رواية حب فوق الغصون الفصل السابع 7 بقلم سارة نيل




رواية حب فوق الغصون الفصل السابع 7 بقلم سارة نيل 





 -الحلقة السابعة- ‘7’
سمعته بينادي بإسمها بصوت منخفض فأغمضت عيونها جامد ولم تستدير أو حتى تُجيب..
عندما لم يجد منها رد أدرك أنها تتحاشى الحديث معه بعرض الطريق وعاتب نفسه على ذلك، فاستدار هو الأخر مُعطيًا ظهره لها وقال وهو على حاله:-
_مينفعش تروحي لواحدك في وقت زي ده والمكان بعيد، ممكن أوصلك أو أركب معاكِ التاكسي لغاية ما توصلي بيتك.
اتصدمت من كلامه بس أدركت إن دا مجرد موقف شهم منه ولو كان أيّ شاب ابن ناس مكانه كان موقفه هيبقى زيّه..
قالت غصون برفض تام ومازالت على حالتها:-
_شكرًا يا بشمهندس مينفعش بأي شكل من الأشكال أركب مع حضرتك ولا تركب معايا التاكسي دا كمان ميصحش، ربنا هيسهلها وهقدر أروح لواحدي .. كمان مينفعش أقف اتكلم معاك في الشارع عن إذنك..
وسارت بعض خطوات مبتعده عنه لكن ظلت تحت أنظاره، لم يغضب ولم تثار حفيظته بل ابتسم بخفة وسار نحو سيارته وهو يقول:-
_شاطرة يا غصون الحب في قلبي، بس شكلك عنيفة أوي على العموم نقف نستنى لغاية غِصن ما تركب ونطمن إنها وصلت بخير.

