رواية حب فوق الغصون الفصل السادس عشر 16 بقلم سارة نيل




رواية حب فوق الغصون الفصل السادس عشر 16 بقلم سارة نيل 





 غصون16

لا مستحيل، أيه إللي أنا بفكر فيه ده أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، دي روحها النقية الطاهرة أي حد في مكانها هيبقى ليه نفس الموقف لأن المشهد مش هيّن عليها، الشيطان بيختار مداخل للإنسان علشان يخرب عليه أمانه..
أنا بثق في غصون أكتر ما بثق في نفسي واسلمها روحي وأنا مغمض.
اقترب عُدي منها وهي منهارة مصدومة فقال بهدوء:-
– غصون يلا تعالي في الإستراحة وإهدي كدا ووحدي الله.
رفعت وجهها المليء بالدموع من أحضان أروى ونظرت له قائلة من بين شهقاتها:-
– أول مرة أكون في موقف شبه كدا وأنا عادةً بخاف من الأماكن دي .. مات قدامي كدا وهو كان خايف وندمان..
بس أنا والله سامحته ومن قلبي ومش زعلانة من أي حاجة والله ..
أنا سامحته علشان ربنا بيقول كدا ..
{وَالْكَاظِمنَ الْغَيْظَ} يكظمونه في صدورهم فلا تظهرُ آثارُه من السبِّ والشتمِ والأذى والعداوةِ، بل قهروا أنفسَهم وتركوا الإنتقامَ.
{وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} وهم الذين أظهروا العَفْوَ والمغفرةَ، وأعلنوا السماحَ وأعتقوا من آذاهم من طلب الثأرِ، فلم يكظمُوا فحسب بل ظهر الحلمُ والصفحُ عليهم.
{وَاللهُ يُحِبُ الْمُحْسِنِينَ} وهم الذين عَفَوا عمن ظلمَهم بل أحسنوا إليه وأعانوه بمالهم وجاهِهم وكرمِهم، فهو يسيءَ وهم يحسنون إليه، ولهذا أعلى المراتب وأجلُّ المقامات.
علشان الآيه دي ويارب سامحه على كل شيء واعفو عنه فأنتَ أهل ذلك.
ابتسم عُدي وأردف:-
– وكدا أفضل يا غصون ربنا يسامحنا جميعًا كلنا مذنبين، يلا تعالي استريحي..

اماءت برأسها بإمتنان وسارت خلفه بصحبة أروى التي ظلت تنقل أنظارها بتعجب بيهم..
قال عُدي محاولًا أن يُخرجها من هذه الحالة ويجعلها تنسى:-
– عمّ سيد موجود هنا تيجي تشوفيه وتطمني على بنته.
– ااه صحيح فكرتني لأن كنت وصلت لغاية باب الأوضة ورجعت لما أروى رنت عليا وقالت أرجع الشركة ..
إزاي راح عن بالي الموضوع ده .. مِسك كانت تعبانة وسمعت صوتهم بس ملحقتش أدخل..
ابتسم عُدي وقال:-
– حصل خير يلا تعوضيها دلوقتي.
انحنت أروى على أذن غصون وهمست:-
– خير يا غصون حاسه إن في شيء في الوسط كدا..
توترت غصون وقالت:-
– حاجة أيه يا بنتي، مش فاهمة تقصدي أيه.!
نظرت لها أروى بنصف عين وأردفت:-
– لنا قاعدة طويلة سواا..
ابتسمت غصون بهدوء وقالت بمشاكسة:-
– أمال أكيد هنقعد مع بعض يا بنتي مش صحاب بقى..
– ماكرة..
وصلوا أمام غرفة مِسك، رأى عُدي عُبيدة مُقبلًا عليهم فانتظر وقال لغصون:-
– ادخلي إنتوا أنا هنتظر دكتور عُبيدة.
حركت غصون رأسها إيجابًا دون التحدث ودخلت للغرفة مع أروى..
– باشمهندس عُدي منورنا .. أيه المفاجأة دي، مع إني حالف يا جدع مكلمكش بس يلا ..
– خلاص بقى يا سي عُبيدة جيتلك لغاية هنا أهو..
– بقى أرن عليك وأسألك أعمل أيه .. أكلم عمّ سيد ولا اتصرف إزاي.. تقولي مش هعرف أفكر دلوقتي يا عُبيدة أنا متوتر، بقى دا رد يا أبو الصحاب.
– بكرا تبقى في موقفي وتعرف يا سي عُبيدة، عمومًا أنا بقول تصبر لغاية حتى ما تخرج من المستشفى ويشدوا حيلهم شوية..
– لسه هستنى دا كله .. طب ما أكلم حتى عمّ سيد كلام مبدئي ولما تخرج من المستشفى نعمل خطوبة عالطول ونكون وفرنا وقت..
– أيه ياض مستعجل كدا ليه امسك نفسك شوية، دا إنتَ شكلك مسخرة أووي لو تشوف شكلك..
– والله أنا غلطان إن بكلمك يا شيخ وبعدين إنت بالذات متتكلمش على الاستعجال والكلام ده .. دا إنت بقالك خمس سنين يا باشا، واستنى إنتَ شايف نفسك عليا كدا ليه العروسة لسه مقالتش رأيها يمكن ت..
– امشي من هنا يالا إنت .. بتقدر البلا قبل وقوعه .. صحوبية فقر والله.
أمّا بداخل الغرفة تعرفت غصون وأروى على مِسك وكونت معهم صداقات بل واحبتهم جدًا، شعرت بالسعادة لوجود أشخاص مثل غصون..
وغصون أيضًا قد خففت تلك الجلسة عنها كثيرًا وأنستها تلك الفاجعة..

