رواية حب فوق الغصون الفصل الرابع عشر 14 الخاتمه 2بقلم سارة نيل




رواية حب فوق الغصون الفصل الرابع عشر 14 الخاتمه 2 بقلم سارة نيل 








 غصون14

-الــــخــــــاتـــمـــة- ج2
سريعًا أتىٰ يوم الجمعة مليء بأحداثه المُثيرة، كان التوتر يُحيط بغصون من كل جانب بينما عُدي فكاد أن يُحلق فرحًا ويتسارع مع الوقت ليمرُ سريعًا..
غصون جميلة رقيقة كأسمها لا حاجة لها بأدوات الزينة ومساحيق التجميل يكفيها جمالها ونقاءها الداخلي الذي طُبع على ملامحها فعكست براءة وجمال فطري..
لكن من صور العناية بنفسها روتين تقوم به كل جمعة من كل أسبوع .. تفرك خليط من السكر والعسل على وجهها ويديها كمقشر طبيعي تليه ببعض الماسكات..
جلست تقرأ سورة الكهف بتأني وخشوع ثم بعد إنتهاءها تنهدت وهي تقول:-
– يارب أنا كل إعتمادي عليك خليك معايا زيّ كل مرة، أنا بطمن وأنا معاك يارب، دلني وأرشدني للطريق الصحيح ونور بصيرتي يا أرحم الراحمين ..
من صور البر بأبنائي في المستقبل إن أختار لهم أب وراعي صالح يارب، أرزقني بالصالح والقائد إللي يربي جيل نافع ينفع أمة حبيبك محمد ويعنّي على طاعتك ويكون خير داعم وسند ليا..

 

 

تنهدت ثم أكملت:-
– كدا أنا خلصت كل حاجة…
– غصون إنتِ يا بت .. شوفوا البت بتهرب إزاي!
ضحكت حين سمعت تذمر والدتها فخرجت وهي تقول:-
– خير يا هدهد زعلانة مني ليش..
– يلا يا أختي بلاش شغل الدلع ده على أوضة الصالون إفرشي السجاد وامسحي القزاز يا هانم يلا معدش في وقت..
– أنا مش عارفة إنتِ هالكة نفسك ليه والله، وليه التعب ده أدي أنا بكره الموضوع ده علشان شغل شيل وحط ده … ماله بيتنا زي القمر أهو مش محتاج نضافة..
– اللهم طولك يا روح .. بطلي لماضة يا ست غصون واعملي إللي قولت عليه.
انحنت على رأس والدتها تُقبلها ورددت:-
– عيوني لكِ يا هدهد .. حكم القوي على الضعيف بقاا.
– طيب يا ست الضعيفة خلصي وانقلي على المطبخ اعملي العصير..
قالت غصون من داخل الغرفة:-
– حاضر يا هدهد حاضر..
انقضى الوقت سريعًا ونفذت غصون ما كلفتها به والدتها ثم فور أذآن العصر توضأت وأدت فرضها بإطمئنان مُحاولة تهدأت التوتر الذي هاجمها..
– يارب لا تتركني يا الله.
أخرجت من خزانة ملابسها دريس أبيض اللون مُطرز يدويًا عليه من أسفله للركبة غصون زيتونية يخرج منها ورود صغيرة، وعلى صدر الرداء نقوش من ورود رقيقة تم حياكتها يدويًا أيضًا وعند الخصر حزام رقيق من لألىء من البلور..
ختمت طلتها بإرتداء حجاب طويل أبيض اللون أيضًا وأسفله حجاب سوري مماثل للونه، ثم وضعت حول معصمها إكسسوار بسيط متراص به زينة على هيئة أحجار صغيرة لامعة تحمل ذات اللون الأبيض المفضل لديها..
كانت طلتها تشع نقاءً وجمال فطري غير ملوث بمساحيق التجميل وإنما قلبٌ مليء بالإيمان والطاعة انعكس على ملامح وجهها..
بعد مرور وقتٍ قليل سمعت طرق الباب فعلمت أنه أتىٰ..
ظلت تجوب الغرفة ذهابًا وإيابًا بتوتر بالغ وقد احمرت وجنتيها..