ركب سيارته وظل منتظر بها وهي منتظرة سيارة أجرة، لمحته وهو داخل السيارة ولم يرحل فابتسمت في الخفاء..
أشارت سريعًا لسيارة أجرة سائقها رجل مُسن فتوقف لها وركبت لينطلق بعدما املته العنوان…
بينما تحرك عُدي خلف السيارة، سندت رأسها على زجاج الشباك ولمحته من المرايا وهو وراها وظل يسير خلفها حتى توقفت سيارة الأجرة أمام منزلها ليتوقف بعيدًا وهو يشاهدها تترجل من السيارة..
التقطته قبل أن تدخل فتبسمت وصعدت بحماس..
بينما هو فدار بسيارته عائدًا لمنزله، وردد وهو يتنهد:-
_الحمد لله سلامتك يا غِصني كدا أنا إرتحت..
**********************
_أخيرًا شرفتي يا ست غصون..
_هو أنا غبت يا هدهد، أنا جيت عالطول أهو..
قالتها وهي تقبل وجنتها لتلكزها والدتها بكتفها، وقالت بتذمر:-
_شاطرة تتصلي بأبوكِ وأمك تنسيها خالص كدا..
_اللاه إنتِ زعلتي يا بيضة، بس على فكرا أنا قولت لعبدو يقولك لأن الوقت كان متأخر..
_يلا مش مشكلة المهم قوليلي مِسك عاملة أيه يا غصون بقت بخير.
_الحمد لله يا ماما العملية نجحت والدكتور طمنا وقال إنها هتكون بخير..
_يارب يا بنتي ربنا يتمم شفاها على خير، وقوليلي جيتي من برا تجري على البلكونة ليه كدا..
أخذت غصون تُبدل ملابسها وتُبعد خمارها ثم تحرر خصلاتها وقالت بهدوء:-
_كنت بشوفه مشى ولا لا.!
ضربت هُدى على صدرها بدهشة وتسائلت بصدمة:-
_هو مين ده يا غصون إللي مشى وكمان جاي لغاية هنا..
جلست غصون على فراشها وسحبت والدتها من إيديها وقالت:-
_تعالي يا هدهد وأنا أحكيلك..
وبدأت تحكيلها على كل حاجة من بداية أزمة عمّ سيد ومشكلته مع الفلوس لغاية ما وصلت هنا..
قالت هدى بسعادة:-
_الله يبارك في إللي ربيته يا بنتي والله الدنيا لسه فيها خير يا غصون ربنا يكتر من أمثاله.. فعلًا ابن حلال ومسابكيش ألا لما وصلتي البيت في وقت زي ده .. ربنا يسترها معاه دنيا وآخره..
_أيوا عندك حق يا ماما .. نادر لما حد يقف الواقفة دي مع غيره .. أنا أسأت فيه الظن في البداية وقولت إنسان أناني ميهموش مصايب الناس وفي الأخر ووقت ما كنت بقول كدا كانت مِسك في العمليات بعد ما ربنا سخره لها، ربنا يسامحني على ظني ده
_إن بعد الظن إثم يا غصون ومش لازم كل حاجة نشوفها نصدقها، الظواهر ساعات بتبقى مش حقيقية لأن محدش عارف ظروف حد .. لقدر الله لو مكانش معاه المبلغ ده أو لو مقدرش يعمل إللي عمله يبقى هو كدا إنسان مش كويس..!
لا يا بنتي مش كدا أبدًا وربنا أعلم المبلغ إللي دفعه ده وصله بتعب قد أيه ولا ضحى بأيه علشان يوصل للي وصله.
قالت غصون بندم وهي زعلانة من جواها على تفكيرها:-
_عندك حق يا ماما أنا اتسرعت في حكمي .. أصلًا إحنا مش لنا الحق نحكم على حد بس دا كان من حزني على عمّ سيد وقلة حيلتي غير المُحيط إللي أنا جواه والطبقة دي فيهم طبائع مش كويسة خالص يا ماما…
بيكرهوا بعض وبيكرهوا إللي أحسن منهم وفيهم إللي بيدوس على الناس الغلابة وبيحتقروهم مش عارفة أيه السبب .. مش إحنا كلنا خلق الله وبشر زيّ بعض ومفيش فرق عند رب العالمين ألا بالتقوى والعمل الصالح..
ليه الحقد والكره إللي بقى في نفوس بعض الناس ده يا أمي وليه الناس مش بتساند بعضها وتحب لغيرها الخير..
ليه كل واحد مش في حياته وبس ولازم يدخل في حياة غيره ويتابعها.. تعرفي لو كل واحد وفر جهد متابعة غيره ده لتعديل حياته والإهتمام بيها مكانش الحال بقاا الحال..
تلاقي بعض الناس مهتمة بإللي لسه ربنا مرزقهاش بالزوج الصالح وإللي ربنا رزقها واتخطبت وطولت شوية في الخطوبة بردوة مش عاجب ويقولولك دي طولت أووي
وإللي تتجوز وربنا ميرزقهاش بالذرية أو تتأخر بردوة مش بتِسلم من كلامهم وحتى لو خلفت تسمعي كلام غريب .. شوفي دا خلفتها كلها بنات .. شوفي دا خلفتها ولاد ومخلفتش بنات ..
بقى حالنا يحزن القلب والله.. الناس بتنهش في بعضهم يا أمي وكأننا مش أمة واحدة..
بعض الناس عينوا نفسهم القاضي والجلاد وبقوا يحكموا على غيرهم بأحكام غريبة بقوا يحطوا قوانين على حسب هواهم .. إللي خلصت جامعة وماتخطبتش .. ربنا بقى يعوض عليها لأن كدا خلاص فاتها قطر الجواز الرهيب إللي بيقولوا عليه .. إللي تتم خمسة وعشرين سنة خلاص دخلت في فئة العوانز يا حرام…
ليه مش بيفهموا إن رزق الله وما بيده لا يُوزع بقوانينهم المريضة..
تعرفي يا أمي أنا بحمد ربنا ومرتاحة وقلبي مطمئن إن رزقنا بيد الله وحده ومش بإيد حد من البشر أو في إيدينا إحنا شخصيًا ..
فضلت والدتها تسمع كلامها بفخر والدموع في عيونها، كلام غصون كله صحيح ولا غبار عليه، ربنا رزقها بغضون فقط ولم تُرزق غيرها بس عوضها فيها عن كل حاجة..
رزانة عقل وحكمة وأدب ودين وقلب نضيف .. غصون هي كنزها الثمين…
سحبت رأسها وحضنتها وقالت بكل حنان:-
_يزيدك من عنده يا ست البنات .. ربنا يبارك فيكِ يا حبة عيني، الخير موجود يا بنتي والشر بردوة موجود وكلنا مُعرضين للغلط وباب التوبة مفتوح بس إللي يرجع ويتوب وربك غفور ورحيم ..
تعرفي يا غصون أنا بدعي بأيه .. أنا نفسي ربنا يعينك كدا وتغيري المكان إللي إنتِ فيه .. تعرفي الناس إللي فيه مش وحشين بس هما تايهين بس ومش عارفين الطريق ويمكن ربنا بعتك المكان ده علشان تغيري وتصلحي ما يمكن إصلاحه..
_أنا لولا ستر ربنا عليا يا أمي، دا فضل من الله وربنا يقويني ويستعملني ولا يستبدل بيا وأقدر أفيد..
_يارب يا حبيبتي … آآآه صحيح نستيني يا بت يا غصون عن إللي كنت هقولهولك..
_خير يا ماما..
_غيري هدومك وصلي العشا على ما أجهز الأكل تاكلي لقمة علشان أبوكِ عايزك في موضوع..
_خير يا ماما .. هو بردوة قالي وأنا بكلمه..
_كل خير يا غصون بس يلا خلصي وتعالي متغبيش..
_حاضر يا ماما أنا بردوة واقعة جوع هاكل وأظبط بكوباية شاي بلبن علشان قدامي سهرة طويلة على تصميم قلبوظ.
_خلاص يا أخت المصممة هنعطلك عن أعمالك..
_أنا عنيا لكِ يا هدهد..

