بها تستند علي كتفه بأكتاف متعبه و جسد منهك فقام بضمها واضعًا قبله حانيه فوق جبهتها تعبيرًا عما يجيش بصدره من امتنان لتلك التي جعلته يتذوق الجنة بين أحضان عشقها و قد كان هذا أروع عناق تلقته بحياتها للحد الذي جعل العبرات تنبثق من بين عينيها تأثرًا برجل الحب و الجليد الذي انصهر لأجلها و صارت نيرانًا لم تتذوق أشهى منها بحياتها…

******************

"ريتال.. طمنيني عليكِ عاملة ايه؟ "

هكذا تحدث 《مروان》 وهو يقتحم غرفة 《ريتال》 التي كانت تجلس بأحضان 《سما》 و لازالت متأثرة بحادثة الأمس و ما أن رأت 《مروان》 حتى ارتمت بين احضانه وهي تقول ببكاء
" شفت يا عمو اللي حصلي التعبان الوحش كان هيقرصني . بس ربنا ستر.."

" اه للأسف ربنا ستر .."
هكذا تحدث باندفاع وسرعان ما أعاد صياغة كلماته قائلًا 
" اقصد يعني . الحمد لله اللي ميتسماش ابوكي جه في الوقت المناسب .."

" الحمد لله .. يالهوي ايه اللي حصل في عينك دا يا مروان ؟"
هكذا تحدثت 《سما》 بصدمه بعد أن رأت عينيه المتورمتين يحيط بهم هالة من اللون الأزرق القاتم فبدا مظهره مريعًا و خاصةً حين قال بنبرة متحسرة
" دخلت في قطرين كل واحد فيهم اغبى من التاني . حسبي الله ونعم الوكيل.."

اقتربت 《سما》 منه بلهفه تجلت في نبرتها حين قالت 
" مش تخلى بالك .. استنى هجبلك القطن و المرهم و ادهنهولك احسن تورم اكتر من كدا .."

أنهت كلماتها وهبت من مكانها تاركة كلًا من 《مروان》 و 《ريتال》 المصدومان من حديثها و تعاظمت صدمتهم حين شاهدوها وهي تجلب صندوق الإسعافات الأولية و تقوم بفرد محتوياته علي السرير فخرجت الكلمات من فم 《مروان》 باندفاع
" أنتِ هتعملي ايه؟"

" هعقملك الجرح و احطلك مرهم عشان متلتهبش.. وبعد كدا تحاسب علي نفسك .."

قالت كلمتها الأخيرة بعتاب فخرجت كلماته متلهفه
" احاسب على نفسي ايه دانا بكرة هجيلك متخرط تحت جرار . مش هتعالجيني ؟ .بس. هو دا المطلوب .."

اخفضت رأسها خجلًا فنظر إلي 《ريتال》 المصدومه وقال بغباء 
" هي مكسوفه بجد ولا انا بيستهيقلي ؟" 
《ريتال》 باندهاش
" لا باينها مكسوفه بجد.."

《مروان》 باندفاع
" دا أنتِ واقعة بقي .."

لكزته《 ريتال》 في كتفه وهي تقول بخفوت 
" متكسفهاش عشان مش تطفش منك.. خليك ذكى."'

قرب رأسه منها قبل أن يقول بصوت خافت 
" عندك حق . "

ثم قام بإرسال غمزة في الهواء جعلت 《سما》 تقهقه بصخب علي مظهره وهي تقول بعدم تصديق 
" انت مش معقول.. "
" طبعا مش معقول انا مروان الوزان يا بنتي…"

" سما . أنتِ فين بدور عليكِ … الله الله أنتِ بتعملي ايه هنا ؟"
هكذا تحدثت 《همت》 التي اقتحمت الغرفة تبحث عنها فإذا بها تتفاجئ ب《سما 》التي كانت تقوم بوضع المرهم فوق عيني 《مروان》 وهي قريبة منه للغاية 
" أبدا يا ماما بحط ل مروان مرهم علي عينه عشان متورمش .."

صاحت 《همت》 بغضب 
" ما تورم ولا تتحرق وأنتِ مالك…؟"

تدخل 《مروان》 قائلًا بانفعال 
" ايه يا عمتي الزفت الي بينقط من بقك دا . الملافظ سعد دا انا ابن اخوكي. مش ابن ضرتك ."

《همت》 بحنق
" و إنت اتشليت ما تحطه لنفسك ."

