رواية رحم بديل الفصل السادس والعشرون 26 بقلم زينب سعيد




رواية رحم بديل الفصل السادس والعشرون 26 بقلم زينب سعيد 




 الفصل السادس والعشرون

يقلب آدم بصره بصدمة بين شقيقته والرضيع الذي تحمله ويبكي بشدة.

آدم بصدمة: مين ده؟

أسيل بلهفة: وطي صوتك ده ابن واحدة صاحبتي.

آدم بعدم استيعاب: صاحبتك إزاي؟ مش منى دي لسه مخطوبة؟

أسيل بقلة حيلة وهي تحاول تهدئة الصغير: طيب تعالى نقعد جوة.

ليغلق آدم الباب ويتبعها للداخل ويجلس أمامها ويتحدث بنفاذ صبر: ممكن أفهم مش بتردي على تليفونك ليه؟ وصاحبتك مين اللي والدة؟ وإزاي واحدة غريبة تقعد معاكي من غير ما تقوليلي أو تقولي لأبوكي وأمك؟

أسيل بتوتر: ممكن تهدى؟ هحكيلك كل حاجة بس لما البيبي ينام مش راضي يبطل عياط.

لينظر له آدم بحنين: هو عنده قد إيه؟

أسيل بهدوء: لسه مولود من كام ساعة.

آدم بتساؤل: كام ساعة يعني المفروض تبقوا في المستشفى مش هنا! طيب هو رضع شكله جعان؟

أسيل بصدمة: لأ مرضعش هو لازم يرضع دلوقتي؟

آدم بسخرية: من شكله باين إنه عايز ياكل.

أسيل بحيرة: طيب هقوم أوديه لمامته.

آدم بهدوء: قومي وديه وتعالي فهميني إيه اللي حصل ده.

لتومئ له بهدوء وتتحرك تجاه غرفة فرح.

****
في غرفة فرح تنام بعمق لتدخل أسيل بحذر وتضع الصغير وتقوم بإيقاظها بحنان.

لتفتح فرح عينيها بوهن: نعم يا أسيل؟
أسيل بهمس: قومي رضعي الولاد عشان جعانين، وبعدها أجيبلك فطارك إنتي كمان.

لتحاول فرح الاعتدال بصعوبة بمساعدة أسيل وهي تئن من ألم جرحها، لتضع أسيل الوسادة خلف ظهرها، وبعدها تجلب الصغير الباكي وتحمله لفرح وتبدأ في إرضاعه.

ليرضع الصغير بنهم ويغفو على الفور، لتتحدث أسيل بإشفاق: ده كان جعان أوي يا عيني ومكنتش أعرف لولا أخويا جه برة ولفت نظري.

فرح بعتاب: برضه قُلتيله يا أسيل؟

أسيل بنفي: لا والله هو جاي يتطمن عليا؛ لأني مرديتش عليه، بس أنا هحكيله فعلًا واتطمني هيقدر يقف في وش جوزك.

فرح بقلة حيلة: طيب.

لتضع أسيل البيبي وتضعه على الفراش وتحمل الآخر وتبدأ فرح في إرضاعه وبعدها تضعه بجوار أخيه وتساعد فرح مرة أخرى على الاعتدال.

أسيل بهدوء وهي تجلب لها حجابها: البسي الطرحة وأنا هخرج أتكلم معاه وندخل تحكيله حكايتك.

فرح بوهن: حاضر.

****
في شقة أحمد.

يستيقظ أحمد وجسمه يتعرق بشدة ليتفاجأ بالنيران التي تحيطه من كل اتجاه لينهض بفزع ويبدأ في الصراخ ومحاولة الهروب لكن قد فات الآوان؛ فالنيران اندلعت من كل مكان حوله ليركض تجاه الباب ليحاول فتحه لكن النيران قد أحرقته بالكامل والنيران تحيطه من كل اتجاه حتى بدأت في الإمساك به ليصرخ بألم يستغيث بالمارة في الشارع دون فائدة؛ فالمنطقة نائية لتبدأ النيران في أكل جسده ليدور حول نفسه بصراخ يحاول إطفائها حتى يستسلم لألمه ويسقط أرضًا والنيران تأكله حتى ينتهي المطاف وتصعد الروح لبارئها تاركة جسدًا متفحمًا من نيران الدنيا، فما بالك بما سيجده من نيران الآخرة؟ 

بعد فترة يتصل أحد المارة بالمطافئ بعد رؤيته للحريق، لتحضر بعد ربع الساعة ويبدأوا في إطفاء الحريق بعد أن أخرجوا معظم سكان البناية ليدخلوا بعدها خوفًا من أن يكون أحد بالداخل ليجدوا جثة أحمد متفحمة من الحريق! 

****
في المنصورة.

في شقة والدة ضحى.

تجلس رقية مع ضحى صباحًا يتابعان التلفاز بملل لتتحدث رقية بتوجس: فيه موضوع عايزة أفاتحك فيه.