فرح العمّ سيد والد مِسك ووالدتها كثيرًا بوجود غصون وأروى وهم يرون تحرر مِسك من حزنها وانخراطها معهم..
– يلا شدي حيلك كدا يا مستكا علشان تخرجي من هنا بقاا ونهيص سوا..
تحدثت مِسك بسعادة وقد تغيرت كثيرًا وأصبحت إنسانة متفائلة:-
– إن شاء الله يا غصون أنا متحمسة جدًا وعندي خطط كتيرة أووي علشان أعملها وعايزة أقولك إن مع إني لسه مش مرّت فترة طويلة بس الحمد لله حاسة بتحسن كبير..
– دا حقيقي فعلًا يا مِسك لأن نظرتك اتغيرت وحالتك المزاجية اختلفت .. الأول كنتي حابسة نفسك في مثلث الحزن واليأس لكن دلوقتي لما قربتي من ربنا ورضيتي وبقى عندك حُسن ظن بالله كل حاجة اختلفت بقيتي حاسة إنك عايشة والدنيا من حوليكِ بقت ملونة..
الحزن بيدمر الإنسان وكفيل يقضي عليه ومفيش أسوأ من إن الإنسان يحبس نفسه جوا وهم ويصدقه، وكل كلمة الناس بتقولها من حوليه يقدسها ويحطها قدام عينه..
الرضا بإللي ربنا كتبه كفيل يقلب حياتك يا مِسك ويفتح قدامك طُرق إنتِ مكونتيش شيفاها..
– عندك حق يا غصون أنا كنت معيشة نفسي في جحيم، أنا مش مصدقة أنا كنت كدا إزاي..
– الحمد لله يا مِسك فضل ونعمة من الله إن ربنا أرشدك للطريق الصحيح ونور بصيرتك ودا علشان هو بيحبك..
الإبتلاء بأنواعه محبة من ربنا لكِ ولازم نستقبله برضا وحب وصبر، ابدأي صفحة جديدة في حياتك واتعلمي من إللي فات، اجتهدي وانجحي واعملي لنفسك كيان يرضي ربنا قبل ما يرضيكي، قربي من ربنا واتعلمي عبادات جديدة وصدقيني رزق ربنا واسع وهيجبر بخاطرك جبر كبير أووي.
– إنتِ جميلة أووي يا غصون بجد من حُسن حظي إن اتعرفت عليكِ، كلامك ريحني أوي ممكن نبقى أصحاب وتعلمني كل إللي إنتِ عرفاه..
– ياااه أنا أبعد ما يكون عن كدا، أنا إللي من حظي إن اتعرفت على بنوتة ربنا بيحبها ومن غير ما تطلبي إنتِ أختي مش صاحبتي يا مستكا، وإن شاء الله أنا وإنتِ والبت رورو نبقى أحلى تيم ونشجع بعض على حاجات جميلة.
قالت مِسك لأروى:-
– مبسوطة أووي يا رورا إن اتعرفت عليكِ وجزاكِ الله خيرًا يا حبيبتي، تقبلي نبقى اخوات..
قالت أروى بأعين دامعة:-
– يا خبر دا من غير كلام طبعًا يا مستكا .. من هنا ورايح هنبقى الثلاثي المرح كدا ومش هنفترق بإذن الله.
– الله بقى شكرًا يارب على الصُحبة الحلوة دي.
لاحظت غصون بعض الكتب على وحدة الأدراج بجانب مِسك فقالت:-
– الناس إللي براحتها بقى ومحدش قدها وقاعدة بصحبة الكتب..
– قولت بدل ما أنا قاعدة كدا وزهقانة ماما تجيبلي كُتب الجامعة على شوية روايات وكُتب تانية .. استغل الوقت بدل ما الترم ده يفوتني..
– ربنا يوفقك يا حبيبتي يارب ويجبر بخاطرك، وبمناسبة الكُتب في شنطتي كتاب لو مقرأتهوش بجد فايتك كتير أووي أووي أووي..
– للدرجة دي .. طب يلا طلعي يا غالية..
أخرجت غصون كتاب من حقيبتها ثم وضعته على قدم مِسك قائلة:-
– دا يا ستي كتاب “لا تحزن” من أحسن الكتب عالميًا، قنبلة تفائل ومتشبعيش منه ومهما تقرأيه تعديه تاني، من أعلى الكُتب مبيعًا في العالم.
– واضح من اسمه .. شكله مبهج أووي ما شاء الله، أنا أصلًا بحب القراءة جدًا.