" وبعدين ايه الفال الوحش دا بقى ؟ وربنا اجبلك دولت تتصرف معاك . أنتِ ايه محدش مالي عينك ولا ايه ؟"

" بتعلي صوتك علي عمتك ؟ دا البيه اللي قاعدة تمرهميه.."

هكذا تحدثت 《همت》 بانفعال موجهة حديثها 《لسما》 التي لم تتح لها الفرصة للحديث إذ تدخل 《مروان》 قائلًا بصياح 
" ايه تمرهميه دى يا عمتي ؟ لاحظي أن كلامك كبير .."

" كبير ولا صغير اتفضلي قدامي و مالكيش دعوة بالواد دا كفايه اللى جرالنا من تحت راس العيلة دي .."

هكذا تحدثت 《همت》 بصرامة ف عاندها 《مروان》 قائلًا 
" أنتِ حد داسلك علي طرف يا ست انتِ ؟ وبعدين وربنا ماهي خارجه إلا لما تعالجني و تحطلي المرهم. "

ما أن أنهى جملته حتى تفاجئ الجميع من 《شيرين》 التي دخلت الغرفة تتلوى من الألم 
" ماما . معندكيش اي حاجه مسكنه بطني بتتقطع من الألم .."

التفت الجميع حولها فقال 《مروان》 بذعر 
" يخربيتك اوعي تكوني بلعتي ريقك أحسن تتسممي ؟"

صرخت 《همت》 في وجهه 
" تسمم في عينك.. ليه تعبان؟"
اجابها 《مروان》 باندفاع
" دا سؤال ولا إجابه؟"

لكزته 《سما》 في كتفه و اقتربت من 《شيرين》 تسندها حتي جلست علي السرير خلفهم و خرجت صرخة ألم قويه منها تزامنًا من دخول «طارق» الذي قال باستفهام 
" مالها شيرين فيها ايه ؟"

《همت》 بذعر 
" معرفش يا طارق . فجأة لقيتها بتصرخ .. "
كان العرق يتصبب من جبينها فاقترب منها قائلًا بلهفه 
" لازم تروح المستشفي حالًا .."

" يالا يا ابني .."
انهي كلماته و قام بحملها بين يديه مهرولا للخارج و《همت》 خلفه بينما أخذ 《مروان 》يتحدث الي 《همت》 بتقريع 
" لا والنبي يعني طارق يشيل و يجري وانا مستخسرة فيا حتة مرهم. روحي يا شيخه حسبي الله ونعم الوكيل فيكِ.. قال وأنا كنت بقول حد تاففلي في حياتي . دا حد مرجع فيها. "

******************

كان عشقًا لا يسعني تجاوزه أو الفرار منه. لطالما كُنت شخصًا يعرف جيدًا ما يريد . لا تخطو قدميه عبثا و لا يتراجع عن قراراته أبدًا. ولكنه العشق !
ذلك القيد الذي التف حول قلبي فـ اخضعه وأنا الذي لم أعرف الخضوع يومًا. و باتت روحي مسكنك . ف كيف لي بنزعك منها بعد أن اكتمل شقها الناقص بوجودك…
 

نورهان العشري ✍️

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

" لسه مكلم الدكتور و أخيرًا اداني عنوان الدكتور الألماني 
  وقالي كمان أنه حجز لنا معاه والراجل بالرغم من أنه في إجازة إلا أنه معترضش أنه يشوفك .. "

هكذا تحدث 《سليم》 بحبور وهو يناظرها بعد أن فعل المستحيل حتي يصل الي ذلك الطبيب الألماني المختص بأورام الرحم و قد شاءت الأقدار أن يكن في أجازة إلى القاهرة وحين علم ذلك قام بعدة محاولات حتي يصل إليه وبالفعل أخذ موعدًا معه حتي يقوم بالكشف عليها .
" طب كويس .."

اقترب منها خطوة قبل أن يقول باستفهام 
" هو ايه اللى كويس ؟"

《جنة》 بحزن حاولت اخفاءه
" كويس انك عملت كده . ووصلتله.."
" مالك..؟"

هكذا استفهم بلهجه هادئه و نظرات تخترقها فحاولت الهرب من رجل تقف أمامه مجردة من كل شئ حتي الحواجز التي تحاول بنائها بينها و بينه تعاندها و تنحني أمام حنانه الذي لا تقدر علي مقاومته .
" عادي . تعبانه من السفر حاسه انى عايزة انام .."