خرجت والدتها وهي توضأت وبدأت تصلي العشاء بهدوء وخشوع وتدعو بكل ما يملىء قلبها وما تتمناه وما تخشاه وهل التضرع والتذلل إلى غير الله يُجدي..
انتهت من صلاة العشاء بسنتها ثم بدأت تردد أذكار ما بعد الصلاة وبعض الأذكار التي جدولتها في مُخطط..
مثل الصلاة على النبي عقب كل صلاة عشرون مرة وتدريجيًا يتزايد العدد بالإضافة إلى وِرد صلاة على النبي مع أذكار الصباح والمساء وفي أوقات الفراغ والمواصلات..
وهكذا مع الحوقلة والإستغفار وذكر الله..
قالت بإرتياح وهدوء وقلبها مليان سكينة:-
_ااه الحمد لله أنا كدا مرتاحة جدًا..
مسكت فونها وفتحت الكاميرا وضغطت على زر تسجيل الفيديو وبعدها تنحنحت وقالت وهي قدام الكاميرا:-
_الحمد لله .. شوفي يا غصون السكينة والطمأنينة إللي جواكِ دي عمرك ما هتحسِ بيها ألا وإنتِ مع ربنا وجمبه.. أنا حقيقي مش ببقى فرحانة ألا وأنا مع ربنا.. بالي بيبقى مرتاح وحاسة من جوايا بهدوء وارتياح وعندي طاقة أهد جبال..
دي مش شطارة منك يا ست غصون دا فضل ومِنة من ربنا لازم تشكريه عليها دايمًا..
وصحيح لازم نعمل خطط جديدة وتتعودي على عبادات جديدة ..
النهاردة كان يوم مُميز جدًا ومليان برحمة ربنا وعطاياه.. مِسك بنت عمّ سيد بقت بخير والمشكلة اتحلت..
وإياكِ يا غصون تبقي سيئة الظن في حد تاني دعي الخلق للخالق يا غصون يا وحشة..
أنا فرحانة إن لسة موجود حد بالخير ده وبعتذر من كل قلبي للإنسان ده أنا مدينة بإعتذار له..
احمرت وجنتيها بخجل وتأملت وجهها بالكاميرا ثم ابتسمت وأغمضت عيناها هامسة بنبرة مُحبة بحروف اسمه دون أن تشعر:-
_عُـــــــــــــــــدي…
_غــــــــــــصـــــــــون إنتِ يا بنتي اتأخرتي كدا ليه .. بتعملي أيه جوا كل ده..
فور أن سمعت والدتها وأدركت ما قالته سقط الهاتف من يدها بذعر..
_أيه إللي أنا بعمله ده..
أغلقت تسجيل الفيديو ثم خرجت وهي تقول:-
_أنا جيت أهو يا هدهد، هاا عاملة أكل أيه النهاردة..؟
عيونها لمعت أول ما وقعت على المكرونة البشاميل على طاولة الطعام المستديرة..
جلست وهي تُشمر عن ساعديها وترفع خصلاتها المُموجة بدبوس شعر..
_يا سلام مكرونة بشاميل يا هدهد .. كدا أحبك موووت.
_بت بتاعة مصلحتها وبس .. شوف البت علشان بطنها تقول كدا أحبك..
قال الحاج عبد القادر والد غصون وهو يدخل وبيده كيسٌ صغيرة:-
_سيبك منها يا هدهد ولا تزعلي نفسك خالص، أنا يا ستي بحبك من غير أي حاجة وشوفي جايبلك أيه!!
ابتسمت هدى بسعادة وقالت:-
_حمد لله على السلامة يا أبو غصون..
أخذت الكيس من يده لتجد أعواد العسلية التي تحبها، لمعت أعيونها وشعرت بالسعادة فعلى الرغم من أنه يبدو شيئًا بسيطًا إلا أنه بالنسبة لها عظيمٌ جدًا لكونه دائمًا يتذكر ما تُحب ويحضره لها..
_تسلم إيدك يا غالي عليا تعيش وتجيبلي…
تنحنحت غصون وقالت بصوت مرتفع:-
_أحممم نحن هنا يا عصافير .. ولا أما أكل أحسن بسم الله الرحمن الرحيم..
ضحك والديها وهم يجلسان حول المائدة، وقال والدها:-
_أيه مزعلك كدا بس يا غِصن .. ابقي إديها عسلية يا هدهد..
رفعت أكتفها وقالت بمرح:-