– ومين أصلًا ميحبش القراءة، دي غذاء الروح، وإنتِ يا ست رورا معايا بردوة كتاب خطير هيعجبك أووي ومن أحسن الكتب..
– بصراحة مجربتش أقرأ قبل كدا، بس يلا أشطا أبدأ أعود نفسي لأن بصراحة الواحد ثقافته صفر..
– مجرد ما هتبدأي أنا بقولك هتدمني القراءة ومش هتبطلي أبدًا.. اتفضلي يا ست البنات..
دا كتاب “فاتتني صلاة” حاجة كدا وهم..
– واضح إن مؤثر أووي .. بإذن الله هقرأه، شكرًا يا غصون..
– مفيش بينا شكر يا أوختي شيلي الرسميات دي بكرا نسرق الكُتب من ورا بعض..
انغمسوا في الضحك وكان يشاهد ما يحدث العمّ سيد والخالة فادية بفرحة وسعادة لا تُقدر..
– أنا والله مش مصدقة إللي أنا شيفاه يا ابو مِسك، الحمد لله مِسك فاقت خالص وحالها اتبدل.
– عندك حق يا فادية ربك كريم أووي .. الحال اتبدل إزاي اللهم لك الحمد والشكر يارب، غصون دي نعمة على كل إللي تدخل حياتهم، ربنا يسعدها يارب ويجبر بخاطرها..
والباشمهندس عُدي مش عارف أرد إللي عمله إزاي..
الناس دي وقفت جمبي وعملوا إللي القريب معملوش..
– ربك بيقطع من هنا ويوصل من هنا يا ابو مِسك، أنا مبسوطة إن مِسك اتعرفت على غصون وأروى وبقى ليها صحاب عاقلة محترمين.. ربنا يسعدها يارب ويجبر بخاطر بنات المسلمين جميعًا يارب..
– اللهم آمين يارب ..
سمعوا طرق على الباب فأذن العمّ سيد للطارق بالدخول ولم يكن سوى عُبيدة وعُدي الذي جاء يرى العمّ سيد ويطمئن إذا كان يريد شيء..
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سعى نحوه والد مِسك وتصافحا:-
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اتفضل يا باشمهندس عُدي أيه النور ده..
– أيه يا عمّ سيد مش قولتلك عُدي بس بلاش رسميات لو سمحت..
– الله يباركلك يا ابني ويجبر بخاطرك ويرزقك إللي بتتمناه..
ابتسم بهدوء ونظر لغصون بطرف خفي ثم قال بنبرة ذات مغزى:-
– اللهم آمين يا عمّ سيد .. دعواتك اليومين دول بالله عليك.
– والله دايمًا لك نصيب في دعانا يا عُدي..
– ربنا يجعله من نصيبي يارب..
ثم قال دون أن ينظر بإتجاه البنات:-
– الحمد لله على سلامتك يا آنسة مِسك شفاكِ الله وعافاكِ.
– الله يسلمك شكرًا جدًا لحضرتك.
اقترب عُبيدة من مِسك وقال مبتسمًا:-
– آنسه مِسك عاملة أيه النهاردة.
ابتسمت مِسك بإشراق وأجابت:-
– الحمد لله بخير يا دكتور.
– أيه أخبارك بقيتي أفضل ولا لسه بتحسي بوجع جامد.