قالت جملتها و التفتت تنوي الهرب فقام بإمساك يدها وجذبها الي داخل أحضانه التي احتوت ظهرها وقام بسكب عشقه في قبلة طويلة فوق خصلات شعرها فلم تمانع فقط أغمضت عينيها باستسلام حين وصل صوته الحاني إلي أعماقها 
" اوعي تفكري انك لما تكتمي جواكِ انا مش هحس بيكِ . غلطانه .. انا بعرف الي جواكِ من قبل ما تقوليه. "

عاندته بوهن 
" سليم أرجوك .."

حاوطتها ذراعيه ل تقربها منه أكثر و أخذ يسحب رائحتها العذبة الي داخل رئتيه ثم قال بصوتًا أجش 
" جربتِ تطيري قبل كدا ؟ "

كست الحيرة معالم وجهها وقالت باندهاش 
" ايه؟"
《سليم》 بابتسامه 
" يبقي مجربتيش . حلو . عشان اعلمك انا .."

" تقصد ايه ؟"
قام بجذب وشاحها الملقي علي المقعد خلفه و قال بتخابث 
" هتعرفي كمان شويه .."

جذبها من يدها دون أن يعطيها الفرصة للاستفهام و قام بالسير بها الي خارج البيت متوجهًا إلي الملحق مما جعل الاندهاش يسيطر علي ملامحها و الذي تعاظم أكثر حين شاهدته يتجاوز الملحق و اخيرًا فطنت الي وجهته و التي كانت الي مزرعة الخيل فقالت بذعر 
" سليم استني . انا مش هعمل اللي انت عايزه دا . انا بحبهم بس من بعيد .." 

لم يجيبها بل قام بالتوجه الي فرس بني اللون ذو شعر كثيف و قد كان مظهره رائعًا يحيط به هالة من القوة جعلت دقات قلبها تتقاذف بعنف داخل صدرها ولكن جاءت كلماته العابثة تبدد خوفها للحظات 
" خوفك دا عيب في حقي علي فكرة. يرضيكِ الخيل تاخد عني فكره اني مش مسيطر."

انكمشت ملامحها بحيرة من معاني كلماته ولكن جاءت نظراته لتجعل الخجل يغزو خديها فقد كانت تحمل نظرات خطرة لا تجرؤ علي مواجهتها . 

أخذت تناظره وهو يجهز الفرس و بداخلها رعب لا تقدر عن التعبير عنه والذي تبدد للحظات وهي تراقبه بإعجاب وهي تراه يمتطي الفرس و فجأة وجدت نفسها تطير من الهواء محمولة من خصرها بين يديه التي وضعتها أمامه فأخذت ترتجف من فرط الخوف و صاحت برعب 
" سليم أرجوك نزلني . انا هموت من الخوف .."

احتضنت يديه خصرها وهو يقول بنبرة خافته بجانب اذنها
" واثقه فيا؟"

كان سؤالًا لا تحمل إجابته أو بالأحرى لا تعرف كيف تصيغها فهي تثق به أكثر من أي شخص آخر ولكن ليست الثقة الكاملة و لأنها كانت متخبطة ضائعه أخذت تهز برأسها يمينًا ويسارًا وحين شعرت بيديه تشدد من احتضانها حتى خرج صوتها مبحوحًا حين قالت 
" انت اكتر حد واثقه فيه في الدنيا. بس مش الثقه اللي تخلي قلبي قادر يتخلى عن خوفه .." 

لم تكن إجابة رائعة ولكنها كانت صادقة وكان هذا كاف بالنسبة له لذا قال بحب 
" سيبي الموضوع ده عليا .."

اتبع جملته و قام بضرب الفرس الذي أخذ ينهب الطرقات بينما هي تغمض عينيها بقوة و دقات قلبها تتقاذف برعب شعر هو به فقال بجانب أذنها
" افتحي عنيكِ و واجهي خوفك . دي الحاجة الوحيدة اللي هتخليكِ تهزميه .."

لم تطيعه فأخذت ذراعيه تبتلعها أكثر بين أحضانه وهو يشدد علي كلماته 
" طول مانا في ضهرك اوعي تخافي.. انا جنبك ولآخر نفس فيا هفضل ساندك . افتحي عنيكِ يا جنة.."