_لا وهزعل ليه يا حاج عبدو ربنا يديم المحبة، خلي العسلية بتاعتك يا هدهد بالهنا على قلبك..
ضحك الجميع وتناولوا الطعام في جو مليء بالدِفء والوِد يُبهج النفس كان له أثر بتكوين شخصية غصون المستقيمة
فرغوا من طعامهم وتمتموا بالحمد..
قال الحاج عبدو براحة بال:-
_الحمد لله الذي أطعمني هذا وسقاني من غير حولٍ مني ولا قوة..
وهكذا رددت هُدى وغصون..
لعقت غصون أصابعها قالت:-
_لذيذة يا هدهد تسلم إيدك ويديمك لنا..
قالت هدى بإمتعاض على لعق أصابعها:-
_بردوة مش هتبطلي بعد الأكل تاكلي صوابعك كدا وتمُصيها..
ابتسمت غصون وقالت بتفهم:-
_إنتِ تعرفي يا ماما إن بعد ما الرسول صلّ الله عليه وسلم كان بعد ما يخلص طعام كان يلعق أصابعه الثلاثة وكان يأمر بلَعق الأصابع وسَلْتِ الصّحْفة إللي هي الطبق..
دا خبر صحيح رواه مسلم وحكاه كعب بن مالك رضي الله عنه “رأيتُ رسول الله ﷺ يأكُل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لَعِقها”
يعني الحركة إللي بعملها دي سنة عن الرسول صلِّ الله عليه وسلم..
تمتمت هدى:-
_عليه أفضل الصلاة والسلام ربنا يزيدك يا غصون فعلًا مكونتش أعرف المعلومة دي يا بنتي..
_ولا يهمك يا هدهد أي خدعة..
وخليكِ يا ماما أنا هلم الأطباق واغسلهم وأعمل الشاي وهاجي طيارة..
قال والدها:-
_متتعبيش نفسك يا غصون إنتِ طول النهار واقفة على رجلك..
_وماما بردوة مش بتقعد يا بابا .. دي حاجة بسيطة هخلص وأجي عالطول..
قالت هدى بحنان:-
_ربنا يباركلك يا غصون..
وخرجوا بالشرفة وجلسا يتسامران إلى أن تأتي بأكواب الشايّ..
بينما غصون جمعت الأطباق وقالت وهي بترفعهم:-
_ “الحمد لله كثيراً طيباً مباركاً فيه، غير مَكْفيٍّ ولا مُودّعٍ ولا مُستغنىً عنهُ ربّنا.”
وقامت بغسلهم ورصت أدوات المطبخ بترتيب ثم أعدت كوبان شاي لوالديها وكوب شاي بالحليب لها وحملتهم للشرفة….
_وأدي قاعدة .. الشاي يا جلالة الملك الشاي يا جلالة الملكة..
_بطلي لماضة يا بت..
_أديني سكت..
أجلى والدها صوته وقال بهدوء:-
_الموضوع إللي كنت قولتلك عليه يا غصون، لقيت إتصال من واحد بيقول إن بيشتغل في الشركة إللي بتشتغلي فيها أسمه حازم حكيم..
ابتسمت غصون وقالت بصدق:-
_فعلًا يا بابا أخد رقمك وقالي إن عايز حضرتك في شغل خشب بعد ما عرف إنك شغال في الخشب وأنا قولت خير رزق من عند الله..
_هو فعلًا اتصل عليا يا بنتي بس مكانش عايز شغل ولا حاجة..
عقدت غصون حاجبيها بتعجب وتسائلت:-