 

 

– يارب يارب متوترة أووي .. وقلبي بيدق بسرعة ومش عارفة أعمل أيه، مش بقدر أتحمل المواقف دي صدقًا بتبقى صعبة عليا .. بس إن شاء الله هتمر بلطف ربنا..
وقف أمام المرآة تتنفس بهدوء وقالت تحث نفسها على الثبات:-
– إهدي يا غصون وخليكِ ثابتة كدا .. هتعدي إن شاء الله إنتِ أقوى من كل المواقف دي..
يااه نسيت كل حاجة كنت محضراها علشان الرؤية الشريعة يا خسارة على الساعات إللي قعدت أسمع فيها الدكتورة هالة ودكتور محمد الغليظ..
هدخل مش هعرف أنطق أنا عارفة أنا بكما ومش وليدة اللحظة لا .. لازم أكون محضرة كدا ..
سحبت دفتر من على مكتبها وفتحته وأعينها تمر على بضع صفحات كانت الصفات التي تدعو بها الله وتتمنها لزوجها المستقبلي..
– يارب أنا عارفة إن الطريق صعب وإن إللي أنا عيزاه صعب شوية في الزمن ده .. لا الزمن ملهوش ذنب .. الذنب كله علينا..
مش إنت بتقول يارب ومن أراد مرادي أردت ما يُريد ومن ترك لأجلي أعطيته فوق المزيد، أنا مش عايزة أتبع هوى نفسي يا الله أنا بس عايزة أرضيك ومش عايزة أعمل حاجة تغضبك يارب .. أنا عارفة إن البدايات بتبقى صعبة في كل حاجة .. أنا عايزة النهاية تكون مشرقة وإن كانت البداية مُحرقة ودا مش هيحصل ألا بعونك يارب..
أرشدني للطريق الصح ..
اللهم رفيق يأخذني إلى طاعتك، سند صالحًا يا الله إذا اعوجّت الخطوات أقامها.
أنا واثقة بإللي هيجي من عندك يارب، أنا عندي يقين إن خيرك قادم ولطفك شاملي..
اللهم اختر لي ولا تُخيرني، دبر أموري فأنا لا أُحسن التدبير.
سمعت طرقات على باب غرفتها فعلمت أنه حان الوقت..
دخل والدها وقال بإبتسامة حانية:-
– يلا يا غِصن تعالي يا حبيبتي.
وأمسك بيدها بحنان وحب أبوي لتظل تحمد الله على نعمة والدها، كم تشعر بالآمان وهو بجانبها .. اللهم إن هذا أبي عيني الثالثة ومأمني وضلعي الذي لا ينكسر فاحفظه ولا تدع سوءً يمسه..
تنفست بهدوء وهي تدخل الغرفة بجانب والدها لتقابلها عطره الذي ملء ذرات الهواء فيدق قلبها بقوة ثائرًا اخرسته بإستغفار خفي، وقالت بهدوء:-
– السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لم يستطيع أن يصوب أنظاره تجاهها، لمح هيئتها بطرفٍ خفي فكانت شرارات النقاء تتناثر من حولها..
تنحنح ورد السلام بنبرة خشنة:-
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جلست غصون بمقعد مقابل لكنه ينأى بعيدًا بأحد الزوايا، ابتسم والدها وقال:-
– بشمهندس عُدي يا غصون، ودي ست البنات كلهم وحبيبة أبوها غصون يا عُدي .. أسيبكم أنا بقى علشان تتعرفوا على بعض..
وخرج والدها تاركًا الباب مفتوحًا وساد الصمت الأرجاء..
كانت تفرك أصابعها بتوتر وقد جف حلقها كصحراء جرداء وتُردد سراً ببعض آيات القرآن والذِكر وهي خافضة رأسها لم تجرؤ على رفعها..
بينما ابتسم عُدي ورفع رأسه تجاهها قائلًا بهدوء:-
– إزيك يا آنسه غصون عاملة أيه وأخبارك..

 

 