– بقيت أفضل كتير الحمد لله، خالص الوجع خف جدًا عن الأول وبقيت كويسة..
نظر لها بحنان وهمس:-
– يارب دايمًا في أفضل حال..
– بصي يا ستي هنغير العلاج وهنقلله كمان وهنتبع التعليمات دي، نقدر نتمشى وننزل الجنينة نغير جو وزي ما قولت أهم حاجة النفسية تبقى تمام..
– أنا تمام جدًا يا دكتور وأخيرًا هقدر أشوف الجو برا أنا بصراحة اتخنقت من جو المستشفى أووي.
همس بداخله وأعينه تكاد أن تُخرج قلوب من طفولتها:-
– سلامتك من الخنقة يا قلبي..
لاحظ عُدي حالته فابتسم وقال بمرح:-
– مش يلا يا عريس علشان نتكلم في موضوعنا..
التفت عُبيدة وهو ينظر بغيظ له بينما الكلمة فنزلت على قلب مِسك كصاعقة هزت كيانها ودق قلبها بعنف جزعًا..
تسائل العمّ سيد:-
– هو دكتور عُبيدة هيتجوز ولا أيه..
أجابه عُدي بحُسن نية:-
– خلاص دكتور عُبيدة ناوي يُخطب ويكمل نص دينه..
قال العمّ سيد بصدق:-
– ألف مبروك يا ابني ربنا يتمم بخير ويسعدك يارب.
وقالت الخالة فادية بطيبة:-
– ألف مبروك يا دكتور عُبيدة ربنا يسعدك يا ابني تستاهل كل خير..
شعرت مِسك بنغزات ألم بقلبها لتحاول التماسك لتلحظ غصون تبدل حالها فتعجبت من ملامح الألم التي ارتسمت على وجهها..
همست مِسك بداخلها:-
– أيه يا مِسك إنتِ كنتي مستنيا أيه .. محصلش حاجة علشان تزعلي .. إنتِ مجرد مريضة مش أكتر وهتعدي فترة علاجك وهتمشي وتنتهي القصة ولا هو علشان بيعاملك كويس وبيهتم بيكِ زي الأطفال هتفهمي غلط .. ما هو علشان إنتِ مريضة وهو دكتور..
انسي يا مِسك فترة وهتروح لحال نصيبها وهتنسي..
زي ما اتفقنا هتفتحي صفحة جديدة مفيهاش وجع وألم..
هتتعلمي جديد وتهتمي بنفسك وتحبيها..
فوقي فوقي يا مِسك…
افاقت من حالتها واغتصبت إبتسامة على فمها وقالت بغصة:-
– ألف مبروك يا دكتور ربنا يتمم بخير..

وقف عُبيدة مصدوم وأدرك أنها قد فهمت خطأ، نظر لعُدي بغضب ليبتسم الأخير له .. ليزجره بنظراته وكأنه يقول له..
سنتحاسب على هذه عُدي..
أنا مجنون وسأفعل أي شيء ولا أحد يستطيع توقع ما أفعله..
نظر عُبيدة بتصميم وردد:-
– مينفعش تقولي مبروك دلوقتي يا عمّ سيد..
تعجب العمّ سيد من جملته ولم يستطع فهمه فتسائل بعدم فهم:-
– تقصد أيه .. مش فاهم يا ابني!!
– أقصد لما حضرتك إنتَ والآنسة مِسك تقولوا رأيكم..
– رأينا في أيه.. أنا مش فاهم حاجة!
– أقصد إن كنت هفاتح حضرتك في إن طالب إيد الآنسة مِسك وكنت متكلم مع باشمهندس عُدي..
وقف الجميع مندهشين وعُدي الذي لا يُصدق جنونه أيضًا..
تنهد عُبيدة وقال بحسم:-
– على سنة الله ورسوله يشرفني أطلب إيد الآنسة مِسك.
ساره نيل 
يتبع…


الفصل السابع عشر من هنا 





بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-