_أمال أيه .. مع العلم هو قالي كدا..
ابتسم والدها لصدق نواياها وقال:-
_استاذ حازم طالب إيدك ولقيته جاي لغاية هنا كمان، عرفنا على نفسه وحكلنا على كل أموره وكل إللي عنده وفي الأخر قلنا على اسمه بالكامل علشان لو سألنا عليه، وأنا قولت أقولك قبل ما نقرر أي حاجة..
توسعت أعين غصون بصدمة لتلك المفاجأة ولا تعلم لماذا أصابتها تلك الرجفة وهاجم عقلها طيفُ عُدي؟!
اهتزّ ثباتها ولم تدري بماذا تُجيب!!
حاولت إبتلاع ريقها الذي جف ورددت بتيهةٍ:-
_حازم..!!! يعني مش عارفة إتفاجأت جدًا..
طب إنتَ قولت أيه يا بابا ولا رأيك أيه..
قال الأب بعقلانية:-
_والله يا بنتي مبدئيًا الشاب واضح عليه ذوق ومحترم وكمان أول ما خرج من هنا سألت عليه كام واحد مِعرفة كدا ومحدش قال عليه كلمة وحشة، أُسرته كويسة، والده متوفي وهو بنى نفسه بنفسه .. دا يعني كسؤال مبدئي بس قولت الكلمة الأولى والأخيرة لكِ قبل ما يجي ويدخل البيت وتقعدي معاه..
قالت هُدى بخوف أم:-
_براحتك خالص يا غصون خدي وقتك حتى من قبل ما يجي، ومش هيضر يا بنتي لو جِه وقعدتي معاه وشوفتي هيبقى في قبول ولا لا وهترتاحي ولا لا..
وإنتِ قرارك في الأول والأخر إللي هيمشي ومحدش هيجبرك على حاجة..
كل ما تريده الآن الإنفراد بنفسها ومناجاة ربها تريد الإختلاء والإختباء عن الأعين..
تصنعت المرح وغصبت إبتسامة كاذبة على فمها قائلة وهي تسحب كوبها ثم تقف:-
_سيبوني أستخير رب العالمين وأستشيره وبعدين أرد عليكم.. يلا سلام عليكم يا أهل الخير..
هرولت لغرفتها وولجت بداخلها ثم أغلقت خلفها مستندة على الباب وهي تضع يدها على قلبها بأنفاس سريعة وأعين متسعة مترقرقة بالدمع..
خرجت للشرفة سريعًا تتنفس ثم رفعت رأسها للسماء وبمجرد ما نظرت إليها فاضت أعيونها بالدموع..
وقالت بستنجاد:-
_إلحقتي … أنا متلغبطة رتبني، أكيد في حكمة من كل ده صح!!
أنا خايفة من الوجع يا حنان، طب أقولك بالله عليك يارب لو الموضوع ده في شر أبعده من بعيد لبعيد من أقبل ما يدخل البيت .. لو مفيش نصيب ابعده بما شئت وكيفما شئت يارب من قبل ما يتسبب في جروح..
لو في شر اصرفه عني يارب ولو في خير قربه مني يارب..
أصلًا أنا مليش غيرك .. إنتَ كل حاجة، طب أقولك أنا أصلًا مليش حد أروحله واحكيله ومحدش هيفهمني زيك يارب العالمين .. إنتَ فاهمني من غير ما أتكلم صح..
إنتَ عارف سبب خوفي وبكائي دلوقتي إللي معرفش سببه وعارف إللي جوايا إللي أنا معرفوش صح..
إنت ركني الشديد وحبلي المتين يا الله..
إنت إللي فاهم غصون بالله عليك ما تسبني ولا تتركني إلى نفسي فتهلكني…
تعرف أنا هعمل أيه دلوقتي أنا هسيب الأمور كلها لك .. أنا بطلب منك يارب تتولى أمري وترتبه أنا واثقة في إللي عندك..
دبر لي أمري فأنا لا أُحسن التدبير يا الله …
ولم تُدرك من لهفتها في دعاءها وحديثها مع الله أنا تستحلفه بإسمه العظيم لكن الله رحيم جدًا وحنان على عبادة فليس هناك تكاليف في الحديث مع رب العزة