ضحى ببرود: خير يا ماما؟
رقية بتردد: فيه عريس متقدم لك وبصراحة أنا شايفة إنها فرصة متتعوضش.
ضحى بعصبية: قُلتلك مش هتجوز حد وهرجع لآدم.

رقية بغيظ: وآدم خلاص مش هيرجعلك، ريحي نفسك بقى.

ضحى بسخرية: ومين بقى عريس الغفلة؟

رقية بتردد: عماد ابن العمدة.

لتنهض ضحى بصدمة: نعم يا أختي؟ عماد ده متجوز؟

رقية بامتعاض: وفيها إيه؟ شوفي العز اللي هما فيه يا أختي، وإن كان على متجوز فهو عنده عيال يعني مش هيفرق معاه حاجة يا قلب أمك ولا عيل ولا تيل.

ضحى برفض: لأ، وبعد إذنك هروح أنام.

رقية بغيظ: في داهية، عيلة فقرية، بكرة فلوسك تخلص وتندبي حظك.
****

في قصر العمري.
يجلس الجميع يتناول الإفطار ليتحدث آسر بتساؤل: مش أسيل خلصت امتحانات إمبارح يا مرات عمي؟

عليا بتأييد: آه يا آسر، بس قالتلي هتقعد شوية مع صاحبتها.

صالح بامتعاض: والله ما له داعي، ما تنزل بقى وحشتنا.

الجد بهدوء: سيبوها على راحتها، هو آدم هيجي الأسبوع ده يا صالح؟

صالح بحيرة: مش عارف يا بابا بس احتمال يجي.

عليا بحزن: يا قلبي لسه بيدور على مراته ربنا يعتره فيهم.

صالح بتمني: يا رب.

****

في شقة أسيل.

تخرج أسيل تعتذر له عن تأخرها وتجلس بجواره وتسرد له كيف تعرفت على فرح دون التطرق لقصتها.

آدم بصدمة: يعني تخبطي واحدة بعربيتك ومتقوليش ليا؟

أسيل بأسف: منى كلمت أخوها هو ظابط وجه.

آدم بسخرية: وحضرتك نسيتي إن ليكي أخ تلجأي ليه يا هانم، قُصره ده دخله إيه بصاحبتك اللي ولدت؟
أسيل بتردد: ما البنت اللي خبطتها كانت حامل وكانت هربانة من جوزها.

لينبض قلب آدم بقوة ويتحدث بتردد: اسمها إيه؟

أسيل بهدوء: فرح.

لينهض آدم بصدمة: فرح؟! إنتي ولدتيها في المستشفى بتاعتنا وهربتيها صح؟

لتنهض أسيل هي الأخرى بتعجب: أيوة، إنت عرفت منين؟ أنا كنت عايزة أبلغك عشان تحميها من جوزها أصلك متعرفش حكايتها إيه؟ 

لينظر آدم أرضًا بخزي: لأ عارف.

أسيل بعدم فهم: عارف إيه مش فاهمة؟

آدم بأسف: أنا جوزها.

أسيل بصدمة: جوز مين؟

آدم بخزي: جوز فرح.

أسيل بصدمة: إنت بتقول إيه؟ بقى إنت آدم أخويا تعمل ده كله؟! إزاي؟

آدم بأسف: اسمعيني بس يا أسيل، أنا عارف إني غلطت بس...

أسيل بمقاطعة: بس إيه؟ إنت دمرت مستقبلها يا آدم، كليتها راحت وأمها متعرفش عنها حاجة، عايز إيه تاني أكتر من كده يا آدم؟ تخيل لو حد عمل فيا كده هتعمل فيه إيه؟

آدم بسرعة: أدبحه بإيدي.

أسيل بسخرية: وهي بقى عشان ملهاش ضهر مش هتلاقي اللي يدبحك يا آدم بيه.

آدم بحزن: أسيل أنا بحب فرح والله بحبها، ولو كانت قالتلي الحقيقة من البداية والله كنت هقف جنبها، بس هي اللي قالت ليا موافقة.

أسيل بسخرية: بقى آدم العمري لو عايز يعرف حاجة مش هيعرفها عنها من يوم ما اتولدت؟! بلاش دي، تخيل مش أنا اللي كنت لقيتها والبلطجية مسكوها، برأيك كانوا هيعملوا فيها إيه؟

ليضم آدم قبضته بعنف وهو يتخيل ما تقوله.

أسيل بإكمال: طيب لو افترضنا إنها كانت سقطت ولا ماتت هي واللي في بطنها. لتكمل بسخرية: تخيل أنا عمالة أقولها أخويا هيساعدك وطلع أخويا اللي عمل كده.

آدم بأسف: خلاص يا أسيل كفاية اللي أنا فيه، وأنا عندي استعداد أعوضها عن كل حاجة.