تغلغلت كلماته إلي أعماقها فلامست اوتار قلبها الذي سئم الخوف و ظلماته التي تطمس بريق الامل بداخلها فحاولت أن تطيعه و أخذت ترفرف برموشها فحاول هو أن يهدئ من سرعة الفرس حتى لا يزداد خوفها أكثر .

بينما هي تجاهد لتقف أمام خوفها و أخيرًا فعلتها و قد كانت و كأن نافذه الي الجنة قد أطلت علي قلبه الذي ود لو يطير بها كي يخبرها أي شئ هي بالنسبة إليه و بالفعل اقترب منها قائلًا بخشونة 
" مش نفسك تطيري بقي ؟"

كان الهواء يلفح وجهها بينما يحيط بهم الليل الهادئ و تنير طريقهم نجومه اللامعه فبدا الأمر رائعًا و خاصةً حين شعرت به يقوم بفك رابطه شعرها الذي كان و كأنه ينتظر إطلاق سراحه ل يرفرف حول وجهها بسعادة لم تكن تتوقع أن تشعر بها و التفتت إليه قائلة بابتسامة تخللتها عبرات غزيرة 
" نفسي اطير.."
" افردي ايديكِ.. و اوعي تخافي ."

أطلق تنهيدة خشنه من جوفه قبل أن يقول بنبرة خشنة 
" انا ماسك فيكِ بإيدي و سناني .. و افديكِ بعمرى.."

اي شعور رائع قد قذفته كلماته العاشقه بقلبها الذي أخيرًا هزم مخاوفه و قامت بفرد أجنحتها بينما قام هو برفعها من خصرها الى الأعلى ف لفح الهواء بشرتها و تناثر شعرها بجنون بينما شعرت بالفعل بأنها تحلق بين الغيوم و قد كان هذا شعور أقوى و أعمق من أن تستطيع وصفه..

***************

كانت تجلس بجانب 《شيرين》 التي كانت تعاني من آلام حادة في القولون و المعدة و قد قام الأطباء بعمل اللازم لها الي أن تجاوزت نوبة الألم الحاد ذلك وغفت بفعل هذا المحلول المغذي الموصول بذراعيها و قد كان كلا من 《طارق》 و 《مروان》 و 《سما》 ينتظرون في الغرفة بجانب 《همت》 التي كان القلق يأكلها من الداخل علي طفلتها 
" بقولكوا ايه ؟ انا هنزل اجيب حاجات من الكافيتريا . حد عايز حاجه اجبهاله معايا ؟"

هكذا تحدث 《مروان》 مفرقًا نظراته بينهم فأجابته 《همت》 بامتعاض
" ليك نفس تاكل اوي يا خويا. "

ناظرها 《مروان》 ب تخابث و قال بنبرة خافتة مستفزة 
" هتموتي مني انا عارف بس انا قاعد علي قلبك .."

تحدثت 《شيرين》 بنبرة خافتة
" ماما خليهم يخرجوا و هدي النور دا مش عارفه انام .."

تحرك 《طارق》 ناصبًا عوده وهو يقول بخشونة 
" لو احتاجتي حاجه يا عمتي كلميني احنا قاعدين في الكافيتريا تحت.."

خرج الجميع و بعد مرور خمس دقائق تفاجئت 《همت》 بشخص ملثم يفتح باب الغرفة و يقوم بغلقه بالمفتاح من الداخل فخرجت منها شهقه قويه و صاحت بذعر 
" حرااامي… الحقونا.."

تحركت 《شيرين》 من مخدعها وهي تحاول تهدئه 《همت》 قائلة 
" اهدي يا ماما دا مش حرامي.."

كانت 《همت》 بواد آخر وهي تقف أمام ذلك الذي لم تتغير ملامحه بعد كل تلك السنوات بل ازدادت وسامته بقدر تلك الشعيرات البيضاء التي لونت ذقنه و رأسه و كما لم يتغير احساسها به وكأن ما مضى لم يطمس عشقها الجارف نحوه .
" ناجي ! "
" لسه بحب اسمي منك يا همت!"

***************

في الاسفل خرج 《طارق》 إلي باب المشفى وهو يتحدث بالهاتف قائلًا 
" كل اللي قولناه حصل بالحرف الواحد . و زمانه فوق معاها دلوقتي.."

يتبع….


#بين_غياهب_الأقدار 
#نورهان_آل_عشرى 
#قيثارة_الكلمات 
#في_قبضة_الأقدار

الفصل الثاني والعشرون من هنا 



تعليقات



×