 

 

ادعو فقط بيقن ومن قلبك حتمًا الله يستمع لكل كلمة وكل همسة .. الله حبيبك … الله أقرب حد لك، فقط انظر للسماء.
توضأت وصلت ركعتان قيام ليل تلتزم بهم خلف صلاة العشاء للضمان لأنها قلما ما تستيقظ ليلًا فهذا أفضل من العدم..
أكثرت من الدعاء وختمت صلاتها بالشفع والوتر ثم جلست تقرأ في كتاب الله مُتسلحة به في كل الصعاب..
شردت قليلًا ثم همست:-
_ربنا هيدلني .. توكلي عليه يا غصون إنتِ هتشيلي هم ليه وتفكري وتجهدي نفسك سيبيها على الله وسلمي أمورك لله .. ومن يتوكل على الله فهو حسبه..
إجابة ربنا هتجيلي بكرا .. أنا واثقة..
✲✲✲✲✲✲✲✲✲✲✲✲✲✲
_غصون حبيبتي وأخيرًا بقيتي حلالي .. كنت واثق ومتيقن إن دعواتي كلها هتستجاب..
نظرت له بحب مختلط بالخجل وهمست:-
_وأخيرًا يا عُدي، أنا كمان دعيت كتير وكنت متلغبطة أووي بس الحمد لله ربنا قادر على كل شيء.
قبل جبينها ثم باطن كفيها قائلًا بعشق وحنان:-
_تعرفي أنا حلمت بيكِ قد أيه .. وبقالك قد أيه مرافقة أحلامي مش بتسبيها .. بس الحمد لله غصون لعُدي وبس مستحيل كنت أتنازل عنك ولا أقدر على بُعدك يا غصون وجذور الحُب بقلبي .. أنا مش مصدق عيني..
ترقرق الدمع بعينيها النجلاوين ورددت:-
_غصون لعُدي وبس … وعُدي لغصون بس .. أنا ولا هسيبك لا في الحلم ولا في الحقيقية يا عُدي..
إنتَ إللي اتأخرت عليا واستنيتك كتير..
فجأة صرخ بصوتٍ مرتفع يُناديها:-
_ غــــــــــــصـــــــــون … غــــــــــــصـــــــــون!!



الفصل الثامن من هنا 




بدل ماتدور وتبحث علي الروايات خليها علي تليفونك وحمل تطبيقنا

تحميل تطبيق سكيرهوم
تعليقات



close
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-