ردت بصوت منخفض هادٍ:-
– أنا الحمد لله بخير الحمد لله..
للمرة الأولى ينظر لها مباشرةً فأخفض عينه وأبعدها وهو بالكاد يُسيطر على هدر قلبه السعيد ..
أجلى صوته وهو يحاول كسر هذا الحاجز وقال:-
– أكيد إنتِ تعرفي عني المعلومات العامة بس إللي تخص الشغل .. أعرفك بنفسي أكتر..
أنا عُدي الحصري عندي ٣١ سنة وبقالي ٥ سنين مسافر برا أنا ووالدتي لأن كنت بشتغل في شركة وحاليا استقرينا في مصر واشتغلت زي ما إنتِ عارفة في شركة بشمهندس مدحت..
والدي الله يرحمه متوفي ومليش ألا أمي الله يبارك في عمرها…
– الله يرحمه يارب .. وربنا يبارك في عمرها..
– اللهم آمين، دا تقريبًا كل حاجة عني بصورة عامة، موصفات الزوجة بالنسبة ليا وعلى رأس مواصفاتي الدين.. تكون ذات خُلق ودين وتكون زوجة صالحة نكمل بعض وناخد بإيدي بعض لكل خير..
أعجبت غصون بهذا جدًا فهو يُشاركها تلك النقطة..
لكن هناك سؤال يلوح في عقلها تُريد معرفة إجابته وتعلم أن المقام ليس مُناسب له ولن تستطيع حتى طرحه، لكن الفضول يُثير عقلها به ..
لماذا هي؟! .. لماذا يُريدها هي بالتحديد؟!!!
تسائل عُدي بصوتٍ رخيم:-
– أيه هي المواصفات إللي بتتمني تكون موجودة في زوجك المستقبلي .. يعني نفسك يكون إزاي .. اتفضلي إسألي أي سؤال ..
وابتسم ثم أكمل بمرح:-
– أنا جاهز لأي إختبار يا آنسة غصون..
نمت على شفتيها إبتسامة ندية وأردفت بينما عُدي فانتبه بكل حواسه لها:-
– في الأول وأهم حاجة يكون همه الأول رضا الله .. يكون بيخاف من ربنا سبحانه وتعالى وبيخاف من غضبه لأن لو خاف منه وكان ربنا الأول في حياته عمره أبدًا ما هيزعلني وهتكون حياتنا أكتر من سعيدة..
يكون أعلى وأفضل مني دينًا وخُلقًا وأخلاقًا وياخد بإيدي لفوق ويساعدني على طاعة الله عز وجل ونتسابق فيها أنا وهو.. نفسي يصحيني كدا نصلي ركعتين قيام ويكون هو إمامي ويقومني لصلاة الفجر ونقرأ القرآن سوا ويسألني عليه عالطول .. لما أغلط في حاجة أرجعله ويدلي برأيه ويرشدني للطريق الصح ويكون رأيه أثق فيه..
يكون حليم وطيب القلب لين وهيّن عليا ومهتم لكل شيء يخصني..

 

 

أكيد الحياة مش بتفضل على وتيرة واحدة وبيبقى في منغصات كتير .. بس حتى نفسي وقت الغضب يكون حليم وحتى لو غضب مني ميعديش يوم ألا وكل حاجة عدت معاه وانتهت .. يُعاملني بالحُسنىٰ، ويَدفع أذى الدُنيا عني بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ..
لم تُدرك أنها كانت تتحدث بحماس شديد وقالت كل ما بجعبتها..
بينما عُدي فكان يستمع لها بقلبه قبل أذنه .. وكلما قالت جُملة ازدادت وتوسعت إبتسامته وأيقن أن الله قد رزقه رِزق واسع وأنها نعمة تستحق الحمد..
لم يستطع التعليق على هذا الجمال سوى بقوله..
– ربنا ينفع بيكِ يارب .. طب عندك أي استفسارات أو أي أسئلة..
شعرت بالحرج قليلًا وقالت وهي تعلم أن الآتي لا ينال إعجاب الكثير:-
– أتمنى وبطلب من ربنا إن فترة الخطوبة ألتزم فيها بضوابط الخطوبة قدر الإمكان، علشان حياتي بعد كدا يكون كلها بركة، يعني مش عايزة أغضب ربنا في أقل الحاجات .. الطريق صعب وعايز قوة وعزيمة واستعانة بالله..
لأن فترة خطوبة لا تُرضي الله يبقى حياة زوجية لا تُرضي الزوجين..
إزداد إعجابه وتضاعف تعجبه منها .. حقًا تلك الغصون نجحت في إثارة عجبه..
همس سرًا:-
– دا إنتِ بحر ملوش حدود يا غِصن القلب، تستاهلي كل خير والله إنتِ كتير عليا..
قال عُدي:-
– ربنا يزيدك ويثبتك كمان وكمان .. دا الشيء الطبيعي والمفروض بس للأسف المجتمع شوه الصورة الطبيعية للخطوبة وابتدعوا حاجات الله المستعان .. الدين بريء منها..
وأكمل سرًا:-
– لازم أحافظ عليكِ يا أغلى جوهرة علشان متحرمش منك في الحلال وأحميكِ من نفسي من نظرة أو كلمة علشان متعاقبش بيكِ أو فيكِ .. وإن شاء الله مش هفتح باب للشيطان وهستعين بالله ومتيقن إن هيعيني..
تسائلت غصون هذه المرة:-
– لو حبيت أكمل تعليم في مجالي أو اشتغل وأطور من شغلي وابني كياني دا بالنسبة لك في مشكلة..
– أبدًا ومليش أي حق أمنعك من التعليم أو تحقيق حلمك طالما بما يرضي الله بل هقدملك كل السُبل إللي تساعدك وتدعمك إن شاء الله.
ابتسمت غصون وحركت رأسها بإيجاب، فتسائل عُدي:-
– طب أيه هي هوياتك بتحبي تعملي أيه في وقت فراغك وحلمك أيه.؟
– طبعًا أنا شغوفة جدًا بالتصميم وتخصصت فيه ودخلت المجال عن حب واقتناع بحب أصمم جديد وابتكر كمان بحب أنفذ النماذج إللي بصممها بإيدي لأن بحب الخياطة كمان أوووي ..
كمان بحب القراءة أووي في مجالات متنوعة وبقرأ في أوقات فراغي..