أسيل بسخرية: إزاي إن شاء الله؟

آدم بتردد: عايز أتكلم معاها وأشوف ولادي.

أسيل برفض: لأ يا آدم بلاش، هي تعبانة.

آدم بإصرار: هشوفها يعني هشوفها.

أسيل بقلة حيلة: حاضر.

****

تدخل أسيل غرفة فرح بمفردها تنظر للأطفال بابتسامة لا تدري أتحزن أنها زوجة أخيها وهؤلاء صغاره أم تحزن على حالة فرح عندما تعلم هوية شقيقها؟! 

لتتحدث أسيل بهدوء: فرح.

فرح بانتباه: أيوة يا أسيل، أخوكي مشي؟

أسيل بتردد: لا هندهله يدخل، ينفع؟

لتومئ لها فرح بهدوء.

لتنادي أسيل شقيقها: تعالَ يا آدم.

ليدخل آدم الغرفة بحذر شديد.
لتنظر فرح لباب الغرفة وتتفاجأ بآدم! لتعتدل بهلع تحاول النهوض غير عابئة بجرحها: إنت بتعمل إيه هنا؟ هو ده يا أسيل، نادي أخوكي؟! 

آدم بخزي: أنا أخوها يا فرح.

فرح بصدمة: أخوها إزاي؟ أنا مش فاهمة حاجة! 

آدم بهدوء: أسيل متعرفش إني جوزك يا فرح غير دلوقتي عشان متظليمهاش، ينفع أشوف ولادي بس وبعدين نتكلم؟ 
فرح بخوف وهي تحتضنهما بحماية: لأ مش هتاخدهم مني.

آدم بحنان: اتطمني يا فرح مش هاخدهم منك وهيتربوا في حضنك كمان، ممكن أشوفهم بقى؟

لتومئ له بتوتر ليتجه للطرف الآخر بلهفة ويجلس بجوار صغيريه وينظر لهما بشوق وعيناه تذرفان الدموع لا إراديًا؛ فقد صار أبًا وهذه العدالة الربانية، ضحى قتلت طفله ليشاء القدر أن يأتيه طفلان من فرح. 

لينظر لفرح بتردد: ينفع أشيلهم؟

لتنظر له فرح بحزن: آه ينفع.

ليحملهما آدم بحرص شديد، كل طفل في يد وينظر لهما بحب: سميتيهم إيه؟

فرح بهدوء: يوسف ويحيى.

آدم بإعجاب: ربنا يبارك فيهم يا رب. ليكمل بتساؤل: أذّنتم ليهم؟
أسيل بإحراج: لأ نسيت بصراحة.

ليضع آدم أحد الصغار ويبدأ بترديد الأذان في أذن الآخر اليمنى ثم اليسرى ثم يضعه ويفعل المثل مع الآخر.

لينظر بعدها لفرح بهدوء: ممكن أتكلم ومتقاطيعنيش يا فرح لو سمحتي؟ وبعد لما أخلص اعملي ما بدالك.

لتومئ له بقلة حيلة لترى ماذا يريد أن يقول؟! 

ليبدأ آدم في سرد كل شيء علمه منذ البداية حتى الآن.

فرح بصدمة: يعني خالتي عبير كانت بتضحك عليا ده كله، وعملت تمثيلية مع بتاع الصيدلية؟

آدم بأسف: أيوة.

فرح بحسرة: ليه كده؟ طيب أنا آذيتهم في إيه؟ وليه يعلموا فيا كده؟

آدم بتوضيح: عشان الفلوس. ليكمل بحزن: خلاص يا فرح صفحتهم اتفقلت وأنا هاخدلك حقك، اتطمني.

فرح بسخرية: طيب هتاخد حقي منهم، طيب ومين هياخدلي حقي منك؟ وأمي اللي معرفش حاجة عنها ويمكن تكون ماتت وغضبانة عليا، أنا مش مسامحاك يا آدم.

آدم بلهفة: لأ أمك عايشة وبخير، وساكنة في البيت عندي وعرفت الحقيقة وسامحتك.

فرح بلهفة: إنت بتتكلم جد؟ ماما عايشة؟

آدم بتأكيد: أيوة، ولو بإيدي كنت وديتك ليها بس حالتك متسمحش، لما تتحسني هاخدك ليها إنتي والأولاد.

فرح براحة: الحمد لله.

آدم بهدوء: بصي يا فرح، عارف إنك اتظلمتي بس أنا هعوضك عن كل ده؛ كليتك هتكمليها، هعمل ليكي فرح وهعلن جوازنا وكل اللي إنتي عايزاه يا فرح هعمله ليكي.
فرح بسخرية: يااااه ده كله؟ ويا ترى ده عشاني؟ ولا عشان خلاص طلقت ضحى وعرفت حقيقتها؟ ولا عشان ولادك؟

آدم: ...


الفصل السابع والعشرون من هنا 





تعليقات



×