 

 

نفسي أحقق حلمي وهو إن أوصل رسالة لكل مسلمة في العالم إن الحجاب والحشمة عمرهم ما يمنعهم يظهروا بمظهر راقي وجميل، وأتمنى أقدم نماذج مختلفة وأنفع بمجالي كل بنات المسلمين .. أتمنى إن ربنا يستعملني ولا يستبدل بيا.
للمرة التي لا حصر لها تدهشه ولا يعلم كيف تفكر غصون! ويقف عاجز بالرد عليها..
تشعر أنه شيء في وجهة نظر البعض بسيط لكن بالحقيقة هذا هدف عظيمٌ جدًا ينم عن عقل واعٍ وقلب مُحب لله بصدق…
أطرق برأسه وقال بفخر:-
– إنتِ تستاهلي كل خير وبدعي ربنا إن يحققلك كل إللي تتمنيه..
ابتسمت وتسائلت بعدما بحثت بعقلها عن النقاط التي تريد السؤال عليها:-
– طب أخبار صلاة الجماعة أيه معاك .. وصلاة الفجر؟
تنهد وقال بصدق:-
– الحمد لله بفضل الله وحده هُديتَ إليهما اطمئني.
– الحمد لله.
دخل والدها وهو يتنحنح فأخفضت رأسها ثم خرجت على الفور بعدما طلبت الأذن..
اعتدل عُدي وجلس والد غصون يتحدثون عن بعض الأمور بعض الوقت ..
– عن إذنك يا عم عبد القادر هستأذن أنا بقى.
– مستعجل ليه يا ابني ما أدينا قاعدين.
– مرة تانية إن شاء الله..
– خير إن شاء الله يا عُدي..
ابتسم عُدي وقال بلهفة:-
– أنا هستنى رأي الآنسة غصون وادعيلي بقى يا عمي.
ضحك والد غصون على لهفته وتعجله وقال:-
– الله يكون في عونك يا عُدي والله إنتَ صعبان عليا ربنا يقدم إللي في الخير يارب..
ابتسم عّدي في حرج وجذب خصلاته للخلف ثم استأذن للرحيل وهو يقول:-
– يارب .. عن إذنك يا عمي السلام عليكم.
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أغلق الباب من خلفه ووقف يقول:-
– بجد الولد صعبان عليا غصون بنتي هتبهدله أحلى بهدلة.
٠•✦||ــــــــــــــــــ بقلم/سارة نيل ــــــــــــــــــ||✦•٠

 

 

من بين الأجهزة الطبية والأدوية المختلفة والسكون الذي يعم أرجاء المشفى..
كان جسده مُمدد على الفراش يصارح الموت من غير وحول ولا قوة، يئن ألمًا وحسرةً وهو في عالم موازي..
من بين بين همساته الخافته وتمتماته الغير مفهومة استطاعت المُمرضة أن تفهم بعض الكلمات وتفك شفراتها وهي:-
– غصون … أنا عايز أشوف غصون .. جيبوها..
خرجت الممرضة وأخبرت أهله برغبته لينظر الجميع إلى بعضهم البعض بتعجب لكن بالنهاية قرروا تنفيذ رغبته..
وعلى أعتاب المشفى كان مجموعة من ضباط الشرطة يهرولون للداخل بصحبة “صبا” التي كانت تنازع واستقبلها الأطباء ليحاولوا إنقاذ ما يمكن إنقاذه…
بينما على بُعدٍ منهم بزنزانة منفردة كانت أسيل تلف بها بجنون وتصدم رأسها بالحائط تارة وتجذب رأسها تارة أخرى وتضحك بشكل مُخيف يُثير الذعر في النفوس..
أخذت تسير ذهابًا وإيابًا وهي تضرب الأرض بأقدامها وتضع يديها على رأسها..
اتسعت أعينها وهي تقول بجنون كمن مسه جان:-
– غصون … غصون … إنتِ لازم تموتي!
٠•✦||ــــــــــــــــــ بقلم/سارة نيل ــــــــــــــــــ||✦•٠

يتبع…





الفصل الخامس عشر من هنا 





بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-